✯♔✯ طلاقة الوجه سمة الصالحين ✯♔✯
الطلاقة لغة:
الطّلاقة في اللّغة مصدر قولهم: طلق وجهه إذا كان ضاحكا مستبشرا، وهو مأخوذ من مادّة (ط ل ق) الّتي تدلّ على التّخلية والإرسال، يقال من هذا الأصل: انطلق الرّجل انطلاقا: ذهب، ورجل طلق الوجه وطليقه: أي فرح ظاهر البشر، كأنّه منطلق، وهو ضدّ الباسر؛ لأنّ الباسر الّذي لا يكاد يهشّ ولا ينفسح ببشاشة، ويقال: طلق يده بخير وأطلق بمعنى، ورجل طلق اليدين والوجه وطليقهما: سمحهما وفي الحديث: «أفضل الإيمان أن تكلّم أخاك وأنت طليق» أي مستبشر منبسط الوجه ومنه الحديث أن تلقاه بوجه طلق. ويوم طلق: بيّن الطّلاقة، وليلة طلق أيضا، وليلة طلقة: مشرق لا برد فيه ولا حرّ ولا مطر ولا قرّ، والطّالق: النّاقة ترسل ترعى حيث شاءت، وتقول: هذا أمر ما تطّلق له نفسي، أي لا تنشرح له، ويقال: طلّق السّليم (أي اللّديغ) إذا سكن وجعه بعد العداد، وقال أبو زيد: الطّليق: المتهلّل البسّام، إذا لم يكن كالحا. ويجمع طلق على طلقات، ولا يقال: أوجه طوالق إلّا في الشّعر خاصّة. ويقال: لقيته منطلق الوجه (بفتحة ثمّ كسرة) إذا أسفر. ويقال للرّجل السّخيّ: طلق الوجه [الصحاح (4/ 1517). ولسان العرب (5/ 2693- 3696 )، والمفردات للأصفهاني (522)، والمصباح المنير (377)، ومقاييس اللغة (3/ 421) ] .
طلاقة الوجه اصطلاحا: انفساحه بالبشاشة وهشاشته عند اللّقاء بحيث لا يكون كالحا ولا باسرا [المفردات للراغب (306)، وابن فارس في المقاييس (3/ 421) ] .
1- عن أبي ذرّ- رضي اللّه عنه- قال: قال لي النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تحقرنّ من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق» [مسلم (2626) ] .
2- عن بريدة الأسلميّ- رضي اللّه عنه- قال: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كان لا يتطيّر من شيء، وكان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه. فإذا أعجبه اسمه فرح به ورؤي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رؤي كراهية ذلك في وجهه. وإذا دخل قرية سأل عن اسمها، فإن أعجبه اسمها فرح بها، ورؤي بشر ذلك في وجهه. وإن كره اسمها رؤي كراهية ذلك في وجهه» [أبو داود (3920) واللفظ له، وقال محقق جامع الأصول (7/ 628): إسناده صحيح ] .
3- عن أبي ذرّ الغفاريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «تبسّمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرّجل في أرض الضّلال لك صدقة وبصرك للرّجل الرّديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشّوكة والعظم عن الطّريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة» [الترمذي (1956) واللفظ له، وقال: حسن غريب. والبخاري في الأدب المفرد (307) ح (891). وذكره الألباني في الصحيحة (2/ 112) ح (572) وعزاه كذلك لابن حبان (864) وقال بعد كلامه: والحديث حسن لغيره ] .
4- عن عائشة- رضي اللّه عنها- أنّها قالت: جاءت امرأة رفاعة القرظيّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: إنّي كنت عند رفاعة فطلّقني فبتّ طلاقي فتزوّجت عبد الرّحمن بن الزّبير، وإنّما معه مثل هدبة الثّوب، فتبسّم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وقال: «تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا، حتّى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»، وأبو بكر عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وخالد بن سعيد بن العاص على الباب ينتظر أن يؤذن له فسمع كلامها فقال: يا أبا بكر ألا تسمع هذه ما تجهر به عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال مرّة: ما نرى هذه ترفث عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم . [البخاري- الفتح 10 (5825). وهذا اللفظ لأحمد (6/ 37، 38) ] .
5- عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- أنّه قال: شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لأن أكون صاحبه أحبّ إليّ ممّا عدل به: أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى (اذهب أنت وربّك فقاتلا) ولكنّا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. أشرق وجهه، وسرّه- يعني قوله-. [البخاري- الفتح 7 (3952) ] .
6- عن جرير بن عبد اللّه- رضي اللّه عنه- قال: لمّا بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أتيته، فقال: «يا جرير لأيّ شيء جئت؟» قال: جئت لأسلم على يديك يا رسول اللّه. قال: فألقى إليّ كساءه، ثمّ أقبل على أصحابه، وقال: «إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه» وقال: وكان لا يراني بعد ذلك إلّا تبسّم في وجهي. [ابن ماجة (3712) من حديث ابن عمر بدون القصة. وسنن البيهقي (8/ 168). وذكره الألباني في الصحيحة (3/ 204) رقم (1205) ] .
7- عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضي الله عنه أنه قال:«ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم » [أخرجه الترمذي في الشمائل وصححه الألباني في مختصر الشمائل (194) ] .
8- عن أسماء بنت أبى بكر قالت خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجاجا حتى إذا كنا بالعرج نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونزلنا فجلست عائشة - رضى الله عنها - إلى جنب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجلست إلى جنب أبى وكانت زمالة أبى بكر وزمالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واحدة مع غلام لأبى بكر فجلس أبو بكر ينتظر أن يطلع عليه فطلع وليس معه بعيره قال أين بعيرك قال أضللته البارحة. قال فقال أبو بكر بعير واحد تضله قال فطفق يضربه ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتبسم ويقول « انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ». قال ابن أبى رزمة فما يزيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أن يقول « انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع ». ويتبسم.[سنن أبي داود وحسنه الألباني (1820) ] .
9- عن سماك بن حرب قال سألت جابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : نعم كثيرا كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس قام وكان يطيل قال أبو النضر كثير الصمات فيتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم. [أحمد في المسند (20876) وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن من أجل سماك] .
1- قال أبو جعفر بن صهبان- رحمه اللّه تعالى-: كان يقال: أوّل المودّة طلاقة الوجه، والثّانية التّودّد، والثّالثة قضاء حوائج النّاس. [الإخوان لابن أبي الدنيا (194) ] .
2- قال بعض الحكماء: من جاد لك بمودّته، فقد جعلك عديل نفسه. فأوّل حقوقه اعتقاد مودّته، ثمّ إيناسه بالانبساط إليه في غير محرّم، ثمّ نصحه في السّرّ والعلانية، ثمّ تخفيف الأثقال عنه، ثمّ معاونته فيما ينوبه من حادثة، أو يناله من نكبة، فإنّ مراقبته في الظّاهر نفاق، وتركه في الشّدّة لؤم. [أدب الدنيا والدين (216) ] .
3- قال عبدالله بن المبارك - رحمه الله -: حسن الخلق طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى، وأن تحتمل ما يكون من الناس .[جامع العلوم والحكم" (ص160) ] .