الجنس : العمر : 39 سري التسجيل : 20/10/2011عدد المساهمات : 76
موضوع: ※ التنازع مدخل كبير من مداخل الشيطان ※ الخميس 22 مارس 2012, 6:45 pm
※ التنازع مدخل كبير من مداخل الشيطان ※
على كل مسلم أن يحرص على تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ويحصل ذلك بتجريد المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فالحق دائر معه وجودًا وعدمًا، وأما غيره فيؤخذ من قوله ويرد، فمن جاء بالحق قبل منه وإن كان بغيضا؛ لأنه يخبر عن الله تعالى ورسوله لا عن نفسه، ومن جاء بالباطل رد عليه وإن كان محبوبا، وهذا حقيقة تجريد المتابعة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ولن يضل المرء ما اتبع الأثر، ولن يسأله الله عن كونه لم يتبع فلانا وفلانا ما اتبع الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن وجود التنازع والاختلاف في هذه الأمة، فقال : " إنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين " .
ففي هذا الحديث إشارة إلى ظهور الخلاف الكثير، وقد وقع كما أخبر، ولكن بيّن المخرج منه فقال : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين " فأمر باتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين، وترك ما أحدث الناس بشهواتهم ورغباتهم وتخضيع النصوص الشرعية مسايرة للواقع؛ فإن الواقع لا يحل حرامًا ولا يحرم حلالًا؛ فالحلال ما أحله الله، والحرام ما حرمه الله، وما سكت عنه فهو عفو.
قال الأوزاعي -رحمه الله-: "عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوها لك بالقول" رواه الخطيب (شرف أصحاب الحديث)، وسنده صحيح.
وقال الإمام أحمد -رحمه الله-: "أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة".
التّنازع والمنازعة: المجاذبة، ويعبّر بها عن المخاصمة والمجادلة. قال: والنّازع: الشّيطان؛ لأنّه ينزع بين القوم، أي يفرّق ويفسد.
الفرق بين التّفرق والتنازع :
يتجلّى الفرق بين الأمرين: أنّ التّفرّق والتّفريق خاصّ بالأعيان، أمّا التّنازع فيكون في الأعيان والمعاني على سواء، وأيضا فإنّ التّنازع لا بدّ وأن يصحبه اجتماع، أمّا التّفرّق فقد يكون بعد الاجتماع وقد يكون بدونه، أي إنّه يحصل ابتداء، ومن وجوه الفرق أيضا أنّ ضدّ التّفرّق الاجتماع، وضدّ التّنازع الاتّحاد (وخاصّة في مجال الرّأي)، وإذا اجتمع الأمران فإنّ التّنازع يكون سببا للفرقة، بحيث تكون كالنّتيجة له.
التنازع بين المدح والذّم:
قال الشّيخ محمّد الغزاليّ: إنّ التّنازع واختلاف الرّأي حول أمر من الأمور قد يكون مطلوبًا إذا صحبته نيّة حسنة، وكان الغرض منه إظهار الحقّ بالبرهان والحجّة، وهو حينئذ أقرب إلى التّشاور منه إلى الجدال والخصام.
إنّ اختلاف الأفهام واشتجار الآراء ليس بمستغرب في الحياة، ولكن شريطة ألّا يؤدّي ذلك للتّقاطع (التّفرّق)، والشّقاق، ولو تجرّدت النيّات للبحث عن الحقيقة، وأقبل روّادها وهم بعداء عن طلب الغلب والسّمعة والرّئاسة والثّراء؛ لصفّيت المنازعات الّتي ملأت التّاريخ بالأكدار والمآسي.
وأردف -رحمه الله- قائلا: إنّ النّاس إذا لم يجمعهم الحقّ شعّبهم الباطل، وإذا لم يستهوهم نعيم الآخرة تخاصموا على متاع الدّنيا؛ ولهذا كان (التّنازع) والتّطاحن المرّ من خصائص الجاهليّة المظلمة وديدن من لا إيمان لهم.
يقول المصطفى -صلّى اللّه عليه وسلّم-: " لا ترجعوا بعدي كفّارًا يضرب بعضكم رقاب بعض " ، يعني أنّ هذا العراك الدّامي هو شأن الكافرين المنقسمين على أنفسهم أحزابا متنافرة، لقد تلقّى المسلمون في أحد درسًا مؤلمًا أفقدهم من رجالهم سبعين بطلا، وردّتهم إلى المدينة وهم يعانون من آلام الجراحات، ولِمَ ذلك مع أنّ إيمانهم باللّه ودفاعهم عن الحقّ كانا يرشّحانهم للفوز المبين؟ ذلك لأنّهم تنازعوا وانقسموا وعصوا أمر اللّه ورسوله، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ﴾ (سورة آل عمران، الآية 152).
