الصياد
عضو جديد
الجنس : العمر : 42 المدينة المنورة التسجيل : 06/04/2012 عدد المساهمات : 6
| موضوع: ₪[❂]₪ أهمية الوعظ في المجتمع ₪[❂]₪ السبت 14 أبريل 2012, 1:58 am | |
| ₪[❂]₪ أهمية الوعظ في المجتمع ₪[❂]₪
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .........وبعد:
فإن الوعظ من الأبواب العظيمة في مقام الدعوة الى الله , والخلق بحاجة ماسة اليه , لكثرة انشغالهم بالدنيا وإعراضهم عن الآخرة وقسوة قلوبهم , وما يعرض لهم من فتور وضعف في الإيمان وتفريطهم فيما افترض الله عليهم وجهلهم لشرائع الدين , فالواعظ يذكرهم بالله ويجدد عهدهم به ويحيي القلوب بذكره ويبصرهم بمواطن الخلل في نفوسهم و يحررهم من رق الشيطان وعبودية الدنيا.
وقد تولى الله الموعظة بنفسه فقال تعالى ( ذلكم يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ) وقال تعالى ( يعظكم الله ان تعودوا لمثله ) ، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتذكير الناس وعظتهم فقال تعالى ( فذكر ان نفعت الذكرى) وقال تعالى ( فذكر إنما أنت مذكر).وفال تعالى (فأعرض عنهم وعظهم) وقال تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) وأمر الله المؤمنين بوعظ الناشزات فقال سبحانه (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن)
وقد عني النبي صلى الله عليه وسلم بالموعظة عناية فائقة وأكثر من استعمالها في مناسبات عامة وخاصة قال العرباض بن سارية :" وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون " رواه الترمذي وصححه.
1- قَالَ الله تَعَالَى: (ادْعُ إِلَى سَبيلِ رَبِّكَ بالحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل: 125]. 2- قال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً) [النساء:63]. 3- قال تعالى: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً * ...) الآيتين [النساء:66-68]. 4- قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) [يونس:57]. 5- قال تعالى: (وَلَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِّنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ) [النور:34]. 6- قال تعالى: (قَالُوا سَوَاء عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُن مِّنَ الْوَاعِظِينَ) [الشعراء:136]. 7- قال تعالى: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [الطلاق:2].
والوعظ هو زجر مقترن بتخويف ونصح وتذكير بالعواقب ، قال الخليل: هو التذكير بالخير فيما يرق له القلب.
* وللوعظ فوائد عظيمة : (1) زجر العاصي والفاجر. (2) تذكير الغافل. (3) تجديد الإيمان وتحريكه في النفوس. (4) تثبيت المهتدي بالله. (5) تعريف الخلق بالخالق. (6) تبصير الناس بشرائع الإسلام وحدوده. (7) كشف مكائد الشيطان وأعوانه من الأنس والجن وجهودهم في إغواء الأمة وإخفاء نور الملة.
1- عن أَبي وائلٍ شقيقِ بن سَلَمَةَ، قَالَ: كَانَ ابنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه يُذَكِّرُنَا في كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمانِ، لَوَدِدْتُ أنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ، فَقَالَ: أمَا إنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أنَّي أكْرَهُ أنْ أُمِلَّكُمْ، وَإنِّي أتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِهَا مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا. متفقٌ عَلَيْهِ. (يَتَخَوَّلُنَا): يَتَعَهَّدُنَا. 2- عن أَبي اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنَّ طُولَ صَلاَةِ الرَّجُلِ، وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقههِ، فأطِيلُوا الصَّلاَةَ وَأقْصِرُوا الْخُطْبَةَ) رواه مسلم. (مَئِنَّةٌ) بميم مفتوحة ثُمَّ همزة مكسورة ثُمَّ نون مشددة، أيْ: عَلاَمَةٌ دَالَّةٌ عَلَى فِقْهِهِ. 