الحكمة النبوية من الحث على التيامن
التيامن لغة:-
في المعجم الوجيز " يَمَنَ " ، و" تَيَمَنَ " أي توجه تلقاء اليمن، وتيمن أي بدء عمله باليمين ...
أما لفظة التيامن اصطلاحاً فهي تعني عند الفقهاء: بدء كل عمل باليمين .
الآيات الواردة في التيمن :
( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَأُونَ كِتَابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً ) (الإسراء:71)(وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً) (مريم:52)
وهو مستحب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حث على بدء كل عمل باليمين ، وقال: "تيمنوا فإن في اليمين بركة "
1- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ في شَأنِهِ كُلِّهِ: في طُهُورِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَتَنَعُّلِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
2- وعنها، قالت: كَانَتْ يَدُ رسول الله صلى الله عليه وسلم اليُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتِ الْيُسْرَى لِخَلائِهِ وَمَا كَانَ مِنْ أذَىً. حديث صحيح، رواه أَبُو داود وغيره بإسنادٍ صحيحٍ.
3- عن أم عطية رضي الله عنها: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لهن في غَسْلِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ رضي الله عنها: (ابْدَأنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا) متفقٌ عَلَيْهِ.
4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا انْتَعَلَ أحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدأْ بِالشِّمَالِ. لِتَكُنْ اليُمْنَى أوَّلَهُمَا تُنْعَلُ، وَآخِرُهُمَا تُنْزَعُ) متفقٌ عَلَيْهِ.
5- عن حفصة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يجعل يَمينَهُ لطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَثِيَابِهِ، وَيَجْعَلُ يَسَارَهُ لِمَا سِوَى ذَلِكَ. رواه أَبُو داود والترمذي وغيره.
6- عن أَبي هُريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا لَبِسْتُمْ، وَإِذَا تَوَضَّأتُمْ، فَابْدَأوا بأيَامِنِكُمْ) حديث صحيح، رواه أَبُو داود والترمذي بإسناد صحيح.
7- عن أنس رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى مِنىً، فَأتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا، ثُمَّ أتَى مَنْزِلَهُ بِمِنَىً ونحر، ثُمَّ قَالَ لِلحَلاَّقِ: (خُذْ) وأشَارَ إِلَى جَانِبهِ الأَيْمَنِ، ثُمَّ الأَيْسَرِ، ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي رواية: لما رمَى الجَمْرَةَ، وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ، نَاوَلَ الحَلاَّقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأنْصَارِيَّ رضي الله عنه، فَأعْطَاهُ إيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ، فَقَالَ: (احْلِقْ)، فَحَلَقَهُ فَأعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ، فَقَالَ: (اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ).
تعريفه لغة:
جاء في [ مختار الصحاح ] أيمن الرجل ويمن ويامن .. إذا أتى اليمين وكذلك إذا أخذ في سيره يميناً ..
يقال يامن يا فلان بأصحابك، أي خذ بهم يمنة ولا تقل تيامن .
اصطلاحاً:
قال ابن الأثير: التيمن: الابتداء في الأفعال باليد اليمنى والرجل اليمنى والجانب الأيمن .
وقال ابن حجر: قال النووي قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين وما كان بضدها استحب التياسر
ذكر النووي فيما يكون التيامن بقوله: " كالوضوءِ وَالغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ، وَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالنَّعْلِ وَالخُفِّ وَالسَّرَاوِيلِ وَدُخولِ الْمَسْجِدِ، وَالسِّوَاكِ، وَالاكْتِحَالِ، وَتقليم الأظْفار، وَقَصِّ الشَّارِبِ، وَنَتْفِ الإبْطِ، وَحلقِ الرَّأسِ، وَالسّلامِ مِنَ الصَّلاَةِ، وَالأكْلِ، والشُّربِ، وَالمُصافحَةِ، وَاسْتِلاَمِ الحَجَرِ الأَسْوَدِ، والخروجِ منَ الخلاءِ، والأخذ والعطاء وغيرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ في معناه. ويُسْتَحَبُّ تَقديمُ اليسارِ في ضدِ ذَلِكَ، كالامْتِخَاطِ وَالبُصَاقِ عن اليسار، ودخولِ الخَلاءِ، والخروج من المَسْجِدِ، وخَلْعِ الخُفِّ والنَّعْلِ والسراويلِ والثوبِ، والاسْتِنْجَاءِ وفِعلِ المُسْتَقْذرَاتِ وأشْبَاه ذَلِكَ " رياض الصالحين.
ذكر العلماء -رحمهم الله تعالى-
البداية باليمين للأشياء المستحسنة، والبداية بالشمال للأشياء المستقذرة.
فوائد التيامن :
1- أنه من أدلة الإيمان وحسن الإذعان .
2- أن فيه القوة والبركة .
3- أنه من حسن الإتباع .
4- أنه من شعائر الإسلام .
5- فيه مخالفة لأهل الشرك، إذ أن شعارهم استعمال الشمال، وكذا مخالفة الشيطان .
6- فيه مرضاة الرب ومحبة النبي -صلى الله عليه وسلم- .
ومن السنة التيمن فيما يلي:
1- عند دخول المسجد: البدء بالرجل اليمنى، وعند الخروج البدء بالرجل اليسرى .
2- في الوضوء: في غسل اليدين أو الرجلين .
3- في التنعل .
4- البدء في الغسل بالشق الأيمن .
5- استحباب الصلاة عن يمين الإمام وفي ميمنة المسجد عند تساوي الطرفين .
6- في الأكل والشرب .
7- أن يعطي الإنسان الإناء – عند شربه منه – من يجلس عن يمينه حتى ولو كان الجالس الذي عن يساره أعلى منزلة ، أو أكبر سناً . من كتاب ( سنن وأخلاق ).
نظام التيامن في الجسم البشرى: (4)
ثبت علمياً أن كل حركة في جسم الإنسان تدور حسب نظام دقيق، بحيث تبدأ الحركات من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى، ثم تتلاشى وتنتهي .. من ذلك حركة الدم التي تبدأ أول نقطة فيها داخل جهاز الدورة الدموية من القلب، عندما تتقلص العضلات القلبية، لتضخ الكتلة الدموية، فيبدأ سير الدم النقي من تجاويف البطين إلى الشريان الأبهر الذي يتجه بشكل مقوس من الجهة اليمنى إلى الجهة اليسرى، بحيث يجعل جريان الدم سائراً بهذا الاتجاه، مبتدئاً من اليمين ومنتهياً في اليسار، بعد أن تتشعب الأوعية الدموية من الدقيق إلى الأدق، حتى تتلاشى حركة الدم، وتصبح غير منظورة لا تبصرها العين إلا بمساعدة العدسات المجهرية المكبرة، حيث تشاهد حركة الكريات الدموية وهى تؤدى وظائفها في تغذية وإرواء الأنسجة بمساعدة السوائل الدموية.
حركة الأمعاء تبدأ من باب المعدة الاثنى عشر بحيث يكون اتجاه الحركة للمواد الغذائية من الجهة اليمنى، ثم تنعطف الحركة باتجاه اليسار .. وإلى أنحاء منطقة الامتصاص الشعرية في الأمعاء الدقيقة.
وحركة القولون في منطقة الأمعاء الغليظة، تبدأ من نقطة الجهة اليمنى باتجاه الناحية اليسرى إذ تتقلص لدفع المواد المتبقية من عملية الامتصاص إلى الجهة اليسرى المقابلة بعد أن تجمعت في الخزان الأعور الكبير، فتتحرك المواد من الجهة اليمنى إلى اليسار .. وإلى القولون المستعرض المتوازي وهكذا.
وحركة التنبيهات العصبية العجيبة الصنع في المراكز العصبية، والأسلاك الحسية والحركية المتصلة بها، تبدأ دورتها من الجهة اليمنى، وتنتهي في الطرف الأيسر عند أداء وظائفها الطبيعية الفسيولوجية.
وهكذا أظهر الحديث الشريف تلك الظاهرة العلمية في الكيان البشرى، مما جعلها انطلاقة علمية لم تكتشف إلا بعد بضعة قرون من قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( الإعجاز العلمي في الإسلام - السنة النبوية للأستاذ : محمد كامل عبد الصمد).
وكما نعلم فان المخ ينقسم إلى قسمين أيمن وأيسر والجزء الأيمن منه مسؤول عن الحركات الصادرة من الجزء الأيسر في الجسم كذلك الجزء الأيسر من المخ هو المسؤول عن الحركات الصادرة من الجزء الأيمن من الجسم.
وقد اكشتف الأطباء(5)مؤخراً أن الجزء المسؤول عن العنف والشر في الإنسان يقع في الجزء الأيمن من المخ وأن استخدام الجزء الأيسر من الجسم يقوي دافع العنف والشر الموجود مركزه في الجزء الأيمن من المخ.لذا نجد العبرة و الجواب الشافي فيما امرنا به رسولنا الكريم (محمد صلى الله عليه وسلم) قبل1400 سنه ويزيد حينما قال ( تيمنوا فإن في اليمن بركة).