™¤¦۩ ضعف الإيمان يولد الشح ۩¦¤™
الشح لغة:
هو الاسم من قولهم: شحّ يشحّ شحّا، وشحّا، والضّمّ أعلى، وهو مأخوذ من مادّة (ش ح ح) الّتي تدلّ على المنع، قال ابن فارس: الأصل فيه المنع، ثمّ يكون منعا مع حرص، يقال: تشاحّ الرّجلان على الأمر، إذا أراد كلّ واحد منهما الفوز به ومنعه من صاحبه، وقال الرّاغب: الشّحّ: بخل مع حرص وذلك فيما يكون عادة، قال تعالى: (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر: 9] قيل في تفسيرها: الشّحّ أن تأكل مال أخيك بغير حقّه، وقيل: من وقي شحّ نفسه فلم يأخذ من الحرام شيئا، ولم يقربه ولم يحبس من الحلال شيئا فهو من المفلحين [تفسير الطبري (12/ 42)]، وقال القرطبيّ: المراد بالشّحّ في الآية: الشّحّ بالزّكاة وما ليس بفرض من صلة ذوي الأرحام والضّيافة وما شاكل ذلك، فليس بشحيح ولا بخيل من أنفق في ذلك، وإن أمسك عن نفسه، ومن وسّع على نفسه ولم ينفق فيما ذكر من الزّكوات والطّاعات فلم يوق شحّ نفسه، وقيل: الشّحّ: أن يشحّ بما في أيدي النّاس، يحبّ أن يكون له ما في أيديهم بالحلّ والحرام، لا يقنع [تفسير القرطبي (18/ 20) ] .
وقال الجوهريّ: يقال: شححت بالكسر تشحّ، وشححت (بالفتح) تشحّ وتشحّ، ورجل شحيح، وشحاح من قوم أشحّة وأشحّاء وشحاح، والشّحاح (بالفتح) الشّحيح، ويقال أيضا: أرض شحاح: لا تسيل إلّا من مطر كثير، والزّند الشّحاح: الّذي لا يوري.
وقال ابن الأثير: وفيه (أي الحديث) «إيّاكم والشّحّ» الشّحّ: أشدّ البخل. وقيل: هو البخل مع الحرص، وقيل: الشّحّ يكون بالمال والمعروف، وفي الحديث: «بريء من الشّحّ من أدّى الزّكاة، وقرى الضّيف وأعطى في النّائبة».
وقال ابن منظور: الشّحّ: حرص النّفس على ما ملكت وبخلها به، وما جاء في التّنزيل من الشّحّ فهذا معناه [مقاييس اللغة (3/ 178)، المفردات (256)، الصحاح (1/ 378)، النهاية (2/ 448) ] ، وقول اللّه تعالى: (وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ) [النساء: 128] قال القرطبيّ: الشّحّ هنا: هو شحّ المرأة بالنّفقة من مال زوجها وبقسمه لها أموالها.
وقال ابن زيد: الشّحّ هنا منه ومنها إذ الغالب على المرأة الشّحّ بنفسها من زوجها، والغالب على الزّوج الشّحّ بنصيبه من الشّابّة [تفسير القرطبي (5/ 260) ] .
الشح اصطلاحا:
قال الرّاغب: الشّحّ بخل مع حرص، وذلك فيما كان عادة [المفردات (256)، والتوقيف على مهمات التعاريف (202)] .
وقال الكفويّ: الشّحّ: هو الحالة النّفسيّة الّتي تقتضي منع الإنسان ما في يده [الكليات للكفوي (242) بتصرف] أو في يد غيره.
وقال ابن رجب- رحمه اللّه تعالى-: هو تشوّق النّفس إلى ما حرّم اللّه ومنع منه، وعدم قناعة الإنسان بما أحلّه اللّه له من مال أو فرج أو غيرهما [شرح حديث ما ذئبان جائعان (31)]. أو هو: تناول ما ليس للإنسان ظلما وعدوانا من مال أو غيره [شرح حديث ما ذئبان جائعان (31) ] .
آيات
1- قوله تعالى: ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً * وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً * وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً ) [النساء: 128- 130] .
2- قوله تعالى: ( قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا * أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلًا ) [الأحزاب: 18- 20] .
3- قوله تعالى : ( ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ * لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) [الحشر: 7- 10] .
4- قوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [التغابن: 14- 16] .
أحاديث
1- عن أبي أميّة الشّعبانيّ، قال: أتيت أبا ثعلبة الخشنيّ، فقلت له: كيف تصنع بهذه الآية؟ قال: أيّ آية؟ قلت: قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة: 105] قال: أما واللّه لقد سألت عنها خبيرا، سألت عنها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «بل ائتمروا بالمعروف، وتناهوا عن المنكر، حتّى إذا رأيت شحّا مطاعا، وهوى متّبعا، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بخاصّة نفسك، ودع العوامّ، فإنّ من ورائكم أيّاما الصّبر فيهنّ مثل القبض على الجمر، للعامل فيهنّ مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم» قال ابن المبارك: وزادني غير عتبة: قيل يا رسول اللّه، أجر خمسين منّا أو منهم؟ قال: «بل أجر خمسين منكم» [الترمذي (3058) واللفظ له وقال: هذا حديث حسن غريب. وأبو داود (4341). وابن ماجة (4014). وذكره ابن كثير في تفسيره وقال: رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، وكذا أبو داود وابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم (2/ 110) والحديث حسنه عبد الله بن محمد بن أحمد الدويش في (تنبيه القارئ على تقوية ما ضعفه الألباني) ] .
2- عن جابر بن عبد اللّه- رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اتّقوا الظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلمات يوم القيامة، واتّقوا الشّحّ؛ فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم. حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلّوا محارمهم» [مسلم (2578) واللفظ له وخرج البخاري أوله من حديث ابن عمر-. رضي اللّه عنهما- الفتح 5 (2447) ] .
3- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «اجتنبوا السّبع الموبقات». قيل: يا رسول اللّه، وما هي؟ قال: «الشّرك باللّه والشّحّ، وقتل النّفس الّتي حرّم اللّه إلّا بالحقّ، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، والتّولّي يوم الزّحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» [النسائي (6/ 257) وقال الألباني: صحيح (2/ 780) رقم (3432) ] .
4- عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إيّاكم والشّحّ، فإنّه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالظّلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا، وإيّاكم والظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلمات يوم القيامة، وإيّاكم والفحش؛ فإنّ اللّه لا يحبّ الفحش ولا التّفحّش» قال: فقام إليه رجل فقال: يا رسول اللّه، أيّ المسلمين أفضل؟ قال: «من سلم المسلمون من لسانه ويده» قال: فقام هو أو آخر فقال: يا رسول اللّه، أيّ الجهاد أفضل؟ قال: «من عقر جواده وأهريق دمه» قال أبي، وقال يزيد بن هارون فى حديثه: ثمّ ناداه هو أو غيره فقال: يا رسول اللّه، أيّ الهجرة أفضل؟ قال: «أن تهجر ما كره ربّك، وهما هجرتان: هجرة للبادي، وهجرة للحاضر، فأمّا هجرة البادي فيطيع إذا أمر، ويجيب إذا دعي، وأمّا هجرة الحاضر فهي أشدّهما بليّة وأعظمهما أجرا» [أبو داود (1698) وقال محقق جامع الأصول: إسناده صحيح (1/ 608). وأحمد (2/ 191) واللفظ له. وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح (11/ 51) رقم (6792). والحاكم (1/ 415) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ] .
5- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه، أيّ الصدقة أعظم أجرا؟ قال: «أن تصدّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتّى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان» [البخاري- الفتح 3 (1419) واللفظ له ومسلم (1032) ] .
6- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: أنّه قال: «ثلاث كفّارات، وثلاث درجات، وثلاث منجيات، وثلاث مهلكات، فأمّا الكفّارات: فإسباغ الوضوء في السّبرات، وانتظار الصّلوات بعد الصّلوات، ونقل الأقدام إلى الجماعات، وأمّا الدّرجات: فإطعام الطّعام، وإفشاء السّلام، والصّلاة باللّيل والنّاس نيام، وأمّا المنجيات: فالعدل في الغضب والرّضا، والقصد في الفقر والغنى، وخشية اللّه في السّرّ والعلانية، وأمّا المهلكات: فشحّ مطاع، وهوى متّبع، وإعجاب المرء بنفسه» [زوائد البزار (1/ 59، 60)، (80). ومجمع الزوائد (1/ 91) واللفظ له وعزاه كذلك للطبراني في الأوسط. وذكره الألباني في صحيح الجامع (2/ 67)، (3041) وقال: حسن من حديث ابن عمر. وهو في الصحيحة (4/ 412)، (1802) ] .
7- عن عائشة- رضي اللّه عنها- قالت: قالت هند أمّ معاوية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: إنّ أبا سفيان رجل شحيح، فهل عليّ جناح أن آخذ من ماله سرّا؟ قال: «خذي أنت وبنوك ما يكفيك بالمعروف» [البخاري- الفتح 4 (2211) واللفظ له، ومسلم (1714) ] .
8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «شرّ ما في رجل شحّ هالع وجبن خالع» [أبو داود (2511) واللفظ له، وأحمد (2/ 302، 320) وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (15/ 164) رقم (7997). وابن حبان (5/ 103). وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/ 306): إسناده جيد] .
9- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- أنّ رجلا أتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فبعث إلى نسائه، فقلن: ما معنا إلّا الماء، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من يضمّ أو يضيف هذا؟» فقال رجل من الأنصار: أنا، فانطلق به إلى امرأته فقال: أكرمي ضيف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فقالت: ما عندنا إلّا قوت صبياني. فقال: هيّئي طعامك، وأصبحي سراجك ، ونوّمي صبيانك إذا أرادوا عشاء. فهيّأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونوّمت صبيانها، ثمّ قامت كأنّها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنّهما يأكلان، فباتا طاويين، فلمّا أصبح غدا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: «ضحك اللّه اللّيلة- أو عجب- من فعالكما. فأنزل اللّه ( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [الحشر: 9]» [البخاري- الفتح 7 (3798) ] .
10- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يجتمع غبار في سبيل اللّه ودخان جهنّم في جوف عبد أبدا، ولا يجتمع الشّحّ والإيمان في قلب عبد أبدا» [النسائي (6/ 13) واللفظ له وقال الألباني: صحيح (2/ 652) رقم (2913، 2914، 2915، 2917، 2918). وأحمد (2/ 256) رقم (7499). وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح (13/ 218) رقم (7474)، (16/ 201) رقم (8460). وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (3/ 306): حديث حسن ] .
11- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يتقارب الزّمان، وينقص العمل ، ويلقى الشّحّ، ويكثر الهرج» قالوا: وما الهرج؟ قال: «القتل، القتل» [البخاري- الفتح 10 (6037) واللفظ له، ومسلم (157). ج 4 باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان] .
12- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلّا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللّهمّ أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللّهمّ أعط ممسكا تلفا» [البخاري- الفتح 3 (1442) ومسلم (1010) واللفظ له] .
13- عن بريدة الأسلميّ- رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما نقض قوم العهد قطّ إلّا كان القتل بينهم، وما ظهرت فاحشة في قوم قطّ إلّا سلّط اللّه- عزّ وجلّ- عليهم الموت، ولا منع قوم الزّكاة إلّا حبس اللّه عنهم القطر» [سنن البيهقي (3/ 346) واللفظ له. والحاكم (2/ 126) وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي. وقال الألباني: وهو كما قالا: الصحيحة (1/ 169) حديث (107) وعزاه للطبراني في الأوسط وفوائد تمام. وذكره المنذري في الترغيب والترهيب وقال أيضا: رواه الطبراني في الأوسط ورواته ثقات (1/ 543) ] .
14- عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: أقبل علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهنّ، وأعوذ باللّه أن تدركوهنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ، حتّى يعلنوا بها، إلّا فشا فيهم الطّاعون والأوجاع الّتي لم تكن مضت في أسلافهم الّذين مضوا. ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلّا أخذوا بالسّنين وشدّة المئونة وجور السّلطان عليهم. ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلّا منعوا القطر من السّماء، ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد اللّه وعهد رسوله، إلّا سلّط اللّه عليهم عدوّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمّتهم بكتاب اللّه، ويتخيّروا ممّا أنزل اللّه، إلّا جعل اللّه بأسهم بينهم» [ابن ماجة (4019) واللفظ له وقال في الزوائد: هذا حديث صالح للعمل به. والحاكم (4/ 540) وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي. وذكره الألباني في الصحيحة وقال: طريق الحاكم حسنة الإسناد والحديث ثابت حتما وعزاه لابن أبي الدنيا في العقوبات، والروياني في مسنده (1/ 167- 169) رقم (106) ] .
آثار
1- قال ابن مسعود- رضي اللّه عنه- الشّحّ: منع الزّكاة، وإدخال الحرام. [لسان العرب (4/ 2205) ] .
2- وقال أيضا- رضي اللّه عنه- لرجل: البخل: أن تمنع ما تقدر عليه. والشّحّ: أن تأخذ مال أخيك بغير حقّه. [لسان العرب (4/ 2205) بتصرف] .
3- قال ابن عمر- رضي اللّه عنهما- (لرجل قال له: إنّي شحيح): إن كان شحّك لا يحملك على أن تأخذ ما ليس لك فليس بشحّك بأس. [لسان العرب (4/ 2205) ] .
4- وقال أيضا- رضي اللّه عنه- لجلسائه يوما: أيّهما أشدّ: البخل أو الشّحّ؟ فاختلفوا، فقال لهم: الشّحّ أشدّ من البخل لأنّ الشّحيح يشحّ على ما فى يديه فيحبسه، ويشحّ على ما فى أيدي النّاس حتّى يأخذه. وأمّا البخيل فهو يبخل على ما فى يديه.[ مساوىء الأخلاق ومذمومها للخرائطي (141) بتصرف] .
5- دخل الحسن البصريّ على عبد اللّه بن الأهتم يعوده فى مرضه، فرآه يصوّب بصره فى صندوق فى بيته ويصعّده، ثمّ قال: أبا سعيد، ما تقول فى مائة ألف فى هذا الصّندوق، لم أؤدّ منها زكاة، ولم أصل منها رحما؟ قال: ثكلتك أمّك، ولمن كنت تجمعها؟ قال: لروعة الزّمان، وجفوة السّلطان، ومكاثرة العشيرة. ثمّ مات، فشهده الحسن فلمّا فرغ من دفنه. قال: انظروا إلى هذا المسكين. أتاه شيطانه فحذّره روعة زمانه، وجفوة سلطانه، ومكاثرة عشيرته، عمّا رزقه اللّه إيّاه وغمره فيه. انظروا كيف خرج منها مسلوبا محروبا. ثمّ التفت إلى الوارث فقال: أيّها الوارث، لا تخدعنّ كما خدع صويحبك بالأمس، أتاك هذا المال حلالا فلا يكوننّ عليك وبالا، أتاك عفوا صفوا ممّن كان له جموعا منوعا، من باطل جمعه، ومن حقّ منعه، قطع فيه لجج البحار، ومفاوز القفار، لم تكدح فيه بيمين، ولم يعرق لك فيه جبين. إنّ يوم القيامة يوم ذو حسرات، وإنّ من أعظم الحسرات غدا أن ترى مالك في ميزان غيرك فيالها عثرة لا تقال، وتوبة لا تنال. [العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي (3/ 148- 149) ] .
6- قال الأزهريّ- رحمه اللّه تعالى- في معنى قوله تعالى (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [الحشر: 9]: إنّ من أخرج زكاته، وعفّ عن المال الّذي لا يحلّ له، فقد وقي شحّ نفسه. [لسان العرب (4/ 2205) ] .
أشعار
1- قال محمود الورّاق- رحمه اللّه تعالى-:
تمتّع بمالك قبل الممات *** وإلّا فلا مال إن أنت متّا
شقيت به ثم خلّفته *** لغيرك بعدا وسحقا ومقتا
فجاد عليك بزور البكا *** وجدت له بالّذي قد جمعتا
وأعطيته كلّ ما في يديك *** فخلّاك رهنا بما قد كسبتا
[مساوىء الأخلاق للخرائطي (143) ] .
2- أنشد ابن الأعرابيّ- رحمه اللّه تعالى-:
لسانك معسول ونفسك شحّة *** وعند الثّريّا من صديقكما لكا
وأنت امرؤ خلط إذا هي أرسلت *** يمينك شيئا أمسكته شمالكا
[لسان العرب (4/ 2205) ] .
3- قال قطبة بن أوس الغطفانيّ الجاهليّ:
إنّا نعفّ فلا نريب حليفنا *** ونكفّ شحّ نفوسنا في المطمع
[المفضليات للضبي (45) ] .
متفرقات
1- قال الخطّابيّ- رحمه اللّه تعالى-: الشّحّ من البخل، وكأنّ الشّحّ جنس، والبخل نوع، وأكثر ما يقال: البخل في أفراد الأمور، والشّحّ عامّ كالوصف اللّازم وما هو من قبل الطّبع. [الآداب الشرعية (3/ 304) ] .
2- قال ابن عقيل- رحمه اللّه تعالى-: البخل: يورث التّمسّك بالموجود، والمنع من إخراجه لألم يجده عند تصوّر قلّة ما حصل وعدم الظّفر بخلفه، والشّحّ يفوّت النّفس كلّ لذّة، ويجرّعها كلّ غصّة. [الآداب الشرعية (3/ 304) ] .
3- قال ابن رجب- رحمه اللّه تعالى-: إنّ اللّه تعالى- أحلّ لنا الطّيّبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، وحرّم تناول هذه الأشياء من غير وجوه حلّها، وأباح لنا دماء الكفّار والمحاربين وأموالهم، وحرّم علينا ما عدا ذلك من الخبائث من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح، وحرّم علينا أخذ الأموال وسفك الدّماء بغير حقّها. فمن اقتصر على ما أبيح له فهو مؤمن، ومن تعدّى ذلك إلى ما منع منه فهو الشّحّ المذموم، وهو مناف للإيمان، وقد قيل: إنّه رأس المعاصي كلّها. [شرح حديث «ما ذئبان جائعان» (ص 31) بتصرف ] .