۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 [♦Җ‏♦] ثمرات الحكم بما أنزل الله [♦Җ‏♦]

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البراء

عضو نشيط  عضو نشيط
البراء


الجنس : ذكر
العمر : 36
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 18/01/2012
عدد المساهمات : 76

[♦Җ‏♦]  ثمرات الحكم بما أنزل الله  [♦Җ‏♦] Empty
مُساهمةموضوع: [♦Җ‏♦] ثمرات الحكم بما أنزل الله [♦Җ‏♦]   [♦Җ‏♦]  ثمرات الحكم بما أنزل الله  [♦Җ‏♦] Icon_minitimeالخميس 22 مارس 2012, 11:41 pm


[♦Җ‏♦] ثمرات الحكم بما أنزل الله [♦Җ‏♦]


الحكم لغة

الحكم لغة:

الحكم مصدر قولهم: حكم يحكم حكما، وهو مأخوذ من مادّة (ح ك م) الّتي تدلّ على المنع من الظّلم، وسمّيت حكمة الدّابّة بذلك لأنّها تمنعها عن فعل ما لا يريد صاحبها، يقال: حكمت الدّابّة وأحكمتها إذا منعتها، ويقال أيضا حكمت السّفيه، وأحكمته: إذا أخذت على يديه، قال جرير:

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم *** إنّي أخاف عليكم أن أغضبا

ويقال: حكّم فلان في كذا، إذا جعل أمره إليه، والمحكّم المجرّب المنسوب إلى الحكمة، قال طرفة: ليت المحكّم والموعوظ صوتكما [انظر ديوان طرفة (ص 215) ] . أراد بالمحكّم الشّيخ المنسوب إلى الحكمة.

تحت التّراب إذا ما الباطل انكشفا *** أراد بالمحكّم الشّيخ المنسوب إلى الحكمة

[مقاييس اللغة لابن فارس (2/ 91) ] .

وقال الرّاغب: حكم أصله منع منعا لإصلاح، والحكم بالشّيء أن تقضي بأنّه كذا، أو ليس بكذا، سواء ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه، قال تعالى: (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) [النساء: 58] ويقال: حاكم وحكّام لمن يحكم بين النّاس [المفردات في غريب القرآن (ص 126- 127) ] .

وقيل: الحكم: العلم والفقه والقضاء بالعدل، وقيل: الحكم: الحكمة من العلم، وفي الحديث في صفة القرآن: وهو الذّكر الحكيم، أي الحاكم لكم وعليكم، أو هو المحكّم الّذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب. وحاكمه إلى الحكم: دعاه، وحكّموه بينهم: أمروه أن يحكم، ويقال: حكّمنا فلانا فيما بيننا أي أجزنا حكمه بيننا [لسان العرب لابن منظور (12/ 140- 141) ] .

الحكم بما أنزل اللّه اصطلاحا:

الحكم: هو سياسة النّاس والقضاء بينهم وتدبير أمورهم طبقا للأحكام الشّرعيّة.

والحكم بما أنزل اللّه هو العمل بالحكم الشّرعيّ، الّذي عرّفه الجرجانيّ بقوله: هو عبارة عن حكم اللّه تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفين.

وقال المناويّ: الحكم عند الأصوليّين خطاب اللّه تعالى المتعلّق بفعل المكلّف من حيث كونه كذلك.

وقال الكفويّ: الحكم (في الشّرع) هو خطاب اللّه تعالى المتعلّق بأفعال المكلّفين بالاقتضاء أو التّخيير، وهو مدلول الأمر والنّهي والإيجاب والتّحريم ويسمّى هذا بالاختصاصات الشّرعيّة، وأثر الخطاب المترتّب على الأفعال الشّرعيّة يسمّى بالتّصرّفات المشروعة، وهو نوعان:

الأوّل: دنيويّ كالصّحّة في الصّلاة، والملك في البيع.

والآخر: أخرويّ كالثّواب والعقاب، وجميع المسبّبات الشّرعيّة عن الأسباب الشّرعيّة، كلّ ذلك محكوم للّه تعالى ثبت بحكمه وإيجاده وتكوينه.

والحكم الشّرعيّ ما لا يدرك لولا خطاب الشّارع، سواء ورد الخطاب في عين هذا الحكم، أو في صورة يحتاج إليها هذا الحكم كالمسائل القياسيّة، إذ لولا خطاب الشّارع في المقيس عليه لا يدرك الحكم في المقيس [باختصار وتصرف يسير عن المراجع الآتية: التعريفات للجرجاني (97)، والتوقيف على مهمات التعريف للمناوي (145)، والكليات للكفوي (381) ] .




