الجنس : العمر : 47 صفحات التاريخ التسجيل : 05/09/2011عدد المساهمات : 297
موضوع: ۩۞۩ مسجد قباء ... أسطورة خالدة ۩۞۩ الخميس 20 أكتوبر 2011, 8:43 pm
۩۞۩ مسجد قباء ... أسطورة خالدة ۩۞۩
في السنة الأولى من الهجرة وقبل أكثر من أربعة عشر قرناً وُضعت أسس هذا المسجد التليد .. ولم يزل على مر العصور ، وتداول الأمم ، واختلاف الدول ، وتعاقب الأمراء ، واختلاف الأجيال ، لم يزل يُركع فيه لله في كل يوم خمس صلوات ...
يقع هذا المسجد في ديار بني عمرو بن عوف ويعد مكانه من عالية المدينة .. لقد تعاقب على هذا المسجد أئمة كثيرون .. أقاموا فيه الصلوات والجمع والأعياد وصلوا فيه صلوات كثيرة .. رحم الله كلَّ مسلم ذكر الله تعالى فيه أو صلى فيه ..
كم زاره من العلماء والأئمة المجددون والخلفاء والرؤساء والأمراء .. جم غفير .. لقد عرف هذا المسجد إمامه الأول ومؤسسه الأقدم رسول الله إلى العالمين عليه الصلاة والسلام ...
وإذا بحبل الود لا يزال ممتداً إلى وفاته عليه الصلاة والسلام .. ففي كل يوم سبت تنبلج أساريره .. وتكاد جدرانه تضم حباً وتقديراً ذلك الزائر الكريم ... في كل يوم سبت يقف فيه مصلياً سيد العالمين ... وإمام المرسلين ..
المسجد وأهله .. والمصلون الحاضرون .. يرون تلك الصِّلَةَ المُؤِّثرة من أفضل الأنبياء إلى الله رب الأرباب وملك الملوك .. لقد صلى في ذلك المسجد ذلك الإمام معلماً أمته كيفية الصلاة والخشوع ، كيفية الإخبات والخضوع ، كيفية القنوت والسجود والركوع ..
أي صلاة شهدها ذلك المسجد هي أفضل من تلك الصلاة .. وأي رجل عرفه أطهر وأكرم من ذلك الرجل .. لقد كان الصحابة الكرام يحرصون أن تنالهم بركته صلى الله عليه وسلم الخاصة به ، وإذا بهذا المسجد ينالها بوطء قدمه الشريفة على ذلك المكان .. إيهِ يا أهل طيبة إن بين جبال تلك المدينة كنز آخر .. ومسجد فيه فضل عظيم .. مسجد قباء ..
لقد شرَّق الناسُ وغرَّبوا باحثين عن الفضائل في المساجد .. وأصاب من صلى في ثلاث مساجد .. المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى ، فلقد جوز الحبيب صلى الله عليه وسلم السفر للصلاة في تلك المساجد العظيمة ، وأما مسجد قباء فهو لمن كان بالمدينة فيشرع له الصلاة فيه بلا سفر ، هكذا فعل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حيث كان يصلي فيه كل سبت .. وأبان فضله فمن توضأ في بيته ثم جاء فصلى في مسجد قباء ركعتين كتب له أجر عمرة ... لم يرد في غيره فضل سوى المساجد العظام الثلاثة ..
إنه مسجد عرف تاريخ الإسلام منذ أول يوم وطئت فيه قدم المصطفى عليه الصلاة والسلام هذه المدينة الطيبة .. وإذا نظرت إلى هذا المسجد اليوم .. فجمال وأي جمال .. يسكن هذا المسجد في وسط الحدائق الغناء .. والبساتين الرائعة .. والخضرة الرائقة .. وإذا اقتربت منه فلا تنكر فتلك أنغام الطيور المغردة بأصواتها العذبة الشجية ..
يرفع هذا المسجد الأربعة المنائر .. التي يكبر فيها لله وتتلى فيه آياته كثيراً .. هذا المسجد الآن .. تحفة معمارية .. وجمال روحي .. ومنارة عظيمة من منائر الحق والهدى ..
والحق أن هذا المسجد العظيم يُذكِّرُ بمكانة المسجد وأوليته في اهتمام كل مسلم ، فقد سبقت لبنته لبنةَ بيت النبوة .. وسبق بناؤه كل بناء .. فهو أول مسجد أسس على التقوى ..
مسجد قباء هو أول مسجد بني في الإسلام، فقد خطه الرسول صلى الله عليه وسلم بيده عندما وصل المدينة مهاجراً من مكة، وشارك في وضع أحجاره الأولى ثم أكمله الصحابة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقصده بين الحين والآخر ليصلي فيه، ويختار أيام السبت غالباً، ويحض على زيارته . وقد جاء في الحديث (من تطهر في بيته وأتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة فله أجر عمرة) وفي حديث آخر (من خرج حتى يأتي هذا المسجد ـ يعني مسجد قباء ـ فصلى فيه كان كعدل عمرة) .
اهتم المسلمون بمسجد قباء خلال العصور الماضية فجدده عثمان بن عفان رضي الله عنه، ثم عمر بن عبد العزيز الذي بالغ في تنميقه وجعل له رحبة وأروقة، ومئذنة وهي أول مئذنة تقام فيه، وفي سنة 435هـ جدده أبو يعلى الحسيني، وفي سنة 555هـ جدده جمال الدين الأصفهاني، وجدده أيضاً بعض الأعيان و المحسنين في سنة 671 و 733 و 840 و 881 هـ وفي عهد الدولة العثمانية جدد عدة مرات آخرها في زمن السلطان عبد المجيد، وفي العهد السعودي لقي مسجد قباء عناية كبيرة فرمم وجددت جدرانه الخارجية وزيد فيه من الجهة الشمالية سنة 1388هـ . وفي عام 1405هـ أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بإعادة بنائه ومضاعفة مساحته عدة أضعاف مع المحافظة على معالمه التراثية بدقة، وأسندت مهمة إنجاز المشروع إلى مجموعة ابن لادن السعودية فهدم المبنى القديم وضمت قطع من الأراضي المجاورة من جهاته الأربع إلى المبنى الجديد، وامتدت التوسعة وأعيد بناؤه بالتصميم القديم نفسه، ولكن جعل له أربع مآذن عوضاً عن مئذنته الوحيدة القديمة، كل مئذنة في جهة وبارتفاع 47 متراً ؛ بني المسجد على شكل رواق جنوبي وآخر شمالي تفصل بينهما ساحة مكشوفة ويتصل الرواقان شرقاً وغرباً برواقين طويلين، ويتألف سطحه من مجموعة من القباب المتصلة منها 6 قباب كبيرة قطر كل منها 12 متراً و56 قبة صغيرة قطر كل منها 6 أمتار، وتستند القباب إلى أقواس تقف على أعمدة ضخمة داخل كل رواق، وكسيت أرض المسجد وساحته بالرخام العاكس للحرارة، وتظلل الساحة بمظلة آلية صنع قماشهامن الألياف الزجاجية تطوى وتنشر حسب الحاجة.
وقد بلغت مساحة المصلى وحده 5035 متراً مربعاً، وبلغت المساحة التي يشغلها مبنى المسجد مع مرافق الخدمة التابعة له 13500 متر مربع في حين كانت مساحته قبل هذه التوسعة 1600 متر مربع فقط، كما ألحق بالمسجد مكتبة ومنطقة تسويق لخدمة الزائرين، و الجدير بالذكر أنه تم تجديد المسجد في زمن قياسي هو اثنا عشر شهراً فقط، وكان العمل يسير على مدار الساعة .