الجنس : العمر : 58 المدينة المنورة التسجيل : 12/03/2012عدد المساهمات : 34
موضوع: ۩::۩ القرآن ينهى الإنسان عن تزكية النفس ۩::۩ الإثنين 12 مارس 2012, 8:42 pm
۩::۩ القرآن ينهى الإنسان عن تزكية النفس ۩::۩
إن النفس لتميل كل الميل إلى من يزكيها وينثر العبرات الخداعة فيها مما تكون مسعاةً للكبر وغطرسة الحق فكم ضرب الله لنا مثلا لأكابر المجرمين كفرعون وقارون ونمرود وهامان وغيرهم الذين غرتهم التزكيات الخداعة فكانت سببا لتكبرهم ونبذهم كتاب الله وراء ظهورهم فقصم الله ظهورهم وأخذهم أخذ عزيز مقتدر ..
فإن النفوس تنجرف وتتزعزع كلما أدركتها المدركات وكلما أوقفتها الأهوال فتراها تميل نحو اليمين والشمال ، لذا ينبغي إثباتها على مسالك النورين ومهبط الوحيين ، وإلا كانت منتنة خبيثة تهوي بصاحبها إلى النار ..
النهي عن تزكية النفس إنما هو لمن زكاها ومدحها لغير حاجة بل للفخر والإعجاب، أو مدحها بما ليس فيها، فقد قال أهل التفسير في معنى الآية : فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى {النجم: 32}. أي لا تمدحوها وتشكروها وتمنوا بأعمالكم وبطهارة أنفسكم من المعاصي والرذائل ، ففي الآية نهي صريح عن مدح النفس والرفع من شأنها .
1-إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً [النساء 48] (إن الله لا يغفر أن يشرك) أي الإشراك (به ويغفر ما دون) سوى (ذلك) من الذنوب (لمن يشاء) المغفرة له بأن يدخله الجنة بلا عذاب ومن شاء عذبه من المؤمنين بذنوبه ثم يدخله الجنة (ومن يشرك بالله فقد افترى إثما) ذنبا (عظيما) كبيرا
2-أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً [النساء 49] (ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم) وهم اليهود حيث قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه أي ليس الأمر بتزكيتهم أنفسهم (بل الله يزكي) يطهر (من يشاء) بالإيمان (ولا يظلمون) ينقصون من أعمالهم (فتيلا) قدر قشرة النواة
قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم ) الآية ، قال الكلبي : نزلت في رجال من اليهود منهم بحري بن عمرو والنعمان بن أوفى ومرحب بن زيد ، أتوا بأطفالهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد هل على هؤلاء من ذنب؟ فقال : لا قالوا : ما نحن إلا كهيئتهم ، ما عملنا بالنهار يكفر عنا بالليل ، وما عملنا بالليل يكفر عنا بالنهار ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . .
وقال مجاهد وعكرمة : كانوا يقدمون أطفالهم في الصلاة ، يزعمون أنهم لا ذنوب لهم ، فتلك التزكية .
وقال الحسن والضحاك وقتادة ومقاتل : نزلت في اليهود والنصارى حين قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه ، " وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " ( البقرة - 111 ) وقال عبد الله بن مسعود رضي [ ص: 234 ] الله عنه : هو تزكية بعضهم لبعض ، روى طارق بن شهاب عن ابن مسعود قال : إن الرجل ليغدو من بيته ومعه دينه فيأتي الرجل لا يملك له ولا لنفسه ضرا ولا نفعا فيقول : والله إنك كيت وكيت!! ويرجع إلى بيته وما معه من دينه شيء ، ثم قرأ : " ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم " ، الآية . قوله تعالى : ( بل الله يزكي ) أي : يطهر ويبرئ من الذنوب ويصلح ، ( من يشاء ولا يظلمون فتيلا ) وهو اسم لما في شق النواة ، والقطمير اسم للقشرة التي على النواة ، والنقير اسم للنقطة التي على ظهر النواة ، وقيل : الفتيل من الفتل وهو ما يجعل بين الأصبعين من الوسخ عند الفتل .
3-الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم 32] (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) هو صغار الذنوب كالنظرة والقبلة واللمسة فهو استثناء منقطع والمعنى لكن اللمم يغفر باجتناب الكبائر (إن ربك واسع المغفرة) بذلك وبقبول التوبة ونزل فيمن كان يقول صلاتنا وصيامنا حجنا (هو أعلم) عالم (بكم إذ أنشأكم من الأرض) أي خلق أباكم آدم من التراب (وإذ أنتم أجنة) جمع جنين (في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم) لا تمدحوها على سبيل الاعجاب أما على سبيل الاعتراف بالنعمة فحسن (هو أعلم) أي عالم (بمن اتقى)
العبرة بتزكية الله لا بتزكية الإنسان نفسه : قال القرطبي – رحمه الله : " هذه الآية وقوله تعالى : { فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ } النجم32 ، يقتضي الغَضّ من المزكي لنفسه بلسانه ، والإعلام بأن الزاكي المزكى من حسنت أفعاله وزكّاه الله عز وجل فلا عبرة بتزكية الإنسان نفسه ، وإنما العبرة بتزكية الله له .
قال ابن كثير رحمه الله عند تفسيره هذه الاية : فلا تزكوا انفسكم اى تمدحوها او تشكروها وتمنوا باعمالكم هو اعلم بمن اتقى .
قال الطبري عند قوله تعالى : " فلا تزكوا انفسكم " : اى لا تشهدوا لأنفسكم بانها زكية بريئة من الذنوب والمعاصى , وقوله : " هو اعلم بمن اتقى " يقول جل ثناؤه :" ربك يامحمد أعلم بمن خاف عقوبة الله فاجتنب معاصيه من عباده " .
واما القرطبى فقال رحمه الله عند قوله ( فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ ) : أى لا تمدحوها ولا تثنوا عليها فانه أبعد من الرياء واقرب الى الخشوع. وعند قوله ( هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ) أى أخلص العمل واتقى عقوبة الله , قال الحسن : قد علم الله سبحانه كل نفس ماهى عاملة , وما هى صانعة ,وإلى ما هى صائرة.