آيات



1- قوله تعالى: ( وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ ) [المائدة: 48- 49] .





2- قوله تعالى: ( كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) [البقرة: 213] .





3- قوله تعالى: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً * يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) [النساء: 58- 59] .





4- قوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً *وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً ) [النساء: 105- 106] .





5- قوله تعالى: ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ *سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) [المائدة: 41- 42] .





6- قوله تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ ) [آل عمران: 23- 24] .





7- قوله تعالى: ( وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) [المائدة: 43] .





8- قوله تعالى : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ ) [ص: 26] .





9- فقوله تعالى: (َلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) [النساء: 65] .





10- وَإِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّما كانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) [النور: 48- 51] .





11- قوله تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً ) [النساء: 60] .





12- قوله تعالى: (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) [المائدة: 50] .





13- قوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ * وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) [المائدة: 44- 45] .





14- قوله تعالى : (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) [المائدة: 47] .





15- قوله تعالى: ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) [الطور: 48] .




أحاديث



1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول إذا قام إلى الصّلاة من جوف اللّيل «اللّهمّ لك الحمد أنت نور السّماوات والأرض، ولك الحمد أنت قيّوم السّماوات والأرض ولك الحمد، أنت ربّ السّماوات والأرض ومن فيهنّ، أنت الحقّ، ووعدك الحقّ، وقولك الحقّ، ولقاؤك حقّ، والجنّة حقّ، والنّار حقّ، والسّاعة حقّ، اللّهمّ لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكّلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدّمت وأخّرت وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلّا أنت» [البخاري- الفتح 3 (1120)، ومسلم (769) واللفظ له ] .





2- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى سعد فأتاه على حمار، فلمّا دنا قريبا من المسجد، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم للأنصار «قوموا إلى سيّدكم» (أو خيركم)، ثمّ قال «إنّ هؤلاء نزلوا على حكمك» قال: تقتل مقاتلتهم وتسبي ذرّيّتهم. قال فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «قضيت بحكم اللّه» [البخارى- الفتح 6 (3043)، 7 (4121)، ومسلم (1768) واللفظ له ] .





3- عن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنه- أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثمّ أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثمّ أخطأ فله أجر» [البخاري- الفتح 13 (7352) واللفظ له، ومسلم (1716) ] .





4- عن سليمان بن بريدة عن أبيه. قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أمّرا أميرا على جيش أو سريّة، أوصاه في خاصّته بتقوى اللّه ومن معه من المسلمين خيرا. ثمّ قال: «اغزوا باسم اللّه في سبيل اللّه، قاتلوا من كفر باللّه. اغزوا ولا تغلّوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. وإذا لقيت عدوّك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال (أو خلال) فأيّتهنّ ما أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى الإسلام. فإن أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم. ثمّ ادعهم إلى التّحوّل من دارهم إلى دار المهاجرين.وأخبرهم أنّهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحوّلوا منها، فأخبرهم أنّهم يكونون كأعراب المسلمين يجري عليهم حكم اللّه الّذي يجري على المؤمنين. ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء. إلّا أن يجاهدوا مع المسلمين.

فإن هم أبوا فسلهم الجزية. فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكفّ عنهم؛ فإن هم أبوا فاستعن باللّه وقاتلهم.وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمّة اللّه وذمّة نبيّه فلا تجعل لهم ذمّة اللّه ولا ذمّة نبيّه، ولكن اجعل لهم ذمّتك وذمّة أصحابك، فإنّكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمّة اللّه وذمّة رسوله. وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تنزلهم على حكم اللّه، فلا تنزلهم على حكم اللّه. ولكن أنزلهم على حكمك. فإنّك لا تدري أتصيب حكم اللّه فيهم أم لا» [مسلم (1731) واللفظ له، والترمذي (1617)، وأبو داود (2612، 2613) ] .





5- عن شريح بن هانئ قال: حدّثني هانئ ابن يزيد أنّه لمّا وفد إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مع قومه فسمعهم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وهم يكنونه بأبي الحكم فدعاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: « إنّ اللّه هو الحكم وإليه الحكم، فلم تكنّيت بأبي الحكم؟» قال: لا، ولكنّ قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين قال: « ما أحسن هذا»، ثمّ قال: «مالك من الولد؟» قلت لا لي شريح وعبد اللّه ومسلم بنو هانيء قال: «فمن أكبرهم؟» قلت: شريح قال: «فأنت أبو شريح »ودعا له ولولده. [الأدب المفرد (811) واللفظ له، النسائي (8/ 226) أبو داود (4955). وقال البغوي في شرح السنة: إسناده صحيح (12/ 344)، والبيهقي فى السنة (243/ 244)، الحاكم (4/ 279) وصححه الألباني في صحيح الجامع (الحديث 1845) ] .





