░▒▓◄ الشرك أعظم أنواع الظلم وأخطرها ►▓▒░ الشرك لغة:
الشّرك اسم من قولهم: أشرك به يشرك إشراكا، وهو مأخوذ من مادّة (ش ر ك) الّتي تدلّ على مقارنة وخلاف انفراد [مقاييس اللغة لابن فارس (3/ 252)، المفردات للراغب (259)، الصحاح (4/ 1594)، لسان العرب (4/ 2249)، النهاية (2/ 467) ]. ومن ذلك الشّركة، وهي أن يكون الشّيء بين اثنين لا ينفرد به أحدهما، يقال: شاركت فلانا في الشّيء، إذا صرت شريكه، وأشركت فلانا، إذا جعلته شريكا لك، ومنه قوله تعالى: (وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي) [طه: 32]. وشركته في البيع والميراث أشركه شركة، والشّرك: الكفر.
وقال الرّاغب: الشّركة والمشاركة: خلط الملكين، وقيل: أن يوجد شيء لاثنين فصاعدا، عينا كان ذلك الشّيء أو معنى، يقال: شركته، وأشركته وشاركته، وتشاركوا، واشتركوا في كذا، والشّريك: المشارك، وجمعه شركاء وأشراك مثل شريف وشرفاء وأشراف، والمرأة شريكة، والنّساء شرائك، والمشرك من أشرك باللّه تعالى، أي جعل له شريكا في ملكه، والمشركون في قوله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) [التوبة: 5] أكثر الفقهاء يحملونه على الكفّار جميعا، وقيل: هم من عدا أهل الكتاب، والشّرك (أيضا): الاشتراك في الأرض ونحوها وفي حديث معاذ: «أنّه أجاز بين أهل اليمن الشّرك» وذلك أن يدفعها صاحبها إلى آخر بالنّصف أو بالثّلث أو نحو ذلك. وقول عمر بن عبد العزيز- رضي اللّه عنه- «الشّرك جائز» وهو من ذلك. قال الأزهريّ: سمعت بعض العرب يقول: فلان شريك فلان، إذا كان متزوّجا بابنته أو بأخته، وامرأة الرّجل: شريكته، ومعنى الشّرك في قوله تعالى: (لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان: 13] أي لا تجعل له شريكا في ربوبيّته، وقد دخلت الباء الجارّة لأنّ معناه لا تعدل به غيره، ومن عدل به شيئا من خلقه، فهو كافر مشرك.
وقال القرطبيّ في تفسير هذه الآية: لمّا نزل قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) [الأنعام: 82] شقّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ليس هو كما تظنّون، إنّما هو كما قال لقمان لابنه (لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) والشّرك باللّه في اعتقاد جلب النّفع ودفع الضّارّ، وليس الكفر باللّه لأنّه لو كان كفرا لما ذهب بالتّوكّل. والشّريك في تلبية أهل الجاهليّة هو الصّنم، وذلك قولهم: «لبّيك لا شريك لك إلّا شريكا هو لك، تملكه وما ملك» يريدون أنّ الصّنم وما يملكه ويختصّ به من الآلات الّتي تكون عنده وحوله والنّذور الّتي كانوا يتقرّبون بها إليه ملك للّه تعالى.
قال ابن منظور (وبمثل قوله تقول): اللّهمّ، إنّا نسألك صحّة التّوحيد والإخلاص في الإيمان، انظر إلى هؤلاء لم ينفعهم طوافهم ولا تلبيتهم ولا قولهم عن الصّنم هو لك، ولا قولهم: تملكه وما ملك، مع تسميتهم الصّنم شريكا، بل حبط عملهم بهذه التّسمية، ولم يصحّ لهم التّوحيد مع الاستثناء ولا نفعتهم معذرتهم بقولهم (إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى) [الزمر: 3] [لسان العرب (10/ 448- 450)، وانظر: تاج العروس (148- 150)، والنهاية (2/ 46) ] . لأنّ المناسب لتسكين إشفاقهم أن يكون خبرا من اللّه تعالى [تفسير القرطبي (14/ 43) ] ، وقول اللّه تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) [النحل: 100] معناه: الّذين صاروا مشركين بطاعتهم للشّيطان، وليس المعنى أنّهم أشركوا بالشّيطان وآمنوا باللّه، ولكن عبدوا اللّه وعبدوا معه الشّيطان، وصاروا بذلك مشركين، وقال الطّبريّ: المعنى: الّذين هم باللّه مشركون أي أنّ الهاء ضمير عائد إلى المولى- عزّ وجلّ- وعن مجاهد قال: يعدلون بربّ العالمين، وقيل: عدلوا إبليس بربّهم فإنّهم باللّه مشركون [تفسير الطبري (7/ 646)] . وقال القرطبيّ: روي عن بعضهم «به» أي بالشّيطان. والمعنى: الّذين هم من أجله مشركون (أي أنّ الباء للسّببيّة)، يقال: كفرت بهذه الكلمة أي أهلها، وصار فلان بك عالما، أي والّذي تولّى الشّيطان هو بذلك مشرك باللّه [تفسير القرطبي (10/ 116)] ، وجاء في الحديث الشّريف: «من حلف بغير اللّه فقد أشرك» حيث جعل ما لا يحلف به محلوفا به كاسم اللّه الّذي يكون به القسم.
الشرك اصطلاحا:
قال المناويّ: الشّرك إمّا أكبر، وهو إثبات الشّريك للّه تعالى، أو أصغر وهو مراعاة غير اللّه في بعض الأمور [التوقيف (203) ] .
آيات
1- قوله تعالى: (وَلَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ * وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ ) [البقرة: 92- 96] .
2- قوله تعالى: ( ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) [البقرة: 105] .
3- قوله تعالى: (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ * ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ * ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [آل عمران: 64- 67] .
4- قوله تعالى: ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) [آل عمران: 186] .
5- قوله تعالى: ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً ) [النساء: 36] .
6- قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً ) [النساء: 48] .
7- قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً ) [النساء: 116] .
8- قوله تعالى: ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ) [المائدة: 72] .
9- قوله تعالى: ( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [التوبة: 31- 33] .
10- قوله تعالى: ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ * وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [الزمر: 65- 67] .
11- قوله تعالى: ( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) [الكهف: 110] .
12- وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) [البقرة: 221] .
13- قوله تعالى: ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) [المائدة: 82] .
14- قوله تعالى: ( بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ * وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ * كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) [التوبة: 1- 7] .
15- قوله تعالى: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ ) [آل عمران: 151] .
أحاديث
1- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قال: «اجتنبوا السّبع الموبقات ، قيل: يا رسول اللّه، وما هنّ؟ قال: «الشّرك باللّه، والسّحر، وقتل النفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ، وأكل مال اليتيم، وأكل الرّبا، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات»[ البخاري- الفتح 5 (2766)، ومسلم (89) واللفظ له] .
2-عن أبي ذرّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أتاني آت من ربّي فأخبرني- أو قال بشّرني- أنّه من مات من أمّتي لا يشرك باللّه شيئا دخل الجنّة. فقلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق» [البخاري- الفتح (3/ 1237) واللفظ له، ومسلم (94) ] .
3- عن جابر- رضي اللّه عنه- قال: أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجل فقال: يا رسول اللّه، ما الموجبتان؟ فقال: «من مات لا يشرك باللّه شيئا دخل الجنّة. ومن مات يشرك باللّه شيئا دخل النّار» [مسلم (93) ] .
4- عن عبد اللّه بن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: إنّ أبا سفيان بن حرب أخبره أنّ هرقل أرسل إليه في ركب من قريش- وكانوا تجّارا بالشّام في المدّة الّتي كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم مادّ فيها أبا سفيان وكفّار قريش- فأتوه وهم بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الرّوم، ثمّ دعاهم ودعا بترجمانه فقال: أيّكم أقرب نسبا بهذا الرّجل الّذي يزعم أنّه نبيّ؟ فقال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسبا. فقال: أدنوه منّي، وقرّبوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثمّ قال لترجمانه: قل لهم إنّي سائل هذا الرّجل فإن كذبني فكذّبوه ... الحديث، وفيه: «قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول اعبدوا اللّه وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم. ويأمرنا بالصّلاة والصّدق والعفاف والصّلة. فقال للتّرجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنّه فيكم ذو نسب ... الحديث وفيه: «وسألتك: بما يأمركم؟ فذكرت أنّه يأمركم أن تعبدوا اللّه ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصّلاة والصّدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقّا فسيملك موضع قدميّ هاتين. وقد كنت أعلم أنّه خارج لم أكن أظنّ أنّه منكم، فلو أنّي أعلم أنّي أخلص إليه لتجشّمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه» [البخاري- الفتح 1 (7) واللفظ له، ومسلم (1773) ] .
5- عن جرير بن عبد اللّه البجليّ- رضي اللّه عنه- قال: أتيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم- وهو يبايع- فقلت: يا رسول اللّه، ابسط يدك حتّى أبايعك واشترط عليّ فأنت أعلم. قال: «أبايعك على أن تعبد اللّه، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتناصح المسلمين، وتفارق المشركين» [النسائي (7/ 148) واللفظ له وصححه الألباني (3/ 875) حديث (3893) ] .
6- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا لقيتم المشركين في الطّريق فلا تبدؤوهم بالسّلام واضطرّوهم إلى أضيقها» [أحمد (2/ 525)، ومعناه في الصحيح، وذكره الألباني في «سلسلته الصحيحة» رقم (1411) ] .
7- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: إنّ أبا بكر الصّدّيق- رضي اللّه عنه- بعثه في الحجّة الّتي أمّره عليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل حجّة الوداع يوم النّحر في رهط يؤذّن في النّاس ألا لا يحجّ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان» [البخاري- الفتح 3 (1622) واللفظ له، ومسلم (1347) ] .
8- عن محمود بن لبيد- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشّرك الأصغر». قالوا: وما الشّرك الأصغر يا رسول اللّه؟ قال: الرّياء، يقول اللّه- عزّ وجلّ- إذا جزى النّاس بأعمالهم: اذهبوا إلى الّذين كنتم تراءون في الدّنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» [ذكره المنذري في الترغيب والترهيب وقال: رواه أحمد بإسناد جيد، وابن أبي الدنيا والبيهقي في الزهد وغيره (1/ 68- 69)، وذكره الألباني في «سلسلته الصحيحة» رقم (951) وفي «صحيح الترغيب والترهيب» (29) ] .
9- عن عبادة بن الصّامت- رضي اللّه عنه- قال- وكان شهد بدرا وهو أحد النّقباء ليلة العقبة-: «إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال- وحوله عصابة من أصحابه-: «بايعوني على أن لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على اللّه ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدّنيا فهو كفّارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثمّ ستره اللّه فهو إلى اللّه، إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه، فبايعناه على ذلك» [البخاري- الفتح 1 (18) واللفظ له، ومسلم (1709) ] .
10- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ اللّه يقول لأهون أهل النّار عذابا: لو أنّ لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم. قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم: أن لا تشرك بي، فأبيت إلّا الشّرك» [البخاري- الفتح 6 (3334) واللفظ له، ومسلم (2805) ] .
11- عن جرير بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- قال: بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سريّة إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسّجود فأسرع فيهم القتل، قال: فبلغ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأمر لهم بنصف العقل وقال: «أنا بريء من كلّ مسلم يقيم بين أظهر المشركين».قالوا: يا رسول اللّه لم؟ قال: «لا تراءى ناراهما» [أبو داود (2645) وقال الألباني: صحيح (إرواء الغليل 5/ 30) ] .
12- عن معاذ بن جبل- رضي اللّه عنه- قال: كنت ردف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على حمار يقال له عفير. قال: فقال: «يا معاذ، تدري ما حقّ اللّه على العباد؟ وما حقّ العباد على اللّه؟» قال: قلت: اللّه ورسوله أعلم. قال: «فإنّ حقّ اللّه على العباد أن يعبدوا اللّه ولا يشركوا به شيئا. وحقّ العباد على اللّه- عزّ وجلّ- أن لا يعذّب من لا يشرك به شيئا». قال: قلت: يا رسول اللّه، أفلا أبشّر النّاس؟ قال: «لا تبشّرهم فيتّكلوا» [البخاري- الفتح 6 (2856)، ومسلم (30) واللفظ له ] .
آثار
1- قال ابن مسعود- رضي اللّه عنه-: لأن أحلف باللّه كاذبا أحبّ إليّ من أن أحلف بغيره صادقا. [فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد (414) ] .
2- قال فضالة بن عبيد- رضي اللّه عنه-: من ردّته طيرته عن شيء فقد قارف الإشراك. [السنة لعبد اللّه بن الإمام أحمد (1: 354، 355) ] .
3- قال محمّد بن المكرّم: اللّهمّ، إنّا نسألك صحّة التّوحيد والإخلاص في الإيمان، انظر إلى هؤلاء لم ينفعهم طوافهم، ولا تلبيتهم، ولا قولهم عن الصّنم هو لك، ولا قولهم: تملكه وما ملك، مع تسميتهم الصّنم شريكا، بل حبط عملهم بهذه التّسمية، ولم يصحّ لهم التّوحيد مع الاستثناء، ولا نفعتهم معذرتهم بقولهم: ( إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ) [الزمر: 3]، [لسان العرب لابن منظور (10/ 450) ] .
أشعار
1- قال أبو نواس الشّاعر:
تأمّل في نبات الأرض وانظر *** إلى آثار ما فعل المليك
عيون من لجين ناظرات *** بأحداق هي الذّهب السّبيك
على قضب الزّبرجد شاهدات *** بأنّ اللّه ليس له شريك
[بصائر ذوي التمييز (3/ 315). فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد للشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ (412) ] .
2- قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-:
والشّرك فاحذره فشرك ظاهر *** ذا القسم ليس بقابل الغفران
وهو اتّخاذ النّدّ للرّحمن أي *** يا كان من حجر ومن إنسان
يدعوه أو يرجوه ثمّ يخافه *** ويحبّه كمحبّة الدّيّان
[فتح المجيد، شرح كتاب التوحيد (77) ] .
3- قال ابن المعتزّ:
فيا عجبا كيف يعصى الإله *** أم كيف يجحده الجاحد؟
وفي كلّ شيء له آية *** تدلّ على أنّه الواحد
[فتح المجيد شرح كتاب التوحيد (412) ] .
متفرقات
1- قال ابن بطّال- رحمه اللّه تعالى-: لا إثم أعظم من الشّرك. [فتح الباري (12/ 265) ] .
2- قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-: مثل المشرك كمن استعمله سيّده في داره فكان يعمل ويؤدّي خراجه وعمله إلى غير سيّده. فالمشرك يعمل لغير اللّه تعالى في دار اللّه تعالى ويتقرّب إلى عدوّ اللّه بنعم اللّه تعالى .[ الوابل الصيب من الكلم الطيب (32) ] .
3- قال ابن حجر- رحمه اللّه تعالى-: المشرك أصلا من وضع الشّيء في غير موضعه؛ لأنّه جعل لمن أخرجه من العدم إلى الوجود مساويا فنسب النّعمة إلى غير المنعم بها. [فتح الباري (12/ 277) ] .
4- وقال أيضا: الشّرك أبغض إلى اللّه من جميع المعاصي .[فتح الباري (12/ 210) ] .
5- قال الشّيخ محمّد بن عبد الوهّاب النّجديّ- رحمه اللّه تعالى-: إنّ العامّيّ من الموحّدين يغلب الألف من علماء المشركين. كما قال تعالى: (إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات: 173] فجند اللّه هم الغالبون بالحجّة واللّسان، كما أنّهم هم الغالبون بالسّيف والسّنان. [كشف الشبهات (
] .
6- قال القرطبيّ في تفسير هذه الآية: لمّا نزل قوله تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ ) [الأنعام: 82] شقّ ذلك على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: ليس هو كما تظنّون، إنّما هو كما قال لقمان لابنه لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ واختلف في عبارة إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ هل هي من كلام لقمان أو من كلام المولى- عزّ وجلّ-؟ والرّاجح أنّها من كلام المولى- عزّ وجلّ- والشّرك باللّه في اعتقاد جلب النّفع ودفع الضّارّ، وليس الكفر باللّه لأنّه لو كان كفرا لما ذهب بالتّوكّل. والشّريك في تلبية أهل الجاهليّة هو الصّنم، وذلك قولهم: «لبّيك لا شريك لك إلّا شريكا هو لك، تملكه وما ملك» يريدون أنّ الصّنم وما يملكه ويختصّ به من الآلات الّتي تكون عنده وحوله والنّذور الّتي كانوا يتقرّبون بها إليه ملك للّه تعالى.
قال ابن منظور (وبمثل قوله تقول): اللّهمّ، إنّا نسألك صحّة التّوحيد والإخلاص في الإيمان، انظر إلى هؤلاء لم ينفعهم طوافهم ولا تلبيتهم ولا قولهم عن الصّنم هو لك، ولا قولهم: تملكه وما ملك، مع تسميتهم الصّنم شريكا، بل حبط عملهم بهذه التّسمية، ولم يصحّ لهم التّوحيد مع الاستثناء ولا نفعتهم معذرتهم بقولهم ( إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ) [الزمر: 3]، [ لسان العرب (10/ 448- 450)، وانظر: تاج العروس (148- 150)، والنهاية (2/ 46) ] .
