█▓◄ عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا والآخرة ►▓█
1- قَالَ الله تَعَالَى: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ) [محمد:22-23].
2- قالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) [الرعد: 25].
3- قالَ تَعَالَى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً) [الإسراء: 23-24].
أحاديث
1- عن أَبي بكرة نُفَيع بن الحارث رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أُنَبِّئُكُمْ بأكْبَرِ الكَبَائِرِ؟) -ثلاثاً- قُلْنَا: بَلَى، يَا رَسُول الله، قَالَ: (الإشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ)، وكان مُتَّكِئاً فَجَلَسَ، فَقَالَ: (ألاَ وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ) فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
2- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (الكَبَائِرُ: الإشْرَاكُ بالله، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْس، وَاليَمِينُ الغَمُوسُ) رواه البخاري.
(اليمين الغموس): التي يحلفها كاذباً عامداً، سميت غموساً؛ لأنها تغمس الحالِفَ في الإثم.
3- وعنه أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مِنَ الكَبَائِر شَتْمُ الرَّجُل وَالِدَيهِ !)، قالوا: يَا رَسُول الله، وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟! قَالَ: (نَعَمْ، يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أبَاه، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: (إنَّ مِنْ أكْبَرِ الكَبَائِرِ أنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ !)، قِيلَ:
يَا رَسُول الله، كَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيهِ؟! قَالَ: (يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أباهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ، فَيَسُبُّ أُمَّهُ).
4- عن أَبي محمد جبيرِ بن مطعم رضي الله عنه: أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ) قَالَ سفيان في روايته: يَعْنِي: قَاطِع رَحِم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
5- عن أَبي عيسى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إنَّ اللهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأمَّهَاتِ، وَمَنْعاً وهاتِ، وَوَأْد البَنَاتِ، وكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإضَاعَةَ المَالِ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قوله: (مَنْعاً) مَعنَاهُ: مَنْعُ مَا وَجَب عَلَيهِ، وَ(هَاتِ): طَلَبُ مَا لَيْسَ لَهُ. وَ(وَأْد البَنَاتِ) مَعنَاهُ: دَفنُهُنَّ في الحَيَاةِ، وَ(قيلَ وَقالَ) مَعْنَاهُ:
الحَديث بكُلّ مَا يَسمَعهُ، فيَقُولُ: قِيلَ كَذَا، وقَالَ فُلانٌ كَذَا مِمَّا لا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ، وَلا يَظُنُّهَا، وَكَفَى بالمَرْءِ كذِباً أنْ يُحَدّثَ بكُلِّ مَا سَمِعَ. وَ(إضَاعَةُ المَال): تَبذِيرُهُ وَصَرفُهُ في غَيْرِ الوُجُوهِ المأذُونِ فِيهَا مِنْ مَقَاصِدِ الآخِرةِ وَالدُّنْيَا، وتَرْكُ حِفظِهِ مَعَ إمكَانِ الحِفظِ. وَ(كَثْرَةُ السُّؤَال): الإلحَاحُ فيما لا حَاجَة إِلَيْهِ.
6- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينا أنا أدور في الجنة سمعت صوت قارئ فقلت: من هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كذلكم البر. كذلكم البر).
قال: وكان أبرَّ الناس بأمِّه. رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين.
آثار
1- عن ميمون بن مهران قال: " ثلاثة تؤدَّى إلى البَرِّ والفاجر، الأمانة، والعهد، وصلة الرحم " سير أعلام النبلاء.
2- قال مكحول والإمام أحمد بن حنبل: " بر الوالدين كفارة للكبائر " جامع العلوم والحكم.
3- قال سفيان الثوري: " لا تبغض أحداً ممن يطيع الله، وكن رحيماً للعامة والخاصة، ولا تقطع رحمك وإن قطعك، وتجاوز عمن ظلمك تكن رفيق الأنبياء والشهداء " حلية الأولياء.
4- قال ابن الجوزي: " تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً، وارع أصلاً أثمر فرعاً، واذكر لطفهما بك وطيب المرعى أولاً وأخيراً؛ فتصدق عنهما إن كانا ميتين، واستغفر لهما، واقض عنهما الدين " بر الوالدين لابن الجوزي.
5- قال رحمه الله: "إني رأيت شبيبة من أهل زماننا لا يلتفتون إلى بر الوالدين، ولا يرونه لازماً لزوم الدين، يرفعون أصواتهم على الآباء والأمهات وكأنهم لا يعتقدون طاعتهم من الواجبات ويقطعون الأرحام التي أمر الله بوصلها ونهى عن قطعها بأبلغ الزجر وربما قابلوها بالهجر والجهر " بر الوالدين لابن الجوزي.
6- قال رحمه الله: " وليعلم البار بالوالدين أنه مهما بلغ في برهما لم يف بشكرهما " بر الوالدين لابن الجوزي.
7- قال رحمه الله: ".. وبرهما يكون بطاعتهما فيما يأمران به ما لم يكن بمحظور، وتقديم أمرهما على فعل النافلة، والاجتناب لما نهيا عنه، والإنفاق عليهما، والتوخي لشهواتهما، والمبالغة في خدمتهما، واستعمال الأدب والهيبة لهما؛ فلا يرفع الولد صوته، ولا يحدق إليهما، ولا يدعوهما باسمهما، ويمشي وراءهما، ويصبر على ما يكره مما يصدر منهما " بر الوالدين لابن الجوزي.
قصص
1- كان في زمن النبى عليه أفضل الصلاة والسلام شاب يسمى علقمة، وكان كثير الاجتهاد في طاعة الله في الصلاة والصوم والصدقة، فمرض واشتد مرضه فأرسلت امرأته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن زوجي علقمة في النزع فأردت أن أعلمك يا رسول بحاله، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عماراً وصهيباً وبلالاً، وقال: " امضوا إليه ولقنوه الشهادة "، فمضوا، ودخلوا عليه فوجدوه في النزع، فجعلوا يلقنونه لا إله إلا الله، ولسانه لا ينطق بها.
فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبرونه أنه لا ينطق لسانه بالشهادة، فقال صلى الله عليه وسلم: هل من أبويه أحد حي؟ قيل: يا رسول الله أم كبيرة بالسن، فأرسل إليها رسول الله، وقال للرسول: (قل لها إن قدرت على المسير إلى رسول الله، وإلا فقري في المنزل حتى يأتيك)، فجاء إليها الرسول فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: نفسي له الفداء أنا أحق بإتيانه، فتوكأت على عصا، وأتت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت فرد عليها السلام، وقال لها: (يا أم علقمة كيف كان حال ولدك علقمة؟)، قالت: يا رسول الله كثير الصلاة وكثير الصيام وكثير الصدقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فما حالك؟)، قالت: يا رسول الله أنا عليه ساخطة، قال: (ولم؟)، قالت: يا رسول الله يؤثر علي زوجته ويعصينى، فقال رسول الله: (إن سخط أم علقمة حجب لسان علقمة من الشهادة)، ثم قال: (يا بلال انطلق واجمع لي حطباً كثيراً)، قالت: يا رسول الله وما تصنع به؟، قال: (احرقه بالنار بين يديك)، قالت: يا رسول الله ولدي لا يحتمل قلبي أن تحرقه بالنار بين يدي، قال: (يا أم علقمة عذاب الله أشد وأبقى؛ فإن سرك أن يغفر الله له فارضي عنه؛ فوالذي نفسي بيده لا ينتفع علقمة بصلاته ولا بصدقته ما دمت عليه ساخطة).
فقالت: يا رسول الله إنى أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضرني من المسلمين أني رضيت عن ولدي علقمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (انطلق يا بلال إليه فانظر هل يستطيع أن يقول لا إله إلا الله أم لا؟ فلعل أم علقمة تكلمت بما ليس في قلبها؛ حياء مني فانطلق بلال، فسمع علقمة من داخل الدار يقول: لا إله إلا الله.
