[•♦◊♦•] الأخوة والمساواة من دعائم المجتمع المسلم [•♦◊♦•]
كاتب الموضوع
رسالة
الإمبراطور
عضو مبدع
الجنس : العمر : 54 إمبراطوريتي الخاصة التسجيل : 18/10/2011عدد المساهمات : 178
موضوع: [•♦◊♦•] الأخوة والمساواة من دعائم المجتمع المسلم [•♦◊♦•] الأحد 04 ديسمبر 2011, 6:30 pm
الأخوة والمساواة من دعائم المجتمع المسلم
ونحن إذ نؤكد حرص التيار الإسلامي على بناء وطننا العزيز على أساس متين من شرع الله، ولإعداد مستقبل زاهر للأجيال الحالية والتالية، نوضح أن المجتمع هو القاعدة التي يقوم عليها البناء مستقرًا وقويًا ومتصديًا لكل التحديات أو الضغوط من الأعداء، وقد اتخذنا المجتمع الإسلامي قدوةً نسعى لتحقيقها، وذكرنا أنه يقوم بعد صفة الربانية على دعائم أربع، وهي الأخوة والمساواة والحرية والتكافل، وسنتناول هنا دعامتي الأخوة والمساواة.
من الطبيعي أن تكون قاعدة أي بناء صلبة متماسكة، ونرى ذلك في أساس العمارات، وكلما كان البناء عاليًا احتاج إلى أساس عميق ومتين، ونحن نريد لبناء وطننا أن يكون عاليًا شامخًا ثابتًا مستقرًا؛ لذلك كان من ألزم الأمور قوة الترابط بين أفراد المجتمع أو ما نسميه في المجتمع الإسلامي رابطة الأخوة التي تجعل المجتمع وحدة متماسكة، والوحدة رمز القوة والطريق إلى النصر، والفرقة رمزالضعف الطريق إلى الهزيمة.
لذلك نرى الإسلام يهتم بآصرة الحب والإخوة ويحث على كل ما من شأنه تقويتها، وينهى عن كل ما من شأنه أن ينال منها، وها هو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته إلى المدينة حيث كانت بداية المجتمع المسلم بدأ بعد بناء المسجد بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، وقد سجل القرآن الكريم هذه المؤاخاة التي ضربت المثل الرائع للحب والإيثار:?وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ?(الحشر: من الآية9).
لدوام الشعور بالوحدة والاجتماع نرى القرآن الكريم يوجه النداء للمؤمنين بصيغة الجمع دائمًا فيقول:?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا? ويقول:?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ?(الحجرات: من الآية10)، دون اعتبار لجنس أو لون أو نسب فاجتمع سلمان الفارسي وبلال الحبشي وصهيب الرومي مع إخوانهم العرب.
لهذا فإننا نشجب النعرات القومية التي ينعق بها البعض بين الحين والحين تنفيذًا لتخطيط أعداء الإسلام، لتمزيق وحدة المسلمين، وهل هناك مثل أروع في التشبيه لقوة الترابط من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، ثم نجده -صلى الله عليه وسلم- يحفز المسلمين على هذا الترابط بأقوى حافز وهو دخول الجنة فيقول "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم" وها هو القرآن يصف هذه الأخوة بأنها نعمة من الله?وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا?(آل عمران: من الآية103).
ولم يقتصر الإسلام على جعل هذا الحب وتلك الأخوة مجرد عاطفة، ولكنه رتب عليها طائفة من الحقوق والواجبات يلتزمها كل مسلم بمقتضى تلك العلاقة ويكلف بها على أنها دين يحاسب عليه وأمانة لابد من أدائها، فيقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة".
فهل نرى مجتمعًا إنسانيًا – غير مجتمع الإسلام – يقوى على أن يلزم كل فرد فيه بأن يسعى في حاجة أخيه؟! بل إن صراع الحياة وزحامها يصير بالناس إلى أن يسعى بعضهم في إحباط مصالح البعض حين تتعارض المصالح وفي عصرنا الحاضر تبلغ تلك الحرب غايتها.
وهكذا يرتفع المجتمع المسلم إلى درجة عالية من التضامن والتكافل وأن يتوحد الإحساس، فيعمل كل فرد على تفريج ضوائق أخيه وحل مشكلاته، ويقف منه موقف العون والمساندة لا موقف الحقد والشماتة.
بل أن يطالب بالمواقف الإيجابية إزاء ظاهرة الظلم حينما تظهر بين أفراد المجتمع، بأن يقوم المسلم بنصرة أخيه إن كان ظالمًا، بأن يمنعه من الظلم وإن كان مظلومًا بأن يرفع عنه الظلم.
وإن صلاة الجماعة في المسجد خمس مرات في اليوم تحقق الألفة والوحدة بين المسلمين الذين يجتمعون على الصلاة كذلك صلاة الجمعة وصلاة العيدين، ثم إن صيام المسلمين في العالم في شهر واحد واجتماعهم في صعيد واحد لأداء فريضة الحج، كل ذلك من شأنه أن يدعم الأخوة والرابطة بين المسلمين.
ونرى في سورة الحجرات وغيرها من سور القرآن، النهي عن كل ما من شأنه إحداث فرقة أو خلاف بين المسلمين، كالسخرية والتنابز بالألقاب والغيبة والنميمة وسوء الظن والتجسس وغير ذلك.
كذلك حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم الله تعالى المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه".
وبجانب دعامة الأخوة العامة بين أفراد المجتمع المسلم نجد روابط أخري خاصةً يحث عليها الإسلام ويوصي بها، كصلة القرابة والرحم، وصلة الجار ويقرن القرآن هذه الصلات بعبادة الله في قوله: تعالى?وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا? (النساء:36)، ولا يظن ظان أن تقوية الرابطة بين أفراد المجتمع المسلم تعنى إهمال العلاقة مع غير المسلمين أو عزلهم أو الشعور نحوهم بشيء من العداوة، ولكن الإسلام يوصي بالبر بهم والعدل والقسط بينهم فيقول تعالى:?لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ?(الممتحنة:، فلا يقبل أن يتعرض أحد منهم إلى ظلم، بل من الممكن أن يقوم التعاون في المجتمع الإسلامي بين المؤمنين وأهل الكتاب استنادًا للمصالح المشتركة والتعاضد في مواجهة المشكلات والتعاون على جلب المنفعة ودفع المضرة، ولا يؤثر على هذه العلاقة أو يقطعها إلا كيدهم للعقيدة الإسلامية أو أن يدبوا سوءًا لجماعة المسلمين.
أما عن دعامة المساواة فإن المجتمع الإسلامي يرتقي إلى أفق عال في استمساكه بالمساواة وطرحه لكل ما اصطنعه الظالمون من فروق بين البشر من حر وعبد وشريف ووضيع ورد البشر إلى حقيقتهم الكبيرة وأصلهم الواحد في قول الله تعالى?يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ?(الحجرات:13)، وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- "الناس لآدم وأدم من تراب لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى".
وهاهو بلال العبد الحبشي يأخذ مكانه بين المسلمين حتى يقول فيه عمر بن الخطاب رضى الله عنه"أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا". ويقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "اسمعوا واطيعوا ولو استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة"، ثم إن سيدنا عمر بن الخطاب عندما طعن وأشرف على الموت فكر فيمن يلي الأمر بعده فقال: "لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيًا لاستخلفته على المسلمين".
أين هذا المستوى من المساواة في المجتمع الإسلامي مما كان موجود قبل الإسلام وما زال موجودًا في بعض الدول التي يطلق عليها بالدول المتقدمة من تفرقة عنصرية بغيضة في أمريكا وغيرها والرجوع بالبشرية إلى العهود القديمة؟، من الرجعيين ومن التقدميين، أم هكذا تقلب الأوضاع وتكون أسماء الأضداد؟
لقد حاول السادة الأقوياء من المشركين أن يخصهم رسول لله -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة في يوم لا يشترك معهم فيه الأذلاء أو العبيد فنزل الوحي موضحًا الموقف السليم في هذا الأمر?وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا * وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا?(الكهف:28-29).
ولقد علمنا الإسلام أنه ليس هناك حقوقُُ مقدسةُُ أو هيبةُُ مصنوعةُ لإنسان ما تحميه من المساءلة أو المقاضاة والقصاص إذا لزم الأمر ليس في الإسلام ما يسمونه(مواطن من الدرجة الثانية)، وليس هناك طبقات وصراع بين الطبقات، كما أن أهل الذمة لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وقد نزل القرآن بتبرئة يهودي من اتهام باطل في قوله تعالى:?إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا?(النساء:105).
كما رفض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الشفاعة في العقوبات، ورد على أسامة قائلاً: "أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة؟ إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها".
وإذا نظرنا إلى ما يحدث اليوم في مجتمعنا، لوجدنا من يسرقون الملايين يهربون أو يهربون.
ومن يسرقون المئات يُحاكمون ويُسجنون.
إن التيار الإسلامي حينما رفع شعار "الإسلام هو الحل" لم يقصد فقط تطبيق الحدود وتعديل القوانين، ولكن الإسلام دين شامل يعمل على الرقي بالأفراد والأسر والمجتمعات إلى أرفع مستوى، وما تعرضنا إليه حول الأخوة والحب وحول المساواة وما سنتعرض له بإذن الله حول الحرية والتكافل كلها تعتبر من الأساسيات التي يدعو التيار الإسلامي أبناء الوطن إلى امتثالها والالتزام بها.
وثمَّة معنى هام نلفت النظر إليه ونحن نتحدث عن المساواة، وهو أن الإسلام مع مبدأ المساواة يقرُّ التفاوت بين البشر في الطاقات والمواهب، ويعلن أن تمايز الناس في الاستعداد والعمل يقضي بتفاوتهم في التقدير والأجر في الدنيا والآخرة.
إن الاعتراف بالتفاوت، وتقرير مبدأ الامتياز على أساسه، ضرورةُُ للتقدم الإنساني وحافظ للإخلاص، وانطلاق المواهب، تجني البشرية ثماره كل آن، وقد حاولت بعض المبادئ الشاذة أن تجعل الناس سواء من كل وجه وتعسفت في ذلك كثيرًا، وقبرت المواهب حتى بان لها ضلال الطريق. فقد فشلت الشيوعية في محاولتها أن تطبع الناس في مجتمعها بطابع واحد وأن تجعلهم يحيون في مستوى واحد، وينالون في التقدير ولوازم الحياة حظًا متساويًا، ولكنها فشلت؛ لأنها محاولة تخالف سنن الله في خلقه، وهاهي اليوم تتراجع تدريجيًا عن المبادئ التي تأسست عليها.
إن بعض الأيدي يستحيل فيها الذهب إلى تراب، وبعضها يستحيل فيها التراب إلى ذهب، وكم من فرص متساوية أمام البشر لا تنتهي إلى مقادير متساوية في الرزق ولا يملك الفرد ولا المجتمع إزاء ذلك شيئًا؟؟! وحكمة الله في التفاوت من ضرورات انتظام الحياة والله تعالى يقول:?نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ? (الزخرف: من الآية32). وهكذا يتعايش الناس ويخدم بعضهم بعضًا في رضا وتسامح ودون حقد ولا حسد.
[•♦◊♦•] الأخوة والمساواة من دعائم المجتمع المسلم [•♦◊♦•]