6- عن عبد اللّه بن عمرو- رضي اللّه عنهما- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أنّ سليمان بن داود صلّى اللّه عليه وسلّم لمّا بنى بيت المقدس سأل اللّه- عزّ وجلّ- خلالا ثلاثة: سأل اللّه- عزّ وجلّ- حكما يصادف حكمه فأوتيه، وسأل اللّه- عزّ وجلّ- ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه، وسأل اللّه- عزّ وجلّ- حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلّا الصّلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمّه»[ النسائي (2/ 34) واللفظ له، وأحمد (2/ 176) وابن ماجه (1408)، والحاكم (2/ 434) وجامع الأصول (8/ 520) وقال محققه: حديث صحيح ] .





7- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «والّذي نفسي بيده، ليوشكنّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصّليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويفيض المال حتّى لا يقبله أحد» [البخاري- الفتح 4 (2222) واللفظ له، 6 (3448) ومسلم (155) كتاب الإيمان] .





8- عن عبد اللّه- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أوّل ما يقضى بين النّاس، يوم القيامة، في الدّماء» [متفق عليه، البخاري- الفتح 12 (6864)، ومسلم (1678)، والترمذي (1396)، والنسائي (7/ 83) ] .





9- عن أمّ سلمة- رضي اللّه عنها- أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إنّكم تختصمون إليّ، ولعلّ بعضكم ألحن بحجّته من بعض، فمن قضيت له بحقّ أخيه شيئا بقوله فإنّما أقطع له قطعة من النّار، فلا يأخذها» [البخاري- الفتح 5 (2680)، ومسلم (1713) متفق عليه، وأحمد (6/ 307) ] .





10- عن أبي بريدة عن أبيه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: القضاة ثلاثة: واحد في الجنّة، واثنان في النّار، فأمّا الّذي في الجنّة فرجل عرف الحقّ فقضى به ورجل عرف الحقّ فجار في الحكم فهو في النّار، ورجل قضى للنّاس على جهل فهو في النّار» [أبو داود (3573) واللفظ له، والترمذي (1322)، وابن ماجه (2315)، وصححه الحاكم (4/ 90) ووافقه الذهبى، وجامع الأصول (10/ 166) وقال محققه: هو حديث صحيح ] .





11- عن عبد الرّحمن بن أبي بكرة قال: كتب أبو بكرة إلى أبيه، وكان بسجستان، بأن لا تقض بين اثنين وأنت غضبان، فإنّي سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «لا يقضينّ حكم بين اثنين وهو غضبان» [البخاري- الفتح 13 (7158) واللفظ له، مسلم (1717) والترمذي (1334) وأبو داود (3589) والنسائي (8/ 237، 238) ] .





12- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما من أمير عشرة إلّا يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتّى يفكّ عنه العدل أو يوبقه الجور» [أحمد (2/ 431)، وقال محقق شرح السنة للبغوي: إسناده حسن (10/ 59) واللفظ له، والترغيب والترهيب (3/ 139) وجود إسناده ] .




13- عن زهير- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «إنّ المقسطين عند اللّه، على منابر من نور، عن يمين الرّحمن عزّ وجلّ. وكلتا يديه يمين؛ الّذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» [مسلم (1827) واللفظ له ] .