فدخل بلال وقال: يا هؤلاء إن سخط أم علقمة حجب لسانه عن الشهادة، وإن رضاها أطلق لسانه، ثم مات علقمة من يومه، فحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر بغسله وكفنه، ثم صلى عليه، وحضر دفنه، ثم قام على شفير قبره فقال: (يا معشر المهاجرين والأنصار من فضل زوجته على أمه فعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً إلا أن يتوب إلى الله عز وجل، ويحسن إليها، ويطلب رضاها فرضى الله فى رضاها).
2- ورد في الأدب والسير: أن أعرابياً وفد على بعض الخلفاء وهو يبكي، فقال الخليفة: ما لك؟ قال: أصبت في مال بأعظم من مصيبة المال، قال: وما هو؟ قال: ربيت ولدي؛ سهرت ونام؛ جعت وشبع؛ وتعبت وارتاح، فلما كبر وأصابني الدهر، واحدودب ظهري من الأيام والليالي، تغمط حقي، ثم بكى، وقال:
وربيته حتى إذا ما تركته *** أخا القوم واستغنى عن المسْح شاربه
تَغَمَّط حقي ظالماً ولوى يدي *** لوى يَدَهُ اللهُ الذي هو غالبه
قيل: فلويت يد الابن فأصبحت ملوية وراء ظهره.
3- في السير وبعض التفاسير كالكشاف بأسانيد فيها نظر: أن رجلاً وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبكي، فقال مالك؟ فقال: مظلومٌ يا رسول الله! قال: من ذا الذي ظلمك وأنت شيخ كبير فقير؟
قال: ابني ظلمني، قال: كيف ظلمك؟ قال: ربيته، فلما كبر وضعف بصري، ورق عظمي ودنى أجلي، تغمط حقي، وظلمني وقابلني بالغلظة والجفاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهل قلت فيه شيء؟ قال: نعم. قلت فيه أبياتاً، قال: ما هي؟ فقال له:
غَذَوتُك مولوداً وعِلْتُكَ يافعـاً *** تعل بما أجري عليكَ وتَنْهَل
إذا ليلة ضاقتكَ بالسقم لم أبِتْ *** لسُقْمِك إلا شاكياً أتمَلْمَل
كأني أنا الملدوغ دونك بالذي *** لُدغتَ به دوني فعيناي تهمل
فلما بلغْتَ السِّنَّ والغايـةَ التي *** إليها مدى ما فيك كنتُ أُؤمل
جعلتَ جزائي غِلظة وفَظاظـة *** كأنك أنت المُنْعِمُ المُتَفَضِّل
فليتك إذ لم ترْعَ حقَّ أبـوتي *** فعلتَ كما الجارُ المجاورُ يفعل
فدمعت عيناه عليه الصلاة والسلام، وبكى أصحابه وقال: علي بابنه، فذهب الصحابة فقادوا ابنه، فإذا هو في جسم البغل، فأوقفه أمامه وأخذه بتلابيب ثوبه، وهزه المعصوم وهو يبكي ويقول: " أنت ومالك لأبيك " أي أنك شبه الرقيق لهذا الوالد يبيعك ويشتريك، وما أنت إلا من متاعه ودنياه، وهو من أسباب إيجادك بعد إيجاد الله.
4- يقول الراوي كنت على شاطئ البحر فرأيت امرأة كبيرة في السن جالسة على ذلك الشاطئ تجاوزت الساعة 12مساءً فقربت منها مع أسرتي ونزلت من سيارتي... أتيت عند هذه المرأة , فقلت لها: يا والدة من تنتظرين؟
قالت: انتظر ابني ذهب وسيأتي بعد قليل.
يقول الراوي: شككت في أمر هذه المرأة، وأصابني ريب في بقائها في هذا المكان، الوقت متأخر ولا أظن أن أحد سيأتي بعد هذا الوقت.
يقول: انتظرت ساعة كاملة ولم يأت أحد، فأتيت لها مرة أخرى فقالت: يا ولدي، ولدي ذهب وسيأتي الآن، يقول: فنظرت فإذا بورقه بجانب هذه المرأة، فقلت: لو سمحت أريد أن اقرأ هذه الورقة.
قالت : إن هذه الورقة وضعها ابني، وقال: أي واحد يأتي فأعطيه هذه الورقة.
يقول الراوي: قرأت هذه الورقة... فماذا مكتوب فيها؟
مكتوب فيها: إلى من يجد هذه المرأة الرجاء أن يأخذها إلى دار العجزة.
5- هذا رجل أصابه الكبر الشديد، وتجاوز التسعين من العمر، فأصبح في بعض الأحيان يفقد وعيه ويفقد الذاكرة حتى يصبح كالمجنون تذهب الذاكرة وتعود، لقد قام بتزويج أبنائه الثلاثة وأسكنهم في نفس البيت، ولكن كانت زوجات أبنائه قد تضايقوا من وجود هذا الأب، فوضع البنات خطة؛ لطرد هذا الأب، وأقنعا الأزواج بالذهاب به إلى دار العجزة، وفعلاً استجاب هؤلاء الأبناء -عليهم من الله ما يستحقون-، وذهبوا بوالدههم إلى دار العجزة.
وقالوا للمسؤلين: إن هذا الرجل وجدناه في الطريق، ونريد أن نكسب الأجر، فوضعناه عندكم.
رحبت دار العجزة بهذا الأمر على أنه فعلاً رجلاً في الطريق ليس له أحد إلا هؤلاء جائوا به إلى هذا المكان.
قالوا للبواب المسئول: إذا مات هذا الرجل فهذا رقم البيت ورقم الجوال فاتصل علينا.
ما هي إلا لحظات وتعود الذاكرة إلى هذا الأب، وينادي أبناءه يا فلان يا فلانة احظروا لي ماء أريد أن أتوضأ.
جاء المسئول والممرضين عند هذا الأب الكبير قالوا: أنت في دار العجزة.
قال: متى أتيت إلى هنا؟
قالوا: أتيت في يوم كذا وكذا وذكروا أوصاف الأشخاص الذين جاءوا به.
قال: هؤلاء أبنائي ورفع يديه ودعا عليهم: اللهم كما فعلوا بي هذا الفعل اللهم فأرني وجوههم تلتهب ناراً يوم القيامة.
اللهم أحرمهم من الجنة يا رب العالمين، وينادي المدير المسئول، ويكتب جميع عقاراته وأملاكه وقفاً لهذه الدار، ولم يتحمل هذه الصدمة وتوفي مباشرة.
فرح الأبناء بعدما اتصل عليهم هذا البواب، وأعطوه مبلغاً من المال، فجاءوا فرحين، ولكن تفاجأوا إذا برجال الأمن يوقفونهم عند المحكمة؛ ليخبروهم أن هذه الأملاك كلها أصبحت ملكاً لدار العجزة، ويجب عليهم أن يخرجوا من هذه الشقق التي كانوا يسكنون فيها هذا في الدنيا قبل الآخرة.
6- امرأة عجوز ذهب بها ابنها إلى الوادي عند الذئاب يريد الانتقام منها, وتسمع المرأة أصوات الذئاب, فلما رجع الابن ندم على فعلته، فرجع وتنكَّر في هيئته؛ حتى لا تعرفه أمه، فغير صوته وغير هيئته، فاقترب منها، ف قالت له: يا أخ لو سمحت هناك ولدي ذهب من هذا الطريق انتبه عليه لا تأكله الذئاب!.
7- يتحدث المهندس إبراهيم المحلاوي 62عاماً فيقول: لقد رزقني الله بثلاثة من البنين وبنتاً، وقد أنفقت شبابي في تربيتهم على أحسن مستوى وكلهم تعلموا تعليماً عالياً، وحينما ذهب كبيرهم إلى بعثة دراسية إلى ألمانيا ليحصل على الدكتوراه كانت فرحتنا لا تصوف، فكتبت له الخطابات وننتظر اليوم الذي سيصلنا منه خطاب، ثم اخترنا له عروساً وسافرت إليه وبعد عودته استقل بنفسه وبأسرته وبدأ يبتعد عنا ويطلب منا ألا نزوره في بيته وينعزل بنفسه تماماً عنا. إننا لسنا في حاجة من أي شكل إليه، لكن يعز علينا أن نراه عاقاً لنا بعد كل ما فعلناه من أجله ويعز علينا أن يكون مصيره جهنم.
8- يتحدث الحاج محمود عسل 65 عاماً، موظف سابق فيقول: توفيت زوجتي منذ سبع سنوات، بعد أن كافحت معي كفاح الأبطال لنربي أبناءنا، وبعد أن أنهوا تعليمهم وتسلموا وظائفهم لم نتركهم بل بعنا قطعة الأرض التي ورثناها لنزوجهم بها، ثم توفيت أمهم، واستقل الأبناء بمعيشتهم وسافروا ولا يسألون فيّ، وحينما فكرت أن أتزوج إنسانة ترعاني في شيخوختي حاصروني وهددوني بأنهم سيمنعوني بالقوة، وفي نفس الوقت لا يسألون عني ويتطلعون لما في يدي ويريدون أن أموت؛ ليرثوني، إنني كرهت اليوم الذي أنجبتهم فيه.
9- هذه امرأة جاءت تطرق باب أناس تطلب عملاً في تنظيف البيوت، ذلك العمل الشاق الذي لم تعد تقوى عليه لكبر سنها، وبدأت تبوح بما في قلبها، بعد أن طردها ابنها الوحيد من بيتها بتحريض من زوجته، وبعد أن خدعها فكتبت له عقداً للبيت، واستضافها أقاربها لكنها رفضت إلا أن تعمل.
فأُخبِر بقصتها بعض أهل الخير، فتكفل أحدهم بتوفير كل ما تحتاجه هذه السيدة كي تحيا حياة كريمة، بعد أن عانت من عقوق ابنها الذي لا يمكن وصفه.
أشعار
فيا عجبا لمن ربيت طفلا *** ألقمه بأطراف البنان
جزاه الله من ولد جزاء *** سليمة أنه شرا جزاني
أعلمه الرماية كل يوم *** فلما اشتد ساعده رماني
وكم علمته نظم القوافي *** فلما قال قافية هجاني
أعلمه الفتوة كل وقت *** فلما طر شاربه جفاني
[.........]
غدوتك مولوداً وعلتك يافعاً *** تُعَل بما أدني إليك وتُنهل
إذا ليلةٌ نابتك بالسقم لم أبت *** لذكرك إلا ساهراً أتململ
كأني أنا المطروق دونك بالذي *** طرقت به دوني وعيني تُهمِل
تخاف الردى نفسي عليك وإنها *** لتعلم أن الموت حتمٌ مؤجل
فلما بلغت السن والغاية التي *** إليها مدى ما كنت فيك أؤمل
جعلت جزائي منك سوءً وغلظةً *** كأنك أنت المنعم المتفضل
وسميتني باسم المفند رأيه *** وفي رأيك التفنيد لو كنت تعقل
تراه معداً للخلاف كأنه *** برد على أهل الصواب موكل
فليتك إذا لم ترع حق أبوتي *** فعلت كما الجار المجاور يفعل
فأوليتني حق الجوار ولم تكن *** علي بمالي دون مالك تبخل
[........]
قضى الله أن لا تعبدوا غيره حتما *** فيا ويح شخص غير خالقه أمّا
وأوصاكمُ بالوالدين فبالغوا *** ببرهما فالأجر في ذلك والرحما
فكم بذلا من رأفةٍ ولطافةٍ *** وكم منحا وقت احتياجك من نعما
وأمك كم باتت بثقلك تشتكي *** تواصل مما شقها البؤس والغما
وفي الوضع كم قاست وعند ودادها *** مُشقاً يذيب الجلد واللحم والعظما
وكم سهرت وجداً عليك جفونها *** وأكبادها لهفاً بجمر الأسى تحما
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها *** حنواً وإشفاقاً وأكثرت الضما
فضيعتها لما أسنت جهالةً *** وضقت بها ذرعاً وذوقتها سما
وبت قرير العين ريان ناعماً *** مكباً على اللذات لا تسمع اللوما
وأمك في جوعٍ شديدٍ وغربةٍ *** تلين لها مما بها الصخرة الصماء
أهذا جزاها بعد طول عنائها *** لأنت لذو جهل وأنت إذاً أعمى
[........]
لأمك حق لو علمت كبير *** كثيرك يا هذا لديه يسير
فكم ليلةٍ باتت بثقلك تشتكي *** لها من جواها أنةٌ وزفير
وفي الوضع لو تدري عليك مشقةٌ *** فكم غصص منها الفؤاد يطير
وكم غسلت عنك الأذى بيمينها *** ومن ثدييها شربٌ لديك نمير
وكم مرةٍ جاعت وأعطتك قوتها *** حنواً وإشفاقاً وأنت صغير
فضيعتها لما أسنت جهالةً *** وطال عليك الأمر وهو قصير
فآهٍ لذي عقل ويتبع الهوى *** وواهاً لأعمى القلب وهو بصير
فدونك فارغب في عميم دعائها *** فأنت لما تدعو إليه فقير
[........]
فلا تطع زوجةً في قطع والدة *** عليك يا ابن أخي قد أفنت العمرا
فكيف تنكر أماً ثقلك احتملت *** وقد تمرغت في أحشائها شهرا
وعالجت بك أوجاع النفاس وكم *** سرت لما رأت مولودها ذكرا
وأرضعتك إلى حولين كاملةً *** في حجرها تستقي من ثديها الدررا
ومنك ينجسها ما أنت راضعه *** منها ولا تشتكي نتناً ولا قذراً
وعاملتك بإحسانٍ وتربيةٍ *** حتى استويت وحتى صرت كيف ترى
فلا تفضل عليها زوجةً أبداً *** ولا تدع قلبها بالقهر منكسرا
والوالد الأصل لا تنكر لتربيةٍ *** واحفظه لا سيما إن أدرك الكبرا
[.........]
أغرى امرؤٌ يوماً غلاماً جاهلاً *** بنقوده كي ما ينال به الضرر
قال ائتني بفؤاد أمك يا فتى *** ولك الدراهم والجواهر والدرر
فمضى وأغرز خنجراً في صدرها *** والقلب أخرجه وعاد على الأثر
لكنه من فرط سرعته هوى *** فتدحرج القلب المقطع إذ عثر
ناداه قلب الأم وهو معفر *** ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر؟!
فكأن هذا الصوت رغم حنوه *** غضب السماء على الغلام قد انهمر
فارتد نحو القلب يغسله بما *** فاضت به عيناه من دمع العبر
حزناً وأدرك سوء فعلته التي *** لم يأتها أحدٌ سواه من البشر
واستل خنجره ليطعن نفسه طعناً *** فيبقى عبرةً لمن اعتبر
ويقول يا قلب انتقم مني *** ولا تغفر فإن جريمتي لا تغتفر
ناده قلب الأم كف يداً *** ولا تذبح فؤادي مرتين على الأثر
[........]
زر والديك وقف على قبريهما *** فكأنني بك قد نُقلت إليهما
ما كان ذنبهما إليك فطالما *** منحاك محض الود من نفسيهما
كانا إذا ما أبصرا بك علةً *** جزعا لما تشكوه شق عليهما
كانا إذا سمعا أنينك أسبلا *** دمعيهما أسفاً على خديهما
وتمنيا لو صادفا لك راحةً *** بجميع ما يحويه ملك يديهما
أنسيت حقهما عشية أسكنا *** دار البلا وسكنت في داريهما
فلتلحقن بهما غداً أو بعده *** حتماً كما لحقاهما أبويهما
[........]
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة *** على النفس من وقع الحسام المهند
[........]
حكم
1- (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاك).
2- (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).
3- قال أحدهم: " إن خير الأبناء من لم يَدْعُه البر إلى الإفراط، ولم يَدْعُه العقوق إلى التقصير ".
3- الدنيا أم.
4- من أشبه أباه فما ظلم.
5- الأم تصنع الأمة.
6- كل القلوب هامدة ما عدا قلب الوالدة.
7- يكون الرجل في كبره كما هيأته أمه في صغره.
8- قال أحد الحكماء: " من عقَّ والديه عقَّه ولده ".