3- عن مُعاوِيَة بن الحكم السُّلَمي رضي الله عنه، قَالَ: بَيْنَا أنَا أُصَلّي مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَرَمَانِي القَوْمُ بِأبْصَارِهِمْ! فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهُ، مَا شَأنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بأيديهم عَلَى أفْخَاذِهِمْ! فَلَمَّا رَأيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لكِنّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَبِأبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأيْتُ مُعَلِّماً قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أحْسَنَ تَعْلِيماً مِنْهُ، فَوَاللهِ مَا كَهَرَني، وَلاَ ضَرَبَنِي، وَلاَ شَتَمَنِي. قَالَ: (إنَّ هذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلامِ النَّاسِ، إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ، وَقِراءةُ القُرْآنِ)، أَوْ كَمَا قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلتُ: يَا رسول الله، إنّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالإسْلاَمِ، وَإنَّ مِنّا رِجَالاً يَأتُونَ الْكُهّانَ؟ قَالَ: (فَلاَ تَأتِهِمْ) قُلْتُ: وَمِنّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ؟ قَالَ: (ذَاكَ شَيْء يَجِدُونَهُ في صُدُورِهِمْ فَلاَ يَصُدَّنَّهُمْ) رواه مسلم. (الثُكْلُ) بضم الثاءِ المُثلثة: المُصيبَةُ وَالفَجِيعَةُ. (مَا كَهَرَنِي) أيْ: مَا نَهَرَنِي. 4- عن العِرْباض بن ساريَةَ رضي الله عنه، قَالَ: وَعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم مَوْعِظَةً وَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ، وَذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ ... وَذَكَرَ الحَدِيثَ وَقَدْ سَبَقَ بِكَمَالِهِ في باب الأمْر بِالمُحَافَظَةِ عَلَى السُّنَّة، وَذَكَرْنَا أنَّ التَّرْمِذِيَّ، قَالَ: إنّه حديث حسن صحيح.
* وهناك آ داب ينبغي للواعظ ان يتحلى بها: (1) ان يكون مخلصا في موعظته. (2) ان يكون عالما بما يعظ به . مر علي رضي الله عنه بقاص فقال أتعرف الناسخ والمنسوخ قال لا قال هلكت وأهلكت. (3) ان يكون رفيقا في موعظته. (4) ان يصبر على أذى الناس. (5) ان يكون عاملا بما يأمر الناس وينهاهم به. (6) ان يكون فصيح اللسان لايلحن في موعظته. (7) أن يكون متبعا للسنة معظما لأثار السلف. ( أن يكون ورعا في مسائل الحلال والحرام وقافا عند حدود الله * وينبغي أن يكون خطاب الوعظ معتمدا على الكتاب والسنة وأقوال العلماء الموثوق بهم , فإنه يقبح بالواعظ أن تخلو موعظته من آي القرآن وحديث النبى صلى الله عليه وسلم وتكون مجرد خواطر وأفكار وقصص , وما وعظ الإنسان بشيء أنفع من القرآن والسنة قال تعالى (وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا) وقال تعالى (يأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور ) * ومن فقه الوعظ أن يجمع الواعظ بين أسلوب الترغيب والترهيب في موعظته , فلا يقتصر على الترهيب فيقنط الناس من رحمة الله ولا يقتصر على الترغيب فيؤمن الناس من عذاب الله ومكره, وأن يراعي أحوال السامعين , فإن كان الغالب عليهم التقصير والغفلة غلب جانب الوعيد والخوف من عذاب الله وغضبه ,وإن كان الغالب عليهم الصلاح والاستقامة غلب جانب الوعد والرجاء ، وليس من الفقه ذكر أحاديث الرجاء والنعيم عند قوم أسرفوا على أنفسهم فيحملهم ذلك على الاجتراء على محارم الله والوقوع في الغرور والأماني الكاذبة , وهذا من مسالك المرجئة لاكثرهم الله ووقى الأمة شرهم.
1- عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "ولا ألفينك تأتي القوم، وهم في حديث من حديثهم، فتقصُّ عليهم، فتقطعُ عليهم حديثهم، فتملُّهم، ولكن أنصت فإن أمروك فحدثهم وهم يشتهونه " صحيح البخاري. 2- قال مغيرة بن مقسم: "إني لأحتسب في منعي الحديث كما تحتسبون في بذله" تهذيب الكمال. 4- قال محمد بن الرواس: " جالس الحكماء، وصاحب العلماء، وخذ من كل مشهور ومسموع حكمة ترفع الهمة، ولا تعظ وتبقى غير متعظ فتكون كالمنخل يلقي لغيره ويبقي له النخالة. 5- قال محمد بن تمام: " الموعظة جند من جنود الله تعالى، ومثلها مثل الطين يضرب به الحائط؛ إن استمسك نفع، وإن وقع أثر ". 6- قال رجل لابن المبارك: هل بقي من ينصح؟ قال: " فهل تعرف من يقبل؟ " مواعظ الإمام عبدالله بن المبارك للشيخ صالح الشامي. 8- وقال الإمام عبدالله بن المبارك: " ما بقي في زماننا أحدٌ أعرف أنه أخذ النصيحة بانشراح قلب " مواعظ الإمام عبدالله بن المبارك للشيخ صالح الشامي. 9- سئل الحسن البصري رحمه الله: " يا أبا سعيد مالنا إذا أتيناك بكينا، وإذا أتينا سواك ما بكينا؟ فقال: " ليست النائحة كالثكلى ". 10- قال الإمام الشافعي: " من وعظ أخاه بفعله كان هادياً ". 11- قال العلاَّمة السعدي -رحمه الله-: عنوان سعادة العبد: إخلاصه للمعبود، وسعيه في نفع الخلق " تفسير ابن سعدي. 12- قال أبو هلال العسكري: " والقول القصد أن الإيجاز والإطناب يُحتاج إليهما في جميع الكلام، وكل نوع منه، ولكل واحد منهما موضع؛ فالحاجة إلى الإيجاز في موضعه كالحاجة إلى الإطناب في مكانه؛ فمن أزال التدبير في ذلك عن جهته، واستعمل الإطناب في موضع الإيجاز، واستعمل الإيجاز في موضع الإطناب أخطأ " الصناعتين لأبي هلال العسكري.
* وثمة أخطاء شائعة في الوعظ: 1- الوعظ في أوقات غير مناسبة للناس كشدة المناخ , أو شغل الناس وغيره. وكذلك الوعظ في أماكن غير مناسبة كالمستشفى وقصر الأفراح وأماكن اللهو والفساد. 2- تكرار الوعظ في مدة قصيرة بشكل دائم كل يوم ونحو ذلك. 3- الإطالة في الوعظ لغير داع أو ضرورة , فإن السنة التقصير إلا لشيء عارض. 4- الإكثار من المواضيع في الموعظة الواحدة مع سرعة الانتقال بينها مما يشوش على السامع ويجعل الفكرة غير واضحة . 5- وعورة الأسلوب باستخدام وحشي الكلام وغرائب اللغة . 6- الإعتماد على الأحاديث المنكرة والأخبار الواهية. 7- التوسع في القصص الغريبة والمبالغة في ذكرها. 8- النزول في الأسلوب والإكثار من كلام العامة. 9- المبالغة في ضرب المثال التافهة. 10- تضحيك الناس والتهريج عليهم والاستخفاف بعقولهم ، وقد سلك هذا المسلك بعض القصاص هداهم الله. 11- تجريح السامعين والتهجم عليهم. 12- توصيف المنكرات والتوسع في ذكر الفواحش وطرقها. 13-التحدث بلغة عاليه وخطاب فكرى في قضايا لاتناسب مدارك الحضور وثقافتهم 14- الطعن في العلماء وغمز الولاة . 15- طرح المسائل الدقيقة والمباحث المتخصصة التي لاتدركها العقول فتكون فتنة لأصحابها.
* ومن الأصول المهمة في هذا الباب أن يعلم الفرق العظيم بين العلم الفقيه والواعظ فليس كل من امتطى المنبر ووعظ فأبكى صار فقيها عالما بالحلال والحرام ، فالواجب على الواعظ مراعاة هذا الأصل وأن يوقن أنه ليس من اختصاصه الإفتاء , وإذا سئل عن مسألة لم يتكلم فيها الا إذا كان ناقلاً لكلام أهل العلم ضابطاً له ولا ينبغي له أن يغتر بما حصل له من الشهرة وكثرة الأتباع فيتجرأ على الفتوى، ويعظم الأمر إذا تكلم في مسائل الأمة والنوازل فيضل الناس ويوقعهم في حرج عظيم ، وليعلم أن إمساكه عن الكلام لايحط من قدره بل يرفع منزلته عند الله ويعلى قدره عند الخلق.
* ومن فقه الواعظ أن يتوخى الوعظ في المناسبات المهمة ويتفقد حوائج الناس واهتماماتهم فيعظهم ويذكرهم , فقد كان رسول الله حريصا على إيصال الخير لهم في كل مناسبة مهمة ولا يفوت فرصة ، وعظهم في الجهاد عند التحام الصفوف وعند القبر قبل الدفن وعند رؤيته الفقراء والمحتاجين وغير ذلك مما يحتاجه الناس ويعرض لهم من النوازل كل ذلك ثابت في السنة. * كما ينبغي على الواعظ أن يكون حريصا في وعظه على جمع الكلمة على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وتأليف القلوب وحث الناس على لزوم الجماعة وطاعة ولى الأمر والإصلاح بين الراعي والرعية وكل ما يحقق ذلك كما كان أئمة السنة يعتنون بذلك وهو دليل على بصيرة الواعظ وكمال نصحه للأمة.