آثار



1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة: 44] قال: من جحد ما أنزل اللّه فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم فهو ظال1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) [المائدة: 44] قال: من جحد ما أنزل اللّه فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم فهو ظالم فاسق. [تفسير الطبري (6/ 166) ] . 2- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: كان أبو برزة الأسلميّ كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل اللّه قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ إلى قوله إِحْساناً وَتَوْفِيقاً) [النساء: 60- 62].[ تفسير الطبري (6/ 166) ] . 3- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: كان قريظة والنّضير، وكان النّضير أشرف من قريظة. فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النّضير قتل به، وإذا قتل رجل من النّضير رجلا من قريظة فودي بمائة وسق من تمر، فلمّا بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قتل رجل من النّضير رجلا من قريظة، فقالوا: ادفعوه إلينا نقتله، فقالوا بيننا وبينكم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأتوه فنزلت (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) [المائدة: 42] والقسط النّفس بالنّفس ثمّ نزلت: (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة: 50]، [أبو داود (4494) واللفظ له، والنسائي (8/ 18- 19) ] . 4- عن عبد اللّه بن عبّاس- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: ما ظهر الغلول في قوم قطّ إلّا ألقي في قلوبهم الرّعب، ولا فشا الزّنى في قوم قطّ إلا كثر فيهم الموت. ولا نقص قوم المكيال والميزان إلّا قطع عنهم الرّزق، ولا حكم قوم بغير الحقّ إلا فشا فيهم الدّم، ولا ختر قوم بالعهد إلّا سلّط اللّه عليهم العدوّ.[ الموطأ، كتاب الجهاد حديث (26) ص (267) ] . 5- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ) [النساءك 19]، وذلك أنّ الرّجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتّى تموت أو تردّ إليه صداقها، فنهى اللّه عن ذلك. [أبو داود (2090)، كتاب النكاح، باب إذا أنكح الوليان ] . 6- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: اشتكى سلمان. فعاده سعد فرآه يبكي. فقال له سعد: ما يبكيك؟ يا أخي؛ أليس قد صحبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ أليس؟ أليس؟ قال: سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين، ما أبكي ضنّا للدّنيا ولا كراهية للآخرة ولكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عهد إليّ عهدا. قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إليّ أنّه يكفي أحدكم مثل زاد الرّاكب. ولا أراني إلّا قد تعدّيت. وأمّا أنت يا سعد، فاتّق اللّه عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إذا قسمت، وعند همّك إذا هممت. [ابن ماجه (4104) كتاب الزهد] . 7- روي عن الحسن في قوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) قال: نزلت في اليهود وهي علينا واجبة. [الدر المنثور (6/ 88) ] . م فاسق. [تفسير الطبري (6/ 166) ] .





2- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: كان أبو برزة الأسلميّ كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين فأنزل اللّه قوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ إلى قوله إِحْساناً وَتَوْفِيقاً) [النساء: 60- 62].[ تفسير الطبري (6/ 166) ] .





3- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: كان قريظة والنّضير، وكان النّضير أشرف من قريظة. فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النّضير قتل به، وإذا قتل رجل من النّضير رجلا من قريظة فودي بمائة وسق من تمر، فلمّا بعث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قتل رجل من النّضير رجلا من قريظة، فقالوا: ادفعوه إلينا نقتله، فقالوا بيننا وبينكم النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فأتوه فنزلت (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) [المائدة: 42] والقسط النّفس بالنّفس ثمّ نزلت: (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) [المائدة: 50]، [أبو داود (4494) واللفظ له، والنسائي (8/ 18- 19) ] .





4- عن عبد اللّه بن عبّاس- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: ما ظهر الغلول في قوم قطّ إلّا ألقي في قلوبهم الرّعب، ولا فشا الزّنى في قوم قطّ إلا كثر فيهم الموت. ولا نقص قوم المكيال والميزان إلّا قطع عنهم الرّزق، ولا حكم قوم بغير الحقّ إلا فشا فيهم الدّم، ولا ختر قوم بالعهد إلّا سلّط اللّه عليهم العدوّ.[ الموطأ، كتاب الجهاد حديث (26) ص (267) ] .





5- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ) [النساءك 19]، وذلك أنّ الرّجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتّى تموت أو تردّ إليه صداقها، فنهى اللّه عن ذلك. [أبو داود (2090)، كتاب النكاح، باب إذا أنكح الوليان ] .





6- عن أنس- رضي اللّه عنه- قال: اشتكى سلمان. فعاده سعد فرآه يبكي. فقال له سعد: ما يبكيك؟ يا أخي؛ أليس قد صحبت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ أليس؟ أليس؟ قال: سلمان: ما أبكي واحدة من اثنتين، ما أبكي ضنّا للدّنيا ولا كراهية للآخرة ولكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عهد إليّ عهدا. قال: وما عهد إليك؟ قال: عهد إليّ أنّه يكفي أحدكم مثل زاد الرّاكب. ولا أراني إلّا قد تعدّيت. وأمّا أنت يا سعد، فاتّق اللّه عند حكمك إذا حكمت، وعند قسمك إذا قسمت، وعند همّك إذا هممت. [ابن ماجه (4104) كتاب الزهد] .





7- روي عن الحسن في قوله: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) قال: نزلت في اليهود وهي علينا واجبة. [الدر المنثور (6/ 88) ] .