لأنّ المناسب لتسكين إشفاقهم أن يكون خبرا من اللّه تعالى ، وقول اللّه تعالى: ( وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) [النحل: 100] معناه: الّذين صاروا مشركين بطاعتهم للشّيطان، وليس المعنى أنّهم أشركوا بالشّيطان وآمنوا باللّه، ولكن عبدوا اللّه وعبدوا معه الشّيطان، وصاروا بذلك مشركين، وقال الطّبريّ: المعنى: الّذين هم باللّه مشركون أي أنّ الهاء ضمير عائد إلى المولى- عزّ وجلّ- وعن مجاهد قال: يعدلون بربّ العالمين، وقيل: عدلوا إبليس بربّهم فإنّهم باللّه مشركون. وقال: روي عن بعضهم ( به ) أي بالشّيطان. والمعنى: الّذين هم من أجله مشركون (أي أنّ الباء للسّببيّة)، يقال: كفرت بهذه الكلمة أي أهلها، وصار فلان بك عالما، أي والّذي تولّى الشّيطان هو بذلك مشرك باللّه. [تفسير القرطبي (107/646 ، 10/ 116، 14/43 ) ] .
7- قال ابن القيّم- رحمه اللّه تعالى-: الشّرك نوعان: أكبر وأصغر.
فالشّرك الأكبر: لا يغفره اللّه إلّا بالتّوبة منه: وهو أن يتّخذ من دون اللّه ندّا، يحبّه كما يحبّ اللّه. وهو الشّرك الّذي تضمّن تسوية آلهة المشركين بربّ العالمين. ولهذا قالوا لآلهتهم في النّار: ( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ ) [الشعراء: 97- 98] مع إقرارهم بأنّ اللّه وحده خالق كلّ شيء، وربّه ومليكه، وأنّ آلهتهم لا تخلق ولا ترزق، ولا تحيي ولا تميت. وإنّما كانت هذه التّسوية في المحبّة والتّعظيم والعبادة كما هو حال أكثر مشركي العالم، بل كلّهم يحبّون معبوداتهم ويعظّمونها ويوالونها من دون اللّه. وكثير منهم بل أكثرهم يحبّون آلهتهم أعظم من محبّة اللّه. ويستبشرون بذكرهم أعظم من استبشارهم إذا ذكر اللّه وحده، ويغضبون لمنتقص معبوديهم وآلهتهم من المشايخ أعظم ممّا يغضبون إذا انتقص أحد ربّ العالمين، وإذا انتهكت حرمة من حرمات آلهتهم ومعبوداتهم غضبوا غضب اللّيث إذا حرد، وإذا انتهكت حرمات اللّه لم يغضبوا لها، بل إذا قام المنتهك لها بإطعامهم شيئا رضوا عنه ولم تنكر له قلوبهم. وقد شاهدنا هذا نحن وغيرنا منهم جهرة، وترى أحدهم قد اتّخذ ذكر إلهه ومعبوده من دون اللّه على لسانه ديدنا له إن قام وإن قعد، وإن عثر وإن مرض وإن استوحش فذكر إلهه ومعبوده من دون اللّه هو الغالب على قلبه ولسانه. وهو لا ينكر ذلك، ويزعم أنّه باب حاجته إلى اللّه، وشفيعه عنده، ووسيلته إليه. وهكذا كان عبّاد الأصنام سواء. وهذا القدر هو الّذي قام بقلوبهم، وتوارثه المشركون بحسب اختلاف آلهتهم. فأولئك كانت آلهتهم من الحجر، وغيرهم اتّخذوها من البشر. قال اللّه تعالى، حاكيا عن أسلاف هؤلاء المشركين: ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) [الزمر: 3]. ثمّ شهد عليهم بالكفر والكذب، وأخبر أنّه لا يهديهم فقال: ( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ ) [الزمر: 3]. فهذه حال من اتّخذ من دون اللّه وليّا يزعم أنّه يقرّبه إلى اللّه. وما أعزّ من يخلص من هذا؟ بل ما أعزّ من لا يعادي من أنكره. والّذي في قلوب هؤلاء المشركين وسلفهم أنّ آلهتهم تشفع لهم عند اللّه، وهذا عين الشّرك. وقد أنكر اللّه عليهم ذلك في كتابه وأبطله، وأخبر أنّ الشّفاعة كلّها له، وأنّه لا يشفع عنده أحد إلّا لمن أذن اللّه أن يشفع فيه. ومن جهل المشرك: اعتقاده أنّ من اتّخذه وليّا أو شفيعا أنّه يشفع له، وينفعه عند اللّه كما يكون خواصّ الملوك والولاة تنفع شفاعتهم من والاهم، و لم يعلموا أنّ اللّه لا يشفع عنده أحد إلّا بإذنه، ولا يأذن في الشّفاعة إلّا لمن رضي قوله وعمله. كما قال تعالى في الأصل الأوّل: ( مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) [البقرةك 255].وفي الأصل الثّاني: ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى) [الأنبياء: 28].
وبقي أصل ثالث، وهو أنّه لا يرضى من القول والعمل إلّا التّوحيد، واتّباع الرّسول. وعن هاتين الكلمتين يسأل الأوّلين والآخرين. كما قال أبو العالية: كلمتان يسأل عنهما الأوّلون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟.فهذه ثلاثة أصول تقطع شجرة الشّرك من قلب من وعاها وعقلها: لا شفاعة إلّا بإذنه. ولا يأذن إلّا لمن رضي قوله وعمله. ولا يرضى من القول والعمل إلّا توحيده، واتّباع رسوله. فاللّه تعالى لا يغفر شرك العادلين به غيره كما قال تعالى: (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) [الأنعام: 1]، وأصحّ القولين: أنّهم يعدلون به غيره في العبادة والموالاة والمحبّة، كما في الآية الأخرى: (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ* إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) [الشعراء: 97- 98]، وكما في آية البقرة: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) [البقرة: 165].
وترى المشرك يكذّب حاله وعمله قوله؛ فإنّه يقول: لا نحبّهم كحبّ اللّه، ولا نسوّيهم باللّه، ثمّ يغضب لهم ولحرماتهم إذا انتهكت أعظم ممّا يغضب للّه، ويستبشر بذكرهم، ويتبشبش به لا سيّما إذا ذكر عنهم ما ليس فيهم من إغاثة اللّهفان، وكشف الكربات، وقضاء الحاجات، وأنّهم الباب بين اللّه وبين عباده، فإنّك ترى المشرك يفرح ويسرّ ويحنّ قلبه، وتهيج منه لواعج التّعظيم والخضوع لهم والموالاة، وإذا ذكرت له اللّه وحده، وجرّدت توحيده لحقته وحشة، وضيق، وحرج ورماك بتنقّص الإلهيّة الّتي له، وربّما عاداك. وقد قطع اللّه تعالى كلّ الأسباب الّتي تعلّق بها المشركون جميعا قطعا يعلم من تأمّله وعرفه: أنّ من اتّخذ من دون اللّه وليّا، أو شفيعا فهو( كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ ) [العنكبوت: 41]، فقال تعالى: ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقالَ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَما لَهُمْ فِيهِما مِنْ شِرْكٍ وَما لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ* وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ )[سبأ: 22- 23] فالمشرك إنّما يتّخذ معبوده لما يعتقد أنّه يحصل له به من النّفع، والنّفع لا يكون إلّا ممّن فيه خصلة من هذه الأربع: إمّا مالك لما يريده عباده منه. فإن لم يكن مالكا كان شريكا للمالك، فإن لم يكن شريكا له كان معينا له وظهيرا، فإن لم يكن معينا ولا ظهيرا كان شفيعا عنده. فنفى سبحانه المراتب الأربع نفيا مترتّبا، متنقّلا من الأعلى إلى مادونه، فنفى الملك، والشّركة، والمظاهرة، والشّفاعة، الّتي يظنّها المشرك، وأثبت شفاعة لا نصيب فيها لمشرك، وهي الشّفاعة بإذنه. فكفى بهذه الآية نورا، وبرهانا ونجاة، وتجريدا للتّوحيد، وقطعا لأصول الشّرك، وموادّة لمن عقلها. والقرآن مملوء من أمثالها ونظائرها، ولكنّ أكثر النّاس لا يشعرون بدخول الواقع تحته، وتضمّنه له، ويظنّونه في نوع وفي قوم قد خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثا. وهذا هو الّذي يحول بين القلب وبين فهم القرآن.
ولعمر اللّه إن كان أولئك قد خلوا، فقد ورثهم من هو مثلهم، أو شرّ منهم، أو دونهم، وتناول القرآن لهم كتناوله لأولئك. ولكنّ الأمر كما قال عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه-: إنّما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهليّة، وهذا لأنّه إذا لم يعرف الجاهليّة والشّرك، وما عابه القرآن وذمّه وقع فيه وأقرّه، ودعا إليه وصوّبه وحسّنه. وهو لا يعرف أنّه هو الّذي كان عليه أهل الجاهليّة، أو نظيره. أو شرّ منه، أو دونه. فينقض بذلك عرى الإسلام عن قلبه. ويعود المعروف منكرا، والمنكر معروفا، والبدعة سنّة، والسّنّة بدعة، ويكفر الرّجل بمحض الإيمان وتجريد التّوحيد، ويبدع بتجريد متابعة الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم ومفارقة الأهواء والبدع، ومن له بصيرة وقلب حيّ يرى ذلك عيانا، واللّه المستعان.
ويدخل تحت هذا النّوع (الشّرك الأكبر) السّجود لغير اللّه، والرّكوع، والنّذر، والخوف، والتّوكّل على غيره، والعمل لغيره، والإنابة، والخضوع، والذّلّ لغير اللّه، وابتغاء الرّزق من عند غيره، واعتقاد أن يكون في الكون ما لا يشاؤه، وطلب الحوائج الّتي لا يقدر عليها إلّا هو من غيره، والاستغاثة بهم. وما نجا من شرك هذا الشّرك الأكبر إلّا من جرّد توحيده للّه، وعادى المشركين في اللّه، وتقرّب بمقتهم إلى اللّه، واتّخذ اللّه وحده وليّه وإلهه ومعبوده فجرّد حبّه للّه، وخوفه للّه، ورجاءه للّه، وذلّه للّه، وتوكّله على اللّه، واستعانته باللّه، والتجاءه إلى اللّه، واستغاثته باللّه. وأخلص قصده للّه متّبعا لأمره، متطلّبا لمرضاته. إذا سأل سأل اللّه، وإذا استعان استعان باللّه، وإذا عمل للّه فهو للّه، وباللّه، ومع اللّه.
والشّرك أنواع كثيرة. لا يحصيها إلّا اللّه. ولو ذهبنا نذكر أنواعه لاتّسع الكلام أعظم اتّساع.
وأمّا الشّرك الأصغر: فكيسير الرّياء، والتّصنّع للخلق، والحلف بغير اللّه، كما ثبت عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «من حلف بغير اللّه فقد أشرك»، وقول الرّجل للرّجل ما شاء اللّه وشئت، وهذا من اللّه ومنك، وأنا باللّه وبك، ومالي إلّا اللّه وأنت، وأنا متوكّل على اللّه وعليك، ولولا أنت لم يكن كذا وكذا»، وقد يكون هذا شركا أكبر بحسب قائله ومقصده. وصحّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال لرجل قال له: «ما شاء اللّه وشئت»: «أجعلتني للّه ندّا؟ قل: ما شاء اللّه وحده». وهذا اللّفظ أخفّ من غيره من الألفاظ. [مدارج السالكين (1/ 368- 376) باختصار ] .
8- قال الإمام ابن تيميّة: من أعظم أنواع الشّرك دعاء الملائكة والأنبياء والصّالحين بعد موتهم، وعند قبورهم، وفي مغيبهم، وخطاب تماثيلهم والاستغاثة بهم، وطلب الشّفاعة منهم، وهو من الدّين الّذي لم يشرعه اللّه، ولا ابتعث به رسولا، ولا أنزل به كتابا، وليس هو واجبا ولا مستحبّا باتّفاق علماء المسلمين، ولا فعله أحد من الصّحابة والتّابعين لهم بإحسان، ولا أمر به إمام من أئمّة المسلمين، وإن كان ذلك ممّا يفعله كثير من النّاس ممّن له عبادة وزهد، ويذكرون فيه حكايات ومنامات، فهذا كلّه من الشّيطان، وفيهم من ينظم القصائد في دعاء الميّت والاستشفاع به، والاستغاثة، أو يذكر ذلك في ضمن مديح الأنبياء والصّالحين، فهذا كلّه ليس بمشروع، ولا واجب، ولا مستحبّ باتّفاق أئمّة الدّين، فإنّ اللّه لا يعبد إلّا بما هو واجب أو مستحبّ. ولم يكن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بل ولا أحد من الأنبياء قبله شرعوا للنّاس أن يدعوا الملائكة والأنبياء والصّالحين ويستشفعوا بهم، لا بعد مماتهم ولا في مغيبهم. وكلّ بدعة ليست واجبة ولا مستحبّة فهي بدعة سيّئة وهي ضلالة باتّفاق المسلمين، فلا يتقرّب بها إلى اللّه. ومن تقرّب إلى اللّه بما ليس من الحسنات المأمور بها أمر إيجاب ولا استحباب فهو ضالّ متّبع للشّيطان، وسبيله من سبيل الشّيطان، كما قال عبد اللّه ابن مسعود: خطّ لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خطّا، وخطّ خطوطا عن يمينه وشماله ثمّ قال: «هذا سبيل اللّه، وهذه سبل، على كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه» ثمّ قرأ: ( وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ) [الأنعام: 153]، [مجموع الفتاوى 1/ 159، وما بعدها (بإيجاز وتصرف)، وانظر أيضا قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لابن تيمية ص 20 وما بعدها ] .
إنّ الشّفاعة الّتي أثبتها اللّه ورسوله؛ هي الشّفاعة الصّادرة عن إذنه لمن وحّده، والّتي نفاها اللّه عزّ وجلّ هي الشّفاعة الشّركيّة، الّتي في قلوب الّذين اتّخذوا من دون اللّه شفعاء، وقد جعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم تجريد التّوحيد أعظم الأسباب الّتي تنال بها شفاعته يوم القيامة، ومن الجهل البيّن اعتقاد أصحاب الشّفاعة الشّركيّة أنّ هذه الشّفاعة تنفعهم عند اللّه كما يكون خواصّ الملوك والولاة تنفع شفاعتهم من والاهم، ولم يعلم هؤلاء أنّ اللّه لا يشفع عنده أحد إلّا بإذنه، ولا يأذن في الشّفاعة إلّا من رضي قوله وعمله، ثمّ إنّ هناك أصلا ثالثا هو أنّه لا يرضى من القول والعمل إلّا التّوحيد واتّباع الرّسل، فهذه ثلاثة أصول تقطع شجرة الشّرك ممّن وعاها وعقلها:
1- لا شفاعة إلّا بإذنه.
2- لا يأذن إلّا من رضي قوله وعمله.
3- لا يرضى من القول والعمل إلّا التّوحيد واتّباع المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم، فاللّه- عزّ وجلّ- لا يغفر شرك العادلين به غيره في العبادة والموالاة والمحبّة، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) [البقرة: 165]. إنّك ترى الواحد من هؤلاء يكذّب حاله وعمله قوله فإنّه يقول: لا يحبّهم كحبّ اللّه، ولا نسوّيهم باللّه، ثمّ يغضب لهم ولحرماتهم- إذا انتهكت- أعظم ممّا يغضب للّه، ويستبشر بذكرهم، سيّما إذا ذكر عنهم ما ليس فيهم من إغاثة اللّه فان، وكشف الكربات وقضاء الحاجات، وأنّهم الباب بين اللّه وبين عباده، فإنّك ترى الواحد منهم يفرح ويسرّ ويحنّ قلبه، أمّا إذا ذكر اللّه وحده وجرّدت توحيده لحقته وحشة وضيق حرج ورماك بنقص الإلهيّة الّتي له، وربّما عاداك [مدارج السالكين 1/ 370- 371 (بتصرف واختصار) ] .
9- قال الشّيخ ابن باز- مدّ اللّه في عمره-: إنّ دعاء غير اللّه من الأموات والأشجار والأصنام وغيرها شرك باللّه عزّ وجلّ ينافي العبادة الّتي خلق اللّه الثّقلين من أجلها، وأرسل الرّسل وأنزل الكتب لبيانها والدّعوة إليها وهذا هو معنى «لا إله إلّا اللّه» أي لا معبود بحقّ إلّا اللّه، فهي تنفي العبادة عن غير اللّه، وتثبتها للّه، وهذا هو أصل الدّين الأوّل، أمّا الأصل الثّاني فهو أنّه لا يعبد إلّا بشريعة نبيّه ورسوله محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم، وهذا معنى شهادة أنّ لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا رسول اللّه، فمن دعا الأموات من الأنبياء وغيرهم، أو دعا الأصنام أو الأشجار أو الأحجار أو غير ذلك من المخلوقات أو استغاث بهم فقد اتّخذهم أربابا من دون اللّه، وجعلهم أندادا للّه، وهذا يناقض أصل الإيمان وينافي معنى الشّهادتين، كما أنّ من ابتدع في الدّين شيئا لم يأذن به اللّه لم يحقّق معنى شهادة أنّ محمّدا رسول اللّه. وكلّ عمل مبتدع لم يأذن به اللّه يكون يوم القيامة هباء منثورا لأنّه لم يوافق شرعه المطهّر. [إقامة البراهين على حكم من استغاث بغير اللّه أو صدّق الكهنة والعرّافين للشيخ عبد العزيز بن عبد اللّه بن باز ص 14 ] .
10- قال ابن الجوزيّ: ذكر أهل التّفسير أنّ الشّرك في القرآن الكريم على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يعدل باللّه غيره. ومنه قوله تعالى في سورة النّساء: ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً ) [آية: 36]، وفيها: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) [آية: 48، 116]، وفي براءة: ( أَنَّ اللَّهَ بَرِي ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) [آية: 3]، وهو الأعمّ في القرآن.
والثّاني: إدخال شريك في طاعته دون عبادته. ومنه قوله تعالى في الأعراف: (جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما) [آية: 190]، أي: أطاعا إبليس في تسمية ولدهما.
وفي إبراهيم: (إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ) [آية: 22]. أي: في الطّاعة. وفي الأنعام: ( وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ) [آية: 121].