* ويجب على الوعاظ أن يرشدوا الناس إلى العلم ويدلوهم على أهله ويرغبونهم في التفقه في الدين ولا يصرفونهم عنه قال أبو قلابة ما أمات العلم إلا القصاص يجالس الرجل القاص سنة فلا يعلق منه شيء ويجالس العالم فلا يقوم حتى يتعلق منه شيء. وفي الحديث " إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا "رواه الطبراني.
* وإلقاء الموعظة ارتجالا من أهم الأساليب المؤثرة على السامعين ولا يحصل لهم ملل ولا سآمة, واذا كان الواعظ يرفع صوته ويحرك يده ويتفاعل مع الكلام تأثر السامع بموعظته روى مسلم عن جابر قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ، وإذا نبع الكلام من القلب لامس شغاف القلوب وخالطها وإذا لم يخرج من القلب لم يصل إلى القلب وصار وبالا على صاحبه.
* وقد وردت آثار كثيرة عن السلف في ذم الوعاظ والقصاص ومرادهم بذلك طائفة من الوعاظ كان يغلب عليهم الجهل ومخالفة السنة وحكاية الأحاديث الموضوعة والأخبار المنكرة وإشاعة البدعة وإشغال الناس بالغرائب , ولا يزال هذا الصنف موجود في زماننا ، أما من وعظ بعلم واهتدى بهدى النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقد وافق الشرع , وقام بعمل عظيم من أبواب الجهاد وأبرأ الذمة , ورفع الحرج عن الأمة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وقال الإمام أحمد بن حنبل : »ما أحوج الناس إلى قاص صدوق لأنهم يذكرون الموت وعذاب القبر.وفال: ما أنفعهم للعامة لولا أن عامة ما يحدثون به كذب.
* ومن فتح له في باب الوعظ فليستعن بالله و ليغتنم عمره وليقبل على هذا العمل الجليل ولا يكسل ، وليحذر تخذيل الشيطان ومداخله فإن الشيطان لعنه الله له مداخل كثيرة على العامل تعوقه عن العمل ، من أخطرها أن يوسوس له بقوله : كيف تعظ الناس وتذكرهم وأنت مفرط في العمل مقصر في ذات الله واقع في الذنوب . وهذا باطل لا ينطلي على أهل البصيرة فتقصير العبد لا ينافي مشاركته في الوعظ ولا يسقطه عنه ، فلا يترك الخير لأجل بعض الذنوب لأنه لا أحد يسلم من هذا ولو ترك ذلك لعم الشر وذهب الخير واندرس الإسلام والله المستعان . * ويجب على الواعظ أن يراعي تحقيق مراد الله ورسوله في خطابه ووعظه والسعي في إصلاح أديان الناس وتعبيدهم لله ولا يكون همه إرضاء الناس وإلقاء ما يوافق أهوائهم ويطربهم فإن العامة في كل عصر يولعون بسماع الغرائب والعجائب والخرافات والمضحكات ويكرهون سماع الحق وتقويمهم ، فلا يكترث لهم ولا يفرح بسوادهم وليجعل رضا الله نصب عينيه.
* ومن أعظم الفتن التي تعرض للواعظ أن يقصد بعمله الشهرة أو يجعل الوعظ مطية يتكسب به ويتطلع لما في أيدي الناس ويسعى للحصول على الجاه والمنصب وقد نهى السلف عن ذلك أشد النهي.أما إذا أحسن القصد واتقى الله ثم حصل له ثناء حسن فلا يضره ذلك ولا ينقص من أجره.
* واللائق بالواعظ أن يتحلى بالورع وتكون هيئته السكينة والوقار وزيه زي الصالحين ويتجافى عن الدنيا وألا يخالف فعله قوله ، وكل واعظ ليس عليه سيما الصلاح قل أن ينفع الله به ويتأثر به الناس.
