{^*◙*^} حسن المعاملة مع اللّه {^*◙*^}
الحسن لغة: (انظر صفة حسن الخلق) .
المعاملة لغة: مصدر عامل، وهذا المصدر مأخوذ من مادّة (ع م ل) الّتي تدلّ على كلّ فعل يفعل، قال الخليل: عمل يعمل عملا فهو عامل، ويقال: اعتمل الرّجل إذا عمل بنفسه، قال في الصّحاح: والتّعميل تولية العمل يقال: عمّلت فلانا على البصرة: ولّيته إيّاها.
وقال ابن منظور: عاملت الرّجل أعامله معاملة، والمعاملة في كلام أهل العراق: هي المساقاة في كلام الحجازيّين [مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 144)، ولسان العرب: (11/ 476)، والصحاح (5/ 1775)، والمصباح المنير للفيومي (430) ] .
وقال الفيّوميّ: وعاملته في كلام أهل الأمصار يراد به التّصرّف من البيع ونحوه.
قال النّوويّ- رحمه اللّه-: والمساقاة على إطلاقها أن يدفع الرّجل إلى آخر شجره ليقوم بسقيه وعمل سائر ما يحتاج إليه بجزء معلوم له من ثمره.
وقيّده الشّافعيّ- رحمه اللّه- بقوله: «على ما يكفل الرّفق بالعامل وصاحب العمل» [المجموع شرح المهذب: (14/ 400) ] .
المعاملة اصطلاحا:
قال التّهانويّ: المعاملة عند الفقهاء عبارة عن العقد على العمل ببعض الخرج (النّتاج) وتطلق المعاملات أيضا على الأحكام الشّرعيّة المتعلّقة بأمر الدّنيا باعتبار بقاء الشّخص كالبيع والشّراء والإجارة ونحوها. وجعلها أصحاب الشّافعيّ ركنا من أركان الفقه؛ فقالوا: الأحكام الشّرعيّة إمّا أن تتعلّق بأمر الآخرة وهي العبادات أو بأمر الدّنيا وهي إمّا أن تتعلّق ببقاء الشّخص وهي العبادات أو بأمر الدّنيا وهي إمّا أن تتعلّق ببقاء الشّخص وهي المعاملات أو ببقاء النّوع باعتبار المنزل وهي المناكحات أو باعتبار المدنيّة وهي العقوبات [كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي (3/ 1036)، وراجع المقدمة (1/ 32) ] .
وممّا تقدّم يمكن القول بأنّ حسن المعاملة: هو الموقف الحسن الثّابت الصّادق الّذي يتّخذه المؤمن أثناء تعامله مع الآخرين في سائر المعاملات على ما يكفل الرّفق بالمتعاملين.
حسن المعاملة اصطلاحا:
أن يفي الإنسان بما أبرمه من عقود مع الآخرين مع الرّفق بهم والإحسان إليهم هذا في النّاحية الدّنيويّة، أمّا فيما يتعلّق بأمور الآخرة فتعني أن يصدق الإنسان في تعامله مع خالقه وأن يخلص نيّته في عبادته مصداقا لقوله صلّى اللّه عليه وسلّم: «الإحسان أن تعبد اللّه كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك».
آيات
1- قوله تعالى: ( وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) [البقرة: 280] .
2- قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ ) [المائدة: 1] .
3- قوله تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) [الأنعام: 152] .
4- قوله تعالى: (كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) [التوبة: 7] .
5- قوله تعالى: ( وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) [هود: 85] .
6- قوله تعالى: ( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ) [يوسف: 88] .
7- قوله تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا * وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) [لإسراء: 34- 35] .
8- قوله تعالى: ( أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ) [الشعراء: 181- 183] .
9- وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قالَتْ إِحْداهُما يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ * فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جانِبِ الطُّورِ ناراً قالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ) [القصص: 22- 29] .
10- قوله تعالى: ( وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ ) [الرحمن: 9] .
11- وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) [المطففين: 1- 3]
أحاديث
1- عن حذيفة- رضي اللّه عنه- قال: أتي اللّه تعالى بعبد من عباده آتاه اللّه مالا، فقال له: ماذا عملت في الدّنيا؟ قال: (وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً ) [النساء: 42] قال: يا ربّ آتيتني مالك، فكنت أبايع النّاس، وكان من خلقي الجواز فكنت أتيسّر على الموسر وأنظر المعسر. فقال تعالى: أنا أحقّ بذا منك، تجاوزوا عن عبدي». فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاريّ- رضي اللّه عنهما-: هكذا سمعناه من في رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. [مسلم (1560) ] .
2- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين، فإنّه ولي حرّة وعلاجه » [البخاري- الفتح 9 (5460). ومسلم (1663) ] .
3- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «استوصوا بالنّساء خيرا فإنّ المرأة خلقت من ضلع، وإنّ أعوج ما في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء» [البخاري- الفتح 6 (3331). ومسلم (1468) ] .
4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ امرأة سوداء كانت تقمّ المسجد أو شابّا، ففقدها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فسأل عنها أو عنه، فقالوا: مات. قال: «أفلا كنتم آذنتموني؟ ». فكأنّهم صغّروا أمرها، أو أمره، فقال: «دلّوني على قبره»، فدلّوه فصلّى عليه، ثمّ قال: «إنّ هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإنّ اللّه تعالى ينوّرها لهم بصلاتي عليهم» [البخاري- الفتح 3 (1337) دون قوله: «إن هذه القبور». ومسلم (956) ] .
5- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رجلا قال: يا رسول اللّه، إنّ لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إليّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليّ. فقال: «لئن كنت كما قلت فكأنّما تسفّهم الملّ ولا يزال معك من اللّه تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك» [مسلم (2558) ] .
6- عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ العبد إذا نصح لسيّده وأحسن عبادة اللّه، فله أجره مرّتين» [البخاري- الفتح 5 (2546). ومسلم (1664) واللفظ له ] .
7- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ اللّه رفيق يحبّ الرّفق ويعطي على الرّفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه» [مسلم (2593) ] .
8- عن أبي يعلى شدّاد بن أوس- رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ اللّه كتب الإحسان على كلّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبح، وليحدّ أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته» [مسلم (1955) ] .
9- عن عمرو بن الأحوص الجشميّ رضي اللّه عنه- أنّه سمع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في حجّة الوداع يقول بعد أن حمد اللّه تعالى، وأثنى عليه وذكّر ووعظ، ثمّ قال: «ألا واستوصوا بالنّساء خيرا فإنّما هنّ عوان عندكم ليس تملكون منهنّ شيئا غير ذلك إلّا أن يأتين بفاحشة مبيّنة، فإن فعلن فاهجروهنّ في المضاجع، واضربوهنّ ضربا غير مبرّح ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلا، ألا إنّ لكم على نسائكم حقّا، ولنسائكم عليكم حقّا، فأمّا حقّكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنّ في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقّهنّ عليكم أن تحسنوا إليهنّ في كسوتهنّ وطعامهنّ» [الترمذي (1163) وقال: حديث حسن صحيح واللفظ له. وابن ماجة (1851). وصححه لشواهده محقق «جامع الأصول» (6/ 504) ] .
10- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إيّاكم والظّنّ، فإنّ الظّنّ أكذب الحديث، ولا تحسّسوا، ولا تجسّسوا ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد اللّه إخوانا، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التّقوى هاهنا (ويشير إلى صدره ثلاث مرّات) بحسب امرىء من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم، كلّ المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه، إنّ اللّه لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [البخاري- الفتح 10 (6064) إلى قوله: «وكونوا عباد اللّه إخوانا». ومسلم (2563) و(2564) بروايات متعددة واللفظ له ] .
11- عن أبي ذرّ- رضي اللّه عنه- أنّه كان عليه حلّة وعلى غلامه مثلها، فسأله المعرور بن سويد عن ذلك، فذكر أنّه سابّ رجلا على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فعيّره بأمّه، فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّك امرؤ فيك جاهليّة ، إخوانكم خولكم جعلهم اللّه تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم فأعينوهم عليه» [البخاري- الفتح 1 (30). ومسلم (1661) واللفظ له ] .
12- عن أبي مسعود البدريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «حوسب رجل ممّن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيء، إلّا أنّه كان يخالط النّاس ، وكان موسرا، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال اللّه عزّ وجلّ: نحن أحقّ بذلك منه، تجاوزوا عنه» [مسلم (1561) ] .
13- عن أبي موسى- رضي اللّه تعالى عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم؛ أنّه قال: «إنّ الخازن المسلم الأمين الّذي ينفذ- وربّما قال يعطي- ما أمر به، فيعطيه كاملا موفّرا، طيّبة به نفسه، فيدفعه إلى الّذي أمر له به أحد المتصدّقين» [البخاري- الفتح 4 (2260). ومسلم (1023) واللفظ له ] .
14- عن جابر- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «رحم اللّه رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى، وإذا اقتضى » [البخاري- الفتح 4 (2076) ] .
15- عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان اللّه في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج اللّه عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره اللّه يوم القيامة» [البخاري- الفتح 5 (2442). ومسلم (2580) واللفظ له ] .
16- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من استعاذ باللّه فأعيذوه، ومن سأل باللّه فأعطوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتّى تروا أنّكم قد كافأتموه» [أبو داود (1672) واللفظ له. والنسائي (5/ 82). وقال النووي في الرياض (505): حديث صحيح بأسانيد الصحيحين. وقال محققوه: إسناده صحيح. والمستدرك (1/ 412) وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي ] .
17- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يتقاضاه فأغلظ، فهمّ به أصحابه ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «دعوه فإنّ لصاحب الحقّ مقالا». ثمّ قال: «أعطوه سنّا مثل سنّه». قالوا: يا رسول اللّه إلّا أمثل من سنّه. قال: «أعطوه فإنّ من خيركم أحسنكم قضاء» [البخاري- الفتح 4 (2306) واللفظ له. ومسلم (1601) ] .
آثار
1- قيل لعبد الرّحمن بن عوف: ما سبب يسارك؟ قال: «ثلاث: ما رددت ربحا قطّ، ولا طلب منّي حيوان فأخّرت بيعه، ولا بعت نسيئة. ويقال: إنّه باع ألف ناقة فما ربح إلّا عقلها، باع كلّ عقال بدرهم فربح فيها ألفا وربح من نفقته عليها ليومه ألفا. [إحياء علوم الدين (2/ 80) ] .
2- عن عبد اللّه بن الزّبير- رضي اللّه تعالى عنهما- قال: لمّا وقف الزّبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال: يا بنيّ لا يقتل اليوم إلّا ظالم أو مظلوم، وإنّي لا أراني إلّا سأقتل اليوم مظلوما وإنّ من أكبر همّي لديني، أفترى يبقي ديننا من مالنا شيئا؟ فقال: يا بنيّ، بع مالنا، فاقض ديني. وأوصى بالثّلث، وثلثه لبنيه- يعني بني عبد اللّه بن الزّبير، يقول: ثلث الثّلث- فإن فضل من مالنا فضل بعد قضاء الدّين فثلثه لولدك. قال هشام: وكان بعض ولد عبد اللّه قد وازى بعض بني الزّبير- خبيب وعبّاد- وله يومئذ تسعة بنين وتسع بنات. قال عبد اللّه: فجعل يوصيني بدينه ويقول: يا بنيّ إن عجزت عن شيء منه فاستعن عليه مولاي. قال: فو اللّه ما دريت ما أراد حتّى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: اللّه. قال: فو اللّه ما وقعت في كربة من دينه إلّا قلت: يا مولى الزّبير اقض عنه دينه، فيقضيه. فقتل الزّبير- رضي اللّه عنه- ولم يدع دينارا ولا درهما، إلّا أرضين منها الغابة، وإحدى عشرة دارا بالمدينة، ودارين بالبصرة، ودارا بالكوفة، ودارا بمصر قال: وإنّما كان دينه الّذي عليه أنّ الرّجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إيّاه، فيقول الزّبير: لا، ولكنّه سلف، فإنّي أخشى عليه الضّيعة.وما ولي إمارة قطّ ولا جباية خراج ولا شيئا إلّا أن يكون في غزوة مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان رضي اللّه عنهم. قال عبد اللّه ابن الزّبير فحسبت ما عليه من الدّين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف قال: فلقي حكيم بن حزام عبد اللّه ابن الزّبير.فقال: يا ابن أخي: كم على أخي من الدّين؟ فكتمه فقال: مائة ألف. فقال حكيم: واللّه ما أرى أموالكم تسع لهذه. فقال له عبد اللّه: أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي. قال: وكان الزّبير اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف. فباعها عبد اللّه بألف ألف وستّمائة ألف. ثمّ قام فقال: من كان له على الزّبير حقّ فليوافنا بالغابة. فأتاه عبد اللّه ابن جعفر- وكان له على الزّبير أربعمائة ألف- فقال لعبد اللّه: إن شئتم تركتها لكم. قال عبد اللّه: لا. قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخّرون إن أخّرتم. فقال عبد اللّه: لا. قال: قال: فاقطعوا لي قطعة، قال عبد اللّه: لك هاهنا إلى هاهنا. قال: فباع منها فقضى دينه فأوفاه، وبقي منها أربعة أسهم ونصف، فقدم على معاوية- وعنده عمرو بن عثمان والمنذر بن الزّبير، وابن زمعة- فقال له معاوية: كم قوّمت الغابة؟ قال: كلّ سهم مائة ألف. قال: كم بقي؟ قال: أربعة أسهم ونصف. فقال المنذر بن الزّبير: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال عمرو بن عثمان: قد أخذت سهما بمائة ألف. وقال ابن زمعة: قد أخذت سهما بمائة ألف. فقال معاوية كم بقي؟ فقال: سهم ونصف. قال: أخذته بخمسين ومائة ألف. قال: وباع عبد اللّه بن جعفر نصيبه من معاوية بستّمائة ألف. فلمّا فرغ ابن الزّبير من قضاء دينه قال بنو الزّبير: اقسم بيننا ميراثنا. قال: لا واللّه لا أقسم بينكم حتّى أنادي بالموسم أربع سنين: ألا من كان له على الزّبير دين فليأتنا فلنقضه. قال: فجعل كلّ سنة ينادي بالموسم. فلمّا مضى أربع سنين قسم بينهم. قال: وكان للزّبير أربع نسوة، ورفع الثّلث فأصاب كلّ امرأة ألف ألف ومائتا ألف . [البخاري- الفتح 6 (3129) ] .
3- قال رجل لعمر بن عبد العزيز: اجعل كبير المسلمين عندك أبا وصغيرهم ابنا وأوسطهم أخا، فأيّ أولئك تحبّ أن تسيء إليه. [جامع العلوم والحكم (294) ] .
4- عن زياد بن الرّبيع اليحمديّ عن أبيه قال: رأيت محمّد بن واسع يبيع حمارا بسوق (بلخ) فقال له رجل: أترضاه لي؟ قال: لو رضيته لم أبعه.[الورع لابن أبي الدنيا (106) ] .
5- روي أنّ الحسن البصريّ باع بغلة له بأربعمائة درهم، فلمّا استوجب المال قال له المشتري: اسمح يا أبا سعيد، قال: قد أسقطت عنك مائة.قال له: فأحسن يا أبا سعيد، فقال: قد وهبت لك مائة أخرى، فقبض من حقّه مائتي درهم، فقيل له: يا أبا سعيد، هذا نصف الثّمن، فقال: هكذا يكون الإحسان وإلّا فلا. [إحياء علوم الدين (2/ 81) ] .
قصص
1- يروى عن أحدهم أنّه بعث بطعام إلى البصرة مع رجل، وأمره أن يبيعه يوم يدخل بسعر يومه، فأتاه كتابه: إنّي قدمت البصرة فوجدت الطّعام متّضعا فحبسته، فزاد الطّعام فأردت فيه كذا وكذا، فكتب إليه صاحبه: إنّك قد خنتنا وعملت خلاف ما أمرناك به، فإذا أتاك كتابي فتصدّق بجميع ثمن ذلك الطّعام على فقراء البصرة، فليتني أسلم إذا فعلت ذلك. [كتاب الورع لابن أبي الدنيا (104- 105) ] .