متفرقات



1- قال ابن كثير- رحمه اللّه- في تفسير قوله تعالى (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ) [المائدة: 48]: أي فاحكم يا محمّد بين النّاس عربهم وعجمهم أمّيّهم وكتابيّهم بما أنزل اللّه إليك من هذا الكتاب العظيم وبما قرّره لك من حكم من قبلك من الأنبياء ولم ينسخه في شرعك. [تفسير ابن كثير (2/ 66) ] .





2- قال ابن كثير- رحمه اللّه- في تفسير قوله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) [النساء: 65]. يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدّسة أنّه لا يؤمن أحد حتّى يحكّم الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحقّ الّذي يجب الانقياد له باطنا وظاهرا، ولهذا قال ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً أي إذا حكّموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا ممّا حكمت به وينقادون له في الظّاهر والباطن فيسلّمون لذلك تسليما كلّيّا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة.[ تفسير ابن كثير (1/ 520).





3- قال الشّوكانيّ- رحمه اللّه- في تفسير قوله تعالى ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ: إنّ اللّه سبحانه ضمّ إلى التّحكيم أمرا آخر، وهو عدم وجود حرج، أي حرج في صدورهم، فلا يكون مجرّد التّحكيم والإذعان كافيا حتّى يكون من صميم القلب عن رضا واطمئنان وانثلاج قلب وطيب نفس، ثمّ لم يكتف بهذا كلّه بل ضمّ إليه قوله وَيُسَلِّمُوا: أي يذعنوا وينقادوا ظاهرا وباطنا، ثمّ لم يكتف بذلك، بل ضمّ إليه المصدر المؤكّد فقال تَسْلِيماً فلا يثبت الإيمان لعبد حتّى يقع منه هذا التّحكيم، ولا يجد الحرج في صدره بما قضى عليه، ويسلّم لحكم اللّه وشرعه، تسليما لا يخالطه ردّ ولا تشوبه مخالفة. [فتح القدير، للشوكاني (1/ 574) ] .





4- قال القرطبيّ في تفسيره: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ، والظَّالِمُونَ، والْفاسِقُونَ. نزلت كلّها في الكفّار ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث البراء، وعلى هذا المعظم ، فأمّا المسلم فلا يكفّر وإن ارتكب كبيرة.

وقيل: فيه إضمار، أي وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ ردّا للقرآن وجحدا لقول الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم فهو كافر، قاله ابن عبّاس، ومجاهد، فالاية عامّة على هذا. قال ابن مسعود والحسن: هي عامّة في كلّ من لم يحكم بما أنزل اللّه من المسلمين واليهود والكفّار، أيّ معتقدا ذلك ومستحلّا له، فأمّا من فعل ذلك وهو معتقد أنّه مرتكب محرّم فهو من فسّاق المسلمين وأمره إلى اللّه تعالى إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له. [أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للشنقيطى (ج 2 90- 91) ] .





5- قال الشّيخ عبد العزيز بن باز: وفسّر العلماء رحمهم اللّه- العبادة بمعان متقاربة من أجمعها ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيميّة إذ يقول: العبادة اسم جامع لكلّ ما يحبّه اللّه ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة، وهذا يدلّ على أنّ العبادة تقتضي الانقياد التّامّ للّه تعالى أمرا ونهيا واعتقادا وقولا وعملا، وأن تكون حياة المرء قائمة على شريعة اللّه يحلّ ما أحلّ اللّه ويحرّم ما حرّم، ويخضع في سلوكه وأعماله وتصرّفاته كلّها لشرع اللّه متجرّدا من حظوظ نفسه، ونوازع هواه، ليستوي في هذا الفرد والجماعة، والرّجل والمرأة فلا يكون عابدا للّه من خضع لربّه في بعض جوانب حياته وخضع للمخلوقين في جوانب أخرى، وهذا المعنى يؤكّده قول اللّه تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) وقال سبحانه وتعالى (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) وما روي أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «لا يؤمن أحدكم حتّى يكون هواه تبعا لما جئت به». فلا يتمّ إيمان العبد إلّا إذا آمن باللّه ورضي حكمه في القليل والكثير، وتحاكم إلى شريعته وحدها في كلّ شأن من شئونه في الأنفس والأموال والأعراض، وإلّا كان عابدا لغيره، كما قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ) فمن خضع للّه سبحانه وتعالى، وأطاعه وتحاكم إلى وحيه فهو العابد له ومن خضع لغيره وتحاكم إلى غير شرعه فقد عبد الطّاغوت، وانقاد له كما قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً) والعبوديّة للّه وحده والبراءة من عبادة الطّاغوت والتّحاكم إليه من مقتضى شهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله، فاللّه سبحانه هو ربّ النّاس وإلههم، وهو الّذي خلقهم، وهو الّذي يأمرهم وينهاهم ويحييهم ويميتهم ويحاسبهم، ويجازيهم وهو المستحقّ للعبادة دون كلّ ما سواه، قال تعالى ( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ) فكما أنّه الخالق وحده فهو الأمر سبحانه والواجب طاعة أمره، وقد حكى اللّه عن اليهود أنّهم اتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون اللّه، لمّا أطاعوهم في تحليل الحرام وتحريم الحلال، قال اللّه تعالى( اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً لا إِلهَ إِلَّا هُوَ سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) [التوبة: 31]، وقد روي عن عديّ بن حاتم- رضي اللّه عنه- أنّه ظنّ أنّ عبادة الأحبار والرّهبان إنّما تكون في الذّبح لهم، والنّذر لهم والسّجود والرّكوع لهم فقط وذلك عند ما قدم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مسلما وسمعه يقرأ هذه الآية فقال: يا رسول اللّه إنّا لسنا نعبدهم يريد بذلك النّصارى، حيث كان نصرانيّا قبل إسلامه قال صلّى اللّه عليه وسلّم: «أليس يحرّمون ما أحلّ اللّه فتحرّمونه ويحلّون ما حرّم فتحلّونه». قال: بلى قال: «فتلك عبادتهم».