مواعظ الواعظ لن تقبلا *** حتى يعيها قلبه أولا يا قوم من أظلم من واعظ *** خالف ما قد قاله في الملا أظهر بين الناس إحسانه *** وبارز الرحمان لما خلا
1- عن أبي حازم الديني: إني لأعظ، وما أرى موضعاً وما أريد إلا نفسي. 2- عن إسماعيل بن أمية قال: كان عطاء بن أبي رباح يطيل الصمت، فإذا تكلم يخيل لنا أنه مؤيد. 4- قيل لأنس: ألا تحدثنا؟ قال: يا بني، من يُكثر يُهْجر. 5- عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت له: خفف، فإن الذكر ثقيل –تعني إذا وعظت-. 6- حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل قال: "كان عبدالله -يعني ابن مسعود- يذكِّر الناس في كل خميس، فقال له رجل: يا أبا عبدالرحمن! لودِدْتُ لو ذكرتنا كل يوم. قال: أمَا إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أُمِلَّكم، وإني أتخولكم بالموعظة، كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يتخولنا بها؛ مخافة السآمة علينا". 7- ها هو الشاب القوي الحيِّي العالم، الذي يبلغ ثلاثين سنة؛ إنه الربيع بن خُثَيْم، يتمالى عليه فُسَّاق لإفساده، فيأتون بغانية جميلة، ويدفعون لها مبلغًا من المال قدره ألف دينار، فتقول: علام؟ قالوا: على قبلة واحدة من الربيع بن خثيم، قالت: ولكم فوق ذلك أن يزني؛ لأنه نقص عندها منسوب الإيمان، فما كان منها إلا أن تعرضت له في ساعة خلوة، وأبرزت مفاتنها له، فما كان منه إلا أن تقدم إليها يركض؛ ليعظها فقال لها: يا أَمَة الله؛ كيف بك لو نزل ملك الموت فقطع منك حبل الوتين؟ أم كيف بك يوم يسألك منكر ونكير؟ أم كيف بك يوم تقفين بين يدَيْ الرب العظيم؟ أم كيف بك إن شقيتي يوم تُرْمَين في الجحيم؟ فصرخت وولَّت هاربة تائبة إلى الله، عابدة زاهدة حتى لقِّبت بعد ذلك بعابِدَة الكوفة، وكان يقول هؤلاء الفُسَّاق: لقد أفسدها علينا الربيع. 8- عند محمد بن عبادة المعافري قال: كنا عند أبي شريح (عبد الرحمن بن شريح المعافري) -رحمه الله - فكثرت المسائل، فقال: قد درنت قلوبكم، فقوموا إلى خالد بن حميد المهري استقلوا قلوبكم، وتعلموا هذه الرغائب والرقائق، فإنها تجدد العبادة، وتورث الزهادة، وتجر الصداقة، وأقلوا المسائل، فإنها في غير ما نزل تقسي القلب، وتورث العداوة. 9- قيل: وعظ عبد الواحد بن زيد البصري، فنادى رجل: كف فقد كشفت قناع قلبي، فما التفت ومر في الوعظة، فحشرج الرجل ومات، فشهدت جنازته. 10- قال الأصمعي: شهدت صالحاً المري عزَّى رجلاً فقال: لئن كانت مصيبتك بابنك لم تحدث لك موعظة في نفسك، فهي هينة في جنب مصيبتك بنفسك، فإياها فابكِ. 11- قال الحسن لمطرف بن عبدالله -رحمهما الله-: "عِظْ أصحابك، فقال مطرف: إني أخاف أن أقول مالا أفعل، قال الحسن: يرحمك الله، وأينُّا يفعل مايقول؟ يود الشيطان لو ظفر منا بهذا؛ فلم يأمر أحد بمعروف، ولم ينه أحد عن منكر ". 12- قال رجل لحاتم الأصم: عظني؛ فقال: إن كنت تريد أن تعصي مولاك – فاعصه في موضع لا يراك. 13- هو راعٍ للإبل، لا يقرأ ولا يكتب، لم يدخل مدرسةً، ولم يتلق تعليمه في الكُتّاب، إلا أن قلبه يحمل هم الآخرة - ولا نزكي على الله أحداً، أصرّ عليه بعض معارفه بأن يُلقي كلمة في المسجد. وكانوا قد تواصوا بأن يقدم كل منهم ما ينفع الناس ويرشدهم بُعيد الانتهاء من صلاة العشاء؛ مرةً في الأسبوع. إلا أنه اعتذر، مبيناً أنه لا يحسن الخطابة، ولا يمتلك من العلم ما يؤهله للقيام بذلك. أصروا عليه، وقالوا له: قل أي شيء تنصح به المسلمين. قام بعد الانتهاء من الصلاة خطيباً، وبدأ كلامة بحمد الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد، بلهجته البدوية البسيطة، ثم توقف برهة، وقال: والله إني لا أحسن شيئاً، ولكن أنذرتكم الموت، ثم أجهش بالبكاء. حاول إكمال كلامه إلا أن العبرة خنقته مراراً. تأثر الحضور بالموقف، وبكوا جميعاً.
أشعار
أُوْصِيكَ فِي نَظْـمِ الْكَـلامِ بِخَمْسَةٍ *** إِنْ كُنْتَ لِلْمُوْصِي الشَّفِيقِ مُطِيعَا لا تُغْفِلَـنْ سَبَبَ الْكَـلامِ وَوَقْتَـه *** وَالْكَيْفَ وَالْكَمَّ وَالْمَكَانَ جَمِيعَـا [أبو سهل النيلي]
يَا وَاعِظَ النَّاسِ قَـدْ أَصْبَحْتَ مُتَّهَمًا *** إِذْ عِبْتَ مِنْهُمْ أُمُـورًا أَنْتَ تَأْتِيهَا كَالْمُلْبِسِ الثَّوْبَ مِـنْ عُرْي وَعَوْرَتُهُ *** لِلنَّاسِ بَادِيَـةٌ مَـا إِنْ يُـوَارِيهَا [أبو العتاهية]
إِذَا قَسَى الْقَلْبُ لَمْ تَنْفَعْـهُ مَوْعِظَـةٌ *** كَالأَرْضِ إِنْ سَبِخَتْ لَمْ يَنْفَعِ الْمَطَرُ [ابن عائشة]
وَلَيْسَ يَزْجُرُكُمْ مَـا تُوْعَظُـونَ بِهِ *** وَالْبُهْمُ يَزْجُـرُهَا الرَّاعِي فَتُنْزَجِرُ [سابق البربري]
وَنَحْـنُ إِذَا أُمِـرْنَـا أَوْ نُهِيـنَـا *** كَأَهْـلِ الْكَهْفِ أَيْقَـاظٌ نِيَـامُ [.............]
اعْمَلْ بِقَوْلِي وَإِنْ قَصَّرْتُ فِي عَمَلِي *** يَنْفَعْكَ قَوْلِي وَلا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي [............]
عَجِبْتُ مِـنْ آمِـلٍ وَوَاعِظُـهُ الـ *** مَـوْتُ فَلَمْ يَتَّعِـظْ وَلَـمْ يَكَـدِ [أبو العتاهية]
مَا أَقْبَـحَ التَّزْهِيـدَ مِـنْ وَاعِـظٍ *** يُـزَهِّـدُ النَّـاسَ وَلا يَـزْهَـدُ لَوْ كَـانَ فِـي تَزْهِيـدِهِ صَادِقًـا *** أَضْحَـى وَأَمْسَى بِيْتُـهُ المَسْجِـدُ [سلم بن عمرو]
لَنْ تَرْجِـعَ الأَنْفُـسُ عَـنْ غَيِّهَـا *** حَتَّى يُـرَى مِنْهَـا لَهَا وَاعِـظُ [...........]
وَصَفْتَ التُّقَى حَتَّى كَأَنَّـكَ ذُو تُقَى *** وَرِيحُ الْخَطَايَا مِـنْ ثَنَايَاكَ تَسْطَعُ [أبو العتاهية]
يَا وَاعِـظَ النَّـاسِ غَيْـرَ مُتَّعِـظٍ *** ثَـوْبُـكَ طَهِّـرْ أَوَّلاً ولا تَلُـمِ [أحمد بن يوسف]
يُحَـرِّمُ فِيكُـمُ الصَّهْبَـاءَ صُبْحًـا *** وَيَشْرَبُهَـا عَلَى عَمْـدٍ مَسَـاءُ [المعري]
يَا وَاعِظَ النَّاسِ عَمَّـا أَنْتَ فَاعِلُـهُ *** يَا مَـنْ يُعَـدُّ عَلَيْهِ الْعُمْرُ بِالنَّفَسِ احْفَـظْ لِشَيْبِـكَ مِنْ عَيْبٍ يُدَنِّسُهُ *** إِنَّ الْبَيَـاضَ قَلِيلُ الْحَمْلِ للدَّنَسِ كَحَامِـلٍ لِثِيَـابِ النَّاسِ يَغْسِلُهَـا *** وَثَوْبُهُ غَارِقٌ فِي الرِّجْسِ وَالنَّجَسِ تَبْغِي النَّجَاةَ وَلَـمْ تَسْلُكْ طَرِيقَتَهَـا *** إِنَّ السَّفِينَةَ لا تَجْـرِي عَلَى الْيَبَسِ [الشافعي]
إِيَّـاكَ أَنْ تَعِـظَ الرِّجَـالَ وَقَـدْ *** أَصْبَحْتَ مُحْتَـاجًا إِلَى الْـوَعْظِ [...............]
كَفَى وَاعِظًا للْمَـرْءِ أَيَّـامَ دَهْـرِهِ *** تَـرُوحُ لَـهُ بِالْوَاعِظَاتِ وَتَغْتَدِي [عدي بن زيد]
إِذَا مَا وَعَظْتَ الْجَاهِلِيـنَ بِحِكْمَـةٍ *** فَلَمْ يَعْرِفُـوهَا أَنْزَلُوهَا عَلَى هُجْرِ فَعِظْ كُلَّ ذِي عَقْلٍ عَلَى قَدْرِ عَقْلِـهِ *** وَلا تَعِظِ الْحَمْقَى عَلَى ذَلِكَ القَدْرِ [............]
ابْدَأْ بِنَفْسِـكَ فَانْهَهَـا عَـنْ غَيِّهَا *** فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْـهُ فَأَنْتَ حَكِيـمُ فَهُنَاكَ يُقْبَـلُ مَـا وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى *** بِالْقَـولِ مِنْـكَ وَيَنْفَـعُ التَّعْلِيمُ [أبو الأسود الدؤلي]
إذا لم يعظ في الناس من هو مذنبٌ *** فمن يعظ العاصين بعد محمد [.............]
إذا شـئت أن تُـقْلى فَـزِرْ مـتتابعاً *** وإن شئت أن تزداد حُبَّاً فزر غِبا [.............]
حكم
1- زِرْ غِبَّاً تزددْ حباً. 2- قال أحد الحكماء: " لا تكونن ممن لا تنفعه الموعظة إلا إذا بالغت في إيلامه؛ فإن العاقل يتعظ بالأدب، والبهائم لا تتعظ إلا بالضرب ". 3- قيل: " من كان له من نفسه واعظ – كان له من الله حافظ ". 4- قال حكيم: " من وعظ أخاه سرًّا زانه، ومن وعظه علانية شانه ". 5- قيل عن القشيري: لو قرع الصَّخر بسوط تحذيره - لذاب، ولو ربط إبليس في مجلسه - لتاب. 6- قيل: " من وعظ أخاه فليكن وعظه منزهاً من الغلظة والقسوة ورؤية التفوق عليه والخيرية ". 7- قال أحدهم: " إذا خرجت الكلمة من القلب دخلت في القلب، وإذا خرجت من اللسان لن تتجاوز الآذان ". 8- من لم يكن له من دينه واعظ – لم تنفعه المواعظ. 9- من غاضك بقبيح الشتم منه – فعظه بحسن الحلم. 10- الموعظة تشق على السفيه كما يشق صعود الوعر على الشيخ الكبير. 11- إذا وعظت فأوجز؛ فإن كثيرالكلام ينسى بعضه. 12- الكلام الذي يخرج من الفم، ولا يخرج من القلب لا قيمة له. 13- بما عاملت به الخلق يعاملك به الله، وبما عاملت به الحق يعاملك به الخلق. 14- لا تنه عن خلق و تأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم 15- رب كلمة أبلغ من كلام. 16- من وعظ أخاه سراً فقد نصحه، ومن وعظه علانية فقد فضحه. 17- الكلام اللين يغلب الحق البين. 18- إن الكلمة اللطيفة تفتح الأبواب المغلقة. 19- من كان كلامه لا يوافق فعله فإنما يوبخ نفسه. 20- الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر. 21- قال مطرف: " لا تطعم طعامك من لا يشتهيه " عيون الأخبار لابن قتيبة. أي لا تحدث بالحديث من لا يريده. 22- قال مسروق:" لا تنشر بزَّك إلا عند من يبتغيه" جامع بيان العلم وفضله للخطيب البغدادي. | |
|