| ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ | |
|
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:28 am | |
| الباب السابع : في النوافل من الصلوات. اعلم أن ما عدا الفرائض من الصلوات ينقسم إلى ثلاثة أقسام : سنن ومستحبات وتطوعات . ونعني بالسنن ما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المواظبة عليه كالرواتب عقيب الصلوات وصلاة الضحى والوتر والتهجد وغيرها لأن السنة عبارة عن الطريق المسلوكة . ونعني بالمستحبات ما ورد الخبر بفضله ولم ينقل المواظبة عليه كما سننقله في صلوات الأيام والليالي في الأسبوع وكالصلاة عند الخروج من المنزل والدخول فيه وأمثاله. ونعني بالتطوعات ما وراء ذلك مما لم يرد في عينه أثر ولكنه تطوع به العبد من حيث رغب في مناجاة الله عز وجل بالصلاة التي ورد الشرع بفضلها مطلقا فكأنه متبرع به إذا لم يندب إلى تلك الصلاة بعينها وإن ندب إلى الصلاة مطلقا والتطوع عبارة عن التبرع . وسميت الأقسام الثلاثة نوافل من حيث إن النفل هو الزيادة وجملتها زائد على الفرائض فلفظ النافلة والسنة والمستحب والتطوع أردنا الإصطلاح عليه لتعريف هذه المقاصد ولا حرج على من يغير هذا الإصطلاح فلا مشاحة في الألفاظ بعد فهم المقاصد وكل قسم من هذه الأقاسم تتفاوت درجاته في الفضل بحسب ما ورد فيها من الأخبار والآثار المعرفة لفضلها وبحسب طول مواظبة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها وبحسب صحة الأخبار الواردة فيها واشتهارها ولذلك يقال سنن الجماعات أفضل من سنن الانفراد وأفضل سنن الجماعات صلاة العيد ثم الكسوف ثم الاستسقاء وأفضل سنن الانفراد الوتر ثم ركعتا الفجر ثم ما بعدهما من الرواتب على تفاوتها واعلم أن النوافل باعتبار الإضافة إلى معلقاتها تنقسم إلى ما يتعلق بأسباب كالكسوف والاستسقاء وإلى ما يتعلق بأوقات والمتعلق بالأوقات ينقسم إلى ما يتكرر بتكرر اليوم والليلة أو بتكرر الأسبوع أو بتكرر السنة فالجملة أربعة أقسام القسم الأول ما يتكرر بتكرر الأيام والليالي وهي ثمانية خمسة هي رواتب الصلوات الخمس وثلاثة وراءها وهي صلاة الضحى وإحياء ما بين العشاءين والتهجد الأولى راتبة الصبح وهي ركعتان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها حديث ركعتا الفجر خير من الدنيا الحديث أخرجه مسلم من حديث عائشة ويدخل وقتها بطلوع الفجر الصادق وهو المستطير دون المستطيل وإدراك ذلك بالمشاهدة عسير في أوله إلا أن يتعلم منازل القمر أو يعلم اقتراع طلوعه بالكواكب الظاهرة للبصر فيستدل بالكواكب عليه ويعرف بالقمر في ليلتين من الشهر فإن القمر يطلع مع الفجر في ليلة ست وعشرين ويطلع الصبح مع غروب القمر ليلة اثني عشر من الشهر هذا هو الغالب ويتطرق إليه تفاوت في بعض البروج وشرح ذلك يطول وتعلم منازل القمر من المهمات للمريد حتى يطلع به على مقادير الأوقات بالليل وعلى الصبح ويفوت وقت ركعتي الفجر بفوات وقت فريضة الصبح وهو طلوع الشمس ولكن السنة أداؤهما قبل الفرض فإن دخل المسجد وقد قامت الصلاة فليشتغل بالمكتوبة فإنه صلى الله عليه وسلم قال إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة حديث إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة ثم إذا فرغ من المكتوبة قام إليهما وصلاهما والصحيح أنهما أداء ما وقعتا قبل طلوع الشمس لأنهما تابعتان للفرض في وقته وإنما الترتيب بينهما سنة في التقديم والتأخير إذا لم يصادف جماعة فإذا صادف جماعة انقلب الترتيب وبقيتا أداء والمستحب أن يصليهما في المنزل ويخففهما ثم يدخل المسجد ويصلي ركعتين تحية المسجد ثم يجلس ولا يصلي إلى أن يصلي المكتوبة وفيما بين الصبح إلى طلوع الشمس الأحب فيه الذكر والفكر والاقتصار على ركعتي الفجر والفريضة الثانية راتبة الظهر وهي ست ركعات ركعتان بعدها وهي أيضا سنة مؤكدة وأربع قبلها وهي أيضا سنة وإن كانت دون الركعتين الأخيرتين روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى أربع ركعات بعد زوال الشمس يحسن قراءتهن وركوعهن وسجودهن صلى معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى الليل حديث أبي هريرة من صلىأربع ركعات بعد زوال الشمس يحسن قراءتهن الحديث ذكره عبد الملك بن حبيب بلاغا من حديث أبي مسعود ولم أره من حديث أبي هريرة وكان صلى الله عليه وسلم لا يدع أربعا بعد الزوال يطيلهن ويقول إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يرفع لي فيها عمل حديث أبي أيوب كان لا يدع أربعا بعد الزوال الحديث أخرجه أحمد بسند ضعيف نحوه وهو عند أبي داود وابن ماجه مختصرا وروى الترمذي نحوه من حديث عبد الله بن السائب وقال حسن رواه أبو أيوب الأنصاري وتفرد به ودل عليه أيضا ما روت أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى في كل يوم اثنتي عشرة ركعة غير المكتوبة بني له بيت في الجنةركعتين قبل الفجر وأربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين قبل العصر وركعتين بعد المغرب حديث أم حبيبة من صلى في يوم اثنتي عشرة ركعة الحديث أخرجه النسائي والحاكم وصحح إسناده على شرط مسلم ورواه مسلم مختصرا ليس فيه تعيين أوقات الركعات وقال ابن عمر رضي الله عنهما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل يوم عشر ركعات حديث ابن عمر حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم عشر ركعات الحديث متفق عليه واللفظ للبخاري ولم يقل في كل يوم فذكر ما ذكرته أم حبيبة رضي الله عنها إلا ركعتي الفجر فإنه قال تلك ساعة لم يكن يدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حدثتني أختي حفصة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين في بيتها ثم يخرج وقال في حديثه ركعتين قبل الظهر وركعتين بعد العشاء فصارت الركعتان قبل الظهر آكد من جملة الأربعة ويدخل وقت ذلك بالزوال والزوال يعرف بزيادة ظل الأشخاص المنتصبة مائلة إلى جهة الشرق إذ يقع للشخص ظل عند الطلوع في جانب المغرب يستطيل فلا تزال الشمس ترتفع والظل ينقص وينحرف عن جهة المغرب إلى أن تبلغ الشمس منتهى ارتفاعها وهو قوس نصف النهار فيكون ذلك منتهى نقصان الظل فإذا زالت الشمس عن منتهى الارتفاع أخذ الظل في الزيادة فمن حيث صارت الزيادة مدركة بالحس دخل وقت الظهر ويعلم قطعا أن الزوال في علم الله سبحانه وقع قبله ولكن التكاليف لا ترتبط إلا بما يدخل تحت الحس والقدر الباقي من الظل الذي منه يأخذ في الزيادة يطول في الشتاء ويقصر في الصيف ومنتهى طوله بلوغ الشمس أول الجدي ومنتهى قصره بلوغها أول السرطان ويعرف ذلك بالأقدام والموازين ومن الطرق القريبة من التحقيق لمن أحسن مراعاته أن يلاحظ القطب الشمالي بالليل ويضع على الأرض لوحا مربعا وضعا مستويا بحيث يكون أحد أضلاعه من جانب القطب بحيث لو توهمت سقوط حجر من القطب إلى الأرض ثم توههمت خطا من مسقط الحجر إلى الضلع الذي يليه من اللوح لقام الخط على الضلع على زاويتين قائمتين أي لا يكون الخط مائلا إلى أحد الضلعين ثم تنصب عمودا على اللوح نصبا مستويا في موضع علامة وهو بإزاء القطب فيقع ظله على اللوح في أول النهار مائلا إلى جهة المغرب في صوب خط أ ثم لا يزال يميل على أن ينطبق على خط ب بحيث لو مد رأسه لانتهى على الاستقامة إلى مسقط الحجر ويكون موازيا للضلع الشرقي والغربي غير مائل إلى أحدهما فإذا بطل ميله إلى الجانب الغربي فالشمس في منتهى الإرتفاع فإذا انحرف الظل عن الخط الذي على اللوح إلى جانب الشرق فقد زالت الشمس وهذا يدرك بالحس تحقيقا في وقت هو قريب من أول الزوال في علم الله تعالى ثم يعلم على رأس الظل عند انحرافه علامة فإذا صار الظل من تلك العلامة مثل العمود دخل وقت العصر فهذا القدر لا بأس بمعرفته في علم الزوال وهذه صورته الثالثة راتبة العصر وهي أربع ركعات قبل العصر روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال رحم الله عبدا صلى قبل العصر أربعا حديث أبي هريرة رحم الله عبدا صلى أربعا قبل العصر أخرجه أبو داود والترمذي وابن حبان من حديث ابن عمر وأعله ابن القطان ولم أره من حديث أبي هريرة ففعل ذلك على رجاء الدخول في دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم مستحب استحبابا مؤكدا فإن دعوته تستجاب لا محالة له ولم تكن مواظبته على السنة قبل العصر كمواظبته على ركعتين قبل الظهر الرابعة راتبة المغرب وهما ركعتان بعد الفريضة لمتختلف الرواية فيهما وأما ركعتان قبلهما بين أذان المؤذن وإقامة المؤذن على سبيل المبادرة فقد نقل عن جماعة من الصحابة كأبي بن كعب وعبادة بن الصامت وأبي ذر وزيد بن ثابت وغيرهم قال عبادة أو غيره كان المؤذن إذا أذن لصلاة المغرب ابتدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السواري يصلون ركعتين حديث عبادة أو غيره في ابتدار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السواري إذا أذن لصلاة المغرب متفق عليه من حديث أنس لا من حديث عبادة وروى عبد الله بن أحمد في زيادات المسند أن أبي بن كعب وعبد الرحمن بن عوف كانا يركعان حين تغرب الشمس ركعتين قبل المغرب وقال بعضهم كنا نصلي الركعتين قبل المغرب حتى يدخل الداخل فيحسب أنا صلينا فيسأل أصليتم المغرب حديث كنا نصلي الركعتين قبل المغرب حتى يدخل الداخل فيحسب أنا صلينا أخرجه مسلم من حديث أنس وذلك يدخل في عموم قوله صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة لمن شاء حديث بين كل أذانين صلاة لمن شاء متفق عليه من حديث عبد الله بن مغفل وكان أحمد بن حنبل يصليهما فعابه الناس فتركهما فقيل له في ذلك فقال لم أر الناس يصلونهما فتركتهما وقال لئن صلاهما الرجل في بيته أو حيث لا يراه الناس فحسن ويدخل وقت المغرب بغيبوبة الشمس عن الأبصار في الأراضي المستوية التي ليست محفوفة بالجبال فإن كانت محفوفة بها في جهة المغرب فيتوقف إلى أن يرى إقبال السواد من جانب المشرق قال صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم حديث إذا أقبل الليل من ههنا الحديث متفق عليه من حديث عمر والأحب المبادرة في صلاة المغرب خاصة وإن أخرت وصليت قبل غيبوبة الشفق الأحمر وقعت أداء ولكنه مكروه وأخر عمر رضي الله عنه صلاة المغرب ليلة حتى طلع نجم فأعتق رقبة وأخرها ابن عمر حتى طلع كوكبان فأعتق رقبتين الخامسة راتبة العشاء الآخرة أربع ركعات بعد الفريضة قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بعد العشاء الآخرة أربع ركعات ثم ينام حديث عائشة كان يصلي بعد العشاء الآخرة أربع ركعات ثم ينام أخرجه أبو داود واختار بعض العلماء من مجموع الأخبار أن يكون عدد الرواتب سبع عشرة كعدد المكتوبة ركعتان قبل الصبح وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها وأربع قبل العصر وركعتان بعد المغرب وثلاث بعد العشاء الآخرة وهي الوتر حديث الوتر بثلاث بعد العشاء أخرجه أحمد واللفظ له والنسائي من حديث عائشة كان يوتر بثلاث لا يفصل بينهن ومهما عرفت الأحاديث الواردة فيه فلا معنى للتقدير فقد قال صلى الله عليه وسلم الصلاة خير موضع فمن شاء أكثر ومن شاء أقل حديث الصلاة خير موضع أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي ذر فإذا اختيار كل مريد من هذه الصلاة بقدر رغبته في الخير فقد ظهر فيما ذكرناه أن بعضها آكد من بعض وترك الآكد أبعد لا سيما والفرائض تكمل بالنوافل فمن لم يستكثر منها يوشك أن لا تسلم له فريضة من غير جابر السادسة الوتر قال أنس بن مالك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بعد العشاء بثلاث ركعات يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد حديث أنس كان يوتر بعد العشاء بثلاث ركعات يقرأ في الأولى سبح الحديث أخرجه ابن عدي في ترجمة محمد بن أبان ورواه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عباس بسند صحيح وجاء في الخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالسا وفي بعضها متربعا حديث كان يصلي بعد الوتر ركعتين جالسا أخرجه مسلم من حديث عائشة وفي بعض الأخبار إذا أراد أن يدخل فراشه زحف إليه وصلى فوقه ركعتين قبل أن يرقد يقراء فيهما إذا زلزلت الأرض وسورة التكاثر حديث إذا أراد أن يدخل فراشه زحف إليه ثم صلى ركعتين الحديث أخرجه البيهقي من حديث أبي أمامة وأنس نحوه وضعفه وليس فيه زحف إليه ولا ذكر ألهاكم التكاثر وفي رواية أخرى قل يا أيها الكافرون ويجوز الوتر مفصولا وموصولا بتسليمة واحدةوتسليمتين وقد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم بركعة حديث الوتر بركعة متفق عليه من حديث ابن عمر وهو لمسلم من حديث عائشة وثلاث حديث الوتر بثلاث تقدم وخمس حديث الوتر بخمس من حديث عائشة يوتر من ذلك بخمس ولا يجلس في شىء إلا في آخرها وهكذا بالأوتار حديث الوتر بسبع أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي واللفظ من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كبر وضعف أوتر بسبع ركعات لا يقعد إلا في السادسة ثم ينهض ولا يسلم فيصلي السابعة حديث الوتر بتسع أخرجه مسلم من حديث عائشة وهو في الذي قبله إلى إحدى عشرة ركعة حديث الوتر بإحدى عشرة أخرجه أبو داود بإسناد صحيح من حديث عائشة كان يوتر أربع وثلاث وست وثلاث وثمان وثلاث وعشر وثلاث الحديث ولمسلم من حديثها كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة الحديث والرواية مترددة في ثلاث عشرة حديث الوتر بثلاث عشرة تقدم في الذي قبله وللترمذي والنسائي من حديث أم سلمة كان يوتر بثلاث عشرة وقال الترمذي حسن ولمسلم من حديث عائشة كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة زاد في رواية بركعتي الفجر وفي حديث شاذ سبع عشرة ركعة حديث الوتر سبع عشرة أخرجه ابن المبارك من حديث طاوس مرسلا كان يصلي سبع عشرة ركعة من الليل وكانت هذه الركعات أعني ما سمينا جملتها وترا صلاة بالليل وهو التهجد والتهجد بالليل سنة مؤكدة وسيأتي ذكر فضائلها في كتاب الأوراد وفي الأفضل خلاف فقيل إن الإيتار بركعة فردة أفضل إذ صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب على الإيتار بركعة فردة وقيل الموصولة أفضل للخروج عن شبهة الخلاف لا سيما الإمام إذ قد يقتدي به من لا يرى الركعة الفردة صلاة فإن صلى موصولا نوى بالجميع الوتر وإن اقتصر على ركعة واحدة بعد ركعتي العشاء أو بعد فرض العشاء نوى الوتر وصح لأن شرط الوتر أن يكون في نفسه وترا وأن يكون موترا لغيره مما سبق قبله وقد أوتر الفرض ولو أوتر قبل العشاء لم يصح أي لا ينال فضيلة الوتر الذي هو خير له من حمر النعم حديث الوتر خير من حمر النعم أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث خارجة بن حذافة إن الله أمدكم بصلاة هي خير لكم من حمر النعم وضفه البخاري وغيره كما ورد به الخبر وإلا فركعة فردة صحيحة في أي وقت كان وإنما لم يصح قبل العشاء لأنه خرق إجماع الخلق في الفعل ولأنه لم يتقدم ما يصير به وترا فأما إذا أراد أن يوتر بثلاث مفصولة ففي نيته في الركعتين نظر فإنه إن نوى بهما التهجد أو سنة العشاء لم يكن هو من الوتر وإن نوى الوتر لم يكن هو في نفسه وترا وإنما الوتر ما بعده ولكن الأظهر أن ينوى الوتر كما ينوى في الثلاث الموصولة الوتر ولكن للوتر معنيان أحدهما أن يكون في نفسه وترا والآخر أن ينشأليجعل وترا بما بعده فيكون مجموع الثلاثة وترا والركعتان من جملة الثلاث إلا أن وتريته موقوفة على الركعة الثالثة وإذا كان هو على عزم أن يوترهما بثالثة كان له أن ينوي بهما الوتر والركعة الثالثة وتر بنفسها وموترة لغيرها والركعتان لا يوتران غيرهما وليستا وترا بأنفسهما ولكنهما موترتان بغيرهما والوتر ينبغي أن يكون آخر صلاة الليل فيقع بعد التهجد وسيأتي فضائل الوتر والتهجد وكيفية الترتيب بينهما في كتاب ترتيب الأوراد السابعة صلاة الضحى فالمواظبة عليها من عزائم الأفعال وفواضلها أما عدد ركعاتها فأكثر ما نقل فيه ثمان ركعات روت أم هانىء أخت علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ثماني ركعات أطالهن وحسنهن حديث أم هانىء صلى الضحى ثماني ركعات أطالهن وأحسنهن متفق عليه دون زيادة أطالهن وأحسنهن وهي منكرة ولم ينقل هذا القدر غيرها فأما عائشة رضي الله عنها فإنها ذكرت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله سبحانه حديث عائشة كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله أخرجه مسلم فلم تحد الزيادة إلى أنه كان يواظب على الأربعة ولا ينقص منها وقد يزيد زيادات وروى في حديث مفرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى ست ركعات حديث كان يصلي الضحى ست ركعات أخرجه الحاكم في فضل صلاة الضحى من حديث جابر ورجاله ثقات وأما وقتها فقد روى علي رضي الله عنه أنهصلى الله عليه وسلم كان يصلي الضحى ستا في وقتين إذا أشرقت الشمس وارتفعت قام وصلى ركعتين وهو أول الورد الثاني من أوراد النهار كما سيأتي وإذا انبسطت الشمس وكانت في ربع السماء من جانب الشرق صلى أربعا حديث كان إذا أشرقت وارتفعت قام وصلى ركعتين وإذا انبسطت الشمس وكانت في ربع النهار من جانب المشرق صلى أربعا أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث علي كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس من مطلعها قيد رمح أو رمحين كقدر صلاة العصر من مغربها صلى ركعتين ثم أمهل حتى إذا ارتفع الضحى صلى أربع ركعات لفظ النسائي وقال الترمذي حسن فالأول إنما يكون إذا ارتفعت الشمس قيد نصف رمح والثاني إذا مضى من النهار ربعه بإزاء صلاة العصر فإن وقته أن يبقى من النهار ربعه والظهر على منتصف النهار ويكون الضحى على منتصف ما بين طلوع الشمس إلى الزوال كما أن العصر على منتصف ما بين الزوال إلى الغروب وهذا أفضل الأوقات ومن وقت ارتفاع الشمس إلى ما قبل الزوال وقت للضحى على الجملة الثامنة إحياء ما بين العشاءين وهي سنة مؤكدة ومما نقل عدده من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العشاءين ست ركعات حديث صلى بين العشاءين ست ركعات أخرجه ابن منده في الضحى والطبراني في الأوسط والأصغر من حديث عمار بن ياسر بسند ضعيف والترمذي وضعفه من حديث أبي هريرة من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة ولهذه الصلاة فضل عظيم وقيل إنها المراد بقوله عز وجل تتجافى جنوبهم عن المضاجع وقد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى بين المغرب والعشاء فإنها من صلاة الأوابين حديث من صلى بين والمغرب والعشاء فإنها من صلاة الأوابين أخرجه ابن المباركك في الرقائق من رواية ابن المنذر مرسلا وقال صلى الله عليه وسلم من عكف نفسه فيما بين المغرب والعشاء في مسجد جماعة لم يتكلم إلا بصلاة أو بقرآن كان حقا على الله أن يبني له قصرين في الجنة مسيرة كل قصر منهما مائة عام ويغرس له بينهما غراسا لوطافة أهل الأرض لوسعهم حديث من عكف نفسه بين المغرب والعشاء في مسجد جماعة أخرجه أبو الوليد الصفار في كتاب الصلاة من طريق عبد الملك بن حبيب بلاغا له من حديث عبد الله بن عمر وسيأتي بقية فضائلها في كتاب الأوراد إن شاء الله تعالى القسم الثاني ما يتكرر بتكرر الأسابيع وهي صلاة أيام الأسبوع ولياليه لكل يوم ولكل ليلة أما الأيام فنبدأ فيها بيوم الأحد يوم الأحد روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى يوم الأحد أربع ركعات يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وآمن الرسول مرة كتب الله له بعدد كل نصراني ونصرانية حسنات وأعطاه الله ثواب نبي وكتب له حجة وعمرة وكتب له بكل ركعة ألف صلاة وأعطاه الله في الجنة بكل حرف مدينة من مسك أذفر حديث من صلى يوم الأحد أربع ركعات الحديث أخرجه أبو موسى المديني من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وحدوا الله بكثرة الصلاة يوم الأحد فإنه سبحانه واحد لا شريك له فمن صلى يوم الأحد بعد صلاة الظهر أربع ركعات بعد الفريضة والسنة يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وتنزيل السجدة وفي الثانية فاتحة الكتاب وتبارك الملك ثم تشهد وسلم ثم قام فصلى ركعتين أخريين يقرأ فيهما فاتحة الكتاب وسورة الجمعة وسأل الله سبحانه حاجته كان حقا على الله أن يقضي حاجته حديث علي وحدوا الله بكثرة الصلاة يوم الأحد الحديث ذكره أبو موسى المديني فيه بغير إسناد يوم الإثنين روى جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى يوم الإثنين عند ارتفاع النهار ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وآية الكرسي مرة وقل هو الله أحد والمعوذتين مرة مرة فإذا سلماستغفر الله عشر مرات وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات غفر الله تعالى له ذنوبه كلها حديث جابر من صلى يوم الإثنين عند ارتفاع النهار ركعتين الحديث أخرجه أبو موسى المديني من حديث جابر عن عمر مرفوعا وهو حديث منكر وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى يوم الإثنين ثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة فإذا فرغ قرأ قل هو الله أحد اثنتي عشرة واستغفر اثنتي عشرة مرة ينادي به يوم القيامة أين فلان بن فلان ليقم فليأخذ ثوابه من الله عز وجل فأول ما يعطى من الثواب ألف حلة ويتوج ويقال له ادخل الجنة فيستقبله مائة ألف ملك مع كل ملك هدية يشيعونه حتى يدور على ألف قصر من نور يتلألأ حديث أنس من صلى يوم الإثنين اثنتي عشرة ركعة الحديث ذكره أبو موسى المديني بغير سند وهو منكر يوم الثلاثاء روى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال قال صلى الله عليه وسلم من صلى يوم الثلاثاء عشر ركعات عند انتصاف النهار حديث يزيد الرقاشي عن أنس من صلى يوم الثلاثاء عشر ركعات عند انتصاف النهار الحديث أخرجه أبو موسى المديني بسند ضعيف ولم يقل عند انتصاف النهار ولا عند ارتفاعه وفي حديث آخر عند ارتفاع النهار يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات لم تكتب عليه خطيئة إلى سبعين يوما فإن مات إلى سبعين يوما مات شهيدا وغفر له ذنوب سبعين سنة يوم الأربعاء روى أبو إدريس الخولاني عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى يوم الأربعاء ثنتي عشرة ركعة عند ارتفاع النهار يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات والمعوذتين ثلاث مرات نادى مناد عند العرش يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر لك ما تقدم من ذنبك ورفع الله سبحانه عنك عذاب القبر وضيقه وظلمته ورفع عنك شدائد القيامة ورفع له من يومه عمل نبي حديث أبي إدريس الخولاني عن معاذ من صلى يوم الأربعاء اثنتي عشرة ركعة الحديث أخرجه أبو موسى المديني وقال رواته ثقات والحديث مركب قلت بل فيه غير مسمى وهو محمد بن حميد الرازي أحد الكذابين يوم الخميس عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى يوم الخميس بين الظهر والعصر ركعتين يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وآية الكرسي مائة مرة وفي الثانية فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد مائة مرة ويصلي على محمد مائة مرة أعطاه الله ثواب من صام رجب وشعبان ورمضان وكان له من الثواب مثل حاج البيت وكتب له بعدد كل من آمن بالله سبحانه وتوكل عليه حسنة حديث عكرمة عن ابن عباس من صلى يوم الخميس بين الظهر والعصر ركعتين الحديث أخرجه أبو موسى المديني بسند ضعيف جدا يوم الجمعة روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الجمعة صلاة كله ما من عبد مؤمن قام إذا استقلت الشمس وارتفعت قدر رمح أو أكثر من ذلك فتوضأ ثم أسبغ الوضوء فصلى سبحة الضحى ركعتين إيمانا واحتسابا إلا كتب الله له مائتي حسنة ومحا عنه مائتي سيئة ومن صلى أربع ركعات رفع الله سبحانه له في الجنة أربعمائة درجة ومن صلى ثماني ركعات رفع الله تعالى له في الجنة ثمانمائة درجة وغفر له ذنوبه كلها ومن صلى ثنتي عشرة ركعة كتب الله له ألفين ومائتي حسنة ومحا عنه ألفين ومائتي سيئة ورفع له في الجنة ألفين ومائتي درجة حديث علي يوم الجمعة صلاة كله ما من عبد مؤمن قام إذا استقلت الشمس الحديث لم أجد له أصلا وهو باطل وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من دخل الجامعيوم الجمعة فصلى أربع ركعات قبل صلاة الجمعة يقرأ في كل ركعة الحمد لله وقل هو الله أحد خمسين مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له حديث نافع عن ابن عمر من دخل الجامع يوم الجمعة فصلى أربع ركعات الحديث أخرجه الدار قطني في غرائب مالك وقال لا يصح وعبد الله بن وصيف مجهول والخطيب في الرواة عن مالك وقال غريب جدا ولا أعرف له وجها غير هذا يوم السبت روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى يوم السبت أربع ركعات يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد ثلاث مرات فإذا فرغ قرأ آية الكرسي كتب الله له بكل حرف حجة وعمرة ورفع له بكل حرف أجر سنة صيام نهارها وقيام ليلها وأعطاه الله عز وجل بكل حرف ثواب شهيد وكان تحت ظل عرش الله مع النبيين والشهداء حديث أبي هريرة من صلى يوم السبت أربع ركعات الحديث أخرجه أبو موسى المديني في كتاب وظائف الليالي والأيام بسند ضعيف جدا وأما الليالي ليلة الأحد روى أنس بن مالك في ليلة الأحد أنه صلى الله عليه وسلم قال من صلى ليلة الأحد عشرين ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمسين مرة والمعوذتين مرة مرة واستغفر الله عز وجل مائة مرة واستغفر لنفسه ولوالديه مائة مرة وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم مائة مرة وتبرأ من حوله وقوته والتجأ الله إلى ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن آدم صفوة الله وفطرته وإبراهيم خليل الله وموسى كليم الله وعيسى روح الله ومحمدا حبيب الله كان له من الثواب بعدد من دعا لله ولدا ومن لم يدع لله ولدا وبعثه الله عز وجل يوم القيامة مع الآمنين وكان حقا على الله تعالى أن يدخله الجنة مع النبيين حديث من صلى ليلة الأحد عشرين ركعة الحديث ذكره أبو موسى المديني بغير إسناد وهو منكر وروى أبو موسى من حديث أنس في فضل الصلاة فيها ست ركعات وأربع ركعات وكلاهما ضعيف جدا ليلة الإثنين روى الأعمش عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى ليلة الإثنين أربع ركعات يقرأ في الركعة الأولى الحمد لله وقل هو الله أحد عشر مرات وفي الركعة الثانية الحمد لله وقل هو الله أحد عشر مرات وفي الركعة الثانية الحمد لله وقل هو الله أحد عشرين مرة وفي الثالثة الحمد لله وقل هو الله أحد ثلاثين مرة وفي الرابعة الحمد لله وقل هو الله أحد أربعين مرة ثم يسلم ويقرأ قل هو الله أحد خمسا وسبعين مرة واستغفر الله لنفسه ولوالديه خمسا وسبعين مرة ثم سأل الله حاجته كان حقا على الله أن يعطيه سؤله ما سأل حديث الأعمش عن أنس من صلى ليلة الإثنين أربع ركعات الحديث ذكره أبو موسى المديني هكذا عن الأعمش بغير إسناد من رواية يزيد الرقاشي عن أنس حديثا في صلاة ست ركعات فيها وهو منكر وهي صلاة الحاجة ليلة الثلاثاء من صلى ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين خمس عشرة مرة ويقرأ بعد التسليم خمس عشرة مرة آية الكرسي واستغفر الله تعالى خمس عشرة مرة كان له ثواب عظيم وأجر جسيم وروي عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى ليلة الثلاثاء ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وإنا أنزلناه وقل هو الله أحد سبع مرات أعتق الله رقبته من النار ويكون له يوم القيامة قائده ودليله إلى الجنة حديث الصلاة في ليلة الثلاثاء ركعتين الحديث ذكره أبو موسى بغير إسناد حكاية عن بعض المصنفين وأسند من حديث ابن مسعود وجابر حديثا في صلاة أربع ركعات فيها وكلها منكرة ليلة الأربعاء روت فاطمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صلى ليلة الأربعاء ركعتين يقرأ في الأول فاتحة الكتاب وقل أعوذ برب الفلق عشر مرات وفي الثانية بعد الفاتحة قل أعوذ برب الناس عشر مراتثم إذا سلم استغفر الله عشر مرات ثم يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم عشر مرات نزل من كل سماء سبعون ألف ملك يكتبون ثوابه إلى يوم القيامة حديث من صلى ليلة الأربعاء ركعتين الحديث لم أجد فيه إلا حديث جابر في صلاة أربع ركعات فيها ورواه أبو موسى المديني وروى من حديث أنس ثلاثين ركعة وفي حديث آخر ست عشرة ركعة يقرأ بعد الفاتحة ما شاء الله ويقرأ في آخر الركعتين آية الكرسي ثلاثين مرة وفي الأوليين ثلاثين مرة قل هو الله أحد يشفع في عشرة من أهل بيته كلهم وجبت عليهم النار وروت فاطمة رضي الله عنها أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى ليلة الأربعاء ست ركعات قرأ في ركعة بعد الفاتحة قل اللهم مالك الملك إلى آخر الآية فإذا فرغ من صلاته يقول جزى الله محمدا عنا ما هو أهله غفر له ذنوب سبعين سنة وكتب له براءة من النار حديث فاطمة من صلى ست ركعات أي ليلة الأربعاء الحديث أخرجه أبو موسى المديني بسند ضعيف جدا ليلة الخميس قال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى ليلة الخميس ما بين المغرب والعشاء ركعتين يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وآية الكرسي خمس مرات وقل هو الله أحد خمس مرات والمعوذتين خمس مرات فإذا فرغ من صلاته استغفر الله تعالى خمس عشرة مرة وجعل ثوابه لوالديه فقد أدى حق والديه عليه وإن كان عاقا لهما وأعطاه الله تعالى ما يعطي الصديقين والشهداء حديث أبي هريرة من صلى ليلة الخميس ما بين المغرب والعشاء ركعتين الحديث أخرجه أبو موسى المديني وأبو منصور الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف جدا وهو منكر ليلة الجمعة قال جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى ليلة الجمعة بين المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب مرة وقل هو الله أحد إحدى عشرة مرة فكأنما عبد الله تعالى اثنتي عشرة سنة صيام نهارها وقيام ليلها حديث جابر من صلى ليلة الجمعة بين المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة الحديث باطل لا أصل له وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم من صلى ليلى الجمعة صلاة العشاء الآخرة في جماعة وصلى ركعتي السنة ثم صلى بعدهما عشر ركعات قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين مرة مرة ثم أوتر بثلاث ركعات ونام على جنبه الأيمن وجهه إلى القبله فكأنما أحيا ليلة القدر حديث أنس من صلى ليلة الجمعة العشاء الآخرة في جماعة وصلى ركعتي السنة ثم صلى بعدها عشر ركعات الحديث باطل لا أصل له وروى المظفر بن الحسين الأرجاني في كتاب فضائل القرآن وإبراهيم بن المظفر في كتاب وصول القرآن للميت من حديث أنس من صلى ركعتين ليلة الجمعة قرأ فيهما بفاتحة الكتاب وإذا زلزلت خمس عشرة مرة وقال إبراهيم بن المظفر خمسين مرة أمنه الله من عذاب القبر ومن أهوال يوم القيامة ورواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من هذا الوجه ومن حديث ابن عباس أيضا وكلها ضعيفة منكرة وليس يصح في أيام الأسبوع ولياليه شيء والله أعلم وقال صلى الله عليه وسلم أكثروا من الصلاة علي في الليلة الغراء واليوم الأزهر ليلة الجمعة ويوم الجمعة حديث أكثروا علي من الصلاة في الليلة الغراء واليوم الأزهر أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة وفيه عبد المنعم بن بشير ضعف ابن معين وابن حبان ليلة السبت قال أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى ليلة السبت بين المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة بني له قصر في الجنة وكأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة وتبرأ من اليهود وكان حقا على الله أن يغفر له حديث أنس من صلى ليلة السبت بين المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة الحديث لم أجد له أصلا القسم الثالث ما يتكرر بتكرر السنين وهي أربعة صلاة العيدين والتراويح وصلاة رجب وشعبان الأولى صلاة العيدين وهي سنة مؤكدة وشعار من شعائر الدين وينبغي أن يراعى فيها سبعة أمور الأول التكبير ثلاثا نسقا فيقول الله أكبر الله أكبرالله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ولو كره الكافرون يفتتح بالتكبير ليلة الفطر إلى الشروع في صلاة العيد وفي العيد الثاني يفتتح التكبير عقيب الصبح يوم عرفة إلى آخر النهار يوم الثالث عشر وهذا أكمل الأقاويل ويكبر عقيب الصلوات المفروضة وعقيب النوافل وهو عقيب الفرائض آكد الثاني إذا أصبح يوم العيد يغتسل ويتزين ويتطيب كما ذكرناه في الجمعة والرداء والعمامة هو الأفضل للرجال وليجنب الصبيان الحرير والعجائز التزين عند الخروج الثالث أن يخرج من طريق ويرجع من طريق آخر حديث الخروج في طريق والرجوع في أخرى أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور حديث كان يأمر بإخراج العواتق وذوات الخدور متفق عليه من حديث أم عطية الرابع المستحب الخروج إلى الصحراء إلا بمكة وبيت المقدس فإن كان يوم مطر فلا بأس بالصلاة في المسجد ويجوز في يوم الصحو أن يأمر الإمام رجلا يصلي بالضعفة في المسجد ويخرج بالأقوياء مكبرين الخامس يراعي الوقت فوقت صلاة العيد ما بين طلوع الشمس إلى الزوال ووقت الذبح للضحايا ما بين ارتفاع الشمس بقدر خطبتين وركعتين إلى آخر اليوم الثالث عشر ويستحب تعجيل صلاة الأضحى لأجل الذبح وتأخير صلاة الفطر لأجل تفريق صدقة الفطر قبلها هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث تعجيل صلاة الأضحى وتأخير صلاة الفطر أخرجه الشافعي من رواية أبي الحويرث مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران أن عجل الأضحى وأخر الفطر
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:28 am | |
| السادس في كيفية الصلاة فليخرج الناس مكبرين في الطريق وإذا بلغ الإمام المصلى لم يجلس ولم يتنفل ويقطع الناس التنفل ثم ينادي مناد الصلاة جامعة ويصلي الإمام بهم ركعتين يكبر في الأولى سوى تكبيرة الإحرام والركوع سبع تكبيرات يقول بين كل تكبيرتين سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويقول وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض عقيب تكبيرة الافتتاح ويؤخر الاستعاذة إلى ما وراء الثامنة ويقرأ سورة ق في الأولى بعد الفاتحة واقتربت في الثانية والتكبيرات الزائدة في الثانية خمس سوى تكبيرتي القيام والركوع وبين كل تكبيرتين ما ذكرناه ثم يخطب خطبتين بينهما جلسة ومن فاتته صلاة العيد قضاها السابع أن يضحي بكبش ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين وذبح بيده وقال بسم الله والله أكبر هذا عني وعمن لم يضح من أمتي حديث ضحى بكبشين أملحين وذبح بيده وقال بسم الله والله أكبر هذا عني وعمن لم يضح من أمتي متفق عليه دون قوله عني الخ من حديث أنس وهذه الزيادة عند أبي داود والترمذي من حديث جابر وقال الترمذي غريب ومنقطع وقال صلى الله عليه وسلم من رأى هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئا حديث من رأى هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره وأظفاره أخرجه من حديث أم سلمة قال أبو أيوب الأنصاري كان الرجل يضحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة عن أهل بيته ويأكلون ويطعمون حديث أبي أيوب كان الرجل يضحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاة عن أهله فيأكلون ويطعمون أخرجه الترمذي وابن ماجه قال الترمذي حسن صحيح وله أن يأكل من الضحية بعد ثلاثة أيام فما فوق وردت فيه الرخصة بعد النهي عنه وقال سفيان الثوري يستحب أن يصلي بعد عيد الفطر اثنتي عشرة ركعة وبعد عيد الأضحى ست ركعات قال سفيان الثوري من السنة أن يصلي بعد الفطر اثنتي عشرة ركعة وبعد الأضحى ست ركعات لم أجد له أصلا في كونه سنة وفي الحديث الصحيح ما يخالفه وهو أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها وقد اختلفوا في قول التابعي من السنة كذا وأما قول تابعي التابع كذلك كالثوري فهو مقطوع وقال هو من السنة الثانية التراويح وهي عشرون ركعةوكيفيتها مشهورة وهي سنة مؤكدة وإن كانت دون العيدين واختلفوا في أن الجماعة فيها أفضل أم الانفراد وقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ليلتين أو ثلاثا للجماعة ثم لم يخرج وقال أخاف أن توجب عليكم حديث خروجه لقيام رمضان ليلتين أو ثلاثا ثم لم يخرج وقال أخاف أن يوجب عليكم متفق عليه من حديث عائشة بلفظ خشيت أن تفرض عليكم وجمع عمر رضي الله عنه الناس عليها في الجماعة حيث أمن من الوجوب بانقطاع الوحي فقيل إن الجماعة أفضل لفعل عمر رضى الله عنه ولأن الاجتماع بركة وله فضيلة بدليل الفرائض ولأنه ربما يكسل في الانفراد وينشط عند مشاهدة الجمع وقيل الإنفراد أفضل لأن هذه سنة ليست من الشعائر كالعيدين فإلحاقها بصلاة الضحى وتحية المسجد أولى ولم تشرع فيها جماعة وقد جرت العادة بأن يدخل المسجد جمع معا ثم لم يصلوا التحية بالجماعة ولقوله صلى الله عليه وسلم فضل صلاة التطوع في بيته على صلاته في المسجد كفضل صلاة المكتوبة في المسجد على صلاته في البيت حديث فضل صلاة التطوع في بيته على صلاته في المسجد كفضل صلاة المكتوبة في المسجد على صلاته في البيت رواه آدم بن أبي إياس في كتاب القوات من حديث ضمرة بن حبيب مرسلا ورواه ابن أبي شيبة في المصنف فجعله عن ضمرة بن حبيب عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم موقوفا وفي سنن أبي داود بإسناد صحيح من حديث زيد بن ثابت صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة وروي أنه صلى الله عليه وسلم قال صلاة في مسجدي هذا أفضل من مائة صلاة في غيره من المساجد وصلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة في مسجدي وأفضل من ذلك كله رجل يصلي في زاوية بيته ركعتين لا يعلمهما إلا الله عز وجل حديث صلاة في مسجدي هذا أفضل من مائة صلاة في غيره وصلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة في مسجدي وأفضل من هذا كله رجل يصلي ركعتين في زاوية بيته لا يعلمها إلا الله أخرجه أبو الشيخ في الثواب من حديث أنس صلاة في مسجدي تعدل بعشرة آلاف صلاة وصلاة في المسجد الحرام تعدل بمائة ألف صلاة والصلاة بأرض الرباط تعدل بألفي ألف صلاة وأكثر من ذلك كله الركعتان يصليهما العبد في جوف الليل لا يريد بهما إلا وجه الله عز وجل وإسناده ضعيف وذكر أبو الوليد الصفار في كتاب الصلاة تعليقا من حديث الأوزاعي قال دخلت على يحيى فأسند لي حديثا فذكره إلا أنه قال في الأولى ألف وفي الثانية مائة وهذا لأن الرياء والتصنع ربما يتطرق إليه في الجمع ويأمن منه في الوحدة فهذا ما قيل فيه والمختار أن الجماعة أفضل كما رآه عمر رضي الله عنه فإن بعض النوافل قد شرعت فيها الجماعة وهذا جدير بأن يكون من الشعائر التي تظهر وأما الإلتفات إلى الرياء في الجمع والكسل في الإنفراد عدول عن مقصود النظر في فضيلة الجمع من حيث إنه جماعة وكأن قائله يقول الصلاة خير من تركها بالكسل والإخلاص خير من الرياء فلنفرض المسألة فيمن يثق بنفسه أنه لا يكسل لو انفرد ولا يرائي لو حضر الجمع فأيهما أفضل له فيدور النظر بين بركة الجمع وبين مزيد قوة الإخلاص وحضور القلب في الوحدة فيجوز أن يكون في تفضيل أحدهما على الآخر تردد ومما يستحب القنوت في الوتر في النصف الأخير من رمضان أما صلاة رجب فقد روي بإسناد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من أحد يصوم أول خميس من رجب ثم يصلي فيما بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليمة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب مرة وإنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرات وقل هو الله أحد اثنتي عشرة مرة فإذا فرغ من صلاته صلى علي سبعين مرة يقول اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آله ثم يسجد ويقول في سجوده سبعين مرة سبوح قدوس رب الملائكة والروح ثم يرفع رأسه ويقول سبعين مرة رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم ثم يسجد سجدة أخرى ويقول فيها مثل ما قال في السجدة الأولى ثم يسأل حاجته في سجوده فإنها تقضى حديث ما من أحد يصوم أول خميس من رجب الحديث في صلاة الرغائب أورده رزين في كتابه وهو حديث موضوع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي أحد هذه الصلاة إلا غفرالله تعالى له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وعدد الرمل ووزن الجبال وورق الأشجار ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممن قد استوجب النار فهذه صلاة مستحبة وإنما أوردناها في هذا القسم لأنها تتكرر بتكرر السنين وإن كانت رتبتها لا تبلغ رتبة التراويح وصلاة العيد لأن هذه الصلاة نقلها الآحاد ولكني رأيت أهل القدس بأجمعهم يواظبون عليها ولا يسمحون بتركها فأحببت إيرادها وأما صلاة شعبان فليلة الخامس عشر منه يصلي مائة ركعة كل ركعتين بتسليمة يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة وإن شاء صلى عشر ركعات يقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة مائة مرة قل هو الله أحد فهذا أيضا مروي في جملة الصلوات كان السلف يصلون هذه الصلاة ويسمونها صلاة الخير ويجتمعون فيها وربما صلوها جماعة روي عن الحسن أنه قال حدثني ثلاثون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن من صلى هذه الصلاة في هذه الليلة نظر الله إليه سبعين نظرة وقضى له بكل نظرة سبعين حاجة أدناها المغفرة حديث صلاة ليلة نصف شعبان حديث باطل رواه ابن ماجه من حديث علي إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها وإسناده ضعيف القسم الرابع من النوافل ما يتعلق بأسباب عارضة ولا يتعلق بالمواقيت وهي تسعة صلاة الخسوف والكسوف والاستسقاء وتحية المسجد وركعتي الوضوء وركعتين بين الأذان والإقامة وركعتين عند الخروج من المنزل والدخول فيه ونظائر ذلك فنذكر منها ما يحضرنا الآن الأولى صلاة الخسوف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة حديث إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله الحديث أخرجاه من حديث المغيرة بن شعبة قال ذلك لما مات ولده إبراهيم صلى الله عليه وسلم وكسفت الشمس فقال الناس إنما كسفت لموته والنظر في كيفيتها ووقتها أما الكيفية فإذا كسفت الشمس في وقت الصلاة فيه مكروهة أو غير مكروهة نودي الصلاة جامعة وصلى الإمام بالناس في المسجد ركعتين وركع في كل ركعة ركوعين أوائلهما أطول من أواخرهما ولا يجهر فيقرأ في الأولى من قيام الركعة الأولى الفاتحة والبقرة وفي الثانية الفاتحة وآل عمران وفي الثالثة الفاتحة وسورة النساء وفي الرابعة الفاتحة وسورة المائدة أو مقدار ذلك من القرآن من حيث أراد ولو اقتصر على الفاتحة في كل قيام أجزأه ولو اقتصر على سور قصار فلا بأس ومقصود التطويل دوام الصلاة إلى الإنجلاء ويسبح في الركوع الأول قدر مائة آية وفي الثاني قدر ثمانين وفي الثالث قدر سبعين وفي الرابع قدر خمسين وليكن السجود على قدر الركوع في كل ركعة ثم يخطب خطبتين بعد الصلاة بينهما جلسة ويأمر الناس بالصدقة والعتق والتوبة وكذلك يفعل بخسوف القمر إلا أنه يجر فيها لأنها ليلية فأما وقتها فعند ابتداء الكسوف إلى تمام الإنجلاء ويخرج وقتها بأن تغرب الشمس كاسفة وتفوت صلاة خسوف القمر بأن يطلع قرص الشمس إذ يبطل سلطان الليل ولا تفوت بغروب القمر خاسفا لأن الليل كله سلطان القمر فإن انجلى في أثناء الصلاة أتمها مخففة ومن أدرك الركوع الثاني مع الإمام فقد فاتته تلك الركعة لأن الأصل هو الركوع الأول الثانية صلاة الاستسقاء فإذا غارت الأنهار وانقطعت الأمطار أو انهارت قناة فيستحب للإمام أن يأمر الناس أولا بصيام ثلاثة أيام وما أطاقوا من الصدقة والخروج من المظالم والتوبة من المعاصي ثم يخرج بهم في اليوم الرابع وبالعجائز والصبيان متنظفين في ثياب بذلة واستكانة متواضعين بخلاف العيد وقيل يستحبإخراج الدواب لمشاركتها في الحاجة ولقوله صلى الله عليه وسلم لولا صبيان رضع ومشايخ ركع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا حديث لولا صبيان رضع ومشايخ ركع الحديث أخرجه البيهقي وضعفه من حديث أبي هريرة ولو خرج أهل الذمة أيضا متميزين لم يمنعوا فإذا اجتمعوا في المصلى الواصل من الصحراء نودي الصلاة جامعة فصلى بهم الإمام ركعتين مثل صلاة العيد بغير تكبير ثم يخطب خطبتين وبينهما جلسة خفيفة وليكن الإستغفار معظم الخطبتين وينبغي في وسط الخطبة الثانية أن يستدبر الناس ويستقبل القبلة ويحول رداءه في هذه الساعة تفاؤلا بتحويل الحال حديث استدار الناس واستقبال القبلة وتحويل الرداء في الإستسقاء أخرجاه من حديث عبد الله بن زيد المازني هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعل أعلاه أسفله وما على اليمين على الشمال وما على الشمال وما على اليمين وكذلك يفعل الناس ويدعون في هذه الساعة سرا ثم يستقبلهم فيختم الخطبة ويدعون أرديتهم محولة كما هي حتى ينزعوها متى نزعوا الثياب ويقول في الدعاء اللهم إنك أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتك في سقيانا وسعة أرزاقنا ولا بأس بالدعاء أدبار الصلوات في الأيام الثلاثة قبل الخروج ولهذا الدعاء آداب وشروط باطنة من التوبة ورد المظالم وغيرها وسيأتي ذلك في كتاب الدعوات الثالثة صلاة الجنائز وكيفيتها مشهورة وأجمع دعاء مأثور ما روي في الصحيح عن عوف بن مالك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فحفظت من دعائه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار حديث عوف بن مالك في الصلاة على الجنازة اللهم اغفر لي وله وارحمني وارحمه وعافني وعافه الحديث أخرجه مسلم دون الدعاء للمصلي حتى قال عوف تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت ومن أدرك التكبيرة الثانية فينبغي أن يراعى ترتيب الصلاة في نفسه ويكبر مع تكبيرات الإمام فإذا سلم الإمام قضى تكبيره الذي فات كفعل المسبوق فإنه لو بادر التكبيرات لم تبق للقدوة في هذه الصلاة معنى فالتكبيرات هي الأركان الظاهرة وجدير بأن تقام مقام الركعات في سائر الصلوات هذا هو الأوجه عندي وإن كان غيره محتملا والأخبار الواردة في فضل صلاة الجنازة وتشييعها مشهورة فلا نطيل بإيرادها وكيف لا يعظم فضلها وهي من فرائض الكفايات وإنما تصير نفلا في حق من لم تتعين عليه بحضور غيره ثم ينال بها فضل فرض الكفاية وإن لم يتعين لأنهم بجملتهم قاموا بما هو فرض الكفاية وأسقطوا الحرج عن غيرهم فلا يكون ذلك كنفل لا يسقط به فرض عن أحد ويستحب طلب كثرة الجمع تبركا بكثرة الهمم والأدعية واشتماله على ذي دعوة مستجابة لما روى كريب عن ابن عباس أنه مات له ابن فقال يا كريب انظر ما اجتمع له من الناس قال فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا له فأخبرته فقال تقول هم أربعون قلت نعم قال أخرجوه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله عز وجل فيه حديث ابن عباس ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون الحديث أخرجه مسلم وإذا شيع الجنازة فوصل المقابر أو دخلها ابتداء قال السلام عليكم أهل هذه الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون والأولى أن لا ينصرف حتى يدفن الميت فإذا سوى على الميت قبره قام عليه وقال اللهم عبدك رد إليك فارأف به وارحمه اللهم جاف الأرض عن جنبيه وافتح أبواب ا لسماء لروحه وتقبله منك بقول حسن اللهمإن كان محسنا فضاعف له في إحسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه الرابعة تحية المسجد ركعتان فصاعدا سنة مؤكدة حتى أنها لا تسقط وإن كان الإمام يخطب يوم الجمعة مع تؤكد وجوب الإصغاء إلى الخطيب وإن اشتغل بفرض أو قضاء تأدى به التحية وحصل الفضل إذ المقصود أن لا يخلو ابتداء دخوله عن العبادة الخاصة بالمسجد قياما بحق المسجد ولهذا يكره أن يدخل المسجد على غير وضوء فإن دخل لعبور أو جلوس فليقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يقولها أربع مرات يقال إنها عدل ركعتين في الفضل ومذهب الشافعي رحمه الله أنه لا تكره التحية في أوقات الكراهية وهي بعد العصر وبعد الصبح ووقت الزوال ووقت الطلوع والغروب لما روي أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين بعد العصر فقيل له أما نهيتنا عن هذا فقال هما ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر فشغلني عنهما الوفد حديث صلى ركعتين بعد العصر قيل له أما نهيتنا عن هذا فقال هما ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر الحديث أخرجاه من حديث أم سلمة ولمسلم من حديث عائشة كان يصلي ركعتين قبل العصر ثم إنه شغل عنهما الحديث فأفاد هذا الحديث فائدتين إحداهما أن الكراهية مقصورة على صلاة لا سبب لها ومن أضعف الأسباب قضاء النوافل إذ اختلف العلماء في أن النوافل هل تقضى وإذا فعل مثل ما فاته هل يكون قضاء وإذا انتفت الكراهية بأضعف الأسباب فبأحرى أن تنتفي بدخول المسجد وهو سبب قوي ولذلك لا تكره صلاة الجنازة إذا حضرت ولا صلاة الخسوف والاستسقاء في هذه الأوقات لأن لها أسبابا الفائدة الثانية قضاء النوافل إذ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ولنا فيه أسوة حسنة وقالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلبه نوم أو مرض فلم يقم تلك الليلة صلى من أول النهار اثنتي عشرة ركعة حديث عائشة كان إذا غلبه نوم أو مرض فلم يقم تلك الليلة الحديث أخرجه مسلم وقد قال العلماء من كان في الصلاة ففاته جواب المؤذن فإذا سلم قضى وأجاب وإن كان المؤذن سكت ولا معنى الآن لقول من يقول إن ذلك مثل الأول وليس يقضى إذ لو كان كذلك لما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الكراهة نعم من كان له ورد فعاقه عن ذلك عذر فينبغي أن لا يرخص لنفسه في تركه بل يتداركه في وقت آخر حتى لا تميل نفسه إلى الدعة والرفاهية وتداركه حسن على سبيل مجاهدة النفس ولأنه صلى الله عليه وسلم قال أحب الأعمال إلى الله تعالى أدومها وإن قل حديث أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل أخرجاه من حديث عائشة فيقصد به أن لا يفتر في دوام عمله وروت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من عبد الله عز وجل بعبادة ثم تركها ملالة مقته الله عز وجل حديث عائشة من عبد الله عبادة ثم تركها ملالة مقته الله ورواه ابن السني في رياضة المتعبدين موقوفا على عائشة فليحذر أن يدخل تحت الوعيد وتحقيق هذا الخبر أنه مقته الله تعالى بتركها ملالة فلولا المقت والإبعاد لما سلطت الملالة عليه الخامسة ركعتان بعد الوضوء مستحبتان لأن الوضوء قربة ومقصودها الصلاة والأحداث عارضة فربما يطرأ الحدث قبل صلاة فينتقض الوضوء ويضيع السعي فالمبادرة إلى ركعتين استيفاء المقصود الوضوء قبل الفوات وعرف ذلك بحديث بلال إذ قال صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فرأيت بلالا فيها فقلت لبلال بم سبقتني إلى الجنة فقال بلال لا أعرف شيئا إلا أني لا أحدث وضوءا إلا أصلي عقيبه ركعتين حديث دخلت الجنة فرأيت بلالا فيها فقلت يا بلال بم سبقتني إلى الجنة الحديث أخرجاه من حديث أبي هريرة السادسة ركعتان عند دخول المنزل وعند الخروج منه روى أبو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجت من منزلك فصل ركعتين يمنعانك مخرج السوء وإذا دخلت إلى منزلك فصل ركعتينيمنعانك مدخل السوء حديث أبي هريرة إذا خرجت من منزلك فصلي ركعتين يمنعانك مخرج السوء وإذا دخلت منزلك الحديث أخرجه البيهقي في الشعب من رواية بسكر بن عمرو عن صفوان بن سليم قال بكر حسبته عن أبي سلمة عن أبي هريرة فذكره وروى الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عدي في الكامل من حديث أبي هريرة إذا دخل أحدكم بيته فلا يجلس حتى يركع ركعتين فإن الله جاعل له من ركعتيه خيرا قال ابن عدي وهو بهذا الإسناد منكر وقال البخاري لا أصل له وفي معنى هذا كل أمر يبتدأ به مما له وقع ولذلك ورد ركعتان عند الإحرام حديث ركعتي الإحرام أخرجه البخاري من حديث ابن عمر وركعتان عند ابتداء السفر حديث صلاة ركعتين عند ابتداء السفر أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث أنس ما استخلف في أهله من خليفة أحب إلى الله من أربع ركعات يصليهن العبد في بيته إذا شد عليه ثياب سفره الحديث وهو ضعيف وركعتان عند الرجوع من السفر حديث الركعتين عند القدوم من السفر أخرجاه من حديث كعب بن مالك في المسجد قبل دخول البيت فكل ذلك مأثور من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بعض الصالحين إذا أكل أكلة صلى ركعتين وإذا شرب شربة صلى ركعتين وكذلك في كل أمر يحدثه وبداية الأمور ينبغي أن يتبرك فيها بذكر الله عز وجل وهي على ثلاث مراتب بعضها يتكرر مرارا كالأكل والشرب فيبدأ فيه باسم الله عز وجل وقال صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر حديث كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة الثانية ما لا يكثر تكرره وله وقع كعقد النكاح وابتداء النصيحة والمشورة فالمستحب فيها أن يصدر بحمد الله فيقول المزوج الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجتك ابنتى ويقول القابل الحمد لله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلت النكاح وكانت عادة الصحابة رضي الله عنهم في ابتداء أداء الرسالة والنصيحة والمشورة تقديم التحميد الثالثة ما لا يتكرر كثيرا وإذا وقع دام وكان له وقع كالسفر وشراء دار جديدة والإحرام وما يجري مجراه فيستحب تقديم ركعتين عليه وأدناه الخروج من المنزل والدخول إليه فإنه نوع سفر قريب السابعة صلاة الاستخارة فمن هم بأمر وكان لا يدري عاقبته ولا يعرف أن الخير في تركه أو في الإقدام عليه فقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يصلي ركعتين يقرأ في الأولى فاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية الفاتحة وقل هو الله أحد فإذا فرغ دعا وقال اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فاقدره لي وبارك لي فيه ثم يسره لي وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وعاجله وآجله فاصرفني عنه واصرفه عني واقدر لي الخير أينما كان إنك على كل شيء قدير حديث صلاة الاستخارة أخرجه البخاري من حديث جابر قال أحمد حديث منكر رواه جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن وقال صلى الله عليه وسلم إذا هم أحدكم بأمر فليصل ركعتين ثم ليسم الأمر ويدعو بما ذكرناه وقال بعض الحكماء من أعطي أربعا لم يمنع أربعا من أعطي الشكر لم يمنع المزيد ومن أعطي التوبة لم يمنع القبول ومن أعطي الاستخارة لم يمنع الخيرة ومن أعطي المشورة لم يمنع الصواب الثامنة صلاة الحاجة حديث ابن مسعود في صلاة الحاجة اثنتي عشرة ركعة أخرجه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس بإسنادين ضعيفين جدا فيهما عمرو بن هارون البلحي كذبه ابن معين وفيه علل أخرى وقد وردت صلاة الحاجة ركعتين رواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبد الله بن أبي أوفى وقال الترمذي حديث غريب وفي إسناده مقال فمن ضاق عليه الأمر ومسته حاجة في صلاح دينه ودنياه إلى أمر تعذر عليه فليصل هذه الصلاة فقد روى عن وهيب بن الورد أنه قال إن من الدعاء الذي لا يرد أن يصلي العبد ثنتي عشرة ركعة يقرأ في كل ركعةبأم الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد فإذا فرغ خر ساجدا ثم قال سبحان الذي لبس العز وقال به سبحان الذي تعطف بالمجد وتكرم به سبحان الذي أحصى كل شيء بعلمه سبحان الذي لا ينبغي التسبيح إلا له سبحان ذي المن والفضل سبحان ذي العز والكرم سبحان ذي الطول أسألك بمعاقد العز من عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم وجدك الأعلى وكلماتك التامات العامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر أن تصلى على محمد وعلى آل محمد ثم يسأل حاجته التي لا معصية فيها فيجاب إن شاء الله عز وجل قال وهيب بلغنا أنه كان يقال لا تعلموها لسفهائكم فيتعاونون بها على معصية الله عز وجل التاسعة صلاة التسبيح وهذه الصلاة مأثورة على وجها ولا تختص بوقت ولا بسبب ويستحب أن لا يخلو الأسبوع عنها مرة واحدة أو الشهر مرة فقد روى عكرمة عن ابن عباس رضي الله منها أنه صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك بشيء إذا أنت فعلته غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده سره وعلانيته تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشر مرات ثم ترفع من الركوع فتقولها قائما عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع من السجود فتقولها جالسا عشرا ثم تسجد فتقولها وأنت ساجد عشرا ثم ترفع من السجود فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي السنة مرة حديث صلاة التسبيح تقدم وفي رواية أخرى أنه يقول في أول الصلاة سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك وتقدست أسماؤك ولا إله غيرك ثم يسبح خمس عشرة تسبيحة قبل القراءة وعشرا بعد القراءة والباقي كما سبق عشرا عشرا ولا يسبح بعد السجود الأخير قاعدا وهذا هو الأحسن وهو اختيار ابن المبارك والمجموع من الروايتين ثلثمائة تسبيحة فإن صلاها نهارا فبتسليمة واحدة وإن صلاها ليلا فبتسليمتين أحسن إذ ورد أن صلاة الليل مثنى مثنى حديث صلاة الليل مثنى مثنى أخرجاه من حديث ابن عمر وإن زاد بعد التسبيح قوله لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فهو حسن فقد ورد ذلك في بعض الروايات فهذه الصلوات المأثورة ولا يستحب شيء من هذه النوافل في الأوقات المكروهة إلا تحية المسجد وما أوردناه بعد التحية من ركعتي الوضوء وصلاة السفر والخروج من المنزل والاستخارة فلا لأن النهي مؤكد وهذه الأسباب ضعيفة فلا تبلغ درجة الخسوف والاستسقاء والتحية وقد رأيت بعض المتصوفة يصلي في الأوقات المكروهة ركعتي الوضوء وهو في غاية البعد لأن الوضوء لا يكون سببا الصلاة بل الصلاة سبب الوضوء فينبغي أن يتوضأ ليصلي لا أنه يصلي لأنه توضأ وكل محدث يريد أن يصلي في وقت الكراهية فلا سبيل له إلا أن يتوضأ ويصلي فلا يبقى للكراهية معنى ولا ينبغي أن ينوي ركعتي الوضوء كما ينوي ركعتي التحية بل إذا توضأ صلى ركعتين تطوعا كيلا يتعطل وضوءه كما كان يفعله بلال فهو تطوع محض يقع عقيب الوضوء وحديث بلال لم يدل على أن الوضوء سبب كالخسوف والتحية حتى ينوي ركعتي الوضوء فيستحيل أن ينوي بالصلاة الوضوء بل ينبغي أن ينوي بالوضوء الصلاة وكيف ينتظم أن يقول في وضوئه أتوضأ لصلاتي وفي صلاته يقول أصلي لوضوئي بل من أراد أن يحرس وضوءه عن التعطيل في وقت الكراهية فلينو قضاء إن كان يجوز أن يكون في ذمته صلاة تطرق إليها خلل لسبب من الأسباب فإن قضاء الصلوات في أوقات الكراهية غير مكروه فأمانية التطوع فلا وجه لها ففي النهي في أوقات الكراهية مهمات ثلاثةأحدها التوقي من مضاهاة عبدة الشمس والثاني الاحتراز من انتشار الشياطين إذ قال صلى الله عليه وسلم إن الشمس لتطلع ومعها قرن الشيطان فإذا طلعت قارنها وإذا ارتفعت فارقها فإن استوت قارنها فإذا زالت فارقها فإذا تضيفت للغروب قارنها فإذا غربت فارقها حديث إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان فإذا طلعت قارنها الحديث أخرجه النسائي من حديث عبد الله الصنابحي وهو مرسل ومالك هو الذي يقول عبد الله الصنابحي ووهم فيه والصواب عبد الرحمن ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عن الصلوات في هذه الأوقات ونبه به على العلة والثالث أن سالكي طريق الآخرة لا يزالون يواظبون على الصلوات في جميع الأوقات والمواظبة على نمط واحد من العبادات يورث الملل ومهما منع منها ساعة زاد النشاط وانبعثت الدواعي والإنسان حريص على ما منع منه ففي تعطيل هذه الأوقات زيادة تحريض وبعث على انتظار انقضاء الوقت فخصصت هذه الأوقات بالتسبيح والاستغفار حذرا من الملل بالمداومة وتفرجا بالانتقال من نوع عبادة إلى نوع آخر ففي الاستطراف والاستجداد لذة ونشاط وفي الاستمرار على شيء واحد استثقال وملالا ولذلك لم تكن الصلاة سجودا مجردا ولا ركوعا مجردا ولا قياما مجردا بل رتبت العبادات من أعمال مختلفة وأذكار متباينة فإن القلب يدرك من كل عمل منهما لذة جديدة عند الانتقال إليها ولو واظب على الشيء الواحد لتسارع إليه الملل فإذا كانت هذه أمورا مهمة في النهي عن ارتكاب أوقات الكراهة إلى غير ذلك من أسرار أخرى ليس في قوة البشر الإطلاع عليها والله ورسوله أعلم بها فهذه المهمات لا تترك إلا بأسباب مهمة في الشرع مثل قضاء الصلوات وصلاة الاستسقاء والخسوف وتحية المسجد فأما ما ضعف عنها فلا ينبغي أن يصادم به مقصود النهي هذا هو الأوجه عندنا والله أعلم كمل كتاب أسرار الصلاة من كتاب إحياء علوم الدين يتلوه إن شاء الله كتاب أسرار الزكاة بحمد الله وعونه وحسن توفيقه والحمد لله وحده وصلاته على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:41 am | |
|
كتاب أسرار الزكاة وهو الكتاب الخامس من ربع العبادات. بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أسعد وأشقى وأمات وأحيا وأضحك وأبكى وأوجد وأفنى وأفقر وأغنى وأضر وأقنى الذي خلق الحيوان من نطفة تمنى ثم تفرد عن الخلق بوصف الغنى ثم خصص بعض عباده بالحسنى فأفاض عليهم من نعمة ما أيسر به من شاء واستغنى وأحوج إليه من أخفق في رزقه وأكدى إظهارا للامتحان والابتلا ثم جعل الزكاة للدين أساسا ومبنى وبين أن بفضله تزكى من عباده من تزكى ومن غناه زكى ماله من زكى والصلاة على محمد المصطفى سيد الورى وشمس الهدى وعلى آله وأصحابه المخصوصين بالعلم والتقى أما بعد فإن الله تعالى جعل الزكاة إحدى مباني الإسلام وأردف بذكرها الصلاة التي هي أعلى الأعلام فقال تعالى وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وقال صلى الله عليه وسلم بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة حديث بني الإسلام على خمس أخرجاه من حديث ابن عمر وشدد الوعيد على المقصرين فيها فقال والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ومعنى الإنفاق في سبيل الله إخراج حق الزكاة قال الأحنف بن قيس كنت في نفر من قريش فمر أبو ذر فقال بشر الكانزين بكى في ظهورهم يخرج من جنوبهم وبكى في أقفائهم يخرج من جباههم وفي رواية أنه يوضع على حلمة ثدي أحدهم فيخرج من نغض كتفيه ويوضع على نغض كتفيه حتى يخرج من حلمة ثدييه يتزلزل وقال أبو ذر انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال هم الأخسرون ورب الكعبة فقلت ومن هم قال الأكثرون أموالا إلا من قال هكذا وهكذا من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضي بين الناس حديث أبي ذر انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في ظل الكعبة فلما رآني قال هم الأخسرون ورب الكعبة الحديث أخرجاه مسلم والبخاري وإذا كان هذا التشديد مخرجا في الصحيحين فقد صار من مهمات الدين الكشف عن أسرار الزكاة وشروطها الجلية والخفية ومعانيها الظاهرة والباطنة مع الاقتصار على ما لا يستغنى عن معرفته مؤدى الزكاة وقابضها وينكشف ذلك في أربعة فصول الفصل الأول في أنواع الزكاة وأسباب وجوبها الثاني آدابها وشروطها الباطنة والظاهرة الثالث في القابض وشروط استحقاقه وآداب قبضه الرابع في صدقة التطوع وفضلها الفصل الأول في أنواع الزكاة وأسباب وجوبها والزكوات باعتبار متعلقاتها ستة أنواع زكاة النعم والنقدين والتجارة وزكاة الركاز والمعادن وزكاة المعشرات وزكاة الفطر النوع الأول زكاة النعم ولا تجب هذه الزكاة وغيرها إلا على حر مسلم ولا يشترط البلوغ بل تجب في مال الصبي والمجنون هذا شرط من عليه وأما المال فشروطه خمسة أن يكون نعما سائمة باقية حولا نصابا كاملا مملوكا على الكمال الشرط الأول كونه نعما فلا زكاة إلا في الإبل والبقر والغنم أما الخيل والبغال والحمير والمتولد من بين الظباء والغنم فلا زكاة فيها الثاني السوم فلا زكاة في معلوفة وإذا أسيمت في وقت وعلفت في وقت تظهر بذلك مؤنتها فلا زكاة فيها الثالث الحول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول حديث لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول أخرجه أبو داود من حديث علي بإسناد جيد وابن ماجه من حديث عائشة بإسناد ضعيف ويستثنى من هذا نتاج الحول الرابع كمال الملك والتصرف فتجب الزكاة في الماشية المرهونة لأنه الذي حجر على نفسه فيه ولا تجب في الضال والمغصوب إلا إذا عاد بجميع نمائه فيجب زكاة ما مضى عند عوده ولو كان عليه دين يستغرق ماله فلا زكاة عليه فإنه ليس غنيا به إذ الغنى ما يفضل عن الحاجة الخامس كمال النصاب أما الإبل فلا شيء فيها حتى تبلغ خمسا ففيها جذعة من الضأن والجذعة هي التي تكون في السنة الثانية أو ثنية من المعز وهي التي تكون في السنة الثالثة وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض وهي التي في السنة الثانية فإن لم يكن في ماله بنت مخاض فابن لبون ذكر وهو الذي في السنة الثالثة يؤخذ إن كان قادرا على شرائها وفي ست وثلاثين ابنة لبون ثم إذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة وهي التي في السنة الرابعة فإذا صارت إحدى وستين ففيها جذعة وهي التي في السنة الخامسة فإذا صارت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون فإذا صارت إحدى وتسعين ففيها حقتان فإذا صارت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون فإذا صارت مائة وثلاثين فقد استقر الحساب ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبونوأما البقر فلا شيء فيها حتى تبلغ ثلاثين ففيها تبيع وهو الذي في السنة الثانية ثم في أربعين مسنة وهي التي في السنة الثالثة ثم في ستين تبيعان واستقر الحساب بعد ذلك ففي كل أربعين مسنة وفي كل ثلاثين تبيع وأما الغنم فلا زكاة فيها حتى تبلغ أربعين ففيها شاة جذعة من الضأن أو ثنية من المعز ثم لا شيء فيها حتى تبلغ مائة وعشرين وواحدة ففيها شاتان إلى مائتي شاة وواحدة فيها ثلاث شياه إلى أربعمائة ففيها أربع شياه ثم استقر الحساب في كل مائة شاة وصدقة الخليطين كصدقة المالك الواحد في النصاب فإذا كان بين رجلين أربعون من الغنم ففيها شاة وإن كان بين ثلاثة نفر مائة شاة وعشرون ففيها شاة واحدة على جميعهم وخلطة الجوار كخلطة الشيوع ولكن يشترط أن يريحا معا ويسقيا معا ويحلبا معا ويسرحا معا ويكون المرعى معا ويكون إنزاء الفحل معا وأن يكونا جميعا من أهل الزكاة ولا حكم للخلطة مع الذمي والمكاتب ومهما نزل في واجب الإبل عن سن إلى سن فهو جائز ما لم يجاوز بنت مخاض في النزول ولكن تضم إليه جبران السن لسنة واحدة شاتين أو عشرين درهما ولسنتين أربع شياه أو اربعين درهما وله أن يصعد في السن ما لم يجاوز الجذعة في الصعود ويأخذ الجبران من الساعين من بيت المال ولا تؤخذ في الزكاة مريضة إذا كان بعض المال صحيحا ولو واحدة ويؤخذ من الكرائم كريمة ومن اللئام لئيمة ولا يؤخذ من المال الأكولة ولا الماخض ولا الربا ولا الفحل ولا غراء المال النوع الثاني زكاة المعشرات فيجب العشر في كل مستنبت مقتات بلغ ثمانمائة من ولا شيء فيما دونها ولا في الفواكه والقطن ولكن في الحبوب التي تقتات وفي التمر والزبيب ويعتبر أن تكون ثمانمائة من تمرا أو زبيبا لا رطبا وعنبا ويخرج ذلك بعد التجفيف ويكمل مال أحد الخليطين بمال الآخر في خلطة الشيوع كالبستان المشترك بين ورثة لجميعهم ثمانمائة من من زبيب فيجب على جميعهم ثمانون منا من زبيب بقدر حصصهم ولا يعتبر خلطة الجوار فيه ولا يكمل نصاب الحنطة بالشعير ويكمل نصاب الشعير بالسلت فإنه نوع منه هذا قدر الواجب إن كان يسقى بسيح أو قناة فإن كان يسقى بنضح أو دالية فيجب نصف العشر فإن اجتمعا فالأغلب يعتبر وأما صفة الواجب فالتمر والزبيب اليابس والحب اليابس بعد التنقية ولا يؤخذ عنب ولا رطب إلا إذا حلت بالأشجار آفة وكانت المصلحة في قطعها قبل تمام الإدراك فيؤخذ الرطب فيكال تسعة للمالك وواحد للفقير ولا يمنع من هذه القسمة قولنا إن القسمة بيع بل يرخص في مثل هذا للحاجة ووقت الوجوب أن يبدو الصلاح في الثمار وأن يشتد الحب ووقت الأداء بعد الجفاف النوع الثالث زكاة النقدين فإذا تم الحول على وزن مائتي درهم بوزن مكة نقرة خالصة ففيها خمسة دراهم وهو ربع العشر وما زاد فبحسابه ولو درهما ونصاب الذهب عشرون مثقالا خالصا بوزن مكة ففيها ربع العشر وما زاد فبحسابه وإن نقص من النصاب حبة فلا زكاة وتجب على من معه دراهم مغشوشة إذا كان فيها هذا المقدار من النقرة الخالصة وتجب الزكاة في التبر وفي الحلي المحظور كأواني الذهب والفضة ومراكب الذهب للرجال ولا تجب في الحلي المباح وتجب في الدين الذي هو على مليء ولكن تجب عند الاستيفاء وإن كان مؤجلا فلا تجب إلا عند حلول الأجل النوع الرابع زكاة التجارة وهي كزكاة النقدين وإنما ينعقد الحول من وقت ملك النقد الذي به اشترى البضاعة إن كان النقد نصابا فإن كان ناقصا أو اشترى بعرض على نية التجارة فالحول من وقت الشراء وتؤدى الزكاة من نقد البلد وبه يقوم فإن كان ما به الشراء نقدا وكان نصابا كاملا كان التقويم به أولى من نقد البلد ومن نوى التجارة من مال قنية فلا ينعقد الحول بمجرد نيته حتى يشتري به شيئا ومهما قطع نية التجارة قبل تمام الحول سقطت الزكاة والأولى أن تؤدى زكاة تلك السنة وما كان من ربح في السلعة في آخر الحول وجبت الزكاة فيه بحول رأس المال ولم يستأنف له حولا كما في النتاج وأموال الصيارفة لا ينقطع حولها بالمبادلة الجارية بينهم كسائر التجارات وزكاة ربح مال القراض على العامل وإن كان قبل القسمة هذا هو الأقيس النوع الخامس الركاز والمعدن والركاز مال دفن في الجاهلية ووجد في أرض لم يجر عليها في الإسلام ملك فعلى واجده في الذهب والفضة منه الخمس والحول غير معتبر والأولى أن لا يعتبر النصاب أيضا لأن إيجاب الخمس يؤكد شبهه بالغنيمة واعتباره أيضا ليس ببعيد لأن مصرف الزكاة ولذلك يخصص على الصحيح بالنقدين وأما المعادن فلا زكاة فيما استخرج منها سوى الذهب والفضة ففيها بعد الطحن والتخليص ربع العشر على أصح القولين وعلى هذا يعتبر النصاب وفي الحول قولان وفي قول يجب الخمس فعلى هذا لا يعتبر وفي النصاب قولان والأشبه والعلم عند الله تعالى أن يلحق في قدر الواجب بزكاة التجارة فإنه نوع اكتساب وفي الحول بالمعشرات فلا يعتبر لأنه عين الرفق ويعتبر النصاب كالمعشرات والاحتياط أن يخرج الخمس من القليل والكثير ومن عين النقدين أيضا خروجا عن شبهة هذه الاختلافات فإنها ظنون قريبة من التعارض وجزم الفتوى فيها خطر لتعارض الاشتباه النوع السادس في صدقة الفطر وهي واجبة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل مسلم فضل عن قوته وقوت من يقوته يوم الفطر وليلته صاع مما يقتات حديث وجوب صدقة الفطر على كل مسلم أخرجاه من حديث ابن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان الحديث بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منوان وثلثا من يخرجه من جنس قوته أو من أفضل منه فإن اقتات بالحنطة لم يجز الشعير وإن اقتات حبوبا مختلفة اختار خيرها ومن أيها أخرج أجزأه وقسمتها كقسمة زكاة الأموال فيجب فيها استيعاب الأصناف ولا يجوز إخراج الدقيق والسويق ويجب على الرجل المسلم فطرة زوجته ومماليكه وأولاده وكل قريب هو في نفقته أعني من تجب عليه نفقته من الآباء والأمهات والأولاد قال صلى الله عليه وسلم أدوا صدقة الفطر عمن تمونون حديث أدوا زكاة الفطر عمن تمونون أخرجه الدار قطني والبيهقي من حديث ابن عمر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون قال البيهقي إسناده غير قوي وتجب صدقة العبد المشترك على الشريكين ولا تجب صدقة العبد الكافر وإن تبرعت الزوجة بالإخراج عن نفسها أجزأها وللزوج الإخراج عنها دون إذنها وإن فضل عنه ما يؤدي عن بعضهم أدى عن بعضهم وأولاهم بالتقديم من كانت نفقته آكد وقد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة الولد على نفقة الزوجة ونفقتها على نفقة الخادم حديث قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نفقة الولد على نفقة الزوجة ونفقتها على نفقة الخادم أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة بسند صحيح وابن حبان والحاكم وصححه ورواه النسائي وابن حبان بتقديم الزوجة على الولد وسيأتي فهذه أحكام فقهية لا بد للغني من معرفتها وقد تعرض له وقائع نادرة خارجة عن هذا فله أن يتكل فيها على الاستفتاء عند نزول الواقعة بعد إحاطته بهذا المقدار
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:43 am | |
| الفصل الثاني : في الأداء وشروطه الباطنة والظاهرة . اعلم أنه يجب على مؤدي الزكاة خمسة أمور الأول النية وهو أن ينوي بقلبه زكاة الفرض ويسن عليه تعيين الأموال فإن كان له مال غائب فقال هذا عن مالي الغائب إن كان سالما وإلا فهو نافلة جاز لأنه إن لم يصرح به فكذلك يكون عند إطلاقه ونية الولي تقوم مقام نية المجنون والصبي ونية السلطان تقوم مقام نية المالك الممتنع عن الزكاة ولكن في ظاهر حكم الدنيا أعني في قطع المطالبة عنه أما في الآخرة فلا بل تبقى ذمته مشغولة إلى أن يستأنف الزكاة وإذا وكل بأداء الزكاة ونوى عند التوكيل أو وكل الوكيل بالنية كفاه لأن توكيله بالنية نية الثاني البدار عقيب الحول وفي زكاة الفطر لا يؤخرها عن يوم الفطر ويدخل وقت وجوبها بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان ووقت تعجيلها شهر رمضان كله ومن أخر زكاة ماله مع التمكن عصى ولم يسقط عنه بتلف ماله وتمكنه بمصادقة المستحق وإن أخر لعدم المستحق فتلف ماله سقطت الزكاة عنه وتعجيل الزكاة جائز بشرط أن يقع بعد كمال النصاب وانعقاد الحول ويجوز تعجيل زكاة حولين ومهما عجل فمات المسكين قبل الحول أو ارتد أو صار غنيا بغير ما عجل إليه أو تلف مال المالك أو مات فالمدفوع ليس بزكاة واسترجاعه غير ممكن إلا إذا قيد الدفع بالاسترجاع فليكن المعجل مراقبا آخر الأمور وسلامة العاقبة الثالث أن لا يخرج بدلا باعتبار القيمة بل يخرج المنصوص عليه فلا يجزىء ورق عن ذهب ولا ذهب عن ورق وإن زاد عليه في القيمة ولعل بعض من لا يدرك غرض الشافعي رضي الله عنه يتساهل في ذلك ويلاحظ المقصود من سد الخلة وما أبعده عن التحصيل فإن سد الخلة مقصود وليس هو كل المقصود بل واجبات الشرع ثلاثة أقسام قسم هو تعبد محض لا مدخل للحظوظ والأغراض فيه وذلك كرمي الجمرات مثلا إذ لا حظ للجمرة في وصول الحصى إليها فمقصود الشرع فيه الابتلاء بالعمل ليظهر العبد رقه وعبودته بفعل ما لا يعقل له معنى لأن ما يعقل معناه فقد يساعده الطبع عليه ويدعوه إليه فلا يظهر به خلوص الرق والعبودية إذ العبودية تظهر بأن تكون الحركة لحق أمر المعبود فقط لا لمعنى آخر وأكثر أعمال الحج كذلك ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في إحرامه لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا حديث لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا أخرجه البزار والدار قطني في العلل من حديث أنس تنبيها على أن ذلك إظهار للعبودية بالانقياد لمجرد الأمر وامتثاله كما أمر من غير استئناس العقل منه بما يميل إليه ويحث عليه القسم الثاني من واجبات الشرع ما المقصود منه حظ معقول وليس يقصد منه التعبد كقضاء دين الآدميين ورد المغصوب فلا جرم لا يعتبر فيه فعله ونيته ومهما وصل الحق إلى مستحقه بأخذ المستحق أو ببدل عنه عند رضاه تأدى الوجوب وسقط خطاب الشرع فهذان قسمان لا تركيب فيهما يشترك في دركهما جميع الناس والقسم الثالث هو المركب الذي يقصد منه الأمران جميعا وهو حظ العباد وامتحان المكلف بالاستعباد فيجتمع فيه تعبد رمي الجمار وحظ رد الحقوق فهذا قسم في نفسه معقول فإن ورد الشرع به وجب الجمع بين المعنيين ولا ينبغي أنينسى أدق المعنيين وهو التعبد والاسترقاق بسبب أجلاهما ولعل الأدق هو الأهم والزكاة من هذا القبيل ولم ينتبه له غير الشافعي رضي الله عنه فحظ الفقير مقصود في سد الخلة وهو جلي سابق إلى الأفهام وحق التعبد في اتباع التفاصيل مقصود للشرع وباعتباره صارت الزكاة قرينة للصلاة والحج في كونها من مباني الإسلام ولا شك في أن على المكلف تعبا في تمييز أجناس ماله وإخراج حصة كل مال من نوعه وجنسه وصفته ثم توزيعه على الأصناف الثمانية كما سيأتي والتساهل فيه غير قادح في حظ الفقير لكنه قادح في التعبد ويدل على أن التعبد مقصود بتعيين الأنواع أمور ذكرناها في كتب الخلاف من الفقهيات ومن أوضحها أن الشرع أوجب في خمس من الإبل شاة فعدل من الإبل إلى الشاة ولم يعدل إلى النقدين والتقويم وإن قدر أن ذلك لقلة النقود في أيدي العرب بطل بذكره عشرين درهما في الجبران مع الشاتين فلم يذكر في الجبران قدر النقصان من القيمة ولمقدر بعشرين درهما وشاتين وإن كانت الثياب والأمتعة كلها في معناها فهذا وأمثاله من التخصيصات يدل على أن الزكاة لم تترك خالية عن التعبدات كما في الحج ولكن جمع بين المعنيين والأذهان الضعيفة تقصر عن درك المركبات فهذا شأن الغلط فيه الرابع أن لا ينقل الصدقة إلى بلد آخر فإن أعين المساكين في كل بلدة تمتد إلى أموالها وفي النقل تخييب للظنون فإن فعل ذلك أجزأه في قول ولكن الخروج عن شبهة الخلاف أولى فليخرج زكاة كل مال في تلك البلدة ثم لا بأس أن يصرف إلى الغرباء في تلك البلدة الخامس أن يقسم ماله بعدد الأصناف الموجودين في بلده فإن استيعاب الأصناف واجب وعليه يدل ظاهر قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية فإنه يشبه قول المريض إنما ثلث مال للفقراء والمساكين وذلك يقتضي التشريك في التمليك والعبادات ينبغي أن يتوقى عن الهجوم فيها على الظواهر وقد عدم من الثمانية صنفان في أكثر البلاد وهم المؤلفة قلوبهم والعاملون على الزكاة ويوجد في جميع البلاد أربعة أصناف الفقراء والمساكين والغارمون والمسافرون أعني أبناء السبيل وصنفان يوجدان في بعض البلاد دون البعض وهم الغزاة والمكاتبون فإن وجد خمسة أصناف مثلا قسم بينهم زكاة ماله بخمسة أقسام متساوية أو متقاربة وعين لكل صنف قسم ثم قسم كل قسم ثلاثة أسهم فما فوقه إما متساوية أو متفاوتة وليس عليه التسوية بين آحاد الصنف فإن له أن يقسمه على عشرة وعشرين فينقص نصيب كل واحد وأما الأصناف فلا تقبل الزيادة والنقصان فلاينبغي أن ينقص في كل صنف عن ثلاثة إن وجد ثم لو لم يجب إلا صاع للفطرة ووجد خمسة أصناف فعليه أن يوصله إلى خمسة عشر نفرا ولو نقص منهم واحد مع الإمكان غرم نصيب ذلك الواحد فإن عسر عليه ذلك لقلة الواجب فليتشارك جماعة ممن عليهم الزكاة وليخلط مال نفسه بمالهم وليجمع المستحقين وليسلم إليهم حتى يتساهموا فيه فإن ذلك لا بد منه بيان دقائق الآداب الباطنة في الزكاة اعلم أن على مريد طريق الآخرة بزكاته وظائف الوظيفة الأولى فهم وجوب الزكاة ومعناها ووجه الامتحان فيها وأنها لم جعلت من مباني الإسلام مع أنها تصرف مالي وليست من عبادة الأبدان وفيه ثلاث معان الأول أن التلفظ بكلمتي الشهادة التزام للتوحيد وشهادة بإفراد المعبود وشرط تمام الوفاء به أن لا يبقى للموحد محبوب سوى الواحد الفرد فإن المحبة لا تقبل الشركة والتوحيد باللسان قليل الجدوى وإنما يمتحن به درجة المحب بمفارقة المحبوب والأموال محبوبة عند الخلائق لأنها آلة تمتعهم بالدنيا وبسببها يأنسون بهذا العالم وينفرون عن الموت مع أن فيه لقاء المحبوب فامتحنوا بتصديق دعواهم في المحبوب واستنزلوا عن المال الذي هو مرموقهم ومعشوقهم ولذلك قالالله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة وذلك بالجهاد وهو مسامحة بالمهجة شوقا إلى لقاء الله عز وجل والمسامحة بالمال أهون ولما فهم هذا المعنى في بذل الأموال انقسم الناس إلى ثلاثة أقسام قسم صدقوا التوحيد ووفوا بعهدهم ونزلوا عن جميع أموالهم فلم يدخروا دينارا ولا درهما فأبوا أن يتعرضوا لوجوب الزكاة عليهم حتى قيل لبعضهم كم يجب من الزكاة في مائتي درهم فقال أما على العوام بحكم الشرع فخمسة دراهم وأما نحن فيجب علينا بذل الجميع ولهذا تصدق أبو بكر رضي الله عنه بجميع ماله وعمر رضي الله عنه بشطر ماله فقال صلى الله عليه وسلم ما أبقيت لأهلك فقال مثله وقال لأبي بكر رضي الله عنه ما أبقيت لأهلك قال الله ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم بينكما ما بين كلمتيكما حديث جاء أبو بكر بجميع ماله وعمر بشطر ماله الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه من حديث ابن عمر وليس فيه قوله بينكما ما بين كلمتيكما فالصديق وفى بتمام الصدق فلم يمسك سوى المحبوب عنده وهو الله ورسوله القسم الثاني درجتهم دون درجة هذا وهم الممسكون أموالهم المراقبون لمواقيت الحاجات ومواسم الخيرات فيكون قصدهم في الادخار الإنفاق على قدر الحاجة دون التنعم وصرف الفاضل عن الحاجة إلى وجوه البر مهما ظهر وجوهها وهؤلاء لا يقتصرون على مقدار الزكاة وقد ذهب جماعة من التابعين إلى أن في المال حقوقا سوى الزكاة كالنخعي والشعبي وعطاء ومجاهد قال الشعبي بعد أن قيل له هل في المال حق سوى الزكاة قال نعم أما سمعت قوله عز وجل وآتى المال على حبه ذوي القربى الآية واستدلوا بقوله عز وجل ومما رزقناهم ينفقون وبقوله تعالى وأنفقوا مما رزقناكم وزعموا أن ذلك غير منسوخ بآية الزكاة بل هو داخل في حق المسلم على المسلم ومعناه أنه يجب على الموسر مهما وجد محتاجا أن يزيل حاجته فضلا عن مال الزكاة والذي يصح في الفقه من هذا الباب أنه مهما أرهقته حاجته كانت إزالتها فرض كفاية إذ لا يجوز تضييع مسلم ولكن يحتمل أن يقال ليس على الموسر إلا تسليم ما يزيل الحاجة فرضا ولا يلزمه بذله بعد أن أسقط الزكاة عن نفسه ويحتمل أن يقال يلزمه بذله في الحال ولا يجوز له الاقتراض أي لا يجوز له تكليف الفقير قبول القرض وهذا مختلف فيه والاقتراض نزول إلى الدرجة الأخيرة من درجات العوام وهي درجة القسم الثالث الذين يقتصرون على أداء الواجب فلا يزيدون عليه ولا ينقصون عنه وهي أقل الرتب وقد اقتصر جميع العوام عليه لبخلهم بالمال وميلهم إليه وضعف حبهم للآخرة قال الله تعالى إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا يحفكم أي يستقص عليكم فكم بين عبد اشترى منه ماله ونفسه بأن له الجنة وبين عبد لا يستقصى عليه لبخله فهذا أحد معاني أمر الله سبحانه عبادة ببذل الأموال المعنى الثاني التطهير من صفة البخل فإنه من المهلكات قال صلى الله عليه وسلم ثلاث مهلكات شح مطاع وهوى متبع وإعجاب المرء بنفسه حديث ثلاث مهلكاتالحديث تقدم وقال تعالى ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وسيأتي في ربع المهلكات وجه كونه مهلكا وكيفية التقصي منه وإنما تزول صفة البخل بأن تتعود بذل المال فحب الشيء لا ينقطع إلا بقهر النفس على مفارقته حتى يصير ذلك اعتيادا فالزكاة بهذا المعنى طهرة أي تطهر صاحبها عن خبث البخل المهلك وإنما طهارته بقدر بذله وبقدر فرحه بإخراجه واستبشاره بصرفه إلى الله تعالى المعنى الثالث شكر النعمة فإن لله عز وجل على عبده نعمة في نفسه وفي ماله فالعبادات البدنية شكر لنعمة البدن والمالية شكر لنعمة المال وما أخس من ينظر إلى الفقير وقد ضيق عليه الرزق وأحوج إليه ثم لا تسمح نفسه بأن يؤدي شكر الله تعالى على إغنائه عن السؤال وإحواج غيره إليه بربع العشر أو العشر من مالهالوظيفة الثانية في وقت الأداء ومن آداب ذوي الدين التعجيل عن وقت الوجوب إظهارا للرغبة في الامتثال بإيصال السرور إلى قلوب الفقراء ومبادرة لعوائق الزمان أن تعوقه عن الخيرات وعلما بأن في التأخير آفات مع ما يتعرض العبد له من العصيان لو أخر عن وقت الوجوب ومهما ظهرت داعية الخير من الباطن فينبغي أن يغتنم فإن ذلك لمة الملك وقلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن فما أسرع تقلبه والشيطان يعد الفقر ويأمر بالفحشاء والمنكر وله لمة عقيب لمة الملك فليغتنم الفرصة فيه وليعين لزكاتها إن كان يؤديها جميعا شهرا معلوما وليجتهد أن يكون من أفضل الأوقات ليكون ذلك سببا لنماء قريته وتضاعف زكاته وذلك كشهر المحرم فإنه أول السنة وهو من الأشهر الحرم أو رمضان فقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الخلق وكان في رمضان كالريح المرسلة لا يمسك فيه شيئا حديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الخلق وأجود ما يكون في رمضان الحديث أخرجاه من حديث ابن عباس ولرمضان فضيلة ليلة القدر وأنه أنزل فيه القرآن وكان مجاهد يقول لا تقولوا رمضان فإنه اسم من أسماء الله تعالى ولكن قولوا شهر رمضان وذو الحجة أيضا من الشهور الكثيرة الفضل فإنه شهر حرام وفيه الحج الأكبر وفيه الأيام المعلومات وهي العشر الأول والأيام المعدودات وهي أيام التشريق وأفضل أيام شهر رمضان العشر الأواخر وأفضل أيام ذي الحجة العشر الأول الوظيفة الثالثة الإسرار فإن ذلك أبعد عن الرياء والسمعة قال صلى الله عليه وسلم أفضل الصدقة جهد المقل إلى فقير في سر حديث أفضل الصدقة جهد المقل إلى فقير في سر أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم من حديث أبي ذر ولأبي داود من حديث أبي هريرة أي الصدقة أفضل قال جهد المقل وقال بعض العلماء ثلاث من كنوز البر منها إخفاء الصدقة حديث ثلاث من كنوز البر فذكر منها إخفاء الصدقة أخرجه أبو نعيم في كتاب الإيجاز وجوامع الكلم من حديث ابن عباس بسند ضعيف وقد روي أيضا مسندا وقال صلى الله عليه وسلم إن العبد ليعمل عملا في السر فيكتبه الله له سرا فإن أظهره نقل من السر وكتب في العلانية فإن تحدث به نقل من السر والعلانية وكتب رياء حديث إن العبد ليعمل عملا في السر فيكتبه الله له سرا فإن أظهره نقل من السر الحديث أخرج الخطيب في التاريخ من حديث أنس نحوه بإسناد ضعيف وفي الحديث المشهور سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله أحدهم رجل تصدق بصدقة فلم تعلم شماله بما أعطت يمينه حديث سبعة يظلهم الله في ظله الحديث أخرجاه من حديث أبي هريرة وفي الخبر صدقة السر تطفىء غضب الرب حديث صدقة السر تطفىء غضب الرب أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة ورواه أبو الشيخ في كتاب الثواب والبيهقي في الشعب من حديث أبي سعيد كلاهما ضعيف والترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة إن الصدقة لتطفىء غضب الرب ولابن حبان نحوه من حديث أنس وهو ضعيف أيضا وقال تعالى وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم وفائدة الإخفاء الخلاص من آفات الرياء والسمعة فقد قال صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله من مسمع ولا مراء ولا منان والمتحدث بصدقته يطلب السمعة والمعطى في ملأ من الناس يبغي الرياء والإخفاء والسكوت هو المخلص منه حديث لا يقبل الله من مسمع ولا مراء ولا منان لم أظفر به هكذا وقد بالغ في فضل الإخفاء جماعة حتى اجتهدوا أن لا يعرف القابض المعطى فكان بعضهم يلقيه في يد أعمى وبعضهم يلقيه في طريق الفقير وفي موضع جلوسه حيث يراه ولا يرى المعطى وبعضهم كان يصره في ثوب الفقير وهو نائم وبعضهم كان يوصل إلى يد الفقير على يد غيره بحيث لا يعرف المعطي وكان يستكتم المتوسط شأنه ويوصيه بأن لا يفشيه كل ذلك توصلا إلى إطفاء غضب الرب سبحانه واحترازا من الرياء والسمعة ومهما لم يتمكن إلا بأن يعرفه شخص واحد فتسليمه إلى وكيل ليسلم إلى المسكين والمسكين لا يعرف أولى إذ في معرفة المسكين الرياء والمنة جميعا وليس في معرفة المتوسط إلا الرياء ومهما كانت الشهرة مقصودة لهحبط عمله لأن الزكاة إزالة للبخل وتضعيف لحب المال وحب الجاه أشد استيلاء على النفس من حب المال وكل واحد منهما مهلك في الآخرة ولكن صفة البخل تنقلب في القبر في حكم المثال عقربا لادغا وصفة الرياء تقلب في القبر أفعى من الأفاعي وهو مأمور بتضعيفها أو قتلهما لدفع أذاهما أو تخفيف أذاهما فمهما قصد الرياء والسمعة فكأنه جعل بعض أطراف العقرب مقويا للحية فبقدر ما ضعف من العقرب زاد في قوة الحية ولو ترك الأمر كما كان لكان الأمر أهون عليه وقوة هذه الصفات التي بها قوتها العمل بمقتضاها وضعفت هذه الصفات بمجاهدتها ومخالفتها والعمل بخلاف مقتضاها فأي فائدة في أن يخالف دواعي البخل ويجيب دواعي الرياء فيضعف الأدنى ويقوي الأقوى وستأتي أسرار هذه المعاني في ربع المهلكات الوظيفة الرابعة أن يظهر حيث يعلم أن في إظهاره ترغيبا للناس في الاقتداء ويحرس سره من داعية الرياء بالطريق الذي سنذكره في معالجة الرياء في كتاب الرياء فقد قال الله عز وجل إن تبدوا الصدقات فنعما هي وذلك حيث يقتضي الحال الإبداء إما للاقتداء وإما لأن السائل إنما سأل على ملأ من الناس فلا ينبغي أن يترك التصدق خيفة من الرياء في الإظهار بل ينبغي أن يتصدق ويحفظ سره عن الرياء بقدر الإمكان وهذا لأن في الإظهار محذورا ثالثا سوى المن والرياء وهو هتك ستر الفقير فإنه ربما يتأذى بأن يرى في صورة المحتاج فمن أظهر السؤال فهو الذي هتك ستر نفسه فلا يحذر هذا المعنى في إظهاره وهو كإظهار الفسق على من تستر به فإنه محظور والتجسس فيه والاعتياد بذكره منهي عنه فأما من أظهره فإقامة الحد عليه إشاعة ولكن هو السبب فيها وبمثل هذا المعنى قال صلى الله عليه وسلم من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له حديث من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له أخرجه ابن عدي وابن حبان في الضعفاء من حديث أنس بسند ضعيف وقد قال الله تعالى وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ندب إلى العلانية أيضا لما فيها من فائدة الترغيب فليكن العبد دقيق التأمل في وزن هذه الفائدة بالمحذور الذي فيه فإن ذلك يختلف بالأحوال والأشخاص فقد يكون الإعلان في بعض الأحوال لبعض الأشخاص أفضل ومن عرف الفوائد والغوائل ولم ينظر بعين الشهوة اتضح له الأولى والأليق بكل حال الوظيفة الخامسة أن لا يفسد صدقته بالمن والأذى قال الله تعالى لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى واختلفوا في حقيقة المن والأذى فقيل المن أن يذكرها والأذى أن يظهرها وقال سفيان من من فسدت صدقته فقيل له كيف المن فقال أن يذكره ويتحدث به وقيل المن أن يستخدمه بالعطاء والأذى أن يعيره بالفقر وقيل المن أن يتكبر عليه لأجل عطائه والأذى أن ينتهره أو يوبخه بالمسألة وقد قال صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صدقة منان حديث لا يقبل الله صدقة منان هو كالذي قبله بحديث لم أجده وعندي أن المن له أصل ومغرس وهو من أحوال القلب وصفاته ثم يتفرع عليه أحوال ظاهرة على اللسان والجوارح فأصله أن يرى نفسه محسنا إليه ومنعما عليه وحقه أن يرى الفقير محسنا إليه بقبول حق الله عز وجل منه الذي هو طهرته ونجاته من النار وأنه لو يقبله لبقي مرتهنا به فحقه أن يتقلد منه الفقير إذ جعل كفه نائبا عن الله عز وجل في قبض حق الله عز وجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة تقع بيد الله عز وجل قبل أن تقع في يد السائل حديث إن الصدقة تقع بيد الله قبل أن تقع في يد السائل أخرجه الدار قطني في الأفراد من حديث ابن عباس وقال غريب من حديث عكرمة عنه ورواه البيهقي في الشعب بسند ضعيف فليتحقق أنه مسلم إلى الله عز وجل حقه والفقير آخذ من الله تعالى رزقه بعد صيرورته إلى الله عز وجل ولو كان عليه دين لإنسان فأحال به عبده أو خادمه الذي هو متكفل برزقهلكان اعتقاد مؤدى الدين كون القابض تحت منته سفها وجهلا فإن المحسن إليه هو المتكفل برزقه أما هو فإنما يقضي الذي لزمه بشراء ما أحبه فهو ساع في حق نفسه فلم يمن به على غيره ومهما عرف المعاني الثلاثة التي ذكرناها في فهم وجوب الزكاة أو أحدها لم ير نفسه محسنا إلا إلى نفسه إما ببذل ماله إظهارا لحب الله تعالى أو تطهيرا لنفسه عن رذيلة البخل أو شكرا على نعمة المال طلبا للمزيد وكيفما كان فلا معاملة بينه وبين الفقير حتى يرى نفسه محسنا إليه ومهما حصل هذا الجهل بأن رأى نفسه محسنا إليه تفرع منه على ظاهره ما ذكر في معنى المن وهو التحدث به وإظهاره وطلب المكافأة منه بالشكر والدعاء والخدمة والتوقير والتعظيم والقيام بالحقوق والتقديم في المجالس والمتابعة في الأمور فهذه كلها ثمرات المنة ومعنى المنة في الباطن ما ذكرناه وأما الأذى فظاهره التوبيخ والتعيير وتخشين الكلام وتقطيب الوجه وهتك الستر بالإظهار وفنون الاستخفاف وباطنه وهو منبعه أمران أحدهما كراهيته لرفع اليد عن المال وشدة ذلك على نفسه فإن ذلك يضيق الخلق لا محالة والثاني رؤيته أنه خير من الفقير وأن الفقير لسبب حاجته أخس منه وكلاهما منشؤه الجهل أما كراهية تسليم المال فهو حمق لأن من كره بذل درهم في مقابلة ما يساوي ألفا فهو شديد الحمق ومعلوم أنه يبذل المال لطلب رضا الله عز وجل والثواب في الدار الآخرة وذلك أشرف مما بذله أو يبذله لتطهير نفسه عن رذيلة البخل أو شكرا لطلب المزيد وكيفما فرض فالكراهة لا وجه لها وأما الثاني فهو أيضا جهل لأنه لو عرف فضل الفقر على الغنى وعرف خطر الأغنياء لما استحقر الفقير بل تبرك به وتمنى درجته فصلحاء الأغنياء يدخلون الجنة بعد الفقراء بخمسمائة عام ولذلك قال صلى الله عليه وسلم هم الأخسرون ورب الكعبة فقال أبو ذر من هم قال هم الأكثرون أموالا الحديث ثم كيف يستحقر الفقير وقد جعله الله تعالى متجرة له إذ يكتسب المال بجهدك ويستكثر منه ويجتهد في حفظه بمقدار الحاجة وقد ألزم أن يسلم إلى الفقير قدر حاجته ويكف عنه الفاضل الذي يضره لو سلم إليه فالغني مستخدم للسعي في رزق الفقير ويتميز عليه بتقليد المظالم والتزام المشاق وحراسة الفضلات إلى أن يموت فيأكله أعداؤه فإن مهما انتقلت الكراهية وتبدلت بالسرور والفرح بتوفيق الله تعالى له أداء الواجب وتفضيله الفقير حتى يخلصه عن عهدته بقبوله منه انتفى الأذى والتوبيخ وتقطيب الوجه وتبدل بالاستبشار والثناء وقبول المنة فهذا منشأ المن والأذى فإن قلت فرؤيته نفسه في درجة المحسن أمر غامض فهل من علامة يمتحن بها قلبه فيعرف بها أنه لم ير نفسه محسنا فاعلم أن له علامة دقيقة واضحة وهو أن يقدر أن الفقير لو جنى عليه جناية أو مالا عدوا له عليه مثلا هل كان يزيد في استنكاره واستبعاده له على استنكاره قبل التصدق فإن زاد لم تخل صدقته عن شائبة المنة لأنه توقع بسببه ما لم يكن يتوقع قبل ذلك فإن قلت فهذا أمر غامض ولا ينفك قلب أحد عنه فما دواؤه فاعلم أن له دواء باطنا ودواء ظاهرا أما الباطن فالمعرفة بالحقائق التي ذكرناها في فهم الوجوب وأن الفقير هو المحسن إليه في تطهيره بالقبول وأما الظاهر فالأعمال التي يتعاطاها متقلد المنة فإن الأفعال التي تصدر عن الأخلاق تصبغ القلب بالأخلاق كما سيأتي أسراره في الشطر الأخير من الكتاب ولهذا كان بعضهم يضع الصدقة بين يدي الفقير ويتمثل قائما بين يديه حتى يسأله قبولها حتى يكون هو في صورة السائلين وهو يستشعر مع ذلك كراهية لو رده وكان بعضهم يبسط كفه ليأخذ الفقير من كفه وتكون يد الفقير هي العليا وكانت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما إذا أرسلتا معروفا إلى فقير قالتا للرسول احفظ ما يدعو به ثم كانتا تردان عليه مثل قوله وتقولان هذا بذاك حتى تخلص لنا صدقتنا فكانوا لا يتوقعون الدعاء لأنه شبه المكافأة وكانوا يقابلون الدعاء بمثله وهكذا فعل عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما وهكذا كان أرباب القلوب يداوون قلوبهم ولا دواء من حيث الظاهر إلا هذه الأعمال الدالة على التذلل والتواضع وقبول المنة ومن حيث الباطن المعارف التي ذكرناها هذا من حيث العمل وذلك من حيث العلم ولا يعالج القلب إلا بمعجون العلم والعمل وهذه الشريطة من الزكوات تجري مجرى الخشوع من الصلاة وثبت ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ليس للمرء من صلاته إلا ما عقل منها حديث ليس للمؤمن من صلاته إلا ما عقل منها تقدم في الصلاة وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم لا يتقبل الله صدقة منان وكقوله عز وجل لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى وأما فتوى الفقيه بوقوعها موقعها وبراءة ذمته عنها دون هذا الشرط فحديث آخر وقد أشرنا إلى معناه في كتاب الصلاة الوظيفة السادسة أن يستصغر العطية فإنه إن استعظمها أعجب بها والعجب من المهلكات وهو محبط للأعمال قال تعالى ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا ويقال إن الطاعة كلما استصغرت عظمت عند الله عز وجل والمعصية كلما استعظمت صغرت عند الله عز وجل وقيل لا يتم المعروف إلا بثلاثة أمور تصغيره وتعجيله وستره وليس الاستعظام هو المن والأذى فإنه لو صرف ماله إلى عمارة مسجد أو رباط أمكن فيه الاستعظام ولا يمكن فيه المن والأذى بل العجب والاستعظام يجري في جميع العبادات ودواؤه علم وعمل امام العلم فهو أن يعلم أن العشر أو ربع العشر قليل من كثير وأنه قد قنع لنفسه بأخس درجات البذل كما ذكرنا في فهم الوجوب فهو جدير بأن يستحيي منه فكيف يستعظمه وإن ارتقى إلى الدرجة العليا فبذل كل ماله أو أكثره فليتأمل أنه من أين له المال وإلى ماذا يصرفه فالمال لله عز وجل وله المنة عليه إذ أعطاه ووفقه لبذله فلم يستعظم في حق الله تعالى ما هو عين حق الله سبحانه وإن كان مقامه يقتضي أن ينظر إلى الآخرة وأنه يبذله للثواب فلم يستعظم بذل ما ينتظر عليه أضعافه وأما العمل فهو أن يعطيه عطاء الخجل من بخل بإمساك بقية ماله عن الله عز وجل فتكون هيئته الانكسار والحياء كهيئة من يطالب برد وديعة فيمسك بعضها ويرد البعض لأن المال كله لله عز وجل وبذل جميعه هو الأحب عند الله سبحانه وإنما لم يأمر به عبده لأنه يشق عليه بسبب بخله كما قال الله عز وجل فيحفكم تبخلوا الوظيفة السابعة أن ينتقي من ماله أجوده وأحبه إليه وأجله وأطيبه فإن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا وإذا كان المخرج من شبهة فربما لا يكون ملكا له مطلقا فلا يقع الموقع وفي حديث أبان عن أنس بن مالك طوبى لعبد أنفق من مال اكتسبه من غير معصية حديث أنس طوبى لعبد أنفق من مال اكتسبه من غير معصية أخرجه ابن عدي والبزار وإذا لم يكن المخرج من جيد المال فهو من سوء الأدب إذ قد يمسك الجيد لنفسه أو لعبده أو لأهله فيكون قد آثر على الله عز وجل غيره ولو فعل هذا بضيفه وقدم إليه أردأ طعام في بيته لأوغر بذلك صدره هذا إن كان نظره إلى الله عز وجل وإن كان نظره إلى نفسه وثوابه في الآخرة فليس بعاقل من يؤثر غيره على نفسه وليس له من ماله إلا ما تصدق به فأبقى أو أكل فأفنى والذي يأكله قضاء وطر في الحال فليس من العقل قصر النظر على العاجلة وترك الادخار وقد قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه أي لا تأخذوه إلا مع كراهية وحياء وهو معنى الإغماض فلا تؤثروا به ربكم وفي الخبر سبق درهم مائة ألف درهم حديث سبق درهم مائة ألف أخرجه النسائي وابن حبان وصححه من حديث أبي هريرةوذلك بأن يخرجه الإنسان وهو من أحل ماله وأجوده فيصدر ذلك عن الرضا والفرح بالبذل وقد يخرج مائة ألف درهم مما يكره من ماله فيدل ذلك على أنه ليس يؤثر الله عز وجل بشيء مما يحبه وبذلك ذم الله تعالى قوما جعلوا لله ما يكرهون فقال تعالى ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى لا وقف بعض القراء على النفي تكذيبا لهم ثم ابتدأ وقال جرم أن لهم النار أي كسب لهم جعلهم لله ما يكرهون النار الوظيفة الثامنة أن يطلب لصدقته من تزكو به الصدقة ولا يكتفي بأن يكون من عموم الأصناف الثمانية فإن في عمومهم خصوص صفات فليراع خصوص تلك الصفات وهي ستة الأولى أن يطلب الأتقياء المعرضين عن الدينا المتجردين لتجارة الآخرة قال صلى الله عليه وسلم لا تأكل إلا طعام تقي ولا يأكل طعامك إلا تقي حديث لا تأكل إلا طعام تقي ولا يأكل طعاعته إلا تقي أخرجه أبو داود والترمذي من حديث أبي سعيد بلفظ لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي وهذا لأن التقي يستعين به على التقوى فتكون شريكا في طاعته بإعانتك إياه وقال صلى الله عليه وسلم أطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين حديث أطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين أخرجه ابن المبارك في البر والصلة من حديث أبي سعيد الخدري قال ابن طاهر غريب فيه مجهول وفي لفظ آخر أضف بطعامك من تحبه في الله تعالى حديث أضف بطعامك من يحبه الله أخرجه ابن المبارك أنبأنا جويبر عن الضحاك مرسلا وكان بعض العلماء يؤثر بالطعام فقراء الصوفية دون غيرهم فقيل له لو عممت بمعروفك جميع الفقراء لكان أفضل فقال لا هؤلاء قوم همهم لله سبحانه فإذا طرقتهما فاقة تشتت هم أحدهم فلأن أرد همة واحد إلى الله عز وجل أحب إلي من أن أعطى ألفا ممن همته الدنيا فذكر هذا الكلام للجنيد فاستحسنه وقال هذا ولي من أولياء الله تعالى وقال ما سمعت منذ زمان كلاما أحسن من هذا ثم حكى أن هذا الرجل اختل حاله وهم بترك الحانوت فبعث إليه الجنيد مالا وقال اجعله بضاعتك ولا تترك الحانوت فإن التجارة لا تضر مثلك وكان هذا الرجل بقالا لا يأخذ من الفقراء ثمن ما يبتاعون منه الصفة الثانية أن يكون من أهل العلم خاصة فإن ذلك إعانة له على العلم والعلم أشرف العبادات مهما صحت فيه النية وكان ابن المبارك يخصص بمعروفه أهل العلم فقيل له لو عممت فقال إني لا أعرف بعد مقام النبوة أفضل من مقام العلماء فإذا اشتغل قلب أحدهم بحاجته لم يتفرغ للعلم ولم يقبل على التعلم فتفريغهم للعلم أفضل الصفة الثالثة أن يكون صادقا في تقواه وعلمه بالتوحيد وتوحيده أنه إذا أخذ العطاء حمد الله عز وجل وشكره ورأى أن النعمة منه ولم ينظر إلى واسطة فهذا هو أشكر العباد لله سبحانه وهو أن يرى أن النعمة كلها منه وفي وصية لقمان لابنه لا تجعل بينك وبين الله منعما واعدد نعمة غيره عليك مغرما ومن شكر غير الله سبحانه فكأنه لم يعرف المنعم ولم يتيقن أن الواسطة مقهور مسخر بتسخير الله عز وجل إذ سلط الله تعالى عليه دواعي الفعل ويسر له الأسباب فأعطى وهو مقهور ولو أراد تركه لم يقدر عليه بعد أن ألقى الله عز وجل في قلبه أن صلاح دينه ودنياه في فعله فمهما قوي الباعث أوجب ذلك جزم الإرادة وانتهاض القدرة ولم يستطع العبد مخالفة الباعث القوي الذي لا تردد فيه والله عز وجل خالق للبواعث ومهيجها ومزيل للضعف والتردد عنها ومسخر القدرة للانتهاض بمقتضى البواعث فمن تيقن هذا لم يكن له نظر إلا إلى مسبب الأسباب وتيقن مثل هذا العبد أنفع للمعطى من ثناء غيره وشكره فذلك حركة لسان يقل في الأكثر جدواه وإعانة مثل هذا العبد الموحد لا تضيع وأما الذي يمدح بالعطاء ويدعو بالخير فسيذم بالمنع ويدعو بالشر عند الإيذاء وأحواله متفاوتة وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم بعث معروفا إلى بعض الفقراء وقال للرسول احفظ ما يقول فلما أخذ قال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره ولا يضيع من شكره ثم قال اللهم إنك لم تنس فلانا يعني نفسه فاجعل فلانا لا ينساك يعني بفلان نفسه فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلكفسر وقال صلى الله عليه وسلم علمت أنه يقول ذلك حديث بعث معروفا إلى بعض الفقراء وقال للرسول احفظ ما يقول فلما أخذه قال الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره الحديث لم أجد له أصلا إلا في حديث ضعيف من حديث ابن عمر وروى ابن منده في الصحابة أوله ولم يسق هذه القطعة التي أوردها المصنف وسمى الرجل حديرا فقد رويا من طريق البيهقي أنه وصل لحدير من أبي الدرداء شيء فقال اللهم إنك لم تنس حديرا فاجعل حديرا لا ينساك وقيل إن هذا آخر لا صحبة له يكنى أبا جريرة وقد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين فانظر كيف قصر التفاته على الله وحده وقال صلى الله عليه وسلم لرجل تب فقال أتوب إلى الله وحده ولا أتوب إلى محمد فقال صلى الله عليه وسلم عرف الحق لأهله حديث قال لرجل تب فقال أتوب إلى الله ولا اتوب إلى محمد الحديث أخرجه أحمد والطبراني من حديث الأسود ابن سريع بسند ضعيف ولما نزلت براءة عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك قال أبو بكر رضي الله عنه قومي فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت والله لا أفعل ولا أحمد إلا الله فقال صلى الله عليه وسلم دعها يا أبا بكر حديث لما نزلت براءة عائشة قال أبو بكر قومي فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث أخرجه أبو داود من حديث عائشة بلفظ فقال أبواي قومي فقبلي رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أحمد الله لا إياكما وللبخاري تعليقا فقال أبواي قومي إليه فقلت لا والله لا أقوم إليه ولا أحمدكما ولكن أحمد الله وله ولمسلم فقالت لي أمي قومي إليه فقلت لا والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله وللطبراني فقالت بحمد الله لا بحمد صاحبك وله من حديث ابن عباس فقالت لا بحمدك ولا بحمد صاحبك وله من حديث ابن عمر فقال أبو بكر قومي فاحتضني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لا والله لا أدنو منه الحديث وفيه أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم بحمد الله لا بحمدك وفي لفظ آخر أنها رضي الله عنها قالت لأبي بكر رضي الله عنه بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها ذلك مع أن الوحي وصل إليها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤية الأشياء من غير الله سبحانه وصف الكافرين قال الله تعالى وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ومن لم يصف باطنه عن رؤية الوسائط إلا من حيث إنهم وسائط فكأنه لم ينفك عن الشرك الخفي سره فليتق الله سبحانه في تصفية توحيده عن كدورات الشرك وشوائبه الصفة الرابعة أن يكون مستترا مخفيا حاجته لا يكثر البث والشكوى أو يكون من أهل المروءة ممن ذهبت نعمته وبقيت عادته فهو يتعيش في جلباب التجمل قال الله تعالى يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا أي لا يلحون في السؤال لأنهم أغنياء بيقينهم أعزة بصبرهم وهذا ينبغي أن يطلب بالتفحص عن أهل الدين في كل محلة ويستكشف عن بواطن أحول أهل الخير والتجمل فثواب صرف المعروف إليهم أضعاف ما يصرف إلى المجاهرين بالسؤال الصفة الخامسة أن يكون معيلا أو محبوسا بمرض أو بسبب من الأسباب فيوجد فيه معنى قوله عز وجل للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله أي حبسوا في طريق الآخرة بعيلة أو ضيق معيشة أو إصلاح قلب لا يستطيعون ضربا في الأرض لأنهم مقصوصوا الجناح مقيدوا الأطراف فبهذه الأسباب كان عمر رضي الله عنه يعطي أهل البيت القطيع من الغنم العشرة فما فوقها وكان صلى الله عليه وسلم يعطي العطاء على مقدار العيلة حديث كان يعطي العطاء على مقدار العيلة لم أر له أصلا ولأبي داود من حديث عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه الفيء قسمه في يومه وأعطى الآهل حظين وأعطى العزب حظا وسأل عمر رضي الله عنه عن جهد البلاء فقال كثرة العيال وقلة المال الصفة السادسة أن يكون من الأقارب وذوي الأرحام فتكون صدقة وصلة رحم وفي صلة الرحم من الثواب ما لا يحصى قال علي رضي الله عنه لأن أصل أخا من إخواني بدرهم أحب إلي من أن أتصدق بعشرين درهما ولأن أصله بعشرين درهما أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم ولأن أصله بمائة درهم أحب إلي من أن أعتق رقبة والأصدقاء وإخوان الخير أيضايقدمون على المعارف كما يتقدم الأقارب على الأجانب فليراع هذه الدقائق فهذه هي الصفات المطلوبة وفي كل صفة درجات فينبغي أن يطلب أعلاها فإن وجد من جمع جملة من هذه الصفات فهي الذخيرة الكبرى والغنيمة العظمى ومهما اجتهد في ذلك وأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد فإن أحد أجريه في الحال تطهيره نفسه عن صفة البخل وتأكيد حب الله عز وجل في قلبه واجتهاده في طاعته وهذه الصفات هي التي تقوى في قلبه فتشوقه إلى لقاء الله عز وجل والأجر الثاني ما يعود إليه من فائدة دعوة الآخذ وهمته فإن قلوب الأبرار لها آثار في الحال والمآل فإن أصاب حصل الأجران وإن أخطأ حصل الأول دون الثاني فبهذا يضاعف أجر المصيب في الاجتهاد ههنا وفي سائر المواضع والله أعلم
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:46 am | |
| الفصل الثالث في القابض وأسباب استحقاقه ووظائف قبضه بيان أسباب الاستحقاق اعلم أنه لا يستحق الزكاة إلا حر مسلم ليس بهاشمي ولا مطلبي اتصف بصفة من صفات الأصناف الثمانية المذكورين في كتاب الله عز وجل ولا تصرف زكاة إلى كافر ولا إلى عبد ولا إلى هاشمي ولا إلى مطلبي أما الصبي والمجنون فيجوز الصرف إليهما إذا قبض وليهما فلنذكر صفات الأصناف الثمانية الصنف الأول الفقراء والفقير هو الذي ليس له مال ولا قدرة له على الكسب فإن كان معه قوت يومه وكسوة حاله فليس بفقير ولكنه مسكين وإن كان معه نصف قوت يومه فهو فقير وإن كان معه قميص وليس معه منديل ولا خف ولا سراويل ولم تكن قيمة القميص بحيث تفي بجميع ذلك كما يليق بالفقراء فهو فقير لأنه في الحال قد عدم ما هو محتاج إليه وما هو عاجز عنه فلا ينبغي أن يشترط في الفقير أن لا يكون له كسوة سوى ساتر العورة فإن هذا غلو والغالب أنه لا يوجد مثله ولا يخرجه عن الفقر كونه معتادا للسؤال فلا يجعل السؤال كسبا بخلاف ما لو قدر على كسب فإن ذلك يخرجه عن الفقر فإن قدر على الكسب بآلة فهو فقير ويجوز أن يشتري له آلة وإن قدر على كسب لا يليق بمروءة وبحال مثله فهو فقير وإن كان متفقها ويمنعه الاشتغال بالكسب عن التفقه فهو فقير ولا تعتبر قدرته وإن كان متعبدا يمنعه الكسب من وظائف العبادات وأوراد الأوقات فليكتسب لأن الكسب أولى من ذلك قال صلى الله عليه وسلم طلب الحلال فريضة بعد الفريضة حديث طلب الحلال فريضة بعد الفريضة أخرجه الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان من حديث ابن مسعود بسند ضعيف وأراد به السعي في الاكتساب وقال عمر رضي الله عنه كسب في شبهة خير من مسألة وإن كان مكتفيا بنفقة أبيه أو من تجب عليه نفقته فهذا أهون من الكسب فليس بفقير الصنف الثاني المساكين والمسكين هو الذي لا يفي دخله بخرجه فقد يملك ألف درهم وهو مسكين وقد لا يملك إلا فأسا وحبلا وهو غني والدويرة التي يسكنها والثوب الذي يستره على قدر حاله لا يسلبه اسم المسكين وكذا أثاث البيت أعني ما يحتاج إليه وذلك ما يليق به وكذا كتب الفقه لا تخرجه عن المسكنة وإذا لم يملك إلا الكتب فلا تلزمه صدقة الفطر وحكم الكتاب حكم الثوب وأثاث البيت فإنه محتاج إليه ولكن ينبغي أن يحتاط في قطع الحاجة بالكتاب فالكتاب محتاج إليه لثلاثة أغراض التعليم والاستفادة والتفرج بالمطالعة أما حاجة التفرج فلا تعتبر كاقتناء كتب الأشعار وتواريخ الأخبار وأمثال ذلك مما لا ينفع في الآخرة ولا يجري في الدنيا إلا مجرى التفرج والاستئناس فهذا يباع في الكفارة وزكاة الفطر وتمنع اسم المسكنة وأما حاجة التعليم إن كان لأجل الكسب كالمؤدب والمعلم والمدرس بأجره فهذه آلته فلا تباع في الفطرة كأدوات الخياط وسائر المحترفين وإن كان يدرس للقيام بفرضالكفاية فلا تباع ولا يسلبه ذلك اسم المسكين لأنها حاجة مهمة وأما حاجة الاستفادة والتعلم من الكتاب كادخاره كتب طب ليعالج بها نفسه أو كتاب وعظ ليطالع فيه ويتعظ به فإن كان في البلد طبيب وواعظ فهذا مستغنى عنه وإن لم يكن فهو محتاج إليه ثم ربما لا يحتاج إلى مطالعة الكتاب إلا بعد مدة فينبغي أن يضبط مدة الحاجة والأقرب أن يقال ما لا يحتاج إليه في السنة فهو مستغنى عنه فإن من فضل من قوت يومه شيء لزمته الفطرة فإذا قدرنا القوت باليوم فحاجة أثاث البيت وثياب البدن ينبغي أن تقدر بالسنة فلا تباع ثياب الصيف في الشتاء والكتب بالثياب والأثاث أشبه وقد يكون له من كتاب نسختان فلا حاجة إلى إحداهما فإن قال إحداهما أصح والأخرى أحسن فأنا محتاج إليهما قلنا اكتف بالأصح وبع الأحسن ودع التفرج والترفه وإن كان نسختان من علم واحد إحداهما بسيطة والأخرى وجيزة فإن كان مقصوده الاستفادة فليكتف بالبسيطة وإن كان قصده التدريس فيحتاج إليهما إذ في كل واحدة فائدة ليست في الأخرى وأمثال هذه الصور لا تنحصر ولم يتعرض له في فن الفقه وإنما أوردناه لعموم البلوى والتنبيه بحسن هذا النظر على غيره فإن استقصاء هذه الصور غير ممكن إذ يتعدى مثل هذا النظر في أثاث البيت في مقدارها وعددها ونوعها وفي ثياب البدن وفي الدار وسعتها وضيقها وليس لهذه الأمور حدود محدودة ولكن الفقيه يجتهد فيها برأيه ويقرب في التحديدات بما يراه ويقتحم فيه خطر الشبهات والمتورع يأخذ فيه بالأحوط ويدع ما يريبه إلى ما لا يريبه والدرجات المتوسطة المشكلة بين الأطراف المتقابلة الجلية كثيرة ولا ينجي منها إلا الاحتياط والله أعلم الصنف الثالث العاملون وهم السعاة الذين يجمعون الزكوات سوى الخليفة والقاضي ويدخل فيه العريف والكاتب والمستوفي والحافظ والنقال ولا يزاد واحد منهم على أجرة المثل فإن فضل شيء من الثمن عن أجر مثلهم رد على بقية الأصناف وإن نقص كمل من مال المصالح الصنف الرابع المؤلفة قلوبهم على الإسلام وهم الأشراف الذين أسلموا وهم مطاعون في قومهم وفي إعطائهم تقريرهم على الإسلام وترغيب نظائرهم وأتباعهم الصنف الخامس المكاتبون فيدفع إلى السيد سهم المكاتب وإن دفع إلى المكاتب جاز ولا يدفع السيد زكاته الىمكاتب نفسه لأنه يعد عبدا له الصنف السادس الغارمون والغارم هو الذي استقرض في طاعة أو مباح وهو فقير فإن استقرض في معصية فلا يعطى إلا إذا تاب وإن كان غنيا لم يقض دينه إلا إذا كان قد استقرض لمصلحة أو إطفاء فتنة الصنف السابع الغزاة الذين ليس لهم مرسوم في ديوان المرتزقة فيصرف إليهم سهم وإن كانوا أغنياء إعانة لهم على الغزو الصنف الثامن ابن السبيل وهو الذي شخص من بلده ليسافر في غير معصية أو اجتاز بها فيعطى إن كان فقيرا وإن كان له مال ببلد آخر أعطى بقدر بلغته فإن قلت فبم تعرف هذه الصفات قلنا أما الفقر والمسكنة فبقول الآخذ ولا يطالب ببينة ولا يحلف بل يجوز اعتماد قوله إذا لم يعلم كذبه وأما الغزو والسفر فهو أمر مستقبل فيعطى بقوله إني غاز فإن لم يف به استرد وأما بقية الأصناف فلا بد فيها من البينة فهذه شروط الاستحقاق وأما مقدار ما يصرف إلى كل واحد فسيأتي بيان وظائف القابض وهي خمسة الأولى أن يعلم أن الله عز وجل أوجب صرف الزكاة إليه ليكفي همه ويجعل همومه هما واحدا فقد تعبد الله عز وجل الخلق بأن يكون همهم واحدا وهو الله سبحانه واليوم الآخر وهو المعني بقوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ولكن لما اقتضت الحكمة أن يسلط على العبد الشهوات والحاجات وهي تفرق همهاقتضى الكرم إفاضة نعمة تكفي الحاجات فأكثر الأموال وصبها في أيدي عباده لتكون آلة لهم في دفع حاجاتهم ووسيلة لتفرغهم لطاعاتهم فمنهم من أكثر ماله فتنة وبلية فأقحمه في الخطر ومنهم من أحبه فحماه عن الدنيا كما يحمى المشفق مريضه فزوى عنه فضولها وساق إليه قدر حاجته على يد الأغنياء ليكون سهل الكسب والتعب في الجمع والحفظ عليهم وفائدته تنصب إلى الفقراء فيتجردون لعبادة الله والاستعداد لما بعد الموت فلا تصرفهم عنها فضول الدنيا ولا تشغلهم عن التأهب الفاقة وهذا منتهى النعمة فحق الفقير أن يعرف قدر نعمة الفقر ويتحقق أن فضل الله عليه فيما زواه عنه أكثر من فضله فيما أعطاه كما سيأتي في كتاب الفقر تحقيقه وبيانه إن شاء الله تعالى فليأخذ ما يأخذه من الله سبحانه رزقا له وعونا له على الطاعة ولتكن نيته فيه أن يتقوى به على طاعة الله فإن لم يقدر عليه فليصرفه إلى ما أباحه الله عز وجل فإن استعان به على معصية الله كان كافرا لأنعم الله عز وجل مستحقا للبعد والمقت من الله سبحانه الثانية أن يشكر المعطى ويدعو له ويثني عليه ويكون شكره ودعاؤه بحيث لا يخرجه عن كونه واسطة ولكنه طريق وصول نعمة الله سبحانه إليه وللطريق حق من حيث جعله الله طريقا وواسطة وذلك لا ينافي رؤية النعمة من الله سبحانه فقد قال صلى الله عليه وسلم من لم يشكر الناس لم يشكر الله حديث من لم يشكر الناس لم يشكر الله أخرجه الترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد وله ولأبي داود وابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة وقال حسن صحيح وقد أثنى الله عز وجل على عباده في مواضع على أعمالهم وهو خالقها وفاطر القدرة عليها نحو قوله تعالى نعم العبد إنه أواب إلى غير ذلك وليقل القابض في دعائه طهر الله قلبك في قلوب الأبرار وزكى عملك في عمل الأخيار وصلى على روحك في أرواح الشهداء وقد قال صلى الله عليه وسلم من أسدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تستطيعوا فادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه حديث من أسدى إليكم معروفا فكافئوه الحديث أخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عمر بإسناد صحيح بلفظ من صنع ومن تمام الشكر أن يستر عيوب العطاء إن كان فيه عيب ولا يحقره ولا يذمه ولا يعيره بالمنع إذا منع ويفخم عند نفسه وعند الناس صنيعه فوظيفة المعطى الاستصغار ووظيفة القابض تقلد المنة والاستعظام وعلى كل عبد القيام بحقه وذلك لا تناقض فيه إذ موجبات التصغير والتعظيم تتعارض والنافع للمعطي ملاحظة أسباب التصغير ويضره خلافه والآخذ بالعكس منه وكل ذلك لا يناقض رؤية النعمة من الله عز وجل فإن من لا يرى الواسطة واسطة فقد جهل وإنما المنكر أن يرى الواسطة أصلا الثالثة أن ينظر فيما يأخذه فإن لم يكن من حل تورع عنه ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ولن يعدم المتورع عن الحرام فتوحا من الحلال فلا يأخذ من أموال الأتراك والجنود وعمال السلاطين ومن أكثر كسبه من الحرام إلا إذا ضاق الأمر عليه وكان ما يسلم إليه لا يعرف له مالكا معينا فله أن يأخذ بقدر الحاجة فإن فتوى الشرع في مثل هذا أن يتصدق به على ما سيأتي بيانه في كتاب الحلال والحرام وذلك إذا عجز عن الحلال فإذا أخذ لم يكن أخذه أخذ زكاة إذ لا يقع زكاة عن مؤديه وهو حرام الرابعة أن يتوقى مواقع الريبة والاشتباه في مقدار ما يأخذه فلا يأخذ إلا المقدار المباح ولا يأخذ إلا إذا تحقق أنه موصوف بصفة الاستحققا فإن كان يأخذه بالكتابة والغرامة فلا يزيد على مقدار الدين وأن كان يأخذ بالعمل فلا يزيد على أجرة المثل وإن أعطى زيادة أبى وامتنع إذ ليس المال للمعطي حتى يتبرع به وإن كان مسافرا لم يزد على الزاد وكراء الدابة إلى مقصده وإن كان غازيا لم يأخذ إلا ما يحتاج إليه للغزو خاصة من خيل وسلاح ونفقة وتقدير ذلك بالاجتهاد وليس له حد وكذا زاد السفر والورع ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه وإن أخذ بالمسكنة فلينظر أولاالى أثاث بيته وثيابهوكتبه هل فيها ما يستغنى عنه بعينه أو يستغنى عن نفاسته فيمكن أن يبدل بما يكفي ويفضل بعض قيمته وكل ذلك إلى اجتهاده وفيه طرف ظاهر يتحقق معه أنه مستحق وطرف آخر مقابل يتحقق معه أنه غير مستحق وبينهما أوساط مشتبهة ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه والاعتماد في هذا على قول الآخذ ظاهرا وللمحتاج في تقدير الحاجات مقامات في التضييق والتوسيع ولا تحصر مراتبه وميل الورع إلى التضييق وميل المتساهل إلى التوسيع حتى يرى نفسه محتاجا إلى فنون من التوسع وهو ممقوت في الشرع ثم إذا تحققت حاجته فلا يأخذن مالا كثيرا بل ما يتمم كفايته من وقت أخذه إلى سنة فهذا أقصى ما يرخص فيه من حيث أن السنة إذا تكررت تكررت أسباب الدخل ومن حيث إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخر لعياله قوت سنة حديث ادخر لعياله قوت سنة أخرجاه من حديث عمر كان يعزل نفقة أهله سنة وللطبراني في الأوسط من حديث أنس كان إذا ادخر لأهله قوت سنة تصدق بما بقي قال الذهبي حديث منكر فهذا أقرب ما يحد به حد الفقير والمسكين ولو اقتصر على حاجة شهره أو حاجة يومه فهو أقرب للتقوى ومذاهب العلماء في قدر المأخوذ بحكم الزكاة والصدقة مختلفة فمن مبالغ في التقليل إلى حد أوجب الاقتصار على قدر قوت يومه وليلته وتمسكوا بما روى سهل بن الحنظلية أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن السؤال مع الغنى فسئل عن غناه فقال صلى الله عليه وسلم غداؤه وعشاؤه حديث سهل بن الحنظلية في النهي عن السؤال مع الغنى فيسأل ما يغنيه فقال غداؤه وعشاؤه أخرجه أبو داود وابن حبان بلفظ من سأل وله ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم الحديث وقال آخرون يأخذ إلى حد الغنى حد الغنى نصاب الزكاة إذ لم يوجب الله تعالى الزكاة إلا على الأغنياء فقالوا له أن يأخذ بنفسه ولكل واحد من عياله نصاب زكاة وقال آخرون حد الغنى خمسون درهما أو قيمتها من الذهب لما روى ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال من سأل وله مال يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خموش فسئل وما غناه قال خمسون درهما أو قيمتها من الذهب حديث ابن مسعود من سأل وله ما يغنيه جاء يوم القيامة وفي وجهه خموش الحديث أخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وضعفه النسائي والخطابي وقيل راويه ليس بقوي وقال قوم أربعون لما رواه عطاء بن يسار منقطعا أنه صلى الله عليه وسلم قال من سأل وله أوقية فقد ألحف في السؤال حديث عطاء بن يسار منقطعا من سأل وله أوقية فقد ألحف في السؤال أخرجه أبو داود والنسائي من رواية عطاء عن رجل من بني أسد متصلا وليس بمنقطع كما ذكر المصنف لأن الرجل صحابي فلا يضر عدم تسميته وأخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان من حديث أبي سعيد وبالغ آخرون في التوسيع فقالوا له أن يأخذ مقدار ما يشتري به ضيعة فيستغني به طول عمره أو يهيىء بضاعة ليتجر بها ويستغني بها طول عمره لأن هذا هو الغنى وقد قال عمر رضي الله عنه إذا أعطيتم فأغنوا حتى ذهب قوم إلى أن من افتقر فله أن يأخذ بقدر ما يعود به إلى مثل حاله ولو عشرة آلاف درهم إلا إذا خرج عن حد الاعتدال ولما شغل أبو طلحة ببستانه عن الصلاة قال جعلته صدقه فقال صلى الله عليه وسلم اجعله في قرابتك فهو خير لك حديث لما شغل أبا طلحة بستانه عن الصلاة قال جعلته صدقة تقدم في الصلاة فأعطاه حسان وأبا قتادة فحائط من نخل لرجلين كثير مغن وأعطى عمر رضي الله عنه أعرابيا ناقة معها ظئر لها فهذا ما حكى فيه فأما التقليل إلى قوت اليوم أو الأوقية فذلك ورد في كراهية السؤال والتردد على الأبواب وذلك مستنكر وله حكم آخر بل التجويز إلى أن يشتري ضيعة فيستغني بها أقرب إلى الاحتمال وهو أيضا مائل إلى الإسراف والأقرب إلى الاعتدال كفاية سنة فما وراءه فيه خطر وفيما دونه تضييق وهذه الأمور إذا لم يكن فيها تقدير جزم بالتوقيف فليس للمجتهد إلا الحكم بما يقع له ثم يقال للورع استفت قلبك وإن أفتوك وأفتوك حديث استفت قلبك وإن أفتوك تقدم في العلم كما قاله صلى الله عليه وسلم إذ الإثم حزاز القلوب فإذا وجد القابض في نفسه شيئا مما يأخذه فليتق الله فيه ولا يترخص تعللا بالفتوى منعلماء الظاهر فإن لفتواهم قيودا ومطلقات من الضرورات وفيها تخمينات واقتحام شبهات والتوقي من الشبهات من شيم ذوي الدين وعادات السالكين لطريق الآخرة الخامسة أن يسأل صاحب المال عن قدر الواجب عليه فإن كان ما يعطيه فوق الثمن فلا يأخذه منه فإنه لا يستحق مع شريكه إلا الثمن فلينقص من الثمن مقدار ما يصرف إلى اثنين من صنفه وهذا السؤال واجب على أكثر الخلق فإنهم لا يراعون هذه القسمة إما لجهل وإما لتساهل وإنما يجوز ترك السؤل عن مثل هذه الأمور إذا لم يغلب على الظن احتمال التحريم وسيأتي ذكر مظان السؤال ودرجة الاحتمال في كتاب الحلال والحرام إن شاء الله تعالى
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:47 am | |
| الفصل الرابع في صدقة التطوع وفضلها وآداب أخذها وإعطائها بيان فضيلة الصدقة من الأخبار قوله صلى الله عليه وسلم تصدقوا ولو بتمرة فإنها تسد من الجائع وتطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار حديث تصدقوا ولو بتمرة فإنها تسد من الجائع وتطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار أخرجه ابن المبارك في الزهد من حديث عكرمة مرسلا ولأحمد من حديث عائشة بسند حسن استتري من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشيعان ولأبي يعلى والبزار من حديث أبي بكر اتقوا النار ولو بشق تمرة فإنها تقوم العوج وتدفع ميتة السوء وتقع من الجائع موقعها من الشبعان وإسناده ضعيف وللترمذي والنسائي في الكبرى وابن ماجه في حديث معاذ والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار وقال صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة حديث اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة أخرجاه من حديث عدي بن حاتم وقال صلى الله عليه وسلم ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا إلا كان الله آخذها بيمينه فيربيها كما يربي أحدكم فصيله حتى تبلغ التمرة مثل أحد حديث ما من عبد مسلم يتصدق بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا الحديث أخرجه البخاري تعليقا ومسلم والترمذي والنسائي في الكبرى واللفظ لابن ماجه من حديث أبي هريرة وقال صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها ثم انظر إلى أهل بيت من جيرانك فأصبهم منه بمعروف حديث قال لأبي الدرداء إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها الحديث أخرجه من حديث أبي ذر أنه قال ذلك له وما ذكره المصنف أنه قال لأبي الدرداء وهم وقال صلى الله عليه وسلم ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله عز وجل الخلافة على تركته حديث ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله الخلافة على تركته أخرجه ابن المبارك في الزهد من حديث ابن شهاب مرسلا بإسناد صحيح وأسنده الخطيب فيمن روى عن مالك من حديث ابن عمر وضعفه وقال صلى الله عليه وسلم كل امرىء في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس حديث كل امرىء في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس أخرجه ابن حبان والحاكم وصححه على شرط مسلم من حديث عقبة بن عامر وقال صلى الله عليه وسلم الصدقة تسد سبعين بابا من الشر حديث الصدقة تسد سبعين بابا من الشر أخرجه ابن المبارك في البر من حديث أنس بسند ضعيف إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين بابا من ميتة السوء وقال صلى الله عليه وسلم صدقة السر تطفىء غضب الرب عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الذي أعطى من سعة بأفضل أجرا من الذي يقبل من حاجة حديث ما المعطي من سعة بأفضل أجرا من الذي يقبل من حاجة أخرجه ابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط من حديث أنس ورواه في الكبير من حديث ابن عمر بسند ضعيف ولعل المراد به الذي يقصد من دفع حاجته التفرغ للدين فيكون مساويا للمعطي الذي يقصد بإعطائه عمارة دينه وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصدقة أفضل قال أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء وتخشى الفاقة ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان حديث سئل أي الصدقة أفضل قال أن تصدق وأنت صحيح شحيح الحديث أخرجاه من حديث أبي هريرة وقد قال صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه تصدقوا فقال رجل إن عندي دينارا فقال أنفقه على نفسك فقال إن عندي آخر قال أنفقهعلى زوجتك قال إن عندي آخر قال أنفقه على ولدك قال إن عندي آخر قال أنفقه على خادمك قال إن عندي آخر قال صلى الله عليه وسلم أنت أبصربه حديث قال يوما لأصحابه تصدقوا فقال رجل إن عندي دينارا فقال أنفقه على نفسك الحديث أخرجه أبو داود والنسائي واللفظ له وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة وقد تقدم قبل بيسير وقال صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لآل محمد إنما هي أوساخ الناس حديث لا تحل الصدقة لآل محمد الحديث أخرجه مسلم من حديث المطلب بن ربيعة وقال ردوا مذمة السائل ولو بمثل رأس الطائر من الطعام حديث ردوا مذمة السائل ولو بمثل رأس الطائر من الطعام أخرجه العقيلي في الضعفاء من حديث عائشة وقال صلى الله عليه وسلم لو صدق السائل ما أفلح من رده حديث لو صدق السائل ما أفلح من رده أخرجه العقيلي في الضعفاء وابن عبد البر في التمهيد من حديث عائشة قال العقيلي لا يصح في هذا الباب شيء وللطبراني نحوه من حديث أبي أمامة بسند ضعيف وقال عيسى عليه السلام من رد سائلا خائبا من بيته لم تغش الملائكة ذلك البيت سبعة أيام وكان نبينا صلى الله عليه وسلم لا يكل خصلتين إلى غيره كان يضع طهوره بالليل ويخمره وكان يناول المسكين بيده حديث كان لا يكل خصلتين إلى غيره الحديث أخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس بسند ضعيف ورواه ابن المبارك في البر مرسلا وقال صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان واللقمة واللقمتان إنما المسكين المتعفف اقرءوا إن شئتم لا يسألون الناس إلحافا حديث ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان الحديث متفق عليه من حديث عائشة وقال صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يكسو مسلما إلا كان في حفظ الله عز وجل ما دامت عليه منه رقعه حديث ما من مسلم يكسو مسلما إلا كان في حفظ الله الحديث أخرجه الترمذي وحسنه والحاكم وصحح إسناده من حديث ابن عباس وفيه خالد بن طهمان ضعيف الآثار قال عروة بن الزبير لقد تصدقت عائشة رضي الله عنها بخمسين ألفا وإن درعها لمرقع وقال مجاهد في قول الله عز وجل ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا فقال وهم يشتهونه وكان عمر رضي الله عنه يقول اللهم اجعل الفضل عند خيارنا لعلهم يعودون به على ذوي الحاجة منا وقال عمر عبد العزيز الصلاة تبلغك نصف الطريق والصوم يبلغك باب الملك والصدقة تدخلك عليه وقال ابن أبي الجعد إن الصدقة لتدفع سبعين بابا من السوء وفضل سرها على علانيتها بسبعين ضعفا وإنها لتفك لحيي سبعين شيطانا وقال ابن مسعود إن رجلا عبد الله سبعين سنة ثم أصاب فاحشة فأحبط عمله ثم مر بمسكين فتصدق عليه برغيف فغفر الله له ذنبه ورد عليه عمل السبعين سنة وقال لقمان لابنه إذا أخطأت خطيئة فأعط الصدقة وقال يحيى بن معاذ ما أعرف حبة تزن جبال الدنيا إلا الحبة من الصدقة وقال عبد العزيز بن أبي رواد كان يقال ثلاثة من كنوز الجنة كتمان المرض وكتمان الصدقة وكتمان المصائب وروى مسندا وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن الأعمال تباهت فقالت الصدقة أنا أفضلكن وكان عبد الله بن عمر يتصدق بالسكر ويقول سمعت الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون والله يعلم أني أحب السكر وقال النخعي إذا كان الشيء لله عز وجل لا يسرني أن يكون فيه عيب وقال عبيد بن عمير يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قط وأعطش ما كانووا قط وأعرى ما كانوا قط فمن أطعم لله عز وجل أشبعه الله ومن سقى لله عز وجل سقاه الله ومن كسا لله عز وجل كساه الله وقال الحسن لو شاء الله لجعلكم أغنياء لا فقير فيكم ولكنه ابتلى بعضكم ببعض وقال الشعبي من لم ير نفسه إلى ثواب الصدقة أحوج من الفقير إلى صدقته فقد أبطل صدقته وضرب بها وجهه وقال مالك لا نرى بأسا بشرب المؤمن من الماء الذي يتصدق به ويسقي في المسجد لأنه إنما جعل للعطشان من كان ولم يرد به أهل الحاجة والمسكنة على الخصوص ويقال إن الحسن مر به نخاسومعه جارية فقال للنخاس أترضى في ثمنها الدرهم والدرهمين قال لا قال فاذهب فإن الله عز وجل رضي في الحور العين بالفلس واللقمة بيان إخفاء الصدقة وإظهارها قد اختلف طريق طلاب الإخلاص في ذلك فمال قوم إلى أن الإخفاء أفضل ومال قوم إلى أن الإظهار أفضل ونحن نشير إلى ما في كل واحد من المعاني والآفات ثم نكشف الغطاء عن الحق فيه أما الإخفاء ففيه خمسة معان الأول أنه أبقى للستر على الآخذ فإن أخذه ظاهرا هتك لستر المروءة وكشف عن الحاجة وخروج عن هيئة التعفف والتصون المحبوب الذي يحسب الجاهل أهله أغنياء من التعفف الثاني أنه أسلم لقلوب الناس وألسنتهم فإنهم ربما يحسدون أو ينكرون عليه أخذه ويظنون أنه آخذ مع الاستغناء أو ينسبونه إلى أخذ زيادة والحسد وسوء الظن والغيبة من الذنوب الكبائر وصيانتهم عن هذه الجرائم أولى وقال أبو أيوب السختياني إني لأترك لبس الثوب الجديد خشية أن يحدث في جيران حسدا وقال بعض الزهاد ربما تركت استعمال الشيء لأجل إخواني يقولون من أين له هذا وعن إبراهيم التيمي أنه رؤي عليه قميص جديد فقال بعض إخوانه من أين لك هذا فقال كسانيه أخي خيثمة ولو علمت أن أهله علموا به ما قبلته الثالث إعانة المعطي على إسرار العمل فإن فضل السر على الجهر في الإعطاء أكثر والإعانة على إتمام المعروف معروف والكتمان لا يتم إلا باثنين فمهما أظهر هذا انكشف أمر المعطي ودفع رجل إلى بعض العلماء شيئا ظاهرا فرده إليه ودفع إليه آخر شيئا في السر فقبله فقيل له في ذلك فقال إن هذا عمل الأدب في إخفاء معروفه فقبلته وذاك أساء أدبه في عمله فرددته عليه وأعطى رجل لبعض الصوفية شيئا في الملأ فرده فقال له لم ترد على الله عز وجل ما أعطاك فقال إنك أشركت غير الله سبحانه فيما كان لله تعالى ولم تقنع بالله عز وجل فرددت عليك شركك وقبل بعض العارفين في السر شيئا كان رده في العلانية فقيل له في ذلك فقال عصيت الله بالجهر فلم أك عونا لك على المعصية وأطعته بالإخفاء فأعنتك على برك وقال الثوري لو علمت أن أحدكم لا يذكر صدقته ولا يتحدث بها لقبلت صدقته الرابع أن في إظهار الأخذ ذلا وامتهانا وليس للمؤمن أن يذل نفسه كان بعض العلماء يأخذ في السر ولا يأخذ في العلانية ويقول إن في إظهاره إذلالا للعلم وامتهانا لأهله فما كنت بالذي أرفع شيئا من الدنيا بوضع العلم وإذلال أهله الخامس الاحتراز عن شبهة الشركة قال صلى الله عليه وسلم من أهدى له هدية وعنده قوم فهم شركاؤه فيها حديث من أهدى له هدية وعنده قوم فهم شركاؤه فيها أخرجه العقيلي وابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط والبيهقي من حديث ابن عباس قال العقيلي لا يصح في هذا المتن حديث وبأن يكون ورقا أو ذهبا لا يخرج عن كونه هدية قال صلى الله عليه وسلم أفضل ما يهدي الرجل إلى أخيه ورقا أو يطعمه خبزا حديث أفضل ما يهدي الرجل إلى أخيه ورقا أو يعطيه خبزا أخرجه ابن عدي وضعفه من حديث ابن عمر أفضل العمل عند الله أن يقضي عن مسلم دينه أو يدخل عليه سرورا أو يطعمه خبزا ولأحمد والترمذي وصححه من حديث البراء من منح منحة ورق أو منحة لبن أو أهدى رقاقا فهو كعتاق نسمة فجعل الورق هدية بانفراده فما يعطى في الملأ مكروه إلا برضا جميعهم ولا يخلو عن شبهة فإذا انفرد سلم من هذه الشبهة أما الإظهار والتحدث به ففيه معان أربعة الأول الإخلاص والصدق والسلامة عن تلبيس الحال والمراءاة والثاني إسقاط الجاه والمنزلة وإظهار العبودية والمسكنة والتبري عن الكبرياء ودعوى الاستغناء وإسقاط النفس من أعين الخلق قال بعض العارفين لتلميذه أظهر الأخذ على كل حال إن كنت آخذ فإنك لا تخلو عن أحد رجلينرجل تسقط من قلبه إذا فعلت ذلك فذلك هو المراد لأنه أسلم لدينك وأقل لآفات نفسك أو رجل تزداد في قلبه بإظهارك الصدق فذلك الذي يريده أخوك لأنه يزداد ثوابا بزيادة حبه لك وتعظيمه إياك فتؤجر أنت إذ كنت سبب مزيد ثوابه الثالث هو أن العارف لا نظر له إلا إلى الله عز وجل والسر والعلانية في حقه واحد فاختلاف الحال شرك في التوحيد قال بعضهم كنا لا نعبأ بدعاء من يأخذ في السر ويرد في العلانية والالتفات إلى الخلق حضروا أم غابوا نقصان في الحال بل ينبغي أن يكون النظر مقصور على الواحد الفرد حكي أن بعض الشيوخ كان كثير الميل إلى واحد من جملة المريدين فشق على الآخرين فأراد أن يظهر لهم فضيلة ذلك المريد فأعطى كل واحد منهم دجاجة وقال لينفرد كل واحد منكم بها وليذبحها حيث لا يراه أحد فانفرد كل واحد وذبح إلا ذلك المريد فإنه رد الدجاجة فسألهم فقالوا فعلنا ما أمرنا به الشيخ فقال الشيخ للمريد ما لك لم تذبح كما ذبح أصحابك فقال ذلك المريد لم أقدر على مكان لا يراني فيه أحد فإن الله يراني في كل موضع فقال الشيخ لهذا أميل إليه لأنه لا يلتفت لغير الله عز وجل الرابع أن الإظهار إقامة لسنة الشكر وقد قال تعالى وأما بنعمة ربك فحدث والكتمان كفران النعمة وقد ذم الله عز وجل من كتم ما آتاه الله عز وجل وقرنه بالبخل فقال تعالى الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وقال صلى الله عليه وسلم إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب أن ترى نعمته عليه حديث إذا أنعم الله تعالى على عبد نعمة أحب أن ترى عليه أخرجه أحمد من حديث عمران بن حصين بسند صحيح وحسنه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وأعطى رجل بعض الصالحين شيئا في السر فرفع به يده وقال هذا من الدنيا والعلانية فيها أفضل والسر في أمور الآخرة أفضل ولذلك قال بعضهم إذا أعطيت في الملأ فخذ ثم اردد في السر والشكر فيه محثوث عليه قال صلى الله عليه وسلم من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل حديث من لم يشكر الناس لم يشكر الله تقدم والشكر قائم مقام المكافأة حتى قال صلى الله عليه وسلم من أسدى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تستطيعوا فأثنوا عليه به خيرا وادعوا له حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه ولما قال المهاجرين في الشكر يا رسول الله ما رأينا خيرا من قوم نزلنا عندهم قاسمونا الأموال حتى خفنا أن يذهبوا بالأجر كله فقال صلى الله عليه وسلم كل ما شكرتم لهم وأثنيتم عليهم به فهو مكافإة حديث قالت المهاجرون يا رسول الله ما رأينا خيرا من قوم نزلنا عليهم الحديث أخرجه الترمذي وصححه من حديث أنس ورواه مختصرا أبو داود والنسائي في اليوم والليلة والحاكم وصححه ابن ماجه فالآن إذا عرفت هذه المعاني فاعلم أن ما نقل من اختلاف الناس فيه ليس اختلافا في المسئلة بل هو اختلاف حال فكشف الغطاء في هذا أنا لا نحكم حكما بتا بأن الإخفاء أفضل في كل حال أو الإظهار أفضل بل يختلف ذلك باختلاف النيات وتختلف النيات باختلاف الأحول والأشخاص فينبغي أن يكون المخلص مراقبا لنفسه حتى لا يتدلى بحبل الغرور ولا ينخدع بتلبيس الطبع ومكر الشيطان والمكر والخداع أغلب في معاني الإخفاء منه في الإظهار مع أن له دخلا في كل واحد منهما فأما مدخل الخداع في الإسرار فمن ميل الطبع إليه لما فيه من في خفض الجاه والمنزلة وسقوط القدر عن أعين الناس ونظر الخلق إليه بعين الازدراء وإلى المعطي بعين المنعم المحسن فهذا هو الداء الدفين ويستكن في النفس وللشيطان بواسطته يظهر معاني الخير حتى يتعلل بالمعاني الخمسة التي ذكرناها ومعيار كل ذلك ومحكه أمر واحد وهو أن يكون تألمه بانكشاف أخذه الصدقة كتألمه بانكشاف صدقة أخذها بعض نظرائه وأمثاله فإنه إن كان يبغي صيانة الناس عن الغيبة والحسد وسوء الظن أو يتقيانتهاك الستر أو إعانة المعطي على الإسرار أو صيانة العلم عن الابتذال فكل ذلك مما يحصل بانكشاف صدقة أخيه فإن كان انكشاف أمره أثقل عليه من انكشاف أمر غيره فتقديره الحذر من هذه المعاني أغاليظ وأباطيل من مكر الشيطان وخدعه فإن إذلال العلم محذور من حيث إنه علم لا من حيث إنه علم زيد أو علم عمرو والغيبة محذورة من حيث إنها تعرض لعرض مصون لا من حيث إنها تعرض لعرض زيد على الخصوص ومن أحسن من ملاحظة مثل هذا ربما يعجز الشيطان عنه وإلا فلا يزال كثير العمل قليل الحظ وأما جانب الإظهار فميل الطبع إليه من حيث إنه تطييب لقلب المعطي واستحثاث له على مثله وإظهاره عند غيره أنه من المبالغين في الشكر حتى يرغبوا في إكرامه وتفقده وهذا داء دفين في الباطن والشيطان لا يقدر على المتدين إلا بأن يروج عليه هذا الخبث في معرض السنة ويقول له الشكر من السنة والإخفاء من الرياء ويورد عليه المعاني التي ذكرناها ليحمله على الإظهار وقصده الباطن ما ذكرناه ومعيار ذلك ومحكه أن ينظر إلى ميل نفسه إلى الشكر حيث لا ينتهي الخبر إلى المعطي ولا إلى من يرغب في عطائه وبين يدي جماعة يكرهون إظهار العطية ويرغبون في إخفائها وعادتهم أنهم لا يعطون إلا من يخفى ولا يشكر فإن استوت هذه الأحوال عنده فليعلم أن باعثه هو إقامة السنة في الشكر والتحدث بالنعمة وإلا فهو مغرور ثم إذا علم أن باعثه السنة في الشكر فلا ينبغي أن يغفل عن قضاء حق المعطي فينظر فإن كان هو ممن يحب الشكر والنشر فينبغي أن يخفى ولا يشكر لأن قضاء حقه أن لا ينصره على الظلم وطلبه الشكر ظلم وإذا علم من حاله أنه لا يحب الشكر ولايقصده فعند ذلك يشكره ويظهر صدقته ولذلك قال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي مدح بين يديه ضربتم عنقه لو سمعها ما أفلح حديث قال للرجل الذي مدح بين يديه ضربتم عنقه لو سمعها ما أفلح متفق عليه من حديث أبي بكرة بلفظ ويحك قطعت عنق صاحبك زاد الطبراني في رواية والله لو سمعها ما أفلح أبدا وفي سنده علي بن زيد بن جدعان متكلم فيه وابن ماجه نحوه من حديث أبي موسى مع أنه صلى الله عليه وسلم كان يثني على قوم في وجوههم لثقته بيقينهم وعلمه بأن ذلك لا يضرهم بل يزيد في رغبتهم في الخير فقال لواحد إنه سيد أهل الوبر حديث إنه سيد الوبر أخرجه العنبري والطبراني وابن قانع في معاجمهم وابن حبان في الثقات من حديث قيس بن عاصم المقري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذلك وقال صلى الله عليه وسلم في آخر إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه حديث إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عمر ورواه أبو داود في المراسيل من حديث الشعبي مرسلا بسند صحيح وقال روى متصلا وهو ضعيف والحاكم نحوه من حديث معبد بن خالد الأنصاري عن أبيه وصحح إسناده وسمع كلام رجل فأعجبه فقال صلى الله عليه وسلم إن من البيان لسحرا حديث إن من البيان لسحرا أخرجه البخاري من حديث ابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم إذا علم أحدكم من أخيه خيرا فليخبره فإنه يزداد رغبة في الخير حديث إذا علم أحدكم من أخيه خيرا فليخبره فإنه يزداد رغبة في الخير أخرجه الدار قطني في العلل من رواية ابن المسيب عن أبي هريرة وقال لايصح عن الزهري وروي عن ابن المسيب مرسلا وقال صلى الله عليه وسلم إذا مدح المؤمن ربا الإيمان في قلبه حديث إذا مدح المؤمن ربا الإيمان في قلبه أخرجه الطبراني من حديث أسامة بن زيد بسند ضعيف وقال الثوري من عرف نفسه لم يضره مدح الناس وقال أيضا ليوسف بن أسباط إذا أوليتك معروفا كنت أنا أسر به منك ورأيت ذلك نعمة من الله عز وجل علي فاشكر وإلا فلا تشكر ورقائق هذه المعاني ينبغي أن يلحظها من يراعى قلبه فإن أعمال الجوارح مع إهمال هذه الدقائق ضحكة للشيطان وشماته له لكثرة التعب وقلة النفع ومثل هذا العلم هو الذي يقال فيه إن تعلم مسألة واحدة منه أفضل من عبادة سنة إذ بهذا العلم تحيا عبادة العمل وبالجهل به تموت عبادة العمل كله وتتعطل وعلى الجملة فالأخذ في الملأ والرد في السر أحسن المسالك وأسلمها فلا ينبغي أن يدفع بالتزويقات إلا أن تكمل المعرفةبحيث يستوي السر والعلانية وذلك هو الكبريت الأحمر الذي يتحدث به ولا يرى نسأل الله الكريم حسن العون والتوفيق بيان الأفضل من أخذ الصدقة أو الزكاة كان إبراهيم الخواص والجنيد وجماعة يرون أن الأخذ من الصدقة أفضل فإن في أخذ الزكاة مزاحمة للمساكين وتضييقا عليهم ولأنه ربما لا يكمل في أخذه صفة الاستحقاق كما وصف في الكتاب العزيز وأما الصدقة فالأمر فيها أوسع وقال قائلون بأخذ الزكاة دون الصدقة لأنها إعانة على الواجب ولو ترك المساكين كلهم أخذ الزكاة لأثموا ولأن الزكاة لامنه فيها وإنما هو حق واجب لله سبحانه رزقا لعبادة المحتاجين ولأنه أخذ بالحاجة والإنسان يعلم حاجة نفسه قطعا وأخذ الصدقة أخذ بالدين فإن الغالب أن المتصدق يعطى من يعتقد فيه خيرا ولأن مرافقة المساكين أدخل في الذل والمسكنة وأبعد من التكبر إذ قد يأخذ الإنسان الصدقة في معرض الهدية فلا تتميز عنه وهذا تنصيص على ذل الأخذ وحاجته والقول الحق في هذا يختلف بأحوال الشخص وما يغلب عليه وما يحضره من النية فإن كان في شبهة من اتصافه بصفة الاستحقاق فلا ينبغي أن يأخذ الزكاة فإذا علم أنه مستحق قطعا إذا حصل عليه دين صرفه إلى خير وليس له وجه في قضائه فهو مستحق قطعا فإذا خير هذا بين الزكاة وبين الصدقة فإذا كان صاحب الصدقة لا يتصدق بذلك المال لو لم يأخذه هو فليأخذ الصدقة فإن الزكاة الواجبة يصرفها صاحبها إلى مستحقها ففي ذلك تكثير للخير وتوسيع على المساكين وإن كان المال معرضا للصدقة ولم يكن في أخذ الزكاة تضييق على المساكين فهو مخير والأمر فيهما يتفاوت وأخذ الزكاة أشد في كسر النفس وإذلالها في أغلب الأحوال والله أعلم كمل كتاب أسرار الزكاة بحمد الله وعونه وحسن توفيقه ويتلوه إن شاء الله تعالى كتاب أسرار الصوم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى الملائكة والمقربين من أهل السموات والأرضين وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين والحمد لله وحده وحسبنا الله ونعم الوكيل. | |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:50 am | |
| كتاب أسرار الصوم وهو الكتاب السادس من ربع العبادات بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أعظم على عباده المنة ، بما دفع عنهم كيد الشيطان وفنه ، ورد أمله وخيب ظنه ، إذ جعل الصوم حصنا لأوليائه وجنة ، وفتح لهم به أبواب الجنة ، وعرفهم أن وسيلة الشيطان إلى قلوبهم الشهوات المستكنة ، وإن بقمعها تصبح النفس المطمئنة ظاهرة الشوكة في قصم خصمها قوية المنة ، والصلاة على محمد قائد الخلق ، وممهد السنة ، وعلى آله وأصحابه ذوي الأبصار الثاقبة والعقول المرجحة وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد : فإن الصوم ربع الإيمان بمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم : (( الصوم نصف الصبر )) وبمقتضى قوله صلى الله عليه وسلم : (( الصبر نصف الإيمان )) .
ثم هو متميز بخاصية النسبة إلى الله تعالى من بين سائر الأركان إذ قال الله تعالى فيما حكاه عنه نبيه صلى الله عليه وسلم : (( كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام ، فإنه لي وأنا أجزي به )) وقد قال الله تعالى : ﴿ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ﴾ (الزمر : 10)) والصوم نصف الصبر فقد جاوز ثوابه قانون التقدير والحساب وناهيك في معرفة فضله قوله صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك يقول الله عز وجل إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه لأجلي فالصوم لي وأنا أجزي به )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( للجنة باب يقال له الريال لا يدخله إلا الصائمون وهو موعود بلقاء الله تعالى في جزء صومه )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( للصائم فرحتان : فرحة عند إفطاره ، وفرحة عند لقاء ربه )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( لكل شيء باب وباب العبادة الصوم )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( نوم الصائم عبادة )) وروى أبو هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وصفدت الشياطين ونادى مناد يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر )) وقال وكيع في قوله تعالى : ﴿ كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ﴾ (الحاقة : 24) هي أيام الصيام إذ تركوا فيها الأكل والشرب ، وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رتبة المباهاة بين الزهد في الدنيا وبين الصوم فقال : (( إن الله تعالى يباهي ملائكته بالشاب العابد فيقول أيها الشاب التارك شهوته لأجلي المبذل شبابه لي أنت عندي كبعض ملائكتي )) وقال صلى الله عليه وسلم في الصائم : (( يقول الله عز وجل : انظروا يا ملائكتي إلى عبدي ترك شهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي )) وقيل في قوله تعالى : ﴿ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون ﴾ (السجدة : 17) قيل كان عملهم الصيام لأنه قال : ﴿ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ﴾ (الزمر : 10) فيفرغ للصائم جزاؤه إفراغا ويجازف جزافا فلا يدخل تحت وهم وتقدير ، وجدير بأن يكون كذلك ؛ لأن الصوم إنما كان له ومشرفا بالنسبة إليه وإن كانت العبادات كلها له كما شرف البيت بالنسبة إلى نفسه والأرض كلها له لمعنيين أحدهما : أن الصوم كف وترك وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يشاهد ، وجميع أعمال الطاعات بمشهد من الخلق ومرأى ، والصوم لا يراه إلا الله عز وجل فإنه عمل في الباطن بالصبر المجرد . والثاني : أنه قهر لعدو الله عز وجل فإن وسيلة الشيطان لعنه الله الشهوات ، وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع )) ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها : (( داومي قرع باب الجنة ، قالت : بماذا ؟ قال صلى الله عليه وسلم : بالجوع )) وسيأتي فضل الجوع في كتاب شره الطعام ، وعلاجه من ربع المهلكات . فلما كان الصوم على الخصوص قمعا للشيطان وسدا لمسالكه وتضييقا لمجاريه استحق التخصيص بالنسبة إلى الله عز وجل ففي قمع عدو الله نصرة لله سبحانه وناصر الله تعالى موقوف على النصرة له قال الله تعالى : ﴿ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ﴾ (محمد : 7) فالبداية بالجهد من العبد والجزاء بالهداية من الله عز وجل ، ولذلك قال تعالى : ﴿ والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ﴾ (العنكبوت : 69) وقال تعالى : ﴿ إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ﴾ (الرعد : 11) وإنما التغير تكثير الشهوات فهي مرتع الشياطين ومرعاهم فما دامت مخصبة لم ينقطع ترددهم وما داموا يترددون لم ينكشف للعبد جلال الله سبحانه وكان محجوبا عن لقائه ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السموات )) فمن هذا الوجه صار الصوم باب العبادة وصار جنة وإذا عظمت فضيلته إلى هذا الحد فلا بد من بيان شروطه الظاهرة والباطنة بذكر أركانه وسننه وشروطه الباطنة ونبين ذلك بثلاثة فصول .
عدل سابقا من قبل الأنصاري في الأربعاء 11 يناير 2012, 8:00 am عدل 1 مرات | |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:52 am | |
|
الفصل الأول : في الواجبات والسنن الظاهرة واللوازم بإفساده أما الواجبات الظاهرة فستة
( الأول ) : مراقبة أول شهر رمضان وذلك برؤية الهلال فإن غم فاستكمال ثلاثين يوما من شعبان ونعني بالرؤية العلم " ويحصل ذلك بقول عدل واحد " ولا يثبت هلال شوال إلا بقول عدلين احتياطا للعبادة ومن سمع عدلا ووثق بقوله وغلب على ظنه صدقه لزمه الصوم وإن لم يقض القاضي به فليتبع كل عبد في عبادته موجب ظنه ، وإذا رؤي الهلال ببلدة ولم ير بأخرى وكان بينهما أقل من مرحلتين وجب الصوم على الكل ، وإن كان أكثر كان لكل بلدة حكمها ولا يتعدى الوجوب . ( الثاني ) : النية : ولا بد لكل ليلة من نية مبيتة معينة جازمة فلو نوى أن يصوم شهر رمضان دفعة واحدة لم يكفه ، وهو الذي عنينا بقولنا " كل ليلة " ولو نوى بالنهار لم يجزه صوم رمضان ولا صوم الفرض إلا التطوع وهو الذي عنينا بقولنا " مبيتة " ولو نوى الصوم مطلقا أو الفرض مطلقا لم يجزه حتى ينوي فريضة الله عز وجل صوم رمضان ولو نوى ليلة الشك أن يصوم غدا إن كان من رمضان لم يجزه فإنها ليست جازمة إلا أن تستند نيته إلى قول شاهد عدل ، واحتمال غلط العدل أو كذبه لايبطل الجزم أو يستند إلى استصحاب حال كالشك في الليلة الأخيرة من رمضان ، فذلك لا يمنع جزم النية أو يستند إلى اجتهاد كالمحبوس في المطمورة إذا غلب على ظنه دخول رمضان باجتهاده فشكه لا يمنعه من النية . ومهما كان شاكا ليلة الشك لم ينفعه جزمه النية باللسان فإن النية محلها القلب . ولا يتصور فيه جزم القصد مع الشك كما لو قال في وسط رمضان أصوم غدا إن كان من رمضان فإن ذلك لايضره لأنه ترديد لفظ ومحل النية لا يتصور فيه تردد ، بل هو قاطع بأنه من رمضان ، ومن نوى ليلا ثم أكل لم تفسد نيته ، ولو نوت امرأة في الحيض ثم طهرت قبل الفجر صح صومها . ( الثالث ) : الإمساك عن إيصال شيء إلى الجوف عمدا مع ذكر الصوم فيفسد صومه بالأكل والشرب والسعوط والحقنة ، ولا يفسد بالفصد والحجامةوالاكتحال ، وإدخال الميل في الأذن والإحليل إلا أن يقطر فيه ما يبلغ المثانة وما يصل بغير قصد من غبار الطريق أو ذبابة تسبق إلى جوفه أو ما يسبق إلى جوفه في المضمضة ، فلا يفطر إلا إذا بالغ في المضمضة فيفطر لأنه مقصر وهو الذي أردنا بقولنا " عمدا " فأما ذكر الصوم فأردنا به الاحتراز عن الناسي فإنه لايفطر ، أما من أكل عامدا في طرفي النهار ثم ظهر له أنه أكل نهارا بالتحقيق فعليه القضاء وإن بقى على حكم ظنه واجتهاده فلا قضاء عليه ولا ينبغي أن يأكل في طرفى النهار إلا بنظر واجتهاد . ( الرابع ) : الإمساك عن الجماع وحده مغيب الحشفة ، وإن جامع ناسيا لم يفطر ، وإن جامع ليلا أو احتلم فأصبح جنبا لم يفطر ، وإن طلع الفجر وهو مخالط أهله فنزع في الحال صح صومه ، فإن صبر فسد ولزمته الكفارة . ( الخامس ) : الإمساك عن الاستمناء ؛ وهو إخراج المني قصدا بجماع أو بغير جماع فإن ذلك يفطر ولا يفطر بقبلة زوجته ولا بمضاجعتها ما لم ينزل ، لكن يكره ذلك إلا أن يكون شيخا أو مالكا لإربه ، فلا بأس بالتقبيل وتركه أولى . وإذا كان يخاف من التقبيل أن ينزل فقبل وسبق المني أفطر لتقصيره . ( السادس ) : الإمساك عن إخراج القيء فالاستقاء يفسد الصوم وإن ذرعه القيء لم يفسد صومه ، وإذا ابتلع نخامة من حلقه أو صدره لم يفسد صومه رخصة لعموم البلوى به إلا أن يبتلعه بعد وصوله إلى فيه فإنه يفطر عند ذلك .
وأما لوازم الإفطار فأربعة
القضاء والكفارة والفدية وإمساك بقية النهار تشبيها بالصائمين ؛ أما القضاء : فوجوبه عام على كل مسلم مكلف ترك الصوم بعذر أو بغير عذر ، فالحائض تقضي الصوم وكذا المرتد . وأما الكافر والصبي والمجنون فلا قضاء عليهم ولا يشترط التتابع في قضاء رمضان ولكن يقضي كيف شاء متفرقا ومجموعا . وأما الكفارة : فلا تجب إلا بالجماع ، وأما الاستمناء والأكل والشرب وما عدا الجماع لا يجب به كفارة فالكفارة عتق رقبة فإن أعسر فصوم شهرين متتابعين وإن عجز فإطعام ستين مسكينا مدا مدا . وأما إمساك بقية النهار : فيجب على من عصى بالفطر أو قصر فيه . ولا يجب على الحائض إذا طهرت إمساك بقية نهارها ، ولا على المسافر إذا قدم مفطرا من سفر بلغ مرحلتين . ويجب الإمساك إذا شهد بالهلال عدل واحد يوم الشك ، والصوم في السفر أفضل من الفطر إلا إذا لم يطق ولا يفطر يوم يخرج وكان مقيما في أوله ولا يوم يقدم إذا قدم صائما . وأما الفدية : فتجب على الحامل والمرضع إذا أفطرتا خوفا على ولديهما ، لكل يوم مد حنطة لمسكين واحد مع القضاء والشيخ الهرم ، إذا لم يصم تصدق عن كل يوم مدا . وأما السنن فست : تأخير السحور ، وتعجيل الفطر بالتمر أو الماء قبل الصلاة ، وترك السواك بعد الزوال ، والجود في شهر رمضان لما سبق من فضائله في الزكاة ، ومدارسة القرآن ، والاعتكاف في المسجد لا سيما في العشر الأخير فهو عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كان إذا دخل العشر الأواخر طوى الفراش وشد المئزر ودأب وأدأب أهله )) أي : أداموا النصب في العبادة إذ فيها ليلة القدر والأغلب أنها في أوتارها وأشبه الأوتار ليلة إحدى وثلاث وخمس وسبع ، والتتابع في هذا الاعتكاف أولى فإن نذر اعتكافا متتابعا ، أو نواه انقطع تتابعه بالخروج منغير ضرورة ، كما لو خرج لعيادة أو شهادة أو جنازة أو زيارة أو تجديد طهارة ، وإن خرج لقضاء الحاجة لم ينقطع ، وله أن يتوضأ في البيت ولا ينبغي أن يعرج على شغل آخر (( كان صلى الله عليه وسلم لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولا يسأل عن المريض إلا مارا )) ويقطع التتابع بالجماع ولا ينقطع بالتقبيل ، ولا بأس في المسجد بالطيب وعقد النكاح وبالأكل والنوم وغسل اليد في الطست فكل ذلك قد يحتاج إليه في التتابع ، ولا ينقطع التتابع بخروج بعض بدنه (( كان صلى الله عليه وسلم يدني رأسه فترجله عائشة رضي الله عنها وهي في الحجرة )) ومهما خرج المعتكف لقضاء حاجته فإذا عاد ينبغي أن يستأنف النية إلا إذا كان قد نوى أولا عشرة أيام مثلا ، والأفضل مع ذلك التجديد .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:52 am | |
|
الفصل الثاني : في أسرار الصوم وشروطه الباطنة
اعلم أن الصوم ثلاث درجات : صوم العموم ، وصوم الخصوص ، وصوم خصوص الخصوص . وأما صوم العموم : فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة كما سبق تفصيله . وأما صوم الخصوص : فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام . وأما صوم خصوص الخصوص : فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية ، ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر فيما سوى الله عز وجل واليوم الآخر وبالفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين ، فإن ذلك من زاد الآخرة وليس من الدنيا حتى قال أرباب القلوب : من تحركت همته بالتصرف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه كتبت عليه خطيئة ، فإن ذلك من قلة الوثوق بفضل الله عز وجل وقلة اليقين برزقه الموعود ، وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين ولا يطول النظر في تفصيلها قولا ولكن في تحقيقها عملا ، فإنه إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه وتلبس بمعنى قوله عز وجل : ﴿ قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ﴾ (الأنعام : 91) وأما صوم الخصوص : وهو صوم الصالحين فهو كف الجوارح عن الآثام وتمامه بستة أمور : ( الأول ) : غض البصر وكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يذم ويكره وإلى كل ما يشغل القلب ويلهي عن ذكر الله عز وجل ، قال صلى الله عليه وسلم : (( النظرة سهم مسموم من سهام إبليس لعنه الله ، فمن تركها خوفا من الله آتاه الله عز وجل إيمانا يجد حلاوته في قلبه )) وروى جابر عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( خمس يفطرن الصائم : الكذب والغيبة والنميمة واليمين الكاذبة والنظر بشهوة )) . ( الثاني ) : حفظ اللسان عن الهذبان والكذب والغيبة والنميمة والفحش والجفاء والخصومة والمراء ، وإلزامه السكوت وشغله بذكر الله سبحانه وتلاوة القرآن فهذا صوم اللسان ، وقد قال سفيان : الغيبة تفسد الصوم رواه بشر بن الحارث عنه ، وروى ليث عن مجاهد : خصلتان يفسدان الصيام : الغيبة والكذب . وقال صلى الله عليه وسلم : (( إنما الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما فلا يرفث ولا يجهل وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم إني صائم )) وجاء في الخبر : أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجهدهما الجوع والعطش من آخر النهار حتى كادتا أن تتلفا فبعثتا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذناه في الإفطار فأرسل إليهما قدحا وقال صلى الله عليه وسلم : (( قل لهما قيئا فيه ما أكلتما )) فقاءت إحداهما نصفه دما عبيطا ولحما غريضا ، وقاءت الأخرى مثل ذلك حتى ملأتاه فعجب الناس من ذلك فقال صلى الله عليه وسلم : (( هاتان صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا على ما حرم الله تعالى عليهما قعدت إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يغتابان الناس فهذا ما أكلتا من لحومهم )) ( الثالث ) : كف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت فقال تعالى : ﴿ سماعون للكذب أكالون للسحت ﴾ (المائدة : 42) وقال عز وجل : ﴿ لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت ﴾ (المائدة : 63) ، فالسكوت على الغيبة حرام وقال تعالى : ﴿ إنكم إذا مثلهم ﴾ (النساء : 140) ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : (( المغتاب والمستمع شريكان في الإثم )) . ( الرابع ) : كف بقية الجوارح عن الآثام من اليد والرجل عن المكاره ، وكف البطن عن الشبهات وقت الإفطار ، فلا معنى للصوم وهو الكف عن الطعام الحلال ثم الإفطار على الحرام فمثال هذا الصائم مثال من يبني قصرا ويهدم مصرا ، فإن الطعام الحلال إنما يضر بكثرته لا بنوعه ، فالصوم لتقليله ، وتارك الاستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها ، والحرام سم مهلك للدين ، والحلال دواء ينفع قليله ويضر كثيره . وقصد الصوم تقليله وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش )) فقيل هو الذي يفطر على الحرام ، وقيل هو الذي يمسك عن الطعام الحلال ويفطر على لحوم الناس بالغيبة وهو حرام ، وقيل هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام . ( الخامس ) : أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار بحيث يمتلىء جوفه فما من وعاء أبغض إلى الله عز وجل من بطن مليء من حلال . وكيف يستفاد من الصوم قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره ، وربما يزيد عليه في ألوان الطعام ؟ حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر ، ومعلوم أن مقصود الصوم الخواء وكسر الهوى لتقوى النفس على التقوى . وإذا دفعت المعدة من ضحوة نهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتها وقويت رغبتها ثم أطعمت من اللذات وأشبعت زادت لذتها وتضاعفت قوتها وانبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها ، فروح الصوم وسره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور ، ولن يحصل ذلك إلا بالتقليل وهو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلا فلم ينتفع بصومه . بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع والعطش ويستشعر ضعف القوى فيصفو عند ذلك قلبه ويستديم في كل ليلة قدرا من الضعف حتى يخف عليه تهجده وأوراده فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء ، وليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت وهو المراد بقوله تعالى : ﴿ إنا أنزلناه في ليلة القدر ﴾ (القدر : 1) ومن جعل بين قلبه وبين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب ، ومن أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير الله عز وجل وذلك هو الأمر كله . ومبدأ جميع ذلك تقليل الطعام ، وسيأتي له مزيد بيان في كتاب الأطعمة إن شاء الله عز وجل . ( السادس ) : أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف والرجاء إذ ليس يدرى أيقبل صومه فهو من المقربين ؟ أو يرد عليه فهو من الممقوتين ؟ وليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغمنها فقد روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم وهم يضحكون فقال : إن الله عز وجل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته فسبق قوم ففازوا وتخلف أقوام فخابوا فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون وخاب فيه المبطلون ، أما والله لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته أي : كان سرور المقبول يشغله عن اللعب وحسرة المردود تسد عليه باب الضحك . وعن الأحنف بن قيس أنه قيل له : إنك شيخ كبير ، وإن الصيام يضعفك ، فقال : إني أعده لسفر طويل والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه . فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم . فإن قلت : فمن اقتصر على كف شهوة البطن والفرج وترك هذه المعاني ، فقد قال الفقهاء : صومه صحيح فما معناه ؟ فاعلم أن فقهاء الظاهر يثبتون شروط الظاهر بأدلة هي أضعف من هذه الأدلة التي أوردناها في هذه الشروط الباطنة لا سيما الغيبة وأمثالها ، ولكن ليس إلى فقهاء الظاهر من التكليفات إلا ما يتيسر على عموم الغافلين المقبلين على الدنيا الدخول تحته . فأما علماء الآخرة فيعنون بالصحة القبول وبالقبول الوصول إلى المقصود . ويفهمون أن المقصود من الصوم التخلق بخلق من أخلاق الله عز وجل وهو الصمدية ، والاقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان فإنهم منزهون عن الشهوات ، والإنسان رتبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهوته ودون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه وكونه مبتلى بمجاهدتها ، فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين والتحق بغمار البهائم ، وكلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين والتحق بأفق الملائكة ، والملائكة مقربون من الله عز وجل والذي يقتدى بهم ويتشبه بأخلاقهم يقرب من الله عز وجل كقربهم ، فإن الشبيه من القريب قريب ، وليس القريب ثم بالمكان بل بالصفات ، وإذا كان هذا سر الصوم عند أرباب الألباب وأصحاب القلوب فأي جدوى لتأخير أكلة وجمع أكلتين عند العشاء مع الإنهماك في الشهوات الآخر طول النهار ؟ ولو كان لمثله جدوى فأي معنى لقوله صلى الله عليه وسلم : (( كم من صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش )) ولهذا قال أبو الدرداء : يا حبذا نوم الأكياس وفطرهم كيف لا يعيبون صوم الحمقى وسهرهم ، ولذرة من ذوي يقين وتقوى أفضل وأرجح من أمثال الجبال عبادة من المغتربين . ولذلك قال بعض العلماء : كم من صائم مفطر وكم من مفطر صائم . والمفطر الصائم هو الذي يحفظ جوارحه عن الآثام ويأكل ويشرب ، والصائم المفطر هو الذي يجوع ويعطش ويطلق جوارحه . ومن فهم معنى الصوم وسره علم أن مثل من كف عن الأكل والجماع وأفطر بمخالطة الآثام كمن مسح على عضو من أعضائه في الوضوء ثلاث مرات فقد وافق في الظاهر العدد إلا أنه ترك المهم وهو الغسل فصلاته مردودة عليه بجهله ، ومثل من أفطر بالأكل وصام بجوارحه عن المكاره كمن غسل أعضاؤه مرة مرة فصلاته متقبلة إن شاء الله لإحكامه الأصل وإن ترك الفضل . ومثل من جمع بينهما كمن غسل كل عضو ثلاث مرات فجمع بين الأصل والفضل وهو الكمال ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته )) ولما تلا قوله عز وجل : ﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ﴾ (النساء : 58) وضع يده على سمعه وبصره فقال : (( السمع أمانة والبصر أمانة )) ولولا أنه من أمانات الصوم لما قال صلى الله عليه وسلم : (( فليقل إني صائم )) أي : إني أودعت لساني لأحفظه فكيف أطلقه بجوابك ؟ فإذن قد ظهر أن لكل عبادة ظاهرا وباطناوقشرا ولبا ولقشرها درجات ولكل درجة طبقات فإليك الخيرة الآن في أن تقنع بالقشر عن اللباب أو تتحيز إلى غمار أرباب الألباب.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:54 am | |
|
الفصل الثالث : في التطوع بالصيام وترتيب الأوراد فيه
اعلم أن استحباب الصوم يتأكد في الأيام الفاضلة وفواضل الأيام بعضها يوجد في كل سنة وبعضها يوجد في كل شهر وبعضها في كل أسبوع ، أما في السنة بعد أيام رمضان فيوم عرفة ويوم عاشوراء والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأول من المحرم ، وجميع الأشهر الحرم مظان الصوم وهي أوقات فاضلة (( وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر صوم شعبان حتى كان يظن أنه في رمضان )) ، وفي الخبر (( أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( صوم يوم من شهر حرام أفضل من ثلاثين من غيره وصوم يوم من رمضان أفضل من ثلاثين من شهر حرام )) وفي الحديث : (( من صام ثلاثة أيام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب الله له بكل يوم عبادة تسعمائة عام )) وفي الخبر (( إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى رمضان )) ولهذا يستحب أن يفطر قبل رمضان أياما فإن وصل شعبان برمضان فجائز ( ) فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة وفصل مرارا كثيرة ( ) ولا يجوز أن يقصد استقبال رمضان بيومين أو ثلاثة إلا أن يوافق وردا له وكره بعض الصحابة أن يصام رجب كله حتى لا يضاهي بشهر رمضان فالأشهر الفاضلة : ذو الحجة والمحرم ورجب وشعبان . والأشهر الحرم : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب . واحد فرد وثلاثة سرد ، وأفضلها ذو الحجة لأن فيه الحج والأيام المعلومات والمعدودات وذو القعدة من الأشهر الحرم وهو من أشهر الحج . وشوال من أشهر الحج وليس من الحرم ، والمحرم ورجب ليسا من أشهر الحج ، وفي الخبر (( ما من أيام العمل فيهن أفضل وأحب إلى الله عز وجل من أيام عشر ذي الحجة إن صوم يوم منه يعدل صيام سنة وقيام ليلة منه تعدل قيام ليلة القدر ، قيل : ولا الجهاد في سبيل الله تعالى ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله عز وجل ، إلا من عقر جواده وأهريق دمه )) وأما ما يتكرر في الشهر : فأول الشهر وأوسطه وآخره ووسطه الأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر ، وأما في الأسبوع : فالإثنين والخميس والجمعة فهذه هي الأيام الفاضلة فيستحب فيها الصيام وتكثير الخيرات لتضاعف أجورها ببركة هذه الأوقات . وأما صوم الدهر : فإنه شامل للكل وزيادة وللسالكين فيه طرق فمنهم من كره ذلك إذ وردت أخبار تدل على كراهته ، والصحيح أنه إنما يكره لشيئين : أحدهما : أن لا يفطر في العيدين وأيام التشريق فهو الدهر كله ( ) والآخر أن يرغب عن السنة في الإفطار ويجعل الصوم حجرا على نفسه مع أن الله سبحانه يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه ، فإذا لم يكن شيء من ذلك ورأى صلاح نفسه في صوم الدهر فليفعل ذلك ، فقد فعله جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم . وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو موسى الأشعري : (( من صام الدهر كله ضيقت عليه جهنم وعقد تسعين )) ومعناه : لم يكن له فيها موضع ، ودونه درجة أخرى وهو صوم نصف الدهر بأن يصوم يوما ويفطر يوما وذلك أشد على النفس وأقوى في قهرها ، وقد ورد في فضله أخبار كثيرة لأن العبد فيه بين صوم يوم وشكر يوم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : (( عرضت علي مفاتيح خزائن الدنيا وكنوز الأرض فرددتها وقلت : أجوع يوما وأشبع يوما ، أحمدك إذا شبعت وأتضرع إليك إذا جعت )) وقال صلى الله عليه وسلم : (( أفضل الصيام صوم أخي داود ، كان يصوم ويفطر يوما )) ومن ذلك (( منازلته صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في الصوم وهو يقول : إني أطيق أكثر من ذلك ، فقال صلى الله عليه وسلم صم يوما وأفطر يوما ، فقال : إني أريد أفضل من ذلك ، قال صلى الله عليه وسلم : لا أفضل من ذلك )) وقد روي أنه صلى الله عليه وسلم ما صام شهرا كاملا قط إلا رمضان ( ) بل كان يفطر منه ومن لا يقدر على صوم نصف الدهر فلا بأس بثلثه ، وهو أن يصوم ويفطر يومين ، وإذا صام ثلاثة من من أول الشهر ، وثلاثة من الوسط ، وثلاثة من الآخر فهو ثلث ، وواقع في الأوقات الفاضلة وإن صام الإثنين والخميس والجمعة فهو قريب من الثلث وإذا ظهرت أوقات الفضيلة فالكمال في أن يفهم الإنسان معنى الصوم وأن مقصوده تصفية القلب وتفريغ الهم لله عز وجل . والفقيه بدقائق الباطن ينظر إلى أحواله فقد يقتضي حاله دوام الصوم وقد يقتضي دوام الفطر وقد يقتضي مزج الإفطار بالصوم . وإذا فهم المعنى وتحقق حده في سلوك طريق الآخرة بمراقبة القلب لم يخف عليه صلاح قلبه وذلك لا يوجب ترتيبا مستمرا . ولذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم (( كان يصوم حتى يقال لا يفطر ، ويفطر حتى يقال لا يصوم ، وينام حتى يقال لا يقوم ، ويقوم حتى يقال لا ينام )) وكان ذلك بحسب ما ينكشف له بنور النبوة من القيام بحقوق الأوقات . وقد كره العلماء أن يوالي بين الإفطار أكثر من أربعة أيام تقديرا بيوم العيد وأيام التشريق ، وذكروا أن ذلك يقسي القلب ، ويولد رديء العادات ويفتح أبواب الشهوات ، ولعمري هو كذلك في حق أكثر الخلق لا سيما من يأكل في اليوم والليل مرتين . فهذا ما أردنا ذكره من ترتيب الصوم المتطوع به . والله أعلم بالصواب .
تم كتاب (( أسرار الصوم )) والحمد لله بجميع محامده كلها ما علمنا منها وما لم نعلم ، على جميع نعمه كلها ما علمنا منها وما لم نعلم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وكرم وعلى كل عبد مصطفى من أهل الأرض والسماء . يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب (( أسرار الحج )) والله المعين لا رب غيره وما توفيقي إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 7:56 am | |
|
1 حديث (( الصوم نصف الصبر )) أخرجه الترمذي وحسنه من حديث رجل من بني سليم وابن ماجه من حديث أبي هريرة . 2 حديث (( الصبر نصف الإيمان )) أخرجه أبو نعيم في الحلية ، والخطيب في التاريخ من حديث ابن مسعود بسند حسن . 3 حديث ((كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصوم ..الحديث )) أخرجاه من حديث أبي هريرة . 4 حديث (( والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم ..الحديث)) أخرجاه من حديثه وهو بعض الذي قبله . 5 حديث (( للجنة باب يقال له الريان ..الحديث )) أخرجاه من حديث سهل بن سعد . 6 حديث (( للصائم فرحتان ..الحديث )) أخرجاه من حديث أبي هريرة . 7 حديث (( لكل شيء باب وباب العبادة الصوم)) أخرجه ابن المبارك في الزهد ، ومن طريقه أبو الشيخ في الثواب من حديث أبي الدرداء بسند ضعيف . 8 حديث (( نوم الصائم عبادة )) رويناه في أمالي ابن منده من رواية ابن المغيرة القواس عن عبد الله بن عمر بسند ضعيف ولعله عبد الله بن عمرو فإنهم لم يذكروا لابن المغيرة رواية إلا عنه ، ورواه أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس من حديث عبد الله بن أبي أوفى ، وفيه سليمان بن عمرو النخعي أحد الكذابين . 9 حديث (( إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة)) أخرجه الترمذي وقال : غريب . وابن ماجه والحاكم وصححه على شرطهما من حديث أبي هريرة ، وصحح البخاري وقفه على مجاهد وأصله متفق عليه دون قوله ((ونادى مناد)).
10 حديث (( إن الله تعالى يباهي ملائكته بالشاب العابد فيقول أيها الشاب التارك شهوته ..الحديث )) أخرجه ابن عدي من حديث ابن مسعود بسند ضعيف . 11 حديث (( يقول الله تعالى لملائكته : يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ترك شهوته ولذته وطعامه وشرابه من أجلي )) . 12 حديث (( إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ..الحديث)) متفق عليه من حديث صفية دون قوله (( فضيقوا مجاريه بالجوع )). 13 حديث (( قال لعائشة : داومي قرع باب الجنة ..الحديث )) لم أجد له أصلا . 14 حديث (( لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم ..الحديث)) أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة بنحوه .
15 حديث (( كان إذا دخل العشر الأواخر طوى الفراش ..الحديث)) متفق عليه من حديث عائشة بلفظ (( أحيا الليل وأيقظ أهله وجد وشد المئزر )) . 16 حديث (( كان لا يخرج إلا لحاجة ولا يسأل عن المريض إلا مارا )) متفق على الشطر الأول من حديث عائشة ، والشطر الثاني رواه أبو داود بنحوه بسند لين . 17 حديث (( كان يدني رأسه لعائشة )) متفق عليه من حديثها . 18 حديث (( النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ..الحديث )) أخرجه الحاكم وصحح إسناده من حديث حذيفة . 19 حديث جابر عن أنس (( خمس يفطرن الصائم ..الحديث )) أخرجه الأزدي في الضعفاء من رواية جابان عن أنس وقوله جابر تصحيف قال أبو حاتم الرازي هذا كذاب {ذكره الألباني في الضعيفة (1065) }.
20 حديث (( الصوم جنة فإذا كان أحدكم صائما ..الحديث )) أخرجاه من حديث أبي هريرة . 21 حديث (( إن امرأتين صامتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ..الحديث)) في الغيبة للصائم أخرجه أحمد من حديث عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث بسند فيه مجهول . 22 حديث (( المغتاب والمستمع شريكان في الإثم )) غريب ، وللطبراني من حديث ابن عمر بسند ضعيف نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيبة وعن الاستماع إلى الغيبة . 23 حديث (( كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش )) أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث أبي هريرة {صحيح الجامع (3490)}.
24 حديث (( إنما الصوم أمانة فليحفظ أحدكم أمانته )) أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من حديث ابن مسعود في حديث في الأمانة والصوم وإسناده حسن . 25 حديث (( لما تلا قوله تعالى ﴿ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها ﴾ وضع يده على سمعه وبصره وقال : السمع أمانة والبصر أمانة )) أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة دون قوله (( السمع أمانة )) .
26 حديث (( كان يكثر صيام شعبان ..الحديث )) متفق عليه من حديث عائشة . 27 حديث (( أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم )) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة . لأنه ابتداء السنة فبناؤها على الخير أحب وأرجى لدوام بركته . 28 حديث (( صوم يوم من شهر حرام أفضل من صوم ثلاثين ..الحديث )) لم أجده هكذا وفي المعجم الصغير للطبراني من حديث ابن عباس (( من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يوما )) . 29 حديث (( من صام ثلاثة أيام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت ..الحديث )) أخرجه الأزدي في الضعفاء من حديث أنس . 30 حديث (( إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى رمضان )) أخرجه الأربعة من حديث أبي هريرة وابن حبان في صحيحه عنه (( إذا كان النصف من شعبان فأفطروا حتى يجيء رمضان)) وصححه الترمذي . 31 حديث (( وصل شعبان برمضان مرة )) أخرجه الأربعة من حديث أم سلمة (( لم يكن يصوم من السنة شهرا تاما إلا شعبان يصل به رمضان )) وأخرج أبو داود والنسائي نحوه من حديث عائشة . 32 حديث (( فصل شعبان من رمضان مرارا )) أخرجه أبو داود من حديث عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام )) وأخرجه الدارقطني وقال : إسناده صحيح ، والحاكم وقال : صحيح على شرط الشيخين . 33 حديث (( ما من أيام العمل فيهن أفضل وأحب إلى الله من عشر ذي الحجة ..الحديث )) أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة دون قوله (( قيل : ولا الجهاد ..الخ )) وعند البخاري من حديث ابن عباس (( ما العمل في أيام أفضل من العمل في هذا العشر ، قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء )) .
34 الأحاديث الدالة على كراهة صيام الدهر أخرجها البخاري ومسلم من حديث عبد الله بن عمرو وفي حديث لابن ماجه (( لا صام من صام الأبد )) ولمسلم من حديث أبي قتادة (( قيل : يا رسول الله كيف بمن صام الدهر ؟ قال : لا صام ولا أفطر )) وأخرج النسائي نحوه من حديث عبد الله بن عمر وعمران بن حصين وعبد الله بن الشخير . 35 حديث أبي موسى الأشعري (( من صام الدهر كله ضيقت عليه جهنم هكذا وعقد تسعين )) أخرجه أحمد والنسائي في الكبرى وابن حبان وحسنه أبو علي الطوسي . 36 حديث (( عرضت علي مفاتيح خزائن الدنيا ..الحديث )) أخرجه الترمذي من حديث أبي أمامة بلفظ ((عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا )) وقال : حسن . 37 حديث (( أفضل الصيام صوم أخي داود ..الحديث )) أخرجاه من حديث عبد الله بن عمر . 38 حديث (( منازلته لعبد الله بن عمر وقوله صلى الله عليه وسلم : صم يوما وأفطر يوما ..الحديث )) أخرجاه من حديثه . 29 حديث (( ما صام شهرا كاملا قط إلا رمضان )) أخرجاه من حديث عائشة . 40 حديث (( كان يصوم حتى يقال لا يفطر ..الحديث)) أخرجاه من حديث عائشة وابن عباس دون ذكر (( القيام والنوم )) والبخاري من حديث أنس (( كان يفطر من الشهر حتى يظن أن لا يصوم منه شيئا ، ويصوم حتى يظن أن لا يفطر منه شيئا ، وكان لا تشاه تراه من الليل مصليا إلا رأيته ولا نائما إلا رأيته )) .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 8:18 am | |
|
كتاب أسرار الحج وهو الكتاب السابع من ربع العبادات بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي جعل كلمة التوحيد لعباده حرزا وحصنا وجعل البيت العتيق مثابة للناس وأمنا وأكرمه بالنسبة إلى نفسه تشريفا وتحصينا ومنا وجعل زيارته والطواف به حجابا بين العبد وبين العذاب ومجنا والصلاة على محمد نبي الرحمة وسيد الأمة وعلى آله وصحبه قادة الحق وسادة الخلق وسلم تسليما كثيرا. أما بعد فإن الحج من بين أركان الإسلام ومبانيه عبادة العمر وختام الأمر وتمام الإسلام وكمال الدين فيه أنزل الله عز وجل اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا وفيه قال صلى الله عليه وسلم من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا حديث من مات ولم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا أخرجه ابن عدي من حديث أبي هريرة والترمذي نحوه من حديث علي وقال غريب وفي إسناده مقال فأعظم بعبادة يعدم الدين بفقدها الكمال ويساوي تاركها اليهود والنصارى في الضلال وأجدر بها أن تصرف العناية إلى شرحها وتفصيل أركانها وسننها وآدابها وفضائلها وأسرارها وجملة ذلك ينكشف بتوفيق الله عز وجل في ثلاثة أبواب الباب الأول في فضائلها وفضائل مكة والبيت العتيق وجمل أركان وشرائط وجوبها الباب الثاني في أعمالها الظاهرة على الترتيب من مبدأ السفر إلى الرجوع الباب الثالث في آدابها الدقيقة وأسرارها الخفية وأعمالها الباطنة فلنبدأ بالباب الأول وفيه فصلان الفصل الأول في فضائل الحج وفضيلة البيت ومكة والمدينة حرسهما الله تعالى وشد الرحال إلى المساجد فضيلة الحج قال الله عز وجل وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق وقال قتادة لما أمر الله عز وجل إبراهيم صلى الله عليه وسلم وعلى نبينا وعلى كل عبد مصطفى أن يؤذن في الناس بالحج نادى يا أيها الناس إن الله عز وجل بنى بيتا فحجوه وقال تعالى ليشهدوا منافع لهم قيل التجارة في الموسم والأجر في الآخرة ولما سمع بعض السلف هذا قال غفر لهم ورب الكعبة وقيل في تفسير قوله عز وجل لأقعدن لهم صراطك المستقيم أي طريق مكة يقعد الشيطان عليها ليمنع الناس منها وقال صلى الله عليه وسلم من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه حديث من حج البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه أخرجاه من حديث أبي هريرة وقال أيضا صلى الله عليه وسلم ما رؤيالشيطان في يوم أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفة حديث ما رؤي الشيطان في يوم هو أصغر الحديث أخرجه مالك عن إبراهيم بن أبي عيلة عن طلحة بن عبد الله بن كريز مرسلا وما ذلك إلا لما يرى من نزول الرحمة وتجاوز الله سبحانه عن الذنوب العظام إذ يقال إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة حديث من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الوقوف بعرفة لم أجد له أصلا وقد أسنده جعفر بن محمد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بعض المكاشفين من المقربين أن إبليس لعنة الله عليه ظهر له في صورة شخص بعرفة فإذا هو ناحل الجسم مصفر اللون باكي العين مقصوف الظهر فقال له ما الذي أبكى عينك قال خروج الحاج إليه بلا تجارة أقول قد قصدوه أخاف أن لا يخيبهم فيحزنني ذلك قال فما الذي أنحل جسمك قال صهيل الخيل في سبيل الله عز وجل ولو كانت في سبيلي كان أحب إلي قال فما الذي غير لونك قال تعاون الجماعة على الطاعة ولو تعاونوا على المعصية كان أحب إلي قال فما الذي قصف ظهرك قال قول العبد أسألك حسن الخاتمة أقول يا ويلتى متى يعجب هذا بعمله أخاف أن يكون قد فطن وقال صلى الله عليه وسلم من خرج من بيته حاجا أو معتمرا فمات أجرى له أجر الحاج المعتمر إلى يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين لم يعرض ولم يحاسب وقيل له ادخل الجنة حديث من خرج من بيته حاجا أو معتمرا فمات أجرى الله له أجر الحاج المعتمر إلى يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين لم يعرض ولم يحاسب وقيل له ادخل الجنة أخرجه البيهقي في الشعب بالشطر الأول من حديث أبي هريرة وروى هو والدار قطني من حديث عائشة الشطر الثاني نحوه وكلاهما ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم حجة مبرورة خير من الدنيا وما فيها وحجة مبرورة ليس لها جزاء إلا الجنة حديث حجة مبرورة خير من الدنيا وما فيها وحجة مبرورة ليس لها جزاء إلا الجنة أخرجاه من حديث أبي هريرة الشطر الثاني بلفظ الحج المبرور وقال إن الحجة المبرورة وعند ابن عدي حجة مبرورة وقال صلى الله عليه وسلم الحجاج والعمار وفد الله عز وجل وزواره إن سألوه أعطاهم وإن استغفروه غفر لهم وإن دعوا استجيب لهم وإن شفعوا شفعوا حديث الحجاج والعمار وفد الله وزواره الحديث أخرجه من حديث أبي هريرة دون قوله وزواره ودون قوله إن سألوه أعطاهم وإن شفعوا شفعوا وله من حديث ابن عمر وسألوه فأعطاهم ورواه ابن حبان وفي حديث مسند من طريق أهل البيت عليهم السلام أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن أن الله تعالى لم يغفر له حديث أعظم الناس ذنبا من وقف بعرفة فظن أن الله لم يغفر له أخرجه الخطيب في المتفق والمفترق وأبو منصور شهر دار بن شيرويه الديلمي في مسند الفردوس من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ينزل على هذا البيت في كل يوم مائة وعشرون رحمة ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين حديث ينزل على هذا البيت في كل يوم مائة وعشرون رحمة أخرجه ابن حبان في الضعفاء والبيهقي في الشعب من حديث ابن عباس بإسناد حسن وقال أبو حاتم حديث منكر وفي الخبر استكثروا من الطواف بالبيت فإنه من أجل شيء تجدونه في صحفكم يوم القيامة وأغبط عمل تجدونه حديث استكثروا من الطواف بالبيت الحديث أخرجه ابن حبان والحاكم من حديث ابن عمر استمتعوا من هذا البيت فإنه هدم مرتين ويرفع في الثالثة وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولهذا يستحب الطواف ابتداء من غير حج ولا عمرة وفي الخبر من طاف أسبوعا حافيا حاسرا كان له كعتق رقبة ومن طاف أسبوعا في المطر غفر له ما سلف من ذنبه حديث من طاف أسبوعا حافيا حاسرا كان له كعتق رقبة ومن طاف أسبوعا في المطر غفر له ما سلف من ذنوبه لم أجده هكذا وعند الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة لفظ الترمذي وحسنه ويقال إن الله عز وجل إذا غفر لعبد ذنبا في الموقف غفره لكل من أصابه في ذلك الموقف وقال بعض السلف إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل عرفة وهو أفضليوم في الدنيا وفيه حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان واقفا إذ نزل قوله عز وجل اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا حديث وقوله وقوفه في حجة الوداع يوم الجمعة ونزول اليوم أكملت لكم دينكم الحديث أخرجاه من حديث عمر قال أهل الكتاب لو أنزلت هذه الآية علينا لجعلناها يوم عيد فقال عمر رضي الله عنه أشهد لقد نزلت هذه الآية في يوم عيدين اثنين يوم عرفة ويوم جمعة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة وقال صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج حديث اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج أخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة وقال صحيح على شرط مسلم ويروى أن علي بن موفق حج عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حججا قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي يا ابن موفق حججت عني قلت نعم قال ولبيت عني قلت نعم قال فإني أكافئك بها يوم القيامة آخذ بيدك في الموقف فأدخلك الجنة والخلائق في كرب الحساب وقال مجاهد وغيره من العلماء إن الحجاج إذا قدموا مكة تلقتهم الملائكة فسلموا على ركبان الإبل وصافحوا ركبان الحمر واعتنقوا المشاة اعتناقا وقال الحسن من مات عقيب رمضان أو عقيب غزو أو عقيب حج مات شهيدا وقال عمر رضي الله عنه الحاج مغفور له ولمن يستغفر له في شهر ذي الحجة والمحرم وصفر وعشرين من ربيع الأول وقد كان من سنة السلف رضي الله عنهم أن يشيعوا الغزاة وأن يستقبلوا الحاج ويقبلوا بين أعينهم ويسألوهم الدعاء ويبادرون ذلك قبل أن يتدنسوا بالآثام ويروى عن علي بن موفق قال حججت سنة فلما كان ليلة عرفة نمت بمنى في مسجد الخيف فرأيت في المنام كأن ملكين قد نزلا من السماء عليهما ثياب خضر فنادى أحدهما صاحبه يا عبد الله فقال الآخر لبيك يا عبد الله قال تدري كم حج بيت ربنا عز وجل في هذه السنة قال لا أدري قال حج بيت ربنا ستمائة ألف أفتدري كم قبل منهم قال لا قال ستة أنفس قال ثم ارتفعا في الهواء فغابا عني فانتبهت فزعا واغتممت غما شديدا وأهمني أمري فقلت إذا قبل حج ستة أنفس فأين أكون أنا في ستة أنفس فلما أفضت من عرفة قمت عند المشعر الحرام فجعلت أفكر في كثرة الخلق وفي قلة من قبل منهم فحملني النوم فإذا الشخصان قد نزلا على هيئتهما فنادى أحدهما صاحبه وأعاد الكلام بعينه ثم قال أتدري ماذا حكم ربنا عز وجل في هذه الليلة قال لا قال فإنه وهب لكل واحد من الستة مائة ألف قال فانتبهت وبي من السرور ما يجل عن الوصف وعنه أيضا رضي الله عنه قال حججت سنة فلما قضيت مناسكي تفكرت فيمن لا يقبل حجه فقلت اللهم إني قد وهبت حجتي وجعلت ثوابها لمن لم تقبل حجته قال فرأيت رب العزة في النوم جل جلاله فقال لي يا علي تتسخى علي وأنا خلقت السخاء والأسخياء وأنا أجود الأجودين وأكرم الأكرمين وأحق بالجود والكرم من العالمين قد وهبت كل من لم أقبل حجه لمن قبلته فضيلة البيت ومكة المشرفة قال صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل قد وعد هذا البيت أن يحجه كل سنة ستمائة ألف فإن نقصوا أكملهم الله عز وجل من الملائكة حديث إن الله قد وعد هذا البيت أن يحجه في كل سنة ستمائة ألف الحديث لم أجد له أصلا وإن الكعبة تحشر كالعروس المزفوفة وكل من حجها يتعلق بأستارها يسعون حولها حتى تدخل الجنة فيدخلون معها وفي الخبر إن الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة وإنه يبعث يوم القيامة له عينان ولسان ينطقبه يشهد لكل من استلمه بحق وصدق حديث إن الحجر ياقوتة من يواقيت الجنة ويبعث يوم القيامة له عينان الحديث أخرجه الترمذي وصححه النسائي من حديث ابن عباس الحجر الأسود من الجنة لفظ النسائي وباقي الحديث رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصحح إسناده من حديث ابن عباس أيضا وللحاكم من حديث أنس إن الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة وصحح إسناده ورواه النسائي وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وكان صلى الله عليه وسلم يقبله كثيرا حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقبله كثيرا أخرجاه من حديث عمر دون قوله كثيرا والنسائي أنه كان يقبله كل مرة ثلاثا إن رآه خاليا وروي أنه صلى الله عليه وسلم سجد عليه وكان يطوف على الراحلة فيضع المحجن عليه ثم يقبل طرف المحجن حديث إنه كان يسجد عليه أخرجه البزار والحاكم من حديث عمر وصحح إسناده وقبله عمر رضي الله عنه ثم قال إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع قبله عمر وقال إني لأعلم أنك حجر أخرجاه دون الزيادة التي رواها علي ورواه بتلك الزيادة الحاكم وقال ليس من شرط الشيخين ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ثم بكى حتى علا نشيجه فالتفت إلى ورائه فرأى عليا كرم الله وجهه ورضي الله عنه فقال يا أبا الحسن ههنا تسكب العبرات وتستجاب الدعوات فقال علي رضي الله عنه يا أمير المؤمنين بل هو يضر وينفع قال وكيف قال إن الله تعالى لما أخذ الميثاق على الذرية كتب عليهم كتابا ثم ألقمه هذا الحجر فهو يشهد للمؤمن بالوفاء ويشهد على الكافر بالجحود قيل فذلك هو معنى قول الناس عند الاستلام اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك وروي عن الحسن البصري رضي الله عنه أن صوم يوم فيها بمائة ألف يوم وصدقة درهم بمائة ألف درهم وكذلك كل حسنة بمائة ألف ويقال طواف سبعة أسابيع أيام يعدل عمرة وثلاث عمر تعدل حجة وفي الخبر الصحيح عمرة في رمضان كحجة معي حديث عمرة في رمضان كحجة معي أخرجاه من حديث ابن عباس دون قوله معي فهي عند مسلم على الشك تقضي حجة أو حجة معي ورواه الحاكم بزيادتها من غير شك وقال صلى الله عليه وسلم أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي ثم آتي أهل مكة فأحشر بين الحرمين حديث أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم آتي أهل البقيع فيحضرون معي الحديث أخرجه الترمذي وحسنه ابن حبان من حديث ابن عمر وفي الخبر إن آدم صلى الله عليه وسلم لما قضى مناسكه لقيته الملائكة فقالوا بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام حديث إن آدم لما قضى مناسكه لقيته الملائكة فقالوا بر حجك يا آدم الحديث رواه المفضل الجعدي ومن طريقه ابن الجوزي في العلل من حديث ابن عباس وقال لا يصح ورواه الأزرقي في تاريخ مكة موقوفا على ابن عباس
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 8:19 am | |
|
وجاء في الأثر إن الله عز وجل ينظر في كل ليلة إلى أهل الأرض فأول من ينظر إليه أهل الحرم وأول من ينظر إليه من أهل الحرم أهل المسجد الحرام فمن رآه طائفا غفر له ومن رآه مصليا غفر له ومن رآه قائما مستقبل الكعبة غفر له وكوشف بعض الأولياء رضي الله عنهم قال إني رأيت الثغور كلها تسجد لعبادان ورأيت عبادان ساجدة لجدة ويقال لا تغرب الشمس من يوم إلا ويطوف بهذا البيت رجل من الأبدال ولا يطلع الفجر من ليلة إلا طاف به واحد من الأوتاد وإذا انقطع ذلك كان سبب رفعه من الأرض فيصبح الناس وقد رفعت الكعبة لا يرى الناس لها أثرا وهذا إذا أتى عليها سبع سنين لم يحجها أحد ثم يرفع القرآن من المصاحف فيصبح الناس فإذا الورق أبيض يلوح ليس فيه حرف ثم ينسخ القرآن من القلوب فلا يذكر منه كلمه ثم يرجع الناس إلى الأشعار والأغاني وأخبار الجاهلية ثم يخرج الدجال وينزل عيسى عليه السلام فيقتله والساعة عند ذلك بمنزلة الحامل المقرب التي تتوقع ولادتها وفي الخبر استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يرفع فقد هدم مرتين ويرفع في الثالثة حديث استكثروا من الطواف بهذا البيت الحديث أخرجه البزار وابن حبان والحاكم وصححه من حديث ابن عمر استمتعوا من هذا البيت فإنه هدم مرتين ويرفع في الثالثة وروي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قالالله تعالى إذا أردت أن أخرب الدنيا بدأت ببيتي فخربته ثم أخرب الدنيا على أثره حديث قال الله إذا أردت أن أخرب الدنيا بدأت ببيتي فخربته ثم أخرب الدنيا على أثره ليس له أصل فضيلة المقام بمكة حرسها الله تعالى وكراهيته كره الخائفون المحتاطون من العلماء المقام بمكة لمعان ثلاثة الأول خوف التبرم والأنس بالبيت فإن ذلك ربما يؤثر في تسكين حرقة القلب في الاحترام وهكذا كان عمر رضي الله عنه يضرب الحجاج إذا حجوا ويقول يا أهل اليمن يمنكم ويا أهل الشام شامكم ويا أهل العراق عراقكم ولذلك هم عمر رضي الله عنه بمنع الناس من كثرة الطواف وقال خشيت أن يأنس الناس بهذا البيت الثاني تهييج الشوق بالمفارقة لتنبعث داعية العودة فإن الله تعالى جعل البيت مثابة للناس وأمنا أي يثوبون ويعودون إليه مرة بعد أخرى ولا يقضون منه وطرا وقال بعضهم تكون في بلد وقلبك مشتاق إلى مكة متعلق بهذا البيت خير لك من أن تكون فيه وأنت متبرم بالمقام وقلبك في بلد آخر وقال بعض السلف كم من رجل بخراسان هو أقرب إلى هذا البيت ممن يطوف به ويقال إن لله تعالى عبادا تطوف بهم الكعبة تقربا إلى الله عز وجل الثالث الخوف من ركوب الخطايا والذنوب بها فإن ذلك مخطر وبالحرى أن يورث مقت الله عز وجل لشرف الموضع وروي عن وهيب بن الورد المكي قال كنت ذات ليلة في الحجر أصلي فسمعت كلاما بين الكعبة والأستار يقول إلى الله أشكو ثم إليك يا جبرائيل ما ألقى من الطائفين حولي من تفكرهم في الحديث ولغوهم ولهوهم لئن لم ينتهوا عن ذلك لأنتفضن انتفاضة يرجع كل حجر مني إلى الجبل الذي قطع منه وقال ابن مسعود رضي الله عنه ما من بلد يؤاخذ فيه العبد بالنية قبل العمل إلا مكة وتلا قوله تعالى ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم أي أنه على مجرد الإرادة ويقال إن السيئات تضاعف بها كما تضاعف الحسنات وكان ابن عباس رضي الله عنه يقول الاحتكار بمكة من الإلحاد في الحرم وقيل الكذب أيضا وقال ابن عباس لأن أذنب سبعين ذنبا بركية أحب إلي من أن أذنب ذنبا واحدا بمكة وركية منزل بين مكة والطائف والخوف ذلك انتهى بعض المقيمين إلى أن لم يقض حاجته في الحرم بل كان يخرج إلى الحل عند قضاء الحاجة وبعضهم أقام شهرا وما وضع جنبه على الأرض وللمنع من الإقامة كره بعض العلماء أجور دور مكة ولا تظنن أن كراهة المقام يناقض فضل البقعة لأن هذه كراهة علتها ضعف الخلق وقصورهم عن القيام بحق الموضع فمعنى قولنا إن ترك المقام به أفضل أي بالإضافة إلى مقام مع التقصير والتبرم أما أن يكون أفضل من المقام مع الوفاء بحقه فهيهات وكيف لا ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة استقبل الكعبة وقال إنك لخير أرض الله عز وجل وأحب بلاد الله تعالى إلي ولولا أني أخرجت منك لما خرجت حديث إنك لخير أرض الله وأحب بلاد الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت أخرجه الترمذي وصححه النسائي في الكبرى وابن ماجه وابن حبان من حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء وكيف لا والنظر إلى البيت عبادة والحسنات فيها مضاعفة كما ذكرناه فضيلة المدينة الشريفة على سائر البلاد ما بعد مكة بقعة أفضل من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالأعمال فيها أيضا مضاعفة قال صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام حديث صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام متفق عليه من حديث أبي هريرة ورواه مسلم من حديث ابن عمر وكذلك كل عمل بالمدينة بألفوبعد مدينته الأرض المقدسة فإن الصلاة فيها بخمسمائة صلاة فيما سواها إلا المسجد الحرام وكذلك سائر الأعمال وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلاة في مسجد المدينة بعشرة آلاف صلاة وصلاة في المسجد الأقصى بألف صلاة وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة حديث ابن عباس صلاة في مسجد المدينة بعشرة آلاف صلاة وصلاة في المسجد الأقصى بألف صلاة وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة غريب لم أجده بجملته هكذا وأخرجه ابن ماجه من حديث ميمونة بإسناد جيد في بيت المقدس ائتوه فصلوا فيه فإن الصلاة فيه كألف صلاة في غيره ولابن ماجه من حديث أنس صلاة بالمسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة وصلاة في مسجدي بخمسين ألف صلاة وليس في إسناده من ضعف وقال الذهبي إنه منكر وقال صلى الله عليه وسلم من صبر على شدتها ولأوائها كنت له شفيعا يوم القيامة حديث لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا يوم القيامة من حديث أبي هريرة وابن عمر وأبي سعيد وقال صلى الله عليه وسلم من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فإنه لن يموت بها أحد إلا كنت له شفيعا يوم القيامة حديث من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها الحديث أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر قال الترمذي حسن صحيح وما بعد هذه البقاع الثلاث فالمواضع فيها متساوية إلا الثغور فإن المقام بها للمرابطة فيها فيه فضل عظيم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى حديث لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وقد ذهب بعض العلماء إلى الاستدلال بهذا الحديث في المنع من الرحلة لزيارة المشاهد وقبور العلماء والصلحاء وما تبين لي أن الأمر كذلك بل الزيارة مأمور بها قال صلى الله عليه وسلم كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا حديث كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها أخرجه مسلم من حديث بريدة بن الحصيب والحديث إنما ورد في المساجد وليس في معناها المشاهد لأن المساجد بعد المساجد الثلاثة متماثلة ولا بلد إلا وفيه مسجد فلا معنى للرحلة إلى مسجد آخر وأما المشاهد فلا تتساوى بل بركة زيارتها على قدر درجاتهم عند الله عز وجل نعم لو كان في موضع لا مسجد فيه فله أن يشد الرحال إلى موضع فيه مسجد وينتقل إليه بالكلية إن شاء ثم ليت شعري هل يمنع هذا القائل من شد الرحال إلى قبور الأنبياء عليهم السلام مثل إبراهيم وموسى ويحيى وغيرهم عليهم السلام فالمنع من ذلك في غاية الإحالة فإذا جوز هذا فقبور الأولياء والعلماء والصلحاء في معناها فلا يبعد أن يكون ذلك من أغراض الرحلة كما أن زيارة العلماء في الحياة من المقاصد هذا في الرحلة أما المقام فالأولى بالمريد أن يلازم مكانه إذا لم يكن قصده من السفر استفادة العلم مهما سلم له حاله في وطنه فإن لم يسلم فيطلب من المواضع ما هو أقرب إلى الخمول وأسلم للدين وأفرغ للقلب وأيسر للعبادة فهو أفضل المواضع له قال صلى الله عليه وسلم البلاد بلاد الله عز وجل والخلق عباده فأي موضع رأيت فيه رفقا فأقم واحمد الله تعالى حديث البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فأي موضع رأيت فيه رفقا فأقم أخرجه أحمد والطبراني من حديث الزبير بسند ضعيف وفي الخبر من بورك له في شيء فليلزمه ومن جعلت معيشته في شيء فلا ينتقل عنه حتى يتغير عليه حديث من رزق في شيء فليلزمه ومن جعلت معيشته في شيء فلا ينتقل عنه حتى يتغير عليه أخرجه ابن ماجه من حديث أنس بالجملة الأولى بسند حسن ومن حديث عائشة بسند فيه جهالة بلفظ إذا سبب الله لأحدكم رزقا من وجه فلا يدعه حتى يتغير أو يتنكر له وقال أبو نعيم رأيت سفيان الثوري وقد جعل جرابه على كتفه وأخذ نعليه بيده فقلت إلى أين يا أبا عبد الله قال إلى بلد أملأ فيه جرابي بدرهم وفي حكاية أخرى بلغني عن قرية فيها رخص أقيم فيها قال فقلت وتفعل هذا يا أبا عبد الله فقال نعم إذا سمعت برخص في بلد فاقصده فإنه أسلم لدينك وأقل لهمك وكان يقول هذا زمان سوء لا يؤمن فيه على الخاملين فكيفبالمشهورين هذا زمان تنقل يتنقل الرجل من قرية إلى قرية يفر بدينه من الفتن ويحكى عنه أنه قال والله ما أدري أي البلاد أسكن فقيل له خراسان فقال مذاهب مختلفة وآراه فاسدة قيل فالشام قال يشار إليك بالأصابع أراد الشهرة قيل فالعراق قال بلد الجبابرة قيل مكة قال مكة تذيب الكيس والبدن وقال له رجل غريب عزمت على المجاورة بمكة فأوصني قال أوصيك بثلاث لا تصلين في الصف الأول ولا تصحبن قرشيا ولا تظهرن صدقة وإنما كره الصف الأول لأنه يشتهر فيفتقد إذا غاب فيختلط بعمله التزين والتصنع
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 8:39 am | |
| الفصل الثاني : في شروط وجوب الحج وصحة أركانه وواجباته ومحظوراته. أما الشرائط فشرط صحة الحج اثنان الوقت والإسلام فيصح حج الصبي ويحرم بنفسه إن كان مميزا ويحرم عنه وليه إن كان صغيرا ويفعل به ما يفعل في الحج من الطواف والسعي وغيره وأما الوقت فهو شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة إلى طلوع الفجر من يوم النحر فمن أحرم بالحج في غير هذه المدة فهي عمرة وجميع السنة وقت العمرة ولكن من كان معكوفا على النسك أيام منى فلا ينبغي أن يحرم بالعمرة لأنه لا يتمكن من الاشتغال عقيبه لاشتغاله بأعمال منى. وأما شروط وقوعه عن حجة الإسلام فخمسة : الإسلام والحرية والبلوغ والعقل والوقت فإن أحرم الصبي أو العبد ولكن عتق العبد وبلغ الصبي بعرفة أو بمزدلفة وعاد إلى عرفة قبل طلوع الفجر أجزأهما عن حجة الإسلام لأن الحج عرفة وليس عليهما دم إلا شاة وتشترط هذه الشرائط في وقوع العمرة عن فرض الإسلام إلا الوقت. وأما شروط وقوع الحج نفلا عن الحر البالغ فهو بعد براءة ذمته عن حجة الإسلام فحج الإسلام متقدم ثم القضاء لمن أفسده في حالة الوقوف ثم النذر ثم النيابة ثم النفل وهذا الترتيب مستحق وكذلك يقع وإن نوى خلافه. وأما شروط لزوم الحج فخمسة : البلوغ والإسلام والعقل والحرية والاستطاعة ومن لزمه فرض الحج لزمه فرض العمرة ومن أراد دخول مكة لزيارة أو تجارة ولم يكن حطابا لزمه الإحرام على قول ثم يتحلل بعمل عمرة أو حج وأما الاستطاعة فنوعان أحدهما المباشرة وذلك له أسباب أما في نفسه فبالصحة وأما في الطريق فبأن تكون خصبة آمنة بلا بحر مخطر ولا عدو قاهر وأما في المال فبأن يجد نفقة ذهابه وإيابه إلى وطنه كان له أهل أو لم يكن لأن مفارقة الوطن شديدة وأن يملك نفقة من تلزمه نفقته في هذه المدة وأن يملك ما يقضي به ديونه وأن يقدر على راحلة أو كرائها بمحمل أو زاملة إن استمسك على الزاملة وأما النوع الثاني فاستطاعة المغضوب بماله وهو أن يستأجر من يحج عنه بعد فراغ الأجير عن حجة الإسلام لنفسه ويكفي نفقة الذهاب بزاملة في هذا النوع والابن إذا عرض طاعته على الأب الزمن صار به مستطيعا ولو عرض ماله لم يصر به مستطيعا لأن الخدمة بالبدن فيها شرف للولد وبذل المال فيه منة على الوالد ومن استطاع لزمه الحج وله التأخير ولكنه فيه على خطر فإن تيسر له ولو في آخر عمره سقط عنه وإن مات قبل الحج لقي الله عز وجل عاصيا بترك الحج وكان الحج في تركته يحج عنه وإن لم يوص كسائر ديونه وإن استطاع في سنة فلم يخرج مع الناس وهلك ماله في تلك السنة قبل حج الناس ثم مات لقي الله عز وجل ولا حج عليه ومن مات ولم يحج مع اليسار فأمره شديد عند الله تعالى قال عمر رضي الله عنه لقد هممت أن أكتب في الأمصار بضرب الجزية على من لم يحج ممن يستطيع إليه سبيلا وعن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي ومجاهد وطاوس لو علمت رجلا غنيا وجب عليه الحج ثم مات قبل أن يحج ما صليت عليه وبعضهم كان له جار موسر فمات ولم يحج فلم يصل عليه وكان ابن عباس يقول من مات ولم يزك ولم يحج سأل الرجعة إلى الدنيا وقرأ قوله عز وجل رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت قالالحج وأما الأركان التي لا يصح الحج بدونها فخمسة الإحرام والطواف والسعي بعده والوقوف بعرفة والحلق بعده على قول وأركان العمرة كذلك إلا الوقوف. والواجبات المجبورة بالدم ست : الإحرام من الميقات فمن تركه وجاوز الميقات محلا فعليه شاة والرمي فيه الدم قولا واحدا وأما الصبر بعرفة إلى غروب الشمس والمبيت بمزدلفة والمبيت بمنى وطواف الوداع فهذه الأربعة يجبر تركها بالدم على أحد القولين وفي القول الثاني فيها دم على وجه الاستحباب .
وأما وجوه أداء الحج والعمرة فثلاثة : الأول : الإفراد : وهو الأفضل وذلك أن يقدم الحج وحده فإذا فرغ خرج إلى الحل فأحرم واعتمر وأفضل الحل لإحرام العمرة الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية وليس على المفرد دم إلا أن يتطوع. الثاني : القران : وهو أن يجمع فيقول لبيك بحجة وعمرة معا فيصير محرما بهما ويكفيه أعمال الحج وتندرج العمرة تحت الحج كما يندرج الوضوء تحت الغسل إلا أنه إذا طاف وسعى قبل الوقوف بعرفة فسعيه محسوب من النسكين وأما طوافه فغير محسوب لأن شرط الطواف الفرض في الحج أن يقع بعد الوقوف وعلى القارن دم شاة إلا أن يكون مكيا فلا شيء عليه لأنه لم يترك ميقاته إذ ميقاته مكة. الثالث : التمتع : وهو أن يجاوز الميقات محرما بعمرة ويتحلل بمكة ويتمتع بالمحظورات إلى وقت الحج ثم يحرم بالحج ولا يكون متمتعا إلا بخمس شرائط أحدها أن لا يكون من حاضري المسجدد الحرام وحاضره من كان منه على مسافة لا تقصر فيها الصلاة الثاني أن يقدم العمرة على الحج الثالث أن تكون عمرته في أشهر الحج الرابع أن لا يرجع إلى ميقات الحج ولا إلى مثل مسافته لإحرام الحج الخامس أن يكون حجه وعمرته عن شخص واحد فإذا وجدت هذه الأوصاف كان متمتعا ولزمه دم شاة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم النحر متفرقة أو متتابعة وسبعة إذا رجع إلى الوطن وإن لم يصم الثلاثة حتى رجع إلى الوطن صام العشرة تتابعا أو متفرقا وبدل دم القران والتمتع سواء والأفضل الإفراد ثم التمتع ثم القرن
وأما محظورات الحج والعمرة فستة : الأول : اللبس للقميص والسراويل والخف والعمامة بل ينبغي أن يلبس إزارا ورداء ونعلين فإن لم يجد نعلين فمكعبين فإن لم يجد إزارا فسراويل ولا بأس بالمنطقة والاستظلال في المحمل ولكن لا ينبغي أن يغطي رأسه فإن إحرامه في الرأس وللمرأة أن تلبس كل مخيط بعد أن لا تستر وجهها بما يماسه فإن إحرامها في وجهها . الثاني : الطيب فليجتنب كل ما يعده العقلاء طيبا فإن تطيب أو لبس فعليه دم شاة. الثالث : الحلق والقلم وفيهما الفدية أعني دم شاة ولا بأس بالكحل ودخول الحمام والفصد والحجامة وترجيل الشعر. الرابع : الجماع وهو مفسد قبل التحلل الأول وفيه بدنة أو بقرة أو سبع شياه وإن كان بعد التحلل الأول لزمه البدنة ولم يفسد حجه. والخامس : مقدمات الجماع كالقبلة والملامسة التي تنقض الطهر مع النساء فهو محرم وفيه شاة وكذا في الاستمناء ويحرم النكاح والإنكاح ولا دم فيه لأنه لا ينعقد. السادس : قتل صيد البر أعني ما يؤكل أو هو متولد من الحلال والحرام فإن قتل صيدا فعليه مثله من النعم يراعى فيه التقارب في الخلقة وصيد البحر حلال ولا جزاء فيه
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 8:45 am | |
| الباب الثاني : في ترتيب الأعمال الظاهرة من أول السفر إلى الرجوع. وهي عشر جمل :
الجملة الأولى : في السير من أول الخروج إلى الإحرام . وهي ثمانية : الأولى : في المال فينبغي أن يبدأ بالتوبة ورد المظالم وقضاء الديون وإعداد النفقة لكل من تلزمه نفقته إلى وقت الرجوع ويرد ما عنده من الودائع ويستصحب من المال الحلال الطيب ما يكفيه لذهابه وإيابه من غيرتقتير بل على وجه يمكنه معه التوسع في الزاد والرفق بالضعفاء والفقراء ويتصدق بشيء قبل خروجه ويشتري لنفسه دابة قوية على الحمل لا تضعف أو يكتريها فإن اكترى فليظهر للمكاري كل ما يريد أن يحمله من قليل أو كثير ويحصل رضاه فيه . الثانية : في الرفيق ينبغي أن يلتمس رفيقا صالحا محبا للخير معينا عليه إن نسي ذكره وإن ذكر أعانه وإن جبن شجعه وإن عجز قواه وإن ضاق صدره صبره ويودع رفقاءه المقيمين وإخوانه وجيرانه فيودعهم ويلتمس أدعيتهم فإن الله تعالى جاعل في أدعيتهم خيرا والسنة في الوداع أن يقول أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك حديث أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك أخرجه الترمذي وصححه والنسائي من حديث ابن عمر أنه كان يقول للرجل إذا أراد سفرا ادن حتى أودعك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا وكان صلى الله عليه وسلم يقول لمن أراد السفر في حفظ الله وكنفه زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك للخير أينما كنت حديث كان صلى الله عليه وسلم يقول لمن أراد سفرا في حفظ الله وكنفه زودك الله التقوى وغفر الله ذنبك ووجهك للخير أينما توجهت أخرجه الطبراني في الدعاء من حديث أنس وهو عند الترمذي وحسنه دون قوله في حفظ الله وكنفه. الثالثة : في الخروج من الدار ينبغي إذا هم بالخروج أن يصلي ركعتين أولا يقرأ في الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص فإذا فرغ رفع يديه ودعا الله سبحانه عن إخلاص صاف ونية صادقة وقال اللهم أنت الصاحب في السفر وأنت الخليفة في الأهل والمال والولد والأصحاب احفظنا وإياهم من كل آفة وعاهة اللهم إنا نسألك في مسيرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى اللهم إنا نسألك أن تطوي لنا الأرض وتهون علينا السفر وأن ترزقنا في سفرنا سلامة البدن والدين والمال وتبلغنا حج بيتك وزيارة قبر نبيك محمد صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد والأصحاب اللهم اجعلنا وإياهم في جوارك ولا تسلبنا وإياهم نعمتك ولا تغير ما بنا وبهم من عافيتك. الرابعة : إذا حصل على باب الدار قال بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله أعوذ بالله رب أعوذ بك أن أضل أو أضل أو أذل أو أذل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي اللهم إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة بل خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك وقضاء فرضك واتباع سنة نبيك وشوقا إلى لقائك فإذا مشى قال اللهم بك انتشرت وعليك توكلت وبك اعتصمت وإليك توجهت اللهم أنت ثقتي وأنت رجائي فاكفني ما أهمني وما لا أهتم به وما أنت أعلم به مني عز جارك وجل ثناؤك ولا إله غيرك اللهم زودني التقوى واغفر لي ذنبي ووجهني للخير أينما توجهت ويدعو بهذا الدعاء في كل منزل يدخل عليه . الخامسة : في الركوب فإذا ركب الراحلة يقول بسم الله وبالله والله أكبر توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون اللهم إني وجهت وجهي إليك وفوضت أمري كله إليك وتوكلت في جميع أموري عليك أنت حسبي ونعم الوكيل فإذا استوى على الراحلة واستوت تحته قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبع مرات وقال الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله اللهم أنت الحامل على الظهر وأنت المستعان على الأمور. السادسة : في النزول والسنة أن لا ينزل حتى يحمى النهار ويكون أكثر سيره بالليل قال صلى الله عليه وسلم عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار حديث عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار أخرجه أبو داود من حديث أنس دون قوله ما لا تطوى بالنهار وهذه الزيادة في الموطأ من حديث خالد بن معدان مرسلا وليقلل نومه بالليل حتى يكونعونا على السير ومهما أشرف على المنزل فليقل اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين ورب البحار وما جرين أسألك خير هذا المنزل وخير أهله وأعوذ بك من شره وشر ما فيه اصرف عني شر شرارهم فإذا نزل المنزل صلى ركعتين فيه ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق فإذا جن عليه الليل يقول يا أرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك وشر ما دب عليك أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود وحية وعقرب ومن شر ساكن البلد ووالد وما ولد وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم. السابعة : في الحراسة ينبغي أن يحتاط بالنهار فلا يمشي منفردا خارج القافلة لأنه ربما يغتال أو ينقطع ويكون بالليل متحفظا عند النوم فإن نام في ابتداء الليل افترش ذراعه وإن نام في آخر الليل نصب ذراعه نصبا وجعل رأسه في كفه هكذا كان ينام رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره حديث كان إذا نام في أول الليل افترش ذراعه وإذا نام في آخر الليل نصب ذراعه نصبا وجعل ذراعه في كفه أخرجه أحمد والترمذي في الشمائل من حديث أبي قتادة بإسناد صحيح وعزاه أبو مسعود الدمشقي والحميدي إلى مسلم ولم أره فيه لأنه ربما استثقل النوم فتطلع الشمس وهو لا يدري فيكون ما يفوته من الصلاة أفضل مما يناله من الحج والأحب في الليل أن يتناوب الرفيقان في الحراسة فإن نام أحدهما حرس الآخر حديث تناوب الرفيقين في الحراسة فإذا نام أحدهما حرس الآخر أخرجه البيهقي من طريق ابن إسحاق من حديث جابر في حديث فيه فقال الأنصاري أي الليل أحب إليك أن أكفيكه أوله أو آخره فقال بل اكفني أوله فاضطجع المهاجري الحديث والحديث عند أبي داود ولكن ليس فيه قول الأنصاري للمهاجرين فهو السنة فإن قصده عدو أو سبع في ليل أو نهار فليقرأ آية الكرسي وشهد الله والإخلاص والمعوذتين وليقل بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله حسبي الله توكلت على الله ما شاء الله لا يأتي بالخير إلا الله ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله حسبي الله وكفى سمع الله لمن دعا ليس وراء الله منتهى ولا دون الله ملجأ كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز تحصنت بالله العظيم واستغثت بالحي الذي لا يموت اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام واكنفنا بركنك الذي لا يرام اللهم ارحمنا بقدرتك علينا فلا نهلك وأنت ثقتنا ورجاؤنا اللهم اعطف علينا قلوب عبادك وإمائك برأفة ورحمة إنك أنت أرحم الراحمين. الثامنة : مهما علا نشزا من الأرض في الطريق فيستحب أن يكبر ثلاثا ثم يقول اللهم لك الشرف على كل شرف ولك الحمد على كل حال ومهما هبط سبح ومهما خاف الوحشة في سفره قال سبحان الله الملك القدوس رب الملائكة والروح جللت السموات بالعزة والجبروت
الجملة الثانية : في آداب الإحرام من الميقات إلى دخول مكة : وهي خمسة : الأول : أن يغتسل وينوي به غسل الإحرام أعني إذا انتهى إلى الميقات المشهور الذي يحرم الناس منه ويتمم غسله بالتنظيف ويسرح لحيته ورأسه ويقلم أظفاره ويقص شاربه ويستكمل النظافة التي ذكرناها في الطهارة. الثاني : أن يفارق الثياب المخيطة ويلبس ثوبي الإحرام فيرتدي ويتزر بثوبين أبيضين فالأبيض هو أحب الثياب إلى الله عز وجل ويتطيب في ثيابه وبدنه ولا بأس بطيب يبقى جرمه بعد الإحرام فقد رؤي بعض المسك على مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإحرام مما كان استعمله قبل الإحرام حديث رؤية وبيص المسك على مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإحرام متفق عليه من حديث عائشة قالت كأنما أنظر إلى وبيص المسك الحديث. الثالث : أن يصبر بعد لبس الثياب حتى تنبعث به راحلته إن كان راكبا أو يبدأ بالسير إن كان راجلا فعند ذلك ينوي الإحرام بالحج أو بالعمرةقرانا أو إفرادا كما أراد ويكفي مجرد النية لانعقاد الإحرام ولكن السنة أن يقرن بالنية لفظ التلبية فيقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وإن زاد قال لبيك وسعديك والخير كله بيديك والرغباء إليك لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد . الرابع : إذا انعقد إحرامه بالتلبية المذكورة فيستحب أن يقول اللهم إني أريد الحج فيسره لي وأعني على أداء فرضه وتقبله مني اللهم إني نويت أداء فريضتك في الحج فاجعلني من الذين استجابوا لك وآمنوا بوعدك واتبعوا أمرك واجعلني من وفدك الذين رضيت عنهم وارتضيت وقبلت منهم اللهم فيسر لي أداء ما نويت من الحج اللهم قد أحرم لك لحمي وشعري ودمي وعصبي ومخي وعظامي وحرمت على نفسي النساء والطيب ولبس المخيط ابتغاء وجهك والدار الآخرة ومن وقت الإحرام حرم عليه المحظورات الستة التي ذكرناها من قبل فليجتنبها. الخامس : يستحب تجديد التلبية في دوام الإحرام خصوصا عند اصطدام الرفاق وعند اجتماع الناس وعند كل صعود وهبوط وعند كل ركوب ونزول رافعا بها صوته بحيث لا يبح حلقه ولا ينبهر فإنه لا ينادي أصم ولا غائبا حديث إنكم لا تنادون أصم ولا غائبا متفق عليه من حديث أبي موسى كما ورد في الخبر ولا بأس برفع الصوت بالتلبية في المساجد الثلاثة فإنها مظنة المناسك أعني المسجد الحرام ومسجد الخيف ومسجد الميقات وأما سائر المساجد فلا بأس فيها بالتلبية من غير رفع صوت وكان صلى الله عليه وسلم إذا أعجبه شيء قال لبيك إن العيش عيش الآخرة حديث كان إذا أعجبه شيء قال لبيك إن العيش عيش الآخرة أخرجه الشافعي في المسند من حديث مجاهد مرسلا بنحوه وللحاكم وصححه من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بعرفات فلما قال لبيك اللهم لبيك قال إنما الخير خير الآخرة.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 8:53 am | |
|
الجملة الثالثة : في آداب دخول مكة إلى الطواف . وهي ستة : الأول : أن يغتسل بذي طوى لدخول مكة والاغتسالات المستحبة المسنونة في الحج تسعة الأول للإحرام من الميقات ثم لدخول مكة ثم لطواف القدوم ثم للوقوف بعرفة ثم للوقوف بمزدلفة ثم ثلاثة أغسال لرمي الجمار الثلاث ولا غسل لرمي جمرة العقبة ثم لطواف الوداع ولم ير الشافعي رضي الله عنه في الجديد الغسل لطواف الزيارة ولطواف الوداع فتعود إلى سلعة. الثاني : أن يقول عند الدخول في أول الحرم وهو خارج مكة اللهم هذا حرمك وأمنك فحرم لحمي ودمي وشعري وبشري على النار وآمني من عذابك يوم تبعث عبادك واجعلني من أوليائك وأهل طاعتك. الثالث : أن يدخل مكة من جانب الأبطح وهو ثنية كدا بفتح الكاف عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم من جادة الطريق إليها حديث دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية كداء بفتح الكاف متفق عليه من حديث ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة دخل من الثنية العلياء التي بالبطحاء الحديث فالتأسي به أولى وإذا خرج خرج من ثنية كدى بضم الكاف وهي الثنية السفلى والأولى هي العليا. الرابع : إذا دخل مكة وانتهى إلى رأس الردم فعنده يقع بصره على البيت فليقل لا إله إلا الله والله أكبر اللهم أنت السلام ومنك السلام ودارك دار السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام اللهم إن هذا بيتك عظمته وكرمته وشرفته اللهم فزده تعظيما وزده تشريفا وتكريما وزده مهابة وزد من حجه برا وكرامة اللهم افتح لي أبواب رحمتك وأدخلني جنتك وأعذني من الشيطان الرجيم . الخامس : إذا دخل المسجد الحرام فليدخل من باب بني شيبة وليقل بسم الله وبالله ومن الله وإلى وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قرب من البيت قال الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى إبراهيم خليلك وعلى جميع أنبيائك ورسلك وليرفع يديه وليقل اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تتقبل توبتي وأن تتجاوز عن خطيئتي وتضع عني وزري الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام الذي جعله مثابة للناس وأمنا وجعله مباركا وهدى للعالمين اللهم إني عبدك والبلد بلدك والحرم حرمك والبيت بيتك جئتك أطلب رحمتك وأسألك مسألة المضطر الخائف من عقوبتك الراجي لرحمتك الطالب مرضاتك. السادس : أن تقصد الحجر الأسود بعد ذلك وتمسه بيدك اليمنى وتقبله وتقول اللهم أمانتي أديتها وميثاقي وفيته اشهد لي بالموافاة فإن لم يستطيع التقبيل وقف في مقابلته ويقول ذلك ثم لا يعرج على شيء دون الطواف وهو طواف القدوم إلا أن يجد الناس في المكتوبة فيصلي معهم ثم يطوف.
الجملة الرابعة : في الطواف . فإذا أراد افتتاح الطواف إما للقدوم وإما لغيره فينبغي أن يراعي أمورا ستة : الأول : أن يراعي شروط الصلاة من طهارة الحدث والخبث في الثوب والبدن والمكان وستر العورة فالطواف بالبيت صلاة ولكن الله سبحانه أباح فيه الكلام وليضطبع قبل ابتداء الطواف وهو أن يجعل وسط ردائه تحت إبطه اليمنى ويجمع طرفيه على منكبه الأيسر فيرخى طرفا وراء ظهره وطرفا على صدره ويقطع التلبية عند ابتداء الطواف ويشتغل بالأدعية التي سنذكرها. الثاني : إذا فرغ من الاضطباع فليجعل البيت على يساره وليقف عند الحجر الأسود وليتنح عنه قليلا ليكون الحجر قدامه فيمر بجميع الحجر بجميع بدنه في ابتداء طوافه وليجعل بينه وبين البيت قدر ثلاث خطوات ليكون قريبا من البيت فإنه أفضل ولكيلا يكون طائفا على الشاذروان فإنه من البيت وعند الحجر الأسود قد يتصل الشاذروان بالأرض ويلتبس به والطائف عليه لا يصح طوافه لأنه طائف في البيت والشاذروان هو الذي فضل عن عرض جدار البيت بعد أن ضيق أعلى الجدار ثم من هذا الموقف يبتدىء الطواف. الثالث : أن يقول قبل مجاوزة الحجر بل في ابتداء الطواف بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ويطوف فأول ما يجاوز الحجر ينتهي إلى باب البيت فيقول اللهم هذا البيت بيتك وهذا الحرم حرمك وهذا الأمن أمنك وهذا مقام العائذ بك من النار وعند ذكر المقام يشير بعينه إلى مقام إبراهيم عليه السلام اللهم إن بيتك عظيم ووجهك كريم وأنت أرحم الراحمين فأعذني من النار ومن الشيطان الرجيم وحرم لحمي ودمي على النار وآمني من أهوال يوم القيامة واكفني مؤنة الدنيا والآخرة ثم يسبح الله تعالى ويحمده حتى يبلغ الركن العراقي فعنده يقول اللهم إني أعوذ بك من الشرك الشك والكفر والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق وسوء المنظر في الأهل والمال والولد فإذا بلغ الميزاب قال اللهم أظلنا تحت عرشك يوم لا ظل إلا ظلك اللهم اسقني بكأس محمد صلى الله عليه وسلم شربة لا أظمأ بعدها أبدا فإذا بلغ الركن الشامي قال اللهم اجعله حجا مبرورا وسعيا مشكورا وذنبا مغفورا وتجارة لن تبور يا عزيز يا غفور رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم فإذا بلغ الركن اليماني قال اللهم إني أعوذ بك من الكفر وأعوذ بك من الفقر ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وأعوذ بك من الخزي في الدنيا والآخرة ويقول بين الركن اليماني والحجر الآسود اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك فتنة القبر وعذاب النار فإذا بلغ الحجر الأسود قال اللهم اغفر لي برحمتك أعوذ برب هذا الحجر من الدين والفقر وضيق الصدر وعذاب القبر وعند ذلك قد تم شوط واحد فيطوف كذلك سبعة أشواط فيدعو بهذه الأدعية في كل شوط. الرابع : أن يرمل في ثلاثة أشواط ويمشي في الأربعة الأخرعلى الهيئة المعتادة ومعنى الرمل الإسراع في المشي مع تقارب الخطا وهو دون العدو وفوق المشي المعتاد والمقصود منه ومن الاضطباع إظهار الشطارة والجلادة والقوة هكذا كان القصد أولا قطعا لطمع الكفار وبقيت تلك السنة حديث مشروعية الرمل والاضطباع قطعا لطمع الكفار وبقيت تلك السنة أما الرمل فمتفق عليه من حديث ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا الأشواط الثلاثة الحديث وأما الاضطباع فروى أبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه من حديث عمر قال فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب وقد أظهر الله الإسلام ونفى الكفر وأهله ومع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والأفضل الرمل مع الدنو من البيت فإن لم يمكنه للزحمة فالرمل مع البعد أفضل فيخرج إلى حاشية المطاف وليرمل ثلاثا ثم ليقرب إلى البيت في المزدحم وليمش أربعا وأن إمكنه استلام الحجر في كل شوط فهو الأحب وإن منعه الزحمة أشار باليد وقبل يده وكذلك استلام الركن اليماني يستحب من سائر الأركان وروي أنه صلى الله عليه وسلم كان يستلم الركن اليماني حديث استلامه صلى الله عليه وسلم للركن اليماني متفق عليه من حديث ابن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود الحديث ولهما من حديثه لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس من الأركان إلا اليمانيين ولمسلم من حديث ابن عباس لم أره يستلم غير الركنين اليمانيين وله من حديث جابر الطويل حتى إذا أتيت البيت معه استلم الركن ويقبله حديث تقبيله صلى الله عليه وسلم له متفق عليه من حديث عمر أنه قبل الحجر وقال لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك وللبخاري من حديث ابن عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله وله في التاريخ من حديث ابن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن اليماني قبله ويضع خده عليه حديث وضع الخد عليه أخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الركن اليماني الحديث قال الحاكم صحيح الإسناد قلت فيه عبد الله بن مسلم بن هرمز ضعفه الجمهور ومن أراد تخصيص الحجر بالتقبيل واقتصر في الركن اليماني على الاستلام أغنى عن اللمس باليد فهو أولى. الخامس : إذا تم الطواف سبعا فليأت الملتزم وهو بين الحجر والباب وهو موضع استجابة الدعوة وليلتزق بالبيت وليتعلق بالأستار وليلصق بطنه بالبيت وليضع عليه خده الأيمن وليبسط عليه ذراعيه وكفيه وليقل اللهم يا رب البيت العتيق أعتق رقبتي من النار وأعذني من الشيطان الرجيم وأعذني من كل سوء وقنعني بما رزقتني وبارك لي فيما آتيتني اللهم إن هذا البيت بيتك والعبد عبدك وهذا مقام العائذ بك من النار اللهم اجعلني من أكرم وفدك عليك ثم ليحمد الله كثيرا في هذا الموضع وليصل على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الرسل كثيرا وليدع بحوائجه الخاصة وليستغفر من ذنوبه كان بعض السلف في هذا الموضع يقول لمواليه تنحوا عني حتى أقر لربي بذنوبي. السادس : إذا فرغ من ذلك ينبغي أن يصلي خلف المقام ركعتين يقرأ في الأولى قل يا أيها الكافرون وفي الثانية الإخلاص وهما ركعتا الطواف قال الزهري مضت السنة أن يصلي لكل سبع ركعتين حديث الزهري مضت السنة أن يصلي لكل أسبوع ركعتين ذكره البخاري تعليقا السنة أفضل لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم أسبوعا إلا صلى ركعتين وفي الصحيحين من حديث ابن عمر قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وإن قرن بين أسابيع وصلى ركعتين جاز حديث قرانه صلى الله عليه وسلم بين أسابيع رواه ابن أبي حاتم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرن ثلاثة أطواف ليس بينهما صلاة ورواه العقيلي في الضعفاء وابن شاهين في أماليه من حديث أبي هريرة وزاد ثم صلى لكل أسبوع ركعتين وفي إسنادهما عبد السلام بن أبي الحبوب منكر الحديث فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل أسبوع طواف وليدع بعد ركعتي الطواف وليقل اللهم يسر لي اليسرى وجنبني العسرى واغفر لي في الآخرة والأولى واعصمني بألطافك حتى لا أعصيك وأعني على طاعتك بتوفيقك وجنبني معاصيك واجعلني ممن يحبك ويحب ملائكتك ورسلك ويحب عبادك الصالحين اللهم حببني إلى ملائكتك ورسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم فكما هديتني إلى الإسلام فثبتني عليه بألطافك وولايتك واستعملني لطاعتك وطاعة رسولك وأجرني من مضلاتالفتن ثم ليعد إلى الحجر وليستلمه وليختم به الطواف قال صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين فله من الأجر كعتق رقبة حديث من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين فله من الأجر كعتق رقبة أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه من حديث ابن عمر من طاف بالبيت وصلى ركعتين كان كعتق رقبة لفظ ابن ماجه وقال الآخر من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة وللبيهقي في الشعب من طاف أسبوعا وركع ركعتين كانت كعتاق رقبة وهذه كيفية الطواف والواجب من جملته بعد شروط الصلاة أن يستكمل عدد الطواف سبعا بجميع البيت وأن يبتدىء بالحجر الأسود ويجعل البيت على يساره وأن يطوف داخل المسجد وخارج البيت لا على الشاذروان ولا في الحجر وأن يوالي بين الأشواط ولا يفرقها تفريقا خارجا عن المعتاد وما عدا هذا فهو سنن وهيئات
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 8:56 am | |
|
الجملة الخامسة : في السعي. فإذا فرغ من الطواف فليخرج من باب الصفا وهو في محاذاة الضلع الذي بين الركن اليماني والحجر فإذا خرج من ذلك الباب وانتهى إلى الصفا وهو جبل فيرقى فيه درجات في حضيض الجبل بقدر قامة الرجل رقى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت له الكعبة حديث أنه رقى على الصفا حتى بدت له الكعبة أخرجه مسلم من حديث جابر فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت وله من حديث أبي هريرة أتى الصفا فعلا عليه حتى نزل إلى البيت وابتداء السعي من أصل الجبل كاف وهذه الزيادة مستحبة ولكن بعض تلك الدرج مستحدثة فينبغي أن لا يخلفها وراء ظهره فلا يكون متمما للسعي وإذا ابتدأ من ههنا سعى بينه وبين المروة سبع مرات وعند رقيه في الصفا ينبغي أن يستقبل البيت ويقول الله أكبر الله أكبر الحمد لله على ما هدانا الحمد لله بمحامده كلها على جميع نعمه كلها لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون اللهم إني أسألك إيمانا دائما ويقينا صادقا وعلما نافعا وقلبا خاشعا ولسانا ذاكرا وأسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة ويصلي على محمد صلى الله عليه وسلم ويدعو الله عز وجل بما شاء من حاجته عقيب هذا الدعاء ثم ينزل ويبتدىء السعي وهو يقول رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويمشي على هينه حتى ينتهى إلى الميل الأخضر وهو أول ما يلقاه إذا نزل من الصفا وهو على زاوية المسجد الحرام فإذا بقي بينه وبين محاذاة الميل ستة أذرع أخذ في السير السريع وهو الرمل حتى ينتهي إلى الميلين الأخضرين ثم يعود إلى الهينة فإذا انتهى إلى المروة صعدها كما صعد الصفا وأقبل بوجهه على الصفا ودعا بمثل ذلك الدعاء وقد حصل السعي مرة واحدة فإذا عاد إلى الصفا حصلت مرتان يفعل ذلك سبعا ويرمل في موضع الرمل في كل مرة ويسكن في موضع السكون كما سبق وفي كل نوبة يصعد الصفا والمروة فإذا فعل ذلك فقد فرغ من طواف القدوم والسعي وهما سنتان والطهارة مستحبة للسعي وليست بواجبة بخلاف الطواف وإذا سعى فينبغي أن لا يعيد السعي بعد الوقوف ويكتفي بهذا ركنا فإنه ليس من شروط السعي أن يتأخر عن الوقوف وإنما ذلك شرط في طواف الركن نعم شرط كل سعي أن يقع بعد طواف أي طواف كان .
الجملة السادسة في الوقوف وما قبله . الحاج إذا انتهى يوم عرفة إلى عرفات يتفرغ لطواف القدوم ودخول مكة قبل الوقوف وإذا وصل قبل ذلك بأيام فطاف طواف القدوم فيمكث محرما إلى اليوم السابع من ذي الحجة فيخطب الإمام بمكة خطبة بعد الظهر عند الكعبة ويأمر الناس بالاستعداد للخروج إلى منى يوم التروية والمبيت بها وبالغدو منها إلى عرفة لإقامة فرض الوقوف بعد الزوال إذ وقت الوقوف من الزوال إلى طلوع الفجر الصادق من يوم النحر فينبغي أن يخرج إلى منى ملبيا ويستحب له المشي من مكة في المناسك إلى انقضاء حجته إن قدر عليه والمشي من مسجد إبراهيم عليه السلام إلى الموقف أفضل وآكد فإذا انتهى إلى منى قال اللهم هذه منى فامنن علي بما مننت به على أوليائك وأهل طاعتك وليمكث هذه الليلة بمنى وهو مبيت منزل لا يتعلق به نسك فإذا أصبح يوم عرفة صلى الصبح فإذا طلعت الشمس على ثبير سار إلى عرفات ويقول اللهم اجعلها خير غدوة غدوتها قط وأقربها من رضوانك وأبعدها من سخطك اللهم إليك غدوت وإياك رجوت وعليك اعتمدت ووجهك أردت فاجعلني ممن تباهي به اليوم من هو خير مني وأفضل فإذا أتى عرفات فليضرب خباءه بنمرة قريبا من المسجد فثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبته حديث ضربه صلى الله عليه وسلم قبته بنمرة أخرجه مسلم من حديث جابر الطويل أمر بقبة من شعر تضرب له بثمرة الحديث ونمرة هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة وليغتسل للوقوف فإذا زالت الشمس خطب الإمام خطبة وجيزة وقعد وأخذ المؤذن في المؤذن في الأذان والإمام في الخطبة الثانية ووصل الإقامة بالأذان وفرغ الإمام مع تمام إقامة المؤذن ثم جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين وقصر الصلاة وراح إلى الموقف فليقف بعرفة ولا يقفن في وادي عرنة وأما مسجد إبراهيم عليه السلام فصدره في الوادي وأخرياته من عرفة فمن وقف في صدر المسجد لم يحصل له الوقوف بعرفة ويتميز مكان عرفة من المسجد بصخرات كبار فرشت ثم والأفضل أن يقف عند الصخرات بقرب الإمام مستقبلا للقبلة راكبا وليكثر من أنواع التحميد والتسبيح والتهليل والثناء على الله عز وجل والدعاء والتوبة ولا يصوم في هذا اليوم ليقوى على المواظبة على الدعاء ولا يقطع التلبية يوم عرفة بل الأحب أن يلبي تارة ويكب على الدعاء أخرى وينبغي أن لا ينفصل من طرف عرفة إلا بعد الغروب ليجمع في عرفة بين الليل والنهار وإن أمكنه الوقوف يوم الثامن ساعة عند إمكان الغلط في الهلال فهو الحزم وبه الأمن من الفوات ومن فاته الوقوف حتى طلع الفجر يوم النحر فقد فاته الحج فعليه أن يتحلل عن إحرامه بأعمال العمرة ثم يريق دما لأجل الفوات ثم يقضي العام الآتي وليكن أهم اشتغاله في هذا اليوم الدعاء ففي مثل تلك البقعة ومثل ذلك الجمع ترجى إجابة الدعوات والدعاء المأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث الدعاء المأثور في يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحديث أخرجه الترمذي من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وقال حسن غريب وله من حديث علي قال أكثر ما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في الموقف اللهم لك الحمد كالذي تقول وخيرا مما نقول لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي ولك رب تراثي اللهم إني أعوذ بك من شر ما تجيء به الريح وقال ليس بالقوي إسناده وروى المستغفري في الدعوات من حديثه يا علي إن أكثر دعاء من قبلي يوم عرفة أن أقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم اجعل في صدري نورا وفي سمعي نورا وفي قلبي نورا اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري اللهم إني أعوذ بك من وسواس الصدر وشتات الأمر وفتنة القبر وشر ما يلج في الليل وشر ما يلج في النهار وشر ما تهب به الرياح ومن شر بوائق الدهر وإسناده ضعيف وروى الطبراني في المعجم الصغير من حديث ابن عباس قال كان مما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير فذكر الحديث إلى قوله يا خير المسئولين ويا خير المعطين وإسناده ضعيف وباقي الدعاء من دعاء بعض السلف في بعضه ما هو مرفوع ولكن ليس مقيدا بموقف عرفة وعن السلففي يوم عرفة أول ما يدعو به فليقل لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير اللهم اجعل في قلبي نورا وفي سمعي نورا وفي بصري نورا وفي لساني نورا اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري وليقل اللهم رب الحمد لك الحمد كما تقول وخيرا مما نقول لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي وإليك ثوابي اللهم إني أعوذ بك من وساوس الصدر وشتات الأمر وعذاب القبر اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل ومن شر ما يلج في النهار ومن شر ما تهب به الرياح ومن شر بوائق الدهر اللهم إني أعوذ بك من تحول عافيتك وفجأة نقمتك وجميع سخطك اللهم اهدني بالهدى واغفر لي في الآخرة والأولى يا خير مقصود وأسنى منزول به وأكرم مسئول ما لديه أعطني العشية أفضل ما أعطيت أحدا من خلقك وحجاج بيتك يا أرحم الراحمين اللهم يا رفيع الدرجات ومنزل البركات ويا فاطر الأرضين والسموات ضجت إليك الأصوات بصنوف اللغات يسألونك الحاجات وحاجتي إليك أن لا تنساني في دار البلاء إذا نسيني أهل الدنيا اللهم إنك تسمع كلامي وترى مكاني وتعلم سري وعلانيتي ولا يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المعترف بذنه أسألك مسألة المسكين وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل وأدعوك دعاء الخائف الضرير دعاء من خضعت لك رقبته وفاضت لك عبرته وذل لك جسده ورغم لك أنفه اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيا وكن بي رءوفا رحيما يا خير المسئولين وأكرم المعطين إلهي من مدح لك نفسه فإني لائم نفسي إلهي أخرست المعاصي لساني فما لي وسيلة عن عمل ولا شفيع سوى الأمل إلهي إني أعلم أن ذنوبي لم تبق لي عندك جاها ولا للاعتذار وجها ولكنك أكرم الأكرمين إلهي إن لم أكن أهلا أن أبلغ رحمتك فإن رحمتك أهل أن تبلغني ورحمتك وسعت كل شيء وأنا شيء إلهي إن ذنوبي وإن كانت عظاما ولكنها صغار في جنب عفوك فاغفرها لي يا كريم إلهي أنت أنت وأنا أنا أنا العواد إلى الذنوب وأنت العواد إلى المغفرة إلهي إن كنت لا ترحم إلا أهل طاعتك فإلى من يفزع المذنبون إلهي تجنبت عن طاعتك عمدا وتوجهت إلى معصيتك قصدا فسبحانك ما أعظم حجتك علي وأكرم عفوك عني فبوجوب حجتك علي وانقطاع حجتي عنك وفقري إليك وغناك عني إلا غفرت لي يا خير من دعاه داع وأفضل من رجاه راج بحرمة الإسلام وبذمة محمد صلى الله عليه وسلم أتوسل إليك فاغفر لي جميع ذنوبي واصرفني من موقفي هذا مقضي الحوائج وهب لي ما سألت وحقق رجائي فيما تمنيت إلهي دعوتك بالدعاء الذي علمتنيه فلا تحرمني الرجاء الذي عرفتنيه إلهي ما أنت صانع العشية بعبد مقر لك بذنبه خاشع لك بذلته مستكين بجرمه متضرع إليك من عمله تائب إليك من اقترافه مستغفر لك من ظلمه مبتهل إليك في العفو عنه طالب إليك نجاح حوائجه راج إليك في موقفه مع كثرة ذنوبه فيا ملجأ كل حي وولي كل مؤمن من أحسن فبرحمتك يفوز ومن أخطأ فبخطيئته يهلك اللهم إليك خرجنا وبفنائك أنخنا وإياك أملنا وما عندك طلبنا ولإحسانك تعرضنا ورحمتك رجونا ومن عذابك أشفقنا وإليك بأثقال الذنوب هربنا ولبيتك الحرام حججنا يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ضمائر الصامتين يا من ليس معه رب يدعى ويا من ليس فوقه خالق يخشى ويا من ليس له وزير يؤتى ولا حاجب يرشى يا من لا يزداد على كثرة السؤال إلا جودا وكرما وعلى كثرة الحوائج إلا تفضلا وإحسانا اللهم إنك جعلت لكل ضيف قرى ونحن أضيافك فاجعل قرانا منك الجنة اللهم إن لكل وفد جائزة ولكل زائر كرامة ولكل سائل عطية ولكل راج ثوابا ولكل ملتمس لم عندك جزاء ولكلمسترحم عندك رحمة ولكل راغب إليك زلفى ولكل متوسل إليك عفوا وقد وفدنا إلى بيتك الحرام ووقفنا بهذه المشاعر العظام وشهدنا هذه المشاهد الكرام رجاء لما عندك فلا تخيب رجاءنا إلهنا تابعت النعم حتى اطمأنت الأنفس بتتابع نعمك وأظهرت العبر حتى نطقت الصوامت بحجتك وظاهرت المنن حتى اعترف أولياؤك بالتقصير عن حقك وأظهرت الآيات حتى أفصحت السموات والأرضون بأدلتك وقهرت بقدرتك حتى خضع كل شيء لعزتك وعنت الوجوه لعظمتك إذا أساءت عبادك حلمت وأمهلت وإن أحسنوا تفضلت وقبلت وإن عصوا سترت وإن أذنبوا عفوت وغفرت وإذا دعونا أجبت وإذا نادينا سمعت وإذا أقبلنا إليك قربت وإذا ولينا عنك دعوت إلهنا إنك قلت في كتابك المبين لمحمد خاتم النبيين قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف فأرضاك عنهم بالإقرار بكلمة التوحيد بعد الجحود وإنا نشهد لك بالتوحيد مخبتين ولمحمد بالرسالة مخلصين فاغفر لنا بهذه الشهادة سوالف الإجرام ولا تجعل حظنا فيه أنقص من حظ من دخل في الإسلام إلهنا إنك أحببت التقرب إليك بعتق ما ملكت أيماننا ونحن عبيدك وأنت أولى بالتفضل فاعتقنا وإنك أمرتنا أن نتصدق على فقرائنا ونحن فقراؤك وأنت أحق بالتطول فتصدق علينا ووصيتنا بالعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا وأنت أحق بالكرم فاعف عنا ربنا اغفر لنا وارحمنا أنت مولانا ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا برحمتك عذاب النار وليكثر من دعاء الخضر عليه السلام وهو أن يقول يا من لا يشغله شأن عن شأن ولا سمع عن سمع ولا تشتبه عليه الأصوات يا من لا تغلطه المسائل ولا تختلف عليه اللغات يا من لا يبرمه إلحاح الملحين ولا تضجره مسألة السائلين أذقنا برد عفوك وحلاوة مناجاتك وليدع بما بدا له وليستغفر له ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات وليلح في الدعاء وليعظم المسأله فإن الله لا يتعاظمه شيء وقال مطرف بن عبد الله هو بعرفة اللهم لا ترد الجميع من أجلي وقال بكر المزني قال رجل لما نظرت إلى أهل عرفات ظننت أنهم قد غفر لهم لولا أني كنت فيهم.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 9:01 am | |
|
الجملة السابعة : في بقية أعمال الحج : بعد الوقوف من المبيت والرمي والنحر والحلق والطواف فإذا أفاض من عرفة بعد غروب الشمس فينبغي أن يكون على السكينة والوقار وليجتنب وجيف الخيل وإيضاع الإبل كما يعتاده بعض الناس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن وجيف الخيل وإيضاع الإبل وقال اتقوا الله وسيروا سيرا جميلا لا تطأوا ضعيفا ولا تؤذوا مسلما حديث نهى النبي عن وجيف الخيل وإيضاع الإبل أخرجه النسائي والحاكم وصححه من حديث أسامة بن زيد عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس في إيضاع الإبل وقال الحاكم ليس البر بإيجاف الخيل والإبل وللبخاري من حديث ابن عباس فإن البر ليس بالإيضاع فإذا بلغ المزدلفة اغتسل لها لأن المزدلفة من الحرم فليدخله بغسل وإن قدر على دخوله ماشيا فهو أفضل وأقرب إلى توقير الحرم ويكون في الطريق رافعا صوته بالتلبية فإذا بلغ المزدلفة قال اللهم إن هذه مزدلفة جمعت فيها ألسنة مختلفة تسألك حوائج مؤتنفة فاجعلني ممن دعاك فاستجبت له وتوكل عليك فكفيته ثم يجمع بين المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء قاصرا له بأذان وإقامتين ليس بينهما نافلة ولكن يجمع نافلة المغرب والعشاء والوتر بعد الفريضتين ويبدأ بنافلة المغرب ثم بنافلة العشاء كما في الفريضتين فإن ترك النوافل في السفر خسران ظاهر وتكليف إيقاعها في الأوقات إضرار وقطع للتبعية بينهما وبين الفرائض فإذا جاز أن يؤدي النوافل مع الفرائض بتيمم واحد بحكم التبعية فبأن يجوز أداؤهما على حكم الجمع بالتبعية أولى ولا يمنع من هذا مفارقة النفل للفرض في جواز أدائه على الراحلة لما أو مأنا إليه من التبعية والحاجة ثم يمكث تلك الليلةبمزدلفة وهو مبيت نسك ومن خرج منها في النصف الأول من الليل ولم يبت فعليه دم وإحياء هذه الليلة الشريفة من محاسن القربات لمن يقدر عليه ثم إذا انتصف الليل يأخذ في التأهب للرحيل ويتزود الحصى منها ففيها أحجار رخوة فليأخذ سبعين حصاة فإنها قدر الحاجة ولا بأس بأن يستظهر بزيادة فربما يسقط منه بعضها ولتكن الحصى خفافا بحيث يحتوي عليه أطراف البراجم ثم ليغلس بصلاة الصبح وليأخذ في المسير حتى إذا انتهى إلى المشعر الحرام وهو آخر المزدلفة فيقف ويدعو إلى الإسفار ويقول اللهم بحق المشعر الحرام والبيت الحرام والشهر الحرام والركن والمقام أبلغ روح محمد منا التحية والسلام وأدخلنا دار السلام يا ذا الجلال والإكرام ثم يدفع منها قبل طلوع الشمس حتى ينتهي إلى موضع يقال له وادي محسر فيستحب له أن يحرك دابته حتى يقطع عرض الوادي وإن كان راجلا أسرع في المشي ثم إذا أصبح يوم النحر خلط التلبية بالتكبير فيلبي تارة ويكبر أخرى فينتهي إلى منى ومواضع الجمرات وهي ثلاثة فيتجاوز الأولى والثانية فلا شغل له معهما يوم النحر حتى ينتهي إلى جمرة العقبة وهي على يمين مستقبل القبلة في الجادة والمرمى مرتفع قليلا في سفح الجبل وهو ظاهر بمواقع الجمرات ويرمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بقدر رمح وكيفيته أن يقف مستقبلا القبلة وإن استقبل الجمرة فلا بأس ويرمي سبع حصيات رافعا يده ويبدل التلبية بالتكبير ويقول مع كل حصاة الله أكبر على طاعة الرحمن ورغم الشيطان اللهم تصديقا بكتابك واتباعا لسنة نبيك فإذا رمى قطع التلبية والتكبير إلا التكبير عقيب فرائض الصلوات من ظهر يوم النحر إلى عقيب الصبح من آخر أيام التشريق ولا يقف في هذا اليوم للدعاء بل يدعو في منزله وصفة التكبير أن يقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله وحده لا شريك له مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله والله أكبر ثم ليذبح الهدي إن كان معه والأولى أن يذبح بنفسه وليقل بسم الله والله أكبر اللهم منك وبك وإليك تقبل مني كما تقبلت من خليلك إبراهيم والتضحية بالبدن أفضل ثم بالبقر ثم بالشاة والشاة أفضل من مشاركة ستة في البدنة أو البقرة والضأن أفضل من المعز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الأضحية الكبش الأقرن والبيضاء أفضل من الغبراء والسوداء حديث خير الأضحية الكبش أخرجه أبو داود من حديث عبادة بن الصامت والترمذي من حديث أبي أمامة قال الترمذي غريب وعفير يضعف في الحديث وقال أبو هريرة البيضاء أفضل في الأضحى من دم سوداوين وليأكل منه إن كانت من هدي التطوع ولا يضحين بالعرجاء والجدعاء والعضباء والجرباء والشرقاء والخرقاء والمقابلة والمدابرة والعجفاء والجدع في الأنف والأذن للقطع منهما والعضب في القرن وفي نقصان القوائم والشرقاء المشقوقة الأذن من فوق والخرقاء من أسفل والمقابلة المخروقة في الأذن من قدام والمدابرة من خلف والعجفاء المهزولة التي لا تنقى أي لا مخ فيها من الهزال ثم ليحلق بعد ذلك والسنة أن يستقبل القبلة ويبتدىء بمقدم رأسه فيحلق الشق الأيمن إلى العظمين المشرفين على القفا ثم ليحلق الباقي ويقول اللهم أثبت لي بكل شعرة حسنة وامح عني بها سيئة وارفع لي بها عندك درجة والمرأة تقصر الشعر والأصلع يستحب له إمرار الموسى على رأسه ومهما حلق بعد رمي الجمرة فقد حصل له التحلل الأول وحل له كل المحذورات إلا النساء والصيد ثم يفيض إلى مكة ويطوف كما وصفناه وهذا الطواف طواف ركن في الحج ويسمى طواف الزيارة وأول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر وأفضل وقته يوم النحر ولا آخر لوقته بل له أن يؤخر إلى أي وقت شاء ولكن يبقى مقيدا بعلقة الإحرام فلا تحل له النساء إلى أن يطوف فإذا طاف تم التحلل وحل الجماع وارتفع الإحرام بالكلية ولم يبقإلا رمي أيام التشريق والمبيت بمنى وهي واجبات بعد زوال الإحرام على سبيل الاتباع للحق وكيفية هذا الطواف مع الركعتين كما سبق في طواف القدوم فإذا فرغ من الركعتين فليسع كما وصفنا إن لم يكن سعى بعد طواف القدوم وإن كان قد سعى فقد وقع ذلك ركنا فلا ينبغي أن يعيد السعي وأسباب التحلل ثلاثة الرمي والحلق والطواف الذي هو ركن ومهما أتى باثنين من هذه الثلاثة فقد تحلل أحد التحللين ولا حرج عليه في التقديم والتأخير بهذه الثلاث مع الذبح ولكن الأحسن أن يرمى ثم يذبح ثم يحلق ثم يطوف والسنة للإمام في هذا اليوم أن يخطب بعد الزوال وهي خطبة وداع رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الحج أربع خطب خطبة يوم السابع وخطبة يوم عرفة وخطبة يوم النحر حديث الخطبة يوم النحر وهي خطبة وداع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري من حديث أبي بكرة خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر وله من حديث ابن عباس خطب الناس يوم النحر وفي حديث علقمة البخاري ووصله ابن ماجه من حديث ابن عمر وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج فيها فقال أي يوم هذا الحديث وفيه ثم ودع الناس فقالوا هذه حجة الوداع وخطبة يوم النفر الأول وكلها عقيب الزوال وكلها إفراد إلا خطبة يوم عرفة فإنها خطبتان بينهما جلسة ثم إذا فرغ من الطواف عاد إلى منى للمبيت والرمي فيبيت تلك الليلة بمنى وتسمى ليلة القر لأن الناس في غد يقرون بمنى ولا ينفرون فإذا أصبح اليوم الثاني من العيد وزالت الشمس اغتسل للرمي وقصد الجمرة الأولى التي تلي عرفة وهي على يمين الجادة ويرمي إليها بسبع حصيات فإذا تعداها انحرف قليلا عن يمين الجادة ووقف مستقبل القبلة وحمد الله تعالى وهلل وكبر ودعا مع حضور القلب وخشوع الجوارح ووقف مستقبل القبلة قدر قراءة سورة البقرة مقبلا على الدعاء ثم يتقدم إلى الجمرة الوسطى ويرمي كما رمى الأولى ويقف كما وقف للأولى ثم يتقدم إلى جمرة العقبة ويرمي سبعا ولا يعرج على شغل بل يرجع إلى منزله ويبيت تلك الليلة بمنى وتسمى هذه الليلة ليلة النفر الأول ويصبح فإذا صلى الظهر في اليوم الثاني من أيام التشريق رمى في هذا اليوم إحدى وعشرين حصاة كاليوم الذي قبله ثم هو مخير بين المقام بمنى وبين العود إلى مكة فإن خرج من منى قبل غروب الشمس فلا شيء عليه وإن صبر إلى الليل فلا يجوز له الخروج بل لزمه المبيت حتى يرمي في يوم النفر الثاني أحدا وعشرين حجرا كما سبق وفي ترك المبيت والرمي إراقة دم وليتصدق باللحم وله أن يزور البيت في ليالي منى بشرط أن لا يبيت إلا بمنى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك حديث زيارة البيت في ليالي منى والمبيت بمنى أخرجه أبو داود في المراسيل من حديث طاوس قال أشهد أن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور البيت أيام منى وفيه عمرو بن رباح ضعيف والمرسل صحيح الإسناد ولأبي داود من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث بمنى ليالي أيام التشريق ولا يتركن حضور الفرائض مع الإمام في مسجد الخيف فإن فضله عظيم فإذا أفاض من منى فالأولى أن يقيم بالمحصب من منى ويصلي العصر والمغرب والعشاء ويرقد رقدة حديث نزول المحصب وصلاة العصر والمغرب والعشاء به والرقود به رقدة أخرجه البخاري من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالبطحاء ثم هجع هجعة الحديث فهو السنة رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم فإن لم يفعل ذلك فلا شيء عليه الجملة الثامنة في صفة العمرة وما بعدها إلى طواف الوداع من أراد أن يعتمر قبل حجه أو بعده كيفما أراد فليغتسل ويلبس ثياب الإحرام كما سبق في الحج ويحرم بالعمرة من ميقاتها وأفضل مواقيتها الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية وينوي العمرة ويلبي ويقصد مسجد عائشة رضي اللهعنها ويصلي ركعتين ويدعو بما شاء ثم يعود إلى مكة وهو يلبي حتى يدخل المسجد الحرام فإذا دخل المسجد ترك التلبية وطاف سبعا وسعى سبعا كما وصفنا فإذا فرغ حلق رأسه وقد تمت عمرته والمقيم بمكة ينبغي أن يكثر الاعتمار والطواف وليكثر النظر إلى البيت فإذا دخله فليصل ركعتين بين العمودين فهو الأفضل وليدخله حافيا موقرا قيل لبعضهم هل دخلت بيت ربك اليوم فقال والله ما أرى هاتين القدمين أهلا للطواف حول بيت ربي فكيف أراهما أهلا لأن أطأ بهما بيت ربي وقد علمت حيث مشيتا وإلى أين مشيتا وليكثر شرب ماء زمزم وليستق بيده من غير استنابة إن أمكنه وليرتو منه حتى يتضلع وليقل اللهم اجعله شفاء من كل داء وسقم وارزقني الإخلاص واليقين والمعافاة في الدنيا والآخرة قال صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له حديث ماء زمزم لما شرب له أخرجه ابن ماجه من حديث جابر بسند ضعيف ورواه الدار قطني والحاكم في المستدرك من حديث ابن عباس قال الحاكم صحيح الإسناد إن سلم من محمد بن حبيب الجلارودي قال ابن القطان سلم منه فإن الخطيب قال فيه كان صدوقا قال ابن القطان لكن الراوي عنه مجهول وهو محمد بن هشام المروزي أي يشفى ما قصد به الجملة التاسعة في طواف الوداع مهما عن له الرجوع إلى الوطن بعد الفراغ من إتمام الحج والعمرة فلينجز أولا أشغاله وليشد رحاله وليجعل آخر أشغاله وداع البيت ووداعه بأن يطوف به سبعا ما سبق ولكن من غير رمل واضطباع فإذا فرغ منه صلى ركعتين خلف المقام وشرب من ماء زمزم ثم يأتي الملتزم ويدعو ويتضرع ويقول اللهم إن البيت بيتك والعبد عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على ما سخرت لي من خلقك حتى سيرتني في بلادك وبلغتني بنعمتك حتى أعنتني على قضاء مناسكك فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضا وإلا فمن الآن قبل تباعدي عن بيتك هذا أوان انصرافي إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك ولا راغب عنك ولا عن بيتك اللهم أصحبني العافية في بدني والعصمة في ديني وأحسن منقلبي وارزقني طاعتك أبدا ما أبقيتني واجمع لي خير الدنيا والآخرة إنك على كل شيء قدير اللهم لا تجعل هذا آخر عهدي ببيتك الحرام وإن جعلته آخر عهدي فعوضني عنه الجنة والأحب أن لا يصرف بصره عن البيت حتى يغيب عنه الجملة العاشرة في زيارة المدينة وآدابها قال صلى الله عليه وسلم من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي حديث من زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي اخرجه الطبراني والدار قطني من حديث ابن عمر وقال صلى الله عليه وسلم من وجد سعة ولم يفد إلي فقد جفاني حديث من وجد سعة ولم يفد إلي فقد جفاني أخرجه ابن عدي والدار قطني في غرائب مالك وابن حبان في الضعفاء والخطيب في الرواة عن مالك في حديث ابن عمر من حج ولم يزرني فقد جفاني وذكره ابن الجوزي في الموضوعات وروى ابن النجار في تاريخ المدينة من حديث أنس ما من أحد من أمتي له سعة ثم لم يزرني فليس له عذر وقال صلى الله عليه وسلم من جاءني زائرا لا يهمه إلا زيارتي كان حقا على الله سبحانه أن أكون له شفيعا حديث من جاءني زائرا لا تهمه إلا زيارتي كان حقا على الله أن أكون له شفيعا أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر وصححه ابن السكن فمن قصد زيارة المدينة فليصل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه كثيرا فإذا وقع بصره على حيطان المدينة وأشجاره قال اللهم هذا حرم رسولك فاجعله لي وقاية من النار وأمانا من العذاب وسوء الحساب وليغتسل قبل الدخول من بئر الحرة وليتطيب وليلبس أنظف ثيابه فإذا دخلها فليدخلهامتواضعا معظما وليقل بسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا ثم يقصد المسجد ويدخله ويصلي بجنب المنبر ركعتين ويجعل عمود المنبر حذاء منكبه الأيمن ويستقبل السارية التي إلى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التي في قبلة المسجد بين عينيه فذلك موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يغير المسجد وليجتهد أن يصلي في المسجد الأول قبل أن يزاد فيه ثم يأتي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيقف عند وجهه وذلك بأن يستدبر القبلة ويستقبل جدار القبر على نحو من أربعة أذرع من السارية التي في زاوية جدار القبر ويجعل القنديل على رأسه وليس من السنة أن يمس الجدار ولا أن يقبله بل الوقوف من بعد أقرب للاحترام فيقف ويقول السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا نبي الله السلام عليك يا أمين الله السلام عليك يا حبيب الله السلام عليك يا صفوة الله السلام عليك يا خيرة الله السلام عليك يا أحمد السلام السلام عليك يا محمد السلام عليك يا أبا القاسم السلام عليك يا ماحي السلام عليك يا عاقب السلام عليك يا حاشر السلام عليك يا بشير السلام عليك يا نذير السلام عليك يا طهر السلام عليك يا طاهر السلام عليك يا أكرم ولد آدم السلام عليك يا سيد المرسلين السلام عليك يا خاتم النبيين السلام عليك يا رسول رب العالمين السلام عليك يا قائد الخير السلام عليك يا فاتح البر السلام عليك يا نبي الرحمة السلام عليك يا هادي الأمة السلام عليك يا قائد الغر المحجلين السلام عليك وعلى أهل بيتك الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا السلام عليك وعلى أصحابك الطيبين وعلى أزواجك الطاهرات أمهات المؤمنين جزاك الله عنا أفضل ما جزى نبيا عن قومه ورسولا عن أمته وصلى عليك كلما ذكرك الذاكرون وكلما غفل عنك الغافلون وصلى عليك في الأولين والآخرين أفضل وأكمل وأعلى وأجل وأطيب وأطهر ما صلى على أحد من خلقه كما استنقذنا بك من الضلالة وبصرنا بك من العماية وهدانا بك من الجهالة أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنك عبده ورسوله وأمينه وصفيه وخيرته من خلقه وأشهد أنك قد بلغت الرسالة وأديت الأمانة ونصحت الأمة وجاهدت عدوك وهديت أمتك وعبدت ربك حتى أتاك اليقين فصلى الله عليك وعلى أهل بيتك الطيبين وسلم وشرف وكرم وعظم وإن كان قد أوصى بتبليغ سلام فيقول السلام عليك من فلان السلام عليك من فلان ثم يتأخر قدر ذراع ويسلم على أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأن رأسه عند منكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأس عمر رضي الله عنه عند منكب أبي بكر رضي الله عنه ثم يتأخر قدر ذراع ويسلم على الفاروق عمر رضي الله عنه ويقول السلام عليكما يا وزيري رسول الله صلى الله عليه وسلم والمعاونين له على القيام بالدين ما دام حيا والقائمين في أمته بعده بأمور الدين تتبعان في ذلك آثاره وتعملان بسنته فجزاكما الله خير ما جزىوزيري نبي عن دينه ثم يرجع فيقف عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القبر والاسطوانة اليوم ويستقبل القبلة وليحمد الله عز وجل وليمجده وليكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول اللهم إنك قد قلت وقولك الحق ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما اللهم إنا قد سمعنا قولك وأطعنا أمرك وقصدنا نبيك متشفعين به إليك في ذنوبنا وما أثقل ظهورنا من أوزارنا تائبين من زللنا معترفين بخطايانا وتقصيرنا فتب اللهم علينا وشفع نبيك هذا فينا وارفعنا بمنزلته عندك وحقه عليك اللهم اغفر للمهاجرين والأنصار واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالأيمان اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبيك ومن حرمك يا أرحم الراحمين ثم يأتي الروضة فيصلى فيها ركعتين ويكثر من الدعاء ما استطاع لقوله صلى الله عليه وسلمما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي حديث ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي متفق عليه من حديث أبي هريرة وعبد الله ابن زيد ويدعو عند المنبر ويستحب أن يضع يده على الرمانة السفلى التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده عليها عند الخطبة حديث وضعه صلى الله عليه وسلم يده عند الخطبة على رمانة المنبر لم أقف له على أصل وذكر محمد بن الحسن ابن زبالة في تاريخ المدينة أن طول رمانتي المنبر اللتين كان يمسكهما صلى الله عليه وسلم بيديه الكريمتين إذا جلس شبر وأصبعان ويستحب له أن يأتي أحدا يوم الخميس ويزور قبور الشهداء فيصلي الغداة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخرج ويعود إلى المسجد لصلاة الظهر فلا يفوته فريضة في الجماعة في المسجد ويستحب أن يخرج كل يوم إلى البقيع بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويزور قبر عثمان رضي الله عنه وقبر الحسن بن علي رضي الله عنهما وفيه أيضا قبر علي ابن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد رضي الله عنهم ويصلي في مسجد فاطمة رضي الله عنها ويزور قبر إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبر صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك كله بالبقيع ويستحب له أن يأتي مسجد قباء في كل سبت ويصلي فيه لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من خرج من بيته حتى يأتي مسجد قباء ويصلي فيه كان له عدل عمرة حديث من خرج من بيته حتى يأتي مسجد قباء ويصلي فيه كان عدل عمرة أخرجه النسائي وابن ماجه من حديث سهل بن حنيف بإسناد صحيح ويأتي بئر أريس يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم تفل فيها وهي عند المسجد فيتوضأ منها ويشرب من مائها حديث إن النبي صلى الله عليه وسلم تفل في بئر أريس لم أقف له على أصل وإنما ورد أنه تفل في بئر البصة وبئر غرس كما سيأتي عند ذكرها ويأتي مسجد الفتح وهو على الخندق وكذا يأتي سائر المساجد والمشاهد ويقال إن جميع المشاهد والمساجد بالمدينة ثلاثون موضعا يعرفها أهل البلد فيقصد ما قدر عليه وكذلك يقصد الآبار التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ منها ويغتسل ويشرب منها حديث الآبار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ ويغتسل ويشرب منها وهي سبعة آبار قلت وهي بئر أريس وبئر حا وبئر رومة وبئر غرس وبئر بضاعة وبئر البصة وبئر السقيا أو العهن أو بئر جمل فحديث بئر أريس رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري في حديث فيه حتى دخل بئر أريس قال فجلست عند بابها وبابها من حديد حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ الحديث وحديث بئر حا متفق عليه من حديث أنس قال كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة نخلا وكان أحب أمواله إليه بئر حال وكانت مستتقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب الحديث وحديث بئر رومة رواه الترمذي والنسائي من حديث عثمان أنه قال أنشدكم الله والإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وليس بها ماء يستعذب غير بئر رومة فقال من يشتري بئر رومة ويجعل دلوه مع دلاء المسلمين الحديث قال الترمذي حديث حسن وفي رواية لهما هل تعلمون أن رومة لم يكن يشرب منها أحد إلا بالثمن فابتعتها فجعلتها للغني والفقير وابن السبيل الحديث وقال حسن صحيح وروى البغوي والطبراني من حديث بشير الأسلمي قال لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة وكان يبيع منها القربة بمد الحديث وحديث بئر غرس رواه ابن حبان في الثقات من حديث أنس أنه قال ائتوني بماء من بئر غرس فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب منها ويتوضأ ولابن ماجه بإسناد جيد مرفوعا إذا أنا مت فاغسلوني بسبع قرب من بئري بئر غرس وروينا في تاريخ المدينة لابن النجار بإسناد ضعيف مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ منها وبزق فيها وغسل منها حين توفي وحديث بئر بضاعة رواه أصحاب السنن من حديث أبي سعيد الخدري أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من بئر بضاعة وفي رواية أنه يستقى لك من بئر بضاعة الحديث قال يحيى بن معين إسناده جيد وقال الترمذي حسن وللطبراني من حديث أبي أسيد بصق النبي صلى الله عليه وسلم في بئر بضاعة ورويناه أيضا في تاريخ ابن النجار من حديث سهل بن سعد وحديث بئر البصة رواه ابن عدي من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه يوما فقال هل عندكم من سدر أغسل به رأسي فإن اليوم الجمعة قال نعم فأخرج له سدرا وخرج معه إلى البصة فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وصب غسالة رأسه ومراق شعره في البصة وفيه محمد بن الحسن بن زبالة ضعيف وحديث بئر السقيا رواه أبو داود من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعذب له من بيوت السقيا زاد البزار في مسنده أو من بئر السقيا ولأحمد من حديث علي خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالسقيا التي كانت لسعد بن أبي وقاص قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بوضوء فلما توضأ قام الحديث وأما بئر جمل ففي الصحيحين من حديث أبي الجهم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بئر جمل الحديث وصله البخاري وعلقه مسلم والمشهور أن الآثار بالمدينة سبعة وقد روى الدارمي من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه صبوا علي سبع قرب من آبار شتى الحديث وهو عند البخاري دون قوله من آبار شتى وهي سبع آبار طلبا للشفاءوتبركا به صلى الله عليه وسلم وإن أمكنه الأقامة بالمدينة مع مراعاة الحرمة فلها فضل عظيم قال صلى الله عليه وسلم لا يصبر على لاوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا يوم القيامة حديث لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا يوم القيامة تقدم في الباب قبله وقال صلى الله عليه وسلم من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت فإنه لن يموت بها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة حديث من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها الحديث تقدم في الباب قبله ثم إذا فرغ من أشغاله وعزم على الخروج من المدينة فالمستحب أن يأتي القبر الشريف ويعيد دعاء الزيارة كما سبق ويودع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسأل الله عز وجل أن يرزقه العودة إليه ويسأل السلامة في سفره ثم يصلي ركعتين في الروضة الصغيرة وهي موضع مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن زيدت المقصورة في المسجد فإذا خرج فليخرج رجله اليسرى أولا ثم اليمنى وليقل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ولا تجعله آخر العهد بنبيك وحط أوزاري بزيارته وأصحبني في سفري السلامة ويسر رجوعي إلى أهلي ووطني سالما يا ارحم الراحمين وليتصدق على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قدر عليه وليتتبع المساجد التي بين المدينة ومكة فيصلي فيها وهي عشرون موضعا .
فصل : في سنن الرجوع من السفر : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على رأس كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده حديث كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض الحديث متفق عليه من حديث ابن عمر وما زاده في آخره في بعض الروايات من قوله وكل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون رواه المحاملي في الدعاء بإسناد جيد وفي بعض الروايات وكل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون فينبغي أن يستعمل هذه السنة في رجوعه وإذا أشرف على مدينته يحرك الدابة ويقول اللهم اجعل لنا بها قرارا ورزقا حسنا ثم ليرسل إلى أهله من يخبرهم بقدومه كي لا يقدم عليهم بغتة فذلك هو السنة حديث إرسال المسافر إلى أهل بيته من يخبرهم بقدومه كيلا يقدم عليهم بغتة لم أجد فيه ذكر الإرسال وفي الصحيحين من حديث جابر كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل فقالوا أمهلوا حتى ندخل ليلا أن عشاء كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة ولا ينبغي أن يطرق أهله ليلا فإذا دخل البلد فليقصد المسجد أولا وليصل ركعتين فهو السنة حديث صلاة ركعتين في المسجد عند القدوم من السفر تقدم في الصلاة كذلك كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا دخل بيته قال توبا توبا لربنا أو با لا يغادر علينا حوبا فإذا استقر في منزله فلا ينبغي أن ينسى ما أنعم الله به عليه من زيارة بيته وحرمه وقبر نبيه صلى الله عليه وسلم فيكفر تلك النعمة بأن يعود إلى الغفلة واللهو والخوض في المعاصي فما ذلك علامة الحج المبرور بل علامته أن يعود زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة متأهبا للقاء رب البيت بعد لقاء البيت
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 9:10 am | |
|
الباب الثالث : في الآداب الدقيقة والأعمال الباطنة . بيان دقائق الآداب وهي عشرة :
الأول : أن تكون النفقة حلالا وتكون اليد خالية من تجارة تشغل القلب وتفرق الهم حتى يكون الهم مجردالله تعالى والقلب مطمئنا منصرفا إلى ذكر الله تعالى وتعظيم شعائره وقد روي في خبر من طريق أهل البيت إذا كان آخر الزمان خرج الناس إلى الحج أربعة أصناف سلاطينهم للنزهة وأغنياؤهم للتجارة وفقراؤهم للمسألة وقراؤهم للسمعة حديث إذا كان في آخر الزمان خرج الناس للحج أربعة أصناف سلاطينهم للنزهة وأغنياؤهم للتجارة وفقراؤهم للسؤال وقراؤهم للسمعة أخرجه الخطيب من حديث أنس بإسناد مجهول وليس فيه ذكر السلاطين ورواه أبو عثمان الصابوني في كتاب المائتين فقال تحج أغنياء أمتي للنزهة وأوساطهم للتجارة وفقراؤهم للمسألة وقراؤهم للرياء والسمعة وفي الخبر إشارة إلى جملة أغراض الدنيا التي يتصور أن تتصل بالحج فكل ذلك مما يمنع فضيلة الحج ويخرجه عن حيز حج الخصوص لا سيما إذا كان متجردا بنفس الحج بأن يحج لغيره بأجرة فيطلب الدنيا بعمل الآخرة وقد كره الورعون وأرباب القلوب ذلك إلا أن يكون قصده المقام بمكة ولم يكن له ما يبلغه فلا بأس أن يأخذ ذلك على هذا القصد لا ليتوصل بالدين إلى الدنيا بل بالدنيا إلى الدين فعند ذلك ينبغي أن يكون قصده زيارة بيت الله عز وجل ومعاونة أخيه المسلم بإسقاط الفرض عنه وفي مثله ينزل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الله سبحانه بالحجة الواحدة ثلاثة الجنة الموصى بها والمنفذ لها ومن حج بها عن أخيه حديث يدخل بالحجة الواحدة ثلاثة الجنة الموصى بها والمنفذ لها ومن حج بها عن أخيه أخرجه البيهقي من حديث جابر بسند ضعيف ولست أقول لا تحل الأجرة أو يحرم ذلك بعد أن أسقط فرض الإسلام عن نفسه ولكن الأولى أن لا يفعل ولا يتخذ ذلك مكسبه ومتجره فإن الله عز وجل يعطي الدنيا بالدين ولا يعطى الدين بالدنيا وفي الخبر مثل الذي يغزو في سبيل الله عز وجل ويأخذ أجرا مثل أم موسى عليه السلام ترضع ولدها وتأخذ أجرها حديث مثل الذي يغزو ويأخذ أجرا مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها أخرجه ابن عدي من حديث معاذ وقال مستقيم الإسناد منكر المتن فمن كان مثاله في أخذ الأجرة على الحج مثال أم موسى فلا بأس بأخذه فإنه يأخذ ليتمكن من الحج والزيارة فيه وليس يحج ليأخذ الأجرة بل يأخذ الأجرة ليحج كما كانت تأخذ أم موسى ليتيسر لها الإرضاع بتلبيس حالها عليهم.
الثاني : أن لا يعاون أعداء الله سبحانه بتسليم المكس وهم الصادون عن المسجد الحرام من أمراء مكة والأعراب المترصدين في الطريق فإن تسليم المال إليهم إعانة على الظلم وتيسير لأسبابه عليهم فهو كالإعانة بالنفس فليتلطف في حيلة الخلاص فإن لم يقدر فقد قال بعض العلماء ولا بأس بما قاله إن ترك التنفل بالحج والرجوع عن الطريق أفضل من إعانة الظلمة فإن هذه بدعة أحدثت وفي الإنقياد لها ما يجعلها سنة مطردة وفيه ذل وصغار على المسلمين ببذل جزية ولا معنى لقول القائل إن ذلك يؤخذ مني وأنا مضطر فإنه لو قعد في البيت أو رجع من الطريق لم يؤخذ منه شيء بل ربما يظهر أسباب الترفه فتكثر مطالبته فلو كان في زي الفقراء لم يطالب فهو الذي ساق نفسه إلى حالة الاضطرار.
الثالث : التوسع في الزاد وطيب النفس بالبذل والإنفاق من غير تقتير ولا إسراف بل على اقتصاد وأعني بالإسراف التنعم بأطيب الأطعمة والترفه بشرب أنواعها على عادة المترقين فأما كثرة البذل فلا سرف فيه إذ لا خير في السرف ولا سرف في الخير كما قيل وبذل الزاد في طريق الحج نفقته في سبيل عز وجل والدرهم بسبعمائة درهم قال ابن عمر رضي الله عنهما من كرم الرجل طيب زاده في سفره وكان يقول أفضل الحاج أخلصهم نية وأزكاهم نفقة وأحسنهم يقينا وقال صلى الله عليه وسلم الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فقيل له يا رسول الله ما بر الحج فقال طيب الكلام وإطعام الطعام حديث الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة فقيل له ما بر الحج قال طيب الكلام وإطعام الطعام أخرجه أحمد من حديث جابر بإسناد لين ورواه الحاكم مختصرا وقال صحيح الإسناد.
الرابع : ترك الرفث والفسوق والجدال كما نطق به القرآن والرفث اسم جامع لكل لغو وخنى وفحش من الكلام ويدخل فيه مغازلة النساء ومداعبتهن والتحدث بشأن الجماع ومقدماته فإن ذلك يهيج داعية الجماع المحظور والداعي إلى المحظور محظور والفسق اسم جامع لكل خروج عن طاعة الله عز وجل والجدال هو المبالغة في الخصومة والمماراة بما يورث الضغائن ويفرق في الحال الهمة ويناقض حسن الخلق وقد قال سفيان من رفث فسد حجه وقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم طيب الكلام مع إطعام الطعام من بر الحج والمماراة تناقض طيب الكلام فلا ينبغي أن يكون كثير الاعتراض على رفيقه وجماله وعلى غيره من أصحابه بل يلين جانبه ويخفض جناحه للسائرين إلى بيت الله عز وجل ويلزم حسن الخلق وليس حسن الخلق كف الأذى بل احتمال الأذى وقيل سمى السفر سفرا لأنه يسفر عن أخلاق الرجال ولذلك قال عمر رضي الله عنه لمن زعم أنه يعرف رجلا هل صحبته في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق قال لا فقال ما أراك تعرفه.
الخامس : أن يحج ماشيا إن قدر عليه فذلك الأفضل أوصى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بنيه عند موته فقال يا بني حجوا مشاة فإن للحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم قيل وما حسنات الحرم قال الحسنة بمائة ألف والاستحباب في المشي في المناسك والتردد من مكة إلى الموقف وإلى منى آكد منه في الطريق وإن أضاف إلى المشي الإحرام من دويرة أهله فقد قيل إن ذلك من إتمام الحج قاله عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم في معنى قوله عز وجل وإتموا الحج والعمرة لله وقال بعض العلماء الركوب أفضل لما فيه من الإنفاق والمؤنة ولأنه أبعد عن ضجر النفس وأقل لأذاه وأقرب إلى سلامته وتمام حجه وهذا عند التحقيق ليس مخالفا للأول بل ينبغي أن يفصل ويقال من سهل عليه المشي فهو أفضل فإن كان يضعف ويؤدى به ذلك إلى سوء الخلق وقصور عن عمل فالركوب له أفضل كما أن الصوم للمسافر أفضل وللمريض ما لم يفض إلى ضعف وسوء خلق وسئل بعض العلماء عن العمرة أيمشي فيها أو يكتري حمارا بدرهم فقال إن كان وزن الدرهم أشد عليه فالكراء أفضل من المشي وإن كان المشي أشد عليه كالأغنياء فالمشي له أفضل فكأنه ذهب فيه إلى طريق مجاهدة النفس وله وجه ولكن الأفضل له أن يمشي ويصرف ذلك الدرهم إلى خير فهو أولى من صرفه إلى المكاري عوضا عن ابتذال الدابة فإذا كانت لا تتسع نفسه للجمع بين مشقة النفس ونقصان المال فما ذكره غير بعيد فيه .
السادس : أن لا يركب إلا زاملة أما المحمل فليجتنبه إلا إذا كان يخاف على الزاملة أن لا يستمسك عليها لعذر وفيه معنيان أحدهما التخفيف على البعير فإن المحمل يؤذيه والثاني اجتنات زي المترفين المتكبرين حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلة وكان تحته رحل رث وقطيفة خلقة قيمتها أربعة دراهم حديث حج رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وكان تحته رجل رث وقطيفة خلقة قيمتها أربعة دراهم أخرجه الترمذي في الشمائل وابن ماجه من حديث أنس بسند ضعيف وطاف على الراحلة لينظر الناس إلى هديه وشمائله حديث طوافه صلى الله عليه وسلم على راحلته تقدم وقال صلى الله عليه وسلم خذوا عني مناسككم حديث خذوا عني مناسككم أخرجه مسلم والنسائي واللفظ له من حديث جابر وقيل إن هذه المحامل أحدثها الحجاج وكان العلماء في وقته ينكرونها فروى سفيان الثوري عن أبيه أنه قال برزت من الكوفة إلى القادسية للحج ووافيت الرفاق من البلدان فرأيت الحاج كلهم على زوامل وجوالقات ورواحل وما رأيت في جميعهم إلا محملين وكان ابن عمر إذا نظر إلى ما أحدث الحجاج من الزي والمحامل يقول الحاج قليل والركب كثير ثم نظر إلى رجل مسكين رث الهيئة تحته جوالق فقال هذا نعم من الحجاج .
السابع : أن يكون رث الهيئة أشعث أغبر غير مستكثر من الزينة ولا مائل إلى أسباب التفاخر والتكاثر فيكتب في ديوان المتكبرين المترفهين ويخرج عن حزب الضعفاء والمساكين وخصوص الصالحين فقد أمر صلى الله عليه وسلم بالشعث والاختفاء حديث الأمر بالشعث والاختفاء أخرجه البغوي والطبراني من حديث عبد الله بن أبي حدرد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمعددوا واخشوشنوا وانتضلوا وامشوا حفاة وفيه اختلاف ورواه ابن عدي من حديث أبي هريرة وكلاهما ضعيف ونهى عن التنعم والرفاهية حديث فضالة بن عبيد في النهي عن التنعم والرفاهية وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى عن كثير من الإرفاه ولأحمد من حديث معاذ إياك والتنعم الحديث في حديث فضالة بن عبيد وفي الحديث إنما الحاج الشعث النفث حديث إنما الحاج الشعث التفث أخرجه الترمذي وابن ماجه من حديث ابن عمر وقال غريب ويقول الله تعالى انظروا إلى زوار بيتي قد جاءوني شعثا غبرا من كل فج عميق حديث يقول الله تعالى انظروا إلى زوار بيتي قد جاءوا شعثا غبرا من كل فج عميق أخرجه الحاكم وصححه من حديث أبي هريرة دون قوله من كل فج عميق وكذا رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمر وقال تعالى ثم ليقضوا تفثهم والتفث الشعث والاغبرار وقضاؤه بالحلق وقص الشارب والأظفار وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد اخلولقوا واخشوشنوا أي البسوا الخلقان واستعملوا الخشونة في الأشياء وقد قيل زين الحجيج أهل اليمن لأنهم على هيئة التواضع والضعف وسيرة السلف فينبغي أن يجتنب الحمرة في زيه على الخصوص والشهرة كيفما كانت على العموم فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر فنزل أصحابه منزلا فسرحت الإبل فنظر إلى أكسية حمر على الأقتاب فقال صلى الله عليه وسلم أرى هذه الحمرة قد غلبت عليكم حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر فنزل أصحابه منزلا فسرحت الإبل فنظر إلى أكسية حمر على الأقتاب فقال أرى هذه الحمرة قد غلبت عليكم الحديث أخرجه أبو داود من حديث رافع بن خديج وفيه رجل لم يسم قالوا فقمنا إليها ونزعناها عن ظهورها حتى شرد بعض الإبل.
الثامن : أن يرفق بالدابة فلا يحملها ما لا تطيق والمحمل خارج عن حد طاقتها والنوم عليها يؤذيها ويثقل عليها كان أهل الورع لا ينامون على الدواب إلا غفوة عن قعود وكانوا لا يقفون عليها الوقوف الطويل قال صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي حديث لا تتخذوا ظهور دوابكم كراسي أخرجه أحمد من حديث سهل بن معاذ بسند ضعيف ورواه الحاكم وصححه من رواية معاذ بن أنس عن أبيه ويستحب أن ينزل عن دابته غدوة وعشية يروحها بذلك فهو سنة حديث النزول عن الدابة غدوة وعشية يريحها بذلك أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس بإسناد جيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر في السفر مشى ورواه البيهقي في الأدب وقال مشى قليلا وناقته تقاد وفيه آثار عن السلف وكان بعض السلف يكتري بشرط أن لا ينزل ويوفي الأجرة ثم كان ينزل عنها ليكون بذلك محسنا إلى الدابة فيكون في حسناته ويوضع في ميزانه لا في ميزان المكاري وكل من آذى بهيمة وحملها ما لا تطيق طولب به يوم القيامة قال أبو الدرداء لبعير له عند الموت يا أيها البعير لا تخاصمني إلى ربك فإني لم أكن أحملك فوق طاقتك وعلى الجملة في كل كبد حراء أجر فليراع حق الدابة وحق المكاري جميعا وفي نزوله ساعة ترويح الدابة وسرور قلب المكاري قال رجل لابن المبارك احمل لي هذا الكتاب معك لتوصله فقال حتى أستأمر الجمال فإني قد اكتريت فانظر كيف تورع من استصحاب كتاب لا وزن له وهو طريق الحزم في الورع فإنه إذا فتح باب القليل انجر إلى الكثير يسيرا يسيرا .
التاسع : أن يتقرب بإراقة دم وإن لم يكن واجبا عليه ويجتهد أن يكون من سمين النعم ونفيسه وليأكل منه إن كان تطوعا ولا يأكل منه إن كان واجبا قيل في تفسير قوله تعالى ذلك ومن يعظم شعائر الله إنه تحسينه وتسمينه وسوق الهدي من الميقات أفضل إن كان لا يجهده ولا يكده وليترك المكاس في شرائه فقد كانوا يغالون في ثلاث ويكرهون المكاس فيهن الهدي والأضحية والرقبة فإن أفضل ذلك أغلاه ثمنا وأنفسه عند أهله وروى ابن عمر أن عمر رضي الله عنهما أهدى بختية فطلبت منه بثلثمائة دينار فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعها ويشتري بثمنها بدنا فنهاه عن ذلك وقال بل أهدها حديث ابن عمر أن عمر أهدى نجيبة فطلبت منه بثلثمائة دينار فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعها ويشتري بثمنها بدنا فنهاه عن ذلك وقال بل اهدها أخرجه أبو داود وقال انحرها وذلك لأن القليل الجيد خير من الكثير الدون وفي ثلثمائة دينار قيمة ثلاثين بدنة وفيها تكثير اللحم ولكن ليس المقصود اللحم إنما المقصود تزكية النفس وتطهيرها عن صفة البخل وتزيينها بجمال التعظيم لله عز وجل ف لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم وذلك يحصل بمراعاة النفاسة في القيمة كثر العدد أو قل وسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بر الحج فقال العج والثج حديث سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بر الحج فقال العج والثج أخرجه الترمذي واستغربه وابن ماجه والحاكم وصححه والبزار واللفظ له من حديث أبي بكر وقال الباقولي أي الحج أفضل والعج هو رفع الصوت بالتلبية والثج هو نحر البدن وروت عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما عمل آدمي يوم النحر أحب إلى الله عز وجل من إهراقه دما وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأظلافها وإن الدم يقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع بالأرض فطيبوا بها نفسا حديث عائشة ما عمل ابن آدم يوم النحر أحب إلى الله من إهراقه دما الحديث أخرجه الترمذي وحسنه ابن ماجه وضعفه ابن حبان وقال البخاري إنه مرسل ووصله ابن خزيمة وفي الخبر لكم بكل صوفة من جلدها حسنة وكل قطرة من دمها حسنة وإنها لتوضع في الميزان فأبشروا حديث لكم بكل صوفة من جلدها حسنة وكل قطرة من دمها حسنة وإنها لتوضع في الميزان فأبشروا أخرجه ابن ماجه وصححه البيهقي من حديث زيد بن أرقم في حديث فيه بكل شعرة حسنة قالوا فالصوف قال بكل شعرة من الصوف حسنة وفي رواية للبيهقي لكل قطرة حسنة قال البخاري لا يصح وروى أبو الشيخ في كتاب الضحايا من حديث علي أما إنها يجاء بها يوم القيامة بلحومها ودمائها حتى توضع في ميزانك يقولها لفاطمة وقال صلى الله عليه وسلم استنجدوا هداياكم فإنها مطاياكم يوم القيامة.
العاشر : أن يكون طيب النفس بما أنفقه من نفقة وهدي وبما أصابه من خسران ومصيبة في مال أو بدن إن أصابه ذلك فإن ذلك من دلائل قبول حجه فإن المصيبة في طريق الحج تعدل النفقة في سبيل الله عز وجل الدرهم بسبعمائة درهم بمثابة الشدائد في طريق الجهاد فله بكل أذى احتمله وخسران أصابه ثواب فلا يضيع منه شيء عند الله عز وجل ويقال إن من علامة قبول الحج أيضا ترك ما كان عليه من المعاصي وأن يتبدل بإخوانه البطالين إخوانا صالحين وبمجالس اللهو والغفلة مجالس الذكر واليقظة
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 9:11 am | |
|
بيان الأعمال الباطنة ووجه الإخلاص في النية وطريق الاعتبار بالمشاهد الشريفة وكيفية الافتكار فيها والتذكر لأسرارها ومعانيها من أول الحج إلى آخره :
اعلم أن أول الحج الفهم أعني فهم موقع الحج في الدين ثم الشوق إليه ثم العزم عليه ثم قطع العلائق المانعة منه ثم شراء ثوب الإحرام ثم شراء الزاد ثم اكتراء الراحلة ثم الخروج ثم المسير في البادية ثم الإحرام من الميقات بالتلبية ثم دخول مكة ثم استتمام الأفعال كما سبق وفي كل واحد من هذه الأمور تذكرة للمتذكر وعبرة للمعتبر وتنبيه للمريد الصادق وتعريف وإشارة للفطن فلنرمز إلى مفاتحها حتى إذا انفتح بابها وعرفت أسبابها انكشفت لكل حاج من أسرارها ما يقتضيه صفاء قلبه وطهارة باطنه وغزارة فهمه أما الفهم اعلم أنه لا وصول إلى الله سبحانه وتعالى إلا بالتنزه عن الشهوات والكف عن اللذات والاقتصار على الضرورات فيها والتجرد لله سبحانه في جميع الحركات والسكنات ولأجل هذا انفرد الرهبانيون في الملل السالفةعن الخلق وانحازوا إلى قلل الجبال وآثروا التوحش عن الخلق لطلب الأنس بالله عز وجل فتركوا لله عز وجل اللذات الحاضرة وألزموا أنفسهم المجاهدات الشاقة طمعا في الآخرة وأثنى الله عز وجل عليهم في كتابه فقال ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون فلما اندرس ذلك وأقبل الخلق على اتباع الشهوات وهجروا التجرد لعبادة الله عز وجل وفتروا عنه بعث الله عز وجل نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم لإحياء طريق الآخرة وتجديد سنة المرسلين في سلوكها فسأله أهل الملل عن الرهبانية والسياحة في دينه فقال صلى الله عليه وسلم أبدلنا الله بها الجهاد والتكبير على كل شرف حديث سئل عن الرهبانية والسياحة فقال بدلنا الله بها الجهاد والتكبير على كل شرف أخرجه أبو داود من حديث أبي أمامة أن رجلا قال يا رسول الله ائذن لي في السياحة فقال إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله رواه الطبراني بلفظ إن لكل أمة سياحة وسياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ولكل أمة رهبانية ورهبانية امتي الرباط في نحر العدو وللبيهقي في الشعب من حديث أنس رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله وكلاهما ضعيف والترمذي وحسنه والنسائي في اليوم والليلة وابن ماجه من حديث أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إني أريد أن أسافر فأوصني قال عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف يعني الحج وسئل صلى الله عليه وسلم عن السائحين فقال هم الصائمون حديث سئل عن السائحين فقال هم الصائمون أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة وقال المحفوظ عن عبيد بن عمير عن عمر مرسلا فأنعم الله عز وجل على هذه الأمة بأن جعل الحج رهبانية لهم فشرف البيت العتيق بالإضافة إلى نفسه تعالى ونصبه مقصدا لعباده وجعل ما حواليه حرما لبيته تفخيما لأمره وجعل عرفات كالميزاب على فناء حوضه وأكد حرمة الموضع بتحريم صيده وشجره ووضعه على مثال حضرة الملوك يقصده الزوار من كل فج عميق ومن كل أوب سحيق شعثا غبرا متواضعين لرب البيت ومستكينين له خضوعا لجلاله واستكانة لعزته مع الاعتراف بتنزيهه عن أن يحويه بيت أو يكتنفه بلد ليكون ذلك أبلغ في رقهم وعبوديتهم وأتم في إذعانهم وانقيادهم ولذلك وظف عليهم فيها أعمالا لا تأنس بها النفوس ولا تهتدي إلى معانيها العقول كرمي الجمار بالأحجار والتردد بين الصفا والمروة على سبيل التكرار وبمثل هذه الأعمال يظهر كمال الرق والعبودية فإن الزكاة إرفاق ووجهه مفهوم وللعقل إليه ميل والصوم كسر للشهوة التي هي آلة عدو الله وتفرغ للعبادة بالكف عن الشواغل والركوع والسجود في الصلاة تواضع لله عز وجل بأفعال هي هيئة التواضع وللنفوس أنس بتعظيم الله عز وجل فأما ترددات السعي ورمي الجمار وأمثال هذه الأعمال فلا حظ للنفوس ولا أنس فيها ولا اهتداء للعقل إلى معانيها فلا يكون في الإقدام عليها باعث إلا الأمر المجرد وقصد الامتثال للأمر من حيث إنه أمر واجب الإتباع فقط وفيه عزل للعقل عن تصرفه وصرف النفس والطبع عن محل أنسه فإن كل ما أدرك العقل معناه مال الطبع إليه ميلا ما فيكون ذلك الميل معينا للأمر وباعثا معه على الفعل فلا يكاد يظهر به كمال الرق والانقياد ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحج على الخصوص لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا حديث لبيك بحجة حقا تعبدا ورقا تقدم في الزكاة ولم يقل ذلك في صلاة ولا غيرها وإذا اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى ربط نجاة الخلق بأن تكون أعمالهم على خلاف هوى طباعهم وأن يكون زمامها بيد الشرع فيترددون في أعمالهم على سنن الانقياد وعلى مقتضى الإستعباد كان ما لا يهتدى إلى معانيه أبلغ أنواع التعبدات في تزكية النفوس وصرفها عن مقتضى الطباع والأخلاق مقتضى الإسترقاق وإذا تفطنت لهذا فهمت أن تعجب النفوس من هذه الأفعال العجيبة مصدره الذهول عن أسرار التعبدات وهذا القدر كاف في تفهم أصل الحج إن شاء الله تعالى وأما الشوق فإنما ينبعث بعد الفهم والتحقق بأن البيت بيت الله عز وجل وأنه وضع على مثال حضرة الملوكفقاصده قاصد إلى الله عز وجل وزائر له وأن من قصد البيت في الدنيا جدير بأن لا يضيع زيارته فيرزق مقصود الزيارة في ميعاده المضروب له وهو النظر إلى وجه الله الكريم في دار القرار من حيث إن العين القاصرة الفانية في دار الدنيا لا تتهيألقبول النظر الى وجه الله عز وجل ولا تطيق احتماله ولا تستعد للاكتحال به لقصورها وأنها إن أمدت في الدار الآخرة بالبقاء ونزهت عن أسباب التغير والفناء استعدت للنظر والإبصار ولكنها بقصد البيت والنظر إليه تستحق لقاء رب البيت بحكم الوعد الكريم فالشوق إلى لقاء الله عز وجل يشوقه إلى أسباب اللقاء لا محالة هذا مع أن المحب مشتاق إلى كل ماله إلى محبوبه إضافة والبيت مضاف إلى الله عز وجل فبالحرى أن يشتاق إليه لمجرد هذه الإضافة فضلا عن الطلب لنيل ما وعد عليه من الثواب الجزيل وأما العزم فليعلم أنه بعزمه قاصدا إلى مفارقة الأهل والوطن ومهاجرة الشهوات واللذات متوجها إلى زيارة بيت الله عز وجل وليعظم في نفسه قدر البيت وقدر رب البيت وليعلم أنه عزم على أمر رفيع شأنه خطير أمره وأن من طلب عظيما خاطر بعظيم وليجعل عزمه خالصا لوجه الله سبحانه بعيدا عن شوائب الرياء والسمعة وليتحقق أنه لا يقبل من قصده وعمله إلا الخالص وإن من أفحش الفواحش أن يقصد بيت الله وحرمه والمقصود غيره فليصحح مع نفسه العزم وتصحيحه بإخلاصه وإخلاصه باجتناب كل ما فيه رياء وسمعة فليحذر أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير وأما قطع العلائق فمعناه رد المظالم والتوبة الخالصة لله تعالى عن جملة المعاصي فكل مظلمة علاقة وكل علاقة مثل غريم حاضر متعلق بتلابيبه ينادي عليه ويقول إلى أين تتوجه أتقصد بيت ملك الملوك وأنت مضيع أمره في منزلك هذا ومستهين به ومهمل له أولا تستحي أن تقدم عليه قدوم العبد العاصي فيردك ولا يقبلك فإن كنت راغبا في قبول زيارتك فنفذ أوامره ورد المظالم وتب إليه أولا من جميع المعاصي واقطع علاقة قلبك عن الالتفات إلى ما وراءك لتكون متوجها إليه بوجه قلبك كما أنك متوجه إلى بيته بوجه ظاهرك فإن لم تفعل ذلك لم يكن لك من سفرك أولا إلا النصب والشقاء وآخرا إلا الطرد والرد وليقطع العلائق عن وطنه انقطع من قطع عنه وقدر أن لا يعود إليه وليكتب وصيته لأولاده وأهله فإن المسافر وماله لعلى خطر إلا من وقى الله سبحانه وليتذكر عند قطعه العلائق لسفر الحج قطع العلائق لسفر الآخرة فإن ذلك بين يديه على القرب وما يقدمه من هذا السفر طمع في تيسير ذلك السفر فهو المستقر وإليه المصير فلا ينبغي أن يغفل عن ذلك السفر عند الاستعداد بهذا السفر وأما الزاد فليطلبه من موضع حلال وإذا أحس من نفسه الحرص على استكثاره وطلب ما يبقى منه على طول السفر ولا يتغير ولا يفسد قبل بلوغ المقصد فليتذكر أن سفر الآخرة أطول من هذا السفر وأن زاده التقوى وأن ما عداه مما يظن أنه زاده يتخلف عنه عند الموت ويخونه فلا يبقى معه كالطعام الرطب الذي يفسد في أول منازل السفر فيبقى وقت الحاجة متحير محتاجا لا حيلة له فليحذر أن تكون أعماله التي هي زاده إلى الآخرة لا تصحبه بعد الموت بل يفسدها شوائب الرياء وكدورات التقصير وأما الراحلة إذا أحضرها فليشكر الله بقلبه على تسخير الله عز وجل له الدواب لتحمل عنه الأذى وتخفف عنه المشقة وليتذكر عنده المركب الذي يركبه إلى دار الآخرة وهي الجنازة التي يحمل عليها فإن أمر الحج من وجه يوازي أمر السفر إلى الآخرة ولينظر أيصلح سفره على هذا المركب لأن يكون زادا له لذلك السفر على ذلك المركب فما أقرب ذلك منه وما يدريه لعل الموت قريب ويكون ركوبه للجنازة قبل ركوبه للجمل وركوبالجنازة مقطوع به وتيسر أسباب السفر مشكوك فيه فكيف يحتاط في أسباب السفر المشكوك فيه ويستظهر في زاده وراحلته ويهمل أمر السفر المستيقن وأما شراء ثوبي الإحرام فليتذكر عنده الكفن ولفه فيه فإنه فيه سيرتديه ويتزر بثوبي الإحرام عند القرب من بيت الله عز وجل وربما لا يتم سفره إليه وأنه سيلقى الله عز وجل ملفوفا في ثياب الكفن لا محالة فكما لا يلقى بيت الله عز وجل إلا مخالفا عاداته في الزي والهيئة فلا يلقى الله عز وجل بعد الموت إلا في زي مخالف لزي الدنيا وهذا الثوب قريب من ذلك الثوب إذ ليس فيه مخيط كما في الكفن وأما الخروج من البلد فليعلم عنده أنه فارق الأهل والوطن متوجها إلى الله عز وجل في سفر لا يضاهي أسفار الدنيا فليحضر في قلبه أنه ماذا يريد وأين يتوجه وزيارة من يقصد وأنه متوجه إلى ملك الملوك في زمرة الزائرين له الذين نودوا فأجابوا وشوقوا فاشتاقوا واستنهضوا فنهضوا وقطعوا العلائق وفارقوا الخلائق وأقبلوا على بيت الله عز وجل الذي فخم أمره وعظم شأنه ورفع قدره تسليا بلقاء البيت عن لقاء رب البيت إلى أن يرزقوا منتهى مناهم ويسعدوا بالنظر إلى مولاهم وليحضر في قلبه رجاء الوصول والقبول لا إدلالا بأعماله في الارتحال ومفارقة الأهل والمال ولكن ثقة بفضل الله عز وجل ورجاء لتحقيقه وعده لمن زار بيته وليرج أنه إن لم يصل إليه وأدركته المنية في الطريق لقي الله عز وجل وافدا إليه إذ قال جل جلاله ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وأما دخول البادية إلى الميقات ومشاهدة تلك العقبات فليتذكر فيها ما بين الخروج من الدنيا بالموت إلى ميقات يوم القيامة وما بينهما من الأهوال والمطالبات وليتذكر من هول قطاع الطريق هول سؤال منكر ونكير ومن سباع البوادي عقارب القبر وديدانه وما فيه من الأفاعي والحيات ومن انفراده من أهله وأقاربه وحشة القبر وكربته ووحدته وليكن في هذه المخاوف في أعماله وأقواله متزودا لمخاوف القبر وأما الإحرام والتلبية من الميقات فليعلم أن معناه إجابة نداء الله عز وجل فارج أن تكون مقبولا واخش أن يقال لك لا لبيك ولا سعديك فكن بين الرجاء والخوف مترددا وعن حولك وقوتك متبرئا وعلى فضل الله عز وجل وكرمه متكلا فإن وقت التلبية هو بداية الأمر وهي محل الخطر قال سفيان بن عيينة حج علي بن الحسين رضي الله عنهما فلما أحرم واستوت به راحلته اصفر لونه وانتفض ووقعت عليه الرعدة ولم يستطع أن يلبي فقيل له لم لا تلبي فقال أخشى أن يقال لي لا لبيك ولا سعديك فلما لبى غشي عليه ووقع عن راحلته فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه وقال أحمد بن أبي الحواري كنت مع أبي سليمان الداراني رضي الله عنه حين أراد الإحرام فلم يلب حتى سرنا ميلا فأخذته الغشية ثم أفاق وقال يا أحمد إن الله سبحانه أوحى إلى موسى عليه السلام مر ظلمة بني إسرائيل أن يقلوا من ذكري فإني أذكر من ذكرني منهم باللعنة ويحك يا أحمد بلغني أن من حج من غير حلة ثم لبى قال الله عز وجل لا لبيك ولا سعديك حتى ترد ما في يديك فما نأمن أن يقال لنا ذلك وليتذكر الملبي عند رفع الصوت بالتلبية في الميقات إجابته لنداء الله عز وجل إذ قال وأذن في الناس بالحج ونداء الخلق بنفخ الصور وحشرهم من القبور وازدحامهم في عرصات القيامة مجيبين لنداء الله سبحانه ومنقسمين إلى مقربين وممقوتين ومقبولين ومردودين ومترددين في أول الأمر بين الخوف والرجاء تردد الحاج في الميقات حيث لا يدرون أيتيسر لهم إتمام الحج وقبوله أم لاوأما دخول مكة فليتذكر عندها أنه قد انتهى إلى حرم الله تعالى آمنا وليرج عنده أن يأمن بدخوله من عقاب الله عز وجل وليخش أن لا يكون أهلا للقرب فيكون بدخوله الحرم خائبا ومستحقا للمقت وليكن رجاؤه في جميع الأوقات غالبا فالكرم عميم والرب رحيم وشرف البيت عظيم وحق الزائر مرعي وذمام المستجير اللائذ غير مضيع وأما وقوع البصر على البيت فينبغي أن يحضر عنده عظمة البيت في القلب ويقدر كأنه مشاهد لرب البيت لشدة تعظيمه إياه وارج أن يرزقك الله تعالى النظر إلى وجهه الكريم كما رزقك الله النظر إلى بيته العظيم واشكر الله تعالى على تبليغه إياك هذه الرتبة وإلحاقه إياك بزمرة الوافدين عليه واذكر عند ذلك انصباب الناس في القيامة إلى جهة الجنة آملين لدخولها كافة ثم انقسامهم إلى مأذونين في الدخول ومصروفين انقسام الحاج إلى مقبولين ومردودين ولا تغفل عن تذكر أمور الآخرة في شيء مما تراه فإن كل أحوال الحاج دليل على أحوال الآخرة وأما الطواف بالبيت فاعلم أنه صلاة فأحضر في قلبك فيه من التعظيم والخوف والرجاء والمحبة ما فصلناه في كتاب الصلاة واعلم أنك بالطواف متشبه بالملائكة المقربين الحافين حول العرش الطائفين حوله ولا تظنن أن المقصود طواف جسمك بالبيت بل المقصود طواف قلبك بذكر رب البيت حتى لا تبتدىء الذكر إلا منه ولا تختم إلا به كما تبتدىء الطواف من البيت وتختم بالبيت واعلم أن الطواف الشريف هو طواف القلب بحضرة الربوبية وأن البيت مثال ظاهر في عالم الملك لتلك الحضرة التي لا تشاهد بالبصر وهي عالم الملكوت كما أن البدن مثال ظاهر في عالم الشهادة للقلب الذي لا يشاهد بالبصر وهو في عالم الغيب وأن عالم الملك والشهادة مدركة إلى عالم الغيب والملكوت لمن فتح الله له الباب وإلى هذه الموازنة وقعت الإشارة بأن البيت المعمور في السموات بإزاء الكعبة فإن طواف الملائكة به كطواف الإنس بهذا البيت ولما قصرت رتبة أكثر الخلق عن مثل ذلك الطواف أمروا بالتشبه بهم بحسب الإمكان ووعدوا بأن من تشبه بقوم فهو منهم حديث من تشبه بقوم فهو منهم أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر بسند صحيح والذي يقدر على مثل ذلك الطواف هو الذي يقال إن الكعبة تزوره وتطوف به على ما رآه بعض المكاشفين لبعض أولياء الله سبحانه وتعالى وأما الاستلام فاعتقد عنده أنك مبايع لله عز وجل على طاعته فصمم عزيمتك على الوفاء ببيعتك فمن غدر في المبايعة استحق المقت وقد روى ابن عباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الحجر الأسود يمين الله عز وجل في الأرض يصافح بها خلقه كما يصافح الرجل أخاه حديث ابن عباس الحجر الأسود يمين الله في الأرض يصافح بها خلقه الحديث تقدم في العلم من حديث عبد الله بن عمرو وأما التعلق بأستار الكعبة والالتصاق بالملتزم فلتكن نيتك في الالتزام طلب القرب حبا وشوقا للبيت ولرب البيت وتبركا بالمماسة ورجاء للتحصن عن النار في كل جزء من بدنك لا في البيت ولتكن نيتك في التعلق بالستر الإلحاح في طلب المغفرة وسؤال الأمان كالمذنب المتعلق بثياب من أذنب إليه المتضرع إليه في عفوه عنه المظهر له أنه لا ملجأ له منه إلا إليه ولا مفزع له إلا كرمه وعفوه وأنه لا يفارق ذيله إلا بالعفو وبذل الأمن في المستقبل وأما السعي بين الصفا والمروة في فناء البيت فإنه يضاهي تردد العبد بفناء دار الملك جائيا وذاهبا مرة بعد أخرىإظهارا للخلوص في الخدمة ورجاء للملاحظة بعين الرحمة كالذي دخل على الملك وخرج وهو لا يدري ما الذي يقضي به الملك في حقه من قبول أو رد فلا يزال يتردد على فناء الدار مرة بعد أخرى يرجو أن يرحم في الثانية إن لم يرحم في الأولى وليتذكر عند تردده بين الصفا والمروة تردده بين كفتي الميزان في عرصات القيامة وليمثل الصفا بكفة الحسنات والمروة بكفة السيئات وليتذكر تردده بين الكفتين ناظرا إلى الرجحان والنقصان مترددا بين العذاب والغفران وأما الوقوف بعرفة فاذكر بما ترى من ازدحام الخلق وارتفاع الأصوات وباختلاف اللغات واتباع الفرق أئمتهم في الترددات على المشاعر اقتفاء لهم وسيرا بسيرهم عرصات القيامة واجتماع الأمم مع الأنبياء والأئمة واقتفاء كل أمة نبيها وطمعهم في شفاعتهم وتحيرهم في ذلك الصعيد الواحد بين الرد والقبول وإذا تذكرت ذلك فألزم قلبك الضراعة والابتهال إلى الله عز وجل فتحشر في زمرة الفائزين المرحومين وحقق رجاءك بالإجابة فالموقف شريف والرحمة إنما تصل من حضرة الجلال إلى كافة الخلق بواسطة القلوب العزيزة من أوتاد الأرض ولا ينفك الموقف عن طبقة من الأبدال والأوتاد وطبقة من الصالحين وأرباب القلوب فإذا اجتمعت هممهم وتجردت للضراعة والابتهال قلوبهم وارتفعت إلى الله سبحانه أيديهم وامتدت إلى أعناقهم وشخصت نحو السماء أبصارهم مجتمعين بهمة واحدة على طلب الرحمة فلا تظنن أنه يخيب أملهم ويضيع سعيهم ويدخر عنهم رحمة تغمرهم ولذلك قيل إن من أعظم الذنوب أن يحضر عرفات ويظن أن الله تعالى لم يغفر له وكأن اجتماع الهمم والاستظهار بمجاورة الأبدال والأوتاد المجتمعين من أقطار البلاد هو سر الحج وغاية مقصوده فلا طريق إلى استدرار رحمة الله سبحانه مثل اجتماع الهمم وتعاون القلوب في وقت واحد وأما رمي الجمار فاقصد به الإنقياد للأمر إظهارا للرق والعبودية وانتهاضا لمجرد الإمتثال من غير حظ للعقل والنفس فيه ثم اقصد به التشبه بإبراهيم عليه السلام حيث عرض له إبليس لعنه الله تعالى في ذلك الموضع ليدخل على حجه شبهة أو يفتنه بمعصية فأمره الله عز وجل أن يرميه بالحجارة طردا له وقطعا لأمله فإن خطر لك أن الشيطان عرض له وشاهده فلذلك رماه وأما أنا فليس يعرض لي الشيطان فاعلم أن هذا الخاطر من الشيطان وأنه الذي ألقاه في قلبك ليفتر عزمك في الرمي ويخيل إليك أنه فعل لا فائدة فيه وأنه يضاهي اللعب فلم تشتغل به فاطرده عن نفسك بالجد والتشمير في الرمي فيه برغم أنف الشيطان واعلم أنك في الظاهر ترمي الحصى إلى العقبة وفي الحقيقة ترمي به وجه الشيطان وتقصم به ظهره إذ لا يحصل إرغام أنفه إلا بامتثالك أمر الله سبحانه وتعالى تعظيما له بمجرد الأمر من غير حظ للنفس والعقل فيه وأما ذبح الهدي فاعلم أنه تقرب إلى الله تعالى بحكم الإمتثال فأكمل الهدي وارج أن يعتق الله بكل جزء منه جزءا منك من النار حديث أنه يعتق بكل جزء من الأضحية جزءا من المضحي من النار لم أقف له على أصل وفي كتاب الضحايا لأبي الشيخ من حديث أبي سعيد فإن لك بأول قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما تقدم من ذنوبك يقوله لفاطمة رضي الله عنها وإسناده ضعيف فهكذا ورد الوعد فكلما كان الهدي أكبر وأجزاؤه أوفر كان فداؤك من النار أعم وأما زيارة المدينة فإذا وقع بصرك على حيطانها فتذكر أنها البلدة التي اختارها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم وجعل إليها هجرته وأنها داره التي شرع فيها فرائض ربه عز وجل وسنته وجاهد عدوه وأظهر بها دينه إلى أنتوفاه الله عز وجل ثم جعل تربته فيها وتربة وزيريه القائمين بالحق بعده رضي الله عنهما ثم مثل في نفسك مواقع أقدام رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تردداته فيها وأنه ما من موضع قدم تطؤه إلا وهو موضع أقدامه العزيزة فلا تضع قدمك عليه إلا عن سكينة ووجل وتذكر مشيه وتخطيه في سككها وتصور خشوعه وسكينته في المشي وما استودع الله سبحانه قلبه من عظيم معرفته ورفعة ذكره مع ذكره تعالى حتى قرنه بذكر نفسه وإحباطه عمل من هتك حرمته ولو برفع صوته فوق صوته ثم تذكر ما من الله تعالى به على الذين أدركوا صحبته وسعدوا بمشاهدته واستماع كلامه وأعظم تأسفك على ما فاتك من صحبته وصحبة أصحابه رضي الله عنهم ثم اذكر أنك قد فاتتك رؤيته في الدنيا وأنك من رؤيته في الآخرة على خطر وأنك ربما لا تراه إلا بحسرة وقد حيل بينك وبين قبوله إياك بسوء عملك كما قال صلى الله عليه وسلم يرفع الله إلي أقواما فيقولون يا محمد فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول بعدا وسحقا حديث يرفع إلي أقوام فيقولون يا محمد يا محمد فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول بعدا وسحقا متفق عليه من حديث ابن مسعود وأنس وغيرهم دون قوله يا محمد يا محمد فإن تركت حرمة شريعته ولو في دقيقة من الدقائق فلا تأمن أن يحال بينك وبينه بعدولك عن محجته وليعظم مع ذلك رجاؤك أن لا يحول الله تعالى بينك وبينه بعد أن رزقك الإيمان وأشخصك من وطنك لأجل زيارته من غير تجارة ولا حظ في الدنيا بل لمحض حبك له وشوقك إلى أن تنظر إلى آثاره وإلى حائط قبره إذ سمحت نفسك بالسفر بمجرد ذلك لما فاتتك رؤيته فما أجدرك بأن ينظر الله تعالى إليك بعين الرحمة فإذا بلغت المسجد فاذكر أنها العرصة التي اختارها الله سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم ولأول المسلمين وأفضلهم عصابة وأن فرائض الله سبحانه أول ما أقيمت في تلك العرصة وأنها جمعت أفضل خلق الله حيا وميتا فليعظم أملك في الله سبحانه أن يرحمك بدخولك إياه فادخله خاشعا معظما وما أجدر هذا المكان بأن يستدعي الخشوع من قلب كل مؤمن كما حكي عن أبي سليمان أنه قال حج أويس القرني رضي الله عنه ودخل المدينة فلما وقف على باب المسجد قيل له هذا قبر النبي صلى الله عليه وسلم فغشي عليه فلما أفاق قال أخرجوني فليس يلذ لي بلد فيه محمد صلى الله عليه وسلم مدفون وأما زيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فينبغي أن تقف بين يديه كما وصفنا وتزوره ميتا كما تزوره حيا ولا تقرب من قبره إلا كما كنت تقرب من شخصه الكريم لو كان حيا وكما كنت ترى الحرمة في أن لا تمس شخصه ولا تقبله بل تقف من بعد ماثلا بين يديه فكذلك فافعل فإن المس والتقبيل للمشاهد عادة النصارى واليهود واعلم أنه عالم بحضورك وقيامك وزيارتك وأنه يبلغه سلامك وصلاتك فمثل صورته الكريمة في خيالك موضوعا في اللحد بإزائك وأحضر عظيم رتبته في قلبك فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى وكل بقبره ملكا يبلغه سلام من سلم عليه من أمته حديث إن الله وكل بقبره صلى الله عليه وسلم ملكا يبلغه سلام من سلم عليه من أمته أخرجه النسائي وابن حبان والحاكم من حديث ابن مسعود بلفظ إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام وهذا في حق من لم يحضر قبره فكيف بمن فارق الوطن وقطع البوادي شوقا إلى لقائه واكتفى بمشاهدة مشهده الكريم إذ فاته مشاهدة غرته الكريمة وقد قال صلى الله عليه وسلم من صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه عشرا حديث من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو فهذا جزاءه في الصلاة عليه بلسانه فكيف بالحضور لزيارته ببدنه ثم ائت منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وتوهم صعود النبي صلى الله عليه وسلم المنبر ومثل في قلبك طلعته البهية كأنها على المنبروقد أحدق به المهاجرون والأنصار رضي الله عنهم وهو صلى الله عليه وسلم يحثهم على طاعة الله عز وجل بخطبته وسل الله عز وجل أن لا يفرق في القيامة بينك وبينه فهذه وظيفة القلب في أعمال الحج فإذا فرغ منها كلها فينبغي أن يلزم قلبه الحزن والهم والخوف وأنه ليس يدري أقبل منه حجه وأثبت في زمرة المحبوبين أم رد حجه وألحق بالمطرودين وليتعرف ذلك من قلبه وأعماله فإن صادف قلبه قد ازداد تجافيا عن دار الغرور وانصرافا إلى دار الأنس بالله تعالى ووجد أعماله قد اتزنت بميزان الشرع فليثق بالقبول فإن الله تعالى لا يقبل إلا من أحبه ومن أحبه تولاه وأظهر عليه آثار محبته وكف عنه سطوة عدوه إبليس لعنه الله فإذا ظهر ذلك عليه دل على القبول وإن كان الأمر الآخر بخلافه فيوشك أن يكون حظه من سفره العناء والتعب نعوذ بالله سبحانه وتعالى من ذلك تم كتاب أسرار الحج يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب آداب تلاوة القرآن.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 9:21 am | |
| كتاب آداب تلاوة القرآن وهو الكتاب الثامن من ربع العبادات بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي امتن على عباده بنبيه المرسل صلى الله عليه وسلم وكتابه المنزل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد حتى اتسع على أهل الأفكار طريق الاعتبار بما فيه من القصص والأخبار واتضح به سلوك المنهج القويم والصراط المستقيم بما فصل فيه من الأحكام وفرق بين الحلال والحرام فهو الضياء والنور وبه النجاة من الغرور وفيه شفاء لما في الصدور ومن خالفه من الجبابرة قصمه الله ومن ابتغى العلم في غيره أضله الله هو حبل الله المتين ونوره المبين والعروة الوثقى والمعتصم الأوفى وهو المحيط بالقليل والكثير والصغير والكبير لا تنقضي عجائبه ولا تتناهى غرائبه لا يحيط بفوائده عند أهل العلم تحديد ولا يخلقه عند أهل التلاوة كثرة الترديد هو الذي أرشد الأولين والآخرين ولما سمعه الجن لم يلبثوا أن ولوا إلى قومهم منذرين فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا فكل من آمن به فقد وفق ومن قال به فقد صدق ومن تمسك به فقد هدي ومن عمل به فقد فاز وقال تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ومن أسباب حفظه في القلوب والمصاحف استدامة تلاوته والمواظبة على دراسته مع القيام بآدابه وشروطه والمحافظة على ما فيه من الأعمال الباطنة والآداب الظاهرة وذلك لا بد من بيانه وتفصيله وتنكشف مقاصده في أربعة أبواب :
الباب الأول : في فضل القرآن وأهله. الباب الثاني : في آداب التلاوة في الظاهر. الباب الثالث : في الأعمال الباطنة عند التلاوة. الباب الرابع : في فهم القرآن وتفسيره بالرأي وغيره.
الباب الأول : في فضل القرآن وأهله وذم المقصرين في تلاوته. فضيلة القرآن : قال صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن ثم رأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظمه الله تعالى حديث من قرأ القرآن ثم رأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظمه الله أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم ما من شفيع أفضل منزلة عند الله تعالى من القرآن لا نبي ولا ملك ولا غيره حديث ما من شفيع أعظم منزلة عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك ولا غيره رواه عبد الملك بن حبيب من رواية سعيد بن سليم مرسلا وللطبراني من حديث ابن مسعود القرآن شافع مشفع ولمسلم من حديث أبي أمامة اقرءوا القرآن فإنه يجيء يوم القيامة شفيعا لصاحبه وقال صلى الله عليه وسلم لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار حديث لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار أخرجه الطبراني وابن حبان في الضعفاء من حديث سهل بن سعد ولأحمد والدارمي والطبراني من حديث عقبة بن عامر وفيه ابن لهيعة ورواه ابن عدي والطبراني والبيهقي في الشعب من حديث عصمة بن مالك بإسناد ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن حديث أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن أخرجه أبو نعيم في فضائل القرآن من حديث النعمان بن بشير وأنس وإسنادهما ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم أيضا إن الله عز وجل قرأ طه ويس قبل أن يخلق الخلق بألف عام فلما سمعت الملائكة القرآن قالت طوبى لأمة ينزل عليهم هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تنطق بهذا حديث إن الله عز وجل قرأ طه ويس قبل أن يخلق الخلق بألف عام الحديث أخرجه الدارمي من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه حديث خيركم من تعلم القرآن وعلمه أخرجه البخاري من حديث عثمان بن عفان وقال صلى الله عليه وسلم يقول الله تبارك وتعالى من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته أفضل ثواب الشاكرين حديث يقول الله من شغله قراءة القرآن عن دعائي ومسألتي أعطيته ثواب الشاكرين أخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد من شغله القرآن عن ذكري أو مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وقال حسن غريب ورواه ابن شاهين بلفظ المصنف وقال صلى الله عليه وسلم ثلاثة يوم القيامة على كثيب من مسك أسود لا يهولهم فزع ولا ينالهم حساب حتى يفرغ ما بين الناس رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله عز وجل والخ أم به قوما وهم به راضون حديث ثلاثة يوم القيامة على كثيب من مسك الحديث تقدم في الصلاة وقال صلى الله عليه وسلم أهل القرآن أهل الله وخاصته حديث أهل القرآن أهل الله وخاصته أخرجه النسائي في السكبرى وابن ماجه والحاكم من حديث أنس بإسناد حسن وقال صلى الله عليه وسلم إن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد فقيل يا رسول الله وما جلاؤها فقال تلاوة القرآن وذكر الموت حديث إن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد قيل ما جلاؤها قال تلاوة القرآن وذكر الموت أخرجه البيهقي في الشعب من حديث ابن عمر بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم لله أشد أذنا إلى قارىء القرآن من صاحب القينة إلى قينته حديث لله أشد أذنا إلى قارىء القرآن من صاحب القينة إلى قينته أخرجه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه من حديث فضالة بن عبيد الآثار قال أبو أمامة الباهلي اقرءوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف المعلقة فإن الله لا يعذب قلبا هو وعاء للقرآن وقال ابن مسعود إذا أردتم العلم فانثروا القرآن فإن فيه علم الأولين والآخرين وقال أيضا اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه بكل حرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الحرف ألم ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف وقال أيضا لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن فإن كان يحب القرآن ويعجبه فهو يحب الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم وإن كان يبغض القرآن فهو يبغض الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم وقال عمرو بن العاص كل آية في القرآن درجة في الحنة ومصباح في بيوتكم وقال أيضا من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه وقال أبو هريرةإن البيت الذى يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين وإن البيت الذي لايتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين وقال أحمد بن حنبل رأيت الله عز وجل في المنام فقلت يا رب ما أفضل ما تقرب به المتقربون إليك قال بكلامي يا أحمد قال قلت يا رب بفهم أو بغير فهم قال بفهم وبغير فهم وقال محمد بن كعب القرظي إذا سمع الناس القرآن من الله عز وجل يوم القيامة فكأنهم لم يسمعوه قط وقال الفضيل بن عياض ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له إلى أحد حاجة ولا إلى الخلفاء فمن دونهم فينبغي أن تكون حوائج الخلق إليه وقال أيضا حامل القرآن حامل راية الإسلام فلا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيما لحق القرآن وقال سفيان الثوري إذا قرأ الرجل القرآن قبل الملك بين عينيه وقال عمرو بن ميمون من نشر مصحفا حين يصلي الصبح فقرأ منه مائة آية رفع الله عز وجل له مثل عمل جميع أهل الدنيا ويروى أن خالد بن عقبة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اقرأ علي القرآن فقرأ عليه إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى الآية فقال له فأعاد فقال والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمورق وأن أعلاه لمثمر وما يقول هذا بشر حديث أن خالد بن عقبة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اقرأ علي القرآن فقرأ عليه إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى فقال أعد فأعاد فقال إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمثمر وما يقول هذا بشر ذكره ابن عبد البر في الاستيعاب بغير إسناد ورواه البيهقي في الشعب من حديث ابن عباس بسند جيد إلا أنه قال الوليد بن المغيرة بدل خالد بن عقبة وكذا ذكره ابن إسحاق في السيرة بنحوه وقال الحسن والله ما دون القرآن من غنى ولا بعده من فاقه وقال الفضيل من قرأ خاتمة سورة الحشر حين يصبح ثم مات من يومه ختم له بطابع الشهداء ومن قرأها حين يمسي ثم مات من ليلته ختم له بطابع الشهداء وقال القاسم بن عبد الرحمن قلت لبعض النساك ما ههنا أحد نستأنس به فمد يده إلى المصحف ووضعه على حجره وقال هذا وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثلاث يزدن في الحفظ ويذهبن البلغم السواك والصيام وقراءة القرآن في ذم تلاوة الغافلين قال أنس بن مالك رب تال للقرآن والقرآن يلعنه وقال ميسرة الغريب هو القرآن في جوف الفاجر وقال أبو سليمان الداراني الزبانية أسرع إلى حملة القرآن الذين يعصون الله عز وجل منهم إلى عبدة الأوثان حين عصوا الله سبحانه بعد القرآن وقال بعض العلماء إذا قرأ ابن آدم القرآن ثم خلط ثم عاد فقرأ قيل له مالك ولكلامي وقال ابن الرماح ندمت على استظهاري القرآن لأنه بلغني أن أصحاب القرآن يسألون عما يسأل عنه الأنبياء يوم القيامة وقال ابن مسعود ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس ينامون وبنهاره إذا الناس يفرطون وبحزنه إذا الناس يفرحون وببكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون وينبغي لحامل القرآن أن يكون مستكينا لينا ولاينبغي له أن يكون جافيا ولا مماريا ولا صياحا ولا صخابا ولا حديدا وقال صلى الله عليه وسلم أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها حديث أكثر منافقي أمتي قراؤها أخرجه أحمد من حديث عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو وفيهما ابن لهيعة وقال صلى الله عليه وسلم اقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه حديث إقرأ القرآن ما نهاك فإن لم ينهك فلست تقرؤه أخرجه الطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم ما آمن بالقرآن من استحل محارمه حديث ما آمن بالقرآن من استحل محارمه أخرجه الترمذي من حديث صهيب وقال ليس إسناده بالقوي وقال بعض السلفإن العبد ليفتتح سورة فتصلي عليه الملائكة حتى يفرغ منها وإن العبد ليفتتح سورة فتلعنه حتى يفرغ منها فقيل له وكيف ذلك فقال إذا أحل حلالها وحرم حرامها صلت عليه وإلا لعنته وقال بعض العلماء إن العبد ليتلو القرآن فيلعن نفسه وهو لا يعلم يقول ألا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم نفسه ألا لعنة الله على الكاذبين وهو منهم وقال الحسن إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا فأنتم تركبونه فتقطعون به مراحله وإن من كان قبلكم رأوه رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار وقال ابن مسعود أنزل القرآن عليهم ليعملوا به فاتخذوا دراسته عملا إن أحدكم ليقرأ القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به وفي حديث ابن عمر وحديث جندب رضي الله عنهما لقد عشنا دهرا طويلا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن فتنزل السورة على محمد صلى الله عليه وسلم فيتعلم حلالها وحرامها وآمرها وزاجرها وما ينبغي أن يقف عنده منها ثم لقد رأيت رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته لا يدري ما آمره ولا زاجره ولا ما ينبغي أن يقف عنده منه ينثره نثر الدقل حديث ابن عمر وحديث جندب لقد عشنا دهرا وأحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن الحديث تقدما في العلم وقد ورد في التوراة يا عبدي أما تستحي مني يأتيك كتاب من بعض إخوانك وأنت في الطريق تمشي فتعدل عن الطريق وتقعد لأجله وتقرؤه وتتدبره حرفا حرفا حتى لا يفوتك شيء منه وهذا كتابي أنزلته إليك انظر كم فصلت لك فيه من القول وكم كررت عليك فيه لتتأمل طوله وعرضه ثم أنت معرض عنه أفكنت أهون عليك من بعض إخوانك يا عبدي يقعد إليك بعض إخوانك فتقبل عليه بكل وجهك وتصغي إلى حديثه بكل قلبك فإن تكلم متكلم أو شغلك شاغل عن حديثه أومأت إليه أن كف وها أنا ذا مقبل عليك ومحدث لك وأنت معرض بقلبك عني أفجعلتني أهون عندك من بعض إخوانك
الباب الثاني
في ظاهر آداب التلاوة . وهي عشرة : الأول : في حال القارىء : وهو أن يكون على الوضوء واقعا على هيئة الأدب والسكون إما قائما وإما جالسا مستقبل القبلة مطرقا رأسه غير متربع ولا متكىء ولا جالس على هيئة التكبر ويكون جلوسه وحده كجلوسه بين يدي أستاذه وأفضل الأحوال أن يقرأ في الصلاة قائما وأن يكون في المسجد فذلك من أفضل الأعمال فإن قرأ على غير وضوء وكان مضطجعا في الفراش فله أيضا فضل ولكنه دون ذلك قال الله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض فأثنى على الكل ولكن قدم القيام في الذكر ثم القعود ثم الذكر مضطجعا قال علي رضي الله عنه من قرأ القرآن وهو قائم في الصلاة كان له بكل حرف مائة حسنة ومن قرأه وهو جالس في الصلاة فله بكل حرف خمسون حسنة ومن قرأه في غير صلاة وهو على وضوء فخمس وعشرون حسنة ومن قرأه على غير وضوء فعشر حسنات وما كان من القيام بالليل فهو أفضل لأنه أفرغ للقلب قال أبو ذر الغفاري رضي الله عنه إن كثرة السجود بالنهار وإن طول القيام بالليل أفضل.
الثاني : في مقدار القرآن : وللقراء عادات مختلفة في الاستكثار والاختصار فمنهم من يختم القرآن في اليوم والليلة مرة وبعضهم مرتين وانتهى بعضهم إلى ثلاث ومنهم من يختم في الشهر مرة وأولى ما يرجع إليه في التقديرات قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه حديث من قرأ القرآن في أقل من ثلاث لم يفقهه أخرجه أصحاب السنن من حديث عبد الله بن عمرو وصححه الترمذي وذلك لأن الزيادة عليه تمنعه الترتيل وقد قالت عائشة رضي الله تعالى عنها لما سمعت رجلا يهذر القرآن هذرا إن هذا ما قرأ القرآن ولا سكت وأمر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن يختم القرآن في كل سبع حديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمرو أن يختم القرآن في كل أسبوع متفق عليه من حديثه وكذلك كان جماعة من الصحابة رضي الله عنهم يختمون القرآن في كل جمعة كعثمان وزيد بن ثابت وابن مسعود وأبي بن كعب رضي الله عنهم ففي الختم أربع درجات الختم في يوم وليلة وقد كرهه جماعة والختم في كل شهر كل يوم جزء من ثلاثين جزءا وكأنه مبالغة في الاقتصار كما أن الأول مبالغة في الاستكثار وبينهما درجتان معتدلتان إحداهما في الأسبوع مرة والثانية في الأسبوع مرتين تقريبا من الثلاث والأحب أن يختم ختمة بالليل وختمة بالنهار ويجعل ختمه بالنهار يوم الاثنين في ركعتي الفجر أو بعدهما ويجعل ختمه بالليل ليلة الجمعة في ركعتي المغرب أو بعدهما ليستقبل أول النهار وأول الليل بختمته فإن الملائكة عليهم السلام تصلي عليه إن كانت ختمته ليلا حتى يصبح وإن كان نهارا حتى يمسي فتشمل بركتهما جميع الليل والنهار والتفصيل في مقدار القراءة أنه إن كان من العابدين السالكين طريق العمل فلا ينبغي أن ينقص عن ختمتين في الأسبوع وإن كان من السالكين بأعمال القلب وضروب الفكر أو من المشتغلين بنشر العلم فلا بأس أن يقتصر في الأسبوع على مرة وإن كان نافذ الفكر في معاني القرآن فقد يكتفي في الشهر بمرة لكثرة حاجته إلى كثرة الترديد والتأمل .
الثالث : في وجه القسمة : أما من ختم في الأسبوع مرة فيقسم القرآن سبعة أحزاب فقد حزب الصحابة رضي الله عنهم أحزابا حديث تحزيب القرآن على سبعة أجزاء أخرجه ابن ماجه من حديث أوس بن حذيفة في حديث فيه طرأ على حزبي من القرآن قال أوس فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف تحزبون القرآن قالوا ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل وفي رواية للطبراني فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزىء القرآن فقالوا كان يجزئه ثلاثا فذكره مرفوعا وإسناده حسن فروي أن عثمان رضي الله عنه كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة إلى المائدة وليلة السبت بالأنعام إلى هود وليلة الأحد بيوسف إلى مريم وليلة الاثنين بطه إلى طسم موسى وفرعون وليلة الثلاثاء بالعنكبوت إلى ص وليلة الأربعاء بتنزيل إلى الرحمن ويختم ليلة الخميس وابن مسعود كان يقسمه أقساما لا على هذا الترتيب وقيل أحزاب القرآن سبعة فالحزب الأول ثلاث سور والحزب الثاني خمس سور والحزب الثالث سبع سور والرابع تسع سور والخامس إحدى عشرة سورة والسادس ثلاث عشرة سورة والسابع المفصل من ق إلى آخره فهكذا حزبه الصحابة رضي الله عنهم وكانوا يقرءونه كذلك وفيه خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا قبل أن تعمل الأخماس والأعشار والأجزاء فما سوى هذا محدث.
الرابع : في الكتابة : يستحب تحسين كتابة القرآن وتبيينه ولا بأس بالنقط والعلامات بالحمرة وغيرها فإنها تزيين وتبيين وصد عن الخطأ واللحن لمن يقرؤه وقد كان الحسن وابن سيرين ينكرون الأخماس والعواشر والأجزاء وروي عن الشعبي وإبراهيم كراهية النقط بالحمرة وأخذ الأجرة على ذلك وكانوا يقولون جردوا القرآن والظن بهؤلاء أنهم كرهوا فتح هذا الباب خوفا من أن يؤدي إلى إحداث زيادات وحسما للباب وتشوقا إلى حراسة القرآن عما يطرق إليه تغييرا وإذا لم يؤد إلى محظور واستقر أمر الأمة فيه على ما يحصل به مزيد معرفة فلا بأس به ولا يمنع من ذلك كونه محدثا فكم من محدث حسن كما قيل في إقامة الجماعات في التراويح إنها من محدثات عمر رضي الله عنه وأنها بدعة حسنة إنما البدعة المذمومة ما يصادم السنة القديمة أو يكاد يفضي إلى تغييرها وبعضهم كان يقول أقرأ من المصحف في المنقوط ولا أنقطه بنفسي وقال الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير كان القرآن مجردا في المصاحف فأول ما أحدثوا فيه النقط على الباء والتاء وقالوالا بأس به فإنه نور له ثم أحدثوا بعده نقطا كبارا عند منتهى الآي فقالوا لا بأس به يعرف به رأس الآية ثم أحدثوا بعد ذلك الخواتم والفواتح قال أبو بكر الهذلي سألت الحسن عن تنقيط المصاحف بالأحمر فقال وما تنقيطها قال يعربون الكلمة بالعربية قال أما إعراب القرآن فلا بأس به وقال خالد الحذاء دخلت على ابن سيرين فرأيته يقرأ في مصحف منقوط وقد كان يكره النقط وقيل إن الحجاج هو الذي أحدث ذلك وأحضر القراء حتى عدوا كلمات القرآن وحروفه وسووا أجزاءه وقسموه إلى ثلاثين جزءا وإلى أقسام أخر.
الخامس : الترتيل : هو المستحب في هيئة القرآن لأنا سنبين أن المقصود من القراءة التفكر والترتيل معين عليه ولذلك نعتت أم سلمة رضي الله عنها قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا حديث نعتت أم سلمة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح وقال ابن عباس رضي الله عنه لأن أقرأ البقرة وآل عمران أرتلهما وأتدبرهما أحب إلي من أن أقرأ القرآن هذرمة وقال أيضا لأن أقرأ إذا زلزلت والقارعة أتدبرهما أحب إلي من أن أقرأ البقرة وآل عمران تهذيرا وسئل مجاهد عن رجلين دخلا في الصلاة فكان قيامهما واحدا إلا أن أحدهما قرأ البقرة فقط والآخر القرآن كله فقال هما في الأجر سواء واعلم أن الترتيل مستحب لا لمجرد التدبر فإن العجمي الذي لا يفهم معنى القرآن يستحب له في القراءة أيضا الترتيل والتؤدة لأن ذلك أقرب إلى التوقير والاحترام وأشد تأثيرا في القلب من الهذرمة والاستعجال.
السادس : البكاء : البكاء مستحب مع القراءة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا حديث اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا أخرجه ابن ماجه من حديث سعد بن أبي وقاص بإسناد جيد وقال صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن حديث ليس منا من لم يتغن بالقرآن أخرجه البخاري من حديث أبي هريرة وقال صالح المري قرأت القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي يا صالح هذه القراءة فأين البكاء وقال ابن عباس رضي الله عنهما إذا قرأتم سجدة سبحان فلا تعجلوا بالسجود حتى تبكوا فإن لم تبك عين أحدكم فليبك قلبه وإنما طريق تكلف البكاء أن يحضر قلبه الحزن فمن الحزن ينشأ البكاء قال صلى الله عليه وسلم إن القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا حديث إن القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فتحازنوا أخرجه أبو يعلى وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن عمر بسند ضعيف ووجه إحضار الحزن أن يتأمل ما فيه من التهديد والوعيد والمواثيق والعهود ثم يتأمل تقصيره في أوامره وزواجره فيحزن لا محالة ويبكي فإن لم يحضره حزن وبكاء كما يحضر أرباب القلوب الصافية فليبك على فقد الحزن والبكاء فإن ذلك أعظم المصائب.
السابع : أن يراعي حق الآيات : فإذا مر بآية سجدة سجد وكذلك إذا سمع من غيره سجدة سجد إذا سجد التالي ولا يسجد إلا إذا كان على طهارة وفي القرآن أربع عشرة سجدة وفي الحج سجدتان وليس في ص سجدة وأقله أن يسجد بوضع جبهته على الأرض وأكمله أن يكبر فيسجد ويدعو في سجوده بما يليق بالآية التي قرأها مثل أن يقرأ قوله تعالى خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون فيقول اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك أن أكون من المستكبرين عن أمرك أو على أوليائك وإذا قرأ قوله تعالى ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا فيقول اللهم اجعلني من الباكين إليك الخاشعين لك وكذلك كل سجدة ويشترط في هذه السجدة شروط الصلاة من ستر العورة واستقبال القبلة وطهارة الثوب والبدن من الحدث والخبث ومن لم يكن على طهارة عند السماع فإذا تطهر يسجد وقد قيل في كمالها أنه يكبر رافعا يديه لتحريمه ثم يكبر للهوى للسجود ثم يكبر للارتفاع ثم يسلم وزاد زائدون التشهد ولا أصل لهذا إلا القياس على سجود الصلاة وهو بعيد فإنه ورد الأمر في السجود فليتبع فيه الأمر وتكبيرة الهوى أقرب للبداية وما عدا ذلك ففيه بعد ثم المأموم ينبغي أن يسجد عند سجود الإمام ولا يسجد لتلاوة نفسه إذا كان مأموما .
الثامن : أن يقول في مبتدأ قراءته أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون وليقرأ قل أعوذ برب الناس وسورة الحمد لله وليقل عند فراغه من القراءة صدق الله تعالى وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم انفعنا به وبارك لنا فيه الحمد لله رب العالمين وأستغفر الله الحي القيوم وفي أثناء القراءة إذا مر بآية تسبيح سبح وكبر وإذا مر بآية دعاء واستغفار دعا واستغفر وإن مر بمرجو سأل وإن مر بمخوف استعاذ يفعل ذلك بلسانه أو بقلبه فيقول سبحان الله نعوذ بالله اللهم ارزقنا اللهم ارحمنا قال حذيفة صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأ سورة البقرة فكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل ولا بآية عذاب إلا استعاذ ولا بآية تنزيه إلا سبح حديث حذيفة كان لا يمر بآية عذاب إلا تعوذ ولا بآية رحمة إلا سأل ولا بآية تنزيه إلا سبح أخرجه مسلم مع اختلاف لفظ فإذا فرغ قال ما كان يقول صلوات الله وسلامه عند ختم القرآن اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله لي حجة يا رب العالمين حديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند ختم القرآن اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماما وهدى ورحمة اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله لي حجة يا رب العالمين رواه أبو منصور المظفر بن الحسين الأرجاني في فضائل القرآن وأبو بكر بن الضحاك في الشمائل كلاهما من طريق أبي ذر الهروي من رواية داود بن قيس معضلا.
التاسع : في الجهر بالقراءة : ولا شك في أنه لا بد أن يجهر به إلى حد يسمع نفسه إذ القراءة عبارة عن تقطيع الصوت بالحروف ولا بد من صوت فأقله ما يسمع نفسه فإن لم يسمع نفسه لم تصح صلاته فأما الجهر بحيث يسمع غيره فهو محبوب على وجه ومكروه على وجه آخر ويدل على استحباب الإسرار ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال فضل قراءة السر على قراءة العلانية كفضل صدقة السر على صدقة العلانية وفي لفظ آخر الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر به كالمسر بالصدقة حديث فضل قراءة السر على قراءة العلانية كفضل صدقة السر على صدقة العلانية قال وفي لفظ آخر الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه من حديث عقبة بن عامر باللفظ الثاني وفي الخبر العام يفضل عمل السر على العلانية سبعين ضعفا حديث يفضل عمل السر على عمل العلانية بسبعين ضعفا أخرجه البيهقي في الشعب من حديث عائشة وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي حديث خير الرزق ما يكفي وخير الذكر الخفي أخرجه أحمد وابن حبان من حديث سعد بن أبي وقاص وفي الخبر لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة بين المغرب والعشاء حديث لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة بين المغرب والعشاء رواه أبو داود من حديث البياضي دون قوله بين المغرب والعشاء والبيهقي في الشعب من حديث علي قبل العشاء وبعدها وفيه الحارث الأعور وهو ضعيف
عدل سابقا من قبل الأنصاري في الأربعاء 11 يناير 2012, 9:35 am عدل 1 مرات | |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 9:23 am | |
| وسمع سعيد بن المسيب ذات ليلة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن عبد العزيز يجهر بالقراءة في صلاته وكان حسن الصوت فقال لغلامه اذهب إلى هذا المصلي فمره أن يخفض صوته فقال الغلام إن المسجد ليس لنا وللرحل فيه نصيب فرفع سعيد صوته وقال يا أيها المصلي إن كنت تريد الله عز وجل بصلاتك فاخفض صوتك وإن كنت تريد الناس فإنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا فسكت عمر بن عبد العزيز وخفف ركعته فلما سلم أخذ نعليه وانصرف وهو يومئذ أمير المدينة ويدل على استحباب الجهر ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع جماعة من أصحابه يجهرون في صلاة الليل فصوب ذلك حديث أنه سمع جماعة من الصحابة يجهرون في صلاة الليل فصوب ذلك ففي الصحيحين من حديث عائشة أن رجلا قام من الليل فقرأ فرفع صوته بالقرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله فلانا الحديث ومن حديث أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رأيتني وأنا أسمع قراءتك البارحة الحديث ومن حديث أيضا إنما أعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن الحديث وقد قال صلى الله عليه وسلمإذا قام أحدكم من الليل يصلي فليجهر بالقراءة فإن الملائكة وعمار الدار يستمعون قراءته ويصلون بصلاته حديث إذا قام أحدكم من الليل يصلي فليجهر بقراءته فإن الملائكة وعمار الدار يستمعون إلى قراءته ويصلون بصلاته رواه بنحوه بزيادة فيه أبو بكر البزار ونصر المقدسي في المواعظ وأبو شجاع من حديث معاذ بن جبل وهو حديث منكر منقطع ومر صلى الله عليه وسلم بثلاثة من أصحابه رضي الله عنهم مختلفي الأحوال فمر على أبي بكر رضي الله عنه وهو يخافت فسأله عن ذلك فقال إن الذي أناجيه هو يسمعني ومر على عمر رضي الله عنه وهو يجهر فسأله عن ذلك فقال أوقط الوسنان وأزجر الشيطان ومر على بلال وهو يقرأ آيا من هذه السورة وآيا من هذه السورة فسأله عن ذلك فقال أخلط الطيب بالطيب فقال صلى الله عليه وسلم كلكم قد أحسن وأصاب حديث مروره صلى الله عليه وسلم بأبي بكر وهو يخافت وبعمر وهو يجهر وببلال وهو يقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة الحديث تقدم في الصلاة فالوجه في الجمع بين هذه الأحاديث أن الإسرار أبعد عن الرياء والتصنع فهو أفضل في حق من يخاف ذلك على نفسه فإن لم يخف ولم يكن في الجهر ما يشوش الوقت على مصل آخر فالجهر أفضل لأن العمل فيه أكثر ولأن فائدته أيضا تتعلق بغيره فالخير المتعدي أفضل من اللازم ولأنه يوقظ قلب القارىء ويجمع همه إلى الفكر فيه ويصرف إليه سمعه ولأنه يطرد النوم في رفع الصوت ولأنه يزيد في نشاطه للقراءة ويقلل من كسله ولأنه يرجو بجهره تيقظ نائم فيكون هو سبب إحيائه ولأنه قد يراه بطال غافل فينشط بسبب نشاطه ويشتاق إلى الخدمة فمتى حضره شيء من هذه النيات فالجهر أفضل وإن اجتمعت هذه النيات تضاعف الأجر وبكثرة النيات تزكو أعمال الأبرار وتتضاعف أجورهم فإن كان في العمل الواحد عشر نيات كان فيه عشر أجور ولهذا نقول قراءة القرآن في المصاحف أفضل إذ يزيد في العمل النظر وتأمل المصحف وحمله فيزيد الأجر بسببه وقد قيل الختمة في المصحف بسبع لأن النظر في المصحف أيضا عبادة وخرق عثمان رضي الله عنه مصحفين لكثرة قراءته منهما فكان كثير من الصحابة يقرؤون في المصاحف ويكرهون أن يخرج يوم ولم ينظروا في المصحف ودخل بعض فقهاء مصر على الشافعي رضي الله عنه في السحر وبين يديه مصحف فقال له الشافعي شغلكم الفكر عن القرآن إني لأصلي العتمة وأضع المصحف بين يدي فما أطبقه حتى أصبح العاشر تحسين القراءة وترتيلها بترديد الصوت من غير تمطيط مفرط يغير النظم فذلك سنة قال صلى الله عليه وسلم زينوا القرآن بأصواتكم حديث زينوا القرآن بأصواتكم أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه من حديث البراء بن عازب وقال عليه السلام ما أذن الله لشيء إذنه لحسن الصوت بالقرآن حديث ما أذن الله لشيء إذنه لحسن الصوت بالقرآن متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن زاد مسلم لنبي حسن الصوت وفي رواية له كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن وقال صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يتغن بالقرآن فقيل أراد به الاستغناء وقيل أراد به الترنم وترديد الألحان به وهو أقرب عند أهل اللغة وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليلة ينتظر عائشة رضي الله عنها فأبطأت عليه فقال صلى الله عليه وسلم ما حبسك قالت يا رسول الله كنت أستمع قراءة رجل ما سمعت أحسن صوتا منه فقام صلى الله عليه وسلم حتى استمع إليه طويلا ثم رجع فقال صلى الله عليه وسلم هذا سالم مولى أبي حذيفة الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله حديث كان ينتظر عائشة فأبطأت عليه فقال ما حبسك قالت يا رسول الله كنت أسمع قراءة رجل ما سمعت أحسن صوتا منه فقام صلى الله عليه وسلم حتى استمع إليه طويلا ثم رجع فقال هذا سالم مولى أبي حذيفة الحمد لله الذي جعل في أمتي مثله أخرجه أبو داود من حديث عائشة ورجال إسناده ثقات واستمع صلى الله عليه وسلم أيضا ذات ليلة إلى عبد الله بن مسعود ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فوقفوا طويلا ثم قالصلى الله عليه وسلم من أراد أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد حديث استمع ذات ليلة إلى عبد الله بن مسعود ومعه أبو بكر وعمر فوقفوا طويلا ثم قال من أراد أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد أخرجه أحمد والنسائي في الكبرى من حديث عمر والترمذي وابن ماجه من حديث ابن مسعود أن أبا بكر وعمر بشراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب أن يقرأ القرآن الحديث قال الترمذي حسن صحيح وقال صلى الله عليه وسلم لابن مسعود اقرأ علي فقال يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل فقال صلى الله عليه وسلم إني أحب أن أسمعه من غيري فكان يقرأ وعينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تفيضان حديث أنه قال لابن مسعود اقرأ فقال يا رسول الله اقرأ وعليك أنزل فقال إني أحب أن أسمعه من غيري الحديث متفق عليه من حديث ابن مسعود واستمع صلى الله عليه وسلم إلى قراءة أبي موسى فقال لقد أوتي هذا من مزامير آل داود فبلغ ذلك أبا موسى فقال يا رسول الله لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرا حديث استمع إلى قراءة أبي موسى فقال لقد أوتي هذا من مزامير آل داود متفق عليه من حديث أبي موسى ورأى هيثم القارىء رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام قال فقال لي أنت الهيثم الذي تزين القرآن بصوتك قلت نعم قال جزاك الله خيرا وفي الخبر كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا أحدهم أن يقرأ سورة من القرآن وقد كان عمر يقول لأبي موسى رضي الله عنهما ذكرنا ربنا فيقرأ عنده حتى يكاد وقت الصلاة أن يتوسط فيقال يا أمير المؤمنين الصلاة الصلاة فيقول أولسنا في صلاة إشارة إلى قوله عز وجل ولذكر الله أكبر وقال صلى الله عليه وسلم من استمع إلى آية من كتاب الله عز وجل كانت له نورا يوم القيامة حديث من استمع إلى آية من كتاب الله كانت له نورا يوم القيامة وفي الخبر كتب له عشر حسنات أخرجه أحمد من حديث أبي هريرة من استمع إلى آية من كتاب الله كتب له حسنة مضاعفة ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة وفيه ضعف وانقطاع وفي الخبر كتب له عشر حسنات ومهما عظم أجر الاستماع وكان التالي هو السبب فيه كان شريكا في الأجر إلا أن يكون قصده الرياء والتصنع الباب الثالث في أعمال الباطن في التلاوة وهي عشرة فهم أصل الكلام ثم التعظيم ثم حضور القلب ثم التدبر ثم التفهم ثم التخلي عنموانع الفهم ثم التخصيص ثم التأثر ثم الترقي ثم التبري فالأول فهم عظمة الكلام وعلوه وفضل الله سبحانه وتعالى ولطفه بخلقه في نزوله عن عرش جلاله إلى درجة إفهام خلقه فلينظر كيف لطف بخلقه في إيصال معاني كلامه الذي هو صفة قديمة قائمة بذاته إلى أفهام خلقه وكيف تجلت لهم تلك الصفة في طي حروف وأصوات هي صفات البشر إذ يعجز البشر عن الوصول إلى فهم صفات الله عز وجل إلا بوسيلة صفات نفسه ولولا استتار كنه جلالة كلامه بكسوة الحروف لما ثبت لسماع الكلام عرش ولا ثرى ولتلاشى ما بينهما من عظمة سلطانه وسبحات نوره ولولا تثبيت الله عز وجل لموسى عليه السلام لما أطاق لسماع كلامه كما لم يطق الجبل مبادي تجليه حيث صار دكا ولا يمكن تفهيم عظمة الكلام إلا بأمثلة على حد فهم الخلق ولهذا عبر بعض العارفين عنه فقال إن كل حرف من كلام الله عز وجل في اللوح المحفوظ أعظم من جبل قاف وإن الملائكة عليهم السلام لو اجتمعت على الحرف الواحد أن يقلوه ما أطاقوه حتى يأتي إسرافيل عليه السلام وهو ملك اللوح فيرفعه فيقله بإذن الله عز وجل ورحمته لا بقوته وطاقته ولكن الله عز وجل طوقه ذلك واستعمله به ولقد تألق بعض الحكماء في التعبير عن وجه اللطف في إيصال معاني الكلام مع علو درجته إلى فهم الإنسان وتثبيته مع قصور رتبته وضرب له مثلا لم يقصر فيه وذلك أنه دعابعض الملوك حكيم إلى شريعة الأنبياء عليهم السلام فسأله الملك عن أمور فأجاب بما لا يحتمله فهمه فقال الملك أرأيت ما تأتي به الأنبياء إذا ادعت أنه ليس بكلام الناس وأنه كلام الله عز وجل فيكف يطيق الناس حمله فقال الحكيم إنا رأينا الناس لما أرادوا أن يفهموا بعض الدواب والطير ما يريدون من تقديمها وتأخيرها وإقبالها وإدبارها ورأوا الدواب يقصر تمييزها عن فهم كلامهم الصادر عن أنوار عقولهم مع حسنه وتزيينه وبديع نظمه فنزلوا إلى درجة تمييز البهائم وأوصلوا مقاصدهم إلى بواطن البهائم بأصوات يضعونها لائقة بهم من النقر والصفير والأصوات القريبة من أصواتها لكي يطيقوا حملها وكذلك الناس يعجزون عن حمل كلام الله عز وجل بكنهه وكمال صفاته فصاروا بما تراجعوا بينهم من الأصوات التي سمعوا بها الحكمة كصوت النقر والصفير الذي سمعت به الدواب من الناس ولم يمنع ذلك معاني الحكمة المخبوءة في تلك الصفات من أن شرف الكلام أي الأصوات لشرفها وعظم لتعظيمها فكان الصوت للحكمة جسدا ومسكنا والحكمة للصوت نفسا وروحا فكما أن أجساد البشر تكرم وتعز لمكان الروح فكذلك أصوات الكلام تشرف للحكمة التي فيها والكلام على المنزلة رفيع الدرجة قاهر السلطان نافذ الحكم في الحق والباطل وهو القاضي العدل والشاهد المرتضى يأمر وينهى ولا طاقة للباطل أن يقوم قدام كلام الحكمة كما لا يستطيع الظل أن يقول قدام شعاع الشمس ولا طاقة للبشر أن ينفذوا غور الحكمة كما لا طاقة لهم أن ينفذوا بأبصارهم ضوء عين الشمس ولكنهم ينالون من ضوء عين الشمس ما تحيا به أبصارهم ويستدلون به على حوائجهم فقط فالكلام كالملك المحجوب الغائب وجهه النافذ أمره وكالشمس الغزيرة الظاهرة مكنون عنصرها وكالنجوم الزهرة التي قد يهتدي بها من لا يقف على سيرها فهو مفتاح الخزائن النفيسة وشراب الحياة الذي من شرب منه لم يمت ودواء الأسقام الذي من سقى منه لم يسقم فهذا الذي ذكره الحكيم نبذة من تفهيم معنى الكلام والزيادة عليه لا تليق بعلم المعاملة فينبغي أن يقتصر عليه الثاني التعظيم للمتكلم فالقارئ عند البداية بتلاوة القرآن ينبغي أن يحضر في قلبه عظمة المتكلم ويعلم أن ما يقرؤه ليس من كلام البشر وإن في تلاوة كلام الله عز وجل غاية الخطر فإنه تعالى قال لا يمسه إلا المطهرون وكما أن ظاهر جلد المصحف وورقه محروس عن ظاهر بشرة اللامس إلا إذا كان متطهرا فباطن معناه أيضا بحكم عزه وجلاله محجوب عن باطن القلب إلا إذا كان متطهرا عن كل رجس ومستنيرا بنور التعظيم والتوقير وكما لا يصلح لمس جلد المصحف كل يد فلا يصلح لتلاوة حروفه كل لسان ولا لنيل معانيه كل قلب ولمثل هذا التعظيم كان عكرمة بن أبي جهل إذا نشر المصحف غشي عليه ويقول هو كلام ربي هو كلام ربي فتعظيم الكلام تعظيم المتكلم ولن تحضره عظمة المتكلم ما لم يتفكر في صفاته وجلاله وأفعاله فإذا حضر بباله العرش والكرسي والسموات والأرض وما بينهما من الجن والإنس والدواب والأشجار وعلم أن الخالق لجميعها والقادر عليها والرازق لها واحد وأن الكل في قبضة قدرته مترددون بين فضله ورحمته وبين نقمته وسطوته إن أنعم فبفضله وإن عاقب فبعدله وأنه الذي يقول هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي وهؤلاء إلى النار ولا أبالي وهذا غاية العظمة والتعالي فبالتفكر في أمثال هذا يحضر تعظيم المتكلم ثم تعظيم الكلام الثالث حضور القلب وترك حديث النفس قيل في تفسير يا يحيى خذ الكتاب بقوة أي بجد واجتهاد وأخذه بالجد أن يكون متجردا له عند قراءته منصرف الهمة إليه عن غيره وقيل لبعضهم إذا قرأت القرآن تحدث نفسك بشيء فقال أو شيء أحب إلي من القرآن حتى أحدث به نفسي وكان بعض السلف إذا قرأ آية لم يكن قلبه فيها أعادها ثانية وهذه الصفة تتولد عما قبلها من التعظيم فإن المعظم للكلام الذي يتلوه يستبشر به ويستأنس ولا يغفل عنه ففي القرآن ما يستأنس به القلب إن كان التالي أهلا له فكيف يطلب الأنس بالفكر في غيره وهو في متنزه ومتفرجوالذي يتفرج في المتنزهات لا يتفكر في غيرها فقد قيل إن في القرآن ميادين وبساتين ومقاصير وعرائس وديابيج ورياضا وخانات فالميمات ميادين القرآن والراءات بساتين القرآن والحاءات مقاصيره والمسبحات عرائس القرآن والحاميمات ديابيج القرآن والمفصل رياضه والخانات ما سوى ذلك فإذا دخل القارىء الميادين وقطف من البساتين ودخل المقاصير وشهد العرائس ولبس الديابيج وتنزه في الرياض وسكن غرف الخانات استغرقه ذلك وشغله عما سواه فلم يعزب قلبه ولم يتفرق فكره الرابع التدبر وهو وراء حضور القلب فإنه قد لا يتفكر في غير القرآن ولكنه يقتصر على سماع القرآن من نفسه وهو لا يتدبره والمقصود من القراءة التدبر ولذلك سن لأن الترتيل فيه الترتيل في الظاهر ليتمكن من التدبر بالباطن قال علي رضي الله عنه لا خير في عبادة لا فقه فيها ولا في قراءة لا تدبر فيها وإذا لم يتمكن من التدبر إلا بترديد فليردد إلا أن يكون خلف إمام فإنه لو بقي في تدبر آية وقد اشتغل الإمام بآية أخرى كان مسيئا مثل من يشتغل بالتعجب من كلمة واحدة ممن يناجيه عن فهم بقية كلامه وكذلك إن كان في تسبيح الركوع وهو متفكر في آية قرأها إمامه فهذا وسواس فقد روى عن عامر بن عبد قيس أنه قال الوسواس يعتريني في الصلاة فقيل في أمر الدنيا فقال لأن تختلف في الأسنة أحب إلي من ذلك ولكن يشتغل قلبي بموقفي بين يدي ربي عز وجل وأنى كيف انصرف فعد ذلك وسواسا وهو كذلك فإنه يشغله عن فهم ما هو فيه والشيطان لا يقدر على مثله إلا بأن يشغله بمهم ديني ولكن يمنعه به عن الأفضل ولما ذكر ذلك للحسن قال إن كنتم صادقين عنه فما اصطنع الله ذلك عندنا ويروى أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فرددها عشرين مرة حديث أنه قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فرددها عشرين مرة رواه أبو ذر الهروي في معجمه من حديث أبي هريرة بسند ضعيف وإنما رددها صلى الله عليه وسلم لتدبره في معانيها وعن أبي ذر قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بنا ليلة فقام بآية يرددها وهي إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم حديث أبي ذر قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا ليلة بآية يرددها وهي إن تعذبهم فإنهم عبادك أخرجه النسائي وابن ماجه بسند صحيح الآية وقام تميم الداري ليلة بهذه الآية أم حسب الذين اجترحوا السيئات الآية وقام سعيد بن جبير ليلة يردد هذه الآية وامتازوا اليوم أيها المجرمون وقال بعضهم إني لأفتتح السورة فيوقفني بعض ما أشهد فيها عن الفراغ منها حتى يطلع الفجر وكان بعضهم يقول آية لا أتفهمها ولا يكون قلبي فيها لا أعد لها ثوابا وحكي عن أبي سليمان الداراني أنه قال إني لأتلو الآية فأقيم فيها أربع ليال أو خمس ليال ولولا أني أقطع الفكر فيها ما جاوزتها إلى غيرها وعن بعض السلف أنه بقي في سورة هود ستة أشهر يكررها ولا يفرغ من التدبر فيها وقال بعض العارفين لي في كل جمعة ختمة وفي كل شهر ختمة وفي كل سنة ختمة ولي ختمة منذ ثلاثين سنة ما فرغت منها بعد وذلك بحسب درجات تدبره وتفتيشه وكان هذا أيضا يقول أقمت نفسي مقام الأجراء فأنا أعمل مياومة ومجامعة ومشاهرة ومسانهة
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 9:24 am | |
| الخامس التفهم وهو أن يستوضح من كل آية ما يليق بها إذ القرآن يشتمل على ذكر صفات الله عز وجل وذكر أفعاله وذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام وذكر أحوال المكذبين لهم وأنهم كيف أهلكوا وذكر أوامره وزواجره وذكر الجنة والنار أما صفات الله عز وجل فكقوله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وكقوله تعالى الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر فليتأمل معاني هذه الأسماء والصفات لينكشف له أسرارها فتحتها معانمدفونة لا تنكشف إلا للموفقين وإليه أشار علي رضي الله عنه بقوله ما أسر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كتمه عن الناس إلا أن يؤتى الله عز وجل عبدا فهما في كتابه فليكن حريصا على طلب ذلك الفهم حديث علي ما أسر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كتمه عن الناس إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه أخرجه النسائي من رواية أبي جحيفة قال سألنا عليا فقلنا هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء سوى القرآن قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا أن يعطي الله عبدا فهما في كتابه الحديث وهو عند البخاري بلفظ هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس في القرآن وفي رواية وقال مرة ما ليس عند الناس ولأبي داود والنسائي فقلنا هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس قال لا إلا ما في كتابي هذا الحديث ولم يذكر الفهم في القرآن وقال ابن مسعود رضي الله عنه من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن وأعظم علوم القرآن تحت أسماء الله عز وجل وصفاته إذ لم يدرك أكثر الخلق منها إلا أمورا لائقة بأفهامهم ولم يعثروا على أغوارها وأما أفعاله تعالى فكذكره خلق السموات والأرض وغيرها فليفهم التالي منها صفات الله عز وجل وجلاله إذا الفعل يدل على الفاعل فتدل عظمته على عظمته فينبغي أن يشهد في العقل الفاعل دون الفعل فمن عرف الحق رآه في كل شيء إذ كل شيء فهو منه وإليه وبه وله فهو الكل على التحقيق ومن لا يراه في كل ما يراه فكأنه ما عرفه ومن عرفه عرف أن كل شيء ما خلا الله باطل وأن كل شيء هالك إلا وجهه لا أنه سيبطل في ثاني الحال بل هو الآن باطل إن اعتبر ذاته من حيث هو إلا أن يعتبر وجوده من حيث إنه موجود بالله عز وجل وبقدرته فيكون له بطريق التبعية ثبات وبطريق الاستقلال بطلان محض وهذا مبدأ من مبادىء علم المكاشفة ولهذا ينبغي إذا قرأ التالي قوله عز وجل أفرأيتم ما تحرثون أفرأيتم ما تمنون أفرأيتم الماء الذي تشربون أفرأيتم النار التي تورون فلا يقصر نظره على الماء والنار والحرث والمني بل يتأمل في المني وهو نطفة متشابهة الأجزاء ثم ينظر في كيفية انقسامها إلى اللحم والعظم والعروق والعصب وكيفية تشكل أعضائها بالأشكال المختلفة من الرأس واليد والرجل والكبد والقلب وغيرها ثم إلى ما ظهر فيها من الصفات الشريفة من السمع والبصر والعقل وغيرها ثم إلى ما ظهر فيها من الصفات المذمومة من الغضب والشهوة والكبر والجهل والتكذيب والمجادلة كما قال تعالى أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين فليتأمل هذه العجائب ليترقى منها إلى عجب العجائب وهو الصفة التي منها صدرت هذه الأعاجيب فلا يزال ينظر إلى الصنعة فيرى الصانع وأما أحوال الأنبياء عليهم السلام فإذا سمع منها كيف كذبوا وضربوا وقتل بعضهم فليفهم منه صفة الاستغناء لله عز وجل عن الرسل والمرسل إليهم وأنه لو أهلك جميعهم لم يؤثر في ملكه شيئا وإذا سمع نصرتهم في آخر الأمر فليفهم قدرة الله عز وجل وإرادته لنصرة الحق وأما أحوال المكذبين كعاد وثمود وما جرى عليهم فليكن فهمه منه استشعار الخوف من سطوته ونقمته وليكن حظه منه الاعتبار في نفسه وأنه إن غفل وأساء الأدب واغتر بما أمهل فربما تدركه النقمة وتنفذ فيه القضية وكذلك إذا سمع وصف الجنة والنار وسائر ما في القرآن فلا يمكن استقصاء ما يفهم منه لأن ذلك لا نهاية له وإنما لكل عبد بقدر رزقه فلا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ولذلك قال علي رضي الله عنه لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب فالغرض مما ذكرناه التنبيه على طريق التفهيم لينفتح بابه فأما الاستقصاء فلا مطمع فيه ومن لم يكن له فهم ما في القرآن ولو في أدنى الدرجات دخل في قوله تعالى ومنهم من يستمع إليك حتى إذاخرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا أولئك الذين طبع الله على قلوبهم والطابع هي الموانع التي سنذكرها في موانع الفهم وقد قيل لا يكون المريد مريدا حتى يجد في القرآن كل ما يريد ويعرف منه النقصان من المزيد ويستغني بالمولى عن العبيد السادس التخلي عن موانع الفهم فإن أكثر الناس منعوا عن فهم معاني القرآن لأسباب وحجب أسدلها الشيطان على قلوبهم فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن قال صلى الله عليه وسلم لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت حديث لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى الملكوت تقدم في الصلاة ومعاني القرآن من جملة الملكوت وكل ما غاب عن الحواس ولم يدرك إلا بنور البصيرة فهو من الملكوت وحجب الفهم أربعة أولها أن يكون الهم منصرفا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها وهذا يتولى حفظه شيطان وكل بالقراء ليصرفهم عن فهم معاني كلام الله عز وجل فلا يزال يحملهم على ترديد الحرف يخيل إليهم أنه لم يخرج من مخرجه فهذا يكون تأمله مقصورا على مخارج الحروف فأنى تنكشف له المعاني وأعظم ضحكة للشيطان من كان مطيعا لمثل هذا التلبيس ثانيها أن يكون مقلدا لمذهب سمعه بالتقليد وجمد عليه وثبت في نفسه التعصب له بمجرد الاتباع للمسموع من غير وصول إليه ببصيرة ومشاهدة فهذا شخص قيده معتقده عن أن يجاوزه فلا يمكنه أن يخطر بباله غير معتقده فصار نظره موقوفا على مسموعه فإن لمع برق على بعد وبدا له معنى من المعاني التي تباين مسموعه حمل عليه شيطان التقليد حملة وقال كيف يخطر هذا ببالك وهو خلاف معتقد آبائك فيرى أن ذلك غرور من الشيطان فيتباعد منه ويحترز عن مثله ولمثل هذا قالت الصوفية إن العلم حجاب وأرادوا بالعلم العقائد التي استمر عليها أكثر الناس بمجرد التقليد أو بمجرد كلمات جدلية حررها المتعصبون للمذاهب وألقوها إليهم فأما العلم الحقيقي الذي هو الكشف والمشاهدة بنور البصيرة فكيف يكون حجابا وهو منتهى المطلب وهذا التقليد قد يكون باطلا فيكون مانعا كمن يعتقد في الاستواء على العرش التمكن والاستقرار فإن خطر له مثلا في القدوس أنه المقدس عن كل ما يجوز على خلقه لم يمكنه تقليده من أن يستقر ذلك في نفسه ولو استقر في نفسه لانجر إلى كشف ثاني وثالث ولتواصل ولكن يتسارع إلى دفع ذلك عن خاطره لمناقضته تقليده بالباطل وقد يكون حقا ويكون أيضا مانعا من الفهم والكشف لأن الحق الذي كلف الخلق اعتقاده له مراتب ودرجات وله مبدأ ظاهر وغور باطن وجمود الطبع على الظاهر يمنع من الوصول إلى الغور الباطن كما ذكرناه في الفرق بين العلم الظاهر والباطن في كتاب قواعد العقائد ثالثها أن يكون مصرا على ذنب أو متصفا بكبر أو مبتلى في الجملة بهوى في الدنيا مطاع فإن ذلك سبب ظلمة القلب وصدئه وهو كالخبث على المرآة فيمنع جلية الحق من أن يتجلى فيه وهو أعظم حجاب للقلب وبه حجب الأكثرون وكلما كانت الشهوات أشد تراكما كما كانت معاني الكلام أشد احتجابا وكلما خف عن القلب أثقال الدنيا قرب تجلي المعنى فيه فالقلب مثل المرآة والشهوات مثل الصدأ ومعاني القرآن مثل الصور التي تتراءى في المرآة والرياضة للقلب بإماطة الشهوات مثل تصقيل الجلاء للمرآة ولذلك قال صلى الله عليه وسلم إذا عظمت أمتي الدينار والدرهم نزع منها هيبة الإسلام وإذا تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حرموا بركة الوحي حديث إذا عظمت أمتي الدينار والدرهم نزع منها هيبة الإسلام وإذا تركوا الأمر بالمعروف حرموا بركة الوحي رواه ابن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف معضلا من حديث الفضل بن عياض قال ذكر عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال الفضيل يعني حرموا فهم القرآن وقد شرط الله عز وجل الإنابة في الفهم والتذكير فقال تعالى تبصرة وذكرى لكل عبد منيب وقال عز وجل وما يتذكر إلا من ينيب وقال تعالى إنما يتذكر أولوا الألباب فالذي آثر غرور الدنيا على نعيم الآخرةفليس من ذوي الألباب ولذلك لا تنكشف له أسرار الكتاب رابعها أن يكون قد قرأ تفسيرا ظاهرا واعتقد أنه لا معنى لكلمات القرآن إلا ما تناوله النقل عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما وأن ما وراء ذلك تفسير بالرأي وأن من فسر القرآن برأيه فقد تبوأ مقعده من النار فهذا أيضا من الحجب العظيمة وسنبين معنى التفسير بالرأي في الباب الرابع وأن ذلك لا يناقض قول علي رضي الله عنه إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن وأنه لو كان المعنى هو الظاهر المنقول لما اختلفت الناس فيه السابع التخصيص وهو أن يقدر أنه المقصود بكل خطاب في القرآن فإن سمع أمرا أو نهيا قدر أنه المنهي والمأمور وإن سمع وعدا أو وعيدا فكمثل ذلك وإن سمع قصص الأولين والأنبياء علم أن السمر غير مقصود وإنما المقصود ليعتبر به وليأخذ من تضاعيفه ما يحتاج إليه فما من قصة في القرآن إلا وسياقها لفائدة في حق النبي صلى الله عليه وسلم وأمته ولذلك قال تعالى ما نثبت به فؤادك فليقدر العبد أن الله ثبت فؤاده بما يقصه عليه من أحوال الأنبياء وصبرهم على الإيذاء وثباتهم في الدين لانتظار نصر الله تعالى وكيف لا يقدر هذا والقرآن ما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لرسول الله خاصة بل هو شفاء وهدى ورحمة ونور للعالمين ولذلك أمر الله تعالى الكافة بشكر نعمة الكتاب فقال تعالى واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به وقال عز وجل لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم كذلك يضرب الله للناس أمثالهم واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين وإذا قصد بالخطاب جميع الناس فقد قصد الآحاد فهذا القارىء الواحد مقصود فما له ولسائر الناس فليقدر أنه المقصود قال الله تعالى وأوحى إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ قال محمد بن كعب القرظي من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله وإذا قدر ذلك لم يتخذ دراسة القرآن عمله بل يقرؤه كما يقرأ العبد كتاب مولاه الذي كتبه إليه ليتأمله ويعمل بمقتضاه ولذلك قال بعض العلماء هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل بعهوده نتدبرها في الصلوات ونقف عليها في الخلوات وننفذها في الطاعات والسنن المتبعات وكان مالك بن دينار يقول ما زرع القرآن في قلوبكم يا أهل القرآن إن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض وقال قتادة لم يجالس أحد هذا القرآن إلا قام بزيادة أو نقصان قال تعالى هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا الثامن التأثر وهو أن يتأثر قلبه بآثار مختلفة بحسب اختلاف الآيات فيكون له بحسب كل فهم حال ووجد يتصف به قلبه من الحزن والخوف والرجاء وغيره ومهما تمت معرفته كانت الخشية أغلب الأحوال على قلبه فإن التضييق غالب على آيات القرآن فلا يرى ذكر المغفرة والرحمة إلا مقرونا بشروط يقصر العارف عن نيلها كقوله عز وجل وإني لغفار ثم أتبع ذلك بأربعة شروط لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى وقوله تعالى والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ذكر أربعة شروط وحيث اقتصر ذكر شرطا جامعا فقال تعالى إن رحمة الله قريب من المحسنين فالإحسان يجمع الكل وهكذا من يتصفح القرآن من أوله إلى آخره ومن فهم ذلك فجدير بأن يكون حاله الخشية والحزن ولذلك قال الحسن والله ما أصبح اليوم عبد يتلو القرآن يؤمن به إلا كثر حزنه وقل فرحه وكثر بكاؤه وقل ضحكه وكثر نصبه وشغله وقلت راحته وبطالته وقال وهيب بن الورد نظرنا في هذه الأحاديث والمواعظ فلم نجد شيئا أرق للقلوب ولا أشد استجلابا للحزن من قراءة القرآن وتفهمه وتدبره فتأثر العبد بالتلاوة أن يصير بصفة الآية المتلوة فعند الوعيد وتقييد المغفرة بالشروط يتضاءل من خيفته كأنه يكاد يموت وعند التوسع ووعد المغفرة يستبشر كأنه يطير منالفرح وعند ذكر الله وصفاته وأسمائه يتطأطأ خضوعا لجلاله واستشعارا لعظمته وعند ذكر الكفار ما يستحيل على الله عز وجل كذكرهم لله عز وجل ولدا وصاحبة يغض صوته ويكسر في باطنه حياء قبح مقالتهم وعند وصف الجنة ينبعث بباطنه شوقا إليها وعند وصف النار ترتعد فرائصه خوفا منها ولما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن مسعود اقرأ علي حديث أنه قال لابن مسعود اقرأ علي الحديث تقدم في الباب قبله قال فافتتحت سورة النساء فلما بلغت فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا رأيت عينيه تذرفان بالدمع فقال لي حسبك الآن وهذا لأن مشاهدة تلك الحالة استغرقت قلبه بالكلية ولقد كان في الخائفين من خر مغشيا عليه عند آيات الوعيد ومنهم من مات في سماع الآيات فمثل هذه الأحوال يخرجه عن أن يكون حاكيا في كلامه فإذا قال إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم ولم يكن خائفا كان حاكيا وإذا قال عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ولم يكن حاله التوكل والإنابة كان حاكيا وإذا قال ولنصبرن على ما آذيتمونا فليكن حاله الصبر أو العزيمة عليه حتى يجد حلاوة التلاوة فإن لم يكن بهذه الصفات ولم يتردد قلبه بين هذه الحالات كان حظه من التلاوة حركة اللسان مع صريح اللعن على نفسه في قوله تعالى ألا لعنة الله على الظالمين وفي قوله تعالى كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وفي قوله عز وجل وهم في غفلة معرضون وفي قوله فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا وفي قوله تعالى ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون إلى غير ذلك من الآيات وكان داخلا في معنى قوله عز وجل ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني يعني التلاوة المجردة وقوله عز وجل وكأين من آية في السموات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون لأن القرآن هو المبين لتلك الآيات في السموات والأرض ومهما تجاوزها ولم يتأثر بها كان معرضا عنها ولذلك قيل إن من لم يكن متصفا بأخلاق القرآن فإذا قرأ القرآن ناداه الله تعالى مالك ولكلامي وأنت معرض عني دع عنك كلامي إن لم تتب إلي ومثال العاصي إذا قرأ القرآن وكرره مثال من يكرر كتاب الملك في كل يوم مرات وقد كتب إليه في عمارة مملكته وهو مشغول بتخريبها ومقتصر على دراسة كتابه فلعله لو ترك الدراسة عند المخالفة لكان أبعد عن الاستهزاء واستحقاق المقت ولذلك قال يوسف بن أسباط إني لأهم بقراءة القرآن فإذا ذكرت ما فيه خشيت المقت فاعدل إلى التسبيح والاستغفار والمعرض عن العمل به أريد بقوله عز وجل فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ولانت له جلودكم فإذا اختلفتم فلستم تقرءونه وفي بعضها فإذا اختلفتم فقوموا عنه حديث اقرءوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم ولانت له جلودكم فإذا اختلفتم فلستم تقرءونه وفي بعضها فإذا اختلفتم فقوموا عنه متفق عليه من حديث جندب بن عبد الله البجلي في اللفظ الثاني دون قوله ولانت جلودكم قال الله تعالى الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون وقال صلى الله عليه وسلم إن أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله تعالى حديث إن أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله تعالى أخرجه ابن ماجه بسند ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم لا يسمع القرآن من أحد أشهى ممن يخشى الله عز وجل حديث لا يسمع القرآن من أحد أشهى ممن يخشى الله تعالى رواه أبو عبد الله الحاكم فيما ذكره أبو القاسم الغافقي في كتاب فضائل القرآن يراد لاستجلاب هذه الأحوال إلى القلب والعمل به وإلا فالمؤنة في تحريك اللسان بحروفه خفيفة ولذلك قال بعض القراء قرأت القرآن على شيخ لي ثم رجعت لأقرأ ثانيا فانتهرني وقال جعلت القرآن علي عملا اذهب فاقرأ على الله عز وجل فانظر بماذا يأمرك وبماذا ينهاك وبهذا كان شغلالصحابة رضي الله عنهم في الأحوال والأعمال فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرين ألفا من الصحابة لم يحفظ القرآن منهم إلا ستة اختلف في اثنين منهم وكان أكثرهم يحفظ السورة والسورتين وكان الذي يحفظ البقرة والأنعام من علمائهم حديث مات رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرين ألفا من الصحابة لم يحفظ القرآن منهم إلا ستة اختلف في اثنين منهم وكان أكثرهم يحفظ السورة والسورتين وكان الذي يحفظ البقرة والأنعام من علمائهم قلت قوله مات عن عشرين ألفا لعله أراد بالمدينة وإلا فقد رويا عن أبي زرعة الرازي أنه قال قبض عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه انتهى وأما من حفظ القرآن على عهده ففي الصحيحين من حديث أنس قال جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد وأبو زيد قلت ومن أبو زيد قال أحد عمومتي وزاد ابن أبي شيبة كالمصنف من رواية الشعبي مرسلا وأبو الدرداء وسعيد بن عبيد وفي الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وروى ابن الأنباري بسنده إلى عمر قال كان الفاضل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر هذه الأمة من يحفظ من القرآن السورة ونحوها الحديث وسنده ضعيف وللترمذي وحسنه من حديث أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا وهم ذو عدد فاستقرأهم فاستقرأ كل رجل ما معه من القرآن فأتي على رجل من أحدثهم سنا فقال ما معك يا فلان قال معي كذا وكذا وسورة البقرة فقال أمعك سورة البقرة قال نعم قال اذهب فأنت أميرهم الحديث ولما جاء واحد ليتعلم القرآن فانتهى إلى قوله عز وجل فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره حديث الرجل الذي جاء ليتعلم فانتهى إلى قوله تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فقال يكفني هذا وانصرف فقال النبي صلى الله عليه وسلم انصرف الرجل وهو فقيه أخرجه أبو داود والنسائي في الكبرى وابن حبان والحاكم وصححه من حديث عبد الله بن عمرو قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقرئني يا رسول الله الحديث وفيه فأقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زلزلت حتى فرغ منها فقال الرجل والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهما أبدا ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح الرويجل أفلح الرويجل ولأحمد والنسائي في الكبرى من حديث صعصعة عم الفرزدق أنه صاحب النصة فقال حسبي لا أبالي أن لا أسمع غيرها قال يكفي هذا وانصرف فقال صلى الله عليه وسلم انصرف الرجل وهو فقيه وإنما العزيز مثل تلك الحالة التي من الله عز وجل بها على قلب المؤمن عقيب فهم الآية فأما مجرد حركة اللسان فقليل الجدوى بل التالي باللسان المعرض عن العمل جدير بأن يكون هو المراد بقوله تعالى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى وبقوله عز وجل كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى أي تركتها ولم تنظر إليها ولم تعبأ بها فإن المقصر في الأمر يقال إنه نسي الأمر وتلاوة القرآن حق تلاوته هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل وحظ العقل تفسير المعاني وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزجار والائتمار فاللسان يرتل والعقل يترجم والقلب يتعظ التاسع الترقي وأعني به أن يترقى إلى أن يسمع الكلام من الله عز وجل لا من نفسه فدرجات القراءة ثلاث أدناها أن يقدر العبد كأنه يقرؤه على الله عز وجل واقفا بين يديه وهو ناظر إليه ومستمع منه فيكون حاله عند هذا التقدير السؤال والتملق والتضرع والابتهال الثانية أن يشهد بقلبه كأن الله عز وجل يراه ويخاطبه بألطافه ويناجيه بإنعامه وإحسانه فمقامه الحياء والتعظيم والإصغاء والفهم الثالثة أن يرى في الكلام المتكلم وفي الكلمات الصفات فلا ينظر إلى نفسه ولا إلى قراءته ولا إلى تعلق الإنعام به من حيث إنه منعم عليه بل يكون مقصور الهم على المتكلم موقوف الفكر عليه كأنه مستغرق بمشاهدة المتكلم عن غيره وهذه درجة المقربين وما قبله درجة أصحاب اليمين وما خرج عن هذا فهو درجات الغافلين وعن الدرجة العليا أخبر جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه قال والله لقد تجلى الله عز وجل لخلقه في كلامه ولكنهم لا يبصرون وقال أيضا وقد سألوه عن حالة لحقته في الصلاة حتى خر مغشيا عليه فلما سرى عنه قيل له في ذلك فقال ما زلت أردد الآية على قلبي حتى سمعتها من المتكلمبها فلم يثبت جسمي لمعاينة قدرته ففي مثل هذه الدرجة تعظم الحلاوة ولذة المناجاة ولذلك قال بعض الحكماء كنت أقرأ القرآن فلا أجد له حلاوة حتى تلوته كأني أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوه على أصحابه ثم رفعت إلى مقام فوقه كنت أتلوه كأني أسمعه من جبريل عليه السلام يلقيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء الله بمنزلة أخرى فأنا الآن أسمعه من المتكلم به فعندها وجدت له لذة ونعيما لا أصبر عنه وقال عثمان وحذيفة رضي الله عنهما لو طهرت القلوب لم تشبع من قراءة القرآن وإنما قالوا ذلك لأنها بالطهارة تترقى إلى مشاهدة المتكلم في الكلام ولذلك قال ثابت البناني كابدت القرآن عشرين سنة وتنعمت به عشرين سنة وبمشاهدة المتكلم دون ما سواه يكون العبد ممتثلا لقوله عز وجل ففروا إلى الله ولقوله ولا تجعلوا مع الله إلها آخر فمن لم يره في كل شيء فقد رأى غيره وكل ما التفت إليه العبد سوى الله تعالى تضمن التفاته شيئا من الشرك الخفي بل التوحيد الخالص أن لا يرى في كل شيء إلا الله عز وجل العاشر التبري وأعني به أن يتبرأ من حوله وقوته والالتفات إلى نفسه بين الرضا والتزكية فإذا تلا بآيات الوعد والمدح للصالحين فلا يشهد نفسه عند ذلك بل يشهد الموقنين والصديقين فيها ويتشوف إلى أن يلحقه الله عز وجل بهم وإذا تلا آيات المقت وذم العصاة والمقصرين شهد على نفسه هناك وقدر أنه المخاطب خوفا وإشفاقا ولذلك كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اللهم إني أستغفرك لظلمي وكفري فقيل له هذا الظلم فما بال الكفر فتلا قوله عز وجل إن الإنسان لظلوم كفار وقيل ليوسف ابن أسباط إذا قرأت القرآن بماذا تدعو فقال بماذا أدعو أستغفر الله عز وجل من تقصيري سبعين مرة فإذا رأى نفسه بصورة التقصير في القراءة كان رؤيته سبب قربه فإن من شهد البعد في القرب لطف به في الخوف حتى يسوقه الخوف إلى درجة أخرى في القرب وراءها ومن شهد القرب في البعد مكربه بالأمن الذي يفضيه إلى درجة أخرى في البعد أسفل مما هو فيه ومهما كان مشاهدا نفسه بعين الرضا صار محجوبا بنفسه فإذا جاوز حد الالتفات إلى نفسه ولم يشاهد إلا الله تعالى في قراءته كشف له سر الملكوت قال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه وعد ابن ثوبان أخا له أن يفطر عنده فأبطأ عليه حتى طلع الفجر فلقيه أخوه من الغد فقال له وعدتني أنك تفطر عندي فأخلفت فقال لولا ميعادي معك ما أخبرتك الذي حبسني عنك إني لما صليت العتمة قلت أوتر قبل أن أجيئك لأني لا آمن ما يحدث من الموت فلما كنت في الدعاء من الوتر رفعت إلى روضة خضراء فيها أنواع الزهر من الجنة فما زلت أنظر إليها حتى أصبحت وهذه المكاشفات لا تكون إلا بعد التبري عن النفس وعدم الالتفات إليها وإلى هواها ثم تخصص هذه المكاشفات بحسب أحوال المكاشف فحيث يتلو آيات الرجاء ويغلب على حاله الاستبشار تنكشف له صورة الجنة فيشاهدها كأنه يراها عيانا وإن غلب عليه الخوف كوشف بالنار حتى يرى أنواع عذابها وذلك لأن كلام الله عز وجل يشتمل على السهل اللطيف والشديد العسوف والمرجو والمخوف وذلك بحسب أوصافه إذ منها الرحمة واللطف والانتقام والبطش فبحسب مشاهدة الكلمات والصفات يتقلب في اختلاف الحالات وبحسب كل حالة منها يستعد للمكاشفة بأمر يناسب تلك الحالة ويقاربها إذ يستحيل أن يكون حالة المستمع واحدا والمسموع مختلفا إذ فيه كلام راض وكلام غضبان وكلام منعم وكلام منتقم وكلام جبار متكبر لا يبالي وكلام حنان متعطف لا يهمل .
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 9:25 am | |
| الباب الرابع في فهم القرآن وتفسيره بالرأي من غير نقل. لعلك تقول عظمت الأمر فيما سبق في فهم أسرار القرآن وما ينكشف لأرباب القلوب الزكية من معانيهفكيف يستحب ذلك وقد قال صلى الله عليه وسلم من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار حديث من فسر القرآن برأية فليتبوأ مقعده من النار تقدم في الباب الثالث من العلم وعن هذا شنع أهل العلم بظاهر التفسير على أهل التصوف من المقصرين المنسوبين إلى التصوف في تأويل كلمات في القرآن على خلاف ما نقل عن ابن عباس وسائر المفسرين وذهبوا إلى أنه كفر فإن صح ما قاله أهل التفسير فما معنى فهم القرآن سوى حفظ تفسيره وإن لم يصح ذلك فما معنى قوله صلى الله عليه وسلم من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار فاعلم أن من زعم أن لا معنى للقرآن إلا ما ترجمه ظاهر التفسير فهو مخبر عن حد نفسه وهو مصيب في الإخبار عن نفسه ولكنه مخطئ في الحكم برد الخلق كافة إلى درجته التي هي حده ومحطه بل الأخبار والآثار تدل على أن في معاني القرآن متسعا لأرباب الفهم حديث الأخبار والآثار الدالة على أن في معاني القرآن متسعا لأرباب الفهم تقدم قول علي في الباب إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في كتابه قال علي رضي الله عنه إلا أن يؤتى الله عبدا فهما في القرآن فإن لم يكن سوى الترجمة المنقولة فما ذلك الفهم وقال صلى الله عليه وسلم إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا حديث إن للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا تقدم في قواعد العقائد ويروى أيضا عن ابن مسعود موقوفا عليه وهو من علماء التفسير فما معنى الظهر والبطن والحد والمطلع وقال علي كرم الله وجهه لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب فما معناه وتفسير ظاهرها في غاية الاقتصار وقال أبو الدرداء لا يفقه الرجل حتى يجعل للقرآن وجوها وقد قال بعض العلماء لكل آية ستون ألف فهم وما بقي من فهمها أكثر وقال آخرون القرآن يحوى سبعة وسبعين ألف علم ومائتي علم إذ كل كلمة علم ثم يتضاعف ذلك أربعة أضعاف إذ لكل كلمة ظاهر وباطن وحد ومطلع وترديد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم عشرين مرة حديث تكرير النبي صلى الله عليه وسلم البسملة عشرين مرة تقدم في الباب قبله لا يكون إلا لتدبره باطن معانيها وإلا فترجمتها وتفسيرها ظاهر لا يحتاج مثله إلى تكرير وقال ابن مسعود رضي الله عنه من أراد علم الأولين والآخرين فليتدبر القرآن وذلك لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر وبالجملة فالعلوم كلها داخلة في أفعال الله عز وجل وصفاته وفي القرآن شرح ذاته وأفعاله وصفاته وهذه العلوم لا نهاية لها وفي القرآن إشارة إلى مجامعها والمقامات في التعمق في تفصيله راجع إلى فهم القرآن ومجرد ظاهره التفسير لا يشير إلى ذلك بل كل ما أشكل فيه على النظار واختلف فيه الخلائق في النظريات والمعقولات ففي القرآن إليه رموز ودلالات عليه يختص أهل الفهم بدركها فيكف يفي بذلك ترجمة ظاهره وتفسيره ولذلك قال صلى الله عليه وسلم اقرءوا القرآن والتمسوا غرائبه حديث اقرءوا القرآن والتمسوا غرائبه أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف وأبو يعلى الموصلي والبيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بلفظ أعربوا وسنده ضعيف وقال صلى الله عليه وسلم في حديث علي كرم الله وجهه والذي بعثني بالحق نبيا ليفترقن أمتي عن أصل دينها وجماعتها على اثنتين وسبعين فرقة كلها ضالة مضلة يدعون إلى النار فإذا كان ذلك فعليكم بكتاب الله عز وجل فإن فيه نبأ من كان قبلكم ونبأ ما يأتي بعدكم وحكم ما بينكم من خالفه من الجبابرة قصمه الله عز وجل ومن ابتغى العلم في غيره أضله الله عز وجل وهو حبل الله المتين ونوره المبين وشفاؤه النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه لا يموج فيقوم ولا يزيغ فيستقيم ولا تنقضي عجائبه ولا يخلقه كثرة الترديد حديث علي والذي بعثني بالحق لتفترقن أمتي على أصل دينها وجماعتها على اثنتين وسبعين فرقة كلها ضالة مضلة يدعو إلى النار فإذا كان ذلك فعليكم بكتاب الله فإن فيه نبأ من كان قبلكم الحديث بطوله وهو عند الترمذي دون ذكر افتراق الأمة بلفظ ألا إنها ستكون فتنة مضلة فقلت ما المخرج منها يا رسول الله قال كتاب الله فيه نبأ من كان قبلكم فذكره مع اختلاف وقال غريب وإسناده مجهولالحديث وفي حديث حذيفة لما أخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاختلاف والفرقة بعده قال فقلت يا رسول الله فماذا تأمرني إن أدركت ذلك فقال تعلم كتاب الله واعمل بما فيه فهو المخرج من ذلك قال فأعدت عليه ذلك ثلاثا فقال صلى الله عليه وسلم ثلاثا تعلم كتاب الله عز وجل واعمل بما فيه ففيه النجاة حديث حذيفة في الاختلاف والفرقة بعده فقلت ما تأمرني إن أدركت ذلك قال تعلم كتاب الله واعمل بما به الحديث أخرجه أبو داود والنسائي في الكبرى وفيه تعلم كتاب الله واتبع ما فيه ثلاث مرات وقال علي كرم الله وجهه من فهم القرآن فسر به جمل العلم أشار به إلى أن القرآن يشير إلى مجامع العلوم كلها وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا يعني الفهم في القرآن وقال عز وجل ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما سمى ما آتاهما علما وحكما وخصص ما انفرد به سليمان بالتفطن له باسم الفهم وجعله مقدما على الحكم والعلم فهذه الأمور تدل على أن في فهم معاني القرآن مجالا رحبا ومتسعا بالغا وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس منتهى الإدراك فيه فأما قوله صلى الله عليه وسلم من فسر القرآن برأيه ونهيه عنه حديث النهي عن تفسير القرآن بالرأي غريب صلى الله عليه وسلم وقول أبي بكر رضي الله عنه أي أرض تقلني وأي سماء تظلني إذا قلت في القرآن برأيي إلى غير ذلك مما ورد في الأخبار والآثار في النهي عن تفسير القرآن بالرأي فلا يخلو إما أن يكون المراد به الاقتصار على النقل والمسموع وترك الاستنباط والاستقلال بالفهم أو المراد به أمرا آخر وباطل قطعا أن يكون المراد به أن لا يتكلم أحد في القرآن إلا بما يسمعه لوجوه أحدها أنه يشترط أن يكون ذلك مسموعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسندا إليه وذلك مما لا يصادف إلا في بعض القرآن فأما ما يقوله ابن عباس وابن مسعود من أنفسهم فينبغي أن لا يقبل ويقال هو تفسير بالرأي لأنهم لم يسمعوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم والثاني أن الصحابة والمفسرين اختلفوا في تفسير بعض الآيات فقالوا فيها أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها وسماع جميعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم محال ولو كان الواحد مسموعا لرد الباقي فتبين على القطع أن كل مفسر قال في المعنى بما ظهر له باستنباطه حتى قالوا في الحروف التي في أوائل السور سبعة أقاويل مختلفة لا يمكن الجمع بينها فقيل إن الر هي حروف من الرحمن وقيل إن الألف الله واللام لطيف والراء رحيم وقيل غير ذلك والجمع بين الكل غير ممكن فكيف يكون الكل مسموعا والثالث أنه صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس رضي الله عنه وقال اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل حديث دعائه لابن عباس اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل تقدم في الباب الثاني من العلم فإن كان التأويل مسموعا كالتنزيل ومحفوظا مثله فما معنى تخصيصه بذلك والرابع أنه قال عز وجل لعلمه الذي يستنبطونه منهم فأثبت لأهل العلم استنباطا ومعلوم أنه وراء السماع وجملة ما نقلناه من الآثار في فهم القرآن يناقض هذا الخيال فبطل أن يشترط السماع في التأويل وجاز لكل واحد أن يستنبط من القرآن بقدر فهمه وحد عقله وأما النهي فإنه ينزل على أحد وجهين أحدهما أن يكون له في الشيء رأي وإليه ميل من طبعه وهواه فيتأول القرآن على وفق رأيه وهواه وليحتج على تصحيح غرضه ولو لم يكن له ذلك الرأي والهوى لكان لا يلوح له من القرآن ذلك المعنى وهذا تارة يكون مع العلم كالذي يحتج ببعض آيات القرآن على تصحيح بدعته وهو يعلم أنه ليس المراد بالآية ذلك ولكن يلبس به على خصمه وتارة يكون مع الجهل ولكن إذا كانت الآية محتملة فيميل فهمه إلى الوجه الذييوافق غرضه ويرجح ذلك الجانب برأيه وهواه فيكون قد فسر برأيه أي رأيه هو الذي حمله على ذلك التفسير ولولا رأيه لما كان يترجح عنده ذلك الوجه وتارة قد يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن ويستدل عليه مما يعلم أنه ما أريد به كمن يدعو إلى الاستغفار بالأسحار فيستدل بقوله صلى الله عليه وسلم تسحروا فإن في السحور بركة حديث تسحروا فإن في السحور بركة تقدم في الباب الثالث من العلم ويزعم أن المراد به التسحر بالذكر وهو يعلم أن المراد به الأكل وكالذي يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي فيقول قال الله عز وجل إذهب إلى فرعون إنه طغى ويشير إلى قلبه ويومئ إلى أنه المراد بفرعون وهذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسينا للكلام وترغيبا للمستمع وهو ممنوع وقد تستعمله الباطنية في المقاصد الفاسدة لتغرير الناس ودعوتهم إلى مذهبهم الباطل فينزلون القرآن على وفق رأيهم ومذهبهم على أمور يعلمون قطعا أنها غير مرادة به فهذه الفنون أحد وجهي المنع من التفسير بالرأي ويكون المراد بالرأي الرأي الفاسد الموافق للهوى دون الاجتهاد الصحيح والرأي يتناول الصحيح والفاسد والموافق للهوى قد يخصص باسم الرأي والوجه الثاني أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع والنقل فيما يتعلق بغرائب القرآن وما فيه من الألفاظ المبهمة والمبدلة وما فيه من الاختصار والحذف والإضمار والتقديم والتأخير فمن لم يحكم بظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعانى بمجرد فهم العربية كثر غلطه ودخل في زمرة من يفسر بالرأي فالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير أولا ليتقي به مواضع الغلط ثم بعد ذلك يتسع التفهم والاستنباط والغرائب التي لا تفهم إلا بالسماع كثيرة ونحن نرمز إلى جمل منها ليستدل بها على أمثالها ويعلم أنه لا يجوز التهاون بحفظ التفسير الظاهر أولا ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر ومن ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن يدعي البلوغ إلى صدر البيت قبل مجاوزة الباب أو يدعي فهم مقاصد الأتراك من كلامهم وهو لا يفهم لغة الترك فإن ظاهر التفسير يجري مجرى تعليم اللغة التي لا بد منها للفهم وما لا بد فيه من السماع فنون كثيرة منها الإيجار بالحذف والإضمار كقوله تعالى وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها معناه آية مبصرة فظلموا أنفسهم بقتلها فالناظر إلى ظاهر العربية يظن أن المراد به أن الناقة كانت مبصرة ولم تكن عمياء ولم يدر أنهم بماذا ظلموا غيرهم أو أنفسهم وقوله تعالى وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم أي حب العجل فحذف الحب وقوله عز وجل إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات أي ضعف عذاب الأحياء وضعف عذاب الموتى فحذف العذاب وأبدل الأحياء والموتى بذكر الحياة والموت وكل ذلك جائز في فصيح اللغة وقوله تعالى واسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها أي أهل العير فالأهل فيهما محذوف مضمر وقوله عز وجل ثقلت في السموات والأرض معناه خفيت على أهل السموات والأرض والشيء إذا خفي ثقل فأبدل اللفظ به وأقيم في مقام على وأضمر الأهل وحذف وقوله تعالى وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون أي شكر رزقكم وقوله عز وجل وآتنا ما وعدتنا على رسلك أي على ألسنة رسلك فحذف ألسنة وقوله تعالى إنا أنزلناه في ليلة القدر أراد القرآن وما سبق له ذكر وقال عز وجل حتى توارت الحجاب أراد الشمس وما سبق لها ذكر وقوله تعالى والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى أي يقولون ما نعبدهم وقوله عز وجل فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك معناه لا يفقهون حديثا يقولون ما أصابك من حسنة فمن الله فإن لم يرد هذا كان مناقضا لقوله قل كل من عند الله وسبق إلى الفهم منه مذهب القدرية ومنها المنقول المنقلب كقوله تعالى وطور سينين أي طورسيناء سلام على إل ياسين أي على الياس وقيل إدريس لأن في حرف ابن مسعود سلام على إدراسين ومنها المكرر القاطع لوصل الكلام في الظاهر كقوله عز وجل وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وقوله عز وجل قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم معناه الذين استكبروا لمن آمن من الذين استضعفوا ومنها المقدم والمؤخر وهو مظنة الغلط كقوله عز وجل ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى معناه لولا الكلمة وأجل مسمى لكان لزاما ولولاه لكان نصبا كاللزام وقوله تعالى يسألونك كأنك حفى عنها أي يسألونك عنها كأنك حفي بها وقوله عز وجل لهم مغفرة ورزق كريم كما أخرجك ربك من بيتك بالحق فهذا الكلام غير متصل وإنما هو عائد إلى قوله السابق قل الانفال لله والرسول كما أخرجك ربك من بيتك بالحق أي فصارت أنفال الغنائم لك إذ أنت راض بخروجك وهم كارهون فاعترض بين الكلام الأمر بالتقوى وغيره ومن هذا النوع قوله عز وجل حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه الآية ومنها المبهم وهو اللفظ المشترك بين معن من كلمة أو حرف أما الكلمة فكالشيء والقرين والأمة والروح ونظائرها قال الله تعالى ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شيء أراد به النفقة مما رزق وقوله عز وجل وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء أي الأمر بالعدل والاستقامة وقوله عز وجل فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء اراد به من صفات الربوبية وهو العلوم التي لا يحل السؤال عنها حتى يبتدئ بها العارف في أوان الاستحقاق وقوله عز وجل أم خلقوا من غير شي أم هم الخالقون أي من غير خالق فربما يتوهم به أنه يدل على أنه لا يخلق شيء إلا من شيء وأما القرين فكقوله عز وجل وقال قرينه هذا ما لدى عتيد ألقيا في جهنم كل كفار أراد به الملك الموكل به وقوله تعالى قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان أراد به الشيطان وأما الأمة فتطلق على ثمانية أوجه الأمة الجماعة كقوله تعالى وجد عليه أمة من الناس يسقون وأتباع الأنبياء كقولك عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورجل جامع للخير يقتدي به كقوله تعالى إن إبراهيم كان أمة قانتا لله والأمة الدين كقوله عز وجل إنا وجدنا آباءنا على أمة والأمة الحين والزمان كقوله عز وجل إلى أمة معدودة وقوله عز وجل وادكر بعد أمة والأمة القامة يقال فلان حسن الأمة أي القامة وأمة رجل منفرد بدين لا يشركه فيه أحد قال صلى الله عليه وسلم يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده حديث يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة واحدة أخرجه النسائي في الكبرى من حديث زيد بن حارثة وأسماء بنت أبي بكر بإسنادين جيدين والأمة يقال هذه أمة زيد أي أم زيد والروح أيضا ورد في القرآن على معان كثيرة فلا نطول بإيرادها وكذلك قد يقع الأبهام في الحروف مثل قوله عز وجل قأثرن به نقعا فوسطن به جمعا فالهاء الأولى كناية عن الحوافر وهي الموريات أي أثرن بالحوافر نقعا والثانية كناية عن الإغارة وهي المغيرات صبحا فوسطن به جمعا جمع المشركون فأغاروا بجمعهم وقوله تعالى فأنزلنا به الماء يعني السحاب فأخرجنا به من كل الثمرات يعني الماء وأمثال هذا في القرآن لا ينحصر ومنها التدريج في البيان كقوله عز وجل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن إذ لم يظهر به أنه ليل أو نهار وبان بقوله عز وجل إنا أنزلناه في ليلة مباركة ولم يظهر به أي ليلة فظهر بقوله تعالى إنا أنزلناه في ليلة القدر وربما يظن في الظاهر الاختلاف بين هذه الآيات فهذا وأمثاله مما لا يغني فيه إلا النقل والسماع فالقرآن من أوله إلى آخره غير خال عن هذا الجنس لأنه أنزل بلغة العرب فكان مشتملا على أصناف كلامهم من إيجاز وتطويل وإضمار وحذف وإبدال وتقديم وتأخير ليكون ذلك مفحما لهم ومعجزا في حقهم فكل من اكتفى بفهم ظاهر العربية وبادر إلى تفسير القرآن ولم يستظهر بالسماع والنقل في هذه الأمور فهو داخل فيمن فسر القرآن برأيه مثل أن يفهم من الأمة المعنى الأشهر منه فيميل طبعه ورأيه إليه فإذا سمعه في موضع آخر مال برأيه إلى ما سمعه من مشهورمعناه وترك تتبع النقل في كثير معانيه فهذا ما يمكن أن يكون منهيا عنه دون التفهم لأسرار المعاني كما سبق فإذا حصل السماع بأمثال هذه الأمور علم ظاهر التفسير وهو ترجمة الألفاظ ولا يكفى ذلك في فهم حقائق المعاني ويدرك الفرق بين حقائق المعاني وظاهر التفسير بمثال وهو أن الله عز وجل قال وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى فظاهره تفسير واضح وحقيقة معناه غامض فإنه إثبات للرمي ونفي له وهما متضادان في الظاهر ما لم يفهم أنه رمى من وجه ولم يرم من وجه ومن الوجه الذي لم يرم رماه الله عز وجل وكذلك قال تعالى قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم فإذا كانوا هم المقاتلين كيف يكون الله سبحانه هو المعذب وإن كان الله تعالى هو المعذب بتحريك أيديهم فما معنى أمرهم بالقتال فحقيقة هذا يستمد من بحر عظيم من علوم المكاشفات لا يغنى عنه ظاهر التفسير وهو أن يعلم وجه ارتباط الأفعال بالقدرة الحادثة ويفهم وجه ارتباط القدرة بقدرة الله عز وجل حتى ينكشف بعد إيضاح أمور كثيرة غامضة صدق قوله عز وجل وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ولعل العمر لو أنفق في استكشاف أسرار هذا المعنى وما يرتبط بمقدماته ولواحقه لانقضى العمر قبل استيفاء جميع لواحقه وما من كلمة من القرآن إلا وتحقيقها محوج إلى مثل ذلك وإنما ينكشف للراسخين في العلم من أسراره بقدر غزارة علومهم وصفاء قلوبهم وتوفر دواعيهم على التدبر وتجردهم للطلب ويكون لكل واحد حد في الترقي إلى درجة أعلى منه فأما الاستيفاء فلا مطمع فيه ولو كان البحر مداداوالأشجار أقلاما فأسرار كلمات الله لا نهاية لها فتنفد الأبحر قبل أن تنفد كلمات الله عز وجل فمن هذا الوجه تتفاوت الخلق في الفهم بعد الاشتراك في معرفة ظاهر التفسير وظاهر التفسير لا يغنى عنه ومثاله فهم بعض أرباب القلوب من قوله صلى الله عليه وسلم في سجوده أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك حديث قوله صلى الله عليه وسلم في سجوده أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك الحديث أخرجه مسلم من حديث عائشة أنه قبل له اسجد واقترب فوجد القرب في السجود فنظر إلى الصفات فاستعاذ ببعضها من بعض فإن الرضا والسخط وصفان ثم زاد قربه فاندرج القرب الأول فيه فرقى إلى الذات فقال أعوذ بك منك ثم زاد قربه بما استحيا به من الاستعاذة على بساط القرب فالتجأ إلى الثناء فأثنى بقوله لا أحصى ثناء عليك ثم علم أن ذلك قصور فقال أنت كما أثنيت على نفسك فهذه خواطر تفتح لأرباب القلوب ثم لها أغوار وراء هذا وهو فهم معنى القرب واختصاصه بالسجود ومعنى الاستعاذة من صفة بصفة ومنه به وأسرار ذلك كثيرة ولا يدل تفسير ظاهر عليه وليس اللفظ هو مناقضا لظاهر التفسير بل هو استكمال له ووصول إلى لبابه عن ظاهره فهذا ما نورده لفهم المعاني الباطنة لا ما يناقض الظاهر والله أعلم.
تم كتاب آداب التلاوة والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد خاتم النبيين وعلى كل عبد مصطفى من كل العالمين وعلى آل محمد وصحبه وسلم يتلوه إن شاء الله تعالى كتاب الأذكار والدعوات والله المستعان لا رب سواه.
| |
|
| |
الأنصاري
عضو فضي
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 05/09/2011 عدد المساهمات : 564
| موضوع: رد: ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ الأربعاء 11 يناير 2012, 10:16 am | |
|
كتاب الأذكار والدعوات وهو الكتاب التاسع من ربع العبادات بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الشاملة رأفته العامة رحمته الذي جازى عباده عن ذكرهم بذكرهم فقال تعالى فاذكروني أذكركمورغبهم في السؤال والدعاء بأمره فقال ادعوني أستجب لكم فأطمع المطيع والعاصي والداني والقاصي في الانبساط إلى حضرة جلاله برفع الحاجات والأماني بقوله فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان والصلاة على محمد سيد أنبيائه وعلى آله وأصحابه خيرة أصفيائه وسلم تسليما كثيرا. أما بعد فليس بعد تلاوة كتاب الله عز وجل عبادة تؤدى باللسان أفضل من ذكر الله تعالى ورفع الحاجات بالأدعية الخالصة إلى الله تعالى فلا بد من شرح فضيلة الذكر على الجملة ثم على التفصيل في أعيان الأذكار وشرح فضيلة الدعاء وشروطه وآدابه ونقل المأثور من الدعوات الجامعة لمقاصد الدين والدنيا والدعوات الخاصة لسؤال المغفرة والاستعاذة وغيرها ويتحرر المقصود من ذلك بذكر أبواب خمسة : الباب الأول : في فضيلة الذكر وفائدته جملة وتفصيلا . الباب الثاني : في فضيلة الدعاء وآدابه وفضيلة الاستغفار والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم . الباب الثالث : في أدعية مأثورة ومعزية إلى أصحابها وأسبابها. الباب الرابع : في أدعية منتخبة محذوفة الإسناد من الأدعية المأثورة. الباب الخامس : في الأدعية المأثورة عند حدوث الحوادث.
الباب الأول : في فضيلة الذكر وفائدته على الجملة والتفصيل من الآيات والأخبار والآثار : ويدل على فضيلة الذكر على الجملة من الآيات : قوله سبحانه وتعالى فاذكروني أذكركم قال ثابت البناني رحمه الله إني أعلم متى يذكرني ربي عز وجل ففزعوا منه وقالوا كيف تعلم ذلك فقال إذا ذكرته ذكرني وقال تعالى اذكروا الله ذكرا كثيرا وقال تعالى فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وقال عز وجل فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا وقال تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وقال تعالى فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم قال ابن عباس رضي الله عنهما أي بالليل والنهار في البر والبحر والسفر والحضر والغنى والفقر والمرض والصحة والسر والعلانية وقال تعالى في ذم المنافقين ولا يذكرون الله إلا قليلا وقال عز وجل واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين وقال تعالى ولذكر الله أكبر قال ابن عباس رضي الله عنهما له وجهان أحدهما أن ذكر الله تعالى لكم أعظم من ذكرككم إياه والآخر أن ذكر الله أعظم من كل عبادة سواه إلى غير ذلك من الآيات . وأما الأخبار : فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاكر الله في الغافلين كالشجرة في وسط الهشيم حديث ذاكر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء في وسط الهشيم أخرجه أبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب من حديث ابن عمر بسند ضعيف وقال في وسط الشجر الحديث وقال صلى الله عليه وسلم ذاكر الله في الغافلين كالمقاتل بين الفارين وقال صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت شفتاه بي حديث يقول الله تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه أخرجه البيهقي وابن حبان من حديث أبي هريرة والحاكم من حديث أبي الدرداء وقال صحيح الإسناد وقال صلى الله عليه وسلم ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله عز وجل قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ثمتضرب به حتى ينقطع ثم تضرب به حتى ينقطع حديث ما عمل ابن آدم من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ثلاث مرات أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والطبراني من حديث معاذ بإسناد حسن فقال صلى الله عليه وسلم من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله عز وجل حديث من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله تعالى أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف والطبراني من حديث معاذ بسند ضعيف ورواه الطبراني في الدعاء من حديث أنس وهو عند الترمذي بلفظ إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا وقد تقدم في الباب الثالث من العلم وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل فقال أن تموت ولسانك رطب بذكر الله عز وجل حديث سئل أي الأعمال أفضل قال أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله تعالى أخرجه ابن حبان والطبراني في الدعاء والبيهقي في الشعب من حديث معاذ وقال صلى الله عليه وسلم أصبح وأمس ولسانك رطب بذكر الله تصبح وتمسي وليس عليك خطيئة حديث أمس وأصبح ولسانك رطب بذكر الله تصبح وتمسي وليس عليك خطيئة أخرجه أبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب من حديث أنس من أصبح وأمسى ولسانه رطب من ذكر الله يمسي ويصبح وليس عليه خطيئة أخرجهوفيه من لا يعرف وقال صلى الله عليه وسلم لذكر الله عز وجل بالغداة والعشي أفضل من حطم السيوف في سبيل الله ومن إعطاء المال سحا حديث لذكر الله بالغداة والعشي أفضل من حطم السيوف في سبيل الله ومن إعطاء المال سحا رويناه من حديث أنس بسند ضعيف في الأصل وهو معروف من قول ابن عمر كما رواه ابن عبد البر في التمهيد وقال صلى الله عليه وسلم يقول الله تبارك وتعالى إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه وإذا تقرب مني شبرا تقربت منه ذراعا وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإذا مشى إلي هرولت إليه حديث قال الله عز وجل إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة يعني بالهرولة سرعة الإجابة وقال صلى الله عليه وسلم سبعة يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله من جملتهم رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه من خشية الله حديث سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله من جملتهم رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه متفق عليه من حديث أبي هريرة أيضا وقال أبو الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الورق والذهب وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربون أعناقهم ويضربون أعناقكم قالوا وما ذاك يا رسول الله قال ذكر الله عز وجل دائما حديث ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم الحديث أخرجه الترمذي والحاكم وابن ماجه وصحح إسناده من حديث أبي الدرداء وقال صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين حديث قال الله تعالى من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين أخرجه البخاري في التاريخ والبزار في المسند والبيهقي في الشعب من حديث عمر بن الخطاب وفيه صفوان بن أبي الصفا ذكره ابن حبان في الضعفاء وفي الثقات أيضا. وأما الآثار : فقد قال الفضيل بلغنا أن الله عز وجل قال عبدي اذكرني بعد الصبح ساعة وبعد العصر ساعة أكفك ما بينهما وقال بعض العلماء إن الله عز وجل يقول أيما عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكري توليت سياسته وكنت جليسه ومحادثه وأنيسه وقال الحسن الذكر ذكران ذكر الله عز وجل بين نفسك وبين الله عز وجل ما أحسنه وأعظم أجره وأفضل من ذلك ذكر الله سبحانه عند ما حرم الله عز وجل ويروى أن كل نفس تخرج من الدنيا عطشى إلا ذاكر الله عز وجل وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله سبحانه فيها والله تعالى أعلم .
| |
|
| |
| ۩۞۩ كتاب إحياء علوم الدين ۩۞۩ | |
|