قال ابن كثير في تفسيره: ولهذا قال تعالىSadوَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً) أي الّذي إذا حرّم الشّيء فهو الحرام، وما حلّله فهو الحلال، وما شرعه اتّبع وما حكم به نفّذ لا إله إلّا هو سبحانه عمّا يشركون أي تعالى، وتقدّس، وتنزّه عن الشّركاء والنّظراء والأعوان والأضداد والأولاد، لا إله إلّا هو ولا ربّ سواه.

إذا علم أنّ التّحاكم إلى شرع اللّه من مقتضى شهادة أن لا إله إلّا اللّه وأنّ محمّدا عبده ورسوله، فإنّ التّحاكم إلى الطّواغيت والرّؤساء والعرّافين ينافي الإيمان باللّه- عزّ وجلّ- وهو كفر وظلم وفسق يقول اللّه تعالى:

(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ) ويقول: (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ويقول (وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) وبيّن تعالى أنّ الحكم بغير ما أنزل اللّه حكم الجاهلين، وأنّ الإعراض عن حكم اللّه تعالى سبب في حلول عقابه وبأسه الّذي لا يردّ عن القوم الظّالمين، يقول سبحانه: ( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ* أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) وإنّ القارى لهذه الآية والمتدبّر لها، يتبيّن له أنّ الأمر بالتّحاكم إلى ما أنزل اللّه أكّد بمؤكّدات ثمانية؛

الأوّل: الأمر به في قوله تعالى (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ)

الثّاني: أن لا تكون أهواء النّاس ورغباتهم مانعة من الحكم به بأيّ حال من الأحوال، وذلك في قوله (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ).

الثّالث: التّحذير من عدم تحكيم شرع اللّه في القليل والكثير والصّغير والكبير، يقول سبحانه (وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ).

الرّابع: أنّ التّولّي عن حكم اللّه وعدم قبول شيء منه ذنب عظيم موجب للعقاب الأليم، قال تعالى (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ).

الخامس: التّحذير من الاغترار بكثرة المعرضين عن حكم اللّه؛ فإنّ الشّكور من عباد اللّه قليل، يقول تعالى (وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ).

السّادس: وصف حكم بغير ما أنزل اللّه بأنّه حكم الجاهليّة يقول سبحانه (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ).

السّابع: تقرير المعنى العظيم بأنّ حكم اللّه أحسن الأحكام وأعدلها، يقول عزّ وجلّ (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً).

الثّامن: إنّ مقتضى اليقين هو العلم بأنّ حكم اللّه هو خير الأحكام وأكملها وأتمّها وأعدلها وأنّ الواجب الانقياد له مع الرّضا والتّسليم، يقول سبحانه (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).

وهذه المعاني الموجودة في آيات كثيرة من القرآن تدلّ عليها أقوال الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم وأفعاله فمن ذلك قول اللّه سبحانه (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) وقوله (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) الآية، وقوله: ( اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ)، وقوله: (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)وروي عن الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «لا يؤمن أحدكم حتّى يكون هواه تبعا لما جئت به» [قال النووي: حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح] .

وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم لعديّ بن حاتم: «أليس يحلّون ما حرّم اللّه فتحلّونه ويحرّمون ما أحلّ اللّه فتحرّمونه» قال: بلى، قال: «فتلك عبادتهم» وقال ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- لبعض من جادله في بعض المسائل: يوشك أن تنزّل عليكم حجارة من السّماء أقول قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتقولون: قال أبو بكر وعمر، ومعنى هذا أنّ العبد يجب عليه الانقياد التّامّ لقوله تعالى، وقول رسوله وتقديمهما على قول كلّ واحد، وهذا أمر معلوم من الدّين بالضّرورة.

وإذا كان من مقتضى رحمته وحكمته سبحانه وتعالى أن يكون التّحاكم بين العباد بشرعه ووحيه؛ لأنّه المنزّه عمّا يصيب البشر من الضّعف والهوى والعجز والجهل، فهو سبحانه الحكيم العليم اللّطيف الخبير، يعلم أحوال عباده وما يصلحهم، وما يصلح لهم في حاضرهم ومستقبلهم، ومن تمام رحمته أن تولّى الفصل بينهم في المنازعات والخصومات وشئون الحياة، ليتحقّق لهم العدل والخير والسّعادة بل والرّضا والاطمئنان النّفسيّ، والرّاحة القلبيّة، ذلك أنّ العبد إذا علم أنّ الحكم الصّادر في القضيّة الّتي يخاصم فيها، هو حكم اللّه الخالق العليم الخبير، قبل ورضي وسلّم حتّى ولو كان الحكم خلاف ما يهوى ويريد، بخلاف ما إذا علم أنّ الحكم صادر من أناس بشر مثله، لهم أهواؤهم وشهواتهم، فإنّه لا يرضى ويستمرّ في المطالبة والمخاصمة ولذلك لا ينقطع النّزاع ويدوم الخلاف، وأنّ اللّه سبحانه وتعالى إذ يوجب على العباد التّحاكم إلى وحيه رحمة بهم وإحسانا إليهم، فإنّه سبحانه بيّن الطّريق العامّ لذلك أتمّ بيان وأوضحه بقوله سبحانه: ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً* يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) [النساء: 58، 59].

والآية وإن كان فيها التّوجيه العام للحاكم والمحكوم والرّاعي والرّعيّة؛ فإنّ فيها مع ذلك توجيه القضاة والحكّام إلى الحكم بالعدل، فقد أمرهم بأن يحكموا بالعدل، وأمر المؤمنون أن يقبلوا ذلك الحكم الّذي هو مقتضى- ما شرعه اللّه سبحانه وأنزله على رسوله، وأن يردّوا الأمر إلى اللّه ورسوله في حال التّنازع والاختلاف. وممّا تقدّم يتبيّن لك أيّها المسلم أنّ تحكيم شرع اللّه، والتّحاكم إليه ممّا أوجبه اللّه ورسوله، وأنّه مقتضى العبوديّة للّه والشّهادة بالرّسالة لنبيّه محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم وأنّ الإعراض عن ذلك أو شيء منه، موجب لعذاب اللّه وعقابه وهذا الأمر سواء بالنّسبة لما تعامل به الدّولة رعيّتها أو ما ينبغي أن تدين به جماعة المسلمين في كلّ مكان وزمان وفي حال الاختلاف والتّنازع الخاصّ والعامّ سواء كان بين دولة وأخرى أو بين جماعة وجماعة، أو بين مسلم وآخر الحكم في ذلك كلّه سواء، فاللّه سبحانه له الخلق والأمر وهو أحكم الحاكمين، ولا إيمان لمن اعتقد أنّ أحكام النّاس وآراءهم خير من حكم اللّه ورسوله أو تماثلها وتشابهها، أو تركها وأحلّ محلّها الأحكام الوضعيّة والأنظمة البشريّة، وإن كان معتقدا أنّ أحكام اللّه خير وأكمل وأعدل فالواجب على عامّة المسلمين وأمرائهم وحكّامهم، وأهل الحلّ والعقد فيهم، أن يتّقوا اللّه- عزّ وجلّ- ويحكّموا شريعته في بلدانهم ويقوا أنفسهم ومن تحت ولايتهم عذاب اللّه في الدّنيا والآخرة، وأن يعتبروا بما حلّ في البلدان الّتي أعرضت عن حكم اللّه وسارت في ركاب من قلّد الغربيّين وأتّبع طريقتهم، من الإختلاف والتّفرّق وضروب الفتن وقلّة الخيرات وكون بعضهم يقتل بعضا، ولا يزال الأمر عندهم في شدّة، ولن تصلح أحوالهم ويرفع تسلّط الأعداء عليهم سياسيّا وفكريّا إلّا إذا عادوا إلى اللّه سبحانه، وسلكوا سبيله المستقيم الّذي رضيه لعباده وأمرهم به ووعدهم به جنّات النّعيم وصدق سبحانه إذ يقول (مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى * قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً* قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى)

[طه: 124- 126]، ولا أعظم من الضّنك الّذي عاقب اللّه به من عصاه ولم يستجب لأوامره فاستبدل أحكام المخلوق الضّعيف بأحكام اللّه ربّ العالمين، وما أسفه رأي من لديه كلام اللّه تعالى لينطق بالحقّ ويفصل في الأمور ويبيّن الطّريق ويهدي الضّالّ ثمّ ينبذه ليأخذ بدلا منه أقوال رجل من النّاس أو نظام دولة من الدّول، ألم يعلم هؤلاء أنّهم خسروا الدّنيا والآخرة فلم يحصّلوا الفلاح والسّعادة في الدّنيا، ولم يسلموا من عقاب اللّه وعذابه يوم القيامة.

وقال الشّيخ عبد العزيز بن باز: أسأل اللّه أن يجعل كلمتي هذه مذكّرة للقوم ومنبّهة لهم للتّفكّر في أحوالهم والنّظر فيما فعلوه بأنفسهم وشعوبهم فيعودوا إلى رشدهم، ويلزموا كتاب اللّه وسنّة رسوله ليكونوا من أمّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم حقّا وليرفع ذكرهم بين شعوب الأرض كما ارتفع به السّلف الصّالح والقرون المفضّلة من هذه الأمّة حتّى ملكوا الأرض وسادوا الدّنيا. ودانت لهم العباد، كلّ ذلك بنصر اللّه الّذي ينصر المؤمنين الّذين استجابوا له ولرسوله، ألا ليتهم يعلمون أيّ كنز أضاعوا، وأيّ جرم ارتكبوا، وما جرّوه على أممهم من البلاء والمصائب قال اللّه تعالى: (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) [الزخرف: 44]، وجاء في الحديث عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ما معناه «أنّ القرآن يرفع من الصّدور والمصاحف في آخر الزّمان حين يزهد فيه أهله ويعرضون عنه تلاوة وتحكيما» فالحذر الحذر أن يصاب المسلمون بهذه المصيبة، أو تصاب بها أجيالهم المقبلة بسبب صنيعهم، فإنّا للّه وإنّا إليه راجعون.

وأوجّه نصيحتي أيضا إلى أقوام من المسلمين يعيشون بينهم وقد علموا الدّين، وشرع ربّ العالمين، ومع ذلك لا زالوا يتحاكمون عند النّزاع إلى رجال يحكمون بينهم بعادات وأعراف ويفصلون بينهم بعبارات ومسجّعات مشابهين في ذلك صنيع أهل الجاهليّة الأولى وأرجو ممّن بلغته موعظتي هذه منهم أن يتوب إلى اللّه وأن يكفّ عن تلك الأفعال المحرّمة ويستغفر اللّه ويندم على مافات، وأن يتواصى مع إخوانه من حوله على إبطال كلّ عادة جاهليّة أو عرف مخالف لشرع اللّه؛ فإنّ التّوبة تجبّ ما قبلها والتّائب من الذّنب كمن لا ذنب له، وعلى ولاة أمور أولئك النّاس وأمثالهم أن يحرصوا على تذكيرهم وموعظتهم بالحقّ وبيانه لهم وإيجاد الحكّام الصّالحين بينهم ليحصل الخير بإذن اللّه ويكفّ عباد اللّه عن محارمه وارتكاب معاصيه وما أحوج المسلمين اليوم إلى رحمة ربّهم الّتي يغيّر اللّه بها حالهم ويرفعهم من حياة الذّلّ والهوان إلى حياة العزّ والشّرف، وأسأل اللّه بأسمائه الحسني، وصفاته العلى، أن يفتح قلوب المسلمين لتفهم كلامه وتقبل عليه سبحانه، وتعمل بوحيه، وتعرض عمّا يخالف شرعه، وتجعل الحكم والأمر له وحده، لا شريك له كما قال تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) [يوسف:40].

وصلّى اللّه وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدّين. [انظر رسالة الحكم بما أنزل اللّه لسماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز ] .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
[♦Җ‏♦] ثمرات الحكم بما أنزل الله [♦Җ‏♦]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: