۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
اللوزي

عضو جديد  عضو جديد
اللوزي


الجنس : ذكر
العمر : 33
الموقع تورنتو - كندا
التسجيل : 12/03/2012
عدد المساهمات : 7

☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞  Empty
مُساهمةموضوع: ☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞    ☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞  Icon_minitimeالسبت 17 مارس 2012, 12:05 am

☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞  Basmala


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرةٌ عظيمة من شعائر الإسلام , بسببه نالت هذه الأمة خيريَّتها , وبه تميزت عن سائر الأمم , قال تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } [آل عمران: 110] .

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة فرضها الله عز وجل في محكم التنزيل ، لأنه بهذه الفريضة يبقى المجتمع المسلم مصونا ومحفوظا من الفواحش والمنكرات، قال الحبيب صلى الله عليه وسلم ؛ في الحديث الصحيح : [ لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ، أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم ] ..

الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر والأخذ على يد السَّفيه حصنٌ حصين من المحن , ودرعٌ يقي من الشُّرور والفتن , وأمانٌ تحفظ به حرمات المسلمين , به تظهر شعائر الدين وتعلو أحكامه , ويعز أهل الإيمان ويذل أهل النفاق والطغيان .

قال الإمام سفيان : " إذا أمرت بالمعروف شددت ظهر أخيك , وإذا نهيت عن المنكر أرغمت أنف المنافق " .

قال ابن جرير الطبري : " أصل المعروف : هو كل ما كان معروفاً فعله جميل مستحسن غير مستقبح في أهل الإيمان بالله ، وإنما سميت طاعة الله معروفا لأنه مما يعرفه أهل الإيمان لا يستنكرون فعله.
وأصل المنكر: ما أنكره الله عز وجل ورآه أهل الإيمان قبيحا فعله ولذلك سميت معصية الله منكرا لأن أهل الإيمان يستنكرون لها لها يستعظمون ركوبها " تفسير الطبري.

وقال الماوردي : هو أمـر بالمعروف إذا ظهر تركه ، ونهي عن المنكر إذا ظهر فعله

قَالَ الله تَعَالَى : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران:104].
فقوله تعالى ﴿ وَلْتَكُن ﴾ أمرٌ , وظاهر الأمر الإيجاب هذا من جهة ، ومن جهة أخرى حصرت الآية الفلاح بهذا العمل.

وقالَ تَعَالَى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر} [آل عمران:110].
فالآية قرنت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإيمان بالله تعالى ، وتخصيص الثناء والمدح بالخيرية بهذه الصفات الثلاث ، فهذا يدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وقَالَ تَعَالَى : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199].

وقَالَ تَعَالَى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71].
فجعل الله تعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الأوصاف الخاصة بالمؤمنين ، وعليهما تترتب الرحمة ، وقد ذكرا في سياق الواجبات كإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهما واجبان بدلالة وحدة السياق ، وتكرّر اقترانهما مع الواجبات يفيد وجوبهما.

وقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم:6] ، ففعل الأمر ﴿قُوا﴾ يدل على الوجوب ، ويتحقق هذا الفعل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهما واجبان ؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وقَالَ تَعَالَى : { أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ } [الأعراف: 165].

وقَالَ تَعَالَى : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } [الأعراف:199]، والعرف: هو المعروف ، والأمر للوجوب ، وإذا كان الأمر بالمعروف واجباً كان النهي عن ضده واجبا.

وقَالَ تَعَالَى : { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }[التوبة:122].
قال الإمام الرازي رحمه الله : « هذه الآية اشتملت على التكليف بثلاثة أشياء أولها الدعوة إلى الخير ثم الأمر بالمعروف ثم النهي عن المنكر» .

وقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }[النحل:90].
فالآية تشمل الأمر بكل معروف كان واجباً أو مندوبا، والنهي عن كل منكر كان محرماً أو مكروها، وهي بصيغة الأمر الصريح الدال على الوجوب.

وقَالَ تَعَالَى : {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }[الحجرات:9]
قال الإمام الجصاص بعد ذكره لهذه الآية وغيرها : « فهذه الآية ونظائرها مقتضية لإيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

وقَالَ تَعَالَى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }[المائدة:2]
قال الإمام الغزالي : « وهو أمر جزم ، ومعنى التعاون : الحث عليه ، وتسهيل طرق الخير ، وسد سبل الشر والعدوان بحسب الإمكان » ، ثم أتبع الأمر بالتهديد بالعذاب الشديد الذي لا يكون إلا لفعل المحرم أو ترك الواجب.


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


✧ المعروف لغة ✧

قال ابن منظور: « المَعْرُوف ضدُّ المُنْكَر والعُرْفُ ضدّ النُّكْر يقال أَوْلاه عُرفاً أَي مَعْروفاً والمَعْروف والعارفةُ خلاف النُّكر والعُرْفُ والمعروف الجُود وقيل هو اسم ما تبْذُلُه وتُسْديه ... قال الزجاج المعروف هنا ما يُستحسن من الأَفعال ».


✧ المعروف اصطلاحا ✧


يطلق المعروف على كل ما تعرفه النفس من الخير وتطمئن إليه , وهو اسم جامع لكلّ ما عرف من طاعة اللّه والتّقرّب إليه ، والإحسان إلى النّاس ، وكلّ ما ندب إليه الشّرع ، ونهى عنه من المحسّنات والمقبّحات وهو من الصفات الغالبة , بمعنى أنه معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه.


✧ المنكر في اللغة ✧


قال ابن منظور: «( نكر) النُّكْرُ والنَّكْراءُ الدَّهاءُ والفِطنة ورجل نَكِرٌ ونَكُرٌ ونُكُرٌ ومُنْكَرٌ من قوم مَناكِير دَاهٍ فَطِنٌ... والمُنْكَرُ من الأَمر خلاف المعروف... ونَكِرَه يَنْكَرُه نَكَراً فهو مَنْكُورٌ واسْتَنْكَرَه فهو مُسْتَنْكَرٌ والجمع مَناكِيرُ» .


✧ والمنكر اصطلاحا ✧


هو ضد المعروف وهو ما عرف قبحه نقلاً وعقلاً , وقيل كلّ ما قبّحه الشّرع وحرّمه ونهى عنه.


✧ معنى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اصطلاحا ✧


الأمر بالمعروف : هو الإرشاد إلى المراشد المنجّية , والنّهي عن المنكر: الزّجر عمّا لا يلائم في الشّريعة.

وقيل : الأمر بالمعروف : الدّلالة على الخير, والنّهي عن المنكر: المنع عن الشّرّ.

وقيل : الأمر بالمعروف : أمر بما يوافق الكتاب والسّنّة , والنّهي عن المنكر: نهي عمّا تميل إليه النّفس والشّهوة.

وقيل : الأمر بالمعروف : الإشارة إلى ما يرضي اللّه تعالى من أقوال العبد وأفعاله , والنّهي عن المنكر: تقبيح ما تنفّر عنه الشّريعة والعفّة وهو ما لا يجوز في شرع اللّه تعالى .


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


«❖» حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر «❖»


الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب بنص القرآن الكريم وصريح السنة النبوية , وإجماع الأمة .

أهل الإيمان وُصفوا في القرآن بأنهم : { يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [التوبة 71] .

بينما وصف أهل النفاق بأنهم : { يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [التوبة:67] .

من قام بالمعروف والنهي عن المنكر مكَّنه الله ونصره , وأيَّده الله وسدَّده , قال سبحانه وتعالى : { وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيز * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } [الحـج: 40-41) .

إذا فشا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تميَّزت السنة من البدعة , وعُرف الحلال من الحرام , وأدرك الناس الواجب والمسنون , والمباح والمكروه, ونشأت النَّاشئة على المعروف وألفته , وابتعدت عن المنكر واشمأزَّت منه . [توجيهات وذكرى 1/47].


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قَالَ : سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ " رواه مسلم.

عن ابن مسعود رضي الله عنه : أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : " مَا مِنْ نَبيٍّ بَعَثَهُ اللهُ في أمَّة قَبْلِي إلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأصْحَابٌ يَأخُذُونَ بِسنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرونَ ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلبِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلسَانِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ ، وَلَيسَ وَرَاءَ ذلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَل " رواه مسلم.

عن أبي الوليدِ عبادة بن الصامِت رضي الله عنه ، قَالَ : بَايَعْنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ والطَّاعَةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، والمَنْشَطِ وَالمَكْرَهِ ، وَعَلَى أثَرَةٍ عَلَيْنَا ، وَعَلَى أنْ لاَ نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ إلاَّ أنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى فِيهِ بُرْهَانٌ ، وَعَلَى أنْ نَقُولَ بالحَقِّ أيْنَمَا كُنَّا لاَ نَخَافُ في اللهِ لَوْمَةَ لاَئِمٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
(المَنْشَطُ وَالمَكْرَهُ) بفتح ميمَيْهِما : أي في السهل والصعب. وَ (الأثَرَةُ) : الاختِصاص بالمشترَكِ وقد سبق بيانها. (بَوَاحاً) بفتح الباءِ الموحدة بعدها واو ثُمَّ ألف ثُمَّ حاءٌ مهملة : أي ظاهِراً لا يحتمل تأويلاً.

عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : " مَثَلُ القَائِمِ في حُدُودِ اللهِ وَالوَاقعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَومٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ فَصَارَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا ، وَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أنَّا خَرَقْنَا في نَصِيبِنَا خَرْقاً وَلَمْ نُؤذِ مَنْ فَوقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أرَادُوا هَلَكُوا جَميعاً، وَإنْ أخَذُوا عَلَى أيدِيهِمْ نَجَوا وَنَجَوْا جَميعاً) رواه البخاري.
(القَائِمُ في حُدُودِ اللهِ تَعَالَى) معناه: المنكر لَهَا، القائم في دفعِها وإزالتِها، وَالمُرادُ بالحُدُودِ: مَا نَهَى الله عَنْهُ. (اسْتَهَمُوا ): اقْتَرَعُوا. 5- عن أُمِّ المؤمنين أم سلمة هند بنت أَبي أمية حذيفة رضي الله عنها، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، أنه قَالَ: (إنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعرِفُونَ وتُنْكِرُونَ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ، وَمَنْ أنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ) قَالوا: يَا رَسُول اللهِ، ألا نُقَاتِلهم؟ قَالَ: (لا، مَا أَقَامُوا فيكُمُ الصَّلاةَ) رواه مسلم.
معناه: مَنْ كَرِهَ بِقَلْبهِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ إنْكَاراً بِيَدٍ وَلا لِسَانٍ فقَدْ بَرِىءَ مِنَ الإِثْمِ، وَأَدَّى وَظيفَتَهُ، وَمَنْ أَنْكَرَ بحَسَبِ طَاقَتِهِ فَقَدْ سَلِمَ مِنْ هذِهِ المَعْصِيَةِ وَمَنْ رَضِيَ بِفِعْلِهِمْ وَتَابَعَهُمْ فَهُوَ العَاصِي.

عن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنتِ جحش رَضِي الله عنها : أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل عَلَيْهَا فَزِعاً ، يقول : " لا إلهَ إلاّ الله ، وَيلٌ للْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثلَ هذِهِ ، وحلّق بأُصبُعيهِ الإبهامِ والتي تليها ، فقلتُ : يَا رَسُول الله، أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

عن أَبي سعيد الخُدري رضي الله عنه ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : " إيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ في الطُّرُقَاتِ! " فقالوا : يَا رَسُول الله ، مَا لنا مِنْ مجالِسِنا بُدٌّ ، نتحدث فِيهَا. فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : " فَإذَا أبَيْتُمْ إلاَّ المَجْلِسَ ، فَأَعْطُوا الطَّريقَ حَقَّهُ " . قالوا : وما حَقُّ الطَّريقِ يَا رسولَ الله ؟ قَالَ : " غَضُّ البَصَرِ ، وَكَفُّ الأَذَى ، وَرَدُّ السَّلامِ ، وَالأمْرُ بِالمَعْرُوفِ ، والنَّهيُ عن المُنْكَرِ " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رأى خاتَماً مِنْ ذهبٍ في يدِ رجلٍ فنَزعه فطرحه ، وَقالَ : " يَعْمدُ أحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا في يَدِهِ! " فقيل للرجل بعدما ذهب رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم : خُذْ خَاتَمَكَ انْتَفِعْ بِهِ. قَالَ : لا والله لا آخُذُهُ أبَداً وَقَدْ طَرَحَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

عن حذيفة رضي الله عنه ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَتَأْمُرُنَّ ِالمَعْرُوفِ ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ المُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللهُ أنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَاباً مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُوْنَهُ فَلا يُسْتَجَابُ لَكُمْ " رواه الترمذي ، وَقالَ : (حديث حسن).

عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : " أفْضَلُ الجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائرٍ " رواه أَبُو داود والترمذي ، وَقالَ : (حديث حسن).

عن أَبي عبدِ الله طارِقِ بن شِهاب البَجَليِّ الأَحْمَسِيّ رضي الله عنه : أنَّ رجلاً سأل النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد وضع رِجله في الغَرْزِ : أيُّ الجِهادِ أفضلُ ؟ قَالَ : " كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائرٍ " رواه النسائي بإسناد صحيح.
(الغرز) بغين معجمة مفتوحة ثُمَّ راء ساكنة ثُمَّ زاي : وَهُوَ ركاب كَوْرِ الجملِ إِذَا كَانَ من جلد أَوْ خشب وقيل : لا يختص بجلد وخشب.

عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَّ أوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ أنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ ، فَيَقُولُ : يَا هَذَا ، اتَّقِ الله ودَعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الغَدِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ ، فَلا يَمْنَعُهُ ذلِكَ أنْ يَكُونَ أكِيلَهُ وَشَريبَهُ وَقَعيدَهُ ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ ضَرَبَ اللهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ " ثُمَّ قَالَ : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ } - إِلَى قوله – { فاسِقُونَ } [المائدة: 78- 81] ثُمَّ قَالَ : " كَلاَّ ، وَاللهِ لَتَأمُرُنَّ بالمَعْرُوفِ ، وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، وَلَتَأخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ ، وَلَتَأطِرُنَّهُ عَلَى الحَقِّ أطْراً ، وَلَتَقْصُرُنَّه عَلَى الحَقِّ قَصْراً ، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللهُ بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ، ثُمَّ ليَلْعَننكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ " رواه أَبُو داود والترمذي ، وَقالَ : (حديث حسن).
هَذَا لفظ أَبي داود، ولفظ الترمذي ، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : " لَمَّا وَقَعَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ في المَعَاصي نَهَتْهُمْ عُلَمَاؤهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا، فَجَالَسُوهُمْ في مَجَالِسِهمْ ، وَوَاكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ ، فَضَربَ اللهُ قُلُوبَ بَعضِهِمْ بِبعْضٍ ، وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسانِ دَاوُد وعِيسَى ابنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بما عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ " فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وكان مُتَّكِئاً، فَقَالَ : " لا ، والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَأطِرُوهُمْ عَلَى الحَقِّ أطْراً " .
قوله : ( تَأطِرُوهم) : أي تعطفوهم . ( ولتقْصُرُنَّهُ ) : أي لتحبِسُنَّه.

عن أَبي بكر الصديق رضي الله عنه ، قَالَ : يَا أيّها النَّاس ، إنّكم لتَقرؤُون هذِهِ الآية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } [المائدة: 105] وإني سمعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يأخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ " رواه أَبُو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


وإن العاقل إذا تأمل في كثيرٍ من المجتمعات التي ضعف فيها جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يرى جهلاً بالسنن , وانتشارا للبدع , وإهمالاً للصلوات , واتِّباع للشهوات . وأن من سنن الله الماضية أن يسلط عقوبته على المجتمعات التي تهمل هذه الشعيرة .

قال الله جل وعلا : { لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُون * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [المائدة 78-79].

وإذا أُعلن المنكر في مجتمع ولم يجد من يقف في طريقه فإنه سيقوى ويكثر الخبث وعند ذلك يحلُّ بالأمة العذاب والهلاك .

ففي الصحيحين من حديث زينب رضي الله عنها أنها قالت : ( يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : " نعم , إذا كَثُرَ الخَبَث " ).

ومما أُثر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله قوله : ( كان يُقال : إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصَّة ولكن إذا عُمِل المنكر جهاراً استحقوا العقوبة كلهم ) ( إن وجود المصلحين في الأمة هو صمَّام الأمان لها , وسبب نجاتها من الهلاك العام , ولهذا قال تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [هود: 117] ولم يقل صالحون.
وروى أبو داوود والترمذي عن أبي بكر الصديق أنه قال : ( أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } وإني سمعت رسول الله يقول : " إنَّ الناس إذا رأوُا الظالم فلم يأخُذوا على يديه أوشكَ أن يعمَّهم الله بعقابٍ منه " .

وفي المسند وسنن الترمذي عن حذيفة أن النبي قال : " والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهَون عن المنكر أو ليوشِكنَّ الله أن يبعثَ عليكم عقاباً منه , ثم تدعونه فلا يُستجاب لكم " .
إنه تهديد يهزُّ القلوب الحية , ويحثُّ على المسارعة إلى إحياء هذه الشعيرة والعمل بها وحمايتها والدفاع عن القائمين بها.
أنه لو طُوي بساط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأُهمل علمه وعمله لتعطَّلت الشريعة , واضمحلَّت الديانة , وعمَّت الجهالة , وفشت الضلالة , واستشرى الفساد , وهلك العباد وحينئذ يحل عذاب الله وإن عذاب الله لشديد.
(إنَّ فَشْوَ المنكرات وعدم تغييرها يؤدي إلى سلب نور القلب وانطفاء جذوة الإيمان وموت الغيرة على حرمات الله , فتسود الفوضى , وتنتشر الجريمة , ثم يحيق بالقوم مكرُ الله , حتى إن كثرة رؤية المنكرات يقوم مقام ارتكابها في سلب القلب نور التمييز وقوة الإنكار). [توجيهات وذكرى لابن حميد 1/48].

لأن المنكرات إذا كَثُرَ على القلب ورودها, وتكرر في العين شهودها , ذهبت من القلوب وحشتها فتعتادها النفوس فلا يخطر على البال أنها منكرات ولا يميز الفكر أنها معاصي.

إن الخوف كل الخوف من تأنيس القلوب بالمنكرات لأنها إذا توالت مباشرتها ومشاهدتها أَنِسَت بها النفوس فلم تتأثر عند رؤيتها.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعلمٍ وحلم , ورفقٍ وصبرٍ بالحكمة والموعظة الحسنة بكل وسيلةٍ مباحة متاحة , سواء كان ذلك عن طريق الكلمة الهادفة , أو الكتيِّب المناسب , أو النَّشرة الصغيرة , أو الشريط المفيد , أو الهاتف أو الجريدة أو الرسالة الشخصية أو غير ذلك من الوسائل التي تقطع المنكر وتنهيه أو تخفِّفه وتُضعف منه , والدال على الخير كفاعله , والمسلمون نَصَحَة , والمنافقون غَشَشَة , ومن يتحرى الخير يُهْدَ إلى طريقه , ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يُمَهِّدُون.
الحِسبة في الإسلام كانت بنياناً شامخاً في الأمة , وكان لها دورٌ لا يُنكر في حماية الشرع والذَّبِّ عن الدِّين والعرض وإنكار المنكرات.


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


قال عبد اللّه بن مسعود رضي الله عنه : ( جاهدوا المنافقين بأيديكم، فإن لم تستطيعوا؛ فبألسنتكم، فإن لم تستطيعوا إلا أن تكفهِرُّوا في وجوههم؛ فاكفهِرُّوا في وجوههم ) سير أعلام النبلاء.

قال عثمان رضي الله عنه : " إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن " البداية والنهاية.

قال أبو هريرة رضي الله عنه : " كنتم خير الناس للناس ، تأتون بهم في الأقياد والسلاسل حتى تدخلوهم الجنة " مجموع الفتاوى.

ما روي عن طائفة من الصحابة في قوله تعالى : { عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } قالوا : لم يأت تأويلها بعد، إنما تأويلها في آخر الزمان " جامع العلوم والحكم.

عن ابن مسعود قال : " إذا اختلفت القلوب والأهواء وألبستم شيعًا ، وذاق بعضكم بأس بعض ، فيأمر الإنسان حينئذ نفسه ، فهو حينئذ تأويل هذه الآية " جامع العلوم والحكم.

سُئل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه مَن ميت الأحياء ؟ فقال رضي الله عنه وأرضاه : " الذي لا ينكر المنكر بيده ، ولا بلسانه ، ولا بقلبه " إحياء علوم الدين.

عن ابن عمر قال : " هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا، إن قالوا لم يقبل منهم" جامع العلوم والحكم.

قال الأوزاعي : " أمر من ترى أن يقبل منك " جامع العلوم والحكم.

قال يزيد بن معاوية خطيباً على المنبر: " إن الله لا يؤاخذ عامة بخاصة إلا أن يظهر منكر فلا يغير فيؤاخذ الكل " سير أعلام النبلاء.

قال سعيد بن جُبير رحمه الله : " لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء -أي من المعاصي-؛ ما أمر أحدٌ بمعروف ، ولا نهى عن منكر " تفسير ابن كثير.
* قال الإمام مالك -رحمه الله- معلقاً على مقولة سعيد بن جبير: " ومَنْ هذا الذي ليس فيه شيء؟! " مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل.

كتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى إلى بعض عماله " أما بعد : فإنه لم يظهر المنكر في قوم قط ، ثم لم ينههم أهل الصلاح بينهم - إلا أصابهم الله بعذاب من عنده ، أو بأيدي من يشاء من عباده ، ولا يزال الناس معصومين من العقوبات والنقمات ما قُمع أهل الباطل ، واستخفي فيهم المحارم ".

قال سفيان الثوري رحمه الله : ينبغي للآمر والناهي أن يكون رفيقا فيما يأمر به ، رفيقا فيما ينهى عنه ، عدلا فيما يأمر به ، عدلاً فيما ينهى عنه ، عالماً بما يأمر به ، عالماً بما ينهى عنه " فتاوى ابن باز.

سُئل الإمام مالك عن الرجل يعمل أعمالاً سيئة ؛ يأمره الرجل بالمعروف وهو يظن أنه لا يطيعه ؟ فقال : " ما بذلك بأس ، ومن الناس من يُرفَق به فيطيع ، قال الله عز وجل : { فَقُوْلا لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا } .

عن وهب بن إسماعيل الأسدي قال : كنا عند سفيان الثوري ، فجاءه رجل ، فسأله عن مسألة ، وعلى رأسه قلنسوة سوداء ، فنظر إليه ، فأعرض عنه ، ثم سأله الثانية : فنظر إليه ، فأعرض عنه ، فقال له : يا أبا عبد الله ، يسألك الناس فتجيبهم ، وأسألك ، فتنظر إلي ، ثم تعرض عني ، فقال : هذا الذي تسألني : أي شيء تريد به ؟ قال : السنة ، قال : فهذا الذي على رأسك ، أي شيء هو من السنة ؟ هذه سنة سنها رجل سوء يقال له : أبو مسلم ، لا تستن بسنته ؛ قـال : فنزع الرجل قلنسوته ، فوضعها ، ثم لبث قليلاً ، ثم قام فذهب.

عن طارق بن شهاب ؛ قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة : مروان ، فقام إليه رجل ، فقال : الصلاة قبل الخطبة . فقال : قد ترك ما هنالك . فقال أبو سعيد : أما هذا ؛ فقد قضى ما عليه ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من رأى منكم منكرًا ؛ فليغيِّره بيده ، فإن لم يستطع ؛ فبلسانه ، فإن لم يستطع ؛ فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " .
وقد ذكر الإِمام أحمد رجلاً صُلب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فترحَّم عليه ، وقال : " قد قضى ما عليه " ، وقال : " قد هانت عليه نفسه " .

ذكر ابن القيم عن شيخه شيخ الإسلام رحمهما الله أنه قال : " مررْتُ أنا وبعض أصحابي في زمن التتار بقوم منهم يشربون الخمر، فأنكر عليهم من كان معي ، فأنكرت عليه ، وقلت له : إنما حرم الله الخمر لأنها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة ، وهؤلاء يصدهم الخمر عن قتل النفوس ، وسبي الذرية ، وأخذ الأموال ، فدعهم " .


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


ذَهَبَ الرِّجَـالُ الْمُقْتَدَى بِفِعَالِهِـمْ *** وَالْمُنْكِرُونَ لِكُلِّ أَمْـرٍ مُنْـكَـرِ
وَبَقِيتُ فِي خَلَفٍ يُزَكٍّي بَعْضُـهُـمْ *** بَعْضًا لَيَدْفَع مُعْوِرٌ عَـنْ مُعْـوِرِ
[عبد الله بن المبارك]

تَفَـانَى الْخَيْـرُ وَالصُّلَحَـاءُ ذَلُّـوا *** وَعَزَّ بِذُلِّـهِـمْ أَهْـلُ السَفَـاهِ
وَبَـاءَ الآمِـرُونَ بِـكُـلِّ عُـرْفٍ *** فَمَا عَنْ مُنْكَرٍ فِـي النَّـاسِ نَـاهِ
[.........]

يَا نَاعِـيَ الإِسْـلامِ قُـمْ وَانْعِـهِ *** قَدْ زَالَ عُرْفٌ وَبَـدَا مُـنْـكَـرُ
[.........]

لا يُـدْرِكُ الْمَجْدَ إِلا مُخْلِصٌ وَرِعٌ *** يُرَاقِـبُ اللهَ فِي سِـرٍّ وَإِعْـلانِ
وَلَيْـسَ تَأْخُـذُهُ فِـي اللهِ لائِمَـةٌ *** إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِي بَيْـتِ إِنْسَانِ
[.........]

خُذِ الْعَفْـوَ وَأْمُـرْ بِعُـرْفٍ كَمَـا *** أُمِرْتَ وَأَعْرِضْ عَـنِ الْجاهِلِيـنْ
وَلِنْ فِـي الْكَـلامِ لِكُـلِّ الأَنَـامِ *** فَمُسْتَحْسَنٌ مِنْ ذَوِي الْجَاهِ لِيـنْ
[أبو الفتح البُستي]

فصل:
يَا أَيُّهَـا الرَّجُـلُ الْمُعَلِّـمُ غَيْـرَهُ *** هلاَّ لِنَفْسِكَ كَـانَ ذا التَّعْلِـيـمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ مِنَ الضِّنَى *** كَيْمَا يَصِّحُ بـه وَأَنْتَ سَقِـيـمُ
ابْدَأ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَـا عَـنْ غَيِّهَـا *** فَإِذَا انْتَهَيْتَ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِـيـمُ
فَهُنَاكَ يُقْبَلُ مَـا تَقُـولُ وَيُقْتَـدَى *** بِالرَّأْيْ مِنْكَ وَيَنْـفَـعُ التَّعْلِيـمُ
لا تَنْهَ عَـنْ خُلُـقٍ وَتَـأتِي مِثْلَـهُ *** عَارٌ عَلَيْكَ إِذَا فَعَلْـتَ عَظِـيـمُ
[أبو الأسود الدُؤَلي]

وَإِذَا عَتَبْتً عَلَى امْـرِئٍ فِـي خَلَّةٍ *** وَرَأَيْتَـهُ قَدْ ذَلَّ حِيْـنَ أَتَـاهَـا
فَاحْذَرْ وُقُوعَـكَ مَـرَّةً فِي مِثْلِهَـا *** فَيُبَتُّ عَنْكَ نَضُـوحَهَـا وَثَنَاهَـا
[طريح الثقفي]

يَا وَاعِـظَ النَّاسِ قَدْ أَصْبَحْتَ مُتَّهَمًا *** إِذْ مِنْهُمُ أُمُورًا أَنْـتَ تَأَتِيهَـا
[أبو العَتَاهِيَة]

وَصَفْتَ التُّقَى حَتَّى كَأَنَّكَ ذُو تُقًى *** وَرِيحُ الخَطَايَا مِنْ ثَنَايَاكَ تَسْطَـعُ
[أبو العَتَاهِيَة]

مَا أَقْبَـحَ التَّزَهِيدَ مِـنْ وَاعِـظٍ *** يُزَهِّدُ الـنَّـاسَ وَلا يَـزْهَــدُ
لَوْ كَـانَ فِـي تَزْهِيـدِهِ صَادِقًـا *** أَضْحَى وَأَمْسَى بَيْتُـهُ الْمَسْجِـدُ
[سَلْم الخاسر]

وَغَيْرُ تَقِـيٍّ يَأَمُـرُ النَّاسَ بِالتُّقَـى *** طَبِيبٌ يُدَاوِي النَّاسَ وَهْـوَ عَلِيلُ
[...........]

يَا وَاعِـظَ النَّـاسِ غَيْـرَ مُتَّعِـظٍ *** نَفْسَكَ طَهِّـرْ أَوْ فَـلا تَـلُـمِ
[أحمد بن يوسف]


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


1- (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).
2- (عَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ).
3- (مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ).
4- (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا).
5- (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قومٍ استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذِ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)
6- قال النووي: " المختلف فيه لا إنكار فيه ".
7- قال بعض البلغاء: " ما قيمة حق لا نفاذ له ".
8- لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


قال ابن جرير الطبري : " أصل المعروف: هو كل ما كان معروفاً فعله جميل مستحسن غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله معروفا لأنه مما يعرفه أهل الإيمان لا يستنكرون فعله.
وأصل المنكر: ما أنكره الله عز وجل ورآه أهل الإيمان قبيحا فعله ولذلك سميت معصية الله منكرا لأن أهل الإيمان يستنكرون لها لها يستعظمون ركوبها " تفسير الطبري.

قال ابن النحاس: " واعلم أن مقتضى فرض الكفاية، أنه إذا قام به البعض حاز الأجر الجزيل من الله تعالى، وسقط الحرج عن الباقين، ولكن يشترط في سقوط الحرج هنا أن يكون الساكت عن الأمر والنهي إنما سكت لعلمه بقيام من قام عنه بالغرض، فإن سكت ولم يعلم بقيامه، فالظاهر -والله أعلم- أنه لا يسقط عنه الحرج؛ لأنه أقدم على ترك واجب عمدا، كما لو أقدم على الفطر في رمضان؛ ظانًا منه النهار باق وكان ليلا، أو جامع ظانًا أن الفجر قد طلع وكان ليلا، فإنه يأثم بذلك " تنبيه الغافلين.

قال النووي: " وقد يتعين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يعني يصير فرض عين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو، وكمن يرى زوجته أو غلامه أو ولده على منكر أو تقصير في المعروف " شرح صحيح مسلم.

وقال رحمه الله: "وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الكتاب، والسنة، وإجماع الأمة، وهو أيضًا من النصيحة التي هي من الدِّين، ولم يخالف في ذلك إلاَّ بعض الرافضة، ولا يُعتدُّ بخلافهم" شرح صحيح مسلم.

وقال -رحمه الله-: " قال العلماء: لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال، ممتثلاً ما يأمر به، مجتنباً ما ينهى عنه، بل عليه الأمر وإن كان مُخِلاً بما يأمر به، وإن كان متلبساً بما ينهى عنه؛ فإنه يجب عليه شيئان: أن يأمر نفسه، وينهاها، وأن يأمر غيره وينهاه؛ فإذا أخلَّ بأحدهما كيف يباح له الإخلال بالآخر؟ " شرح صحيح مسلم.

وقال أيضا: قال العلماء: " ولا يختص الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بأصحاب الولايات بل ذلك جائز لآحاد المسلمين. قال إمام الحرمين والدليل عليه إجماع المسلمين فإن غير الولاة في الصدر الأول والعصر الذي يليه كانوا يأمرون الولاة بالمعروف وينهونهم عن المنكر مع تقرير المسلمين إياهم وترك توبيخهم على التشاغل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من غير ولاية والله أعلم، ثم أنه إنما يأمر وينهى من كان عالما بما يأمر به وينهى عنه وذلك يختلف باختلاف الشيء؛ فإن كان من الواجبات الظاهرة والمحرمات المشهورة كالصلاة والصيام والزنا والخمر ونحوها - فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من دقائق الأفعال والأقوال ومما يتعلق بالاجتهاد - لم يكن للعوام مدخل فيه ولا لهم إنكاره، بل ذلك للعلماء، ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه " شرح صحيح مسلم.

قال القرطبي: " قال الإمام ابن عطيَّة رحمه الله: والإِجماع على أن النهي عن المنكر واجب لمن أطاقه، ونهى بمعروف، وأمن الضرر عليه وعلى المسلمين؛ فإن تعذَّر على أحد النهي لشيء من هذه الوجوه - ففرض عليه الإنكار بقلبه، وألا يخالط ذا المنكر ".

قال القرطبي: " قال ابن عطية: قال حذَّاق أهل العلم: ليس من شروط الناهي أن يكون سليمًا من المعصية؛ بل ينهى العصاة بعضهم بعضًا. وقال بعض الأصوليين: فرض على الذين يتعاطَوْن الكؤوس أن ينهى بعضُهم بعضًا، واستدل قائل هذه المقالة بهذه الآية قوله تعالى: (لُعِن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عَصَوْا وكانوا يعتدون . كانوا لا يتناهَوْن عن منكَر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) [المائدة: 78- 79]؛ لأن قوله: (يَتَنَاهَوْنَ) و(فَعَلُوهُ) يقتضي اشتراكهم في الفعل، وذمهم على ترك التناهي " تفسير القرطبي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية بعد أن وضح أن العمل لا يقبل إلا بالإخلاص والموافقة للشرع : " وإذا كان هذا حدّ كل عمل صالح؛ فالآمر بالمعروف والناهي عن المنكر يجب أن يكون هكذا في حق نفسه، ولا يكون عمله صالحاً إن لم يكن بعلم وفقهٍ؛ فإن القصد والعمل إن لم يكن بعلم كان جهلاً وضلالاً، واتباعاً للهوى ..، فلا بُدَّ من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، ولا بُدَّ من العلم بحال المأمور والمنهي، ومن الصلاح أن يأتي بالأمر والنهي بالصراط المستقيم وهو أقرب الطرق إلى حصول المقصود " مجموع الفتاوى.

وقال رحمه الله: " ولما كان في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله من الابتلاء والمحن ما يتعرَّض به المرء للفتنة؛ صار في الناس من يتعلَّل لترك ما وجب عليه من ذلك بأن يطلب السلامة من الفتنة؛ كما قال تعالى عن المنافقين: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي ولاَ تَفْتِنِّي أَلا في الفِتْنَة سَقَطُوا) فمن ترك القتال الذي أمر الله به؛ لئلا تكون فتنة؛ فهو في الفتنة ساقط؛ لما وقع فيه من ريب قلبه، ومرض فؤاده، وترك ما أمره الله به من الجهاد " مجموع الفتاوى.

وقال رحمه الله: " حيث كانت مفسدة الأمر والنهي أعظم من مصلحته لم تكن مما أمر الله به " مجموع الفتاوى.

وقال رحمه الله: " ومن الصلاح أن يأتي بالأمر والنهي على الصراط المستقيم، والصراط المستقيم أقرب الطرق، وهو الموصل إلى حصول القصد " مجموع الفتاوى.

وقال رحمه الله: " فلا بد من العلم بالمعروف والمنكر، والتمييز بينهما، ولا بد من العلم بحال المأمور وحال المنهي " مجموع الفتاوى.

وقال -رحمه الله-: " وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة: فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات، أو تزاحمت، فإنه يجب ترجيح الراجح منها، فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد، وتعارضت المصالح والمفاسد، فإن الأمر والنهي -وإن كان متضمنًا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة- فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح، أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورًا به، بل يكون محرّمًا إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته " مجموع الفتاوى.

وقال رحمه الله: " لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة؛ فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها، وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الأشباه والنظائر، وقلّ أن تعوز النصوص من يكون خبيرًا بها وبدلالتها على الأحكام " مجموع الفتاوى.

قال ابن القيم رحمه الله: " ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر، فطلب إزالته، فتولد منه ما هو أكبر منه. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام، عزم على تغيير البيت وردّه على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك، لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بكفر. ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمراء باليد، لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه " إعلام الموقعين.

قال رحمه الله: "وقد غرَّ إبليسُ أكثرَ الخلق بأن حسَّن لهم القيام بنوع من الذكر والقراءة والصلاة والصيام والزهد في الدنيا والانقطاع، وعطَّلوا هذه العبوديَّات، فلم يحدِّثوا قلوبهم بالقيام بها، وهؤلاء عند ورثة الأنبياء من أقل الناس دينًا؛ فإن الدين هو القيام لله بما أمر به؛ فتارك حقوق الله التي تجب عليه أسوأ حالاً عند الله ورسوله من مرتكب المعاصي؛ فإن ترك الأمر أعظم من ارتكاب النهي من أكثر من ثلاثين وجهًا ذكرها شيخنا رحمه الله في بعض تصانيفه" إعلام الموقعين.

قال أيضاً: "بل أكثر من يتعبد الله - عز وجل - بترك ما أوجب فيتخلى وينقطع عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع قدرته عليه، ويزعم أنه متقرب إلى الله بذلك مجتمع على ربه تارك ما لا يعنيه؛ فهذا من أمقت الخلق إلى الله" إغاثة اللهفان.

قال الإمام الشوكاني - رحمه الله - "فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم القواعد الإسلامية وأجل الفرائض الشرعية، ولهذا فإن تاركه شريكاً لفاعل المعصية ومستحقاً لغضب الله وانتقامه" فتح القدير.

قال الإمام أبي محمد التميمي حاكياً اعتقاد الإمام أحمد رحمه الله: " وكان يذهب إلى أنه لا يجوز كشف منكر قد استُسر به، كما لا يجوز ترك إنكاره مع المظاهرة والمجاهرة، ويأمر بأن يُظن بالناس خيراً ".

فرَّق الإمام أحمد رحمه الله بين ظهور الأمارات أو العلامات الدالة على وقوع منكرٍ، وبين طلب تلك العلامات والبحث عن العورات الذي هو التجسس ، قال: " وكان يقول: إن التواري بالمنكر لا يمنع إنكاره إذا ظهرت رائحة أو صوت ".

ذكر القاضي أبو يعلى في الأحكام السلطانية: إن غلب على الظن استسرار قوم بالمعصية لأمارة دلت, وآثار ظهرت, فإن كان في انتهاك حرمة يفوت استدراكها, مثل أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلا خلا برجل ليقتله أو بامرأة ليزني بها - جاز أن يتجسس, ويقدم على البحث والكشف هذا في المحتسب، وهكذا لو عرف ذلك قوم من المتطوعة - جاز لهم الإقدام على الكشف, والإنكار كالذي كان من شأن المغيرة بن شعبة وشهوده, ولم ينكر عليهم عمر رضي الله عنه هجومَهم, وإن حدهم للقذف عند قصور الشهادة ". الآداب الشرعية.

قال ابن الجوزي: " لا ينبغي له أن يسترق السمع على دار غيره ليسمع صوت الأوتار , ولا يتعرض للشم ليدرك رائحة الخمر، ولا يمس ما قد ستر بثوب ليعرف شكل المزمار, ولا أن يستخبر جيرانه ليخبر بما جرى , بل لو أخبره عدلان ابتداء أن فلانا يشرب الخمر فله إذ ذاك أن يدخل, وينكر " الآداب الشرعية.

قال الماوردي : " ويمنع الناس -أي المحتسب- من مواقف الريب ومظان التهمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) فيقدِّم على الإنكار ولا يعجل بالتأديب قبل الإنكار " الأحكام السلطانية.

قال الشيخ حمد بن ناصر: " لكن إن خاف حصول منكر أعظم سقط الإنكار، وأنكر بقلبه، وقد نص العلماء على أن المنكر إذا لم يحصل إنكاره إلا بحصول منكر أعظم منه، أنه لا ينبغي، وذلك لأن مبنى الشريعة على تحصيل المصالح وتقليل المفاسد " انظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية.

قال الشيخ محمد بن عبد اللطيف "وأوصيكم أيضًا بالبصيرة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا أمر الإنسان بأمر من أمور الخير، نظر، فإن كان يترتب على ذلك الأمر خير في العاجل والآجل، وسلامة في الدين، وكان الأصلح الأمر به، مضى فيه بعلم وحلم ونية صالحة، وإن كان يترتب على ذلك الأمر شرّ وفتن، وتفريق كلمة في العاجل والآجل، ومضرة في الدين والدنيا، وكان الصلاح في تركه، وجب تركه ولم يأمر به؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ".

قال العلاَّمة السعدي -رحمه الله-: عنوان سعادة العبد: إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق " تفسير ابن سعدي.


◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈◈


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
الشبح

عضو فضي  عضو فضي
الشبح


الجنس : ذكر
العمر : 35
الموقع كوكب الأشباح
التسجيل : 06/09/2011
عدد المساهمات : 512

☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞  Empty
مُساهمةموضوع: رد: ☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞    ☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞  Icon_minitimeالإثنين 19 مارس 2012, 11:33 pm

☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞  8
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
☜❖ أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ❖☞
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ™©~®}-{ إنكار المنكر وشروطه }-{©~®™
» »|¤|« أهمية خلق التفاؤل »|¤|«
» ►〖〗◄ لفظ ( الأمر ) في القرآن ►〖〗◄
» »|¤|« أهمية العطف و التعاطف »|¤|«
» ©{« أهمية علو الهمّة في العبادة »}©

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: