〖〗 فضل عيادة المريض و الحث عليها 〖〗فمن آداب المسلم عيادة المريض، وتفقد حاله، وذلك تطييباً لنفسه ووفاءً بحقه، وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على عيادة المريص؛ فقد روى البخاري عن أبي موسى الأشعريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكّوا العاني»[ البخاري- الفتح 10 (5649)؛ وأحمد (4/ 394)؛ وأبو داود (3105) بلفظ البخاري] .
فزيارة المريض من الحقوق المؤكدة للمسلم على أخيه المسلم، ومذهب جمهور العلماء أنها سنة، وقد تصل إلى الوجوب في حق بعض الأفراد دون بعض، وذهب بعض العلماء إلى وجوب زيارة المريض كالبخاري رحمه الله حيث قال في صحيحه: بَاب وُجُوب عِيَادَة الْمَرِيض.
العيادة لغة:
مصدر قولهم: عاد المريض يعوده، وهو مأخوذ من مادّة (ع ود) الّتي تدلّ على معنيين: الأوّل تثنية فى الأمر والاخر جنس من الخشب، وإلى المعنى الأوّل ترجع عيادة المريض، يقول ابن فارس، فالمعنى الأوّل: العود وهو تثنية الأمر عودا بعد بدء، نقول: بدأ ثمّ عاد، والعودة المرّة الواحدة، قال: ومن الباب العيادة، وهي أن تعود مريضا، والمعاد: كلّ شيء إليه المصير، والآخرة معاد النّاس [مقاييس اللغة 4/ 180 ].
وقال الرّاغب: العود: الرّجوع إلى الشّيء بعد الانصراف عنه إمّا انصرافا بالذّات، أو بالقول والعزيمة، وإعادة الشّيء كالحديث وغيره: تكريره، والعادة اسم لتكرير الفعل والانفعال حتّى يصير ذلك سهلا تعاطيه، والعيد: ما يعاود مرّة بعد أخرى وخصّ في الشّريعة بيوم الفطر ويوم النّحر، ثمّ صار يستعمل في كلّ يوم فيه مسرّة، ومن العود (أيضا): عيادة المريض [المفردات للراغب ص 525 بتصرف واختصار ]، وقال ابن منظور: العود ثاني البدء، قال الشّاعر:
بدأتم فأحسنتم فأثنيت جاهدا *** فإن عدتم أثنيت والعود أحمد يقال: عاد إليه يعود عودة وعودا: أي رجع.
وفي المثل: والعود أحمد (كما جاء في البيت السّابق)، وقد عاد له بعد ما كان أعرض عنه، ويقال أيضا عاد إليه وعليه عودا وعيادا، وأعاده (هو)، وقوله سبحانه: (اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) [الروم: 11] من ذلك واستعاده إيّاه: سأله إعادته، وتعوّد الشّيء، وعاده، وعاوده، معاودة وعوادا، أي صار عادة له، وقولهم: عاد العليل (المريض) يعوده عودا وعيادة وعيادا زاره.
قال أبو ذؤيب:
ألا ليت شعري، هل تنظّر خالد *** عيادي على الهجران، أم هو يائس
قال ابن جنّي: يجوز أن يكون أراد عيادتي (والوصف من ذلك) رجل عائد من قوم عود وعوّاد، ورجل معود، ونسوة عوائد وعوّد وهنّ اللّاتي يعدن المريض، الواحدة: عائدة، يقال هؤلاء عود فلان وعوّاده مثل زوره وزوّاره، وهم الّذين يعودونه إذا اعتلّ [لسان العرب 3/ 319 ]، وجاء فى حديث فاطمة بنت قيس: «أنّها امرأة يكثر عوّادها» قال ابن الأثير أي زوّارها، وكلّ من أتاك مرّة بعد أخرى فهو عائد، وإن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتّى صار كأنّه مختصّ به [النهاية لابن الأثير (3/ 317) ] .
المريض لغة:
لفظ مريض في اللّغة هو الوصف من قولهم «مرض فلان» أي أصابه المرض، يقال مرض فلان وأمرضه اللّه، والمرض: السّقم (نقيض الصّحّة) وأصله النّقصان أو الضّعف. يقال: بدن مريض أي ناقص القوّة، وقلب مريض: ناقص الدّين [الصحاح (3/ 1106) ] ، والتّمارض أن يري من نفسه المرض وليس به [هذه المعاني قد يستعمل فيها أيضا لفظ المرض بالتسكين، قال صاحب القاموس: والمرض بالتحريك أو كلاهما ثم ذكر هذه المعاني. انظر: القاموس (843) ط. بيروت ] ، وقال الفيروز اباديّ: المرض: إظلام الطّبيعة واضطرابها بعد صفائها واعتدالها، يقال: مرض فهو مرض ومارض ومريض والجمع مراض ومرضى ومراضى، والمرض (بالسّكون) للقلب خاصّة، والمرض بالتّحريك (أي بفتح الميم والرّاء): الشكّ والنّفاق، والفتور والظّلمة والنّقصان»، وتأتي صيغة أفعل من ذلك، متعدّية ولازمة، فإن كانت متعدّية كان المعنى هو الجعل أي التّعدية أو مصادفة الشّيء على صفة، ومن ثمّ يكون معنى أمرضه: إمّا جعله مريضا أو صادفه مريضا، والفيصل في تحديد أيّ المعنيين هو السّياق، أمّا إذا كان الفعل لازما، فإنّ معناه: إمّا الصّيرورة كما في قولهم أمرض فلان أي صار ذا مرض، وقد تفيد الصّيغة معنى الإزالة ومن ثمّ يكون أمرض بمعنى أزال المرض (والمرض هنا بمعنى الشّك)، وقد فسّر اللّغويّون هذه الصّيغة بلازم معناها فقالوا: وتأتي أمرض بمعنى قارب الإصابة في رأيه وذلك أنّ من أزال الشّكّ عن رأيه فقد قارب أن يكون مصيبا [انظر الصحاح (3/ 1106)؛ والقاموس ص 843؛ ولسان العرب (7/ 232) ] ، وقد استدلّوا على هذا المعنى الأخير بقول الشّاعر:
ولكن تحت هذا الشّيب حزم *** إذا ما ظنّ أمرض أو أصابا
[الصحاح؛ ولسان العرب في الموضعين السابقين. وقد ذكر الفيروز ابادي هذا المعنى ولم يذكر الشاهد ] .
وقولهم: أمرض الرّجل يعني: وقع في ماله العاهة. وقولهم: مرّض فلان فلانا، معناه: أقام عليه في مرضه، وداواه ليزول عنه المرض ، وقيل التّمريض: حسن القيام على المريض، وتمريض الأمور: توهينها وعدم إحكامها، وقيل: التّضجيع فيها [الصحاح (3/ 1106)، ولسان العرب (7/ 233) ] .
وقولهم: رأي مريض، أي فيه انحراف عن الصّواب، قال أبو إسحاق (الزّجّاج)، يقال المرض والسّقم في البدن والدّين جميعا، كما يقال الصّحّة في البدن والدّين جميعا، والمرض في القلب يصلح لكلّ ما خرج به الإنسان عن الصّحّة في الدّين [لسان العرب (7/ 232) ط. بيروت ] ، وفي حديث عمرو بن معد يكرب «هم شفاء أمراضنا» قال ابن الأثير: أي يأخذون بثأرنا، كأنّهم يشفون مرض القلوب، لا مرض الأجسام [النهاية (4/ 319) ] .
عيادة المريض اصطلاحا:
العيادة في الاصطلاح: هي الزّيارة والافتقاد (أي التّفقّد)، أمّا المريض: فهو من اتّصف بالمرض. أمّا المرض اصطلاحا فقد وردت فيه أقوال عديدة منها:
1- قال الجرجانيّ: المرض هو ما يعرض للبدن
فيخرجه عن الاعتدال الخاصّ [التعريفات للجرجاني (22)، وبصائر ذوي التمييز (4/ 492)، وعبارته: خروج الطبع من حدّ الاعتدال ] .
2- وقال المناويّ: المرض: ضعف في القوى يترتّب عليه خلل في الأفعال [التوقيف على مهمات التعاريف (302) ] .
3- وقال ابن الجوزيّ: المرض: إحساس بالمنافي، والصّحّة إحساس بالملائم. وقيل: هو فساد يعرض للبدن فيخرجه عن الاعتدال والصّحّة [نزهة الأعين النواظر (544) ] .
4- وقال السّفّارينيّ الحنبليّ: المرض: حالة خارجة عن الطّبع، ضارّة بالفعل، قال: ويعلم من هذا أنّ الالام والأورام (ونحو ذلك) أعراض عن المرض [غذاء الألباب (2/ 3) ] .
ونخلص من جملة ما سبق إلى أنّ عيادة المريض تعني في الاصطلاح: أن يزور المرء أخاه ويتفقّده إذا أصابته علّة أو ضعف يخرج به جسمه عن حدّ الاعتدال والصّحّة.
وقال ابن حجر: ويلتحق بعيادة المريض تعهّده وتفقّد أحواله والتّلطّف به، وربّما كان ذلك- في العادة- سببا لوجود نشاطه وانتعاش قوّته [فتح الباري (10/ 118) ] .
أحاديث
2- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «عودوا المرضى، واتبعوا الجنائز تذكّركم الآخرة»[أحمد (3/ 48). والبيهقي في كتاب الجنائز (3/ 379) وإسناده صحيح، وصححه الشيخ أحمد شاكر (1197) ] .
3- عن البراء- رضي اللّه عنه- قال: أمرنا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بسبع ونهانا عن سبع: أمرنا بعيادة المريض، واتّباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الدّاعي، وردّ السّلام، ونصر المظلوم، وإبرار المقسم. ونهانا عن سبع: عن خاتم الذّهب- أو قال حلقة الذّهب- وعن لبس الحرير، والدّيباج، والسّندس، والمياثر»[البخاري- الفتح 10 (6222)، وأحمد (4/ 284، 299) ] .
4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «خمس تجب للمسلم على أخيه: ردّ السّلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدّعوة، وعيادة المريض، واتّباع الجنائز».وفي رواية أخرى ذكر الحقوق ستّا، فيها: «وإذا استنصحك فانصح له ...»[ مسلم (2162) ] .
5- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول يوم القيامة: يابن آدم، مرضت فلم تعدني، قال يا ربّ، كيف أعودك وأنت ربّ العالمين؟! قال: أما علمت أنّ عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنّك لو عدته لوجدتني عنده؟. يا بن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال يا ربّ، وكيف أطعمك وأنت ربّ العالمين؟! قال: أما علمت أنّه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنّك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟. يابن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال يا ربّ، كيف أسقيك وأنت ربّ العالمين؟! قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنّك لو سقيته لوجدت ذلك عندي؟»[مسلم (2569) ] .
6- عن عثمان بن عفّان- رضي اللّه عنه- في خطبة له: «إنّا- واللّه- قد صحبنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في السّفر والحضر، وكان يعود مرضانا، ويتبع جنائزنا، ويغزو معنا، ويواسينا بالقليل والكثير»[أحمد (1/ 70)، وقال الشيخ أحمد شاكر (1/ 378) برقم (504) إسناده صحيح] .
7- عن أمّ سلمة- رضي اللّه عنها- قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا حضرتم المريض، أو الميّت، فقولوا خيرا، فإنّ الملائكة يؤمّنون على ما تقولون» قالت: فلمّا مات أبو سلمة أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقلت: يا رسول اللّه، إنّ أبا سلمة قد مات، قال: قولي: اللّهمّ اغفر لي وله، وأعقبني منه عقبى حسنة» قالت: فقلت، فأعقبني اللّه من هو خير لي منه، محمّدا صلّى اللّه عليه وسلّم.[مسلم (919) ] .
8- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا أتى مريضا أو أتي به إليه قال عليه الصّلاة والسّلام: «أذهب الباس، ربّ النّاس اشف وأنت الشّافي، لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقما»[البخاري- الفتح 10 (5675)؛ ومسلم (2191) ] .
9- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوّذات، وينفث، فلمّا اشتدّ وجعه كنت أقرأ عليه، وأمسح عنه بيده، رجاء بركتها.[ مسلم (2192) ] .
10- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا اشتكى الإنسان الشّيء منه، أو كانت به قرحة أو جرح قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بإصبعه هكذا.ووضع سفيان سبّابته بالأرض ثمّ رفعها «باسم اللّه.تربة أرضنا ، بريقة بعضنا، ليشفى به سقيمنا، بإذن ربّنا» قال ابن أبي شيبة «يشفى» وقال زهير «ليشفى سقيمنا» وفى رواية الإمام أحمد «كان يقول في المريض.[مسلم (2194) واللفظ له؛ والبخاري- الفتح 10 (5746)، وأحمد (6/ 93) ] .
11- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرّات: أسأل اللّه العظيم ربّ العرش العظيم أن يشفيك، إلّا عوفي»[أبو داود (3106)؛ أحمد (1/ 239) (واللفظ له)؛ وقال الشيخ أحمد شاكر (4/ 13) برقم (2137): إسناده صحيح] .
12- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من عاد مريضا نادى مناد من السّماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوّأت من الجنّة منزلا»[الترمذي برقم (2009) وقال: حسن غريب، وابن ماجة برقم (1443)،. وفي سنده سنان (اسمه عيسى بن سنان)، والحديث أورده السيوطي في الجامع وحسن إسناده الشيخ الألباني رقم (6163) ] .
وأما فضل عيادة المريض فقد بينها النبي -صلى الله عليه سلم-، فقد روى ابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من عاد مريضاً نادى مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً)
فمن هذه النصوص النبوية التي سبقت يتضح لنا ما لعيادة المريض من أهمية، وما للقائم بها من الأجر العظيم، فينبغي على المسلم أن يعنى بها وأن لا يتكاسل عنها، فإذا علم بأخ له مريض فليسارع في عيادته، وتفقد حاله، وإخبار أصحابه بما حصل لأخيه، حتى يقوموا بزيارته، والدعاء له.
ولما كان أهل الحي الواحد، كالأسرة الواحدة يعرف بعضهم بعضاً في الغالب، فينبغي عليهم إذا مرض أحدهم أن يزوروه، ويتفقدوا أحواله، ويعينوه على ما يحتاج. فبهذه الزيارة يدخل الفرح إلى قلوب المرضى، ويتنفس عنهم ما يجدون من الهم والغم، ويعلمون أن لهم إخواناً يواسونهم ويعينونهم على ما يحتاجون، وكذلك يعرف المسلم عظمة هذا الدين، وما حث عليه، وأنه ما من خير إلا ودلهم عليه، وما من شر إلا وحذرهم منه.
1- مرض قيس بن سعد بن عبادة- رضي اللّه عنهما- مرّة، فاستبطأ إخوانه في العيادة، فسأل عنهم، فقالوا: إنّهم كانوا يستحيون ممّا لك عليهم من الدّين. فقال أخزى اللّه مالا يمنع الإخوان من الزّيارة. ثمّ أمر مناديا ينادي: من كان لقيس عليه مال فهو منه في حلّ. فما أمسى حتّى كسرت عتبة بابه لكثرة من عاده.[مدارج السالكين (2/ 304) ] .
2- عن حذيفة- رضي اللّه عنه- قال: لكلّ أمّة مجوس، ومجوس هذه الأمّة الّذين يقولون لا قدر، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومن مرض منهم فلا تعودوهم، وهم شيعة الدّجّال، وحقّ على اللّه أن يلحقهم بالدّجّال.[ سنن أبي داود 4 (4692) ] .
3- عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: لا تعودوا شرّاب الخمر إذا مرضوا.[ فضل اللّه الصمد 1 (529) (ص 626) ] .
4- قال المهلّب: لا نقص على الإمام في عيادة مريض من رعيّته ولو كان أعرابيّا جافيا، ولا على العالم في عيادة الجاهل ليعلّمه ويذكّره بما ينفعه، ويأمره بالصّبر لئلّا يتسخّط قدر اللّه فيسخط عليه، ويسلّيه عن ألمه، بل يغبطه بسقمه، إلى غير ذلك من جبر خاطره وخاطر أهله.[ الفتح (10/ 124) ] .
5- قال الأثرم: قيل لأبي عبد اللّه: فلان مريض، وكان عند ارتفاع النّهار في الصّيف، فقال: ليس هذا وقت عيادة.[ فتح الباري (10/ 118)، والاداب الشرعية لابن مفلح (2/ 200) ] .
6- قال الأعمش: كنّا نقعد في المجلس فإذا فقدنا الرّجل ثلاثة أيّام سألنا عنه فإن كان مريضا عدناه.[ غذاء الألباب (2/
] .
1- قال الشّافعيّ- رضي اللّه عنه-:
مرض الحبيب فعدته *** فمرضت من حذري عليه
فأتى الحبيب يعودني *** فشفيت من نظري إليه
[الاداب الشرعية لابن مفلح (2/ 200) ] .
2- ذكر ابن الصّيرفيّ الحرّانيّ في نوادره قول بعض الشّعراء:
لا تضجرنّ عليلا في مساءلة *** إنّ العيادة يوم بين يومين
بل سله عن حاله وادع الإله له *** واجلس بقدر فواق بين حلبين
من زار غبّا أخا دامت مودّته *** وكان ذاك صلاحا للخليلين
[غذاء الألباب (2/ 10) ] .
1- قال الغزاليّ: ومنها (أي من حقوق المسلم على المسلم): أن يعود مرضاهم ..، وأدب العائد خفّة الجلسة، وقلّة السّؤال، وإظهار الرّقّة، والدّعاء بالعافية، وغضّ البصر عن عورات الموضع، وعند الاستئذان لا يقابل الباب، ويدقّ برفق، ولا يقول: أنا، إذا قيل له: من؟، ولا يقول: يا غلام، ولكن يحمّد ويسبّح.[ إحياء علوم الدين (2/ 206) ] .
2- قال الأستاذ خالد محمّد خالد: إنّ هذا المريض يغالب العلّة وتغالبه، ويصارع السّقم ويصارعه، وهو أكثر النّاس حاجة إلى كلّ ما تستطيعه العلاقات الإنسانيّة من سلوى، وعون، وبثّ للعزيمة والأمل والطّمأنينة والسّرور.
هناك عند كلّ مريض تجد باقة من الزّهر النّديّ العطر، مهداة من الرّسول الّذي أرسله اللّه رحمة للعالمين. ومن زهراته الطّيّبات: قوله «من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنّة حتّى يرجع ... الحديث». ويخبرنا صلّى اللّه عليه وسلّم بما لعيادة المريض من جلال وخطر حين يقول لنا: «إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول يوم القيامة: يابن آدم، مرضت فلم تعدني ... الحديث» أيّة صورة من صور الحثّ والتّكريم تفوق الصّورة أو حتّى تضاهيها؟ وأنّى للعلاقات الإنسانيّة أن تجد لها ضميرا كهذا الّذي تجده في كلمات الرّسول؟.[ كما تحدّث الرسول (2/ 207- 209) ] .