| ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 9:20 am | |
| الحق الثاني : في الإعانة بالنفس في قضاء الحاجات و القيام بها قبل السؤال وتقديمها على الحاجات الخاصة . وهذه أيضا لها درجات كما للمواساة بالمال ، فأدناها القيام بالحاجة عند السؤال و القدرة ولكن مع البشاشة و الاستبشار وإظهار الفرح و قبول المنة قال بعضهم إذا استقضيت أخاك حاجة فلم يقضها فذكره ثانية فلعله أن يكون قد نسي فإن لم يقضها فكبر عليه واقرأ هذه الآية و الموتى يبعثهم الله ، وقضى ابن شبرمة حاجة لبعض إخوانه كبيرة فجاء بهدية فقال ما هذا قال لما أسديته الي فقال خذ مالك عافاك الله إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها فتوضأ للصلاة وكبر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى ، قال جعفر بن محمد إني لأتسارع إلى قضاء حوائج أعدائي مخافة أن أردهم فيستغنوا عني هذا في الأعداء فكيف في الأصدقاء ، وكان في السلف من يتفقد عيال أخيه وأولاده بعد موته أربعين سنة يقوم بحاجتهم ويتردد كل يوم إليهم ويمونهم من ماله فكانوا لا يفقدون من أبيهم إلا عينه بل كانوا يرون منه ما لم يروا من أبيهم في حياته ، وكان الواحد منهم يتردد إلى باب دار أخيه ويسأل ويقول هل لكم زيت هل لكم ملح هل لكم حاجة وكان يقوم بها حيث لا يعرفه أخوه، وبهذا تظهر الشفقة و الأخوة فإذا لم تثمر الشفقة حتى يشفق على أخيه كما يشفق على نفسه فلا خير فيها ، قال ميمون ابن مهران من لم تنتفع بصداقته لم تضرك عداوته ، و قال صلى الله عليه وسلم ألا وإن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله تعالى أصفاها وأصلبها وأرقها أصفاها من الذنوب وأصلبها في الدين وأرقها على الإخوان حديث إن لله أواني في أرضه وهي القلوب فأحب الأواني إلى الله أصفاها وأصلبها أخرجه الطبراني من حديث أبي عتبة الخولاني إلا انه قال ألينها وأرقها وإسناده جيد ، و بالجملة فينبغي أن تكون حاجة أخيك مثل حاجتك أو أهم من حاجتك وان تكون متفقدا لأوقات الحاجة غير غافل عن أحواله كما لا تغفل عن أحوال نفسك وتغنيه عن السؤال وإظهار الحاجة إلى الاستعانة بل تقوم بحاجته كأنك لا تدري انك قمت بها ولا ترى لنفسك حقا بسبب قيامك بها بل تتقلد منة بقبوله سعيك في حقه وقيامك بأمره ولا ينبغي أن تقتصر على قضاء الحاجة بل تجتهد في البداية بالإكرام في الزيادة و الإيثار و التقديم على الأقارب و الولد ، كان الحسن يقول إخواننا أحب إلينا من أهلنا وأولادنا لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة ، وقال الحسن من شيع أخاه في الله بعث الله ملائكة من تحت عرشه يوم القيامة يشيعونه إلى الجنة ، وفي الأثر ما زار رجل أخا في الله شوقا إلى لقائه إلا ناداه ملك من خلفه طبت وطابت لك الجنة حديث ما زار أخا في الحديث تقدم في الباب قبله ، وقال عطاء تفقدوا إخوانكم بعد ثلاث فإن كانوا مرضى فعودوهم أو مشاغيل فأعينوهم أو كانوا نسوا فذكروهم ، وروى إن ابن عمر كان يلتفت يمينا وشمالا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال أحببت رجلا فأنا أطلبه ولا أراه فقال إذا أحببت أحدا فسله عن اسمه واسم أبيه وعن منزله فإن كان مريضا عدته وإن كان مشغولا أعنته حديث ابن عمر إذا أحببت أحدا فاسأله عن اسمه واسم أبيه ومنزلة وعشيرته الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف ورواه الترمذي من حديث يزيد بن نعامة وقال غريب ولا يعرف ليزيد بن نعامة سماع من النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية وعن اسم جده وعشيرته ، وقال الشعبي في الرجل يجالس الرجل فيقول أعرف وجهه ولا أعرف اسمه تلك معرفة النوكى وقيل لابن عباس من أحب الناس إليك قال جليسي و قال ما اختلف رجل إلى مجلسي ثلاثا من غير حاجة له إلى فعلمت ما مكافأته من الدنيا و قال سعيد بن العاص لجليسي علي ثلاث إذا دنا رحبت به وإذا حدث أقبلت عليه وإذا جلس أوسعت له و قد قال تعالى رحماء بينهم إشارة إلى الشفقة و الإكرام ومن تمام الشفقة أن لا ينفرد بطعام لذيذ أو بحضور في مسرة دونه بل يتنغض لفراقه ويستوحش بانفراده عن أخيه .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 9:24 am | |
| الحق الثالث : في اللسان بالسكوت مرة و بالنطق أخرى . أما السكوت فهو أن يسكت عن ذكر عيوبه في غيبته وحضرته بل يتجاهل عنه ويسكت عن الرد عليه فيما يتكلم به ولا يماريه ولا يناقشه وان يسكت عن التجسس و السؤال عن أحواله وإذا رآه في طريق أو حاجة لم يفاتحه بذكر غرضه من مصدره ومورده ولا يسأله عنه فربما يثقل عليه ذكره أو يحتاج إلى أن يكذب فيه وليسكت عن أسراره التي بثها إليه ولا يبثها إلى غيره ألبتة ولا إلى أخص أصدقائه ولا يكشف شيئا منها ولو بعد القطيعة و الوحشة فإن ذلك من لؤم الطبع وخبث الباطن وان يسكت عن القدح في أحبابه وأهله وولده وان يسكت عن حكاية قدح غيره فيه فإن الذي سبك من بلغك و قال أنس كان صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدا بشيء يكرهه حديث أنس كان لا يواجه احد بشىء يكرهه أخرجه أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي في اليوم والليلة بسند ضعيف و التأذي يحصل أولا من المبلغ ثم من القائل نعم لا ينبغي أن يخفي ما يسمع من الثناء عليه فإن السرور به أولا يحصل من المبلغ للمدح ثم من القائل وإخفاء ذلك من الحسد و بالجملة فليسكت عن كل كلام يكرهه جملة وتفصيلا إلا إذا وجب عليه النطق في أمر بمعروف أو نهي عن منكر ولم يجد رخصة في السكوت فإذ ذاك لا يبالي بكراهته فإن ذلك إحسان إليه في التحقيق وإن كان يظن أنها إساءة في الظاهر أما ذكر مساوية وعيوبه ومساوي أهله فهو من الغيبة وذلك حرام في حق كل مسلم ويزجرك عنه أمران أحدهما أن تطالع أحوال نفسك فإن وجدت فيها شيئا واحدا مذموما فهون على نفسك ما تراه من أخيك وقدر أنه عاجز عن قهر نفسه في تلك الخصلة الواحدة كما أنك عاجز عما أنت مبتلى به ولا تستثقله بخصلة واحدة مذمومة فأي الرجال المهذب وكل ما لا تصادفه من نفسك في حق الله فلا تنتظره من أخيك في حق نفسك فليس حقك عليه بأكثر من حق الله عليك والأمر الثاني أنك تعلم أنك لو طلبت منزها عن كل عيب اعتزلت عن الخلق كافة ولن تجد من تصاحبه أصلا فما من أحد من الناس إلا وله محاسن ومساو فإذا غلبت المحاسن المساوي فهو الغاية و المنتهى فالمؤمن الكريم أبدا يحضر في نفسه محاسن أخيه لينبعث من قلبه التوقير و الود و الاحترام وأما المنافق اللئيم فإنه أبدا يلاحظ المساوي و العيوب قال ابن المبارك المؤمن يطلب المعاذير و المنافق يطلب العثرات وقال الفضيل الفتوة العفو عن زلات الإخوان ولذلك قال عليه السلام استعيذوا بالله من جار السوء الذي إن رأى خيرا ستره وان رأى شرا أظهره حديث استعيذوا بالله من جار السوء الذي أن رأى خيرا ستره وإن رأى شرا أظهره أخرجه البخاري في التاريخ من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وللنسائي من حديث أبي هريرة وأبي سعيد بسند صحيح تعوذوا بالله من جار السوء في دار المقام وما من شخص إلا ويمكن تحسين حاله بخصال فيه ويمكن تقبيحه أيضا روى أن رجلا أثنى على رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد ذمه فقال عليه السلام أنت بالأمس تثني عليه و اليوم تذمه فقال و الله لقد صدقت عليه بالأمس وما كذبت عليه اليوم إنه أرضاني بالأمس فقلت أحسن ما علمت فيه وأغضبني اليوم فقلت أقبح ما علمت فيه فقال عليه السلام إن من البيان لسحرا حديث أن رجلا أثنى على رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان من الغد ذمه الحديث وفيه فقال صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا أخرجه الطبراني في الأوسط و الحاكم في المستدرك من حديث أبي بكرة إلا انه ذكر المدح و الذم في مجلس واحد لا يومين ورواه الحاكم من حديث ابن عباس أطول منه بسند ضعيف أيضا وكأنه كره ذلك فشبهه بالسحر ولذلك قال في خبر آخر البذاء و البيان شعبتان من النفاق حديث البذاء و البيان شعبتان من النفاق أخرجه الترمذي و قال حسن غريب و الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين من حديث أبي أمامة بسند ضعيف و في الحديث الآخر إن الله يكره لكم البيان كل البيان وكذلك قال الشافعي رحمه الله ما أحد من المسلمين يطيع الله ولا يعصيه ولا أحد يعصى الله ولا يطيعه فمن كانت طاعته أغلب من معاصيه فهو عدل وإذا جعل مثل هذا عدلا في حق الله فبأن تراه عدلا في حق نفسك ومقتضى أخوتك أولى وكما يجب عليك السكوت بلسانك عن مساويه يجب عليك السكوت بقلبك وذلك بترك إساءة الظن فسوء الظن غيبة بالقلب وهو منهى عنه أيضا وحده أن لا تحمل فعله على وجه فاسد ما أمكن أن تحمله على وجه حسن فأما ما انكشف بيقين ومشاهدة فلا يمكنك أن لا تعلمه وعليك أن تحمل ما تشاهد على سهو ونسيان إن أمكن وهذا الظن ينقسم إلى ما يسمى تفرسا وهو الذي يستند إلى علامة فإن ذلك يحرك الظن تحريكا ضروريا لا يقدر على دفعه والى ما منشؤه سوء اعتقادك فيه حتى يصدر منه فعل له وجهان فيحملك سوء الاعتقاد فيه على أن تنزله على الوجه الأدرإ من غير علامة تخصه به وذلك جناية عليه بالباطن وذلك حرام في حق كل مؤمن إذ قال صلى الله عليه وسلم إن الله قد حرم على المؤمن من المؤمن دمه وماله وعرضه وان يظن به ظن السوء حديث إن الله حرم من المؤمن دمه وماله وعرضه وان يظن به ظن السوء أخرجه الحاكم في التاريخ من حديث ابن عباس دون قوله وعرضه ورجاله ثقات إلا أن أبا على النيسابوري قال ليس هذا عندي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو عندي من كلام ابن عباس ولابن ماجه نحوه من حديث ابن عمر ولمسلم من حديث أبي هريرة كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه وقال صلى الله عليه وسلم إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث حديث إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وسوء الظن يدعو إلى التحسس و التحسن وقد قال صلى الله عليه وسلم لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا و لاتدابروا وكونوا عباد الله إخوانا حديث لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا و كونوا عباد الله إخوانا متفق عليه من حديث أبي هريرة وهو بعض الحديث الذي قبله و التجسس في تطلع الأخبار و التحسس بالمراقبة بالعين فستر العيوب و التجاهل و التغافل عنها شيمة أهل الدين ويكفيك تنبيها على كمال الرتبة في ستر القبيح و إظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وستر القبيح و المرضى عند الله من تخلق بأخلاقه فإنه ستار العيوب و غفار الذنوب ومتجاوز عن العبيد فكيف لا تتجاوز أنت عمن هو مثلك أو فوقك وما هو بكل حال عبدك ولا مخلوقك وقد قال عيسى عليه السلام للحواريين كيف تصنعون إذا رأيتم أخاكم نائما وقد كشف الريح ثوبه عنه قالوا نستره ونغطيه قال بل تكشفون عورته قالوا سبحان الله من يفعل هذا فقال أحدكم يسمع بالكلمة في أخيه فيزيد عليها ويشيعها بأعظم منها واعلم أنه لا يتم إيمان المرء ما لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه وأقل درجات الأخوة أن يعامل أخاه بما يحب أن يعامله به ولا شك انه ينتظر منه ستر العورة و السكوت على المساوي والعيوب ولو ظهر له منه نقيض ما ينتظره اشتد عليه غيظه وغضبه فما أبعده إذا كان ينتظر منه ما لا يضمره له ولا يعزم عليه لأجله وويل له في نص كتاب الله تعالى حيث قال ويل للمطففين الذين إذا أكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون وكل من يلتمس من الإنصاف اكثر مما تسمح به نفسه فهو داخل تحت مقتضى هذه الآية ومنشأ التقصير في ستر العورة أو السعي في كشفها الداء الدفين في الباطن وهو الحقد و الحسن فإن الحقود الحسود يملأ باطنه بالخبث ولكن يحبسه في باطنه ويخفيه ولا يبديه مهما لم يجد له مجالا وإذا وجد فرصة انحلت الرابطة وارتفع الحياء ويترشح الباطن بخبثه الدفين ومهما انطوى الباطن على حقد وحسد فالانقطاع أولى قال بعض الحكماء ظاهر العتاب خير من مكنون الحقد ولا يزيد لطف الحقود إلا وحشة منه ومن في قلبه سخيمة على مسلم فإيمانه ضعيف وأمره مخطر وقلبه خبيث لا يصلح للقاء الله وقد روى عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه انه قال كنت باليمن ولي جار يهودي يخبرني عن التوراة فقدم على اليهودي من سفر فقلت أن الله قد بعث فينا نبيا فدعانا إلى الإسلام فأسلمنا وقد أنزل علينا كتابا مصدقا للتوراة فقال اليهودي صدقت ولكنكم لا تستطيعون أن تقوموا بما جاءكم به إنا نجد نعته ونعت أمته في التوراة انه لا يحل لامريء أن يخرج من عتبة بابه وفي قلبه سخيمة على أخيه المسلم ومن ذلك أن يسكت عن إفشاء سره الذي استودعه وله أن ينكره وإن كان كاذبا فليس الصدق واجبا في كل مقام فإنه كما يجوز للرجل أن يخفي عيوب نفسه وأسراره وإن احتاج إلى الكذب فله أن يفعل ذلك في حق أخيه فإن أخاه نازل منزلته وهما كشخص واحد لا يختلفان إلا بالبدن هذه حقيقة الأخوة وكذلك لا يكون بالعمل بين يديه مرائيا وخارجا عن أعمال السر إلى أعمال العلانية فإن معرفة أخيه بعمله كمعرفته بنفسه من غير فرق وقد قال عليه السلام من ستر عوره أخيه ستره الله تعالى في الدنيا الآخرة حديث من ستر عورة أخيه ستره الله في الدنيا الآخرة أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس و قال يوم القيامة ولم يقل في الدنيا ولمسلم من حديث أبي هريرة من ستر مسلما ستره الله في الدنيا و الآخرة وللشيخين من حديث ابن عمر من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة وفي خبر آخر فكأنما أحيا موءودة حديث فكأنما أحيا موءودة من قبرها أخرجه أبو داود والنسائي و الحاكم من حديث عقبة بن عامر من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة زاد الحاكم من قبرها وقال صحيح الإسناد وقال عليه السلام إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة حديث إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة أخرجه أبو داود و الترمذي من حديث جابر و قال حسن و قال المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس مجلس يسفك فيه دم حرام ومجلس يستحل فيه فرج حرام ومجلس يستحل فيه مال من غير حله حديث المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس الحديث أخرجه أبو داود من حديث جابر من رواية ابن أخيه غير مسمى عنه وقال صلى الله عليه وسلم إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة ولا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره حديث إنما يتجالس المتجالسان بالأمانة لا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره أخرجه أبو بكر بن لال في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف ورواه ابن المبارك في الزهد من رواية أبي بكر بن حزم مرسلا و الحاكم وصححه من حديث ابن عباس إنكم تجالسون بينكم بالأمانة قيل لبعض الأدباء كيف حفظك للسر قال أنا قبره وقد قيل صدور الأحرار قبور الأسرار وقيل أن قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل في قلبه أي لا يستطيع الأحمق إخفاء ما في نفسه فيبديه من حيث لا يدري به فمن هذا يجب مقاطعة الحمقى و التوقي عن صحبتهم بل عن مشاهدتهم وقد قيل لآخر كيف تحفظ السر قال أجحد المخبر وأحلف للمستخبر وقال آخر واستر أني أستره وعبر عنه ابن المعتز فقال ومستودعى سرا تبوأت كتمه فأودعته صدري فصار له قبرا و قال آخر وأراد الزيادة عليه وما السر في صدري كثاو بقبره لأني أرى المقبور ينتظر النشرا ولكنني أنساه حتى كأنني بما كان منه لم أحط ساعة خبرا ولو جاز كتم السر بيني وبينه عن السر و الأحشاء لم تعلم السرا وأفشى بعضهم سرا له إلى أخيه ثم قال له حفظت فقال بل نسيت وكان أبو سعيد الثوري يقول إذا أردت أن تواخي رجلا فأغضبه ثم دس عليه من يسأله عنك وعن أسرارك فإن قال خيرا وكتم سرك فاصحبه وقيل لأبي يزيد من تصحب من الناس قال من يعلم منك ما يعلم الله ثم يستر عليك كما يستره الله وقال ذو النون لا خير في صحبة من لا يحب أن يراك إلا معصوما ومن أفشى السر عند الغضب فهو اللئيم لأن إخفاءه عند الرضا تقتضيه الطباع السليمة كلها وقد قال بعض الحكماء لا تصحب من يتغير عليك عند أربع عند غضبه ورضاه وعند طمعه وهواه بل ينبغي أن يكون صدق الأخوة ثابتا على اختلاف هذه الأحوال ولذلك قيل وترى الكريم إذا تصرم وصله يخفي القبيح ويظهر الإحسانا وترى اللئيم إذا تقضى وصله يخفي الجميل ويظهر البهتانا و قال العباس لابنه عبد الله أني أرى هذا الرجل يعني عمر رضي الله عنه يقدمك على الأشياخ فاحفظ عني خمسا لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا تجرين عليه كذبا ولا تعصين له أمرا ولا يطلعن منك على خيانة فقال الشعبي كل كلمة من هذه الخمس خير من ألف ومن ذلك السكوت عن المماراة و المدافعة في كل ما يتكلم به أخوك قال ابن عباس لا تمار سفيها فيؤذيك ولا حليما فيقليك وقد قال صلى الله عليه وسلم من ترك المراء وهو مبطل بنى له بيت في ربض الجنة ومن ترك المراء وهو محق بني له بيت في أعلى الجنة حديث من ترك المراء وهو مبطل بني له بيت في ربض الجنة الحديث تقدم في العلم هذا مع أن تركه مبطلا واجب وقد جعل ثواب النفل أعظم لأن السكوت عن الحق أشد على النفس من السكوت على الباطل وإنما الأجر على قدر النصب وأشد الأسباب لإثارة نار الحقد بين الإخوان المماراة و المنافسة فإنها عين التدابر و التقاطع فإن التقاطع يقع أولا بالآراء ثم بالأقوال ثم بالأبدان و قال عليه السلام لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحرمه ولا يخذله بحسب المرء من الشر أن يحقر أخاه المسلم حديث لا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم المسلم الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وأوله متفق عليه من حديثه وحديث أنس وقد تقدم بعضه قبل هذا بسبعة أحاديث وأشد الاحتقار المماراة فإن من رد على غيره كلامه فقد نسبه إلى الجهل و الحمق أو إلى الغفلة و السهو عن فهم الشيء على ما هو عليه وكل ذلك استحقار وإيغار للصدر وإيحاش وفي حديث أبي أمامة الباهلي قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى فغضب و قال ذروا المراء ذروا المراء لقلة خيره وذروا المراء فإن نفعه قليل وإنه يهيج العداوة بين الإخوان حديث أبي أمامة خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى فغضب وقال ذروا المراء لقلة خيره وذروا المراء فإن نفعه قليل وانه يهيج العداوة بين الإخوان أخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة وأبي الدرداء وواثلة وأنس دون ما بعد قوله لقلة خيره ومن هنا إلى آخر الحديث رواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي أمامة فقط واسنادهما ضعيف وقال بعض السلف من لاحى الإخوان وما رآهم قلت مروءته وذهبت كرامته وقال عبد الله ابن الحسن إياك ومماراة الرجال فإنك لن تعدم مكر حليم أو مفاجأة لئيم وقال بعض السلف أعجز الناس من قصر في طلب الإخوان واعجز منه من ضيع من ظفر به منهم وكثرة المماراة توجب التصنييع و القطيعة وتورث العداوة وقد قال الحسن لا تشتر عداوة رجل بمودة ألف رجل وعلى الجملة فلا باعث على المماراة إلا إظهار التمييز بمزيد العقل و الفضل واحتقار المردود عليه بإظهار جهله وهذا يشتمل على التكبر و الاحتقار و الإيذاء و الشتم بالحمق و الجهل ولا معنى للمعادة إلا هذا فكيف تضامنه الإخوة و المصافاة فقد روى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدا فتخلفه حديث ابن عباس لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدا فتخلفه أخرجه الترمذي وقال غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه يعنى من حديث ليث بن أبى سليم وضعفه الجمهور وقد قال عليه السلام إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط وجه وحسن خلق حديث انكم لا تسعون الناس بأموالكم ولكن ليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق أخرجه أبو يعلى الموصلى والطبراني في مكارم الأخلاق وابن عدى في الكامل وضعفه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة و المماراة مضادة لحسن الخلق وقد انتهى السلف في الحذر عن المماراة و الحض على المساعدة إلى حد لم يروا السؤال أصلا و قالوا إذا قلت لأخيك قم فقال إلى أين فلا تصحبه بل قالوا ينبغي أن يقوم ولا يسأل و قال أبو سليمان الداراني كان لي أخ بالعراق فكنت أجيئه في النوائب فأقول أعطني من مالك شيئا فكان يلقي إلي كيسه فآخذ منه ما أريد فجئته ذات يوم فقلت أحتاج إلى شيء فقال كم تريد فخرجت حلاوة إخائه من قلبي و قال آخر إذا طلبت من أخيك مالا فقال ماذا تصنع به فقد ترك حق الإخاء واعلم أن قوام الأخوة في الكلام و الفعل و الشفقة قال أبو عثمان الحيري موافقة الإخوان خير من الشفقة عليهم وهو كما قال.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 9:31 am | |
| الحق الرابع : على اللسان بالنطق فإن الأخوة كما تقتضى السكوت عن المكاره تقتضي أيضا النطق بالمحاب بل هو أخص بالأخوة لأن من قنع بالسكوت صحب أهل القبور وإنما تراد الإخوان ليستفاد منهم لا ليتخلص عن أذاهم و السكوت معناه كف الأذى فعليه أن يتودد إليه بلسانه ويتفقده في أحواله التي يجب أن يتفقد فيها كالسؤال عن عارض أن عرض وإظهار شغل القلب بسببه و استبطاء العافية عنه وكذا جملة أحواله التي يكرهها ينبغي أن يظهر بلسانه وأفعاله كراهتها وجملة أحواله التي يسر بها ينبغي أن يظهر بلسانه مشاركته له في السرور بها فمعنى الأخوة المساهمة في السراء و الضراء وقد قال عليه السلام إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره حديث إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أخرجه أبو داود و الترمذي قال حسن صحيح و الحاكم من حديث المقدام بن معد يكرب وإنما أمر بالإخبار لأن ذلك يوجب زيادة حب فإن عرف أنك تحبه أحبك بالطبع لا محالة فإذا عرفت أنه أيضا يحبك زاد حبك لا محالة فلا يزال الحب يتزايد من الجانبين ويتضاعف و التحاب بين المؤمنين مطلوب في الشرع ومحبوب في الذين ولذلك علم فيه الطريق فقال تهادوا تحابوا حديث تهادوا تحابوا أخرجه البيهقي من حديث أبي هريرة وقد تقدم غير مرة ومن ذلك أن يدعوه بأحب أسمائه إليه في غيبته وحضوره ، قال عمر رضي الله عنه ثلاث يصفين لك ود أخيك أن تسلم عليه إذا لقيته أولا وتوسع له في المجلس وتدعوه بأحب أسمائه إليه ومن ذلك أن تثنى عليه بما تعرف من محاسن أحواله عند من يؤثر هو الثناء عنده فإن ذلك من أعظم الأسباب في جلب المحبة وكذلك الثناء على أولاده وأهله وصنعته وفعله حتى على عقله وخلقه وهيئته وخطه وشعره وتصنيفه وجميع ما يفرح به وذلك من غير كذب وإفراط ولكن تحسين ما يقبل التحسين لا بد منه وآكد من ذلك أن تبلغه ثناء من أثنى عليه مع إظهار الفرح فإن إخفاء ذلك محض الحسد ومن ذلك تشكره على صنيعه في حقك بل على نيته وإن لم يتم ذلك ، قال علي رضي الله عنه من لم يحمد أخاه على حسن النية لم يحمده على حسن الصنيعة وأعظم من ذلك تأثيرا في جلب المحبة الذب عنه في غيبته مهما قصد بسوء أو تعرض لعرضه بكلام صريح أو تعريض فحق الأخوة التشمير في الحماية و النصرة وتبكيت المتعنت وتغليظ القول عليه و السكوت عن ذلك موغر للصدر ومنفر للقلب وتقصير في حق الأخوة وإنما شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخوين باليدين تغسل إحداهما الأخرى لينضر أحدهما الآخر وينوب عنه حديث تشبيه الأخوين باليدين تقدم في الباب قبله ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخدله ولا يثلمه حديث المسلم أخو المسلم تقدم في أثناء حديث قبله بسبعة أحاديث وهذا من الانثلام و الخذلان فإن إهماله لتمزيق عرضه كإهماله لتمزيق لحمه فأخسس بأخ يراك و الكلاب تفترسك وتمزق لحومك وهو ساكت لا تحركه الشفقة و الحمية للدفع عنك وتمزيق الأعراض أشد على النفوس من تمزيق اللحوم ولذلك شبهه الله تعالى بأكل لحوم الميتة فقال أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا و الملك الذي يمثله في المنام ما تطالعه الروح من اللوح المحفوظ بالأمثلة المحسوسة يمثل الغيبة بأكل لحوم الميتة حتى إن من يرى أنه يأكل لحم ميته فإنه يغتاب الناس لأن ذلك الملك في تمثيله يراعى المشاركة و المناسبة بين الشيء وبين مثاله في المعنى الذي يجرى من المثال مجرى الروح لا في ظاهر الصور فإذن حماية الأخوة بدفع ذم الأعداء وتعنت المتعنتين واجب في عقد الأخوة ، وقد قال مجاهد لا تذكر أخاك في غيبته إلا كما تحب أن يذكرك في غيبتك فإذن لك فيه معياران أحدهما أن تقدر أن الذي قيل فيه لو قيل فيك وكان أخوك حاضرا ما الذي كنت تحب أن يقوله أخوك فيك فينبغي أن تعامل المتعرض لعرضه به و الثاني أن تقدر أنه حاضر من وراء جدار يسمع قولك ويظن أنك لا تعرف حضوره فما كان يتحرك في قلبك من النصرة له بمسمع منه ومرأى فينبغي أن يكون في مغيبه كذلك فقد قال بعضهم ما ذكر أخ لي بغيب إلا تصورته جالسا فقلت فيه ما يحب أن يسمعه لو حضر و قال آخر ما ذكر أخ لي إلا تصورت نفسي في صورته فقلت فيه مثل ما أحب أن يقال في وهذا من صدق الإسلام وهو أن لا يرى لأخيه إلا ما يراه لنفسه ، وقد نظر أبو الدرداء إلى ثورين يحرثان في فدان فوقف أحدهما يحك جسمه فوقف الآخر فبكى و قال هكذا الإخوان في الله يعملان لله فإذا وقف أحدهما وافقه الآخر ، وبالموافقة يتم الإخلاص ومن لم يكن مخلصا في إخائه فهو منافق و الإخلاص استواء الغيب و الشهادة واللسان و القلب و السر و العلانية و الجماعة و الخلوة و الاختلاف و التفاوت في شيء من ذلك مماذقة في المودة وهو دخل في الدين ووليجة في طريق المؤمنين ومن لا يقدر من نفسه على هذا فالانقطاع و العزلة أولى به من المؤاخاة و المصاحبة فإن حق الصحبة ثقيل لا يطيقه إلا محقق فلا جرم أجره جزيل لا يناله إلا موفق ولذلك قال عليه السلام أبا هر أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما وأحسن مصاحبة صاحبك تكن مؤمنا حديث أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما وأحسن مصاحبة من صاحبك تكن مؤمنا أخرجه الترمذي وابن ماجه و اللفظ له من حديث أبي هريرة بالشطر الأول فقط و قال الترمذي مؤمنا قال وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما وقال ابن ماجه مؤمنا قال الدارقطني و الحديث ثابت ورواه القضاعي في مسند الشهاب بلفظ المصنف ، فانظر كيف جعل الإيمان جزاء الصحبة والإسلام جزاء الجوار فالفرق بين فضل الإسلام على حد الفرق بين المشقة في القيام بحق الجوار و القيام بحق الصحبة فإن الصحبة تقتضي حقوقا كثيرة في أحوال متقاربة مترادفة على الدوام و الجوار لا يقتضي إلا حقوقا قريبة في أوقات متباعدة لا تدوم ومن ذلك التعليم و النصيحة فليس حاجة أخيك إلى العلم بأقل من حاجته إلى المال فإن كنت غنيا بالعلم فعليك مواساته من فضلك وإرشاده إلى كل ما ينفعه في الدين و الدنيا فإن علمته وأرشدته ولم يعمل بمقتضى العلم فعليك النصيحة وذلك بأن تذكر آفات ذلك الفعل وفوائد تركه وتخوفه بما يكرهه في الدنيا و الآخرة لينزجر عنه وتنبهه على عيوبه وتقبح القبيح في عينه وتحسن الحسن ولكن ينبغي أن يكون ذلك في سر لا يطلع عليه أحد فما كان على الملأ فهو توبيخ وفضيحة وما كان في السر فهو شفقة و نصيحة إذ قال صلى الله عليه وسلم المؤمن مرآة المؤمن حديث المؤمن مرآة المؤمن أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة بإسناد حسن أي يرى منه ما لا يرى من نفسه فيستفيد المرء بأخيه معرفة عيوب نفسه ولو انفرد لم يستفد كما يستفيد بالمرآة الوقوف على عيوب صورته الظاهرة و قال الشافعي رضي الله عنه من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه وقيل لمسعر أتحب من يخبرك بعيوبك فقال أن نصحني فيما بيني وبينه فنعم وإن قرعني بين الملأ فلا وقد صدق فإن النصح على الملأ فضيحة و الله تعالى يعاتب المؤمن يوم القيامة تحت كنفه في ظل ستره فيوقفه على ذنوبه سرا وقد يدفع كتاب عمله مختوما إلى الملائكة الذين يحفون به إلى الجنة فإذا قاربوا باب الجنة أعطوه الكتاب مختوما ليقرأه وأما أهل المقت فينادون على رءوس الأشهاد وتستنطق جوارحهم بفضائحهم فيزدادون بذلك خزيا وافتضاحا ونعوذ بالله من الخزى يوم العرض الأكبر فالفرق بين التوبيخ و النصيحة بالإسرار و الإعلان كما أن الفرق بين المداراة و المداهنة بالغرض الباعث على الإغضاء فإن أغضيت لسلامة دينك ولما ترى من إصلاح أخيك بالإغضاء فأنت مدار وإن أغضيت لحظ نفسك واجتلاب شهواتك وسلامة جاهك فأنت مداهن ، و قال ذو النون لا تصحب مع الله إلا بالموافقة ولا مع الخلق إلا بالمناصحة ولا مع النفس إلا بالمخالفة ولا مع الشيطان إلا بالعداوة فإن قلت فإذا كان في النصح ذكر العيوب ففيه إيحاش القلب فكيف يكون ذلك من حق الأخوة فاعلم أن الإيحاش إنما يحصل بذكر عيب يعلمه أخوك من نفسه فأما تنبيهه على ما لا يعمله فهو عين الشفقة وهو استمالة القلوب أعني قلوب العقلاء وأما الحمقى فلا يلتفت إليهم فإن من ينبهك على فعل مذموم تعاطيته أو صفة مذمومة اتصفت بها لتزكي نفسك عنها كان كمن ينبهك على حية أو عقرب تحت ذيلك وقد همت بإهلاكك فإن كنت تكره ذلك فما أشد حمقك و الصفات الذميمة عقارب وحيات وهي في الآخرة مهلكات فإنها تلذغ القلوب و الأرواح وألمها أشد مما يلدغ الظواهر و الأجساد وهي مخلوقة من نار الله الموقدة ، ولذلك كان عمر رضي الله عنه يستهدي ذلك من إخوانه و يقول رحم الله امرأ أهدى إلى أخيه عيوبه ولذلك قال عمر لسلمان وقد قدم عليه ما الذي بلغك عني مما تكره فاستعفى فألح عليه فقال بلغني أن لك حلتين تلبس إحداهما بالنهار و الأخرى بالليل وبلغني أنك تجمع بين ادامين على مائدة واحدة فقال عمر رضي الله عنه أما هذان فقد كفيتهما فهل بلغك غيرهما فقال لا ، وكتب حذيفة المرعشي إلى يوسف بن أسباط بلغني أنك بعت دينك بحبتين وقفت على صاحب لبن فقلت بكم هذا فقال بسدس فقلت له لا بثمن فقال هو لك وكان يعرفك اكشف عن رأسك قناع الغافلين وانتبه عن رقدة الموتى واعلم أن من قرأ القرآن ولم يستغن وآثر الدنيا لم آمن أن يكون بآيات الله من المستهزئين وقد وصف الله تعالى الكاذبين ببعضهم للناصحين إذ قال ولكن لا تحبون الناصحين وهذا في عيب هو غافل عنه فأما ما علمت انه يعلمه من نفسه فإنما هو مقهور عليه من طبعه فلا ينبغي أن يكشف فيه ستره إن كان يخفيه وإن كان يظهره فلا بد من التلطف في النصح بالتعريض مرة وبالتصريح أخرى إلى حد لا يؤدي إلى الإيحاش فإن علمت أن النصح غير مؤثر فيه وأنه مضطر من طبعه إلى الإصرار عليه فالسكوت عنه أولى وهذا كله فيما يتعلق بمصالح أخيك في دينه أو دنياه أما ما يتعلق بتقصيره في حقك فالواجب فيه الاحتمال والعفو والصفح والتعامى عنه و التعرض لذلك ليس من النصح في شيء نعم إن كان بحيث يؤدي استمراره عليه إلى القطيعة فالعتاب في السر خير من القطيعة و التعريض به خير من التصريح و المكاتبة خير من المشافهة و الاحتمال خير من الكل إذ ينبغي أن يكون قصدك من أخيك إصلاح نفسك بمراعاتك إياه وقيامك بحقه واحتمالك تقصيره لا الاستعانة به والاسترفاق منه ، قال أبو بكر الكتاني صحبني رجل وكان على قلبي ثقيلا فوهبت له يوما شيئا على أن يزول ما في قلبي فلم يزل فأخذت بيده يوما إلى البيت وقلت له ضع رجلك على خدي فأبى فقلت لا بد ففعل فزال ذلك من قلبي ، و قال أبو علي الرباطي صحبت عبد الله الرازي وكان يدخل البادية فقال علي أن تكون أنت الأمير أو أنا فقلت بل أنت فقال وعليك الطاعة فقلت نعم فأخذ مخلاة ووضع فيها الزاد وحملها على ظهره فإذا قلت له أعطني قال ألست قلت أنت الأمير فعليك الطاعة فأخذنا المطر ليلة فوقف على رأسي إلى الصباح وعليه كساء وأنا جالس يمنع عني المطر فكنت أقول مع نفسي ليتني مت ولم أقل أنت الأمير .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 9:40 am | |
| الحق الخامس : العفو عن الزلات و الهفوات وهفوة الصديق لا تخلو إما أن تكون في دينه بارتكاب معصية أو في حقك بتقصيره في الاخوة أما ما يكون في الدين من ارتكاب معصية و الإصرار عليها فعليك التلطف في نصحه بما يقوم أوده ويجمع شمله ويعيد إلى الصلاح و الورع حاله فإن لم تقدر وبقى مصرا فقد اختلفت طرق الصحابة و التابعين في إدامة حق مودته أو مقاطعته فذهب أبو ذر رضي الله عنه إلى الانقطاع و قال إذا انقلب أخوك عما كان عليه فابغضه من حيث أحببته ورأى ذلك من مقتضى الحب في الله و البغض في الله وأما أبو الدرداء وجماعة من الصحابة فذهبوا إلى خلافه فقال أبو الدرداء إذا تغير أخوك و حال عما كان عليه فلا تدعه لأجل ذلك فإن أخاك يعوج مرة ويستقيم أخرى و قال إبراهيم النخعي لا تقطع أخاك ولا تهجره عند الذنب بذنبه فإنه يرتكبه اليوم ويتركه غدا و قال أيضا لا تحدثوا الناس بزلة العالم فإن العالم يزل الزلة ثم يتركها و في الخبر اتقوا زلة العالم ولا تقطعوه وانتظروا فيئته حديث اتقوا زلة العالم ولا تقطعوه وانتظروا فيئته رواه البغوي في المعجم وابن عدي في الكامل من حديث عمرو بن عوف المزني وضعفاه و في حديث عمر وقد سأل عن أخ كان آخاه فخرج إلى الشام فسأل عنه بعض من قدم عليه وقال ما فعل أخي قال ذلك أخو الشيطان قال مه قال إنه قارف الكبائر حتى وقع في الخمر قال إذا أردت الخروج فآذني فكتب عند خروجه إليه بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب الآية ثم عاتبه تحت ذلك وعذله فلما قرأ الكتاب بكى و قال صدق الله ونصح لي عمر فتاب ورجع وحكى أن أخوين ابتلي أحدهما بهوى فأظهر عليه أخاه و قال إني قد اعتللت فإن شئت أن لا تعقد على صحبتي لله فافعل فقال ما كنت لأحل عقد أخوتك لأجل خطيئتك أبدا ثم عقد أخوه بينه وبين الله بأن لا يأكل ولا يشرب حتى يعافى الله أخاه من هواه فطوى أربعين يوما في كلها يسأله عن هواه فكان يقول القلب مقيم على حاله وما زال هو ينحل من الغم و الجوع حتى زال الهوى عن قلب أخيه بعد الأربعين فأخبره بذلك فأكل وشرب بعد أن كاد يتلفت هزالا وضرا وكذلك حكى عن أخوين من السلف انقلب أحدهما عن الاستقامة فقيل لأخيه ألا تقطعه وتهجره فقال أحوج ما كان إلى في هذا الوقت لما وقع في عثرته أن آخذبيده وأتلطف له في المعاتبة وأدعو له بالعود إلى ما كان عليه وروى في الإسرائيليات أن أخوين عابدين كانا في جبل نزل أحدهما ليشتري من المصر لحما بدرهم فرأى بغيا عند اللحام فرمقها وعشقها واجتذبها إلى خلوة وواقعها ثم أقام عندها ثلاثا واستحيا أن يرجع إلى أخيه حياء من جنايته قال فافتقده أخوه واهتم بشأنه فنزل إلى المدينة فلم يزل يسأل عنه حتى دل عليه فدخل إليه وهو جالس معها فاعتنقه وجعل يقبله ويلتزمه وأنكر الآخر انه يعرفه قط لفرط استحيائه منه فقال قم يا أخي فقد علمت شأنك وقصتك وما كنت قد أحب إلى ولا أعز من ساعتك هذه فلما رأى أن ذلك لم يسقطه من عينه قام فانصرف معه فهذه طريقة قوم وهي ألطف وأفقه من طريقة أبي ذر رضي الله عنه وطريقته أحسن وأسلم فإن قلت ولم قلت هذا ألطف وأفقه ومقارف هذه المعصية لا تجوز مؤاخاته ابتداء فتجب مقاطعته انتهاء لأن الحكم إذا ثبت بعلة فالقياس أن يزول بزوالها وعلة عقد الاخوة التعاون في الدين ولا يستمر ذلك مم مقارفة المعصية فأقول أما كونه ألطف فلما فيه من الرفق و الاستمالة و التعطف المفضي إلى الرجوع و التوبة لاستمرار الحياء عند دوام الصحبة ومهما قوطع وانقطع طمعه عن الصحبة أصر واستمر وأما كونه أفقه فمن حيث أن الاخوة عقد ينزل منزلة القرابة فإذا انعقدت تأكد الحق ووجب الوفاء بموجب العقد ومن الوفاء به أن لا يهمل أيام حاجته وفقره وفقر الدين اشد من فقر المال وقد أصابته جائحة و ألمت به آفة افتقر بسببها في دينه فينبغي أن يراقب ويراعي ولا يهمل بل لا يزال يتلطف به ليعان على الخلاص من تلك الوقعة التي ألمت به فالأخوة عدة للنائبات وحوادث الزمان وهذا من اشد النوائب و الفاجر إذا صحب تقيا وهو ينظر إلى خوفه ومداومته فسيرجع على قرب ويستحي من الإصرار بل الكسلان يصحب الحريص في العمل فيحرص حياء منه قال جعفر بن سليمان مهما فترت في العمل نظرت إلى محمد بن واسع وإقباله على الطاعة فيرجع إلي نشاطي في العبادة وفارقني الكسل وعملت عليه أسبوعا وهذا التحقيق وهو أن الصداقة لحمة كلحمة النسب و القريب لا يجوز أن يهجر بالمعصية ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في عشيرته فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون ولم يقل أني بريء منكم مراعاة لحق القرابة ولحمة النسب و إلى هذا أشار أبو الدرداء لما قيل له إلا تبغض أخاك وقد فعل كذا فقال إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي و أخوة الدين أوكد من أخوة القرابة ولذلك قيل لحكيم أيما أحب إليك أخوك أو صديقك فقال إنما احب أخي إذا كان صديقا لي وكان الحسن يقول كم من أخ لم تلده أمك ولذلك قيل القرابة تحتاج إلى مودة و المودة لا تحتاج إلى قرابة و قال جعفر الصادق رضي الله عنه مودة يوم صلة ومودة شهر قرابة ومودة سنة رحم مائية من قطعها قطعه الله فإذن الوفاء بعقد الأخوة إذا سبق انعقادها واجب وهذا جوابنا عن ابتداء المؤاخاة مع الفاسق فإنه لم يتقدم له حق فإن تقدمت له قرابة فلا جرم لا ينبغي أن يقاطع بل يجامل و الدليل عليه أن ترك المؤاخاة و الصحبة ابتداء ليس مذموما ولا مكروها بل قال قائلون الانفراد أولى فأما قطع الأخوة عن دوامها فمنهى عنه ومذموم في نفسه ونسبته إلى تركها ابتداء كنسبة الطلاق إلى ترك النكاح و الطلاق أبغض إلى الله تعالى من ترك النكاح قال صلى الله عليه وسلم شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة حديث شرار عباد الله المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة رواه احمد من حديث أسماء بنت يزيد بسند ضعيف و قال بعض السلف في ستر زلات الإخوان ود الشيطان أن يلقي على أخيكم مثل هذا حتى تهجروه وتقطعوه فماذا اتقيتم من محبة عدوكم وهذا لأن التفريق بين الأحباب من محاب الشيطان كما أن مقارفة العصيان من محابه فإذا حصل للشيطان أحد غرضيه فلا ينبغي أن يضاف إليه الثاني و إلى هذا أشار عليه السلام في الذي شتم الرجل الذي أتى فاحشة إذ قال مه وزبره و قال لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم حديث لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم رواه البخاري من حديث أبي هريرة وتقدم في الباب قبله فبهذا كله يتبين الفرق بين الدوام و الابتداء لأن مخالطة الفساق محذورة ومفارقة الأحباب و الإخوان أيضا محذورة وليس من سلم عن معارضة غيره كالذي لم يسلم وفي الابتداء قد سلم فرأينا أن المهاجرة و التباعد هو الأولى وفي الدوام تعارضا فكان الوفاء بحق الأخوة أولى هذا كله في زلته في دينه أما زلته في حقه بما يوجب إيحاشه فلا خلاف في أن الأولى العفو و الاحتمال بل كل ما يحتمل تنزيله على وجه حسن ويتصور تمهيد عذر فيه قريب أو بعيد فهو واجب بحق الأخوة فقد قيل ينبغي أن تستنبط لزلة أخيك سبعين عذرا فإن لم يقبله قلبك فرد اللوم على نفسك فتقول لقلبك ما أقساك يعتذر إليك أخوك سبعين عذرا فلا تقبله فأنت المعيب لا أخوك فإن ظهر بحيث لم يقبل التحسين فينبغي أن لا تغضب إن قدرت ولكن ذلك لا يمكن وقد قال الشافعي رحمه الله من استغضب فلم يغضب فهو حمار ومن استرضى فلم يرضى فهو شيطان فلا تكن حمارا ولا شيطانا واسترض قلبك بنفسك نيابة عن أخيك واحترز أن تكون شيطانا إن لم تقبل قال الأحنف حق الصديق أن تحتمل منه ثلاثا ظلم الغضب وظلم الدالة وظلم الهفوة و قال آخر ما شتمت أحدا قط لأنه إن شتمني كريم فأنا أحق من غفرها له أو لئيم فلا أجعل عرضي له غرضا ثم تمثل و قال وأغفر عوراء الكريم ادخاره وأعرض عن شتم اللئيم تكرما وقد قيل خذ من خليلك ما صفا ودع الذي فيه الكدر فالعمر أقصر من معا تبة الخليل على الغير ومهما اعتذر إليك أخوك كاذبا كان أو صادقا فاقبل عذره قال عليه السلام من اعتذر إليه أخوه فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب المكس حديث من اعتذر إليه أخوه فلم يقبل عذره فعليه مثل إثم صاحب المكس أخرجه ابن ماجه وأبو دواد في المراسيل من حديث جودان واختلف في صحبته وجهله أبو حاتم و باقي رجاله ثقات ورواه الطبراني في الأوسط من حديث جابر بسند ضعيف و قال عليه السلام المؤمن سريع الغضب سريع الرضا حديث المؤمن سريع الغضب سريع الرضا لم أجده هكذا و للترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد الخدري ألا أن بني آدم خلقوا على طبقات شتى الحديث وفيه ومنهم سريع الفيء فتلك بتلك فلم يصفه بأنه لا يغضب وكذلك قال الله تعالى و الكاظمين الغيظ ولم يقل و الفاقدين الغيظ وهذا لأن العادة لا تنتهي إلى أن يجرح الإنسان فلا يتألم بل تنتهي إلى أن يصبر عليه ويحتمل وكما أن التألم بالجرح مقتضى طبع البدن فالتألم بأسباب الغضب طبع القلب ولا يمكن قلعه ولكن ضبطه وكظمه و العمل بخلاف مقتضاه فإنه يقتضي التشفي و الانتقام و المكافأة وترك العمل بمقتضاه ممكن وقد قال الشاعر ولست بمستبق أخا لا تلمه على شعث أي الرجال المهذب قال أبو سليمان الداراني لأحمد بن أبي الحوارى إذا واخيت أحدا في هذا الزمان فلا تعاتبه على ما تكرهه فإنك لا تأمن من أن ترى في جوابك ما هو شر من الأول قال فجربته فوجدته كذلك وقال بعضهم الصبر على مضض الأخ خير من معاتبته و المعاتبة خير من القطيعة و القطيعة خير من الوقيعة وينبغي أن لا يبالغ في البغضة عند الوقيعة قال الله تعالى عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة و قال عليه السلام أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما حديث أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة و قال غريب قلت رجاله ثقات رجال مسلم لكن الراوي تردد في رفعه وقال عمر رضي الله عنه لا يكن حبك كلفا ولا بغضك تلفا وهو أن تحب تلف صاحبك مع هلاكك.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 9:41 am | |
| الحق السادس : الدعاء للأخ في حياته وبعد مماته بكل ما يحبه لنفسه ولأهله وكل متعلق به فتدعو له كما تدعو لنفسك ولا تفرق بين نفسك وبينه فإن دعاءك له دعاء لنفسك على التحقيق فقد قال صلى الله عليه وسلم إذا دعا الرجل لأخيه في ظهر الغيب قال الملك ولك مثل ذلك حديث إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قال الملك ولك بمثل ذلك أخرجه مسلم من حديث أبي الدرداء وفي لفظ آخر يقول الله تعالى بك أبدا يا عبدي حديث الدعاء للأخ بظهر الغيب وفيه يقول الله بك أبدا يا عبدي لم أجد هذا اللفظ وفي الحديث يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه حديث يستجاب للرجل في أخيه ما لا يستجاب له في نفسه لم أجده بهذا اللفظ ولأبي داود والترمذي وضعفه من حديث عبد الله بن عمرو إن أسرع الدعاء إجابة دعوه غائب لغائب و في الحديث دعوة الرجل لأخته في ظهر الغيب لا ترد حديث دعوة الأخ لأخيه في الغيب لا ترد أخرجه الدارقطني في الظل من حديث أبي الدرداء وهو عند مسلم إلا انه قال مستجابة مكان لا ترد وكان أبو الدرداء يقول إني لأدعو لسبعين من إخواني في سجودي أسميهم بأسمائهم وكان محمد بن يوسف الأصفهاني يقول وأين مثل الأخ الصالح أهلك يقتسمون ميراثك ويتنعمون بما خلفت وهو منفرد بحزنك مهتم مما قدمت وما صرت إليه يدعو لك في ظلمة الليل وأنت تحت أطباق الثرى وكأن الأخ الصالح يقتدى بالملائكة إذ جاء في الخبر إذا مات العبد قال الناس ما خلفت وقال الملائكة ما قدم حديث إذا مات العبد قال الناس ما خلف وقالت الملائكة ما قدم أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف يفرحون له بما قدم ويسألون عنه ويشفقون عليه و يقال من بلغه موت أخيه فترحم عليه واستغفر له كتب له كأنه شهد جنازته وصلى عليه وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ينتظر دعوة من ولد أو والد أو أخ أو قريب حديث مثل الميت في قبره مثل الغريق يتعلق بكل شيء ينتظر دعوة من ولد أو والد الحديث أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة قال الذهبي في الميزان إنه خبر منكر جدا وإنه ليدخل على قبور الأموات من دعاء الأحياء من الأنوار مثل الجبال وقال بعض السلف الدعاء للأموات بمنزلة الهدايا للأحياء فيدخل الملك على الميت ومعه طبق من نور عليه منديل من نور فيقول هذه هدية لك من عند أخيك فلان من عند قريبك فلان قال فيفرح بذلك كما يفرح الحي بالهدية .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 9:44 am | |
| الحق السابع : الوفاء و الإخلاص ومعنى الوفاء الثبات على الحب وإدامته إلى الموت معه وبعد الموت مع أولاده وأصدقائه فإن الحب إنما يراد للآخرة فإن انقطع قبل الموت حبط العمل وضاع السعي ولذلك قال عليه السلام في السبعة الذين يظلهم الله في ظله ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه حديث سبعة يظلهم الله في ظله الحديث تقدم غير مرة و قال بعضهم قليل الوفاء بعد الوفاء خير من كثيره في حال الحياة ولذلك روى انه صلى الله عليه وسلم أكرم عجوزا دخلت عليه فقيل له في ذلك فقال إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن كرم العهد من الدين حديث إكرامه صلى الله عليه وسلم لعجوز دخلت عليه وقوله إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان أخرجه الحاكم من حديث عائشة و قال صحيح على شرط الشيخين وليس له علة فمن الوفاة للأخ مراعاة جميع أصدقائه وأقاربه و المتعلقين به ومراعاتهم أوقع في قلب الصديق من مراعاة الأخ في نفسه فإن فرحه بتفقد من يتعلق به أكثر إذ لا يدل على قوة الشفقة و الحب إلا تعديهما من المحبوب إلى كل من يتعلق به حتى الكلب الذي على باب داره ينبغي أن يميز في القلب عن سائر الكلاب ومهما انقطع الوفاء بدوام المحبة شمت به الشيطان فإنه لا يحسد متعاونين على بركما يحسد متواخيين في الله ومتحابين فيه فإنه يجهد نفسه لإفساد ما بينهما قال الله تعالى وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن أن الشيطان ينزغ بينهم وقال مخبرا عن يوسف من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي و يقال ما تواخى اثنان في الله فتفرق بينهما إلا بذنب يرتكبه أحدهما وكان بشر يقول إذا قصر العبد في طاعة الله سلبه الله من يؤنسه وذلك لأن الإخوان مسلاة للهموم وعون على الدين ولذلك قال ابن المبارك ألذ الأشياء مجالسة الإخوان والانقلاب إلى كفاية والمودة الدائمة هي التي تكون في الله وما يكون لغرض يزول بزوال ذلك الغرض ومن ثمرات المودة في الله أن لا تكون مع حسد في دين ودنيا وكيف يحسده وكل ما هو لأخيه فإليه ترجع فائدته وبه وصف الله تعالى المحبين في الله تعالى فقال ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ووجود الحاجة هو الحسد ومن الوفاء أن لا يتغير حاله في التواضع مع أخيه وإن ارتفع شأنه واتسعت ولايته وعظم جاهه فالترفع على الإخوان بما يتجدد من الأحوال لؤم قال الشاعر إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن وأوصى بعض السلف ابنه فقال يا بني لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك وقال بعض الحكماء إذا ولي أخوك ولايه فثبت على نصف مودته لك فهو كثير وحكى الربيع أن الشافعي رحمه الله آخى رجلا ببغداد ثم إن أخاه ولي السيبين فتغير له عما كان عليه فكتب إليه الشافعي بهذه الأبيات اذهب فودك من فؤادي طالق أبدا وليس طلاق ذات البين فإن ارعويت فإنها تطليقة ويدوم ودك لي على ثنتين وإن امتنعت شفعتها بمثالها فتكون تطليقين في حيضين وإذا الثلاث أتتك مني بتة لم تغن عنك ولاية السيبين واعلم أنه ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمر يتعلق بالدين بل الوفاء له المخالفة فقد كان الشافعي رضي الله عنه آخي محمد بن عبد الحكم وكان يقربه ويقبل عليه ويقول ما يقيمني بمصر غيره فاعتل محمد فعاده الشافعي رحمه الله تعالى فقال مرض الحبيب فعدته فمرضت من حذري عليه وأتى الحبيب يعودني فبرئت من نظري إليه وظن الناس لصدق مودتهما أنه يفوض أمر حلقته إليه بعد وفاته فقيل للشافعي في علته التي مات فيها رضي الله تعالى عنه إلى من نجلس بعدك يا أبا عبد الله فاستشرف له محمد بن عبد الحكم وهو عند رأسه ليومئ إليه فقال الشافعي سبحان الله أيشك في هذا أبو يعقوب البويطي فانكسر لها محمد ومال أصحابه إلى البويطي مع أن محمدا كان قد حمل عنه مذهبه كله لكن كان البويطي أفضل وأقرب إلى الزهد والورع فنصح الشافعي لله وللمسلمين وترك المداهنة ولم يؤثر رضا الخلق على رضا الله تعالى فلما توفى انقلب محمد بن عبد الحكم عن مذهبه ورجع إلى مذهب أبيه ودرس كتب مالك رحمه الله وهو من كبار أصحاب مالك رحمه الله وآثر البويطي الزهد والخمول ولم يعجبه الجمع والجلوس في الحلقة واشتغل بالعبادة وصنف كتاب الأم الذي ينسب الآن إلى الربيع بن سليمان ويعرف به وإنما صنفه البويطي ولكن لم يذكر نفسه فيه ولم ينسبه إلى نفسه فزاد الربيع فيه وتصرف وأظهره والمقصود أن الوفاء بالمحبة من تمامها النصح لله قال الأحنف الإخاء جوهرة رقيقة إن لم تحرسها كانت معرضة للآفات فاحرسها بالكظم حتى تعتذر إلى من ظلمك وبالرضا حتى لا تستكثر من نفسك الفضل ولا من أخيك التقصير ومن آثار الصدق والإخلاص وتمام الوفاء أن تكون شديد الجزع من المفارقة نفور الطبع عن أسبابها كما قيل وجدت مصيبات الزمان جميعها سوى فرقة الأحباب هينة الخطب وأنشد ابن عيينة هذا البيت وقال لقد عهدت أقواما فارقتهم منذ ثلاثين سنة ما يخيل إلي أن حسرتهم ذهبت من قلبي ومن الوفاء أن لا يسمع بلاغات الناس على صديقه لاسيما من يظهر أولا أنه محب لصديقه كيلا يتهم ثم يلقى الكلام عرضا وينقل عن الصديق ما يوغر القلب فذلك من دقائق الجيل في التضريب ومن لم يحترز منه لم تدم مودته أصلا قال واحد لحكيم قد جئت خاطبا لمودتك قال إن جعلت مهرها ثلاثا فعلت قال وما هي قال لا تسمع على بلاغة ولا تخالفني في أمر ولا توطئني عشوة ومن الوفاء أن لا يصادق عدو صديقه قال الشافعي رحمه الله إذا أطاع صديقك عدوك فقد اشتركا في عدواتك الحق الثامن التخفيف وترك التكلف والتكليف وذلك بأن لا يكلف أخاه ما يشق عليه بل يروح سره من مهماته وحاجاته ويرفهه عن أن يحمله شيئا من أعبائه فلا يستمد منه من جاه ومال ولا يكلف التواضع له والتفقد لأحواله والقيام بحقوقه بل لا يقصد بمحبته إلا الله تعالى تبركا بدعائه واستئناسا بلقائه واستعانة به على دينه وتقربا إلى الله تعالى بالقيام بحقوقه وتحمل مؤنته قال بعضهم من اقتضى من إخوانه ما لا يقضونه فقد ظلمهم ومن اقتضى منهم مثل ما يقتضونه فقد أتعبهم ومن لم يقتض فهو المتفضل عليهم وقال بعض الحكماء من جعل نفسه عند الإخوان فوق قدره أثم وأثموا ومن جعل نفسه في قدره تعب وأتعبهم ومن جعلها دون قدره سلم وسلموا تمام التخفيف بطي بساط التكليف حتى لا يستحي منه فيما لا يستحي من نفسه وقال الجنيد ما تواخى اثنان في الله فاستوحش أحدهما من صاحبه أو احتشم إلا لعلة في أحدهما وقال علي عليه السلام شر الأصدقاء من تكلف لك ومن أحوجك إلى مداراة وألجأك إلى اعتذار وقال الفضيل إنما تقاطع الناس بالتكلف يزور أحدهم أخاه فيتكلف له فيقطعه ذلك عنه وقالت عائشة رضي الله عنها المؤمن أخو المؤمن لا يغتنمه ولا يحتشمه وقال الجنيد صبحت أربع طبقات من هذه الطائفة كل طبقة ثلاثون رجلا حارثا المحاسبي وطبقته وحسنا المسوحي وطبقته وسريا السقطي وطبقته وابن الكريبي وطبقته فما تواخي اثنان في الله واحتشم أحدهما من صاحبه أو استوحش إلا لعلة في أحدهما وقيل لبعضهم من نصحب قال من يرفع عنك ثقل التكلف وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ وكان جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما يقول أثقل إخواني علي من يتكلف لي وأتحفظ منه وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي و قال بعض الصوفية لا تعاشر من الناس إلا من لا تزيد عنده ببر ولا تنقص عنده بإثم يكون ذلك لك وعليك وأنت عنده سواء وإنما قال هذا لأن به يتخلص عن التكلف و التحفظ وإلا فالطبع يحمله على أن يتحفظ منه إذا علم أن ذلك ينقصه عنده وقال بعضهم كن مع أبناء الدنيا بالأدب ومع أبناء الآخرة بالعلم ومع العارفين كيف شئت و قال أخر لا تصحب إلا من يتوب عنك إذا أذنبت يعتذر إليك إذا أسأت ويحمل مؤنة نفسك ويكفيك مؤنة نفسه و قائل هذا قد ضيق طريق الأخوة على الناس وليس الأمر كذلك بل ينبغي أن يواخى كل متدين عاقل ويعزم على أن يقوم بهذه الشرائط ولا يكلف غيره هذه الشروط حتى تكثر إخوانه إذ به يكون مواخيا في الله وإلا كانت مواخاته لحظوظ نفسه فقط ولذلك قال رجل للجنيد قد عز الإخوان في هذا الزمان أين أخ لي في الله فأعرض الجنيد حتى أعاده ثلاثا فلما أكثر قال له الجنيد إن أردت أخا يكفيك مؤنتك ويحتمل أذاك فهذا لعمري قليل وإن أردت أخا في الله تحمل أنت مؤنتة وتصبر على أذاه فعندي جماعة أعرفهم لك فسكت الرجل واعلم أن الناس ثلاثة رجل تنتفع بصحبته ورجل تقدر على أن تنفعه ولا تضرر به ولكن لا تنتفع به ورجل لا تقدر أيضا على أن تنفعه وتضرر به وهو الأحمق أو السيء الخلق فهذا الثالث ينبغي أن تتجنبه فأما الثاني فلا تجتنبه لأنك تنتفع في الآخرة بشفاعته وبدعائه وبثوابك على القيام به وقد أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام إن أطعتنى فما أكثر إخوانك أى إن واسيتهم واحتملت منهم ولم تحسدهم وقد قال بعضهم صحبت الناس خمسين سنة فما وقع بيني وبينهم خلاف فإني كنت معهم على نفسي ومن كانت هذه شيمته كثر إخوانه ومن التخفيف وترك التكلف أن لا يعترض في نوافل العبادات كان طائفة من الصوفية يصطحبون على شرط المساواة بين أربع معان إن أكل أحدهم النهار كله لم يقل له صاحبه صم وإن صام الدهر كله لم يقل له أفطر وإن نام الليل كله لم يقل له قم وإن صلى الليل كله لم يقل له نم وتستوي حالاته عنده بلا مزيد ولا نقصان لأن ذلك إن تفاوت حرك الطبع إلى الرياء و التحفظ لا محالة و قد قيل من سقطت كلفته دامت ألفته من خفت مؤنته دامت مودته و قال بعض الصحابة أن الله لعن المتكلفين و قال صلى الله عليه وسلم أنا والأتقياء من أمتي برآء من التكلف حديث أنا وأمتي برآء من التكلف أخرجه الدارقطني في الأفراد من حديث الزبير بن العوام ألا إني بريء من التكلف وصالحو أمتي وإسناده ضعيف و قال بعضهم إذا عمل الرجل في بيت أخيه أربع خصال فقد تم أنسه به حديث إذا صنع الرجل في بيت أخيه أربع خصال فقد تم أنسه الحديث لم أجد له أصلا إذا أكل عنده ودخل الخلاء و صلى ونام فذكر ذلك لبعض المشايخ فقال بقيت خامسة وهو أن يحضر مع الأهل في بيت أخيه ويجامعها لأن البيت يتخذ للاستخفاء في الأمور الخمس وإلا فالمساجد أروح لقلوب المتعبدين فإذا فعل هذه الخمس فقد تم الإخاء وارتفعت الحشمة وتأكد الانبساط و قول العرب في تسليمهم يشير إلى ذلك إذ يقول أحدهم لصاحبه مرحبا وأهلا وسهلا أي لك عندنا مرحب وهو السعة في القلب و المكان ولك عندنا أهل تأنس بهم بلا وحشة لك منا ولك عندنا سهولة في ذلك كله أي لا يشتد علينا مما تريد ولا يتم التخفيف وترك التكلف إلا بأن يرى نفسه دون إخوانه ويحسن الظن بهم ويسيء الظن بنفسه فإذا رآهم خيرا من نفسه فعند ذلك يكون هو خيرا منهم و قال أبو معاوية الأسود إخواني كلهم خير مني قيل وكيف ذلك قال كلهم يرى لي الفضل عليه ومن فضلنى على نفسه فهو خير مني وقد قال صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له حديث المرء على دين خليله ولا خير في صحبة من لا يرى لك مثل ما ترى له تقدم الشطر الأول منه في الباب قبله واما الشطر الثاني فرواه ابن عدي في الكامل من حديث أنس بسند ضعيف فهذه اقل الدرجات وهو النظر بعين المساواة و الكمال في رؤية الفضل للأخ ولذلك قال سفيان إذا قيل لك ياشر الناس فغضبت فأنت شر الناس أي ينبغي أن تكون معتقدا ذلك في نفسك أبدا وسيأتي وجه ذلك في كتاب الكبر و العجب وقد قيل في معنى التواضع ورؤية الفضل للإخوان أبيات تذلل لمن إن تذللت له يرى ذاك للفضل لا للبله وجانب صداقة من لا يزا ل على الأصدقاء يرى الفضل له و قال آخر كم صديق عرفته بصديق صار أحظى من الصديق العتيق ورفيق رأيته في طريق صار عندي هو الصديق الحقيقي ومهما رأى الفضل لنفسه فقد احتقر أخاه وهذا في عموم المسلمين مذموم قال صلى الله عليه وسلم بحسب المؤمن من الشر أن يحقر أخاه المسلم حديث بحسب امريء من الشر أن يحقر أخاه المسلم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وتقدم في أثناء حديث لا تدابروا في هذا الباب ومن تتمة الانبساط وترك التكلف أن يشاور إخوانه في كل ما يقصده ويقبل إشاراتهم فقد قال تعالى وشاورهم في الأمر و ينبغي أن لا يخفي عنهم شيئا من أسراره كما روى أن يعقوب ابن أخي معروف قال جاء اسود بن سالم إلى عمي معروف وكان مواخيا له فقال أن بشر بن الحرث يحب مؤاخاتك وهو يستحي أن يشافهك بذلك وقد أرسلني إليك يسألك أن تعقد له فيما بينك وبينه اخوة يحتسبها ويعتد بها إلا أنه يشترط فيها شروطا لا يحب أن يشتهر بذلك ولا يكون بينك وبينه مزاورة ولا ملاقاة فإنه يكره كثرة الالتقاء فقال معروف أما أنا لو آخيت أحدا لم احب مفارقته ليلا ولا نهارا ولزرته في كل وقت وآثرته على نفسي في كل حال ثم ذكر من فضل الأخوة و الحب في الله أحاديث كثيرة ثم قال فيها و قد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فشاركه في العلم حديث آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وشاركه في العلم أخرجه النسائي في الخصائص من سننه الكبرى من حديث علي قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب الحديث وفيه فأيكم يبايعني على أن يكون أخي وصاحبي ووارثي فلم يقم إليه أحد فقمت إليه وفيه حتى إذا كان في الثالثة ضرب بيده على يدي وله وللحاكم من حديث ابن عباس أن عليا كان يقول في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم و الله إني لأخوه ووليه ووارث علمه الحديث وكل ما ورد في أخوته فضعيف لا يصح منه شيء وللترمذي من حديث ابن عمر وأنت أخي في الدنيا و الآخرة و للحاكم من حديث ابن عباس أنا مدينة العلم و علي بابها وقال صحيح الإسناد و قال ابن حبان لا اصل له و قال ابن طاهر انه موضوع وللترمذي من حديث علي أنا دار الحكمة وعلي بابها و قال غريب وقاسمه في البدن حديث مقاسمته عليا للبدن أخرجه مسلم في حديث جابر الطويل ثم أعطى عليا فنحر ما عبر وأشركه في هديه وأنكحه أفضل بناته وأحبهن إليه وخصه بذلك لمؤاخاته حديث انه أنكح عليا أفضل بناته وأحبهم إليه هذا معلوم مشهور ففي الصحيحين من حديث علي لما أردت أن أبتنى بفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم واعدت رجلا صواغا الحديث وللحاكم من حديث أم أيمن زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليا الحديث و قال صحيح الإسناد وفي الصحيحين من حديث عائشة عن فاطمة يا فاطمة أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين الحديث وأنا أشهدك أني قد عقدت له أخوة بيني وبينه وعقدت إخاءه في الله لرسالتك ولمسألته على أن لا يزورني إن كره ذلك ولكني ازوره متى أحببت ومره أن يلقاني في مواضع نلتقي بها ومره أن لا يخفي علي شيئا من شأنه وان يطلعني على جميع أحواله فأخبر ابن سالم بشرا بذلك فرضى وسلا به فهذا جامع حقوق الصحبة وقد أجملناه مرة وفصلناه أخرى ولا يتم ذلك إلا بأن تكون على نفسك للإخوان ولا تكون لنفسك عليهم وان تنزل نفسك منزلة الخادم لهم فتقيد بحقوقهم جميع جوارك أما البصر فبأن تنظر إليهم نظر مودة يعرفونها منك وتنظر إلى محاسنهم وتتعامى عن عيوبهم ولا تصرف بصرك عنهم في وقت إقبالهم عليك وكلامهم معك روى أنه صلى الله عليه وسلم كان يعطي كل من جلس إليه نصيبا من وجهه وما استصغاه أحد إلا ظن انه أكرم الناس عليه حتى كان مجلسه وسمعه وحديثه ولطيف مسألته وتوجهه للجالس إليه حديث كان يعطي كل من جلس إليه نصيبه من وجهه الحديث أخرجه الترمذي في الشمائل من حديث علي في أثناء حديث فيه يعطي كل جلسائه نصيبه لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه ممن جالسه ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول ثم قال مجلسه مجلس حلم وحياء وصبر وأمانة وفيه يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه و للترمذي من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء ما رأيت أحدا اكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غريب وكان مجلسه مجلس حياء وتواضع وأمانة وكان عليه السلام اكثر الناس تبسما وضحكا في وجوه أصحابه وتعجبا مما يحدثونه به وكان ضحك أصحابه عنده التبسم اقتداء منهم بفعله وتوقيرا له عليه السلام وأما السمع فبأن تسمع كلامه متلذذا بسماعه ومصدقا به ومظهرا للاستبشار به ولا تقطع حديثهم عليهم بمرادة ولا منازعة ومداخلة واعتراض فإن أرهقك عارض اعتذرت إليهم وتحرس سمعك عن سماع ما يكرهون وأما اللسان فقد ذكرنا حقوقه فإن القول فيه يطول ومن ذلك أن لا يرفع صوته عليهم ولا يخاطبهم إلا بما يفقهون و أما اليدان فأن لا يقبضهما عن معاونتهم في كل ما يتعاطى باليد و أما الرجلان فأن يمشي بهما وراءهم مشى الأتباع لا مشي المتبوعين ولا يتقدمهم إلا بقدر ما يقدمونه ولا يقرب منهم إلا بقدر ما يقربونه ويقوم لهم إذا أقبلوا ولا يقعد إلا بقعودهم ويقعد متواضعا حيث يقعد ومهما تم الاتحاد خف حمله من هذه الحقوق مثل القيام و الاعتذار و الثناء فإنها من حقوق الصحبة وفي ضمنها نوع من الأجنبية و التكلف فإذا تم الاتحاد انطوى بساط التكلف بالكلية فلا يسلك به إلا مسلك نفسه لأن هذه الآداب الظاهرة عنوان آداب الباطن وصفاء القلب ومهما صفت القلوب استغني عن تكلف إظهار ما فيها ومن كان نظره إلى صحبة الخلق فتارة يعوج وتارة يستقيم ومن كان نظره إلى الخالق لزم الاستقامة ظاهرا وباطنا وزين باطنه بالحب لله ولخلقه وزين ظاهره بالعبادة لله و الخدمة لعباده فإنها أعلى أنواع الخدمة لله إذ لا وصول إليه إلا بحسن الخلق ويدرك العبد بحسن خلقه درجة القائم الصائم .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 9:54 am | |
| وزيادة خاتمة لهذا الباب نذكر فيها جملة آداب العشرة و المجالسة مع أصناف الخلق ملتقطة من كلام بعض الحكماء . أن أردت حسن العشرة فالق صديقك وعدوك بوجه الرضا من غير ذلة لهم ولا هيبة منهم. وتوقير من غير كبر . وتواضع من غير مذلة . وكن في جميع أمورك في أوسطها فكلا طرفي قصد الأمور ذميم . ولا تنظر في عطفيك . ولا تكثر الالتفات . ولا تقف على الجماعات . وإذا جلست فلا تستوفز . وتحفظ من : تشبيك أصابعك و العبث بلحيتك وخاتمك وتخليل أسنانك وإدخال أصبعك في أنفك وكثرة بصاقك وتنخمك وطرد الذباب من وجهك وكثر التمطي و التثاؤب في وجوه الناس وفي الصلاة وغيرهما. وليكن مجلسك هاديا وحديثك منظوما مرتبا واصغ إلى الكلام الحسن ممن حدثك من غير إظهار تعجب مفرط ولا تسأله إعادته واسكت عن المضاحك و الحكايات ولا تحدث عن إعجابك بولدك ولا جاريتك ولا شعرك ولا تصنيفك وسائر ما يخصك. ولا تتصنع تصنع المرأة في التزين ولا تتبذل تبذل العبد وتوق كثرة الكحل و الإسراف في الدهن . ولا تلح في الحاجات . ولا تشجع أحدا على الظلم . ولا تعلم اهلك وولدك فضلا عن غيرهم مقدار مالك فإنهم إن رأوه قليلا هنت عندهم وإن كان كثيرا لم تبلغ قط رضاهم وخوفهم من غير عنف . ولن لهم من غير ضعف ولا تهازل أمتك ولا عبدك فيسقط وقارك وإذا خاصمت فتوقر وتحفظ من جهلك وتجنب عجلتك وتفكر في حجتك ولا تكثر الإشارة بيديك ولا تكثر الالتفات إلى من وراءك ولا تجث على ركبتيك. وإذا هدأ غيظك فتكلم . وان قربك سلطان فكن منه على مثل حد السنان فإن استرسل عليك فلا تأمن انقلابه علبك وارفق به رفقك بالصبي وكلمه بما يشتهيه ما لم يكن معصية ولا يحملنك لطفه بك أن تدخل بينه وبين أهله وولده وحشمه وإن كنت لذلك مستحقا عنده فإن سقطة الداخل بين الملك وبين أهله سقطه لا تنعش وزلة لا تقال. وإياك وصديق العافية فإنه أعدى الأعداء . ولا تجعل مالك أكرم من عرضك. وإذا دخلت مجلسا فالأدب فيه البداية بالتسليم وترك التخطى لمن سبق و الجلوس حيث اتسع وحيث يكون اقرب إلى التواضع وان تحيي بالسلام من قرب منك عند الجلوس . ولا تجلس على الطريق فإن جلست فأدبه غض البصر ونصرة المظلوم وإغاثة الملهوف وعون الضعيف وإرشاد الضال ورد السلام وإعطاء السائل و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر والارتياد لموضع البصاق ولا تبصق في جهة القبلة ولا عن يمينك ولكن عن يسارك وتحت قدمك اليسرى . ولا تجالس الملوك فإن فعلت فأدبه ترك الغيبة ومجانبة الكذب وصيانة السر وقلة الحوائج وتهذيب الألفاظ و الإعراب في الخطاب و المذاكرة بأخلاق الملوك وقلة المداعبة وكثرة الحذر منهم وإن ظهرت لك المودة وأن لا تتجشأ بحضرتهم ولا تخلل بعد الأكل عنده وعلى الملك أن يحتمل كل شي إلا إفشاء السر و القدح في الملك و التعرض للحرم . ولا تجالس العامة فإن فعلت فأدبه ترك الخوض في حديثهم وقلة الإصغاء إلى أراجيفهم و التغافل عما يجري من سوء ألفاظهم وقلة اللقاء لهم مع الحاجة إليهم . و إياك أن تمازح لبيبا أو غير لبيب فإن اللبيب يحقد عليك و السفيه يجتريء عليك لأن المزاح يخرق الهيبة ويسقط ماء الوجه ويعقب الحقد ويذهب بحلاوة الود ويشين فقه الفقيه ويجريء السفيه ويسقط المنزلة عند الحكيم ويمقته المتقون وهو يميت القلب ويباعد عن الرب تعالى ويكسب الغفلة ويورث الذلة و به تظلم السرائر وتموت الخواطر وبه تكثر العيوب وتبين الذنوب وقد قيل لا يكون المزاح إلا من سخف أو بطر ومن بلي في مجلس بمزاح أو لغط فليذكر الله عند قيامه قال النبي صلى الله عليه وسلم من جلس في مجلس فكثر به لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا اله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك حديث من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك الحديث أخرجه الترمذي من حديث أبي هريرة وصححه
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 10:19 am | |
|
الباب الثالث
في حق المسلم و الرحم و الجوار و الملك وكيفية المعاشرة مع من يدلى بهذه الأسباب
اعلم أن الإنسان إما أن يكون وحده أو مع غيره ، وإذا تعذر عيش الإنسان إلا بمخالطة من هو من جنسه لم يكن له بد من تعلم آداب المخالطة وكل مخالط ، ففي مخالطته أدب ، و الأدب على قدر حقه ، وحقه على قدر رابطته التي بها وقعت المخالطة ، والرابطة إما القرابة وهي أخصها ، أو أخوة الإسلام وهي أعمها ، وينطوي في معنى الاخوة الصداقة و الصحبة ، وإما الجوار وإما صحبة السفر و المكتب و الدرس ، وإما الصداقة أو الأخوة ، ولكل واحد من هذه الروابط درجات ، فالقرابة لها حق ، ولكن حق الرحم المحرم آكد ، وللمحرم حق ، ولكن حق الوالدين آكد ، وكذلك حق الجار ولكن يختلف بحسب قربه من الدار وبعده ، ويظهر التفاوت عند النسبة حتى أن البلدي في بلاد الغربة يجري مجرى القريب في الوطن لاختصاصه بحق الجوار في البلد ، وكذلك حق المسلم يتأكد بتأكد المعرفة ، وللمعارف درجات ، فليس حق الذي عرف بالمشاهدة كحق الذي عرف بالسماع بل آكد منه ، و المعرفة بعد وقوعها تتأكد بالاختلاط . وكذلك الصحبة تتفاوت درجاتها ، فحق الصحبة في الدرس و المكتب آكد من حق صحبة السفر ، وكذلك الصداقة تتفاوت ، فإنها إذا قويت صارت أخوة فإن ازدادت صارت محبة فإن ازدادت صارت خلة و الخليل أقرب من الحبيب فالمحبة ما تتمكن من حبة القلب والخلة ما تتخلل سر القلب فكل خليل حبيب وليس كل حبيب خليلا ، وتفاوت درجات الصداقة لا يخفي بحكم المشاهدة و التجربة فأما كون الخلة فوق الأخوة فمعناه أن لفظ الخلة عبارة عن حالة هي أتم من الاخوة وتعرفه من قوله صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله حديث لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا الحديث متفق عليه من حديث أبي سعيد أبي سعيد الخدري ، إذا الخليل هو الذي يتخلل الحب جميع أجزاء قلبه ظاهرا وباطنا ويستوعبه ولم يستوعب قلبه ، عليه السلام سوى حب الله وقد منعته الخلة عن الاشتراك فيه مع انه اتخذ عليا رضي الله عنه أخا فقال علي مني بمنزلة هرون من موسى إلا النبوة حديث علي مني بمنزلة هارون من موسى إلا النبوة متفق عليه من حديث سعد بن أبي وقاص ، فعدل بعلي عن النبوة كما عدل بأبي بكر عن الخلة فشارك أبو بكر عليا رضي الله عنهما في الاخوة وزاد عليه بمقاربة الخلة وأهليته لها لو كان للشركة في الخلة مجال فإنه نبه عليه بقوله لاتخذت أبا بكر خليلا ، وكان صلى الله عليه وسلم حبيب الله وخليله ، وقد روى انه صعد المنبر يوما مستبشرا فرحا فقال أن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا فأنا حبيب الله وأنا خليل الله تعالى حديث أن الله اتخذنى خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة بسند ضعيف دون قوله فأنا حبيب الله وأنا خليل الله ، فإذن ليس قبل المعرفة رابطة ولا بعد الخلة درجة وما سواهما من الدرجات بينهما ، وقد ذكرنا حق الصحبة و الأخوة ويدخل فيهما ما وراءهما من المحبة و الخلة وإنما تتفاوت الرتب في تلك الحقوق كما سبق بحسب تفاوت المحبة و الأخوة حتى ينتهي أقصاها إلى أن يوجب الإيثار بالنفس و المال كما آثر أبو بكر رضي الله عنه نبينا صلى الله عليه وسلم وكما آثره طلحة ببدنه إذ جعل نفسه وقاية لشخصه العزيز صلى الله عليه وسلم فنحر الآن نريد أن نذكر حق أخوة الإسلام وحق الرحم وحق الوالدين وحق الجوار وحق الملك أعني ملك اليمين فإن ملك النكاح قد ذكرنا حقوقه في كتاب آداب النكاح.
حقوق المسلم هي : أن تسلم عليه إذا لقيته ، وتجيبه إذا دعاك ، وتشمته إذا عطس ، وتعوده إذا مرض ، وتشهد جنازته إذا مات ، وتبر قسمه إذا أقسم عليك ، وتنصح له إذا استنصحك ، وتحفظه بظهر الغيب إذا غاب عنك ، وتحب له ما تحب لنفسك ، وتكره له ما تكره لنفسك ، هو أن يسلم عليه إذا لقيه ، فذكر عشر خصال أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس وفي رواية لمسلم حق المسلم على المسلم ست إذا لقيته تسلم عليه وزاد وإذا استنصحك فانصح له وللترمذي وابن ماجه من حديث علي للمسلم على المسلم ست فذكر منها ويحب له ما يحب لنفسه و قال وينصح له إذا غاب أو شهد ولأحمد من حديث معاذ وان تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك وفي الصحيحين من حديث والبراء أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع فذكر منها وابرار القسم ونصر الظلوم ورد جميع ذلك في إخبار وآثار ، وقد روى انس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أربع من حق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وان تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وان تحب تائبهم حديث انس أربع من حقوق المسلمين عليك أن تعين محسنهم وان تستغفر لمذنبهم وأن تدعو لمدبرهم وان تحب تائبهم ذكره صاحب الفردوس ولم أجد له إسنادا ، و قال ابن عباس رضي الله عنهما في معنى قوله تعالى رحماء بينهم قال يدعو صالحهم لطالحهم وطالحهم لصالحهم فإذا نظر الطالح إلى الصالح من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك له فيما قسمت له من الخير وثبته عليه وانفعنا به إذا نظر الصالح إلى الطالح قال اللهم اهده وتب عليه واغفر له عثرته ومنها أن يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه ، قال النعمان بن بشير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو منه تداعى سائره بالحمى و السهر حديث النعمان بن بشير مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الحديث متفق عليه ، وروى أبو موسى عنه صلى الله عليه وسلم انه قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا حديث أبي موسى المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا متفق عليه ، ومنها أن لا يؤذي أحدا من المسلمين بفعل ولا قول قال صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده حديث المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو ، وقال صلى الله عليه وسلم في حديث طويل يأمر فيه بالفضائل فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدقت بها على نفسك حديث فإن لم تقدر فدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك متفق عليه من حديث أبي ذر ، و قال أيضا أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده حديث أفضل المسلمين من سلم المسلمون من لسانه ويده متفق عليه من حديث أبي موسى ، و قال صلى الله عليه وسلم أتدرون من المسلم فقالوا الله ورسوله أعلم قال المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده قالوا فمن المؤمن قال من أمنه المؤمنين على أنفسهم وأموالهم قالوا فمن المهاجر قال من هجر السوء واجتنبه حديث اتدرون من المسلم قالوا الله ورسوله اعلم قال المسلم من سلم من لسانه ويده أخرجه الطبراني و الحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد إلا أخبركم بالمؤمن من أمنه الناس على أموالهم وانفسهم و المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده و المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله و المهاجر من هجر الخطايا و الذنوب ورواه ابن ماجه مقتصرا على المؤمن و المهاجر ، و للحاكم من حديث انس قال على شرط مسلم و المهاجر من هجر السوء ولأحمد بإسناد صحيح من حديث عمر بن عبسة قال رجل يا رسول الله ما الإسلام قال أن تسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك ، و قال رجل يا رسول الله ما الإسلام قال أن يسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك، و قال مجاهد يسلط على أهل النار الجرب فيحتكون حتى يبدو عظم أحدهم من جلده فينادي يا فلان هل يؤذيك هذا فيقول نعم فيقول هذا بما كنت تؤذي المؤمنين ، و قال صلى الله عليه وسلم لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين حديث لقد رأيت رجلا في الجنة يتقلب في شجرة قطعها عن ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ، و قال أبو هريرة رضي الله عنه يا رسول الله علمني شيئا انتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين حديث أبي هريرة يا رسول الله علمني شيئا انتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين أخرجه مسلم من حديث أبي برزة قال قلت يا بني الله فذكره، و قال صلى الله عليه وسلم من زحرج عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له به حسنة ومن كتب الله له حسنة أوجب له بها الجنة حديث من زحزح عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له بها حسنة ومن كتب له بها حسنة أوجب له بها الجنة رواه احمد من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف ، وقال صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يشير إلى أخيه بنظرة تؤذيه وقال لا يحل لمسلم أن يروع مسلما حديث لا يحل لمسلم أن ينظر إلى أخيه بنظر يؤذيه أخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية حمزة بن عبيد مرسلا بسند ضعيف ، وفي البر و الصلة له من زيادات الحسين المروزى حمزة بن عبد الله بن أبي سمى وهو الصواب ، و قال صلى الله عليه وسلم أن الله يكره أذى المؤمنين حديث أن الله تعالى يكره أذى المؤمنين أخرجه ابن المبارك في الزهد من رواية عكرمة بن خالد مرسلا بإسناد جيد ، و قال الربيع ابن خيثم الناس رجلان مؤمن فلا تؤذه وجاهل فلا تجاهله ومنها أن يتواضع لكل مسلم ولا يتكبر عليه فإن الله لا يحب كل مختال فخور، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد حديث أن الله أوحى إلى أن تواضعوا حتى لا يفجر أحد على أحد أخرجه أبو داود وابن ماجه و اللفظ له من حديث عياض بن جماز ورجاله رجال الصحيح ثم أن تفاخر عليه غيره فليحتمل، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ، وعن ابن أبي أوفى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتواضع لكل مسلم ولا يأنف ولا يتكبر أن يمشي مع الأرملة و المسكين فيقضى حاجته حديث ابن أبي أوفى كان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة و السكين فيقضي حاجته أخرجه النسائي بإسناد صحيح والحاكم وقال على شرط الشيخين، ومنها أن لا يسمع بلاغات الناس بعضهم على بعض ولا يبلغ بعضهم ما يسمع من بعض قال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة قتات حديث لا يدخل الجنة قتات متفق عليه من حديث أبي أيوب وقال الخليل بن احمد من نم لك نم عليك ومن أخبرك بخير غيرك أخبر غيرك بخبرك ، ومنها أن لا يزيد في الهجر لمن يعرفه على ثلاثة أيام مهما غضب عليه قال أبو آيوب الأنصاري قال صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث الحديث متفق عليه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم من أقال مسلما عثرته أقاله الله يوم القيامة حديث من أقال مسلما عثرته أقاله الله يوم القيامة أخرجه أبو داود و الحاكم وقد تقدم قال عكرمة قال الله تعالى ليوسف بن يعقوب بعفوك عن إخوانك رفعت ذكرك في الدارين ، قالت عائشة رضي الله عنها ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله حديث عائشة ما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه قط إلا أن تصاب حرمة الله فينتقم لله متفق عليه بلفظ إلا أن تنتهك ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا ، و قال صلى الله عليه وسلم ما نقص مال من صدقة وما زاد الله رجلا بعفو إلا عزا وما من أحد تواضع لله إلا رفعه الله حديث ما نقص مال من صدقة وما زاد الله بعفو رجلا إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ومنها أن يحسن إلى كل من قدر عليه منهم ما استطاع لا يميز بين الأهل وغير الأهل ، روى علي بن الحسين على أبيه عن جده رضي الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنع المعروف في أهله وفي غير أهله فإن أصبت أهله فهو أهله وإن لم تصب أهله فأنت من أهله حديث علي بن الحسين عن أبيه عن جده اصنع المعروف إلى أهله فإن لم تصب أهله فأنت أهله ذكره الدارقطني في العلل وهو ضعيف ورواه القضاعي في مسند الشهاب من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرسلا بسند ضعيف وعنه بإسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس العقل بعد الدين التودد إلى الناس واصطناع المعروف إلى كل بر وفاجر حديث علي بن الحسين عن أبيه عن جده رأس العقل بعد الإيمان التودد إلى الناس واصطناع المعروف إلى كل بر وفاجر أخرجه الطبراني في الأوسط والخطابي في تاريخ الطالبين وعند أبو نعيم في الحلية دون قوله واصطناع إلى آخره ، و قال الطبراني التحبب قال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأخذ أحد بيده فينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها ولم تكن ترى ركبته خارجة عن ركبة جليسه ولم يكن أحد يكلمه إلا أقبل عليه بوجهه ثم لم يصرفه عنه حتى يفرغ من كلامه حديث أبي هريرة كان لا يأخذ أحد بيده فينزع يده حتى يكون الرجل هو الذي يرسلها الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن ولأبي داود و الترمذي وابن ماجه نحوه من حديث انس بسند ضعيف ، ومنها أن لا يدخل على أحد منهم إلا بإذنه بل يستأذن ثلاثا فإن لم يؤذن له انصرف قال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستئذان ثلاث فالأولى يستنصتون و الثانية يستصلحون و الثالثة يأذنون أو يردون حديث أبي هريرة الاستئذان ثلاث فالأولى يستنصتون و الثانية يستصلحون و الثالثة يأذنون أو يردون أخرجه الدارقطني في الأفراد بسند ضعيف وفي الصحيحين من حديث أبي موسى الاستئذان ثلاث فإن أذن لك و إلا فارجع ، ومنها أن يخالق الجميع بخلق حسن ويعاملهم بحسب طريقته فإنه إن أراد لقاء الجاهل بالعلم و الأمي بالفقه و العيي بالبيان آذى وتآذى ، ومنها أن يوقر المشايخ ويرحم الصبيان قال جابر رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يوقر كبيرنا ولم يرحم صغيرنا حديث جابر ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا رواه الطبراني في الأوسط بسند ضعيف وهو عند أبي داود و البخاري في الأدب من حديث عبد الله بن عمرو بسند حسن و قال صلى الله عليه وسلم من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم حديث من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم أخرجه أبو داود من حديث أبي موسى الأشعري بإسناد حسن ومن تمام توقير المشايخ أن لا يتكلم بين أيديهم إلا بالإذن و قال جابر قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام ليتكلم فقال صلى الله عليه وسلم مه فأين الكبير حديث جابر قدم وفد جهينة على النبي صلى الله عليه وسلم فقام غلام ليتكلم فقال صلى الله عليه وسلم مه فأين الكبير أخرجه الحاكم وصححه وفي الخبر وما وقر شاب شيخا إلا قيض الله له في سنه من يوقره حديث ما وقر شاب شيخا لسنه إلا قيض الله له في سنه من يوقره أخرجه الترمذي من حديث انس بلفظ ما اكرم ومن يكرمه وقال حديث غريب وفي بعض النسخ حسن وفيه أبو الرجال وهو ضعيف وهذه بشارة بدوام الحياة فليتنبه لها فلا يوفق لتوقير المشايخ إلا من قضى الله له بطول العمر و قال صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظا و المطر قيظا وتفيض اللئام فيضا وتغيض الكرام غيضا ويجتريء الصغير على الكبير و اللئيم على الكريم حديث لا تقوم الساعة حتى يكون الولد غيظا والمطر قيظا الحديث رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عائشة والطبراني من حديث ابن مسعود وإسنادهما ضعيف ، و التلطف بالصبيان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث التلطف بالصبيان أخرجه البزار من حديث انس كان من أفكه الناس مع صبي وقد تقدم في النكاح وفي الصحيحين يا أبا عمير ما فعل النعير وغير ذلك كان صلى الله عليه وسلم يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان فيقف عليهم ثم يأمر بهم فيرفعون إليه فيرفع منهم بين يديه ومن خلفه ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم حديث كان يقدم من السفر فتتلقاه الصبيان فيقف عليهم ثم يأمر بهم فيرفعون إليه الحديث رواه مسلم من حديث عبد الله بن جعفر كان إذا قدم من سفر تلقى بنا قال فيلقى بي وبالحسن وقال فحمل أحدنا بين يديه و الآخر خلفه وفي رواية تلقى بصبيان أهل بيته وانه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردف خلفه ، وفي الصحيحين أن عبد الله بن جعفر قال لابن الزبير أتذكر إذ تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس قال نعم فحملنا وتركك لفظ مسلم وقال البخاري أن ابن الزبير قال لابن جعفر فالله اعلم فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك فيقول بعضهم لبعض حملني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه وحملك أنت وراءه ويقول بعضهم أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم وكان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة وليسميه فيأخذه فيضعه في حجره فربما بال الصبي فيصيح به بعض من يراه فيقول لا تزرموا الصبي بوله فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ من دعائه له وتسميته ويبلغ سرور أهله فيه لئلا يروا انه تأذى ببوله فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده حديث كان يؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة ويسميه فيأخذه ويضعه في حجره فربما بال الصبي فيصبح به بعض من رآه الحديث رواه مسلم من حديث عائشة كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتى بعصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله واصله متفق عليه وفي رواية لأحمد فيدعو لهم وفيه صبوا عليه الماء صبا و للدارقطني بال ابن الزبير على النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ به أخذا عنيفا الحديث وفيه الحجاج بن أرطاة ضعيف ولأحمد بن منبع من حديث حسن بن علي عن امرأة منهم بيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيا على ظهره يلاعب صبيا إذ بال فقامت لتأخذه وتضربه فقال دعيه ائتوني بكوز من ماء الحديث وإسناده صحيح ،
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 10:36 am | |
|
ومنها أن يكون مع كافة الخلق مستبشرا طلق الوجه رفيقا قال صلى الله عليه وسلم أتدرون على من حرمت النار قالوا الله ورسوله أعلم قال على اللين الهين السهل القريب حديث أتدرون على من حرمت النار قالوا الله ورسوله اعلم قال على الهين اللين السهل القريب أخرجه الترمذي من حديث ابن مسعود ولم يقل اللين ، وذكرها الخرائطي من رواية محمد بن أبي معيقيب عن أمه قال الترمذي حسن غريب وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب السهل الطلق الوجه حديث أبي هريرة أن الله يحب السهل الطلق أخرجه البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف ورواه من رواية مورق العجلي مرسلا ، و قال بعضهم يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة فقال إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام حديث أن من واجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه و الطبراني والخرائطي في مكارم الأخلاق و اللفظ له والبيهقي في شعب الإيمان من حديث هانيء بن يزيد بإسناد جيد ، وقال عبد الله بن عمر إن البر شيء هين وجه طليق وكلام لين ، وقال صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة حديث اتقوا النار ولو بشق تمرة الحديث متفق عليه من حديث عدي بن حاتم وتقدم في الزكاة ، و قال صلى الله عليه وسلم إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها فقال أعرابي لمن هي يا رسول الله قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وصلى بالليل و الناس نيام حديث أن في الجنة غرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها الحديث أخرجه الترمذي من حديث علي وقال حديث غريب قلت وهو ضعيف ، وقال معاذ بن جبل قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث ووفاء العهد وأداء الأمانة وترك الخيانة وحفظ الجار ورحمة اليتيم ولين الكلام وبذل السلام وخفض الجناح حديث معاذ أوصيك بتقوى الله وصدق الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق و البيهقي في كتاب الزهد وأبو نعيم في الحلية ولم يقل البيهقي وخفض الجناح وإسناد ضعيف ، و قال أنس رضي الله عنه عرضت لنبي الله صلى الله عليه وسلم امرأة وقالت لي معك حاجة وكان معه ناس من أصحابه فقال اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك ففعلت فجلس إليها حتى قضت حاجتها حديث انس عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وقلت لي معك حاجة فقال اجلسي في أي نواحي السكك شئت أجلس إليك الحديث رواه مسلم ، وقال وهب بن منبه إن رجلا من بني إسرائيل صام سبعين سنة يفطر في كل سبعة أيام فسأل الله تعالى انه يريه كيف يغوي الشيطان الناس فلما طال عليه ذلك ولم يجب قال لو اطلعت على خطيئتي وذنبي بيني وبين ربي لكان خيرا لي من هذا الأمر الذي طلبته فأرسل الله إليه ملكا فقال له إن الله أرسلني إليك وهو يقول لك إن كلامك هذا الذي تكلمت به أحب إلي مما مضى من عبادتك وقد فتح الله بصرك فانظر فنظر فإذا جنود إبليس قد أحاطت بالأرض وإذا ليس أحد من الناس إلا و الشياطين حوله كالذئاب فقال أي رب من ينجو من هذا قال الورع اللين ، ومنها أن لا يعد مسلما بوعد إلا ويفي به قال صلى الله عليه وسلم العدة عطية حديث العدة عطية أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث فباث بن أشيم بسند ضعيف وقال العدة دين حديث العدة دين رواه الطبراني في معجميه الأوسط و الأصفر من حديث علي وابن مسعود بسند فيه جهالة ورواه أبو داود في المراسيل وقال ثلاث في المنافق إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان حديث ثلاث في المنافق إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا ائتمن خان متفق عليه من حديث أبي هريرة ونحوه وقال ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى حديث ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى رواه البخاري من حديث أبي هريرة وأصله متفق عليه ولفظ مسلم وان صام وصلى وزعم أنه مسلم وهذا ليس في البخاري وذكر ذلك ، ومنها أن ينصف الناس من نفسه ولا يأتي إليهم إلا بما يحب أن يؤتى إليه قال صلى الله عليه وسلم لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الانفاق من الإقتار و الإنصاف من نفسه وبذل السلام حديث لا يستكمل العبد الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال الإنفاق من الإقتار و الإنصاف من نفسه وبذل السلام أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عمار بن ياسر ووقفه البخاري عليه ، وقال عليه السلام من سره أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله وليؤت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه حديث من سره أن يزحزح عن النار فلتأته منيته وهو يشهد أن لا اله إلا الله وان محمدا رسول الله وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه أخرجه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص نحوه و الخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظه ، وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا الدرداء احسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا واحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما حديث يا أبا الدرداء احسن مجاورة من جاورك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف والمعروف أنه قاله لأبي هريرة وقد تقدم ، قال الحسن أوحى الله تعالى إلى آدم صلى الله عليه وسلم بأربع خصال وقال فيهن جماع الأمر لك ولولدك واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك وواحدة بينك وبين الخلق فأما التي لي تعبدني ولا تشرك بي شيئا وأما التي لك فعملك اجزيك به أفقر ما تكون إليه وأما التي بيني وبينك فعليك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بنيك وبين الناس فتصحبهم بالذي تحب أن يصحبوك به ، وسأل موسى عليه السلام الله تعالى فقال أي رب أي عبادك أعدل قال من أنصف من نفسه ومنها أن يزيد في توقير من تدل هيئته وثيابه على علو منزلته فينزل الناس منازلهم، روى أن عائشة رضي الله عنها كانت في سفر فنزلت منزلا فوضعت طعامها فجاء سائل فقالت عائشة ناولوا هذا المسكين قرصا ثم مر رجل على دابة فقالت ادعوه إلى الطعام فقيل لها تعطين المسكين وتدعين هذا الغني فقالت أن الله تعالى انزل الناس منازل لا بد لنا من أن ننزلهم تلك المنازل هذا المسكين يرضى بقرص وقبيح بنا أن نعطي هذا الغني على هذه الهيئة قرصا ، وروى انه صلى الله عليه وسلم دخل بعض بيوته فدخل عليه أصحابه حتى غص المجلس وامتلأ فجاء جرير بن عبد الله البجلي فلم يجد مكانا فقعد على الباب فلف رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه فألقاه إليه وقال له اجلس على هذا فأخذه جرير ووضعه على وجهه وجعل يقبله ويبكي ثم لفه ورمى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال ما كنت لأجلس على ثوبك أكرمك الله كما أكرمتني فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا ثم قال إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه حديث إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه وفي أوله قصته في قدوم جرير بن عبد الله أخرجه الحاكم من حديث جابر وقال صحيح الإسناد وتقدم في الزكاة مختصرا ، وكذلك كل من له عليه حق قديم فليكرمه روى أن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته جاءت إليه فبسط لها رداءه ثم قال لها مرحبا بأمي ثم أجلسها على الرداء ثم قال لها اشفعي تشفعي وسلي تعطي فقالت قومي فقال أما حقي وحق بني هاشم فهو ذلك فقام الناس من كل ناحية وقالوا وحقنا يا رسول الله ثم وصلها بعد وأخدمها ووهب لها سهمانه بحنين حديث إن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أرضعته جاءت إليه فبسط لها رداءه الحديث أخرجه أبو داود و الحاكم وصححه من حديث أبي الطفيل مختصرا في بسط ردائه لها دون ما بعده فبيع ذلك من عثمان بن عفان رضي الله عنه بمائة ألف درهم ولربما أتاه من يأتيه وهو على وسادة جالس ولا يكون فيها سعة يجلس معه فينزعها ويضعها تحت الذي يجلس إليه فإن أبى عزم عليه حتى يفعل حديث نزعه صلى الله عليه وسلم وسادته ووضعها تحت الذي يجلس إليه أخرجه احمد من حديث ابن عمرو انه دخل عليه صلى الله عليه وسلم فألقى إليه وسادة من أدم حشوها ليف الحديث وإسناده صحيح و للطبراني من حديث سلمان دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متكئ على وسادة فألقاه إلى الحديث وسنده ضعيف قال صاحب الميزان هذا خبر ساقط ، ومنها أن يصلح ذات البين بين المسلمين مهما وجد إليه سبيلا قال صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة و الصيام و الصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة حديث ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة قالوا بلى قال إصلاح ذات البين وفساد ذات البين هي الحالقة رواه أبو داود و الترمذي وصححه من حديث أبي الدرداء ، وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة إصلاح ذات البين حديث أفضل الصدقة إصلاح ذات البين أخرجه الطبراني في الكبير و الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث عبد الله بن عمرو وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي ضعفه الجمهور ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه انس رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله بأبي أنت وأمي ما الذي أضحك قال رجلان من أمتي جثيا بين يدي رب العزة فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا فقال الله تعالى رد على أخيك مظلمته فقال يا رب لم يبق لي من حسناتي شيء فقال الله تعالى للطالب كيف تصنع بأخيك ولم يبق له من حسناته شيء فقال يا رب فليحمل عني من أوزاري ثم فاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبكاء فقال إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس فيه إلى أن يحمل عنهم من أوزارهم قال فيقول الله تعالى أي للمتظلم ارفع بصرك فانظر في الجنان فقال يا رب أرى مدائن من فضة وقصورا من ذهب مكللة باللؤلؤ لأي نبي هذا أو لأي صديق أو لأي شهيد قال الله تعالى هذا لمن أعطى الثمن قال يا رب ومن يملك ذلك قال أنت تملكه قال بماذا يا رب قال بعفوك عن أخيك قال يا رب قد عفوت عنه فيقول الله تعالى خذ بيد أخيك فأدخله الجنة ثم قال صلى الله عليه وسلم اتقوا واصلحوا ذات بينكم فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة حديث انس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وامي ما الذي أضحك قال رجلان من أمتي جيثا بين يدي الله عز وجل فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق و الحاكم وقال صحيح الإسناد وكذا أبو يعلى الموصلي خرجه بطول وضعفه البخاري وابن حبان ، وقد قال صلى الله عليه وسلم ليس بكذاب من أصلح بين اثنين فقال خيرا حديث ليس بكذاب من أصلح بين اثنين فقال خيرا أو نمى خيرا متفق عليه من حديث أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهذا يدل على وجوب الإصلاح بين الناس لأن ترك الكذب واجب ولا يسقط الواجب إلا بواجب آكد منه قال صلى الله عليه وسلم كل الكذب مكتوب إلا أن يكذب الرجل في الحرب حديث كل الكذب مكتوب إلا أن يكذب الرجل في الحرب الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث النواس بن سمعان وفيه انقطاع وضعف ولمسلم نحوه من حديث أم كلثوم بنت عقبة فإن الحرب خدعة أو يكذب بين اثنين فيصلح بينهما أو يكذب لامرأته ليرضيها ، ومنها أن يستر عورات المسلمين كلهم قال صلى الله عليه وسلم من ستر على مسلم ستره الله تعالى في الدنيا والآخرة حديث من ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وللشيخين من حديث ابن عمر من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة وقال لا يستر عبد عبدا إلا ستره الله يوم القيامة حديث لا يستر عبد عبدا إلا ستره الله يوم القيامة رواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا ، وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم لا يرى المؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه إلا دخل الجنة حديث أبي سعيد الخدري لا يرى امرؤ من أخيه عورة فيسترها عليه إلا دخل الجنة رواه الطبراني في الأوسط والصغير والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له بسند ضعيف ، وقال صلى الله عليه وسلم لماعز لما أخبره لو سترته بثوبك كان خيرا لك حديث لو سترته بثوبك كان خيرا لك رواه أبو داود والنسائي من حديث نعيم بن هزال والحاكم من حديث هزال نفسه وقال صحيح الإسناد ونعيم مختلف في صحبته فإذن على المسلم أن يستر عورة نفسه فحق إسلامه واجب عليه كحق إسلام غيره قال أبو بكر رضي الله عنه لو وجدت شاربا لأحببت أن يستره الله ولو وجدت سارقا لأحببت أن يستره الله وروى أن عمر رضي الله عنه كان يعس بالمدينة ذات ليلة فرأى رجلا وامرأة على فاحشة فلما أصبح قال للناس أرأيتم لو أن إماما رأى رجلا وامرأة على فاحشة فأقام عليهما الحد ما كنتم فاعلين قالوا إنما أنت إمام فقال علي رضي الله عنه ليس ذلك لك إذا يقام عليك الحد إن الله لم يأمن على هذا الأمر أقل من أربعة شهود ثم تركهم ما شاء الله أن يتركهم ثم سألهم فقال القوم مقالتهم الأولى فقال علي رضي الله عنه مثل مقالته الأولى وهذا يشير إلى أن عمر رضي الله عنه كان مترددا في أن الوالي هل له أن يقضي بعلمه في حدود الله فلذلك راجعهم في معرض التقدير لا في معرض الإخبار خيفة من أن لا يكون له ذلك فيكون قاذفا بإخباره ومال رأى علي إلى أنه ليس له ذلك وهذا من أعظم الأدلة على طلب الشرع لستر الفواحش فإن أفحشها الزنا وقد نيط بأربعة من العدول يشاهدون ذلك منه في ذلك منها كالمرود في المكحلة وهذا قط لا يتفق وإن علمه القاضي تحقيقا لم يكن له أن يكشف عنه فانظر إلى الحكمة في حسم باب الفاحشة بإيجاب الرجم الذي هو أعظم العقوبات ثم انظر إلى كثيف ستر الله كيف أسبله على العصاة من خلقه بتضييق الطريق في كشفه فنرجو أن لا نحرم هذا الكرم يوم تبلى السرائر ففي الحديث إن الله إذا ستر على عبد عورته في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها في الآخرة وإن كشفها في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفها مرة أخرى حديث إن الله إذا ستر على عبده عورة في الدنيا فهو أكرم من أن يكشفه في الآخرة الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث علي من أذنب ذنبا في الدنيا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يرجع في شيء قد عفا عنه ومن أذنب ذنبا في الدنيا فعوقب عليه فالله أعدل من أن يثني العقوبة على عبده لفظ الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولمسلم من حديث أبي هريرة لا ستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره يوم القيامة ، وعن عبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنه قال خرجت مع عمر رضي الله عنه ليلة في المدينة فبينما نحن نمشي إذ ظهر لنا سراج فانطلقنا نؤمه فلما دنونا منه إذا باب مغلق على قوم لهم أصوات ولغط فأخذ عمر بيدي وقال أتدري بيت من هذا قلت لا فقال هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب فما ترى قلت أرى أنا قد أتينا ما نهانا الله عنه قال الله تعالى ولا تجسسوا فرجع عمر رضي الله عنه وتركهم وهذا يدل على وجوب الستر وترك التتبع، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاوية إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم حديث إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم قاله لمعاوية أخرجه أبو داود بإسناد صحيح من حديث معاوية ، وقال صلى الله عليه وسلم يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه ولو كان في جوف بيته حديث يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم الحديث أخرجه أبو داود من حديث أبي برزة بإسناد جيد وللترمذي من حديث ابن عمر وحسنه ، وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لو رأيت أحدا على حد من حدود الله تعالى ما أخذته ولا دعوت له أحدا حتى يكون معي غيري ، وقال بعضهم كنت قاعدا مع عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إذ جاءه رجل بآخر فقال هذا نشوان فقال عبد الله بن مسعود استنكهوه فاستنكهوه فوجده نشوانا فحبسه حتى ذهب سكره ثم دعا بسوط فكسر ثمره ثم قال للجلاد اجلد وارفع يدك وأعط كل عضو حقه فجلده وعليه قباء أو مرط فلما فرغ قال للذي جاء به ما أنت منه قال عمه قال عبد الله ما أدبت فأحسنت الأدب ولا سترت الحرمة إنه ينبغي للإمام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه وإن الله عفو يحب العفو ثم قرأ وليعفوا وليصفحوا ثم قال إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقطعه فكأنما أسف وجهه فقالوا يا رسول الله كأنك كرهت قطعه فقال وما يمنعني لا تكونوا عونا للشياطين على أخيكم فقالوا ألا عفوت عنه فقال إنه ينبغي للسلطان إذا انتهى إليه حد أن يقيمه إن الله عفو يجب العفو وقرأ وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم حديث ابن مسعود إني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فقطعه فكأنما أسف وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد وللخرائطي في مكارم الأخلاق فكأنما سفي في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رماد الحديث وفي رواية فكأنما سفي في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم رماد لشدة تغيره ، وروي أن عمر رضي الله عنه كان يعس بالمدينة من الليل فسمع صوت رجل في بيت يتغنى فتسور عليه فوجده عنده امرأة وعنده خمر فقال يا عدو الله أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته فقال وأنت يا أمير المؤمنين فلا تعجل فإن كنت قد عصيت الله واحدة فقد عصيت الله في ثلاثا قال الله تعالى ولا تجسسوا وقد تجسست وقال الله تعالى وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها وقد تسورت علي وقد قال الله تعالى لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآية وقد دخلت بيتي بغير إذن ولا سلام فقال عمر رضي الله عنه هل عندك من خير إن عفوت عنك قال نعم والله يا أمير المؤمنين لئن عفوت عني لا أعود إلى مثلها أبدا فعفا عنه وخرج وتركه ،
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 10:55 am | |
| وقال رجل لعبد الله بن عمر يا أبا عبد الرحمن كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة قال سمعته يقول إن الله ليدنى منه المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس فيقول أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا فيقول نعم يارب حتى إذا قرره بذنوبه فرأى في نفسه أنه قد هلك قال له يا عبدي إني لم أسترها عليك في الدنيا إلا وأنا أريد أن أغفرها لك اليوم فيعطى كتاب حسناته وأما الكافرون والمنافقون فتقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين حديث ابن عمر إن الله عز وجل ليدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس فيقول أتعرف ذنب كذا الحديث متفق عليه ، وقال صلى الله عليه وسلم كل أمتي معافى إلا المجاهرين حديث كل أمتي معافى إلا المجاهرين الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة ،وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل السوء سرا ثم يخبر به ، وقال صلى الله عليه وسلم من استمع خبر قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك يوم القيامة حديث من استمع من قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة رواه البخاري من حديث ابن عباس مرفوعا وموقوفا عليه وعلى أبي هريرة أيضا ، ومنها أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم عن العيبة فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكا قال الله تعالى ولا تسبوا الذي يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ، وقال صلى الله عليه وسلم كيف ترون من يسب أبويه فقالوا وهل من أحد يسب أبويه فقال نعم يسب أبوي غيره فيسبون أبويه حديث كيف ترون من سب أبويه فقالوا وهل من أحد يسب أبويه الحديث متفق عليه من حديث عبد الله بن عمرو ونحوه ، وقد روى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا فلان هذه زوجتي صفية فقال يا رسول الله من كنت أظن فيه فإني لم أكن أظن فيك فقال إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلم إحدى نسائه فمر به رجل فدعاه فقال يا فلان هذه زوجتي فلانة الحديث وفيه إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم رواه مسلم وزاد في رواية إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا وكانا رجلين فقال على رسلكما إنها صفية الحديث حديث إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا وقال على رسلكما إنها صفية متفق عليه من حديث صفية وكانت قد زارته في العشر الأواخر من رمضان، وقال عمر رضي الله عنه من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من أساء به الظن ومر برجل يكلم امرأة على ظهر الطريق فعلاه بالدرة فقال يا أمير المؤمنين إنها امرأتي فقال هلا حيث لا يراك أحد من الناس ،
ومنها أن يشفع لكل من له حاجة من المسلمين إلى من له عنده منزلة ويسعى في قضاء حاجته بما يقدر عليه قال صلى الله عليه وسلم إني أوتى وأسأل وتطلب إلي الحاجة وأنتم عندي فاشفعوا لتؤجروا ويقضي الله على يدي نبيه ما أحب حديث إني أوتى وأسأل وتطلب إلي الحاجة وأنتم عندي فاشفعوا لتؤجروا الحديث متفق عليه من حديث أبي موسى نحوه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشفعوا إلي لتؤجروا إني أريد الأمر وأؤخره كي تشفعوا إلي فتؤجروا، وقال صلى الله عليه وسلم ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان قيل وكيف ذلك قال الشفاعة يحقن بها الدم وتجر بها المنفعة إلى آخر ويدفع بها المكروه عن آخر حديث ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له في الكبير من حديث سمرة بن جندب ضعيف ، وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه خلفها وهو يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال صلى الله عليه وسلم للعباس ألا تعجب من شدة حب مغيث لبريرة وشدة بغضها له فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو راجعته فإنه أبو ولدك فقالت يا رسول الله أتأمرني فأفعل فقال لا إنما أنا شافع حديث عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا يقال له مغيث كأني أنظر إليه خلفها يبكي الحديث رواه البخاري ،
ومنها أن يبدأ كل مسلم منهم بالسلام قبل الكلام ويصافحه عند السلام قال صلى الله عليه وسلم من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه حتى يبدأ بالسلام حديث من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في اليوم والليلة واللفظ له من حديث ابن عمر بسند فيه لين وقال بعضهم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أسلم ولم أستأذن فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل حديث دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أسلم ولم أستأذن فقال صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أأدخل أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث كلدة بن الحنبل وهو صاحب القصة ، وروى جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها فإن الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته حديث جابر إذا دخلتم بيوتكم فسلموا على أهلها فإن الشيطان إذا سلم أحدكم لم يدخل بيته أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وفيه ضعف ، وقال أنس رضي الله عنه خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ثمان حجج فقال لي يا أنس أسبغ الوضوء يزد في عمرك وسلم على من لقيته من أمتي تكثر حسناتك وإذا دخلت منزلك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك حديث أنس خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ثماني حجج فقال لي يا أنس أسبغ الوضوء يزد من عمرك وسلم على من لقيته من أمتي تكثر حسناتك وإذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبيهقي في الشعب وإسناده ضعيف وللترمذي وصححه إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك ، وقال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المؤمنان فتصافحا قسمت بينهما سبعون مغفرة تسع وستون لأحسنهما بشرا ، وقال تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ، وقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على عمل إذا عملتموه تحاببتم قالوا بلى يا رسول الله قال أفشوا السلام بينكم حديث والذي نفسي بيده لا تدخلو الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ، وقال أيضا إذا سلم المسلم على المسلم فرد عليه صلت عليه الملائكة سبعين مرة حديث إذا سلم المسلم على المسلم فرد عليه صلت عليه الملائكة سبعين مرة ذكره صاحب الفردوس من حديث أبي هريرة ولم يسنده ولده في المسند ، وقال صلى الله عليه وسلم إن الملائكة تعجب من المسلم يمر على المسلم ولا يسلم عليه حديث الملائكة تعجب من المسلم يمر على المسلم فلا يسلم عليه لم أقف له على أصل ، وقال صلى الله عليه وسلم يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم حديث يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم من القوم أحد أجزأ عنهم رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم مرسلا ، ولأبي داود من حديث علي يجزي عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزي عن الجلوس أن يرد أحدهم وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة يسلم الراكب على الماشي الحديث وسيأتي في بقية الباب ، وقال قتادة كانت تحية من كان قبلكم السجود فأعطى الله تعالى هذه الأمة السلام وهي تحية أهل الجنة ، وكان أبو مسلم الخولاني يمر على قوم فلا يسلم عليهم ويقول ما يمنعني إلا أني أخشى أن لا يردوا فتلعنهم الملائكة ، والمصافحة أيضا سنة مع السلام وجاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم فقال عليه السلام عشر حسنات فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فجاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حديث جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال سلام عليك فقال صلى الله عليه وسلم عشر حسنات الحديث أخرجه أبو داود والترمذي من حديث عمران ابن حصين قال الترمذي حسن غريب وقال البيهقي في الشعب إسناده حسن ، وكان أنس رضي الله عنه يمر على الصبيان فيسلم عليهم حديث أنس كان يمر على الصبيان فيسلم عليهم ورفعه متفق عليه ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك ، وروى عبد الحميد ابن بهرام أنه صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما وعصبة من الناس قعود فأومأ بيده بالسلام وأشار عبد الحميد بيده إلى الحكاية حديث عبد الحميد بن بهرام أنه صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما وعصبة من الناس قعود فألوى بيده بالتسليم وأشار عبد الحميد بيده أخرجه الترمذي من رواية عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد وقال حسن وابن ماجه من رواية ابن أبي حسين عن شهر ورواه أبو داود وقال أحمد لا بأس به فقال صلى الله عليه وسلم لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام وإذا لقيتم أحدهم في الطريق فاضطروه إلى أضيقه حديث لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام الحديث رواه مسلم من حديث أبي هريرة ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصافحوا أهل الذمة ولا تبدءوهم بالسلام فإذا لقيتموهم في الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطرق ، قالت عائشة رضي الله عنها إن رهطا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليكم قالت عائشة رضي الله عنها فقلت بل عليكم السام واللعنة فقال عليه السلام يا عائشة إن الله يحب الرفق في كل شيء قالت عائشة ألم تسمع ما قالوا قال فقد قلت عليكم حديث عائشة إن رهطا من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك الحديث متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير حديث يسلم الراكب على الماشي و الماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير متفق عليه من حديث أبي هريرة ولم يقل مسلم والصغير على الكبير ، وقال صلى الله عليه وسلم لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود بالإشارة بالأصابع وتسليم النصارى بالإشارة بالأكف حديث لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف أخرجه الترمذي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال إسناده ضعيف قال أبو عيسى إسناده ضعيف ، وقال صلى الله عليه وسلم إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الأخيرة حديث إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الأخيرة أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة ، وقال أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقى المؤمنان فتصافحا قسمت بينهما سبعون مغفرة تسعة وستون لأحسنهما بشرا حديث أنس إذا التقى المسلمان فتصافحا قسمت بينهما سبعون رحمة الحديث أخرجه الخرائطي بسند ضعيف وللطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة مائة رحمة تسعة وتسعون لأبشهما وأطلقهما وأبرهما وأحسنهما مسالمة لأخيه وفيه الحسن بن كثير بن يحيى بن أبي كثير مجهول ، وقال عمر رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا التقى المسلمان وسلم كل واحد منهما على صاحبه وتصافحا نزلت بينهما مائة رحمة للبادئ تسعون وللمصافح عشرة حديث عمر بن الخطاب إذا التقى المسلمان فسلم كل واحد على صاحبه وتصافحا نزلت بينهما مائة رحمة الحديث أخرجه البزار في مسنده والخرائطي في مكارم الأخلاق واللفظ له والبيهقي في الشعب وفي إسناده نظر ، وقال الحسن المصافحة تزيد في الود وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمام تحياتكم المصافحة حديث أبي هريرة تمام تحياتكم بينكم المصافحة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وهو عند الترمذي من حديث أبي أمامة وضعفه وقال صلى الله عليه وسلم قبلة المسلم أخاه المصافحة حديث قبلة المسلم أخاه المصافحة أخرجه الخرائطي وابن عدي من حديث أنس وقال غير محفوظ ولا بأس بقبلة يد المعظم في الدين تبركا به وتوقيرا له ، وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قبلنا يد النبي صلى الله عليه وسلم حديث ابن عمر قبلنا يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود بسند حسن ، وعن كعب بن مالك قال لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده حديث كعب بن مالك لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده أخرجه أبو بكر بن المقري في كتاب الرخصة في تقبيل اليد بسند ضعيف، وروي أن أعرابيا قال يا رسول الله ائذن لي فأقبل رأسك ويدك قال فأذن له ففعل حديث أن أعرابيا قال يا رسول الله ائذن لي فأقبل رأسك ويدك فأذن له ففعل أخرجه الحاكم من حديث بريدة إلا أنه قال رجليك موضع يدك وقال صحيح الإسناد ، ولقي أبو عبيدة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فصافحه وقبل يده وتنحيا يبكيان ، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه فرد عليه ومد يده إليه فصافحه فقال يا رسول الله ما كنت أرى هذا إلا من أخلاق الأعاجم فقال رسول صلى الله عليه وسلم الله إن المسلمين إذا التقيا فتصافحا تحاتت ذنوبهما حديث البراء بن عازب أنه سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد عليه حتى فرغ من وضوئه ومد يده إليه فصافحه الحديث رواه الخرائطي بسند ضعيف وهو عند أبي داود والترمذي وابن ماجه مختصرا ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا قال الترمذي حسن غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب أو قال وأفضل حديث إذا مر الرجل بالقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن لم يردوا عليه رد عليه ملأ خير منهم وأطيب أخرجه الخرائطي والبيهقي في الشعب من حديث ابن مسعود مرفوعا وضعف البيهقي المرفوع ورواه موقوفا عليه بسند صحيح ، والانحناء عند السلام منهي عنه قال أنس رضي الله عنه قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض قال لا قال فيقبل بعضنا بعضا قال لا قال فيصافح بعضنا بعضا قال نعم حديث أنس قلنا يا رسول الله أينحني بعضنا لبعض قال لا الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه وضعفه أحمد والبيهقي ، والالتزام والتقبيل قد ورد به الخبر عند القدوم من السفر حديث الالتزام والتقبيل عند القدوم من السفر أخرجه الترمذي من حديث عائشة قالت قدم زيد بن حارثة الحديث وفيه فاعتنقه وقبله وقال حسن غريب ، وقال أبو ذر رضي الله عنه ما لقيته صلى الله عليه وسلم إلا صافحني وطلبني يوما فلم أكن في البيت فلما أخبرت جئت وهو على سرير فالتزمني فكانت أجود وأجود حديث أبي ذر ما لقيته صلى الله عليه وسلم إلا صافحني الحديث أخرجه أبو داود وفيه رجل من عزة لم يسم وسماه البيهقي في الشعب عبد الله والأخذ بالركاب في توقير العلماء ورد به الأثر فعل ابن عباس ذلك بركاب زيد بن ثابت حديث أخذ ابن عباس بركاب زيد بن ثابت تقدم في العلم وأخذ عمر يغرز زيد حتى رفعه وقال هكذا فافعلوا بزيد وأصحاب زيد والقيام مكروه على سبيل الإعظام لا على سبيل الإكرام قال أنس ما كان شخص أحب إلينا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك حديث أنس ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح ، وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال مرة إذا رأيتموني فلا تقوموا كما تصنع الأعاجم حديث إذا رأيتموني فلا تقوموا كما يصنع الأعاجم أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي أمامة وقال كما يقوم الأعاجم وفيه أبو العديس مجهول ، وقال صلى الله عليه وسلم من سره أن يمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار حديث من سره أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار أخرجه أبو داود والترمذي من حديث معاوية وقال حسن ، وقال صلى الله عليه وسلم لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا حديث لا يقم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن توسعوا وتفسحوا متفق عليه من حديث ابن عمر وكانوا يحترزون عن ذلك لهذا النهي ، وقال صلى الله عليه وسلم إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا أحد أخاه فأوسع له فليأته فإنما هي كرامة أكرمه بها أخوه فإن لم يوسع له فلينظر إلى أوسع مكان يجده فيجلس فيه حديث إذا أخذ القوم مجالسهم فإن دعا رجل أخاه فأوسع يعني له فليجلس فإنه كرامة من الله عز وجل الحديث أخرجه البغوي في معجم الصحابة من حديث ابن شيبة ورجاله ثقات وابن شيبة هذا ذكره أبو موسى المديني في ذيله في الصحابة وقد رواه الطبراني في الكبير من رواية مصعب بن شيبة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أخصر منه وشيبة بن جبير والد منصور ليست له صحبة ، وروي أنه سلم رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يجب حديث أن رجلا سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبول فلم يجب أخرجه مسلم من حديث ابن عمر بلفظ فلم يرد عليه فيكره السلام على من يقضي حاجته ويكره أن يقول ابتداء عليك السلام فإنه قاله رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم إن عليك السلام تحية الموتى قالها ثلاثا ثم قال إذا لقي أحدكم أخاه فليقل السلام عليكم ورحمة الله حديث قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليك السلام فقال إن عليك السلام تحية الميت الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في اليوم والليلة من حديث ابن جري الهجيمي وهو صاحب القصة قال الترمذي حسن صحيح ،
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 10:56 am | |
| ويستحب للداخل إذا سلم ولم يجد مجلسا أن لا ينصرف بل يقعد وراء الصف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فوجد فرجة فجلس فيها وأما الثاني فجلس خلفهم وأما الثالث فأدبر ذاهبا فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم عن النفر الثلاثة أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه حديث كان صلى الله عليه وسلم جالسا في المسجد إذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أحدهما فوجد فرجة فجلس فيها الحديث متفق عليه من حديث أبي واقد الليثي ، وقال صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا حديث ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث البراء بن عازب ، وسلمت أم هانئ على النبي صلى الله عليه وسلم فقال من هذه فقيل له أم هانئ فقال صلى الله عليه وسلم مرحبا بأم هانئ حديث سلمت أم هانئ عليه قال مرحبا بأم هانئ أخرجه مسلم من حديث أم هانئ ،
ومنها أن يصون عرض أخيه المسلم ونفسه وماله عن ظلم غيره مهما قدر ويرد عنه ويناضل دونه وينصره فإن ذلك يجب عليه بمقتضى أخوة الإسلام روى أبو الدرداء أن رجلا نال من رجل عند رسول الله فرد عنه رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار حديث أبي الدرداء من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار أخرجه الترمذي وحسنه ، وقال صلى الله عليه وسلم ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة حديث ما من امرئ مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة أخرجه أحمد من حديث أسماء بنت يزيد بنحوه والخرائطي في مكارم الأخلاق وهو عند الطبراني بهذا اللفظ من حديث أبي الدرداء وفيهما شهر بن حوشب ، وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذكر عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فلم ينصره أذله الله بها في الدنيا والآخرة ومن ذكر عنده أخوه المسلم فنصره نصره الله تعالى في الدنيا والآخرة حديث أنس من ذكر عنده أخوه المسلم وهو يستطيع نصره فلم ينصره ولو بكلمة أذله الله عز وجل بها في الدنيا والآخرة الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت مقتصرا على ما ذكر منه وإسناده ضعيف ، وقال صلى الله عليه وسلم من حمى عن عرض أخيه المسلم في الدنيا بعث الله تعالى له ملكا يحميه يوم القيامة من النار حديث من حمى عرض أخيه المسلم في الدنيا بعث الله له ملكا يحميه يوم القيامة من النار أخرجه أبو داود من حديث معاذ بن أنس نحوه بسند ضعيف، وقال جابر وأبو طلحة سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرئ مسلم ينصر مسلما في موضع ينتهك فيه عرضه ويستحل حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصره وما من امرئ خذل مسلما في موطن ينتهك فيه حرمته إلا خذله الله في موضع يحب فيه نصرته حديث جابر وأبي طلحة ما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتهك فيه من عرضه ويستحل حرمته الحديث أخرجه أبو داود مع تقديم وتأخير واختلف في إسناده ،
ومنها تشميت العاطس قال صلى الله عليه وسلم في العاطس يقول الحمد لله على كل حال ويقول الذي يشمته يرحمكم الله ويرد عليه العاطس فيقول يهديكم الله ويصلح بالكم حديث يقول العاطس الحمد لله على كل حال ويقول الذي يشمته يرحمك الله ويقول هو يهديكم الله ويصلح بالكم أخرجه البخاري وأبو داود من حديث أبي هريرة ولم يقل البخاري على كل حال ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا يقول إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين فإذا قال ذلك فليقل من عنده يرحمك الله فإذا قالوا ذلك فليقل يغفر الله لي ولكم حديث أبي مسعود إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين الحديث أخرجه النسائي في اليوم والليلة وقال حديث منكر ورواه أيضا أبو داود والترمذي من حديث سالم بن عبد الله واختلف في إسناده ، وشمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاطسا ولم يشمت آخر فسأله عن ذلك فقال إنه حمد الله وأنت سكت حديث شمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاطسا ولم يشمت آخر فسأله عن ذلك فقال إنه حمد الله وأنت سكت متفق عليه من حديث أنس ، وقال صلى الله عليه وسلم يشمت العاطس المسلم إذا عطس ثلاثا فإن زاد فهو زكام حديث شمتوا المسلم إذا عطس ثلاثا فإن زاد فهو زكام أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة شمت أخاك ثلاثا الحديث وإسناده جيد وروي أنه شمت عاطسا ثلاثا فعطس أخرى فقال إنك مزكوم حديث أنه شمت عاطسا فعطس أخرى فقال إنك مزكوم أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع ، وقال أبو هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس غض صوته واستتر بثوبه أو يده حديث أبي هريرة كان إذا عطس غض صوته وستر بثوبه أو يده أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وفي رواية لأبي نعيم في اليوم والليلة خمر وجهه وفاه وروي خمر وجهه وقال أبو موسى الأشعري كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله حديث أبي موسى كان اليهود يتعاطسون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح وروى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن رجلا عطس خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يرضى ربنا ويرضى والحمد لله على كل حال فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال من صاحب الكلمات فقال أنا يا رسول الله ما أردت بهن إلا خيرا فقال لقد رأيت اثنى عشر ملكا كلهم يبتدرونها أيهم يكتبها حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أن رجلا عطس خلف النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فقال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه الحديث أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه وإسناده جيد وقال صلى الله عليه وسلم من عطس عنده فسبق إلى الحمد لم يشتك خاصرته حديث من عطس عنده فسبق إلى الحمد لم يشتك خاصرته أخرجه الطبراني في الأوسط وفي الدعاء من حديث علي بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليضع يده على فيه فإذا قال ها ها فإن الشيطان يضحك من جوفه حديث العطاس من الله والتثاؤب من الشيطان الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة دون قوله العطاس من الله فرواه الترمذي وحسنه والنسائي في اليوم والليلة وقال البخاري إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب الحديث وقال إبراهيم النخعي إذا عطس في قضاء الحاجة فلا بأس بأن يذكر الله وقال الحسن يحمد الله في نفسه وقال كعب قال موسى عليه السلام يا رب أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك فقال أنا جليس من ذكرني فقال فإنا نكون على حال نجلك أن نذكرك عليها كالجنابة والغائط فقال اذكرني على كل حال ومنها أنه إذا بلى بذي شر فينبغي أن يتحمله ويتقيه قال بعضهم خالص المؤمن مخالصة وخالق الفاجر مخالفة فإن الفاجر يرضى بالخلق الحسن في الظاهر وقال أبو الدرداء إنا لنبش في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم وهذا معنى المداراة وهي مع من يخاف شره قال الله تعالى ادفع بالتي هي أحسن السيئة قال ابن عباس في معنى قوله ويدرءون بالحسنة السيئة أي الفحش والأذى بالسلام والمداراة وقال في قوله تعالى ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض قال بالرغبة والرهبة والحياء والمداراة وقالت عائشة رضي الله عنها استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ائذنوا له فبئس رجل العشيرة هو فلما دخل ألان له القول حتى أن له عنده منزلة فلما خرج قلت له لما دخل قلت الذي قلت ثم ألنت له القول فقال يا عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه حديث عائشة استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ائذنوا له فبئس رجل العشيرة الحديث متفق عليه وفي الخبر ما وقى الرجل به عرضه فهو له صدقة حديث ما وقى المرء به عرضه فهو له صدقة أخرجه أبو يعلى وابن عدي من حديث جابر وضعفه وفي الأثر خالطوا الناس بأعمالكم وزايلوهم بالقلوب وقال محمد بن الحنفية رضي الله عنه ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد من معاشرته بدا حتى يجعل الله له منه فرجا ومنها أن يجتنب مخالطة الأغنياء ويختلط بالمساكين ويحسن إلى الأيتام كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين حديث اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين أخرجه ابن ماجه والحاكم وصححه من حديث أبي سعيد والترمذي من حديث عائشة وقال غريب وقال كعب الأحبار كان سليمان عليه السلام في ملكه إذا دخل المسجد فرأى مسكينا جلس إليه وقال مسكين جالس مسكينا وقيل ما كان من كلمة تقال لعيسى عليه السلام أحب إليه من أن يقال له يا مسكين وقال كعب الأحبار ما في القرآن من يا أيها الذين آمنوا فهو في التوراة يا أيها المساكين وقال عبادة بن الصامت إن للنار سبعة أبواب ثلاثة للأغنياء وثلاثة للنساء وواحد للفقراء والمساكين وقال الفضيل بلغني أن نبيا من الأنبياء قال يا رب كيف لي أن أعلم رضاك عني قال انظر كيف رضا المساكين عنك وقال صلى الله عليه وسلم إياكم ومجالسة الموتى قيل ومن الموتى يا رسول الله قال الأغنياء حديث إياكم ومجالسة الموتى قيل وما الموتى قال الأغنياء أخرجه الترمذي وضعفه والحاكم وصحح إسناده من حديث عائشة إياك ومجالسة الأغنياء وقال موسى إلهي أين أبغيك قال عند المكسره قلوبهم وقال صلى الله عليه وسلم لا تغبطن فاجرا بنعمة فإنك لا تدري إلى ما يصير بعد الموت فإن من ورائه طالبا حثيثا حديث لا تغبطن فاجرا بنعمة الحديث رواه البخاري في التاريخ والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وأما اليتيم فقال صلى الله عليه وسلم من ضم يتيما من أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة ألبتة حديث من ضم يتيما من أبوين مسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة ألبتة أخرجه أحمد والطبراني من حديث مالك بن عمر وفيه علي بن زيد بن جدعان متكلم فيه وقال صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وهو يشير بأصبعيه حديث أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة أخرجه البخاري من حديث سهل بن سعد ومسلم من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم من وضع يده على رأس يتيم ترحما كانت له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة حديث من وضع يده على رأس يتيم ترحما كانت له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة أخرجه أحمد والطبراني بإسناد ضعيف من حديث أبي أمامة دون قوله ترحما ولابن حبان في الضعفاء من حديث ابن أبي أوفى من مسح يده على رأس يتيم رحمه له الحديث وقال صلى الله عليه وسلم خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه حديث خير بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت من المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة وفيه ضعف ومنها النصيحة لكل مسلم والجهد في إدخال السرور على قلبه قال صلى الله عليه وسلم المؤمن يحب للمؤمن كما يحب لنفسه حديث المؤمن يحب للمؤمن ما يحب لنفسه تقدم بلفظ لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ولم أره بهذا اللفظ وقال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه وقال صلى الله عليه وسلم إن أحدكم مرآة أخيه فإذا رأى فيه شيئا فليمطه عنه حديث إن أحدكم مرآة أخيه الحديث رواه أبو داود والترمذي وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم من قضى حاجة لأخيه فكأنما خدم الله عمره حديث من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره أخرجه البخاري في التاريخ والطبراني والخرائطي كلاهما في مكارم الأخلاق من حديث أنس بسند ضعيف مرسلا وقال صلى الله عليه وسلم من أقر عين مؤمن أقر الله عينه يوم القيامة وقال صلى الله عليه وسلم من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيرا له من اعتكاف شهرين حديث من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيرا له من اعتكاف شهرين أخرجه الحاكم وصححه من حديث ابن عباس لأن يمشي أحدكم مع أخيه في قضاء حاجته وأشار بأصبعه أفضل من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرين وللطبراني في الأوسط من مشى في حاجة أخيه كان خيرا له من اعتكافه عشر سنين وكلاهما ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم من فرج عن مؤمن مغموم أو أعان مظلوما غفر الله له ثلاثا وسبعين مغفرة حديث من فرج عن مغموم أو أعان مظلوما غفر الله له ثلاثا وسبعين مغفرة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن حبان في الضعفاء وابن عدي من حديث أنس بلفظ من أغاث ملهوفا وقال صلى الله عليه وسلم انصر أخاك ظالما أو مظلوما فقيل كيف ينصره ظالما قال يمنعه من الظلم حديث انصر أخاك ظالما أو مظلوما الحديث متفق عليه من حديث أنس وقد تقدم وقال صلى الله عليه وسلم إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على قلب المؤمن أو أن يفرج عنه غما أو يقضي عنه دينا أو يطعمه من جوع حديث إن من أحب الأعمال إلى الله إدخال السرور على المؤمن الحديث أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط من حديث ابن عمر بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم من حمى مؤمنا من منافق يعنته بعث الله إليه ملكا يوم القيامة يحمي لحمه من نار جهنم وقال صلى الله عليه وسلم خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر الشرك بالله والضر لعباد الله وخصلتان ليس فوقهما شيء من البر الإيمان بالله والنفع لعباد الله حديث خصلتان ليس فوقهما شيء من الشر الشرك بالله والضر بعباد الله الحديث ذكره صاحب الفردوس من حديث علي ولم يسنده ولده في مسنده وقال صلى الله عليه وسلم من لم يهتم للمسلمين فليس منهم حديث من لم يهتم للمسلمين فليس منهم أخرجه الحاكم من حديث حذيفة والطبراني في الأوسط من حديث أبي ذر وكلاهما ضعيف وقال معروف الكرخي من قال كل يوم اللهم أرحم أمة محمد كتبه الله من الأبدال وفي رواية أخرى اللهم أصلح أمة محمد اللهم فرج عن أمة محمد كل يوم ثلاث مرات كتبه الله من الأبدال وبكى علي بن الفضيل يوما فقيل له ما يبكيك قال أبكي على من ظلمني إذا وقف غدا بين يدي الله تعالى وسئل عن ظلمه ولم تكن له حجة ومنها أن يعود مرضاهم فالمعرفة والإسلام كافيان في إثبات هذا الحق ونيل فضله وأدب العائد خفة الجلسة وقلة السؤال وإظهار الرقة والدعاء بالعافية وغض البصر عن عورات الموضع وعند الاستئذان لا يقابل الباب ويدق برفق ولا يقول أنا إذا قيل له من ولا يقول يا غلام ولكن يحمد ويسبح وقال صلى الله عليه وسلم تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على جبهته أو على يده ويسأله كيف هو وتمام تحياتكم المصافحة وقال صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا قعد في مخارف الجنة حتى إذا قام وكل به سبعون ألف ملك يصلون عليه حتى الليل حديث من عاد مريضا قعد في مخارف الجنة الحديث أخرجه أصحاب السنن والحاكم من حديث علي من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي وإن كان مساء الحديث لفظ ابن ماجه وصححه الحاكم وحسنه الترمذي ولمسلم من حديث ثوبان من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد الرجل المريض خاض في الرحمة فإذا قعد عنده قرت فيه حديث إذا عاد الرجل المريض خاض في الرحمة فإذا قعد عنده قرت فيه أخرجه الحاكم والبيهقي من حديث جابر وقال انغمس فيها قال الحاكم صحيح على شرط مسلم وكذا صححه ابن عبد البر وذكره مالك في الموطأ بلاغا بلفظ قرت فيه ورواه الواقدي بلفظ استقر فيها وللطبراني في الصغير من حديث أنس فإذا قعد عنده غمرته الرحمة وله في الأوسط من حديث كعب بن مالك وعمرو بن حزم استنقع فيها وقال صلى الله عليه وسلم إذا عاد المسلم أخاه أوزاره قال الله تعالى طبت وطاب ممشاك وتبوأت منزلا في الجنة حديث إذا عاد المسلم أخاه أو زاره قال الله تعالى طبت وطاب ممشاك وتبوأت منزلا في الجنة أخرجه الترمذي و ابن ماجه من حديث أبي هريرة إلا أنه قال ناداه مناد قال الترمذي غريب قلت فيه عيسى بن سنان القسملي ضعفه الجمهور وقال صلى الله عليه وسلم إذا مرض العبد بعث الله تبارك وتعالى إليه ملكين فقال انظرا ماذا يقول لعواده فإن هو إذا جاءوه حمد الله وأثنى عليه رفعا ذلك إلى الله وهو أعلم فيقول لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة وإن أنا شفيته أن أبدل له لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وأن أكفر عنه سيئاته حديث إذا مر ض العبد بعث الله تعالى ملكين فقال انظرا ما يقوله لعواده الحديث أخرجه مالك في الموطأ مرسلا من حديث عطاء بن يسار ووصله ابن عبد البر في التمهيد من روايته عن أبي سعيد الخدري وفيه عباد بن كثير الثقفي ضعيف الحديث وللبيهقي من حديث أبي هريرة قال الله تعالى إذا ابتليت عبدي المؤمن فلم يشكني إلى عواده أطلقته من أساري ثم أبدله لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه ثم يستأنف العمل وإسناده جيد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يصب منه حديث من يرد الله به خيرا يصب منه أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقال عثمان رضي الله عنه مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بسم الله الرحمن الرحيم أعيذك بالله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد من شر ما تجد قالها مرارا حديث عثمان مرضت فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بسم الله الرحمن الرحيم أعيذك بالله الأحد الصمد الحديث أخرجه ابن السني في اليوم والليلة والطبراني والبيهقي في الأدعية من حديث عثمان بن عفان بإسناد حسن ودخل صلى الله عليه وسلم على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو مريض فقال له قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك أو صبرا على بليتك أو خروجا من الدنيا إلى رحمتك فإنك ستعطى إحداهن حديث دخل على علي وهو مريض فقال قل اللهم إني أسألك تعجيل عافيتك الحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض من حديث أنس بسند ضعيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل وهو يشتكي ولم يسم عليا وروى البيهقي في الدعوات من حديث عائشة أن جبريل علمها للنبي صلى الله عليه وسلم وقال إن الله يأمرك أن تدعو بهؤلاء الكلمات ويستحب للعليل أيضا أن يقول أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا شكا أحدكم بطنه فليسأل امرأته شيئا من صداقها ويشتري به عسلا ويشربه بماء السماء فيجتمع له الهنىء والمرىء والشفاء والمبارك وقال صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة ألا أخبرك بأمر هو حق من تكلم به في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار قلت بلى يا رسول الله قال يقول لا إله إلا الله يحيى ويميت وهو حي لا يموت سبحان الله رب العباد والبلاد والحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه على كل حال الله أكبر كبيرا إن كبرياء ربنا وجلاله وقدرته بكل مكان اللهم إن أنت أمرضتني لتقبض روحي في مرضي هذا فاجعل روحي في أرواح من سبقت لهم منك الحسنى وباعدني من النار كما باعدت أولياءك الذين سبقت لهم منك الحسنى حديث أبي هريرة ألا أخبرك بأمر هو حق من تكلم به في أول مضجعه من مرضه نجاه الله من النار أخرجه ابن أبي الدنيا في الدعاء وفي المرض والكفارات وروي أنه قال صلى الله عليه وسلم عيادة المريض بعد ثلاث فواق ناقة حديث عيادة المريض فواق ناقة أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب المرض من حديث أنس بإسناد فيه جهالة وقال طاوس أفضل العيادة أخفها وقال ابن عباس رضي الله عنهما عيادة المريض مرة سنة فما ازدادت فنافلة وقال بعضهم عيادة المريض بعد ثلاث وقال صلى الله عليه وسلم أغبوا في العيادة وأربعوا فيها حديث أغبوا في العيادة وأربعوا رواه ابن أبي الدنيا وفيه أبو يعلى من حديث جابر وزاد إلا أن يكون مغلوبا وإسناده ضعيف وجملة أدب المريض حسن الصبر وقلة الشكوى والضجر والفزع إلى الدعاء والتوكل بعد الدواء على خالق الدواء ومنها أن يشيع جنائزهم قال صلى الله عليه وسلم من شيع جنازة فله قيراط من الأجر فإن وقف حتى تدفن فله قيراطان حديث من تبع جنازة فله قيراط من الأجر فإن وقف حتى تدفن فله قيراطان أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة وفي الخبر القيراط مثل أحد حديث القيراط مثل جبل أحد أخرجه مسلم من حديث ثوبان وأبي هريرة وأصله متفق عليه ولما روى أبو هريرة هذا الحديث وسمعه ابن عمر قال لقد فرطنا إلى الآن في قراريط كثيرة والقصد من التشييع قضاء حق المسلمين والاعتبار وكان مكحول الدمشقي إذا رأى جنازة قال اغدوا فإنا رائحون موعظة بليغة وغفلة سريعة يذهب الأول والآخر لا عقل له وخرج مالك بن دينار خلف جنازة أخيه وهو يبكي ويقول والله لا تقر عيني حتى أعلم إلى ما صرت ولا والله لا أعلم ما دمت حيا وقال الأعمش كنا نشهد الجنائز فلا ندري لمن نعزي لحزن القوم كلهم ونظر إبراهيم الزيات إلى قوم يترحمون على ميت فقال لو ترحمون أنفسكم لكان أولى إنه نجا من أهوال ثلاث وجه ملك الموت قد رأى ومرارة الموت قد ذاق وخوف الخاتمة قد أمن وقال صلى الله عليه وسلم يتبع الميت ثلاث فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله حديث يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد أخرجه مسلم من حديث أنس ومنها أن يزور قبورهم والمقصود من ذلك الدعاء والاعتبار وترقيق القلب قال صلى الله عليه وسلم ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه حديث ما أريت منظرا إلا والقبر أفظع منه أخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث عثمان وقال صحيح الإسناد وقال الترمذي حسن غريب وقال عمر رضي الله عنه خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى المقابر فجلس إلى قبر وكنت أدنى القوم منه فبكى وبكينا فقال ما يبكيكم قلنا بكينا لبكائك قال هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي واستأذنته في أن أستغفر لها فأبى علي فأدركني ما يدرك الولد من الرقة حديث عمر خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى المقابر فجلس إلى قبر الحديث في زيارته قبر أمه أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة مختصرا وأحمد من حديث بريدة وفيه فقام إليه عمر ففداه بالأب والأم يقول يا رسول الله مالك الحديث وكان عمر رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى تبتل لحيته ويقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر وإن لم ينج منه فما بعده أشد حديث عثمان بن عفان إن القبر أول منازل الآخرة الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وصحح إسناده وقال مجاهد أول ما يكلم ابن آدم حفرته فتقول أنا بيت الدود وبيت الوحدة وبيت الغربة وبيت الظلمة فهذا ما أعددت لك فما أعددت لي وقال أبو ذر ألا أخبركم بيوم فقري يوم أوضع في قبري كان أبو الدرداء يقعد إلى القبور فقيل له في ذلك فقال أجلس إلى قوم يذكرونني معادي وإن قمت عنهم لم يغتابوني وقال حاتم الأصم من مر بالمقابر فلم يتفكر لنفسه ولم يدع لهم فقد خان نفسه وخانهم وقال صلى الله عليه وسلم ما من ليلة إلا وينادي مناد يا أهل القبور من تغبطون قالوا نغبط أهل المساجد لأنهم يصومون ولا نصوم ويصلون ولا نصلي ويذكرون الله ولا نذكره حديث ما من ليلة إلا ينادي مناد يا أهل القبور من تغبطون فيقولون نغبط أهل المساجد الحديث لم أجد له أصلا وقال سفيان من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار وكان الربيع بين خيثم قد حفر في داره قبرا فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه فاضطجع فيه ومكث ساعة ثم قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ثم يقول يا ربيع قد أرجعت فاعمل الآن قبل أن لا ترجع وقال ميمون بن مهران خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقبرة فلما نظر إلى القبور بكى وقال يا ميمون هذه قبور آبائي بني أمية كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم أما تراهم صرعى قد خلت بهم المثلات وأصاب الهوام من أبدانهم ثم بكى وقال والله ما أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور وقد أمن من عذاب الله
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 11:03 am | |
|
وآداب المعزي خفض الجناح وإظهار الحزن وقلة الحديث وترك التبسم وآداب تشييع الجنازة لزوم الخشوع وترك الحديث وملاحظة الميت والتفكر في الموت والاستعداد له وأن يمشي أمام الجنازة بقربها والإسراع بالجنازة سنة حديث الإسراع بالجنازة متفق عليه من حديث أبي هريرة أسرعوا بالجنازة الحديث فهذه جمل آداب تنبه على آداب المعاشرة مع عموم الخلق والجملة الجامعة فيه أن لا تستصغر منهم أحدا حيا كان أو ميتا فتهلك لأنك لا تدري لعله خير منك فإنه وإن كان فاسقا فلعله يختم لك بمثل حاله ويختم له بالصلاح ولا تنظر إليهم بعين التعظيم لهم في حال دنياهم فإن الدنيا صغيرة عند الله صغير ما فيها ومهما عظم أهل الدنيا في نفسك فقد عظمت الدنيا فتسقط من عين الله ولا تبذل لهم دينك لتنال من دنياهم فتصغر في أعينهم ثم تحرم دنياهم فإن لم تحرم كنت قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير ولا تعادهم بحيث تظهر العداوة فيطول الأمر عليك في المعاداة ويذهب دينك ودنياك فيهم ويذهب دينهم فيك إلا إذا رأيت منكرا في الدين فتعادي أفعالهم القبيحة وتنظر إليهم بعين الرحمة لهم لتعرضهم لمقت الله وعقوبته بعصيانهم فحسبهم جهنم يصلونها فمالك تحقد عليهم ولا تسكن إليهم في مودتهم لك وثنائهم عليك في وجهك وحسن بشرهم لك فإنك إن طلبت حقيقة ذلك لم تجد في المائة إلا واحدا وربما لا تجده ولا تشك إليهم أحوالك فيكلك الله إليهم ولا تطمع أن يكونوا لك في الغيب والسر كما في العلانية فذلك طمع كاذب وأنى تظفر به ولا تطمع فيما في أيديهم فتستعجل الذل ولا تنال الغرض ولا تعل عليهم تكبرا لاستغنائك عنهم فإن الله يلجئك إليهم عقوبة على التكبر بإظهار الاستغناء وإذا سألت أخا منهم حاجة فقضاها فهو أخ مستفاد وإن لم يقض فلا تعاتبه فيصير عدوا تطول عليك مقاساته ولا تشتغل بوعظ من لا ترى فيه مخايل القبول فلا يسمع منك ويعاديك وليكن وعظك عرضا واسترسالا من غير تنصيص على الشخص ومهما رأيت منهم كرامة وخيرا فاشكر الله الذي سخرهم لك واستعذ بالله أن يكلك إليهم وإذا بلغك عنهم غيبة أو رأيت منهم شرا أو أصابك منهم ما يسوءك فكل أمرهم إلى الله واستعذ بالله من شرهم ولا تشغل نفسك بالمكافأة فيزيد الضرر ويضيع العمر بشغله ولا تقل لهم لم تعرفوا موضعي واعتقد أنك لو استحقيت ذلك لجعل الله لك موضعا في قلوبهم فالله المحبب والمبغض إلى القلوب وكن فيهم سميعا لحقهم أصم عن باطلهم نطوقا بحقهم صموتا عن باطلهم واحذر صحبة أكثر الناس فإنهم لا يقيلون عثرة ولا يغفرون زلة و لا يسترون عورة ويحاسبون على النقير والقطمير ويحسدون على القليل والكثير ينتصفون ولا ينصفون ويؤاخذون على الخطأ والنسيان ولا يعفون يغرون الإخوان على الإخوان بالنميمة والبهتان فصحبة أكثرهم خسران وقطيعتهم رجحان إن رضوا فظاهرهم الملق وإن سخطوا فباطنهم الحنق لا يؤمنون في حنقهم ولا يرجون في ملقهم ظاهرهم ثياب وباطنهم ذئاب يقطعون بالظنون ويتغامزون وراءك بالعيون ويتربصون بصديقهم من الحسد ريب المنون يحصون عليك العثرات في صحبتهم ليواجهوك بها في غضبهم ووحشتهم ولا تعول على مودة من لم تخبره حق الخبرة بأن تصحبه مدة في دار أو موضع واحد فتجربه في عزله وولايته وغناه وفقره أو تسافر معه أو تعامله في الدينار والدرهم أو تقع في شدة فتحتاج إليه فإن رضيته في الأحوال فاتخذه أبا لك إن كان كبيرا أو ابنا لك إن كان صغيرا أو أخاك إن كان مثلك فهذه جملة آداب المعاشرة مع أصناف الخلق حقوق الجوار اعلم أن الجوار يقضي حقا وراء ما تقتضيه أخوة الإسلام فيستحق الجار المسلم ما يستحقه كل مسلم وزيادة إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم الجيران ثلاثة جار له حق واحد وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق فالجار الذي له ثلاثة حقوق الجار المسلم ذو الرحم فله حق الجوار وحق الإسلام وحق الرحم وأما الذي له حقان فالجار المسلم له حق الجوار وحق الإسلام وأما الذي له حق واحد فالجار المشرك حديث الجيران ثلاثة جار له حق وجار له حقان وجار له ثلاثة حقوق الحديث أخرجه الحسن بن سفيان والبزار في مسنديهما وأبو الشيخ في كتاب الثواب وأبو نعيم في الحلية من حديث جابر و ابن عدي من حديث عبد الله بن عمر وكلاهما ضعيف فانظر كيف أثبت للمشرك حقا بمجرد الجوار وقد قال صلى الله عليه وسلم أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما حديث أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما تقدم وقال النبي صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه حديث مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه متفق عليه من حديث عائشة وابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره حديث من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره متفق عليه من حديث أبي شريح وقال صلى الله عليه وسلم لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه حديث لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه أخرجه البخاري من حديث أبي شريح أيضا وقال صلى الله عليه وسلم أول خصمين يوم القيامة جاران حديث أول خصمين يوم القيامة جاران أخرجه أحمد والطبراني من حديث عقبة بن عامر بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم إذا أنت رميت كلب جارك فقد آذيته حديث إذا أنت رميت كلب جارك فقد آذيته لم أجد له أصلا ويروى أن رجلا جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال له إن لي جارا يؤذيني ويشتمني ويضيق علي فقال اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها فقال صلى الله عليه وسلم هي في النار حديث إن فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها فقال هي في النار أخرجه أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح الإسناد وجاء رجل إليه صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اصبر ثم قال له في الثالثة أو الرابعة اطرح متاعك في الطريق قال فجعل الناس يمرون به ويقولون مالك فيقال آذاه جاره قال فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه جاره فقال له رد متاعك فوالله لا أعود حديث جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو جاره فقال اصبر ثم قال له في الثالثة أو الرابعة اطرح متاعك على الطريق الحديث أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح على شرط مسلم وروى الزهري أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يشكو جاره فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي على باب المسجد ألا إن أربعين دارا جار حديث الزهري ألا إن أربعين دارا جار أخرجه أبو داود في المراسيل ووصله الطبراني من رواية الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه ورواه أبو يعلى من حديث أبي هريرة وقال أربعون ذراعا وكلاهما ضعيف قال الزهري أربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا وأومأ إلى أربع جهات وقال صلى الله عليه وسلم اليمن والشؤم في المرأة والمسكن والفرس فيمن المرأة خفة مهرها ويسر نكاحها وحسن خلقها وشؤمها غلاء مهرها وعسر نكاحها وسوء خلقها ويمن المسكن سعته وحسن جوار أهله وشؤمه ضيقه وسوء جوار أهله ويمن الفرس ذله وحسن خلقه وشؤمه صعوبته وسوء خلقه حديث اليمن والشؤم في المرأة والمسكن والفرس فيمن المرأة خفة مهرها الحديث أخرجه مسلم من حديث ابن عمر الشؤم في الدار والمرأة والفرس وفي رواية له إن يك من الشؤم شيء حقا وله من حديث سهل بن سعد إن كان ففي الفرس والمرأة والمسكن وللترمذي من حديث حكيم بن معاوية لا شؤم وقد يكون اليمن في الدار والمرأة والفرس ورواه ابن ماجه فسماه محمد بن معاوية وللطبراني من حديث أسماء بنت عميس قالت يا رسول الله ما سوء الدار قال ضيق ساحتها وخبث جيرانها قيل فما سوء الدابة قال منعها ظهرها وسوء خلقها قيل فما سوء المرأة قال عقم رحمها وسوء خلقها وكلاهما ضعيف ورويناه في كتاب الخيل للدمياطي من رواية سالم بن عبد الله مر سلا إذا كان الفرس ضروبا فهو مشئوم وإذا كانت المرأة قد عرفت زوجا قبل زوجها فحنت إلى الزوج الأول فهي مشئومة وإذا كانت الدار بعيدة من المسجد لا يسمع فيها الأذان والإقامة فهي مشئومة وإسناده ضعيف ووصله صاحبمسند الفردوس بذكر ابن عمر فيه واعلم أنه ليس حق الجوار كف الأذى فقط بل احتمال الأذى فإن الجار أيضا قد كف أذاه فليس في ذلك قضاء حق ولا يكفي احتمال الأذى بل لابد من الرفق وإسداء الخير والمعروف إذ يقال إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيامة فيقول يارب سل هذا لم منعني معروفه وسد بابه دوني وبلغ ابن المقفع أن جارا له يبيع داره في دين ركبه وكان يجلس في ظل داره فقال ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها معدما فدفع إليه ثمن الدار وقال لا تبعها وشكا بعضهم كثرة الفأر في داره فقيل له لو اقتنيت هرا فقال أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون قد أحببت لهم ما لا أحب لنفسي وجملة حق الجار أن يبدأه بالسلام ولا يطيل معه الكلام ولا يكثر عن حاله السؤال ويعوده في المرض ويعزيه في المصيبة ويقوم معه في العزاء ويهنئه في الفرح ويظهر الشركة في السرور معه ويصفح عن زلاته ولا يتطلع من السطح إلى عوراته ولا يضايقه في وضع الجذع على جداره ولا في مصب الماء في ميزابه ولا في مطرح التراب في فنائه ولا يضيق طرقه إلى الدار ولا يتبعه النظر فيما يحمله إلى داره ويستر ما ينكشف له من عوراته وينعشه من صرعته إذا نابته نائبة ولا يغفل عن ملاحظة داره عند غيبته ولا يسمع عليه كلاما ويغض بصره عن حرمته ولا يديم النظر إلى خادمته ويتلطف بولده في كلمته ويرشده إلى ما يجهله من أمر دينه ودنياه هذا إلى جملة الحقوق التي ذكرناها لعامة المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وإن استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فأهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها ثم قال أتدرون ما حق الجار والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أتدرون ما حق الجار إن استعان بك أعنته وإن استقرضك أقرضته الحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عدي في الكامل وهو ضعيف هكذا رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مجاهد كنت عند عبد الله بن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي حتى قال ذلك مرارا فقال له كم تقول هذا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يوصينا بالجار حتى خشينا أنه سيورثه حديث مجاهد كنت عند عبد الله ابن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب وقال هشام كان الحسن لا يرى بأسا أن تطعم الجار اليهودي والنصراني من أضحيتك وقال أبو ذر رضي الله عنه أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم وقال إذا طبخت قدرا فأكثر ماءها ثم انظر بعض أهل بيت في جيرانك فاغرف لهم منها حديث أبي ذر أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم إذا طبخت فأكثر المرق ثم انظر بعض أهل بيت من جيرانك فاغرف لهم منها رواه مسلم وقالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله إن لي جارين أحدهما مقبل على بابه والآخر ناء ببابه عني وربما كان الذي عندي لا يسعهما فأيهما أعظم حقا فقال المقبل عليك ببابه حديث عائشة قلت يا رسول الله إن لي جارين الحديث رواه البخاري ورأى الصديق ولده عبد الرحمن وهو يناصي جارا له فقال لا تناص جارك فإن هذا يبقى والناس يذهبون وقال الحسن بن عيسى النيسابوري سألت عبد الله بن المبارك فقلت الرجل المجاور يأتيني فيشكو غلامي أنه أتى إليه أمرا والغلام ينكره فأكره أن أضربه ولعله برىء وأكره أن أدعه فيجد على جاري فكيف أصنع قال إن غلامك لعله أن يحدث حدثا يستوجب فيه الأدب فاحفظه عليه فإذا شكاه جارك فأدبه على ذلك الحدث فتكون قد أرضيت جارك وأدبته على ذلك الحدث وهذا تلطف في الجمع بين الحقين وقالت عائشة رضي الله عنها خلال المكارم عشر تكون في الرجل ولا تكون في أبيه وتكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله تعالى لمن أحب صدق الحديث وصدق الناس وإعطاء السائل والمكافأة بالصنائع وصلة الرحم وحفظ الأمانة والتذمم للجار والتذمم للصاحب وقرى الضيف ورأسهن الحياء وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة حديث أبي هريرة يا نساء المسلمين لا تحقرن جارة لجرتها ولو فرسن شاة رواه البخاري قال صلى الله عليه وسلم إن من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهني حديث إن من سعادة المرء المسلم المسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء رواه أحمد من حديث نافع بن عبد الحارث وسعد بن أبي وقاص وحديث نافع أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد وقال عبد الله قال رجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت حديث عبد الله قال رجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت رواه أحمد والطبراني وعبد الله هو ابن مسعود وإسناده جيد وقال جابر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان له جار في حائط أو شريك فلا يبعه حتى يعرضه عليه حديث جابر من كان له جار في حائط أو شريك فلا يبعه حتى يعرضه عليه أخرجه ابن ماجه والحاكم دون ذكر الجار وقال صحيح الإسناد وهو عند الخرائطي في مكارم الأخلاق بلفظ المصنف ولابن ماجه من حديث ابن عباس من كانت له أرض فأراد أن يبيعها فليعرضها على جاره ورجاله رجال الصحيح وقال أبو هريرة رضي الله عنه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجار يضع جذعه في حائط جاره شاء أم أبى حديث أبي هريرة قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الجار يضع جذعه في حائط جاره شاء أم أبى رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق هكذا وهو متفق عليه بلفظ لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في حائطه رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف واتفق عليه الشيخان من حديث أبي هريرة وقال ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن أحدكم جاره أن يضع خشبة في جداره وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول مالي أراكم عنها معرضين والله لأرمينها بين أكنافكم وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب ذلك وقال صلى الله عليه وسلم من أراد الله به خيرا عسله قيل وما عسله قال يحببه إلى جيرانه حديث من أراد الله به خيرا عسله رواه أحمد من حديث أبي عتبة الخولاني ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الزهد من حديث عمرو بن الحمق زاد الخرائطي قيل وما عسله قال حببه إلى جيرانه وقال البيهقي يفتح له عملا صالحا قبل موته حتى يرضى عنه من حوله وإسناده جيد حقوق الأقارب والرحم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى أنا الرحمن وهذه الرحم شققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته حديث يقول الله أنا الرحمن وهذه الرحم الحديث متفق عليه من حديث عائشة وقال صلى الله عليه وسلم من سره أن ينسأ له في أثره ويوسع عليه في رزقه فليصل رحمه حديث من سره أن ينسأ له في أثره ويوسع له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه متفق عليه من حديث أنس دون قوله فليتق الله وهو بهذه الزيادة عند أحمد والحاكم من حديث علي بإسناد جيد وفي رواية أخرى من سره أن يمد له في عمره ويوسع له في رزقه فليتق الله وليصل رحمه وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل قال أتقاهم لله وأوصلهم لرحمه وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر حديث أي الناس أفضل فقال أتقاهم لله وأوصلهم للرحم رواه أحمد والطبراني من حديث درة بنت أبي لهب بإسناد حسن وقال أبو ذر رضي الله عنه أوصاني خليلي عليه السلام بصلة الرحم وإن أدبرت وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا حديث أبي ذر أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم وإن أدبرت وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا رواه أحمد وابن حبان وصححه وقال صلى الله عليه وسلم إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها حديث إن الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث عبد الله بن عمرو وهو عند البخاري دون قوله الرحم معلقة بالعرش فرواها مسلم من حديث عائشة وقال صلى الله عليه وسلم إن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونون فجارا فتنموا أموالهم ويكثر عددهم إذا وصلوا أرحامهم حديث أعجل الطاعات ثوابا صلة الرحم الحديث أخرجه ابن حبان من حديث أبي بكرة والخرائطي في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب من حديث عبد الرحمن بن عوف بسند ضعيف وقال زيد بن أسلم لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عرض له رجل فقال إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم فعليك ببني مدلج فقال صلى الله عليه وسلم إن الله قد منعني من بني مدلج بصلتهم الرحم حديث زيد بن أسلم لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة عرض له رجل فقال إن كنت تريد النساء البيض والنوق الأدم فعليك ببني مدلج فقال إن الله منعني من بني مدلج بصلتهم الرحم رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق وزاد وطعنهم في لبات الإبل وهو مرسل صحيح الإسناد وقالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قدمت علي أمي فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي مشركة أفأصلها قال نعم حديث أسماء بنت أبي بكر قدمت علي أمي فقلت يا رسول الله قدمت علي أمي وهي مشركة أفأصلها قال نعم صليها متفق عليه وفي رواية أفأعطيها قال نعم صليها وقال صلى الله عليه وسلم الصدقة على المساكين صدقة وعلى ذي الرحم ثنتان حديث الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم صدقة وصلة أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه من حديث سلمان ابن عامر الضبي ولما أراد أبو طلحة أن يتصدق بحائط كان له يعجبه عملا بقوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون حديث لما أراد أبو طلحة أن يتصدق بحائط له كان يعجبه عملا بقوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون الحديث أخرجه البخاري وقد تقدم قال يا رسول الله هو في سبيل الله وللفقراء والمساكين فقال صلى الله عليه وسلم وجب أجرك على الله قسمه في أقاربك وقال صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح حديث أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح أخرجه أحمد والطبراني من حديث أبي أيوب وفيه الحجاج بن أرطأة ورواه البيهقي من حديث أم كثلوم بنت عقبة وهو في معنى قوله أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عمن ظلمك حديث أفضل الفضائل أن تصل من قطعك الحديث أخرجه أحمد من حديث معاذ بن أنس بسند ضعيف وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة وقد تقدم وروي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى عماله مروا الأقارب أن يتزاوروا ولا يتجاوروا وإنما قال ذلك لأن التجاور يورث التزاحم على الحقوق وربما يورث الوحشة وقطيعة الرحم حقوق الوالدين والولد لا يخفى أنه إذا تأكد حق القرابة والرحم فأخص الأرحام وأمسها الولادة فيتضاعف تأكد الحق فيها وقد قال صلى الله عليه وسلم لن يجزى ولد والده حتى يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه حديث لن يجزي ولد والده حتى يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقد قال صلى الله عليه وسلم بر الوالدين أفضل من الصلاة والصدقة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله حديث بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد لم أجده هكذا وروى أبو يعلى والطبراني في الصغير والأوسط من حديث أنس أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه قال هل بقي من والديك أحد قال أمي قال قابل الله في برها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد وإسناده حسن وقد قال صلى الله عليه وسلم من أصبح مرضيا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة ومن أمسى فمثل ذلك وإن كان واحدا فواحدا وإن ظلما وإن ظلما وإن ظلما ومن أصبح مسخطا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى النار ومن أمسى مثل ذلك وإن كان واحدا فواحدا وإن ظلما وإن ظلما وإن ظلما حديث من أصبح مرضيا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة الحديث أخرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عباس ولا يصح وقال صلى الله عليه وسلم إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم حديث إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ولا يجد ريحها عاق ولا قاطع رحم أخرجه الطبراني في الصغير من حديث أبي هريرة دون ذكر القاطع وهي في الأوسط من حديث جابر إلا أنه قال من مسيرة ألف عام وإسنادهما ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم بر أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك حديث بر أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك أخرجه النسائي من حديث طارق المحاربي وأخرجه أحمد والحاكم من حديث أبي رمثة ولأبي داود نحوه من حديث كليب بن منفعة عن جده وله وللترمذي والحاكم وصححه من حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده من أثر قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة قال رجل من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك لفظ مسلم ويروى أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام يا موسى إنه من بر والديه وعقني كتبته بارا ومن برني وعق والديه كتبته عاقا وقيل لما دخل يعقوب على يوسف عليهما السلام لم يقم له فأوحى الله إليه أتتعاظم أن تقوم لأبيك وعزتي وجلالي لا أخرجت من صلبك نبيا وقال صلى الله عليه وسلم ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين فيكون لوالديه أجرها ويكون له مثل أجورهما من غير أن ينقص من أجورهما شيء حديث ما على أحد إذا أراد أن يتصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا مسلمين الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بسند ضعيف دون قوله إذا كانا مسلمين وقال مالك بن ربيعة بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما قال نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما حديث مالك بن ربيعة بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه رجل من بني سلمة فقال هل بقي علي من بر أبوي شيء الحديث أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم وقال صحيح الإسناد وقال صلى الله عليه وسلم إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب حديث إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه أخرجه مسلم من حديث ابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم بر الوالدة على الولد ضعفان حديث بر الوالدة على الولد ضعفان غريب بهذا اللفظ وقد تقدم قبل هذا بثلاثة أحاديث من حديث بهز بن حكيم وحديث أبي هريرة وهو معنى هذا الحديث وقال صلى الله عليه وسلم دعوة الوالدة أسرع إجابة قيل يا رسول الله ولم ذاك قال هي أرحم من الأب ودعوة الرحم لا تسقط حديث دعوة الوالدة أسرع إجابة الحديث لم أقف له على أصل وسأله رجل فقال يا رسول الله من أبر فقال بر والديك فقال ليس لي والدان فقال بر ولدك كما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق حديث قال رجل يا رسول الله من أبر قال بر والديك فقال ليس لي والدان فقال ولدك فكما أن لوالديك عليك حقا كذلك لولدك عليك حق أخرجه أبو عمر النوقاتي في كتاب معاشرة الأهلين من حديث عثمان بن عفان دون قوله فكما أن لوالديك إلخ وهذه القطعة رواها الطبراني من حديث ابن عمر قال الدارقطني في العلل أن الأصح وقفه على ابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم رحم الله والدا أعان ولده على بره حديث رحم الله والدا أعان ولده على بره أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث علي بن أبي طالب وابن عمر بسند ضعيف ورواه النوقاتي من رواية الشعبي مرسلا أي لم يحمله على العقوق بسوء عمله وقال صلى الله عليه وسلم ساووا بين أولادكم في العطية وقد قيل ولدك ريحانتك تشمها سبعا وخادمك سبعا ثم هو عدوك أو شريكك وقال أنس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ تسع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاث عشرة سنة ضرب على الصلاة فإذا بلغ ست عشرة سنة زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا وعذابك في الآخرة حديث أنس الغلام يعق عنه يوم السابع ويسمى ويماط عنه الأذى فإذا بلغ ست سنين أدب فإذا بلغ سبع سنين عزل فراشه فإذا بلغ ثلاثة عشر ضرب على الصلاة والصوم فإذا بلغ ستة عشر زوجه أبوه ثم أخذ بيده وقال قد أدبتك وعلمتك وأنكحتك أعوذ بالله من فتنتك في الدنيا وعذابك في الآخرة أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الضحايا والعقيقة إلا أنه قال وأدبوه لسبع وزوجوه لسبع عشرة ولم يذكر الصوم وفي إسناده من لم يسم وقال صلى الله عليه وسلم من حق الوالد على الولد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه حديث من حق الولد على الوالد أن يحسن أدبه ويحسن اسمه أخرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عباس وحديث عائشة وضعفهما وقال صلى الله عليه وسلم كل غلام رهين أو رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه حديث كل غلام رهين أو رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم السابع ويحلق رأسه أخرجه أصحاب السنن من حديث سمرة قال الترمذي حسن صحيح وقال قتادة إذا ذبحت العقيقة أخذت صوفة منها فاستقبلت بها أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل عنه مثل الخيط ثم يغسل رأسه ويحلق بعد وجاء رجل إلى عبد الله بن المبارك فشكا إليه بعض ولده فقال هل دعوت عليه قال نعم قال أنت أفسدته ويستحب الرفق بالولد رأى الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل ولده الحسن فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال صلى الله عليه وسلم إن من لا يرحم لا يرحم حديث رأى الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل ولده الحسن فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدا منهم فقال من لا يرحم لا يرحم أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقالت عائشة رضي الله عنها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما اغسلي وجه أسامة فجعلت أغسله وأنا أنفة فضرب يدي ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله ثم قال قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية حديث عائشة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما اغسلي وجه أسامة فجعلت أغسله وأنا أنفة فضرب بيدي ثم أخذه فغسل وجهه ثم قبله ثم قال قد أحسن بنا إذ لم يكن جارية لم أجده هكذا ولأحمد من حديث عائشة أن أسامة عثر بعتبة الباب فدمى فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يمصه ويقول لو كان أسامة جارية لحليتها ولكسوتها حتى أنفقها وإسناده صحيح وتعثر الحسن والنبي صلى الله عليه وسلم على منبره فنزل فحمله وقرأ قوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة حديث عثر الحسن وهو على منبره صلى الله عليه وسلم فنزل فحمله وقرأ قوله تعالى إنما أموالكم وأولادكم فتنة أخرجه أصحاب السنن من حديث بريدة في الحسن والحسين معا يمشيان ويعثران قال الترمذي حسن غريب وقال عبد الله بن شداد بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر فلما قضى صلاته قالوا قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر فقال إن ابني قد ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته حديث عبد الله بن شداد بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاء الحسن فركب عنقه رواه النسائي من رواية عبد الله بن شداد عن أبيه وقال فيه الحسن أو الحسين على الشك ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وفي ذلك فوائد إحداها القرب من الله تعالى فإن العبد أقرب ما يكون من الله تعالى إذا كان ساجدا وفيه الرفق بالولد والبر وتعليم لأمته وقال صلى الله عليه وسلم ريح الولد من ريح الجنة حديث ريح الولد من ريح الجنة أخرجه الطبراني في الصغير والأوسط وابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عباس وفيه مندل بن علي ضعيف وقال يزيد بن معاوية أرسل أبي إلى الأحنف بن قيس فلما وصل إليه قال له يا أبا بحر ما تقول في الولد قال يا أمير المؤمنين ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول على كل جليلة فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فارضهم يمنحوك ودهم ويحبوك جهدهم ولا تكن عليهم ثقلا ثقيلا فيملوا حياتك ويودوا وفاتك ويكرهوا قربك فقال له معاوية لله أنت يا أحنف لقد دخلت علي وأنا مملوء غضبا وغيظا على يزيد فلما خرج الأحنف من عنده رضي عن يزيد وبعث إليه بمائتي ألف درهم ومائتي ثوب فأرسل يزيد إلى الأحنف بمائة ألف درهم ومائة ثوب فقاسمه إياها على الشطر فهذه هي الأخبار الدالة على تأكد حق الوالدين وكيفية القيام بحقهما تعرف مما ذكرناه في حق الأخوة فإن هذه الرابطة آكد من الأخوة بل يزيد ههنا أمران أحدهما أن أكثر العلماء على أن طاعة الأبوين واجبة في الشبهات وإن لم تجب في الحرام المحض حتى إذا كانا يتنغصان بأنفرادك عنهما بالطعام فعليك أن تأكل معهما لأن ترك الشبهة ورع ورضا الوالدين حتم وكذلك ليس لك أن تسافر في مباح أو نافلة إلا بإذنهما والمبادرة إلى الحج الذي هو فرض الإسلام نفل لأنه على التأخير والخروج لطلب العلم نفل إلا إذا كنت تطلب علم الفرض من الصلاة والصوم ولم يكن في بلدك من يعلمك وذلك كمن يسلم ابتداء في بلد ليس فيها من يعلمه شرع الإسلام فعليه الهجرة ولا يتقيد بحق الوالدين قال أبو سعيد الخدري هاجر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن وأراد الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم هل باليمن أبواك قال نعم قال هل أذنا لك قال لا فقال صلى الله عليه وسلم فارجع إلى أبويك فاستأذنهما فإن فعلا فجاهد وإلا فبرهما ما استطعت فإن ذلك خير ما تلقى الله به بعد التوحيد حديث أبي سعيد الخدري هاجر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن وأراد الجهاد فقال صلى الله عليه وسلم باليمن أبواك قال نعم الحديث أخرجه أحمد وابن حبان دون قوله ما استطعت إلخ وجاء آخر إليه صلى الله عليه وسلم ليستشيره في الغزو فقال ألك والدة قال نعم قال فالزمها فإن الجنة عند رجليها حديث جاء آخر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشيره في الغزو فقال ألك والدة فقال نعم قال فالزمها فإن الجنة تحت قدمها أخرجه النسائي وابن ماجه والحاكم من حديث معاوية بن جاهمة أن جاهمة أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال الحاكم صحيح الإسناد وجاء آخر يطلب البيعة على الهجرة وقال ما جئتك حتى أبكيت والدي فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما حديث جاء آخر فقال ما جئتك حتى أبكيت والدي فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وقال صحيح الإسناد وقال صلى الله عليه وسلم حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد عن ولده حديث حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده أخرجه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب من حديث أبي هريرة ورواه أبو داود في المراسيل من رواية سعيد بن عمرو ابن العاص مرسلا ووصله صاحب مسند الفردوس فقال عن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده سعيد بن العاص وإسناده ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم إذا استصعبت على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه حديث إذا استصعب على أحدكم دابته أو ساء خلق زوجته أو أحد من أهل بيته فليؤذن في أذنه أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب بسند ضعيف نحوه حقوق المملوك اعلم أن ملك النكاح قد سبقت حقوقه في آداب النكاح فأما ملك اليمين فهو أيضا يقتضي حقوقا في المعاشرة لا بد من مراعاتها فقد كان من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم من العمل ما لا يطيقون فما أحببتم فأمسكوا وما كرهتم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله فإن الله ملككم إياهم ولو شاء لملكهم إياكم حديث كان من آخر ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون الحديث إلخ وهو مفرق في عدة أحاديث فروى أبو داود من حديث علي كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم وفي الصحيحين من حديث أنس كان آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم ولهما من حديث أبي ذر أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتوهم فأعينوهم لفظ رواية مسلم وفي رواية لأبي داود من يلايمكم من مملوكيكم فأطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون ومن لا يلايمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله تعالى وإسناده صحيح وقال صلى الله عليه وسلم للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق حديث للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل ما لا يطيق أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة خب ولا متكبر ولا خائن ولا سيئ الملكة حديث لا يدخل الجنة خب ولا متكبر ولا خائن ولا سيئ الملكة أخرجه أحمد مجموعا والترمذي مفرقا وابن ماجه مقتصرا على سيئ الملكة من حديث أبي بكر وليس عند أحد منهم متكبر وزاد أحمد والترمذي البخيل والمنان وهو ضعيف وحسن الترمذي أحد طريقيه وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم فصمت عنه رسول الله ??? ???? ???? ???? ثم قال اعف عنه في كل يوم سبعين مرة حديث ابن عمر جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم نعفو عن الخادم فصمت ثم قال اعف عنه كل يوم سبعين مرة أخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح غريب وكان عمر رضي الله عنه يذهب إلى العوالي في كل يوم سبت فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه منه ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه رأى رجلا على دابته وغلامه يسعى خلفه فقال له يا عبد الله احمله خلفك فإنما هو أخوك روحه مثل روحك فحمله ثم قال لا يزال العبد يزداد من الله بعدا ما مشى خلفه وقالت جارية لأبي الدرداء إني سممتك منذ سنة فما عمل فيك شيئا فقال لم فعلت ذلك فقالت أردت الراحة منك فقال اذهبي فأنت حرة لوجه الله وقال الزهري متى قلت للمملوك أخزاك الله فهو حر وقيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم قال من قيس بن عاصم قيل فما بلغ من حلمه قال بينما هو جالس في داره إذا أتته خادمة له بسفود عليه شواء فسقط السفود من يدها على ابن له فعقره فمات فدهشت الجارية فقال ليس يسكن روع هذه الجارية إلا العتق فقال لها أنت حرة لا بأس عليك وكان عون ابن عبد الله إذا عصاه غلامه قال ما أشبهك بمولاك مولاك يعصي مولاه وأنت تعصي مولاك فأغضبه يوما فقال إنما تريد أن أضربك اذهب فأنت حر وكان عند ميمون بن مهران ضيف فاستعجل على جاريته بالعشاء فجاءت مسرعة ومعها قصعة مملوءة فعثرت وأراقتها على رأس سيدها ميمون فقال يا جارية أحرقتني قالت يا معلم الخير ومؤدب الناس ارجع إلى ما قال الله تعالى قال وما قال الله تعالى قالت قال والكاظمين الغيظ قال قد كظمت غيظي قالت والعافين عن الناس قال قد عفوت عنك قالت زد فإن الله تعالى يقول والله يحب المحسنين قال أنت حرة لوجه الله تعالى وقال ابن المنكدر إن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عبدا له فجعل العبد يقول أسألك بالله أسألك بوجه الله فلم يعفه فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح العبد فانطلق إليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك يده فقال رسول الله سألك بوجه الله فلم تعفه فلما رأيتني أمسكت يدك قال فإنه حر لوجه الله يا رسول الله فقال لو لم تفعل لسفعت وجهك النار حديث ابن المنكدر أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب عبدا له فجعل العبد يقول أسألك بالله أسألك بوجه الله فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صياح العبد الحديث أخرجه ابن المبارك في الزهد مرسلا وفي رواية لمسلم في حديث أبي مسعود الآتي ذكره فجعل يقول أعوذ بالله قال فجعل يضربه فقال أعوذ برسول الله فتركه وفي رواية له فقلت هو حر لوجه الله فقال أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار أو لمستك النار وقال صلى الله عليه وسلم العبد إذا نصح لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين حديث إذا نصح العبد لسيده وأحسن عبادة الله فله أجره مرتين متفق عليه من حديث ابن عمر ولما أعتق أبو رافع بكى وقال كان لي أجران فذهب أحدهما وقال صلى الله عليه وسلم عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده وعفيف متعفف ذو عيال وأول ثلاثة يدخلون النار أمير مسلط وذو ثروة لا يعطي حق الله وفقير فخور حديث عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فأول ثلاثة يدخلون الجنة الشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن وابن حبان من حديث أبي هريرة وعن أبي مسعود الأنصاري قال بينا أنا أضرب غلاما لي إذ سمعت صوتا من خلفي اعلم يا أبا مسعود مرتين فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقيت السوط من يدي فقال والله لله أقدر عليك منك على هذا حديث أبي مسعود الأنصاري بينا أنا أضرب غلاما لي سمعت صوتا من خلفي اعلم أبا مسعود مرتين الحديث رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم إذا ابتاع أحدكم الخادم فليكن أول شيء يطعمه الحلو فإنه أطيب لنفسه حديث معاذ إذا ابتاع أحدكم الخادم فليكن أول شيء يطعمه الحلو فإنه أطيب لنفسه أخرجه الطبراني في الأوسط والخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف رواه معاذ وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال رسول صلى الله عليه وسلم الله إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فليجلسه وليأكل معه فإن لم يفعل فليناوله لقمة حديث أبي هريرة وليأكل معه فإن أبىفليناوله وفي رواية إذا كفى أحدكم مملوكه صنعة طعامه الحديث متفق عليه مع اختلاف لفظ وهو في مكارم الأخلاق للخرائطي باللفظين اللذين ذكرهما المصنف غير أنه لم يذكر علاجه وهذه اللفظة عند البخاري وفي رواية إذا كفى أحدكم مملوكه صنعة طعامه فكفاه حره ومؤنته وقربه إليه فليجلسه وليأكل معه فإن لم يفعل فليناوله أو ليأخذ أكلة فليروغها وأشار بيده وليضعها في يده وليقل كل هذه ودخل على سلمان رجل وهو يعجن فقال يا أبا عبد الله ما هذا فقال بعثنا الخادم في شغل فكرهنا أن نجمع عليه عملين وقال صلى الله عليه وسلم من كانت عنده جارية فصانها وأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها فذلك له أجران حديث من كانت عنده جارية فعالها وأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها فذلك له أجران متفق عليه من حديث أبي موسى وقد قال صلى الله عليه وسلم كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته حديث كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته متفق عليه من حديث ابن عمر وقد تقدم فجملة حق المملوك أن يشركه في طعمته وكسوته ولا يكلفه فوق طاقته ولا ينظر إليه بعين الكبر والازدراء وأن يعفو عن زلته ويتفكر عند غضبه عليه بهفوته أو بجنايته في معاصيه وجنايته على حق الله تعالى وتقصيره في طاعته مع أن قدرة الله عليه فوق قدرته وروى فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يسئل عنهم رجل فارق الجماعة ورجل عصى إمامه فمات عاصيا فلا يسأل عنهما وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده فلا يسأل عنها وثلاثة لا يسأل عنهم رجل ينازع الله رداءه ورداؤه الكبرياء وإزاره العز ورجل في شك من الله وقنوط من رحمة الله حديث فضالة بن عبيد ثلاثة لا يسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا الحديث أخرجه الطبراني وصححه تم كتاب آداب الصحبة والمعاشرة مع أصناف الخلق.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 11:45 am | |
| كتاب آداب العزلة وهو الكتاب السادس من ربع العادات من كتب إحياء علوم الدين بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أعظم النعمة على خيرة خلقه وصفوته بأن صرف هممهم إلى مؤانسته وأجزل حظهم من التلذذ بمشاهدة آلائه وعظمته وروح أسرارهم بمناجاته وملاطفته وحقر في قلوبهم النظر إلى متاع الدنيا وزهرتها حتى اغتبط بعزلته كل من طويت الحجب عن مجاري فكرته فاستأنس بمطالعة سبحات وجهه تعالى في خلوته واستوحش بذلك عن الأنس بالإنس وإن كان من أخص خاصته والصلاة على سيدنا محمد سيد أنبيائه وخيرته وعلى آله وصحابته سادة الحق وأئمته أما بعد فإن للناس اختلافا كثيرا في العزلة والمخالطة وتفضيل إحداهما على الأخرى ، ومع أن كل واحدة منهما لا تنفك عن غوائل تنفر عنها وفوائد تدعو إلى إليها ، وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار العزلة وتفضيلها على المخالطة ، وما ذكرناه في كتاب الصحبة من فضيلة المخالطة والمؤاخاة والمؤالفة ، يكاد يناقض ما مال إليه الأكثرون من اختيار الاستيحاش والخلوة ، فكشف الغطاء عن الحق في ذلك مهم ، ويحصل ذلك برسم بابين : الباب الأول في نقل المذاهب والحجج فيها . الباب الثاني في كشف الغطاء عن الحق بحصر الفوائد والغوائل .
الباب الأول في نقل المذاهب والأقاويل وذكر حجج الفريقين في ذلك. أما المذاهب فقد اختلف فيها وظهر هذا الاختلاف بين التابعين فذهب إلى اختيار العزلة وتفضيلها على المخالطة سفيان الثوري وإبراهيم بن أدهم وداود الطائي وفضيل بن عياض وسليمان الخواص ويوسف بن أسباط وحذيفة المرعشي وبشر الحافي وقال أكثر التابعين باستحباب المخالطة واستكثار المعارف والإخوان والتألف والتحبب إلى المؤمنين والاستعانة بهم في الدين تعاونا على البر والتقوى ومال إلى هذا سعيد بن المسيب والشعبي وابن أبي ليلى وهشام بن عروة وابن شبرمة وشريح وشريك بن عبد الله وابن عيينة وابن المبارك والشافعي وأحمد بن حنبل وجماعة والمأثور عن العلماء من الكلمات ينقسم إلى : كلمات مطلقة تدل على الميل إلى أحد الرأيين ، وإلى كلمات مقرونة بما يشير إلى علة الميل . فلننقل الآن مطلقات تلك الكلمات لنبين المذاهب فيها وما هو مقرون بذكر العلة نورده عند التعرض للغوائل والفوائد فنقول : قد روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال خذوا بحظكم من العزلة ، وقال ابن سيرين العزلة عبادة ، وقال الفضيل كفى بالله محبا وبالقرآن مؤنسا وبالموت واعظا ، وقيل اتخذ الله صاحبا ودع الناس جانبا ، وقال أبو الربيع الزاهد لداود الطائي عظني قال صم عن الدنيا واجعل فطرك الآخرة وفر من الناس فرارك من الأسد ، وقال الحسن رحمه الله كلمات أحفظهن من التوراة قنع ابن آدم فاستغنى اعتزل الناس فسلم ترك الشهوات فصار حرا وترك الحسد فظهرت مروءته صبر قليلا فتمتع طويلا ، وقال وهيب ابن الورد بلغنا أن الحكمة عشرة أجزاء تسعة منها في الصمت والعاشر في عزلة الناس ، وقال يوسف بن مسلم لعلي بن بكار ما أصبرك على الوحدة وقد كان لزم البيت فقال كنت وأنا شاب أصبر على أكثر من هذا كنت أجالس الناس ولا أكلمهم ، وقال سفيان الثوري هذا وقت السكوت وملازمة البيوت ، وقال بعضهم كنت في سفينة ومعنا شاب من العلوية فمكث معنا سبعا لا نسمع له كلاما فقلنا له يا هذا قد جمعنا الله وإياك منذ سبع ولا نراك تخالطنا ولا تكلمنا فأنشأ يقول قليل الهم لا ولد يموت ولا أمر يحاذره يفوت قضى وطر الصبا وأفاد علما فغايته التفرد والسكوت ، وقال إبراهيم النخعي لرجل تفقه ثم اعتزل ، وكذا قال الربيع بن خثيم ، وقيل كان مالك بن أنس يشهد الجنائز ويعود المرضى ويعطي الإخوان حقوقهم فترك ذلك واحدا واحدا حتى تركها كلها وكان يقول لا يتهيأ للمرء أن يحبر كل عذر له ، وقيل لعمر بن عبد العزيز لو تفرغت لنا فقال ذهب الفراغ فلا فراغ إلا عند الله تعالى ، وقال الفضيل إني لأجد للرجل عندي يدا إذا لقيني أن لا يسلم علي وإذا مرضت أن لا يعودني ، وقال أبو سليمان الداراني بينما الربيع ابن خثيم جالس على باب داره إذ جاءه حجر فصك جبهته فشجه فجعل يمسح الدم ويقول لقد وعظت يا ربيع فقام ودخل داره فما جلس بعد ذلك على باب داره حتى أخرجت جنازته ، وكان سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد لزما بيوتهما بالعقيق فلم يكونا يأتيان المدينة لجمعة ولا غيرها حتى ماتا بالعقيق ، وقال يوسف بن أسباط سمعت سفيان الثوري يقول والله الذي لا إله إلا هو لقد حلت العزلة ، وقال بشر بن عبد الله أقل من معرفة الناس فإنك لا تدري ما يكون يوم القيامة فإن تكن فضيحة كان من يعرفك قليلا ، ودخل بعض الأمراء على حاتم الأصم فقال له ألك حاجة قال نعم قال وما هي قال أن لا تراني ولا أراك ولا تعرفني ، وقال رجل لسهل أريد أن أصحبك فقال إذا مات أحدنا فمن يصحب الآخر قال الله قال فليصحبه الآن ، وقيل للفضيل إن عليا ابنك يقول لوددت أني في مكان أرى الناس ولا يروني فبكى الفضيل وقال يا ويح علي أفلا أتمها فقال لا أراهم ولا يروني ، وقال الفضيل أيضا من سخافة عقل الرجل كثرة معارفه ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما أفضل المجالس مجلس في قعر بيتك لا ترى ولا ترى . فهذه أقاويل المائلين إلى العزلة .
ذكر حجج المائلين إلى المخالطة ووجه ضعفها : احتج هؤلاء بقوله تعالى ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا الآية ، وبقوله تعالى فألف بين قلوبكم ، أمتن على الناس بالسبب المؤلف وهذا ضعيف لأن المراد به تفرق الآراء واختلاف المذاهب في معاني كتاب الله وأصول الشريعة ، والمراد بالألفة نزع الغوائل من الصدور وهي الأسباب المثيرة للفتن المحركة للخصومات ، والعزلة لا تنافي ذلك واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم المؤمن إلف مألوف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف حديث المؤمن إلف مألوف الحديث تقدم في الباب الأول من آداب الصحبة وهذا ضعيف لأنه إشارة إلى مذمة سوء الخلق تمتنع بسببه المؤالفة ولا يدخل تحته الحسن الخلق الذي إن خالط ألف وألف ولكنه ترك المخالطة اشتغالا بنفسه وطلبا للسلامة من غيره ، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم من فارق الجماعة شبرا خلع ربقة الإسلام من عنقه ، وقال من فارق الجماعة فمات فميتته جاهلية حديث من ترك الجماعة فمات فميتته جاهلية أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقد تقدم في الباب الخامس من كتاب الحلال والحرام ، وبقوله صلى الله عليه وسلم من شق عصا المسلمين والمسلمون في إسلام دامج فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه حديث من شق عصا المسلمين والمسلمون في إسلام دامج فقد خلع ربقة الإسلام أخرجه الطبراني والخطابي في العزلة من حديث ابن عباس بسند جيد وهذا ضعيف لأن المراد به الجماعة التي اتفقت آراؤهم على إمام بعقد البيعة فالخروج عليهم بغي وذلك مخالفة بالرأي وخروج عليهم وذلك محظور لاضطرار الخلق إلى إمام مطاع يجمع رأيهم ولا يكون ذلك إلا بالبيعة من الأكثر فالمخالفة تشويش مثير للفتنة فليس في هذا تعرض للعزلة، واحتجوا بنهيه صلى الله عليه وسلم عن الهجر فوق ثلاث إذ قال من هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار حديث من هجر آخاه فوق ثلاث فمات دخل النار أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح ، وقال صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرئ مسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث والسابق بالصلح يدخل الجنة حديث لا يحل لامرئ أن يهجر أخاه فوق ثلاث والسابق بالصلح يدخل الجنة متفق عليه من حديث أنس دون قوله والسابق بالصلح زاد فيه الطبراني والذي يبدأ بالصلح يسبق إلى الجنة ، وقال من هجر أخاه سنة فهو كسافك دمه حديث من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه أخرجه أبو داود من حديث أبي خراش السلمي واسمه حدرد بن أبي حدرد وإسناده صحيح قالوا والعزلة هجرة بالكلية وهذا ضعيف لأن المراد به الغضب على الناس واللجاج فيه بقطع الكلام والسلام والمخالطة المعتادة فلا يدخل فيه ترك المخالطة أصلا من غير غضب مع أن الهجر فوق ثلاث جائز في موضعين أحدهما أن يرى فيه إصلاحا للمهجور في الزيادة الثاني أن يرى لنفسه سلامة فيه والنهي وإن كان عاما فهو محمول على ما وراء الموضعين المخصوصين بدليل ما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم هجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر حديث أنه صلى الله عليه وسلم هجر عائشة ذا الحجة والمحرم وبعض صفر قلت إنما هجر زينب هذه المدة كما رواه أبو داود من حديث عائشة وسكت عليه فهو عنده صالح، وروي عن عمر أنه صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه وآلى منهن شهرا وصعد إلى غرفة له وهي خزانته فلبث تسعا وعشرين يوما فلما نزل قيل له إنك كنت فيها تسعا وعشرين فقال الشهر قد يكون تسعا وعشرين حديث عمر أنه صلى الله عليه وسلم اعتزل نساءه وآلى منهن شهرا الحديث متفق عليه ، وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام إلا أن يكون ممن لا تؤمن بوائقه حديث عائشة لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث إلا أن يكون ممن لا يأمن بوائقه أخرجه ابن عدي وقال غريب المتن والإسناد وحديث عائشة عند أبي داود دون الاستثناء بإسناد صحيح فهذا صريح في التخصيص ، وعلى هذا ينزل قول الحسن رحمه الله حيث قال هجران الأحمق قربة إلى الله فإن ذلك يدوم إلى الموت إذ الحماقة لا ينتظر علاجها ، وذكر عند محمد بن عمر الواقدي رجل هجر رجلا حتى مات فقال هذا شيء قدم تقدم فيه قوم سعد بن أبي وقاص كان مهاجرا لعمار بن ياسر حتى مات وعثمان بن عفان كان مهاجرا لعبد الرحمن بن عوف وعائشة كانت مهاجرة لحفصة وكان طاوس مهاجرا لوهب بن منبه حتى ماتا وكل ذلك يحمل على رؤيتهم سلامتهم في المهاجرة ، واحتجوا بما روي أن رجلا أتى الجبل ليتعبد فيه فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تفعل أنت ولا أحد منكم لصبر أحدكم في بعض مواطن الإسلام خير له من عبادة أحدكم وحده أربعين عاما حديث أن رجلا أتى الجبل ليتعبد فيه فجىء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تفعل الحديث أخرجه البيهقي من حديث عسعس ابن سلامة قال ابن عبد البر يقولون إن حديثه مرسل وكذا ذكره ابن حبان في ثقات التابعين والظاهر أن هذا إنما كان لما فيه من ترك الجهاد مع شدة وجوبه في ابتداء الإسلام بدليل ما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بشعب فيه عيينة طيبة الماء فقال واحد من القوم لو اعتزلت الناس في هذا الشعب ولن أفعل ذلك حتى أذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم لا تفعل فإن مقام أحدكم في سبيل الله خير من صلاته في أهله ستين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة اغزوا في سبيل الله فإنه من قاتل في سبيل الله فواق ناقة أدخله الله الجنة حديث أبي هريرة غزونا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا بشعب فيه عيينة طيبة الماء غزيرة فقال واحد من القوم لو اعتزلت الناس في هذا الشعب الحديث أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم إلا أن الترمذي قال سبعين عاما ، واحتجوا بما روى معاذ بن جبل أنه صلى الله عليه وسلم قال إن الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ القاصية والناحية والشاردة وإياكم والشعاب وعليكم بالعامة والجماعة والمساجد حديث معاذ بن جبل الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ القاصية أخرجه أحمد والطبراني ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا وهذا إنما أراد به من اعتزل قبل تمام الغلم وسيأتي بيان ذلك وأن ذلك ينهى عنه إلا لضرورة .
ذكر حجج المائلين إلى تفضيل العزلة : احتجوا بقوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي الآية ثم قال تعالى فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا إشارة إلى أن ذلك ببركة العزلة وهذا ضعيف لأن مخالطة الكفار لا فائدة فيها إلا دعوتهم إلى الدين وعند اليأس من إجابتهم فلا وجه إلا هجرهم وإنما الكلام في مخالطة المسلمين وما فيها من البركة لما روى أنه قيل يا رسول الله الوضوء من جر مخمر أحب إليك أو من هذه المطاهر التي يتطهر منها الناس فقال بل من هذه المطاهر التماسا لبركة أيدي المسلمين حديث قيل له صلى الله عليه وسلم الوضوء من جر مخمر أحب إليك أو من هذه المطاهر التي يطهر منها الناس فقال بل من هذه المطاهر الحديث أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر وفيه ضعف ، وروي أنه صلى الله عليه وسلم لما طاف بالبيت عدل إلى زمزم ليشرب منها فإذا التمر المنقع في حياض الأدم وقد مغثه الناس بأيديهم وهم يتناولون منه ويشربون فاستسقى منه وقال اسقوني فقال العباس إن هذا النبيذ شراب قد مغث وخيض بالأيدي أفلا آتيك بشراب أنظف من هذا من جر مخمر في البيت فقال اسقوني من هذا الذي يشرب منه الناس ألتمس بركة أيدي المسلمين فشرب منه حديث لما طاف بالبيت عدل إلى زمزم يشرب منها فإذا التمر منقع في حياض الأدم قد مغثه الناس بأيديهم الحديث وفيه فقال اسقوني من هذا الذي يشرب منه الناس رواه الأزرقي في تاريخ مكة من حديث ابن عباس بسند ضعيف ومن رواية طاوس مرسلا نحوه فإذن كيف يستدل باعتزال الكفار والأصنام على اعتزال المسلمين مع كثرة البركة فيهم ، واحتجوا أيضا بقول موسى عليه السلام وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون وأنه فزع إلى العزلة عند اليأس منهم، وقال تعالى في أصحاب الكهف وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته أمرهم بالعزلة ، وقد اعتزل نبينا صلى الله عليه وسلم قريشا لما آذوه وجفوه ودخل الشعب وأمر أصحابه باعتزالهم والهجرة إلى أرض الحبشة حديث اعتزاله صلى الله عليه وسلم قريشا لما آذوه وجفوه ودخل الشعب وأمر أصحابه باعتزالهم والهجرة إلى الحبشة الحديث رواه موسى بن عقبة في المغازي ومن طريقه البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب مرسلا ورواه ابن سعد في الطبقات من رواية ابن شهاب علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلا أيضا ووصله من رواية أبي سلمة الحضرمي عن ابن عباس إلا أن ابن سعد ذكر أن المشركين حصروا بني هاشم في الشعب ، وذكر موسى بن عقبة أن أبا طالب جمع بني عبد المطلب وأمرهم أن يدخلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبهم ومغازي موسى بن عقبة أصح المغازي ، وذكر موسى بن عقبة أيضا أنه أمر أصحابه حين دخل الشعب بالخروج إلى أرض الحبشة ، ولأبي داود من حديث أبي موسى أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض النجاشي قال البيهقي وإسناده صحيح ، ولأحمد من حديث ابن مسعود بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ، وروى ابن إسحاق بإسناد جيد ومن طريقه البيهقي في الدلائل من حديث أم سلمة إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده الحديث ثم تلاحقوا به إلى المدينة بعد أن أعلى الله كلمته وهذا أيضا اعتزال عن الكفار بعد اليأس منهم فإنه صلى الله عليه وسلم لم يعتزل المسلمين ولا من توقع إسلامه من الكفار وأهل الكهف لم يعتزل بعضهم بعضا وهم مؤمنون وإنما اعتزلوا الكفار وإنما النظر في العزلة من المسلمين ، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم لعبدالله بن عامر الجهني لما قال يا رسول الله ما النجاة قال ليسعك بيتك وأمسك عليك لسانك وابك على خطيئتك ، وروى أنه قيل له صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل قال مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله تعالى قيل ثم من قال رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره ، وقال صلى الله عليه وسلم إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي حديث إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي أخرجه مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص وفي الاحتجاج بهذه الأحاديث نظر فأما قوله لعبد الله بن عامر فلا يمكن تنزيله إلا على ما عرفه صلى الله عليه وسلم بنور النبوة من حاله وأن لزوم البيت كان أليق به وأسلم له من المخالطة فإنه لم يأمر جميع الصحابة بذلك ، ورب شخص تكون سلامته في العزلة لا في المخالطة كما قد تكون سلامته في القعود في البيت وأن لا يخرج إلى الجهاد وذلك لا يدل على أن ترك الجهاد أفضل وفي مخالطة الناس مجاهدة ومقاساة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم حديث الذي يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر ولم يسم الترمذي الصحابي قال شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والطريق واحد وعلى هذا ينزل قوله صلى الله عليه وسلم رجل معتزل يعبد ربه ويدع الناس من شره فهذا إشارة إلى شرير بطبعه تتأذى الناس بمخالطته وقوله إن الله يحب التقي الخفي إشارة إلى إيثار الخمول وتوقي الشهرة وذلك لا يتعلق بالعزلة فكم من راهب معتزل تعرفه كافة الناس وكم من مخالط خامل لا ذكر له ولا شهرة فهذا تعرض لأمر لا يتعلق بالعزلة ، واحتجوا بما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ألا أنبئكم بخير الناس قالوا بلى يا رسول الله فأشار بيده نحو المغرب وقال رجل آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ينتظر أن يغير أو يغار عليه ألا أنبئكم بخير الناس بعده وأشار بيده نحو الحجاز وقال رجل في غنمه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعلم حق الله في ماله اعتزل شرور الناس حديث ألا أنبئكم بخير الناس قالوا بلى قال فأشار بيده نحو المغرب وقال رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل الله ينتظر أن يغير أو يغار عليه الحديث أخرجه الطبراني من حديث أم مبشر إلا أنه قال نحو المشرق بدل المغرب وفيه ابن إسحاق رواه بالعنعنة وللترمذي والنسائي نحوه مختصرا من حديث ابن عباس قال الترمذي حديث حسن .
فإذا ظهر أن هذه الأدلة لا شفاء فيها من الجانبين فلا بد من كشف الغطاء بالتصريح بفوائد العزلة وغوائلها ومقايسة بعضها بالبعض ليتبين الحق فيها
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:03 pm | |
| الباب الثاني
في فوائد العزلة وغوائلها وكشف الحق في فضلها
اعلم أن اختلاف الناس في هذا يضاهي اختلافهم في فضيلة النكاح والعزوبة ، وقد ذكرنا أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص بحسب ما فصلناه من آفات النكاح وفوائده فكذلك القول فيما نحن فيه فلنذكر.. أولا : فوائد العزلة : وهي تنقسم إلى فوائد دينية ودنيوية . والدينية تنقسم إلى : ما يمكن من تحصيل الطاعات في الخلوة والمواظبة على العبادة والفكر وتربية العلم وإلى تخلص من ارتكاب المناهي التي يتعرض الإنسان لها بالمخالطة كالرياء والغيبة والسكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة والأعمال الخبيثة من جلساء السوء . وأما الدنيوية فتنقسم إلى ما يمكن من التحصيل بالخلوة كتمكن المحترف في خلوته إلى ما يخلص من محذورات يتعرض لها بالمخالطة كالنظر إلى زهرة الدنيا وإقبال الخلق عليها وطمعه في الناس وطمع الناس فيه وانكشاف ستر مروءته بالمخالطة والتأذي بسوء خلق الجليس في مرائه أو سوء ظنه أو نميمته أو محاسدته أو التأذي بثقله وتشويه خلقته .
وإلى هذا ترجع مجامع فوائد العزلة فلنحصرها في ست فوائد : الفائدة الأولى : التفرغ للعبادة والفكر والاستئناس بمناجاة الله تعالى عن مناجاة الخلق ، والاشتغال باستكشاف أسرار الله تعالى في أمر الدنيا والآخرة وملكوت السموات والأرض فإن ذلك يستدعي فراغا ولا فراغ مع المخالطة فالعزلة وسيلة إليه ، ولهذا قال بعض الحكماء لا يتمكن أحد من الخلوة إلا بالتمسك بكتاب الله تعالى ، والمتمسكون بكتاب الله تعالى هم الذين استراحوا من الدنيا بذكر الله ، الذاكرون الله بالله عاشوا بذكر الله وماتوا بذكر الله ولقوا الله بذكر الله ، ولا شك في أن هؤلاء تمنعهم المخالطة عن الفكر والذكر فالعزلة أولى بهم ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم في ابتداء أمره يتبتل في جبل حراء وينعزل إليه حتى قوي فيه نور النبوة حديث كان صلى الله عليه وسلم في أول أمره يتبتل في جبل حراء وينعزل إليه متفق عليه من حديث عائشة نحوه ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه الحديث ، فكان الخلق لا يحجبونه عن الله ، فكان ببدنه مع الخلق وبقلبه مقبلا على الله تعالى حتى كان الناس يظنون أن أبا بكر خليله فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن استغراق همه بالله فقال لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله حديث لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن صاحبكم خليل الله أخرجه مسلم من حديث ابن مسعود وقد تقدم ، ولن يسع الجمع بين مخالطة الناس ظاهرا والإقبال على الله سرا إلا قوة النبوة فلا ينبغي أن يغتر كل ضعيف بنفسه فيطمع في ذلك ولا يبعد أن تنتهي درجة بعض الأولياء إليه فقد نقل عن الجنيد أنه قال أنا أكلم الله منذ ثلاثين سنة والناس يظنون أني أكلمهم وهذا إنما يتيسر للمستغرق بحب الله استغراقا لا يبقى لغيره فيه متسع وذلك غير منكر ففي المشتهرين بحب الخلق من يخالط الناس ببدنه وهو لا يدري ما يقول ولا ما يقال له لفرط عشقه لمحبوبه بل الذي دهاه ملم يشوش عليه أمرا من أمور دنياه فقد يستغرقه الهم بحيث يخالط الناس ولا يحس بهم ولا يسمع أصواتهم لشدة استغراقه ، وأمر الآخرة أعظم عند العقلاء فلا تستحيل ذلك فيه ولكن الأولى بالأكثرين الاستعانة بالعزلة ولذلك قيل لبعض الحكماء ما الذي أرادوا بالخلوة واختيار العزلة فقال يستدعون بذلك دوام الفكرة وتثبت العلوم في قلوبهم ليحيوا حياة طيبة ويذوقوا حلاوة المعرفة ، وقيل لبعض الرهبان ما أصبرك على الوحدة فقال ما أنا وحدي أنا جليس الله تعالى إذا شئت أن يناجيني قرأت كتابه وإذا شئت أن أناجيه صليت ، وقيل لبعض الحكماء إلى أي شيء أفضى بكم الزهد والخلوة فقال إلى الأنس بالله ، وقال سفيان بن عيينة لقيت إبراهيم ابن أدهم رحمه الله في بلاد الشام فقلت له يا إبراهيم تركت خراسان فقال ما تهنأت بالعيش إلا ههنا أفر بديني من شاهق إلى شاهق فمن يراني يقول موسوس أو حمال أو ملاح ، وقيل لغزوان الرقاشي هبك لا تضحك فما يمنعك من مجالسة إخوانك قال إني أصيب راحة قلبي في مجالسة من عنده حاجتي ، وقيل للحسن يا أبا سعيد ههنا رجل لم تره قط جالسا إلا وحده خلف سارية فقال الحسن إذا رأيتموه فأخبروني به فنظروا إليه ذات يوم فقالوا للحسن هذا الرجل الذي أخبرناك به وأشاروا إليه فمضى إليه الحسن وقال له يا عبد الله أراك قد حببت إليك العزلة فما يمنعك من مجالسة الناس فقال أمر شغلني عن الناس قال فما يمنعك أن تأتي هذا الرجل الذي يقال له الحسن فتجلس إليه فقال أمر شغلني عن الناس وعن الحسن فقال له الحسن وما ذاك الشغل يرحمك الله فقال إني أصبح وأمسي بين نعمة وذنب فرأيت أن أشغل نفسي بشكر الله تعالى على النعمة والاستغفار من الذنب فقال له الحسن أنت يا عبد الله أفقه عندي من الحسن فالزم ما أنت عليه ، وقيل بينما أويس القرني جالس إذ أتاه هرم بن حيان فقال له أويس ما جاء بك قال جئت لآنس بك فقال أويس ما كنت أرى أن أحدا يعرف ربه فيأنس بغيره ، وقال الفضيل إذا رأيت الليل مقبلا فرحت به وقلت أخلو بربي وإذا رأيت الصبح أدركني استرجعت كراهية لقاء الناس وأن يجيئني من يشغلني عن ربي ، وقال عبد الله بن زيد طوبى لمن عاش في الدنيا وعاش في الآخرة قيل له وكيف ذلك قال يناجي الله في الدنيا ويجاوره في الآخرة ، وقال ذو النون المصري سرور المؤمن ولذته في الخلوة بمناجاة ربه ، وقال مالك بن دينار من لم يأنس بمحادثة الله عز وجل عن محادثة المخلوقين فقد قل علمه وعمى قلبه وضيع عمره ، وقال ابن المبارك ما أحب حال من انقطع إلى الله تعالى ، ويروى عن بعض الصالحين أنه قال بينما أنا أسير في بعض بلاد الشام إذا أنا بعابد خارج من بعض تلك الجبال فلما نظر إلي تنحى إلى أصل شجرة وتستر بها فقلت سبحان الله تبخل علي بالنظر إليك فقال هذا إني أقمت في هذا الجبل دهرا طويلا أعالج قلبي في الصبر عن الدنيا وأهلها فطال في ذلك تعبي وفني فيه عمري فسألت الله تعالى أن لا يجعل حظي من أيامي في مجاهدة قلبي فسكنه الله عن الاضطراب وألفه الوحدة والانفراد فلما نظرت إليك خفت أن أقع في الأمر الأول فإليك عني فإني أعوذ من شرك برب العارفين وحبيب القانتين ثم صاح واغماه من طول المكث في الدنيا ثم حول وجهه عني ثم نفض يديه وقال إليك عني يا دنيا لغيري فتزيني وأهلك فغري ثم قال سبحان من أذاق قلوب العارفين من لذة الخدمة وحلاوة الانقطاع إليه ما ألهى قلوبهم عن ذكر الجنان وعن الحور الحسان وجمع همهم في ذكره فلا شيء ألذ عندهم من مناجاته ثم مضى وهو يقول قدوس قدوس فإذا في الخلوة أنس بذكر الله واستكثار من معرفة الله وفي مثل ذلك قيل وإني لأستغشي وما بي غشوة لعل خيالا منك يلقى خياليا وأخرج من بين الجلوس لعلني أحدث عنك النفس بالسر خاليا ، ولذلك قال بعض الحكماء إنما يستوحش الإنسان من نفسه لخلو ذاته عن الفضيلة فيكثر حينئذ ملاقاة الناس ويطرد الوحشة عن نفسه بالكون معهم فإذا كانت ذاته فاضلة طلب الوحدة ليستعين بها على الفكرة ويستخرج العلم والحكمة وقد قيل الاستئناس من علامات الإفلاس فإذا هذه فائدة جزيلة ولكن في حق بعض الخواص ومن يتيسر له بدوام الذكر الأنس بالله أو بدوام الفكر التحقق في معرفة الله فالتجرد له أفضل من كل ما يتعلق بالمخالطة فإن غاية العبادات وثمرة المعاملات أن يموت الإنسان محبا لله عارفا بالله ولا محبة إلا بالأنس الحاصل بدوام الذكر ولا معرفة إلا بدوام الفكر وفراغ القلب شرط في كل واحد منهما ولا فراغ مع المخالطة .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:08 pm | |
|
الفائدة الثانية : التخلص بالعزلة عن المعاصي التي يتعرض الإنسان لها غالبا بالمخالطة ويسلم منها في الخلوة وهي أربعة الغيبة والنميمة والرياء والسكوت عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومسارقة الطبع من الأخلاق الرديئة والأعمال الخبيثة التي يوجبها الحرص على الدنيا أما الغيبة فإذا عرفت من كتاب آفات اللسان من ربع المهلكات وجوهها عرفت أن التحرز عنها مع المخالطة عظيم لا ينجو منها إلا الصديقون فإن عادة الناس كافة التمضمض بأعراض الناس والتفكه بها والتنفل بحلاوتها وهي طعمتهم ولذتهم وإليها يستروحون من وحشتهم في الخلوة فإن خالطتهم ووافقتهم أثمت وتعرضت لسخط الله تعالى وإن سكت كنت شريكا والمستمع أحد المغتابين وإن أنكرت أبغضوك وتركوا ذلك المغتاب واغتابوك فازدادوا غيبة إلى غيبة وربما زادوا على الغيبة وانتهوا إلى الاستخفاف والشتم وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو من أصول الدين وهو واجب كما سيأتي بيانه في آخر هذا الربع ومن خالط الناس فلا يخلو عن مشاهدة المنكرات فإن سكت عصى الله به وإن أنكر تعرض لأنواع من الضرر إذ ربما يجره طلب الخلاص عنها إلى معاص هي أكبر مما نهى عنه ابتداء وفي العزلة خلاص من هذا فإن الأمر في إهماله شديد والقيام به شاق وقدم قام أبو بكر رضي الله عند خطيبا وقال أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنكم تضعونها في غير موضعها وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأى الناس المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب حديث أبي بكر إنكم تقرءون هذه الآية يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنكم لتضعونها في غير موضعها الحديث أخرجه أصحاب السنن قال الترمذي حسن صحيح وقد قال صلى الله عليه وسلم إن الله ليسأل العبد حتى يقول له ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره فإذا لقن الله لعبد حجته قال يا رب رجوتك وخفت الناس حديث إن الله يسأل العبد حتى يقول ما منعك إذا رأيت المنكر في الدنيا أن تنكره الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد جيد وهذا إذا خاف من ضرب أو أمر لا يطاق ومعرفة حدود ذلك مشكلة وفيه خطر وفي العزلة خلاص وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إثارة للخصومات وتحريك لغوائل الصدور كما قيل وكم سقت في آثاركم من نصيحة وقد يستفيد البغضة المتنصح ومن جرب الأمر بالمعروف ندم عليه غالبا فإنه كجدار مائل يريد الإنسان أن يقيمه فيوشك أن يسقط عليه فإذا سقط عليه يقول يا ليتني تركته مائلا نعم لو وجد أعوانا أمسكوا الحائط حتى يحكمه بدعامة لاستقام وأنت اليوم لا تجد الأعوان فدعهم وانج بنفسك وأما الرياء فهو الداء العضال الذي يعسر على الأبدال والأوتاد الاحتراز عنه وكل من خالط الناس داراهم ومن داراهم راءاهم ومن راءاهم وقع فيما وقعوا فيه وهلك كما هلكوا وأقل ما يلزم فيه النفاق فإنك إن خالطت متعاديين ولم تلق كل واحد منهما بوجه يوافقه صرت بغيضا إليهما جميعا وإن جاملتهما كنت من شرار الناس وقال صلى الله عليه وسلم تجدون من شرار الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه حديث تجدون من شرار الناس ذا الوجهين متفق عليه من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم إن من شر الناس ذا الوجهين يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه حديث إن من شر الناس ذا الوجهين أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وهو الذي قبله وأقل ما يجب في مخالطة الناس إظهار الشوق والمبالغة فيه ولا يخلو ذلك عن كذب إما في الأصل وإما في الزيادة وإظهار الشفقة بالسؤال عن الأحوال بقولك كيف أنت وكيف أهلك وأنت في الباطن فارغ القلب من همومه وهذا نفاق محض قال سري لو دخل أخ لي فسويت لحيتي بيدي لدخوله لخشيت أن أكتب في جريدة المنافقين وكان الفضيل جالسا وحده في المسجد الحرام فجاء إليه أخ له فقال له ما جاء بك قال المؤانسة يا أبا علي فقال هي والله بالمواحشة أشبه هل تريد إلا أن تتزين لي وأتزين لك وتكذب لي وأكذب لك إما أن تقوم عني أو أقوم عنك وقال بعض العلماء ما أحب الله عبدا إلا أحب أن لا يشعر به ودخل طاوس على الخليفة هشام فقال كيف أنت يا هشام فغضب عليه وقال لم لم تخاطبني بأمير المؤمنين فقال لأن جميع المسلمين ما اتفقوا على خلافتك فخشيت أن أكون كاذبا فمن أمكنه أن يحترز هذا الاحتراز فليخالط الناس وإلا فليرض بإثبات اسمه في جريدة المنافقين فقد كان السلف يتلاقون ويحترزون في قولهم كيف أصبحت وكيف أمسيت وكيف أنت وكيف حالك وفي الجواب عنه فكان سؤالهم عن أحوال الدين لا عن أحوال الدنيا قال حاتم الأصم لحامد اللفاف كيف أنت في نفسك قال سالم معافى فكره حاتم جوابه وقال يا حامد السلامة من وراء الصراط والعافية في الجنة وكان إذا قيل لعيسى صلى الله عليه وسلم كيف أصبحت قال أصبحت لا أملك تقديم ما أرجو ولا أستطيع دفع ما أحاذر وأصبحت مرتهنا بعملي والخير كله في يد غيري ولا فقير أفقر مني وكان الربيع بن خثيم إذا قيل له كيف أصبحت قال أصبحت من ضعفاء مذنبين نستوفي أرزاقنا وننتظر آجالنا وكان أبو الدرداء إذا قيل له كيف أصبحت قال أصبحت بخير إن نجوت من النار وكان سفيان الثوري إذا قيل له كيف أصبحت يقول أصبحت أشكر ذا إلى ذا وأذم ذا إلى ذا وأفر من ذا إلى ذا وقيل لأويس القرني كيف أصبحت قال كيف يصبح رجل إذا أمسى لا يدري أنه يصبح وإذا أصبح لا يدري أنه يمسي وقيل لمالك بن دينار كيف أصبحت قال أصبحت في عمر ينقص وذنوب تزيد وقيل لبعض الحكماء كيف أصبحت قال أصبحت لا أرضى حياتي لمماتي ولا نفسي لربي وقيل لحكيم كيف أصبحت قال أصبحت آكل رزق ربي وأطيع عدوه إبليس وقيل لمحمد بن واسع كيف أصبحت قال ما ظنك برجل يرتحل كل يوم إلى الآخرة مرحلة وقيل لحامد اللفاف كيف أصبحت قال أصبحت أشتهي عافية يوم إلى الليل فقيل له ألست في عافية في كل الأيام فقال العافية يوم لا أعصي الله تعالى فيه وقيل لرجل وهو يجود بنفسه ما حالك فقال وما حال من يريد سفرا بعيدا بلا زاد ويدخل قبرا موحشا بلا مؤنس وينطلق إلى ملك عدل بلا حجة وقيل لحسان ابن أبي سنان ما حالك قال ما حال من يموت ثم يبعث ثم يحاسب وقال ابن سيرين لرجل كيف حالك فقال وما حال من عليه خمسمائة درهم دينا وهو معيل فدخل ابن سيرين منزله فأخرج له ألف درهم فدفعها إليه وقال خمسمائة اقض بها دينك وخمسمائة عد بها على نفسك وعيالك ولم يكن عنده غيرها ثم قال والله لا أسأل أحدا عن حاله أبدا وإنما فعل ذلك لأنه خشي أن يكون سؤاله من غير اهتمام بأمره فيكون بذلك مرائيا منافقا فقد كان سؤالهم عن أمور الدين وأحوال القلب في معاملة الله وإن سألوا عن أمور الدنيا فعن اهتمام وعزم على القيام بما يظهر لهم من الحاجة وقال بعضهم إني لأعرف أقواما كانوا لا يتلاقون ولو حكم أحدهم على صاحبه بجميع ما يملكه لم يمنعه وأرى الآن أقواما يتلاقون ويتساءلون حتى عن الدجاجة في البيت ولو انبسط أحدهم لحبة من مال صاحبه لمنعه فهل هذا إلا مجرد الرياء والنفاق وآية ذلك أنك ترى هذا يقول كيف أنت ويقول الآخر كيف أنت فالسائل لا ينتظر الجواب والمسئول يشتغل بالسؤال ولا يجيب وذلك لمعرفتهم بأن ذلك عن رياء وتكلف ولعل القلوب لا تخلو عن ضغائن وأحقاد والألسنة تنطق بالسؤال قال الحسن إنما كانوا يقولون السلام عليكم إذا سلمت والله القلوب وأما الآن فكيف أصبحت عافاك الله كيف أنت أصلحك الله فإن أخذنا بقولهم كانت بدعة لا كرامة فإن شاءوا غضبوا علينا وإن شاءوا لا وإنما قال ذلك لأن البداية بقولك كيف أصبحت بدعة وقال رجل لأبي بكر بن عياش كيف أصبحت فما أجابه وقال دعونا من هذه البدعة وقال إنما حدث هذا في زمان الطاعون الذي كان يدعى طاعون عمواس بالشام من الموت الذريع كان الرجل يلقاه أخوه غدوة فيقول كيف أصبحت من الطاعون ويلقاه عشية فيقول كيف أمسيت والمقصود أن الالتقاء في غالب العادات ليس يخلو عن أنواع من التصنع والرياء والنفاق وكل ذلك مذموم بعضه محظور وبعضه مكروه وفي العزلة الخلاص من ذلك فإن من لقي الخلق ولم يخالقهم بأخلاقهم مقتوه واستثقلوه واغتابوه وتشمروا لإيذائه فيذهب دينهم فيه ويذهب دينه ودنياه في الانتقام منهم وأما مسارقة الطبع مما يشاهده من أخلاق الناس وأعمالهم فهو داء دفين قلما يتنبه له العقلاء فضلا عن الغافلين فلا يجالس الإنسان فاسقا مدة مع كونه منكرا عليه في باطنه إلا ولو قاس نفسه إلى ما قبل مجالسته لأدرك بينهما تفرقة في النفرة عن الفساد واستثقاله إذ يصير للفساد بكثرة المشاهدة هينا على الطبع فيسقط وقعه واستعظامه له وإنما الوازع عنه شدة وقعه في القلب فإذا صار مستصغرا بطول المشاهدة أوشك أن تنحل القوة الوازعة ويذعن الطبع للميل إليه أو لما دونه ومهما طالت مشاهدته للكبائر من غيره استحقر الصغائر من نفسه ولذلك يزدري الناظر إلى الأغنياء نعمة الله عليه فتؤثر مجالستهم في أن يستصغر ما عنده وتؤثر مجالسة الفقراء في استعظام ما أتيح له من النعم وكذلك النظر إلى المطيعين والعصاة هذا تأثيره في الطبع من يقصر نظره على ملاحظة أحوال الصحابة والتابعين في العبادة والتنزه عن الدنيا فلا يزال ينظر إلى نفسه بعين الاستصغار وإلى عبادته بعين الاستحقار وما دام يرى نفسه مقصرا فلا يخلو عن داعية الاجتهاد رغبة في الاستكمال واستتماما للاقتداء ومن نظر إلى الأحوال الغالبة على أهل الزمان وإعراضهم عن الله وإقبالهم على الدنيا واعتيادهم المعاصي استعظم أمر نفسه بأدنى رغبة في الخير يصادفها في قلبه وذلك هو الهلاك ويكفي في تغيير الطبع مجرد سماع الخير والشر فضلا عن مشاهدته وبهذه الدقيقة يعرف سر قوله صلى الله عليه وسلم عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة حديث عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة ليس له أصل في الحديث المرفوع وإنما هو من قول سفيان ابن عيينة كذا رواه ابن الجوزي في مقدمة صفوة الصفوة وإنما الرحمة دخول الجنة ولقاء الله وليس ينزل عند الذكر عين ذلك ولكن سببه وهو انبعاث الرغبة من القلب وحركة الحرص على الاقتداء بهم والاستنكاف عما هو ملابس له من القصور والتقصير ومبدأ الرحمة فعل الخير ومبدأ فعل الخير الرغبة ومبدأ الرغبة ذكر أحوال الصالحين فهذا معنى نزول الرحمة والمفهوم من فحوى هذا الكلام عند الفطن كالمفهوم من عكسه وهو أن عند ذكر الفاسقين تنزل اللعنة لأن كثرة ذكرهم تهون على الطبع أمر المعاصي واللعنة هي البعد ومبدأ البعد من الله هو المعاصي والإعراض عن الله بالإقبال على الحظوظ العاجلة والشهوات الحاضرة لا على الوجه المشروع ومبدأ المعاصي سقوط ثقلها وتفاحشها عن القلب ومبدأ سقوط الثقل وقوع الأنس بها بكثرة السماع إذا كان هذا حال ذكر الصالحين والفاسقين فما ظنك بمشاهدتهم بل قد صرح بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال مثل الجليس السوء كمثل الكير إن لم يحرقك بشرره علق بك من ريحه حديث مثل الجليس السوء كمثل الكير الحديث متفق عليه من حديث أبي موسى فكما أن الريح يعلق بالثوب ولا يشعر به فكذلك يسهل الفساد على القلب وهو لا يشعر به وقال مثل الجليس الصالح مثل صاحب المسك إن لم يهب لك منه تجد ريحه ولهذا أقول من عرف من عالم زلة حرم عليه حكايتها لعلتين إحداهما أنها غيبة والثانية وهي أعظمهما أن حكايتها تهون على المستمعين أمر تلك الزلة ويسقط من قلوبهم استعظامهم الإقدام عليها فيكون ذلك سببا لتهوين تلك المعصية فإنه مهما وقع فيها فاستنكر ذلك دفع الاستنكار وقال كيف يستبعد هذا منا وكلنا مضطرون إلى مثله حتى العلماء والعباد ولو اعتقد أن مثل ذلك لا يقدم عليه عالم ولا يتعاطاه موفق معتبر لشق عليه الإقدام فكم من شخص يتكالب على الدنيا ويحرص عل جمعها ويتهالك على حب الرياسة وتزيينها ويهون على نفسه قبحها ويزعم أن الصحابة رضي الله عنهم لم ينزهوا أنفسهم عن حب الرياسة وربما يستشهد عليه بقتال علي ومعاوية ويخمن في نفسه أن ذلك لم يكن لطلب الحق بل لطلب الرياسة فهذا الاعتقاد خطأ يهون عليه أمر الرياسة ولوازمها من المعاصي والطبع اللئيم يميل إلى اتباع الهفوات والإعراض عن الحسنات بل إلى تقدير الهفوة فيما لا هفوة فيه بالتنزيل على مقتضى الشهوة ليتعلل به وهو من دقائق مكايد الشيطان ولذلك وصف الله المراغمين للشيطان فيها بقوله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وضرب صلى الله عليه وسلم لذلك مثلا وقال مثل الذي يجلس يستمع الحكمة ثم لا يعمل إلا بشر ما يستمع كمثل رجل أتى راعيا فقال له يا راعي اجرر لي شاة من غنمك فقال اذهب فخذ خير شاة فيها فذهب عليه السلام فأخذ بأذن كلب الغنم حديث مثل الذي يسمع الحكمة ثم لا يحمل منها إلا شر ما يسمع كمثل رجل أتى راعيا فقال يا راعي اجرر لي شاة من غنمك الحديث أخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وكل من ينقل هفوات الأئمة فهذا مثاله أيضا ومما يدل على سقوط وقع الشيء عن القلب بسبب تكرره ومشاهدته أن أكثر الناس إذا رأوا مسلما أفطر في نهار رمضان استبعدوا ذلك منه استبعادا يكاد يفضي إلى اعتقادهم كفره وقد يشاهدون من يخرج الصلوات عن أوقاتها ولا تنفر عنه طباعهم كنفرتهم عن تأخير الصوم مع أن صلاة واحدة يقتضي تركها الكفر عند قوم وحز الرقبة عند قوم وترك صوم رمضان كله لا يقتضيه ولا سبب له إلا أن الصلاة تتكرر والتساهل فيها مما يكثر فيسقط وقعها بالمشاهدة عن القلب ولذلك لو لبس الفقيه ثوبا من حرير أو خاتما من ذهب أو شرب من إناء فضة استبعدته النفوس واشتد إنكارها وقد يشاهد في مجلس طويل لا يتكلم إلا بما هو اغتياب للناس ولا يستبعد منه ذلك والغيبة أشد من الزنا فكيف لا تكون أشد من لبس الحرير ولكن كثرة سماع الغيبة ومشاهدة المغتابين أسقط وقعها عن القلوب وهون على النفس أمرها فتفطن لهذه الدقائق وفر من الناس فرارك من الأسد لأنك لا تشاهد منهم إلا ما يزيد في حرصك على الدنيا وغفلتك عن الآخرة ويهون عليك المعصية ويضعف رغبتك في الطاعة فإن وجدت جليسا يذكرك الله رؤيته وسيرته فالزمه ولا تفارقه واغتنمه ولا تستحقره فإنها غنيمة العاقل وضالة المؤمن وتحقق أن الجليس الصالح خير من الوحدة وأن الوحدة خير من الجليس السوء ومهما فهمت هذه المعاني ولاحظت طبعك والتفت إلى حال من أردت مخالطته لم يخف عليك أن الأولى التباعد بالعزلة أو التقرب إليه بالخلطة وإياك أن تحكم مطلقا على العزلة أو الخلطة بأن إحداهما أولى إذ كل مفصل فإطلاق القول فيه بلا أو نعم خلف من القول محض ولا حق في المفصل إلا التفصيل.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:09 pm | |
| الفائدة الثالثة : الخلاص من الفتن والخصومات وصيانة الدين والنفس عن الخوض فيها والتعرض لأخطارها وقلما تخلو البلاد عن تعصبات وفتن وخصومات فالمعتزل عنهم في سلامة منها قال عبد الله بن عمرو بن العاص لما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتن ووصفها وقال إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قلت فما تأمرني فقال الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر الخاصة ودع عنك أمر العامة حديث عبد الله بن عمرو بن العاص إذا رأيت الناس مرجت عهودهم وخفت أماناتهم الحديث أخرجه أبو داود والنسائي في اليوم والليلة بإسناد حسن وروى أبو سعيد الخدري أنه صلى الله عليه وسلم قال يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن من شاهق إلى شاهق حديث أبي سعيد الخدري يوشك أن يكون خير مال المسلم غنما يتبع بها شعاف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن رواه البخاري وروى عبد الله ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال سيأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق ومن جحر إلى جحر كالثعلب الذي يروغ قيل له ومتى ذلك يا رسول الله قال إذا لم تنل المعيشة إلا بمعاصي الله تعالى فإذا كان ذلك الزمان حلت العزوبة قالوا وكيف يا رسول الله وقد أمرتنا بالتزويج قال إذا كان ذلك الزمان كان هلاك الرجل على يد أبويه فإن لم يكن له أبوان فعلى يدي زوجته وولده فإن لم يكن فعلى يدي قرابته قالوا وكيف ذلك يا رسول الله قال يعيرونه بضيق اليد فيتكلف ما لا يطيق حتى يورده ذلك موارد الهلكة حديث ابن مسعود سيأتي على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية إلى قرية ومن شاهق إلى شاهق تقدم في النكاح وهذا الحديث وإن كان في العزوبة فالعزلة مفهومة منه إذ لا يستغني المتأهل عن المعيشة والمخالطة ثم لا ينال المعيشة إلا بمعصية الله تعالى ولست أقول هذا أو أن ذلك الزمان فلقد كان هذا بأعصار قبل هذا العصر ولأجله قال سفيان والله لقد حلت العزلة وقال ابن مسعود رضي الله عنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الفتنة وأيام الهرج قلت وما الهرج قال حين لا يأمن الرجل جليسه قلت فبم تأمرني إن أدركت ذلك الزمان قال كف نفسك ويدك وادخل دارك قال قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل على داري قال فادخل بيتك قلت فإن دخل على بيتي قال فادخل مسجدك واصنع هكذا وقبض على الكوع وقل ربي الله حتى تموت حديث ابن مسعود ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الفتنة وأيام الهرج قلت وما الهرج قال حين لا يأمن الرجل جليسه الحديث أخرجه أبو داود مختصرا والخطابي في العزلة بتمامه وفي إسناده عند الخطابي انقطاع ووصله أبو داود بزيادة رجل اسمه سالم يحتاج إلى معرفته وقال سعد لما دعي إلى الخروج أيام معاوية لا إلا أن تعطوني سيفا له عينان بصيرتان ولسان ينطق بالكافر فأقتله وبالمؤمن فأكف عنه وقال مثلنا ومثلكم كمثل قوم كانوا على محجة بيضاء فبينما هم كذلك يسيرون إذ هاجت ريح عجاجة فضلوا الطريق فالتبس عليهم فقال بعضهم الطريق ذات اليمين فأخذوا فيها فتاهوا وضلوا وقال بعضهم ذات الشمال فأخذوا فيها فتاهوا وضلوا وأناخ آخرون وتوقفوا حتى ذهبت الريح وتبينت الطريق فسافروا فاعتزل سعد وجماعة معه فارقوا الفتن ولم يخالطوا إلا بعد زوال الفتن وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه لما بلغه أن الحسين رضي الله عنه توجه إلى العراق تبعه فلحقه على مسيرة ثلاثة أيام فقال له أين تريد فقال العراق فإذا معه طوامير وكتب فقال هذه كتبهم وبيعتهم فقال لا تنظر إلى كتبهم ولا تأتهم فأبى فقال إني أحدثك حديثا جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة على الدنيا وإنك بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يليها أحد منكم أبدا وما صرفها عنكم إلا للذي هو خير لكم فأبى أن يرجع فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال أستودعك الله من قتيل أو أسير حديث ابن عمر أنه لما بلغه أن الحسين توجه إلى العراق لحقه على مسيرة ثلاثة أيام الحديث وفيه أنه صلى الله عليه وسلم خير بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة رواه الطبراني مقتصرا على المرفوع رواه في الأوسط بذكر قصة الحسين مختصرة ولم يقل على مسيرة ثلاثة أيام وكذا رواه البزار بنحوه وإسنادهما حسن وكان في الصحابة عشرة آلاف فما خف أيام الفتنة أكثر من أربعين رجلا وجلس طاوس في بيته فقيل له في ذلك فقال فساد الزمان وحيف الأئمة ولما بنى عروة قصره بالعقيق ولزمه قيل له لزمت القصر وتركت مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رأيت مساجدكم لاهية وأسواقكم لاغية والفاحشة في فجاجكم عالية وفيما هناك عما أنتم فيه عافية فإذن الحذر من الخصومات ومثارات الفتن إحدى فوائد العزلة .
الفائدة الرابعة : الخلاص من شر الناس فإنهم يؤذونك مرة بالغيبة ومرة بسوء الظن والتهمة بالاقتراحات والأطماع الكاذبة التي يعسر الوفاء بها وتارة بالنميمة أو الكذب فربما يرون منك من الأعمال أو الأقوال ما لا تبلغ عقولهم كنهه فيتخذون ذلك ذخيرة عندهم يدخرونها لوقت تظهر فرصة للشر فإذا اعتزلتهم استغنيت من التحفظ عن جميع ذلك ولذلك قال بعض الحكماء لغيره أعلمك بيتين خير من عشرة آلاف درهم ما هما قال اخفض الصوت إن نطقت بليل والتفت بالنهار قبل المقال ليس للقول رجعة حين يبدو بقبيح يكون أو بجمال ولا شك أن من اختلط بالناس وشاركهم في أعمالهم لا ينفك من حاسد وعدو يسيء الظن به ويتوهم أنه يستعد لمعاداته ونصب المكيدة عليه وتدسيس غائلة وراءه فالناس مهما اشتد حرصهم على أمر يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم وقد اشتد حرصهم على الدنيا فلا يظنون بغيرهم إلا الحرص عليها قال المتنبي إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم وعادى محبيه بقول عداته فأصبح في ليل من الشك مظلم وقد قيل معاشرة الأشرار تورث سوء الظن بالأبرار وأنواع الشر الذي يلقاه الإنسان من معارفه وممن يختلط به كثيرة ولسنا نطول بتفصيلها ففيما ذكرناه إشارة إلى مجامعها وفي العزلة خلاص من جميعها وإلى هذا أشار الأكثر ممن اختار العزلة فقال أبو الدرداء أخبر تقله يروى مرفوعا وقال الشاعر من حمد الناس ولم يبلهم ثم بلاهم ذم من يحمد وصار بالوحدة مستأنسا يوحشه الأقرب والأبعد وقال عمر رضي الله عنه في العزلة راحة من القرين السوء وقيل لعبد الله بن الزبير ألا تأتي المدينة فقال ما بقي فيها إلا حاسد نعمة أو فرح بنقمة وقال ابن السماك كتب صاحب لنا أما بعد فإن الناس كانوا دواء يتداوى به فصاروا داء لا دواء له ففر منهم فرارك من الأسد وكان بعض الأعراب يلازم شجرا ويقول هو نديم فيه ثلاث خصال إن سمع مني لم ينم علي وإن تفلت في وجهه احتمل مني وإن عربدت عليه لم يغضب فسمع الرشيد ذلك فقال زهدني في الندماء وكان بعضهم قد لزم الدفاتر والمقابر فقيل له ذلك فقال لم أر أسلم من وحدة ولا أوعظ من قبر ولا جليسا أمتع من دفتر وقال الحسن رضي الله عنه أردت الحج فسمع ثابت البناني بذلك وكان أيضا من أولياء الله فقال بلغني أنك تريد الحج فأحببت أن أصحبك فقال له الحسن ويحك دعنا نتعاشر بستر الله علينا إني أخاف أن نصطحب فيرى بعضنا من بعض ما نتماقت عليه وهذه إشارة إلى فائدة أخرى في العزلة وهو بقاء الستر على الدين والمروءة والأخلاق والفقر وسائر العورات وقد مدح الله سبحانه المتسترين فقال يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف وقال الشاعر ولا عار إن زالت عن الحر نعمة ولكن عارا أن يزول التجمل ولا يخلو الإنسان في دينه ودنياه وأخلاقه وأفعاله عن عورات الأولى في الدين والدنيا سترها ولا تبقى السلامة مع انكشافها وقال أبو الدرداء كان الناس ورقا لا شوك فيه فالناس اليوم شوكا لا ورق فيه إذا كان هذا حكم زمانه وهو في أواخر القرن الأول فلا ينبغي أن يشك في أن الأخير شر وقال سفيان بن عيينة قال لي سفيان الثوري في اليقظة في حياته وفي المنام بعد وفاته أقلل من معرفة الناس فإن التخلص منهم شديد ولا أحسب أني رأيت ما أكره إلا ممن عرفت وقال بعضهم جئت إلى مالك بن دينار وهو قاعد وحده وإذا كلب قد وضع حنكه على ركبته فذهب أطرده فقال دعه يا هذا هذا لا يضر ولا يؤذي وهو خير من جليس السوء وقيل لبعضهم ما حملك على أن تعتزل الناس قال خشيت أن أسلب ديني ولا أشعر وهذه إشارة إلى مسارقة الطبع من أخلاق القرين السوء وقال أبو الدرداء اتقوا الله واحذروا الناس فإنهم ما ركبوا ظهر بعير إلا أدبروه ولا ظهر جواد إلا عقروه ولا قلب مؤمن إلا خربوه وقال بعضهم أقلل المعارف فإنه أسلم لدينك وقلبك وأخف لسقوط الحقوق عنك لأنه كلما كثرت المعارف كبرت الحقوق وعسر القيام بالجميع وقال بعضهم أنكر من تعرف ولا تتعرف إلى من لا تعرف.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:11 pm | |
| الفائدة الخامسة : أن ينقطع طمع الناس عنك وينقطع طمعك عن الناس فأما انقطاع طمع الناس عنك ففيه فوائد فإن رضا الناس غاية لا تدرك فاشتغال المرء بإصلاح نفسه أولى ومن أهون الحقوق وأيسرها حضور الجنازة وعيادة المريض وحضور الولائم والإملاكات وفيها تضييع الأوقات وتعرض للآفات ثم قد تعوق عن بعضها العوائق وتستقبل فيها المعاذير ولا يمكن إظهار كل الأعذار فيقولون له قمت بحق فلان وقصرت في حقنا ويصير ذلك سبب عداوة فقد قيل من لم يعد مريضا في وقت العيادة اشتهى موته خيفة من تخجيله إذا صح على تقصيره ومن عمم الناس كلهم بالحرمان رضوا عنه كلهم ولو خصص استوحشوا وتعميمهم بجميع الحقوق لا يقدر عليه المتجرد له طول الليل والنهار فكيف من له مهم يشغله في دين أو دنيا قال عمرو بن العاص كثرة الأصدقاء كثرة الغرماء وقال ابن الرومي عدوك من صديقك مستفاد فلا تستكثرن من الصحاب فإن الداء أكثر ما تراه يكون من الطعام أو الشراب وقال الشافعي رحمه الله أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام وأما انقطاع طمعك عنهم فهو أيضا فائدة جزيلة فإن من نظر إلى زهرة الدنيا وزينتها تحرك حرصه وانبعث بقوة الحرص طمعه ولا يرى إلا الخيبة في أكثر الأحوال فيتأذى بذلك ومهما اعتزل لم يشاهد وإذا لم يشاهد لم يشته ولم يطمع ولذلك قال الله تعالى ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم وقال صلى الله عليه وسلم انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم حديث انظروا إلى من هو دونكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وقال عون بن عبد الله كنت أجالس الأغنياء فلم أزل مغموما كنت أرى ثوبا أحسن من ثوبي ودابة أفره من دابتي فجالست الفقراء فاسترحت وحكى أن المزني رحمه الله خرج من باب جامع الفسطاط وقد أقبل ابن عبد الحكم في موكبه فبهره ما رأى من حسن حاله وحسن هيئته فتلا قوله تعالى وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون ثم قال بلى أصبر وأرضى وكان فقيرا مقلا فالذي هو في بيته لا يبتلى بمثل هذه الفتن فإن من شاهد زينة الدنيا فإما أن يقوى دينه ويقينه فيصبر إلى أن يتجرع مرارة الصبر وهو أمر من الصبر أو تنبعث رغبته فيحتال في طلب الدنيا فيهلك هلاكا مؤبدا أما في الدنيا فبالطمع الذي يخيب في أكثر الأوقات فليس كل من يطلب الدنيا تتيسر له وأما في الآخرة فإيثاره متاع الدنيا على ذكر الله تعالى والتقرب إليه ولذلك قال ابن الأعرابي إذا كان باب الذل من جانب الغنى سموت إلى العلياء من جانب الفقر أشار إلى أن الطمع يوجب في الحال ذلا .
الفائدة السادسة : الخلاص من مشاهدة الثقلاء والحمقى ومقاساة حمقهم وأخلاقهم فإن رؤية الثقيل هي العمى الأصغر قيل للأعمش مم عمشت عيناك قال من النظر إلى الثقلاء ويحكى أنه دخل عليه أبو حنيفة فقال في الخبر إن من سلب الله كريمتيه عوضه الله عنهما ما هو خير منهما حديث من سلب الله كريمتيه عوضه عنهما ما هو خير منهما أخرجه الطبراني بإسناد ضعيف من حديث جرير من سلبت كريمتيه عوضته عنهما الجنة وله ولأحمد نحوه من حديث أبي أمامة بسند حسن وللبخاري من حديث أنس يقول الله تبارك وتعالى إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر عوضته منهما الجنة يريد عينيه فما الذي عوضك فقال في معرض المطايبة عوضني الله منهما أنه كفاني رؤية الثقلاء وأنت منهم وقال ابن سيرين سمعت رجلا يقول نظرت إلى ثقيل مرة فغشي علي ، وقال جالينوس لكل شيء حمى وحمى الروح النظر إلى الثقلاء وقال الشافعي رحمه الله ما جالست ثقيلا إلا وجدت الجانب الذي يليه من بدني كأنه أثقل علي من الجانب الآخر ، وهذه الفوائد ما سوى الأوليين متعلقة بالمقاصد الدنيوية الحاضرة ولكنها أيضا تتعلق بالدين فإن الإنسان مهما تأذى برؤية ثقيل لم يأمن أن يغتابه وأن يستنكر ما هو صنع الله فإذا تأذى من غيره بغيبة أو سوء ظن أو محاسدة أو نميمة أو غير ذلك لم يصبر عن مكافأته وكل ذلك يجر إلى فساد الدين وفي العزلة سلامة عن جميع ذلك فليفهم.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:20 pm | |
| آفات العزلة
اعلم أن من المقاصد الدينية والدنيوية ما يستفاد بالاستعانة بالغير ولا يحصل ذلك إلا بالمخالطة فكل ما يستفاد من المخالطة يفوت بالعزلة وفواته من آفات العزلة فانظر إلى فوائد المخالطة والدواعي إليها ما هي وهي التعليم والتعلم والنفع والانتفاع والتأديب والتأدب والاستيناس والإيناس ونيل الثواب وإنالته في القيام بالحقوق واعتياد التواضع واستفادة التجارب من مشاهدة الأحوال والاعتبار بها فلنفصل ذلك فإنها من فوائد المخالطة وهي سبع :
الفائدة الأولى : التعليم والتعلم وقد ذكرنا فضلهما في كتاب العلم وهما أعظم العبادات في الدنيا ولا يتصور ذلك إلا بالمخالطة إلا أن العلوم كثيرة وعن بعضها مندوحة وبعضها ضروري في الدنيا فالمحتاج إلى التعلم لما هو فرض عليه عاص بالعزلة وإن تعلم الفرض وكان لا يتأتى منه الخوض في العلوم ورأى الاشتغال بالعبادة فليعتزل وإن كان يقدر على التبرز في علوم الشرع والعقل فالعزلة في حقه قبل التعلم غاية الخسران ولهذا قال النخعي وغيره تفقه ثم اعتزل فمن اعتزل قبل التعلم فهو في الأكثر مضيع أوقاته بنوم أو فكر في هوس وغايته أن يستغرق الأوقات بأوراد يستوعبها ولا ينفك في أعماله بالبدن والقلب عن أنواع من الغرور يخيب سعيه ويبطل عمله بحيث لا يدري ولا ينفك اعتقاده في الله وصفاته عن أوهام يتوهمها ويأنس بها وعن خواطر فاسدة تعتريه فيها فيكون في أكثر أحواله ضحكة للشيطان وهو يرى نفسه من العباد فالعلم هو أصل الدين فلا خير في عزلة العوام والجهال أعني من لا يحسن العبادة في الخلوة ولا يعرف جميع ما يلزم فيها فمثال النفس مثال مريض يحتاج إلى طبيب متلطف يعالجه فالمريض الجاهل إذا خلا بنفسه عن الطبيب قبل أن يتعلم الطب تضاعف لا محالة مرضه فلا تليق العزلة إلا بالعالم وأما التعليم ففيه ثواب عظيم مهما صحت نية المعلم والمتعلم ومهما كان القصد إقامة الجاه والاستكثار بالأصحاب والأتباع فهو هلاك الدين وقد ذكرنا وجه ذلك في كتاب العلم وحكم في العالم في هذا الزمان أن يعتزل إن أراد سلامة دينه فإنه لا يرى مستفيدا يطلب فائدة لدينه بل لا طالب إلا لكلام مزخرف يستميل به العوام في معرض الوعظ أو الجدل معقد يتوصل به إلى إفحام الأقران ويتقرب به إلى السلطان ويستعمل في معرض المنافسة والمباهاة وأقرب علم مرغوب فيه المذهب ولا يطلب غالبا إلا للتوصل إلى التقدم على الأمثال وتولي الولايات واجتلاب الأموال فهؤلاء كلهم يقتضي الدين والحزم الاعتزال عنهم فإن صودف طالب لله ومتقرب بالعلم إلى الله فأكبر الكبائر الاعتزال عنه وكتمان العلم منه وهذا لا يصادف في بلدة كبيرة أكثر من واحد أو اثنين إن صودف ولا ينبغي أن يغتر الإنسان بقول سفيان تعلمنا العلم لغير الله فأبى العلم أن يكون إلا لله فإن الفقهاء يتعلمون لغير الله ثم يرجعون إلى الله وانظر إلى أواخر أعمار الأكثرين منهم واعتبرهم أنهم ماتوا وهم هلكى على طلب الدنيا ومتكالبون عليها أو راغبون عنها وزاهدون فيها وليس الخبر كالمعاينة واعلم أن العلم الذي أشار إليه سفيان هو علم الحديث وتفسير القرآن ومعرفة سير الأنبياء والصحابة فإن فيها التخويف والتحذير وهو سبب لإثارة الخوف من الله فإن لم يؤثر في الحال أثر في المآل وأما الكلام والفقه المجرد الذي يتعلق بفتاوى المعاملات وفصل الخصومات المذهب منه والخلاف لا يرد الراغب فيه للدنيا إلى الله بل لا يزال متماديا في حرصه إلى آخر عمره ولعل ما أودعناه هذا الكتاب إن تعلمه المتعلم رغبة في الدنيا فيجوز أن يرخص فيه إذ يرجى أن ينزجر به في آخر عمره فإنه مشحون بالتخويف بالله والترغيب في الآخرة والتحذير من الدنيا وذلك مما يصادف في الأحاديث وتفسير القرآن ولا يصادف في كلام ولا في خلاف ولا في مذهب فلا ينبغي أن يخادع الإنسان نفسه فإن المقصر العالم بتقصيره أسعد حالا من الجاهل المغرور أو المتجاهل المغبون وكل عالم اشتد حرصه على التعليم يوشك أن يكون غرضه القبول والجاه وحظه تلذذ النفس في الحال باستشعار الإدلال على الجهال والتكبر عليهم فآفة العلم الخيلاء حديث آفة العلم الخيلاء المعروف ما رواه مطين في مسنده من حديث علي بن أبي طالب بسند ضعيف آفة العلم النسيان وآفة الحمال الخيلاء كما قال صلى الله عليه وسلم ولذلك حكى عن بشر أنه دفن سبعة عشر قمطرا من كتب الأحاديث التي سمعها وكان لا يحدث ويقول إني أشتهي أن أحدث فلذلك لا أحدث ولو اشتهيت أن لا أحدث لحدثت ولذلك قال حدثنا باب من أبواب الدنيا وإذا قال الرجل حدثنا فإنما يقول أوسعوا لي وقالت رابعة العدوية لسفيان الثوري نعم الرجل أنت لولا رغبتك في الدنيا قال وفيماذا رغبت قالت في الحديث ولذلك قال أبو سليمان الداراني من تزوج أو طلب الحديث أو اشتغل بالسفر فقد ركن إلى الدنيا فهذه آفات قد نبهنا عليها في كتاب العلم والحزم الاحتراز بالعزلة وترك الاستكثار من الأصحاب ما أمكن بل الذي يطلب الدنيا بتدريسه وتعليمه فالصواب له إن كان غافلا في مثل هذا الزمان أن يتركه فلقد صدق أبو سليمان الخطابي حيث قال دع الراغبين في صحبتك والتعلم منك فليس لك منهم مال ولا جمال إخوان العلانية أعداء السر إذا لقوك تملقوك وإذا غبت عنهم سلقوك من أتاك منهم كان عليك رقيبا وإذا خرج كان عليك خطيبا أهل نفاق ونميمة وغل وخديعة فلا تغتر باجتماعهم عليك فما غرضهم العلم بل الجاه والمال وأن يتخذوك سلما إلى أوطارهم وأغراضهم وحمارا في حاجاتهم إن قصرت في غرض من أغراضهم كانوا أشد أعدائك ثم يعدون ترددهم إليك دالة عليك ويرونه حقا واجبا لديك ويفرضون عليك أن تبذل عرضك وجاهك ودينك لهم فتعادي عدوهم وتنصر قريبهم وخادمهم ووليهم وتنتهض لهم سفيها وقد كنت فقيها وتكون لهم تابعا خسيسا بعد أن كنت متبوعا رئيسا ولذلك قيل اعتزال العامة مروءة تامة فهذا معنى كلامه وإن خالف بعض ألفاظه وهو حق وصدق فإنك ترى المدرسين في رق دائم وتحت حق لازم ومنة ثقيلة ممن يتردد إليهم فكأنه يهدي تحفه إليهم ويرى حقه واجبا عليهم وربما لا يختلف إليه ما لم يتكفل برزق له على الإدرار ثم إن المدرس المسكين قد يعجز عن القيام بذلك من ماله فلا يزال مترددا إلى أبواب السلاطين ويقاسي الذل والشدائد مقاساة الذليل المهين حتى يكتب له على بعض وجوه السحت مال حرام ثم لا يزال العامل يسترقه ويستخدمه ويمتهنه ويستذله إلى أن يسلم إليه ما يقدره نعمة مستأنفة من عنده عليه ثم يبقى في مقاساة القسمة على أصحابه إن سوى بينهم مقته المميزون ونسبوه إلى الحمق وقلة التمييز والقصور عن درك مصارفات الفضل والقيام بمقادير الحقوق بالعدل وإن فاوت بينهم سلقه السفهاء بألسن حداد وثاروا عليه ثوران الأساود والآساد فلا يزال في مقاساتهم في الدنيا وفي مطالبة ما يأخذه ويفرقه عليهم في العقبى والعجب أنه مع هذا البلاء كله يمني نفسه بالأباطيل ويدليها بحبل الغرور ويقول لها لا تفتري عن صنيعك فإنما أنت بما تفعلينه مريدة وجه الله تعالى ومذيعة شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم وناشرة علم دين الله وقائمة بكفاية طلاب العلم من عباد الله وأموال السلاطين لا مالك لها وهي مرصدة للمصالح وأي مصلحة أكبر من تكثير أهل العلم فبهم يظهر الدين ويتقوى أهله ولو لم يكن ضحكة للشيطان لعلم بأدنى تأمل أن فساد الزمان لا سبب له إلا كثرة أمثال أولئك الفقهاء الذين يأكلون ما يجدون ولا يميزون بين الحلال والحرام فتلحظهم أعين الجهال ويستجرئون على المعاصي باستجرائهم اقتداء بهم واقتفاء لآثارهم ولذلك قيل ما فسدت الرعية إلا بفساد الملوك وما فسدت الملوك إلا بفساد العلماء فنعوذ بالله من الغرور والعمى فإنه الداء الذي ليس له دواء .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:20 pm | |
| الفائدة الثانية : النفع والانتفاع أما الانتفاع بالناس فبالكسب والمعاملة وذلك لا يتأتى إلا بالمخالطة والمحتاج إليه مضطر إلى ترك العزلة فيقع في جهاد من المخالطة أن طلب موافقة الشرع فيه كما ذكرناه في كتاب الكسب فإن كان معه مال لو اكتفى به قانعا لأقنعه فالعزلة أفضل له إذا انسدت طرق المكاسب في الأكثر إلى من المعاصي إلا أن يكون غرضه الكسب للصدقة فإذا اكتسب من وجهه وتصدق به فهو أفضل من العزلة للاشتغال بالنافلة وليس بأفضل من العزلة للاشتغال بالتحقق في معرفة الله ومعرفة علوم الشرع ولا من الإقبال بكنه الهمة على الله تعالى والتجرد بها لذكر الله أعني من حصل له أنس بمناجاة الله عن كشف وبصيرة لا عن أوهام وخيالات فاسدة وأما النفع فهو أن ينفع الناس إما بماله أو ببدنه فيقوم بحاجاتهم على سبيل الحسبة ففي النهوض بقضاء حوائج المسلمين ثواب وذلك لا ينال إلا بالمخالطة ومن قدر عليها مع القيام بحدود الشرع فهي أفضل له من العزلة إن كان لا يشتغل في عزلته إلا بنوافل الصلوات والأعمال البدنية وإن كان ممن انفتح له طريق العمل بالقلب بدوام ذكر أو فكر فذلك لا يعدل به غيره ألبتة .
الفائدة الثالثة : التأديب والتأدب ونعني به الارتياض بمقاساة الناس والمجاهدة في تحمل أذاهم كسرا للنفس وقهرا للشهوات وهي من الفوائد التي تستفاد بالمخالطة وهي أفضل من العزلة في حق من لم تتهذب أخلاقه ولم تذعن لحدود الشرع شهواته ولهذا انتدب خدام الصوفية في الرباطات فيخالطون الناس بخدمتهم وأهل السوق للسؤال منهم كبرا لرعونة النفس واستمدادا من بركة دعاء الصوفية المنصرفين بهممهم إلى الله سبحانه وكان هذا هو المبدأ في الأعصار الخالية والآن قد خالطته الأغراض الفاسدة ومال ذلك عن القانون كما مالت سائر شعائر الدين فصار يطلب من التواضع بالخدمة التكثير بالاستتباع والتذرع إلى جمع المال والاستظهار بكثرة الأتباع فإن كانت النية هذه فالعزلة خير من ذلك ولو إلى القبر وإن كانت النية رياضة النفس فهي خير من العزلة في حق المحتاج إلى الرياضة وذلك مما يحتاج إليه في بداية الإرادة فبعد حصول الارتياض ينبغي أن يفهم أن الدابة لا يطلب من رياضتها عين رياضتها بل المراد منها أن تتخذ مركبا يقطع به المراحل ويطوي على ظهره الطريق والبدن مطية للقلب يركبها ليسلك بها طريق الآخرة وفيها شهوات إن لم يكسرها جمحت به في الطريق فمن اشتغل طول العمر بالرياضة كان كمن اشتغل طول عمر الدابة برياضتها ولم يركبها فلا يستفيد منها إلا الخلاص في الحال في عضها ورفسها ورمحها وهي لعمري فائدة مقصودة ولكن مثلها حاصل في البهيمة الميتة وإنما ترد الدابة لفائدة تحصل من حياتها فكذلك الخلاص من ألم الشهوات في الحال يحصل بالنوم والموت ولا ينبغي أن يقنع به كالراهب الذي قيل له يا راهب فقال ما أنا راهب إنما أنا كلب عقور حبست نفسي حتى لا أعقر الناس وهذا حسن بالإضافة إلى من يعقر الناس ولكن لا ينبغي أن يقتصر عليه فإن من قتل نفسه أيضا لم يعقر الناس بل ينبغي أن يتشوف إلى الغاية المقصودة بها ومن فهم ذلك واهتدى إلى الطريق وقدر على السلوك استبان له أن العزلة أعون له من المخالطة فأفضل لمثل هذا الشخص المخالطة أولا والعزلة آخرا وأما التأديب فإنما نعني به أن يروض غيره وهو حال شيخ الصوفية معهم فإنه لا يقدر على تهذيبهم إلا بمخالطتهم وحاله حال المعلم وحكمه ويتطرق إليه من دقائق الآفات والرياء ما يتطرق إلى نشر العلم إلا أن مخايل طلب الدنيا من المريدين الطالبين للارتياض أبعد منها من طلبه العلم ولذلك يرى فيهم قلة وفي طلبة العلم كثرة فينبغي أن يقيس ما تيسر له من الخلوة بما تيسر له من المخالطة وتهذيب القوم وليقابل أحدهما بالآخر وليؤثر الأفضل وذلك يدرك بدقيق الاجتهاد ويختلف بالأحوال والأشخاص فلا يمكن الحكم عليه مطلقا بنفي ولا إثبات .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:21 pm | |
| الفائدة الرابعة : الاستئناس والإيناس وهو غرض من يحضر الولائم والدعوات ومواضع المعاشرة والأنس وهذا يرجع إلى حظ النفس في الحال وقد يكون ذلك على وجه حرام بمؤانسة من لا تجوز مؤانسته أو على وجه مباح وقد يستحب ذلك الأمر الدين وذلك فيمن تستأنس بمشاهدة أحواله وأقواله في الدين كالأنس بالمشايخ الملازمين لسمت التقوى وقد يتعلق بحظ النفس ويستحب إذا كان الغرض منه ترويح القلب لتهييج دواعي النشاط في العبادة فإن القلوب إذا أكرهت عميت ومهما كان في الوحدة وحشة وفي المجالسة أنس يروح القلب فهي أولى إذ الوفق في العبادة من حزم العبادة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم إن الله لا يمل حتى تملوا حديث إن الله لا يمل حتى تملوا تقدم وهذا أمر لا يستغنى عنه فإن النفس لا تألف الحق على الدوام ما لم تروح وفي تكليفها الملازمة داعية للفترة وهذا عني بقوله صلى الله عليه وسلم إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق والإيغال فيه برفق دأب المستبصرين ولذلك قال ابن عباس لولا مخافة الوسواس لم أجالس الناس وقال مرة لدخلت بلادا لا أنيس بها وهل يفسد الناس إلا الناس فلا يستغني المعتزل إذا عن رفيق يستأنس بمشاهدته ومحادثته في اليوم والليلة ساعة فليجتهد في طلب من لا يفسد عليه في ساعته تلك سائر ساعاته فقد قال صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل حديث المرء على دين خليله تقدم في آداب الصحبة وليحرص أن يكون حديثه عند اللقاء في أمور الدين وحكاية أحوال القلب وشكواه وقصوره عن الثبات على الحق والاهتداء إلى الرشد ففي ذلك متنفس ومتروح للنفس فيه مجال رحب لكل مشغول بإصلاح نفسه فإنه لا تنقطع شكواه ولو عمر أعمارا طويلة والراضي عن نفسه مغرور قطعا فهذا النوع من الاستئناس في بعض أوقات النهار ربما يكون أفضل من العزلة في حق بعض الأشخاص فليتفقد فيه أحوال القلب وأحوال الجليس أولا ثم ليجالس .
الفائدة الخامسة : في نيل الثواب وإنالته أما النيل فبحضور الجنائز وعيادة المريض وحضور العيدين وأما حضور الجمعة فلا بد منه وحضور الجماعة في سائر الصلوات أيضا لا رخصة في تركه إلا لخوف ضرر ظاهر يقاوم ما يفوت من فضيلة الجماعة ويزيد عليه وذلك لا يتفق إلا نادرا وكذلك في حضور الإملاكات والدعوات ثواب من حيث إنه إدخال سرور على قلب مسلم وأما إنالته فهو أن يفتح الباب لتعوده الناس أو ليعزوه في المصائب أو يهنوه على النعم فإنهم ينالون بذلك ثوابا وكذلك إذا كان من العلماء وأذن لهم في الزيارة نالوا ثواب الزيارة وكان هو بالتمكين سببا فيه فينبغي أن يزن ثواب هذه المخالطات بآفاتها التي ذكرناها وعند ذلك قد ترجح العزلة وقد ترجح المخالطة فقد حكي عن جماعة من السلف مثل مالك وغيره ترك إجابة الدعوات وعيادة المرضى وحضور الجنائز بل كانوا أحلاس بيوتهم لا يخرجون إلا إلى الجمعة أو زيارة القبور وبعضهم فارق الأمصار وانحاز إلى قلل الجبال تفرغا للعبادة وفرارا من الشواغل .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 12:22 pm | |
| الفائدة السادسة : من المخالطة التواضع فإنه من أفضل المقامات ولا يقدر عليه في الوحدة وقد يكون الكبر سببا في اختيار العزلة فقد روي في الإسرائيليات أن حكيما من الحكماء صنف ثلثمائة وستين مصحفا في الحكمة حتى ظن أنه قد نال عند الله منزلة فأوحى الله إلى نبيه قل لفلان إنك قد ملأت الأرض نفاقا وإني لا أقبل من نفاقك شيئا قال فتخلى وانفرد في سرب تحت الأرض وقال الآن قد بلغت رضا ربي فأوحى الله إلى نبيه قل له إنك لن تبلغ رضاي حتى تخالط الناس وتصبر على أذاهم فخرج فدخل الأسواق وخالط الناس وجالسهم وواكلهم وأكل الطعام بينهم ومشى في الأسواق معهم فأوحى الله تعالى إلى نبيه الآن قد بلغ رضاي فكم من معتزل في بيته وباعثه الكبر ومانعه عن المحافل أن لا يوقر أو لا يقدم أو يرى الترفع عن مخالطتهم أرفع لمحله وأتقى لطراوة ذكره بين الناس وقد يعتزل خيفة من أن تظهر مقابحه لو خالط فلا يعتقد فيه الزهد والاشتغال بالعبادة فيتخذ البيت سترا على مقابحه إبقاء على اعتقاد الناس في زهده وتعبده من غير استغراق وقت الخلوة بذكر أو فكر وعلامة هؤلاء أنهم يحبون أن يزاروا ولا يحبون أن يزوروا ويفرحون بتقرب العوام والسلاطين إليهم واجتماعهم على بابهم وطرقهم وتقبيلهم أيديهم على سبيل التبرك ولو كان الاشتغال بنفسه هو الذي يبغض إليه المخالطة وزيارة الناس لبغض إليه زياراتهم له كما حكيناه عن الفضيل حيث قال وهل جئتني إلا لأتزين لك وتتزين لي وعن حاتم الأصم أنه قال للأمير الذي زاره حاجتي أن لا أراك ولا تراني فمن ليس مشغولا مع نفسه بذكر الله فاعتزاله عن الناس سببه شدة اشتغاله بالناس لأن قلبه متجرد للالتفات إلى نظرهم إليه بعين الوقار والاحترام والعزلة بهذا السبب جهل من وجوه أحدها أن التواضع والمخالطة لا تنقص من منصب من هو متكبر بعلمه أو دينه إذ كان علي رضي الله عنه يحمل التمر والملح في ثوبه ويده ويقول لا ينقص الكامل من كماله ما جر من نفع إلى عياله وكان أبو هريرة وحذيفة وأبي وابن مسعود رضي الله عنهم يحملون حزم الحطب وجرب الدقيق على أكتافهم وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول وهو والي المدينة والحطب على رأسه طرقوا لأميركم وكان سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم يشتري الشيء فيحمله إلى بيته بنفسه فيقول له صاحبه أعطني أحمله فيقول صاحب الشيء أحق بحمله حديث كان يشتري الشيء ويحمله إلى بيته بنفسه فيقول له صاحبه أعطني أحمله فيقول صاحب المتاع أحق بحمله أخرجه أبو يعلى من حديث أبي هريرة بسند ضعيف في حمله السراويل الذي اشتراه وكان الحسن بن علي رضي الله عنهما يمر بالسؤال وبين أيديهم كسر فيقولون هلم إلى الغداء يا ابن رسول الله فكان ينزل ويجلس على الطريق ويأكل معهم ويركب ويقول إن الله لا يحب المستكبرين الوجه الثاني أن الذي شغل نفسه بطلب رضا الناس عنه وتحسين اعتقادهم فيه مغرور لأنه لو عرف الله حق المعرفة علم أن الخلق لا يغنون عنه من الله شيئا وأن ضرره ونفعه بيد الله ولا نافع ولا ضار سواه وأن من طلب رضا الناس ومحبتهم بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس بل رضا الناس غاية لا تنال فرضا الله أولى بالطلب ولذلك قال الشافعي ليونس بن عبد الأعلى والله ما أقول لك إلا نصحا إنه ليس إلى السلامة من الناس من سبيل فانظر ماذا يصلحك فافعله ولذلك قيل من راقب الناس مات غما وفاز باللذة الجسور ونظر سهل إلى رجل من أصحابه فقال له اعمل كذا وكذا لشيء أمره به فقال يا أستاذ لا أقدر عليه لأجل الناس فالتفت إلى أصحابه وقال لا ينال عبد حقيقة من هذا الأمر حتى يكون بأحد وصفين عبد تسقط الناس من عينه فلا يرى في الدنيا إلا خالقه وأن أحدا لا يقدر على أن يضره ولا ينفعه وعبد سقطت نفسه عن قلبه فلا يبالي بأي حال يرونه وقال الشافعي رحمه الله ليس من أحد إلا وله محب ومبغض فإذا كان هكذا فكن مع أهل طاعة الله وقيل للحسن يا أبا سعيد إن قوما يحضرون مجلسك ليس بغيتهم إلا تتبع سقطات كلامك وتعنيتك بالسؤال فتبسم وقال للقائل هون على نفسك فإني حدثت نفسي بسكنى الجنان ومجاورة الرحمن فطمعت وما حدثت نفسي بالسلامة من الناس لأني قد علمت أن خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم لم يسلم منهم وقال موسى عليه السلام يا رب احبس عني ألسنة الناس فقال يا موسى هذا شيء لم أصطفه نفسي فكيف أفعله بك وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى عزير إن لم تطب نفسا بأني أجعلك علكا في أفواه الماضغين لم أكتبك عندي من المتواضعين فإذن من حبس نفسه في البيت ليحسن اعتقادات الناس وأقوالهم فيه فهو في عناء حاضر في الدنيا ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون فإذن لا تستحب العزلة إلا لمستغرق الأوقات بربه ذكرا وفكرا وعبادة وعلما بحيث لو خالطه الناس لضاعت أوقاته وكثرت آفاته ولتشوشت عليه عباداته فهذه غوائل خفية في اختيار العزلة ينبغي أن تتقى فإنها مهلكات في صور منجيات .
الفائدة السابعة : التجارب فإنها تستفاد من المخالطة للخلق ومجاري أحوالهم والعقل الغريزي ليس كافيا في تفهم مصالح الدين والدنيا وإنما تفيدها التجربة والممارسة ولا خير في عزلة من لم تحنكه التجارب فالصبي إذا اعتزل بقي غمرا جاهلا بل ينبغي أن يشتغل بالتعلم ويحصل له في مدة التعلم ما يحتاج إليه من التجارب ويكفيه ذلك ويحصل بقية التجارب بسماع الأحوال ولا يحتاج إلى المخالطة ومن أهم التجارب أن يجرب نفسه وأخلاقه وصفات باطنه وذلك لا يقدر عليه في الخلوة فإن كل مجرب في الخلاء يسر وكل غضوب أو حقود أو حسود إذا خلا بنفسه لم يترشح منه خبثه وهذه الصفات مهلكات في أنفسها يجب إماطتها وقهرها ولا يكفي تسكينها بالتباعد عما يحركها فمثال القلب المشحون بهذه الخبائث مثال دمل ممتلىء بالصديد والمدة وقد لا يحس صاحبه بألمه ما لم يتحرك أو يمسه غيره فإن لم يكن له يد تمسه أو عين تبصر صورته ولم يكن من يحركه ربما ظن بنفسه السلامة ولم يشعر بالدمل في نفسه وأعتقد فقده ولكن لو حركه محرك أو أصابه مشرط حجام لانفجر منه الصديد وفار فوران الشيء المختنق إذا حبس عن الاسترسال فكذلك القلب المشحون بالحقد والبخل والحسد والغضب وسائر الأخلاق الذميمة إنما تتفجر منه خبائثه إذا حرك وعن هذا كان السالكون لطريق الآخرة الطالبون لتزكيه القلوب يجربون أنفسهم فمن كان يستشعر في نفسه كبرا سعى في إماطته حتى كان بعضهم يحمل قربة ماء على ظهره بين الناس أو حزمة حطب على رأسه ويتردد في الأسواق ليجرب نفسه بذلك فإن غوائل النفس ومكايد الشيطان خفية قل من يتفطن لها ولذلك حكي عن بعضهم انه قال اعدت صلاة ثلاثين سنة مع أني كنت أصليها في الصف الأول ولكن تخلفت يوما بعذر فما وجدت موضعا في الصف الأول فوقفت في الصف الثاني فوجدت نفسي تستشعر خجلة من نظر الناس إلي وقد سبقت إلى الصف الأول فعلمت أن جميع صلواتي التي كنت أصليها كانت مشوبة بالرياء ممزوجة بلذة نظر الناس إلى ورؤيتهم إياي في زمرة السابقين إلى الخير فالمخالطة لها فائدة ظاهرة عظيمة في استخراج الخبائث وإظهارها ولذلك قيل السفر يسفر عن الأخلاق فإنه نوع من المخالطة الدائمة وستأتي غوائل هذه المعاني ودقائقها في ربع المهلكات فإن بالجهل بها يحبط العمل الكثير وبالعلم بها يزكو العمل القليل ولولا ذلك ما فضل العلم على العمل إذ يستحيل أن يكون العلم بالصلاة ولا يراد للصلاة إلا أفضل من الصلاة فإنا نعلم أن ما يراد لغيره فإن ذلك الغير أشرف منه وقد قضى الشرع بتفضيل العالم على العابد حتى قال صلى الله عليه وسلم فضل العالم على العابد كفضلى على أدنى رجل من أصحابي حديث فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي تقدم في العلم فمعنى تفضيل العلم يرجع إلى ثلاثة اوجه أحدها ما ذكرناه والثاني عموم النفع لتعدي فائدته والعمل لا تتعدى فائدته والثالث أن يراد به العلم بالله وصفاته وأفعاله فذلك أفضل من كل عمل بل مقصود الأعمال صرف القلوب عن الخلق إلى الخالق لتنبعث بعد الانصراف إليه لمعرفته ومحبته فالعمل وعلم العمل مرادان لهذا العلم وهذا العلم غاية المريدين والعمل كالشرط له وإليه الإشارة بقوله تعالى إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه فالكلم الطيب هو هذا العلم والعمل كالحمال الرافع له إلى مقصده فيكون المرفوع أفضل من الرافع وهذا كلام معترض لا يليق بهذا الكلام فلنرجع إلى المقصود فنقول إذا عرفت فوائد العزلة وغوائلها تحققت أن الحكم عليها مطلقا بالتفضيل نفيا وإثباتا خطأ بل ينبغي أن ينظر إلى الشخص وحاله وإلى الخليط وحاله وإلى الباعث على مخالطته وإلى الفائت بسبب مخالطته من هذه الفوائد المذكورة ويقاس الفائت بالحاصل فعند ذلك يتبين الحق ويتضح الأفضل وكلام الشافعي رحمه الله هو فصل الخطاب إذ قال يا يونس الإنقباض عن الناس مكسبة للعداوة والإنبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء فكن بين المنقبض والمنبسط فلذلك يجب الاعتدال في المخالطة والعزلة ويختلف ذلك بالاحوال وبملاحظة الفوائد والآفات يتبين الأفضل هذا هو الحق الصراح وكل ما ذكر سوى هذا فهو قاصر وإنما هو إخبار كل واحد عن حالة خاصة هو فيها ولا يجوز أن يحكم بها على غيره والمخالف له في الحال والفرق بين العالم والصوفي في ظاهر العلم يرجع إلى هذا وهو أن الصوفي لا يتكلم إلا عن حاله فلا جرم تختلف اجوبتهم في المسائل والعالم هو الذي يدرك الحق على ما هو عليه ولا ينظر إلى حال نفسه فيكشف الحق فيه وذلك مما لا يختلف فيه فإن الحق واحد أبداوالقاصر عن الحق كثير لا يحصى ولذلك سئل الصوفية عن الفقر فما من واحد إلا وأجاب بجواب غير جواب الآخر وكل ذلك حق بالإضافة إلى حاله وليس بحق في نفسه إذ الحق لا يكون إلا واحدا ولذلك قال أبو عبد الله الجلاء وقد سئل عن الفقر فقال اضرب بكميك الحائط وقل ربي الله فهو الفقر وقال الجنيد الفقير هو الذي لا يسأل احدا ولا يعارض وإن عورض سكت وقال سهل بن عبد الله الفقير الذي لا يسأل ولا يدخر وقال آخر هو أن لا يكون لك فإن كان لك فلا يكون لك من حيث لم يكن لك وقال إبراهيم الخواص هو ترك الشكوى وإظهار اثر البلوى والمقصود أنه لو سئل منهم مائة لسمع منهم مائة جواب مختلفة قلما يتفق منها اثنان وذلك كله حق من وجه فإنه خبر كل واحد عن حاله وما غلب على قلبه ولذلك لا نرى اثنين منهم يثبت أحدهما لصاحبه قدما في التصوف أو يثني عليه بل كل واحد منهم يدعي أنه الواصل إلى الحق والواقف عليه لأن اكثر ترددهم على مقتضى الأحوال التي تعرض لقلوبهم فلا يشتغلون إلا بأنفسهم ولا يلتفتون إلى غيرهم ونور العلم إذا أشرق أحاط بالكل وكشف الغطاء ورفع الاختلاف ومثال نظر هؤلاء ما رأيت من نظر قوم في أدلة الزوال بالنظر في الظل فقال بعضهم هو في الصيف قدمان وحكي عن آخر أنه نصف قدم وآخر يرد عليه وأنه في الشتاء سبعة أقدام وحكى عن آخر أنه خمسة أقدام وآخر يرد عليه فهذا يشبه أجوبة الصوفية واختلافهم فإن كل واحد من هؤلاء أخبر عن الظل الذي رآه ببلد نفسه فصدق في قوله وأخطأ في تخطئته صاحبه إذ ظن أن العالم كله بلده أو هو مثل بلده كما أن الصوفي لا يحكم على العالم إلا بما هو حال نفسه والعالم بالزوال هو الذي يعرف علة طول الظل وقصره وعلة اختلافه بالبلاد فيخبر بأحكام مختلفة في بلاد مختلفة ويقول في بعضها لا يبقى ظل وفي بعضها يطول وفي بعضها يقصر فهذا ما أردنا أن نذكره من فضيلة العزلة والمخالطة فإن قلت فمن آثر العزلة ورآها أفضل له وأسلم فما آدابه في العزلة فنقول إنما يطول النظر في آداب المخالطة وقد ذكرناها في كتاب آداب الصحبة
وأما آداب العزلة فلا تطول : فينبغي للمعتزل أن ينوي بعزلته كف شر نفسه عن الناس أولا ثم طلب السلامة من شر الاشرار ثانيا ثم الخلاص من آفة القصور عن القيام بحقوق المسلمين ثالثا ثم التجرد بكنه الهمة لعبادة الله رابعا
فهذه آداب نيته ثم ليكن في خلوته مواظبا على العلم والعمل والذكر والفكر ليجتني ثمرة العزلة وليمنع الناس عن أن يكثروا غشيانه وزيارته فيشوش أكثر وقته وليكف عن السؤال عن أخبارهم وعن الإصغاء إلى أراجيف البلد وما الناس مشغولون به فإن كل ذلك ينغرس في القلب حتى ينبعث في أثناء الصلاة أو الفكر من حيث لا يحتسب فوقوع الأخبار في السمع كوقوع البذر في الأرض فلا بد أن ينبت وتتفرع عروقه وأغصانه ويتداعى بعضها إلى بعض وأحد مهمات المعتزل قطع الوساوس الصارفة عن ذكر الله والأخبار ينابيع الوساوس وأصولها وليقنع باليسير من المعيشه وإلا اضطره التوسع إلى الناس واحتاج إلى مخالطتهم وليكن صبورا على ما يلقاه من أذى الجيران وليسد سمعه عن الإصغاء إلى ما يقال فيه من ثناء عليه بالعزلة أو قدح فيه بترك الخلطة فإن كل ذلك يؤثر في القلب ولو مدة يسيرة وحال اشتغال القلب به لا بد أن يكون واقفا عن سيره إلى طريق الآخرة فإن السير إما بالمواظبة على ورد وذكر مع حضور قلب وإما بالفكر في جلال الله وصفاته وأفعاله وملكوت سمواته وأرضه وإما بالتأمل في دقائق الأعمال ومفسدات القلوب وطلب طرق التحصن منها وكل ذلك يستدعى الفراغ والاصغاء إلى جميع ذلك مما يشوش القلب في الحال وقد يتجدد ذكره في دوام الذكر من حيث لا ينتظر وليكن له أهل صالحة أو جليس صالح لتستريح نفسه إليه في اليوم ساعة من كد المواظبة ففيه عون على بقية الساعات ولا يتم له الصبر في العزلة إلا بقطع الطمع عن الدنيا وما الناس منهمكون فيه ولا ينقطع طمعه إلا بقصر الأمل بأن لا يقدر لنفسه عمرا طويلا بل يصبح على أنه لا يمسي ويمسى على أنه لا يصبح فيسهل عليه صبر يوم ولا يسهل عليه العزم على الصبر عشرين سنة لو قدر تراخى الاجل وليكن كثير الذكر للموت ووحدة القبر مهما ضاق قلبه من الوحدة وليتحقق أن من لم يحصل في قلبه من ذكر الله ومعرفته ما يأنس به فلا يطيق وحشة الوحدة بعد الموت وأن من أنس بذكر الله ومعرفته فلا يزيل الموت أنسه إذ لا يهدم الموت محل الأنس والمعرفة بل يبقى حيا بمعرفته وأنسه فرحا بفضل الله عليه ورحمته كما قال الله تعالى في الشهداء ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله وكل متجرد لله في جهاد نفسه فهو شهيد مهما أدركه الموت مقبلا غير مدبر فالمجاهد من جاهد نفسه وهواه حديث المجاهد من جاهد نفسه وهواه أخرجه الحاكم من حديث فضالة بن عبيد وصححه دون قوله وهواه وقد تقدم في الباب الثالث من آداب الصحبة كما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم والجهاد الأكبر جهاد النفس كما قال بعض الصحابة رضي الله عنهم رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر يعنون جهاد النفس تم كتاب العزلة ويتلوه كتاب آداب السفر والحمد لله وحده.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 3:11 pm | |
| كتاب آداب السفر وهو الكتاب السابع من ربع العادات من كتب إحياء علوم الدين بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي فتح بصائر أوليائه بالحكم والعبر واستخلص همهم لمشاهدة عجائب صنعه في الحضر والسفر فأصبحوا راضين بمجاري القدر منزهين قلوبهم عن التلفت إلى متنزهات البصر إلا على سبيل الاعتبار بما يسبح في مسارح النظر ومجاري الفكر فاستوى عندهم البر والبحر والسهل والوعر والبدو والحضر والصلاة على محمد سيد البشر وعلى صحبه المقتفين لآثاره في الأخلاق والسير وسلم كثيرا أما بعد فإن السفر وسيلة إلى الخلاص عن مهروب عنه أو الوصول إلى مطلوب ومرغوب فيه. والسفر سفران سفر بظاهر البدن عن المستقر والوطن إلى الصحارى والفلوات ، وسفر بسير القلب عن أسفل السافلين إلى ملكوت السموات وأشرف السفرين السفر الباطن . فإن الواقف على الحالة التي نشأ عليها عقيب الولادة الجامد على ما تلقفه بالتقليد من الآباء والأجداد لازم درجة القصور وقانع بمرتبة النقص ومستبدل بمتسع فضاء جنة عرضها السماوات والأرض ظلمة السجن وضيق الحبس ، ولقد صدق القائل ولم أر في عيوب الناس عيبا كنقص القادرين على التمام ، إلا أن هذا السفر لما كان مقتحمه في خطب خطير لم يستغن فيه عن دليل وخفير فاقتضى غموض السبيل وفقد الخفير والدليل وقناعة السالكين عن الحظ الجزيل بالنصيب النازل القليل اندرس مسالكه فانقطع فيه الرفاق وخلا عن الطائفين متنزهات الأنفس والملكوت والآفاق وإليه دعا الله سبحانه بقوله سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم وبقوله تعالى وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون وعلى القعود عن هذا السفر وقع الإنكار بقوله تعالى وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون وبقوله سبحانه وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون فمن يسر له هذا السفر لم يزل في سيره متنزها في جنة عرضها السماوات والأرض وهو ساكن بالبدن مستقر في الوطن وهو السفر الذي لا تضيق فيه المناهل والموارد ولا يضر فيه التزاحم والتوارد بل تزيد بكثرة المسافرين غنائمه وتتضاعف ثمراته وفوائده فغنائمه دائمة غير ممنوعة وثمراته متزايدة غير مقطوعة إلا إذا بدا للمسافر فترة في سفره ووقفة في حركته فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا زاغوا أزاغ الله قلوبهم وما الله بظلام للعبيد ولكنهم يظلمون أنفسهم ومن لم يؤهل للجولان في هذا الميدان والتطواف في متنزهات هذا البستان ربما سافر بظاهر بدنه في مدة مديدة فراسخ معدودة مغتنما بها تجارة للدنيا أو ذخيرة للآخرة فإن كان مطلبه العلم والدين أو الكفاية للاستعانة على الدين كان من سالكي سبيل الآخرة وكان له في سفره شروط وآداب إن أهملها كان من عمال الدنيا وأتباع الشيطان وإن واظب عليها لم يخل سفره عن فوائد تلحقه بعمال الآخرة ونحن نذكر آدابه وشروطه في بابين إن شاء الله تعالى : الباب الأول : في الآداب من أول النهوض إلى آخر الرجوع وفي نية السفر وفائدته وفيه فصلان . الباب الثاني : فيما لا بد للمسافر من تعلمه من رخص السفر وأدلة القبلة والأوقات.
الباب الأول
في الآداب من أول النهوض إلى آخر الرجوع وفي نية السفر وفائدته وفيه فصلان.
الفصل الأول : في فوائد السفر وفضله ونيته . اعلم أن السفر نوع حركة ومخالطة وفيه فوائد وله آفات كما ذكرناه في كتاب الصحبة والعزلة ، والفوائد الباعثة على السفر لا تخلو من هرب أو طلب ، فإن المسافر : إما أن يكون له مزعج عن مقامه ولولاه لما كان له مقصد يسافر إليه ، وإما أن يكون له مقصد ومطلب . والمهروب عنه إما أمر له نكاية في الأمور الدنيوية كالطاعون والوباء إذا ظهر ببلد ، أو خوف سببه فتنة أو خصومة أو غلاء سعر ، وهو إما عام كما ذكرناه ، أو خاص كمن يقصد بأذية في بلدة فيهرب منها ، وإما أمر له نكاية في الدين كمن ابتلي في بلده بجاه ومال واتساع أسباب تصده عن التجرد لله فيؤثر الغربة والخمول ويجتنب السعة والجاه ، أو كمن يدعى إلى بدعة قهرا أو إلى ولاية عمل لا تحل مباشرته فيطلب الفرار منه ، وأما المطلوب فهو إما دنيوي كالمال والجاه ، أو ديني .. والديني إما علم وإما عمل . والعلم إما علم من العلوم الدينية وإما علم بأخلاق نفسه وصفاته على سبيل التجربة وإما علم بآيات الأرض وعجائبها كسفر ذي القرنين وطوافه في نواحي الأرض . والعمل إما عبادة وإما زيارة والعبادة هو الحج والعمرة والجهاد والزيارة أيضا من القربات وقد يقصد بها مكان كمكة والمدينة وبيت المقدس والثغور فإن الرباط بها قربة وقد يقصد بها الأولياء والعلماء وهم إما موتى فتزار قبورهم وإما أحياء فيتبرك بمشاهدتهم ويستفاد من النظر إلى أحوالهم قوة الرغبة في الاقتداء بهم فهذه هي أقسام الأسفار ويخرج من هذه القسمة أقسام : القسم الأول : السفر في طلب العلم وهو إما واجب وإما نفل وذلك بحسب كون العلم واجبا أو نفلا وذلك العلم إما علم بأمور دينه أو بأخلاقه في نفسه أو بآيات الله في أرضه وقد قال صلى الله عليه وسلم من خرج من بيته في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع حديث من خرج من بيته في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع أخرجه الترمذي من حديث أنس وقال حسن غريب وفي خبر آخر من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة حديث من سلك طريقا يلتمس فيه علما الحديث رواه مسلم وتقدم في العلم وكان سعيد بن المسيب يسافر الأيام في طلب الحديث الواحد وقال الشعبي لو سافر رجل من الشام إلى أقصى اليمن في كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى ما كان سفره ضائعا ورحل جابر بن عبد الله من المدينة إلى مصر مع عشرة من الصحابة فساروا شهرا في حديث بلغهم عن عبد الله أنيس الأنصاري يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعوه حديث رحل جابر ابن عبد الله من المدينة إلى مسيرة شهر في حديث بلغه عن عبد الله بن أنيس أخرجه الخطيب في كتاب الرحلة بإسناد حسن ولم يسم الصحابي وقال البخاري في صحيحه رحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد ورواه احمد إلا أنه قال إلى الشام وإسناده حسن ولأحمد أن أبا أيوب ركب إلى عقبة بن عامر إلى مصر في حديث وله أن عقبة بن عامر أتى سلمة بن مخلد وهو أمير مصر في حديث آخر وكلاهما منقطع وكل مذكور في العلم محصل له من زمان الصحابة إلى زماننا هذا لم يحصل العلم إلا بالسفر وسافر لأجله وأما علمه بنفسه وأخلاقه فذلك أيضا مهم فإن طريق الآخرة لا يمكن سلوكها إلا بتحسين الخلق وتهذيبه ومن لا يطلع على أسرار باطنه وخبائث صفاته لا يقدر على تطهير القلب منها وإنما السفر هو الذي يسفر عن أخلاق الرجال وبه يخرج الله الخبء في السماوات والأرض وإنما سمى السفر سفرا لأنه يسفر عن الأخلاق ولذلك قال عمر رضي الله عنه للذي زكى عنده بعض الشهود هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم أخلاقه فقال لا فقال ما أراك تعرفه وكان بشر يقول يا معشر القراء سيحوا تطيبوا فإن الماء إذا ساح طاب وإذا طال مقامه في موضع تغير وبالجملة فإن النفس في الوطن مع مواتاة الأسباب لا تظهر خبائث أخلاقها لاستئناسها بما يوافق طبعها من المألوفات المعهودة فإذا حملت وعثاء السفر وصرفت عن مألوفاتها المعتادة وامتحنت بمشاق الغربة انكشفت غوائلها ووقع الوقوف على عيوبها فيمكن الاشتغال بعلاجها وقد ذكرنا في كتاب العزلة فوائد المخالطة والسفر مخالطة مع زيادة اشتغال واحتمال مشاق وأما آيات الله في أرضه ففي مشاهدتها فوائد للمستبصر ففيها قطع متجاورات وفيها الجبال والبراري والبحار وأنواع الحيوان والنبات وما من شيء منها إلا وهو شاهد لله بالوحدانية ومسبح له بلسان ذلق لا يدركه إلا من ألقى السمع وهو شهيد وأما الجاحدون والغافلون والمغترون بلامع السراب من زهرة الدنيا فإنهم لا يبصرون ولا يسمعون لأنهم عن السمع معزولون وعن آيات ربهم محجوبون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون وما أريد بالسمع السمع الظاهر فإن الذينأريدوا به ما كانوا معزولين عنه وإنما أريد به السمع الباطن ولا يدرك بالسمع الظاهر إلا الأصوات ويشارك الإنسان فيه سائر الحيوانات فأما السمع الباطن فيدرك به لسان الحال الذي هو نطق وراء نطق المقال يشبه قول القائل حكاية لكلام الوتد والحائط قال الجدار للوتد لم تشقني فقال سل من يدقني ولم يتركني ورائي الحجر الذي ورائي وما من ذرة في السماوات والأرض إلا ولها أنواع شاهدات لله تعالى بالوحدانية هي توحيدها وأنواع شاهدات لصانعها بالتقدس هي تسبيحها ولكن لا يفقهون تسبيحها لأنهم لم يسافروا من مضيق سمع الظاهر إلى فضاء سمع الباطن ومن ركاكة لسان المقال إلى فصاحة لسان الحال ولو قدر كل عاجز على مثل هذا السير لما كان سليمان عليه السلام مختصا بفهم منطق الطير ولما كان موسى عليه السلام مختصا بسماع كلام الله تعالى الذي يجب تقديسه عن مشابهة الحروف والأصوات ومن يسافر ليستقرئ هذه الشهادات من الأسطر المكتوبة بالخطوط الإلهية على صفحات الجمادات لم يطل سفره بالبدن بل يستقر في موضع ويفرغ قلبه للتمتع بسماع نغمات التسبيحات من آحاد الذرات فماله وللتردد في الفلوات وله غنية في ملكوت السماوات فالشمس والقمر والنجوم بأمره مسخرات وهي إلى أبصار ذوي البصائر مسافرات في الشهر والسنة مرات بل هي دائبة في الحركة على توالي الأوقات فمن الغرائب أن يدأب في الطواف بآحاد المساجد من أمرت الكعبة أن تطوف به ومن الغرائب أن يطوف في أكناف الأرض من يطوف به أقطار السماء ثم ما دام المسافر مفتقرا إلى أن يبصر عالم الملك والشهادة بالبصر الظاهر فهو بعد في المنزل الأول من منازل السائرين إلى الله والمسافرين إلى حضرته وكأنه معتكف على باب الوطن لم يفض به المسير إلى متسع الفضاء ولا سبب لطول المقام في هذا المنزل إلا الجبن والقصور ولذلك قال بعض أرباب القلوب إن الناس ليقولون افتحوا أعينكم حتى تبصروا وأنا أقول غمضوا أعينكم حتى تبصروا وكل واحد من القولين حق إلا أن الأول خبر عن المنزل الأول القريب من الوطن والثاني خبر عما بعده من المنازل البعيدة عن الوطن التي لا يطؤها إلا مخاطر بنفسه والمجاوز إليها ربما يتيه فيها سنين وربما يأخذ التوفيق بيده فيرشده إلى سواء السبيل والهالكون في التيه هم الأكثرون من ركاب هذه الطريق ولكن السائحون بنور التوفيق فازوا بالنعيم والملك المقيم وهم الذين سبقت لهم من الله الحسنى واعتبر هذا الملك بملك الدنيا فإنه يقل بالإضافة إلى كثرة الخلق طلابه ومهما عظم المطلوب قل المساعد ثم الذي يهلك أكثر من الذي يملك ولا يتصدى لطلب الملك العاجز الجبان لعظيم الخطر وطول التعب وإذا كانت النفوس كبارا تعبت في مرادها الأجسام وما أودع الله العز والملك في الدين والدنيا إلا في حيز الخطر وقد يسمى الجبان الجبن والقصور باسم الحزم والحذر كما قيل ترى الجبناء أن الجبن حزم وتلك خديعة الطبع اللئيم فهذا حكم السفر الظاهر إذا أريد به السفر الباطن بمطالعة آيات الله في الأرض فلنرجع إلى الغرض الذي كنا نقصده ولنبين.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 3:17 pm | |
| القسم الثاني : وهو أن يسافر لأجل العبادة إما لحج أو جهاد وقد ذكرنا فضل ذلك وآدابه وأعماله الظاهرة والباطنة في كتاب أسرار الحج ويدخل في جملته زيارة قبور الأنبياء عليهم السلام وزيارة قبور الصحابة والتابعين وسائر العلماء والأولياء وكل من يتبرك بمشاهدته في حياته يتبرك بزيارته بعد وفاته ويجوز شد الرحال لهذا الغرض ولا يمنع من هذا قوله صلى الله عليه وسلم لا تشد الرجال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى حديث لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجدالحديث تقدم في الحج لأن ذلك في المساجد فإنها متماثلة بعد هذه المساجد وإلا فلا فرق بين زيارة قبور الأنبياء والأولياء والعلماء في أصل الفضل وإن كان يتفاوت في الدرجات تفاوتا عظيما بحسب اختلاف درجاتهم عند الله وبالجملة زيارة الأحياء أولى من زيارة الأموات والفائدة من زيارة الأحياء طلب بركة الدعاء وبركة النظر إليهم فإن النظر إلى وجوه العلماء والصلحاء عبادة وفيه أيضا حركة للرغبة في الاقتداء بهم والتخلق بأخلاقهم وآدابهم هذا سوى ما ينتظر من الفوائد العلمية المستفادة من أنفاسهم وأفعالهم كيف ومجرد زيارة الإخوان في الله فيه فضل كما ذكرناه في كتاب الصحبة وفي التوراة سر أربعة أميال زر أخا في الله وأما البقاع فلا معنى لزيارتها سوى المساجد الثلاثة وسوى الثغور للرباط بها فالحديث ظاهر في أنه لا تشد الرحال لطلب بركة البقاع إلا إلى المساجد الثلاثة وقد ذكرنا فضائل الحرمين في كتاب الحج وبيت المقدس أيضا له فضل كبير خرج ابن عمر من المدينة قاصدا بيت المقدس حتى صلى فيه الصلوات الخمس ثم كرراجعا من الغد إلى المدينة وقد سأل سليمان عليه السلام ربه عز وجل أن من قصد هذا المسجد لا يعنيه إلا الصلاة فيه أن لا تصرف نظرك عنه ما دام مقيما فيه حتى يخرج منه وأن تخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمه فأعطاه الله ذلك.
القسم الثالث : أن يكون السفر للهرب من سبب مشوش للدين وذلك أيضا حسن فالفرار مما لا يطاق من سنن الأنبياء والمرسلين ومما يجب الهرب منه الولاية والجاه وكثرة العلائق والأسباب فإن كل ذلك يشوش فراغ القلب والدين لا يتم إلا بقلب فارغ عن غير الله فإن لم يتم فراغه فلا يتصور أن يشتغل بالدين ولا يتصور فراغ القلب في الدنيا عن مهمات الدنيا والحاجات الضرورية ولكن يتصور تخفيفها وتثقيلها وقد نجا المخفون وهلك المثقلون والحمد لله الذي لم يعلق النجاة بالفراغ المطلق عن جميع الأوزار والأعباء بل قبل المخف بفضله وشمله بسعة رحمته والمخف هو الذي ليست الدنيا أكبر همه وذلك لا يتيسر في الوطن لمن اتسع جاهه وكثرت علائقه فلا يتم مقصوده إلا بالغربة والخمول وقطع العلائق التي لا بد عنها حتى يروض نفسه مدة مديدة ثم ربما يمده الله بمعونته فينعم عليه بما يقوي به يقينه ويطمئن به قلبه فيستوي عنده الحضر والسفر ويتقارب عنده وجود الأسباب والعلائق وعدمها فلا يصده شيء منها عما هو بصدده من ذكر الله وذلك مما يعز وجوده جدا بل الغالب على القلوب الضعف والقصور عن الاتساع للخلق والخالق وإنما يسعد بهذه القوة الأنبياء والأولياء والوصول إليها بالكسب شديد وإن كان للاجتهاد والكسب فيها مدخل أيضا ومثال تفاوت القوة الباطنة فيه كتفاوت القوة الظاهرة في الاعضاء فرب رجل قوي ذي مرة سوى شديد الأعصاب محكم البنية يستقل بحمل ما وزنه ألف رطل مثلا فلو أراد الضعيف المريض أن ينال رتبته بممارسة الحمل والتدريج فيه قليلا قليلا لم يقدر عليه ولكن الممارسة والجهد يزيد في قوته زيادة ما وإن كان ذلك لا يبلغه درجته فلا ينبغي أن يترك الجهد عند اليأس عن الرتبة العليا فإن ذلك غاية الجهل ونهاية الضلال وقد كان من عادة السلف رضي الله عنهم مفارقة الوطن خيفة من الفتن وقال سفيان الثوري هذا زمان سوء لا يؤمن فيه على الخامل فكيف على المشتهرين هذا زمان رجل ينتقل من بلد إلى بلد كلما عرف في موضع تحول إلى غيره وقال أبو نعيم رأيت سفيان الثوري وقد علق قلته بيده ووضع جرابه على ظهره فقلت إلى أين يا أبا عبد الله قال بلغني عن قرية فيها رخص أريد أن أقيم بها فقلت له وتفعل هذا قال نعم إذا بلغك أن قرية فيها رخص فأقم بها فإنه أسلم لدينك وأقل لهمك وهذا هرب من غلاء السعر وكان سرى السقطي يقول للصوفية إذا خرج الشتاء فقد خرج أذار وأورقت الأشجار وطاب الإنتشار فانتشروا وقد كان الخواص لا يقيم ببلد أكثر من أربعين يوما وكان من المتوكلين ويرى الإقامة اعتمادا على الأسباب قادحا في التوكل وسيأتي أسرار الاعتماد على الأسباب في كتاب التوكل إن شاء الله تعالى.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 3:17 pm | |
| القسم الرابع : السفر هربا مما يقدح في البدن كالطاعون أو في المال كغلاء السعر أو ما يجري مجراه ولا حرج في ذلك بل ربما يجب الفرار في بعض المواضع وربما يستحب في بعض بحسب وجوب ما يترتب عليه من الفوائد واستحبابه ولكن يستثنى منه الطاعون فلا ينبغي أن يفر منه لورود النهي فيه قال أسامة بن زيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم ثم بقي بعد في الأرض منه حديث أسامة بن زيد إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكمالحديث متفق عليه واللفظ لمسلم وقالت عائشة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فناء أمتي بالطعن والطاعون فقلت هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون قال غدة كعدة البعير تأخذهم في مراقهم المسلم الميت منه شهيد والمقيم عليه المحتسب كالمرابط في سبيل الله والفار منه كالفار من الزحف حديث عائشة إن فناء أمتي بالطعن والطاعونالحديث رواه أحمد وابن عبد البر في التمهيد بإسناد جيد وعن مكحول عن أم أيمن قالت أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه لا تشرك بالله شيئا وإن عذبت أو حرقت وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من كل شيء هو لك فاخرج منه ولا تترك الصلاة عمدا فإن من ترك الصلاة عمدا فقد برئت ذمة الله منه وإياك والخمر فإنها مفتاح كل شر وإياك والمعصية فإنها تسخط الله ولا تفر من الزحف وإن أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت فيهم أنفق من طولك على أهل بيتك ولا ترفع عصاك عنهم أخفهم بالله حديث أم أيمن أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أهله لا تشرك بالله شيئا وإن حرقت بالنار أخرجه البيهقي وقال فيه إرسال فهذه الأحاديث تدل على أن الفرار من الطاعون منهي عنه وكذلك القدوم عليه وسيأتي شرح ذلك في كتاب التوكل .
فهذه أقسام الأسفار وقد خرج منه أن السفر ينقسم إلى : مذموم وإلى محمود وإلى مباح والمذموم ينقسم إلى حرام كإباق العبد وسفر العاق وإلى مكروه كالخروج من بلد الطاعون والمحمود ينقسم إلى واجب كالحج وطلب العلم الذي هو فريضة على كل مسلم وإلى مندوب إليه كزيارة العلماء وزيارة مشاهدهم
ومن هذه الأسباب تتبين النية في السفر فإن معنى النية الانبعاث للسبب الباعث والانتهاض لإجابة الداعية ولتكن نيته الآخرة في جميع أسفاره وذلك ظاهر في الواجب والمندوب ومحال في المكروه والمحظور وأما المباح فمرجعه إلى النية فمهما كان قصده بطلب المال مثلا التعفف عن السؤال ورعاية ستر المروءة على الأهل والعيال والتصدق بما يفضل عن مبلغ الحاجة صار هذا المباح بهذه النية من أعمال الآخرة ولو خرج إلى الحج وباعثه الرياء والسمعة لخرج عن كونه من أعمال الآخرة لقوله صلى الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات حديث الأعمال بالنيات متفق عليه من حديث عمر وقد تقدم فقوله صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنيات عام في الواجبات والمندوبات والمباحات دون المحظورات فإن النية لا تؤثر في إخراجها عن كونها من المحظورات وقد قال بعض السلف إن الله تعالى قد وكل بالمسافرين ملائكة ينظرون إلى مقاصدهم فيعطي كل واحد على قدر نيته فمن كانت نيته الدنيا أعطى منها ونقص من آخرته أضعافه وفرق عليه همه وكثر بالحرص والرغبة شغله ومن كانت نيته الآخرة أعطى من البصيرة والحكمة والفطنة وفتح له من التذكرة والعبرة بقدر نيته وجمع له همه ودعت له الملائكة واستغفرت له وأما النظر في أن السفر هو الأفضل أو الإقامة فذلك يضاهي النظر في أن الأفضل هو العزلة أو المخالطة وقد ذكر منهاجه في كتاب العزلة فليفهم هذا منه فإن السفر نوع مخالطة مع زيادة تعب ومشقة تفرق الهم وتشتت القلب في حق الأكثرين والأفضل في هذا ما هو الأعون على الدين ونهاية ثمرة الدين في الدنيا تحصيل معرفة الله تعالى وتحصيل الأنس بذكر الله تعالى والأنس يحصل بدوام الذكر والمعرفة تحصل بدوام الفكر ومن لم يتعلم طريق الفكر والذكر لم يتمكن منهما والسفر هو المعين على التعلم في الابتداء والإقامة هي المعينة على العمل بالعلم في الانتهاء وأما السياحة في الأرض على الدوام فمن المشوشات للقلب إلا في حق الأقوياء فإن المسافر وماله لعلى قلق إلا ما وقى الله فلا يزال المسافر مشغول القلب تارة بالخوف على نفسه وماله وتارة بمفارقة ما ألفه واعتاده في إقامته وإن لم يكن معه مال يخاف عليه فلا يخلو عن الطمع والاستشراف إلى الخلق فتارة يضعف قلبه بسبب الفقر وتارة يقوى باستحكام أسباب الطمع ثم الشغل بالحط والترحال مشوش لجميع الأحوال فلا ينبغي أن يسافر المريد إلا في طلب علم أو مشاهدة شيخ يقتدى به في سيرته وتستفاد الرغبة في الخير من مشاهدته فإن اشتغل بنفسه واستبصر وانفتح له طريق الفكر أو العمل فالسكون أولى به إلا أن أكثر متصوفة هذه الأعصار لما خلت بواطنهم عن لطائف الأفكار ودقائق الأعمال ولم يحصل لهم أنس بالله تعالى وبذكره في الخلوة وكانوا بطالين غير محترفين ولا مشغولين قد ألفوا البطالة واستثقلوا العمل واستوعروا طريق الكسب واستلانوا جانب السؤال والكدية واستطابوا الرباطات المبنية لهم في البلاد واستسخروا الخدم المنتصبين للقيام بخدمة القوم واستخفوا عقولهم وأديانهم من حيث لم يكن قصدهم من الخدمة إلا الرياء والسمعة وانتشار الصيت واقتناص الأموال بطريق السؤال تعللا بكثرة الأتباع فلم يكن لهم في الخانقاهات حكم ناقذ ولا تأديب للمريد بن نافع ولا حجر عليهم قاهر فبسوا المرقعات واتخذوا في الخانقاهات متنزهات وربما تلقفوا ألفاظا مزخرفة من أهل الطامات فينظرون إلى أنفسهم وقد تشبهوا بالقوم في خرقتهم وفي سياحتهم وفي لفظهم وعبارتهم وفي آداب ظاهرة من سيرتهم فيظنون بأنفسهم خيرا ويحسبون أنهم يحسنون صنعا ويعتقدون أن كل سوداء تمرة ويتوهمون أن المشاركة في الظاهر توجب المساهمة في الحقائق وهيهات فما أغزر حماقة من لا يميز بين الشحم والورم فهؤلاء بغضاء الله فإن الله تعالى يبغض الشاب الفارغ ولم يحملهم على السياحة إلا الشباب والفراغ إلا من سافر لحج أو عمرة في غير رياء ولا سمعة أو سافر لمشاهدة شيخ يقتدي به في علمه وسيرته وقد خلت البلاد عنه الآن والأمور الدينية كلها قد فسدت وضعفت إلا التصوف فإنه قد انمحق بالكلية وبطل لأن العلوم لم تندرس بعد والعالم وإن كان عالم سوء فإنما فساده في سيرته لا في علمه فيبقى عالما غير عامل بعلمه والعمل غير العلم وأما التصوف فهو عبارة عن تجرد القلب لله تعالى واستحقار ما سوى الله وحاصله يرجع إلى عمل القلب والجوارح ومهما فسد العمل فات الأصل وفي أسفار هؤلاء نظر للفقهاء من حيث إنه إتعاب للنفس بلا فائدة وقد يقال إن ذلك ممنوع ولكن الصواب عندنا أن نحكم بالإباحة فإن حظوظهم التفرج عن كرب البطالة بمشاهدة البلاد المختلفة وهذه الحظوظ وإن كانت خسيسة فنفوس المتحركين لهذه الحظوظ أيضا خسيسة ولا بأس بإتعاب حيوان خسيس لحظ خسيس يليق به ويعود إليه فهو المتأذى والمتلذذ والفتوى تقتضي تشتيت العوام في المباحات التي لا نفع فيها ولا ضرر فالسابحون في غير مهم في الدين والدنيا بل لمحض التفرج في البلاد كالبهائم المترددة في الصحاري فلا بأس بسياحتهم ما كفوا عن الناس شرهم ولم يلبسوا على الخلق حالهم وإنما عصيانهم في التلبيس والسؤال على اسم التصوف والأكل من الأوقاف التي وقفت على الصوفية لأن الصوفي عبارة عن رجل صالح عدل في دينه مع صفات أخر وراء الصلاح ومن أقل صفات أحوال هؤلاء أكلهم أموال السلاطين وأكل الحرام من الكبائر فلا تبقى معه العدالة والصلاح ولو تصور صوفي فاسق لتصور صوفي كافر وفقيه يهودي وكما أن الفقيه عبارة عن مسلم مخصوص فالصوفي عبارة عن عدل مخصوص لا يقتصر في دينه على القدر الذي يحصل به العدالة وكذلك من نظر إلى ظواهرهم ولم يعرف بواطنهم وأعطاهم من ماله على سبيل التقرب إلى الله تعالى حرم عليهم الأخذ وكان ما أكلوه سحتا وأعني به إذا كان المعطي بحيث لو عرف بواطن أحوالهم ما أعطاهم فأخذ المال بإظهار التصوف من غير اتصاف بحقيقته كأخذه بإظهار نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الدعوى ومن زعم أنه علوي وهو كاذب وأعطاه مسلم مالا لحبه أهل البيت ولو علم أنه كاذب لم يعطه شيئا فأخذه على ذلك حرام وكذلك الصوفي ولهذا احترز المحتاطون عن الأكل بالدين فإن المبالغ في الاحتياط لدينه لا ينفك في باطنه عن عورات لو انكشفت للراغب في مواساته لفترت رغبته عن المواساة فلا جرم كانوا لا يشترون شيئا بأنفسهم مخافة أن يسامحوا لأجل دينهم فيكونوا قد أكلوا بالدين وكانوا يوكلون من يشتري لهم ويشترطون على الوكيل أن لا يظهر أنه لمن يشتري نعم إنما يحل أخذ ما يعطى لأجل الدين إذا كان الأخذ بحيث لو علم المعطي من باطنه ما يعلمه الله تعالى لم يقتض ذلك فتورا في رأيه فيه والعاقل المنصف يعلم من نفسه أن ذلك ممتنع أو عزيز والمغرور الجاهل بنفسه أحرى بأن يكون جاهلا بأمر دينه فإن أقرب الأشياء إلى قالبه قلبه فإذا التبس عليه أمر قلبه فكيف ينكشف له غيره ومنعرف هذه الحقيقة لزمه لا محالة أن لا يأكل إلا من كسبه ليأمن من هذه الغائلة أو لا يأكل إلا من مال من يعلم قطعا أنه لو انكسف له عورات باطنه لم يمنعه ذلك عن مواساته فإن اضطر طالب الحلال ومريد طريق الآخرة إلى أخذ مال غيره فليصرح له وليقل إنك إن كنت تعطيني لما تعتقده في من الدين فلست مستحقا لذلك ولو كشف الله تعالى سترى لم ترني بعين التوقير بل اعتقدت أبى شر الخلق أو من شرارهم فإن أعطاه مع ذلك فليأخذ فإنه ربما يرضى منه هذه الخصلة وهو اعترافه على نفسه بركاكة الدين وعدم استحقاقه لما يأخذه ولكن ههنا مكيدة للنفس بينة ومخادعة فليتفطن لها وهو أنه قد يقول ذلك مظهرا أنه متشبه بالصالحين في ذمهم نفوسهم واستحقارهم لها ونظرهم إليها بعين المقت والازدراء فتكون صورة الكلام صورة القدح والازدراء وباطنه وروحه هو عين المدح والإطراء فكم من ذام نفسه وهو لها مادح بعين ذمه فذم النفس في الخلوة مع النفس هو المحمود وأما الذم في الملأ فهو عين الرياء إلا إذا أورده إيرادا يحصل للمستمع يقينا بأنه مقترف للذنوب ومعترف بها وذلك مما يمكن تفهيمه بقرائن الأحوال ويمكن تلبيسه بقرائن الأحوال والصادق بينه وبين الله تعالى يعلم أن مخادعته لله عز وجل أو مخادعته لنفسه محال فلا يتعذر عليه الاحتراز عن أمثال ذلك فهذا هو القول في أقسام السفر ونية المسافر وفضيلته
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 15 فبراير 2012, 3:32 pm | |
| الفصل الثاني : في آداب المسافر من أول نهوضه إلى آخر رجوعه ، وهي أحد عشر آدبا : الأول : أن يبدأ برد المظالم وقضاء الديون واعداد النفقة لمن تلزمه نفقته وبرد الودائع إن كانت عنده ولا يأخذ لزاده إلا الحلال الطيب وليأخذ قدرا يوسع به على رفقائه قال ابن عمر رضي الله عنهما من كرم الرجل طيب زاده في سفره ولا بد في السفر من طيب الكلام وإطعام الطعام وإظهار مكارم الأخلاق في السفر فإنه يخرج خبايا الباطن ومن صلح لصحبة السفر صلح لصحبة الحضر وقد يصلح في الحضر من لا يصلح في السفر ولذلك قيل إذا أثنى على الرجل معاملوه في الحضر ورفقاؤه في السفر فلا تشكوا في صلاحه والسفر من أسباب الضجر ومن أحسن خلقه في الضجر فهو الحسن الخلق وإلا فعند مساعدة الأمور على وفق الغرض قلما يظهر سوء الخلق وقد قيل ثلاثة لا يلامون على الضجر الصائم والمريض والمسافر وتمام حسن خلق المسافر الإحسان إلى المكارى ومعاونة الرفقة بكل ممكن والرفق بكل منقطع بأن لا يجاوزه إلا بالإعانة بمركوب أو زاد أو توقف لأجله وتمام ذلك مع الرفقاء بمزاح ومطايبة في بعض الأوقات من غير فحش ولا معصية ليكون ذلك شفاء لضجر السفر ومشاقه. الثاني : أن يختار رفيقا فلا يخرج وحده فالرفيق ثم الطريق وليكن رفيقه ممن يعينه على الدين فيذكره إذا نسي ويعينه ويساعده إذا ذكر فإن المرء على دين خليله ولا يعرف الرجل إلا برفيقه وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن أن يسافر الرجل وحده حديث النهي عن أن يسافر الرجل وحده أخرجه أحمد من حديث ابن عمر بسند صحيح وهو عند البخاري بلفظ لو يعلم الناس ما في الوحدةما سار راكب بليل وحده وقال الثلاثة نفر حديث الثلاثة نفر رويناه من حديث علي في وصيته المشهورة وهو حديث موضوع والمعروف الثلاثة ركب رواه أبو داود والترمذي وحسنه النسائي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وقال أيضا إذا كنتم ثلاثة في السفر فأمروا أحدكم حديث إذا كنتم ثلاثة فأمروا أحدكم أخرجه الطبراني من حديث ابن مسعود بإسناد حسن وكانوا يفعلون ذلك ويقولون هذا أميرنا أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث كانوا يفعلون ذلك ويقولون هو أمير أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البزار والحاكم عن عمر أنه قال إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمروا عليكم أحدكم ذا أمير أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وليؤمروا أحسنهم أخلاقا وأرفقهم بالأصحاب وأسرعهم إلى الإيثار وطلب الموافقة وإنما يحتاج إلى الأمير لأن الآراء تختلف في تعيين المنازل والطرق ومصالح السفر ولا نظام إلا في الوحدة ولا فساد إلا في الكثرة وإنما انتظم أمر العالم لأن مدبر الكل واحد لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ومهما كان المدبر واحدا انتظم أمر التدبير وإذا كثر المدبرون فسدت الأمور في الحضر والسفر إلا أن مواطن الإقامة لا تخلو عن أمير عام كأمير البلد وأمير خاص كرب الدار وأما السفر فلا يتعين له أمير إلا بالتأمير فلهذا وجب التأمير ليجتمع شتات الآراء ثم على الأمير أن لا ينظر إلا لمصلحة القوم وأن يجعل نفسه وقاية لهم كما نقل عن عبد الله المروزي أنه صحبه أبو علي الرباطي فقال على أن تكون أنت الأمير أو أنا فقال بل أنت فلم يزل يحمل الزاد لنفسه ولأبي علي على ظهره فأمطرت السماء ذات ليلة فقام عبد الله طول الليل على رأس رفيقه وفي يده كسا يمنع عنه المطر فكلما قال له عبد الله لا تفعل يقول ألم تقل إن الإمارة مسلمة لي فلا تتحكم على ولا ترجع عن قولك حتى قال أبو علي وددت أني مت ولم أقل له أنت الأمير فهكذا ينبغي أن يكون الأمير وقد قال صلى الله عليه وسلم خير الأصحاب أربعة حديث خير الأصحاب أربعة أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم من حديث ابن عباس قال الترمذي حسن غريب وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين وتخصيص الأربعة من بين سائر الأعداد لا بد أن يكون له فائدة والذي ينقدح فيه أن المسافر لا يخلو عن رجل يحتاج إلى حفظه وعن حاجة يحتاج إلى التردد فيها ولو كانوا ثلاثة لكان المتردد في الحاجة واحدا فيبقى في السفر بلا رفيق فلا يخلو عن خطر وعن ضيق قلب لفقد أنس الرفيق ولو تردد في الحاجة اثنان لكان الحافظ للرحل واحدا فلا يخلو أيضا عن الخطر وعن ضيق الصدر فإذن ما دون الأربعة لا يفي بالمقصود وما فوق الأربعة يزيد فلا تجمعهم رابطة واحدة فلا ينعقد بينهم الترافق لأن الخامس زيادة بعد الحاجة ومن يستغنى عنه لا تنصرف الهمة إليه فلا تتم المرافقة معه نعم في كثرة الرفقاء فائدة للأمن من المخاوف ولكن الأربعة خير للرفاقة الخاصة لا للرفاقة العامة وكم من رفيق في الطريق عند كثرة الرفاق لا يكلم ولا يخالط إلى آخر الطريق للإستغناء عنه. الثالث : أن يودع رفقاء الحضر والأهل والأصدقاء وليدع عند الوداع بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعضهم صحبت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من مكة إلى المدينة حرسها الله فلما أردت أن افارقه شيعني وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال لقمان إن الله تعالى إذا أستودع شيئا حفظه وإني أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك حديث ابن عمر قال لقمان إن الله إذا استودع شيئا حفظه وإني أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك أخرجه النسائي في اليوم والليلة ورواه أبو داود مختصرا وإسناده جيد وروى زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أراد أحدكم سفرا فليودع إخوانه فإن الله تعالى جاعل له في دعائهم البركة حديث زيد بن أرقم إذا أراد أحدكم سفرا فليودع إخوانه فإن الله جاعل له في دعائهم البركة أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق بسند ضعيف وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ودع رجلا قال زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك إلى الخير حيث توجهت حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كان إذا ودع رجلا قال زودك الله التقوى رواه الخرائطي في مكارم الأخلاق والمحاملي في الدعاء وفيه ابن لهيعة فهذا دعاء المقيم للمودع وقال موسى بن وردان أتيت أبا هريرة رضي الله عنه أودعه لسفر أردته فقال ألا أعلمك يا ابن أخي شيئا علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الوداع فقلت بلى قال قل أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه حديث أبي هريرة أستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه أخرجه ابن ماجه والنسائي في اليوم والليلة بإسناد حسن وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أريد سفرا فأوصني فقال له في حفظ الله وفي كنفه زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك للخير حيث كنت أو أينما كنت حديث أنس في حفظ الله وفي كنفه زودك الله التقوىالحديث تقدم في الحج في الباب الثاني شك فيه الراوي وينبغي إذا استودع الله تعالى ما يخلفه أن يستودع الجمع ولا يخصص فقد روي أن عمر رضي الله عنه كان يعطي الناس عطاياهم إذ جاءه رجل معه ابن له فقال له عمر ما رأيت أشبه بأحد من هذا بك فقال له الرجل أحدثك عنه يا أمير المؤمنين بأمر إني أردت أن أخرج إلى سفر وأمه حامل به فقالت تخرج وتدعني على هذه الحالة فقلت أستودع الله ما في بطنك فخرجت ثم قدمت فإذا هي قد ماتت فجلسنا نتحدث فإذا نار على قبرها فقلت للقوم ما هذه النار فقالوا هذه النار من قبر فلانة نراها كل ليلة فقلت والله إنها كانت لصوامة قوامة فأخذت المعول حتى انتهينا إلى القبر فحفرنا فإذا سراج وإذا هذا الغلام يدب فقيل لي إن هذه وديعتك ولو كنت استودعت أمه لوجدتها فقال عمر رضي الله عنه لهو أشبه بك من الغراب بالغراب. الرابع : أن يصلي قبل سفره صلاة الاستخارة كما وصفناها في كتاب الصلاة ووقت الخروج يصلي لأجل السفر فقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت سفرا وقد كتبت وصيتي فإلى أي الثلاثة أدفعها إلى ابني أم أخي أم أبي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله من أربع ركعات يصليهن في بيته إذا شد عليه ثياب سفره يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب و قل هو الله أحد ثم يقول اللهم إني أتقرب بهن إليك فاخلفني بهن في أهلي ومالي فهي خليفته في أهله وماله وحرز حول داره حتى يرجع إلى أهله حديث أنس أن رجلا قال إني نذرت سفرا وقد كتبت وصيتي فإلى أي الثلاثة أدفعها إلى أبي أم أخي أم امرأتي فقال ما استخلف عبد في أهله من خليفة أحب إلى الله من أربع ركعاتالحديث أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وفيه من لايعرف . الخامس : إذا حصل على باب الدار فليقل بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله رب أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي فإذا مشى قال اللهم بك انتشرت وعليك توكلت وبك اعتصمت وإليك توجهت اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي فاكفني ما أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم به مني عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير أينما توجهت وليدع بهذا الدعاء في كل منزل يرحل عنه فإذا ركب الدابة فليقل بسم الله وبالله والله أكبر توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاءالله كان وما لم يشأ لم يكن سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون فإذا استوت الدابة تحته فليقل الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله اللهم أنت الحامل على الظهر وأنت المستعان على الأمور.
| |
|
| |
| ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ | |
|