إن إدارة حرب أو إدارة دولة أو إدارة المشاريع مثل مشروع بناء حاملة طائرات أم بناء محطة فضائية أو إدارة شركة كبيرة . . . , يستدعي أن تكون هذه الإدارة منهجية وفعالة ومعتمدة على العلوم الدقيقة والهندسة والرياضيات . لقد نشأ علم الإدارة لتحقق إنجاز الأعمال والمشاريع الكبيرة والمعقد , وتحقيق النجاح بأسرع وأفضل طريقة . ليس معنى هذا أنه لم تكن هناك إدارة , لقد كان الإنسان دوماًُ يقوم بإدارة وتنظيم أموره ولكن بشكل طبيعي دون دراسة وتحليل لما يقوم به , ولكن عندما تعقدت الأعمال والأمور ونشأت المشاريع الكبيرة فرض دراسة وتحليل عمليات الإدارة .
فالإدارة الآن لها مبادئها ومناهجها وعلومها , وفروعها الكثيرة التي تشمل كافة مناحي حياتنا , فلم يعد يعتمد على الارتجال والتقليد في إدارة الأمور كما كان متبع سابقاً . فالإدارة اليوم علم متطور ، أتى بمبتكرات كثيرة .
في الواقع، كلنا مدراء , فمهما يكن موقعك أو وظيفتك عليك أحيانا إدارة بعض الأمور . وحتى يمكنك إدارتها بشكل جيد، عليك أن تعي العملية الإدارية وعناصرها الرئيسية ومبادئها العامة.
يقول ليفجستون : الإدارة هي الوظيفة التي عن طريقها يتم الوصول إلى الهدف بأفضل الطرق و أقلها تكلفة و في الوقت المناسب و ذلك باستخدام الإمكانيات المتاحة .
وعرف وليم هوايت الإدارة : هي فن ينحصر في توجيه و تنسيق و رقابة عدد من الأشخاص لإنجاز عملية محددة أو تحقيق هدف معلوم .
فالإدارة الآن علم يعتمد على التفكير و العمل يستخدم أسساً و مبادىء معينة جمعت في وظائف خمسة هي : التخطيط , و التنظيم , والتوظيف , و التوجيه , و الرقابة .
الهدف الأساسي من تنفيذ هذه الوظائف استخدام الإمكانيات البشرية و المادية " للبنية التي نديرها " أكانت مؤسسة أم مصنع أم شركة أم أسرة أم دولة . . . , أحسن استخدام , وخلق الجو الصالح المناسب لتشغيل كافة الموارد المتوفرة إلى أقصى طاقاتها الممكنة لتحقيق الأهداف المنشودة بأقل التكاليف , مراعية في ذلك الناحية الإنسانية في معاملة العنصر البشري و تحقيق أكبر قدر ممكن من التعاون في المشروع .
ترتبط الإدارة بجميع الأنشطة الحياتية , وفي الواقع إن التصنيف على أساس المجال قد لا يكون تصنيفا منحصرا إذ أن الأنشطة الحياتية منوعة وغير منحصرة .
و يمكننا أن نصنف الإدارة تصنيفا عاما وشاملا على أساس الهدف من النشاط(اجتماعي خدمي ـ مادي) فتصبح الإدارة بذلك نوعين:
إدارة الأنشطة ذات الهدف الخدمي الاجتماعي بكافة أشكاله , أكان ثقافي أم عقائدي وأخلاقي أم سياسي أم اقتصادي أم نفسي .
إدارة الأعمال الإنشائية والصناعية بكافة أشكالها . . .
إن العملية الإدارية هي نسيج متكامل ومتشابك من أنماط السلوك في الأبعاد الثلاثية ، فالإداري مثلا يتخذ قرارا ، بشأن تنظيم شؤون العاملين ، فهو إذا لا يمارس هذه الأنماط من السلوك مستقلة عن بعضها بل هو يمارسها جميعا في نفس الوقت لأنها في أساسها غير منفصلة .
من المنظور التنظيمي الإدارة هي إنجاز أهداف تنظيمية من خلال الأفراد وموارد أخرى . وبتعريف أكثر تفصيلا للإدارة يتضح أنها أيضا إنجاز الأهداف من خلال القيام بالوظائف الإدارية الخمسة الأساسية (التخطيط، التنظيم، التوظيف، التوجيه، الرقابة).
من المؤكد أنك ستطبق أصول الإدارة في عملك وفي حياتك الخاصة أيضا. لكن تطبيقها يعتمد على ما تقوم بعمله. فعندما تعمل مع موارد محددة ومعروفة يمكنك استخدام الوظائف الخمسة للإدارة . أما في حالات أخرى فقد تستخدم وظيفتين أو ثلاثة فقط .
الوظائف الخمسة للإدارة :
التخطيط :
وهو دراسة في الوقت الحاضر لطرق الاستفادة من الموارد المتاحة مستقبلا . هذه الوظيفة الإدارية تهتم بتوقع المستقبل وتحديد أفضل السبل لإنجاز الأهداف التنظيمية.
غالبا ما يعدّ التخطيط الوظيفة الأولى من وظائف الإدارة، فهي القاعدة التي تقوم عليها الوظائف الإدارية الأخرى. والتخطيط عملية مستمرة تتضمن تحديد طريقة سير الأمور للإجابة عن الأسئلة مثل ماذا يجب أن نفعل، ومن يقوم به، وأين، ومتى، وكيف. بواسطة التخطيط سيمكنك إلى حد كبير كمدير من تحديد الأنشطة التنظيمية اللازمة لتحقيق الأهداف.
فالتخطيط بشكل عام هو الاختيار من بين البدائل بالنسبة لهداف موضوع , أو هو اختيار من بين مسارات بديلة للتصرف المستقبلي , أي هو التعامل مع الخيارات الحالية المتاحة والخيارات المستقبلية المحتملة بناءً على ( برنامج ) موضوع , وهناك بعض الفروق بين التفكير والتخطيط .
فالتخطيط هو تعامل فكري مع الخيارات المتاحة يسبق التعامل الواقعي معها , وهذا ما يميز التخطيط البشري عن تخطيط الكائنات الحية الأخرى , فتخطيطها يجري بالتعامل مع الخيارات المادية الموجودة , حسب البرنامج الوراثي الموضوع , ودون استباق المستقبل بشكل فكري , وإن حدث وقامت بعض الكائنات الحية بمشاريع مستقبلية , فيكون هذا مبرمج فزيولوجياً وعصبياً وليس فكرياً بشكل واع . وهذا هو الفرق الأساسي والهام جداً بين تفكيرنا وتفكير غالبية الكائنات الحية الأخرى .
فنحن نفكر ونتعامل مع الوجود بطريقة مختلفة عن باقي الكائنات الحية , لأننا نستخدم السببية والمنطق والتنبؤ واستباق المستقبل . فنحن فقط نستطيع أن نختار الخيار الأنسب من بين مجموعة خيارات متاحة لنا , وذلك بالاعتماد على أفضليتها المستقبلية وليس الحالية , وذلك باستعمال المعارف والعلوم . وكلما كانت دقتها أعلى كان تخطيطنا أكثر فاعلية في تحقيق أهدافنا الموضوعة.
التنظيم:
يعرف التنظيم على أنه الوظيفة الإدارية التي تمزج الموارد البشرية والمادية من خلال تصميم هيكل أساسي للمهام والصلاحيات. ورسم و توزيع المهام و المسؤوليات والتنظيم يبين العلاقات بين الأنشطة والسلطات.
"وارين بلنكت" و "ريموند اتنر" في كتابهم "مقدمة الإدارة" عرّفا وظيفة التنظيم على أنها عملية دمج الموارد البشرية والمادية من خلال هيكل رسمي يبين المهام والسلطات.
العملية التنظيمية ستجعل تحقيق غاية المنظمة المحددة سابقا في عملية التخطيط أمرا ممكنا. بالإضافة إلى ذلك، فهي تضيف مزايا أخرى.
التوظيف:
يهتم باختيار وتعيين وتدريب ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب في المؤسسة أو الشركة التي تحتاج للكثير من العاملين , التوظيف يبدأ بتخطيط الموارد البشرية واختيار الموظفين ويستمر طوال وجودهم بالمنظمة.
التوجيه:
بمجرد الانتهاء من صياغة خطط المنظمة وبناء هيكلها التنظيمي وتوظيف العاملين فيها، تكون الخطوة التالية في العملية الإدارية هي توجيه الناس باتجاه تحقيق الأهداف التنظيمية. في هذه الوظيفة الإدارية يكون من واجب المدير تحقيق أهداف المنظمة من خلال إرشاد المرؤوسين وتحفيزهم.
وظيفة التوجيه يشار إليها أحيانا على أنها التحفيز، أو القيادة، أو الإرشاد، أو العلاقات الإنسانية. لهذه الأسباب يعتبر التوجيه الوظيفة الأكثر أهمية في المستوى الإداري الأدنى لأنه ببساطة مكان تركز معظم العاملين في المنظمة. وبالعودة لتعريفنا للقيادة "إنجاز الأعمال من خلال الآخرين"، إذا أراد أي شخص أن يكون مشرفا أو مديرا فعالا عليه أن يكون قياديا فعالا، فحسن مقدرته على توجيه الناس تبرهن مدى فعاليته.
الرقابة:
الوظيفة الإدارية الأخيرة هي مراقبة أداء المنظمة وتحديد ما إذا كانت حققت أهدافها أم لا. وهي العملية التي تحقق للمدير تطابق العمليات الحقيقية لما هو محدد في الخطة , و كشف الأخطاء و محاولة تصحيحها .
التّخطيط، والتنظيم، والتّوظيف، والتوجيه يجب أن يتابعوا للحفاظ على كفاءتهم وفاعليتهم . لذلك فالرقابة آخر الوظائف الخمسة للإدارة، وهي المعنيّة بالفعل بمتابعة كلّ من هذه الوظائف لتقييم أداء المنظّمة تجاه تحقيق أهدافها.
في الوظيفة الرقابية للإدارة، سوف تنشئ معايير الأداء التي سوف تستخدم لقياس التقدّم نحو الأهداف. مقاييس الأداء هذه صمّمت لتحديد ما إذا كان الناس والأجزاء المتنوّعة في المنظّمة على المسار الصحيح في طريقهم نحو الأهداف المخطط تحقيقها.
وظيفة الرقابة مرتبطة بشكل كبير بالتّخطيط . في الحقيقة ، الغرض الأساسيّ من الرقابة هو تحديد مدى نجاح وظيفة التخطيط. هذه العمليّة يمكن أن تحصر في أربعة خطوات أساسيّة تطبّق على أيّ شخص أو بند أو عملية يراد التحكم بها ومراقبتها. مجالات الإدارة
هناك مجالات متعددة تطبق فيها الإدارة ، فهي تطبق في القطاع العام Public-Sector ويطلق عليها في هذه الحالة الإدارة العامة public - administration وتطبق في القطاع الاقتصادي economic - sector وتسمى في هذه الحالة إدارة الأعمال Business - administration . وهناك إدارة المستشفيات وهي الإدارة التي تطبق في المستشفيات، وإدارة الفنادق وهي الإدارة التي تطبق في الفنادق . وهكذا نلاحظ أن الإدارة تكتسب اسم المجال الذي تطبق فيه . فإذا طبقت في الوزارات والمصالح سميت إدارة عامة، وإذا طبقت في النشاطات الاقتصادية سميت إدارة أعمال … الخ , ويمكن أن نذكر بعض مجالات الإدارة مثل :
إدارة المشاريع , إدارة الأعمال , إدارة المؤسسات , إدارة الذات , إدارة الأسرة , إدارة العلاقات العامة , إدارة الموارد البشرية , إدارة الأزمات , إدارة الإنفاق , إدارة التسويق , إدارة الوقت . . .
للإدارة علاقة بكثير من العلوم من أهمها: علم السياسة, علم النفس , علم الاجتماع , علم الرياضيات , , علم الاقتصاد , علم القانون . . .
وأهم ضروريات الإدارة الفعالة هو : المعارف الدقيقة اللازمة , والقدرة على التأثير والتحكم بالأمور , وكمية كبيرة من خيارات متاحة . والأساس لكل إدارة جيدة هو: المعلومات الدقيقة والأدوات المناسبة , والاعتماد على توضيح وتحديد الأهداف والغايات المراد الوصول إليها , والإدارة الجيدة هي التي تعتمد على المعارف والعلوم الدقيقة والرياضيات , وليس على المنطق فقط , أو على العواطف والمشاعر فقط , فهذا غير كافي وغير فعال .
وكذلك تعتمد الإدارة الجيدة على توضيح وتنظيم العمل الفكري والمادي للوصول إلى تحقيق الأهداف الموضوعة.
لكي تكون مدير جيد يجب أن يكون متوفر لك :
معارف ومعلومات دقيقة وعالية الصحة كأساس تبني عليها خطة تنفيذ العمل , وأن تتوفر المواد والعناصر والأدوات والآلات الضرورية , واللازمة لتنفيذ المطلوب .
وأن يكون المطلوب أو الهدف محدد وواضح بدرجة عالية جداً , إي يجب أن تكون المنطلقات أو البداية معروفة و واضحة , وكذلك النهاية المراد الوصول إليها .
وتبقى أهم إدارة هي إدارة الذات أي إدارة الإنسان لحياته . تحديد أهدافه وغاياته ومشاريعه وبشكل خاص اختياره مهنته واختياره زوجته ( أو زوجها ) , وكيفية تحقيق هذه الأهداف والمشاريع , وكيفية تعامله مع الأزمات , وكيف يحل مشاكله , وكيفية تعامله مع النجاح والفشل , . . .
لقد كانت وما زالت الأديان والعقائد والعادات والتقاليد الاجتماعية هي التي تحدد كيفية إدارة الإنسان لحياته , وتحدد غالبية غاياته وأهدافه .
كيف تدير حياتك .
أولا : تعيين وتحديد ماذا تريد .
ثانياً : ما هو موجود ومتاح بالنسبة لك , وهذا يعتمد على المعارف والعلوم التي تعلمتها .
ثالثاً : كيف تحقق ما تريد , بالاعتماد على ما هو موجود ومتاح بالنسبة لك .
هناك إدارة أمور جسمك , صحتك , وتغذيتك , ونمو جسمك وفكرك , وهناك إدارة الأمور المادية اللازمة لتأمين أمور المعيشة , وهناك إدارة العلاقات الاجتماعية بكافة أشكالها , وكل هذا في تأثير متبادل مع بعضه . وهناك علاقة إيجابية أو تناسب طردي بين حسن إدارة الإنسان لحياته ومقدار ذكائه ومعارفه ونشاطه , وبين نجاحه وطول عمره , فكلما ارتفعت قدراته العقلية وازدادت المعرفة الدقيقة وكانت أدارته لحياته أنجع وأفضل , ازداد احتمل أن يعيش حياة أفضل , وهذا راجع لعدة عوامل .
فإدارة الجهاز العصبي الجيدة والمناسبة للجسم وما يتعرض له من أوضاع , تزيد من احتمال أن العيش عمر أطول . والتغذية المناسبة والجيدة , والمحافظة على كافة أعضاء الجسم , والتكيف والانسجام مع الظروف والأوضاع ومع أفراد مجتمع وخصائص هذا المجتمع , وتحقيق كافة ما يتطلبه ذلك من قدرات ومال , يتم بالإدارة جيدة للأمور والموارد . ونحن نلاحظ أن غالبية الذين يتجاوز عمرهم الثمانين عاما هم أكثر ذكاءً من المتوسط وفيهم نسبة المثقفين أكثر , وهم يديرون حياتهم بشكل جيد .
وهناك تأثير متبادل بين مردود الذكاء والإدارة الجيدة , وبين النجاح في مجالات الحياة , فكل منهما يساعد ويفيد الآخر . فالحياة الصحية والسعيدة والنشيطة تساعد على الإنتاج الفكري وهذا بدوره يزيد من الرفاهية والقدرات المتاحة لتنمية المعارف , أي هناك تغذية عكسية موجبة بينهم , وكل منها ينمي الآخر , ولكن ضمن حدود .
إن أهم اختيارين يقوم بهم الإنسان هما : اختيار العمل المناسب له , واختيار الشريك المناسب له لتشكيل وبناء أسرته , وإن إدارة الأسرة تلي إدارة الحياة في أهميتها .
تشكيل وبناء الأسرة أهدافه : هل هو الحب أم الجنس أم إنجاب الأولاد أم غير ذلك .
اختيار الزوجة المناسبة . فللعلاقات الزوجية تأثير هام جداً على الأسرة ونجاح إدارتها .
الأوضاع المادية , تأمين السكن المناسب وتوفير أمور المعيشة , كذلك لهم تأثير هام جداً .
إدارة العلاقات الاجتماعية الأسرية , وباقي العلاقات الاجتماعية .
الإنجاب وتربية ورعاية الأولاد , وتأمين حاجاتهم المادية ونفسية والاجتماعية .
وأهم الأمور في إدارة الأسرة : كيف توزع مهام إدارة الأسرة بين الأب والأم , وهل هناك تدخل للأقارب مثل الجد أو الجدة أو غيرهم في إدارة الأسرة .
هل يفضل استخدام الديمقراطية مع أفراد الأسرة أم الاستبداد أم التشاور .
معرفة أهم العوامل والأمور التي تهدد الأسرة , وأهم المشاكل التي تحدث في الأسرة , وكيفية التعامل معها.
كيف تدير صفقاتك و صراعاتك , كيف تحل مشاكلك , وكيف تتعامل مع الأزمات .
تحديد أفضليات الأمور . أيهما أهم الممتع , أم المفيد , أم الصحيح . الخاص أم العام .التعامل مع النجاح أو مع الفشل