إنّ الإسلام حريص على سلامة أمّته وحفظ كيانها، وهو لذلك يطفئ بقوّة بوادر الخلاف والنّزاع، ويهيب بالأفراد كافّة أن يتكاتفوا على إخراج الأمّة من ورطات الشّقاق " يد اللّه مع الجماعة، ومن شذّ شذّ في النّار " .
وأعداء الإسلام يودّون أن يضعوا أيديهم ولو على شخص واحد ليكون طرفا ناتئا يستمسكون منه ويجذبون الأمّة كلّها عن طريقه، فلا جرم حينئذ أن يستأصل الإسلام هذا النّتوء لينجّي الجماعة كلّها من أخطار بقائه، ولذلك يقول رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-: " ستكون هنات وهنات، فمن أراد أن يفرّق هذه الأمّة وهي جميع، فاضربوه بالسّيف كائنا من كان " ، والخلاصة أنّ التّنازع إن كان يراد به مقارعة الحجّة بالحجّة إظهارا للحقّ فهو محمود، شريطة أن يصحبه حسن النّيّة والرّغبة الصّادقة للوصول إلى مصلحة الأمّة، أمّا إذا كان المراد به تحقيق المصلحة الشّخصيّة أو حبّ الرّئاسة أو تفريق الجماعة، أو صحبته مخالفة لأمر من أمور الشّرع، فهو مذموم منهيّ عنه.
من الآثار وأقوال العلماء والمفسرين الواردة في ذمّ (التنازع) :
عن ابن عبّاس -رضي اللّه عنهما- قال في قوله تعالى ﴿ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ (سورة آل عمران، الآية 152) لمّا هزم اللّه المشركين يوم أحد، قال الرّماة: أدركوا النّاس، لا يسبقونا إلى الغنائم فتكون لهم دونكم، وقال بعضهم (أي الرّماة): لا نريم حتّى يأذن لنا رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم-، فنزل قوله تعالى: ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ﴾ (سورة آل عمران، الآية 152).
وعن مجاهد -رحمه الله- في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ (سورة الأنفال، آية: 46) قال: "المعنى: لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم".
وعنه -رحمه الله- أيضا في قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ (سورة النساء، الآية 59) قال: "فإن تنازع العلماء (في شيء) ردّوه إلى كتاب اللّه وسنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم".
عن قتادة -رحمه الله- في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا ﴾ (سورة الأنفال، آية: 46) قال: "لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم".
من مضار (التنازع) :
(1) يؤدّي إلى الفشل وضعف القوّة وذهاب الرّيح والهزيمة. (2) يؤدّي إلى الكره والبغضاء بين النّاس. (3) يؤدّي إلى سخط الرّبّ عزّ وجلّ. (4) يؤدّي إلى إراقة الدّماء. (5) خسارة في الدّنيا وعذاب في الآخرة. (6) التّنازع يضعف قوّة الأمّة ويمكّن منها أعداءها. (7) التّنازع على المناصب وأمور الدّنيا يؤدّي إلى الفتن وإشعال الحروب الأهليّة. ( التّنازع يشغل أصحابه عمّا يفيدهم في دنياهم وآخرتهم. (9) التّنازع يفتّت قوّة المجتمع ويؤدّي إلى الفرقة. (10) التّنازع مدخل واسع من مداخل الشّيطان الّتي يتمكّن بها من إفساد العقيدة وإشاعة البغضاء بين الأخ وأخيه، بل بين الأب وابنه.
عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: لمّا اشتدّ بالنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وجعه قال: «ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلّوا بعده» قال عمر: إنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم غلبه الوجع وعندنا كتاب اللّه حسبنا، فاختلفوا وكثر اللّغط. قال: «قوموا عنّي، ولا ينبغي عندي التّنازع» فخرج ابن عبّاس يقول: إنّ الرّزيّة كلّ الرّزيّة ما حال بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبين كتابه . [ البخاري- الفتح 1 (114) ] .
عن جنادة بن أبي أميّة قال: دخلنا على عبادة بن الصّامت وهو مريض، قلنا: أصلحك اللّه، حدّث بحديث ينفعك اللّه به سمعته من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: دعانا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فبايعناه، فقال فيما أخذ علينا: أن بايعنا على السّمع والطّاعة في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا، وألّا ننازع الأمر أهله ، قال: «إلّا أن تروا كفرا بواحا عندكم من اللّه فيه برهان». زاد في رواية أحمد: «وإن رأيت أن لك» [البخاري- الفتح 13 (7056، 7057) واللفظ له، وأحمد، المسند 5/ 321، وأبو داود 4 (4090) ] .
عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ونحن نتنازع في القدر فغضب حتّى احمرّ وجهه حتّى كأنّما فقيء في وجنته الرّمّان، فقال: «أبهذا أمرتم، أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنّما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت عليكم، عزمت عليكم ألّا تتنازعوا فيه») [سنن الترمذي 4 (2133)، وقال محقق جامع الأصول (2/ 752): الحديث حسن بشواهده وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي (حسن) ] .
عن سليمان بن يسار، أنّ أبا سلمة بن عبد الرّحمن وابن عبّاس اجتمعا عند أبي هريرة. وهما يذكران المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال. فقال ابن عبّاس عدّتها آخر الأجلين. وقال أبو سلمة قد حلّت. فجعلا يتنازعان ذلك. قال: فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي (أبي سلمة) فبعثوا كريبا (مولى ابن عبّاس) إلى أمّ سلمة يسألها عن ذلك؟ فجاءهم فأخبرهم أنّ أمّ سلمة قالت: إنّ سبيعة الأسلميّة نفست بعد وفاة زوجها بليال. وإنّها ذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأمرها أن تتزوّج. [مسلم 2 (1485) ] .
عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أصحابه وهم يتنازعون في هذه الشّجرة الّتي اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ فقالوا نحسبها الكمأة. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الكمأة من المنّ وماؤها شفاء العين والعجوة من الجنّة وهي شفاء من السّمّ») [أحمد في المسند 2 (305)، رواه الطيالسي (2397) والترمذي (2799) وابن ماجه (1455) وسنده حسن وقال الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي صحيح بما قبله] .
عن فضالة بن عبيد- رضي اللّه عنه- عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال : « ثلاثة لا تسأل عنهم : رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا. وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها، قد كفاها مؤنة الدّنيا فتبرّجت بعده. فلا تسأل عنهم. وثلاثة لا تسأل عنهم: رجل نازع اللّه- عزّ وجلّ- رداءه فإنّ رداءه الكبرياء وإزاره العزّة، ورجل شكّ في أمر اللّه، والقنوط من رحمة اللّه» [أحمد في المسند 6/ 19، والحاكم (1/ 119) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولا أعلم له علة وأقره الذهبي، وعزاه الهيثمي (1/ 105) للبزار والطبراني وقال: رجاله ثقات، وقال الألباني في صحيح الأدب (590) المفرد صحيح ] .
عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «قال اللّه- عزّ وجلّ-: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدا منهما قذفته في النّار» [أبو داود 14 (4090)، وابن ماجه (4174) وقال الألباني صحيح ] .
عن ابن أبي مليكة- رضي اللّه عنه- قال: كاد الخيّران أن يهلكا- أبو بكر وعمر لمّا قدم على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم- وفد بني تميم أشار أحدهما بالأقرع بن حابس التّميميّ الحنظليّ أخي بني مجاشع، وأشار الآخر بغيره فقال أبو بكر لعمر: إنّما أردت خلا في فقال عمر: ما أردت خلافك. فارتفعت أصواتهما عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزلت (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إلى قوله عَظِيمٌ) [الحجرات: 2] قال ابن أبي مليكة: قال ابن الزّبير: فكان عمر بعد، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر إذا حدّث النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم بحديث حدّث كأخي السّرار لم يسمعه حتّى يستفهمه) [البخاري- الفتح 13 (7302) ] .
عن عرفجة- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول : « إنّه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرّق أمر هذه الأمّة ، وهي جميع فاضربوه بالسّيف كائنا من كان) [مسلم (1852) واللفظ له، وأبو داود 4/ 4762، والنسائي 7/ 92 ] .
عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال في قوله تعالى: ( حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ ...) [آل عمران: 152] لمّا هزم اللّه المشركين يوم أحد، قال الرّماة: أدركوا النّاس، لا يسبقونا إلى الغنائم فتكون لهم دونكم، وقال بعضهم (أي الرّماة): لا نريم حتّى يأذن لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فنزل قوله تعالى: (منْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ) [الدر المنثور 2/ 152] .
عن مجاهد- رحمه اللّه- في قوله تعالى: ( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ) قال: (المعنى) لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم . [الدر المنثور 2/ 318] .
عن مجاهد - رحمه اللّه - في قوله تعالى: ( فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) [النساء: 59] قال: فإن تنازع العلماء في شيء ردّوه إلى كتاب اللّه وسنّة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم .[الدر المنثور 3/ 343] .
عن قتادة- رحمه اللّه- في قوله تعالى: ( وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا ) قال: لا تختلفوا فتجبنوا ويذهب نصركم. [الدر المنثور 3/ 343 ] .
1- رحم الله من قال: كل يرى رأيا وينصر قولـه *** وله يعادي سائر الإخوان ولو أنهم عند التنازع وفقـوا *** لتحاكموا لله دون تــوان ولأصبحوا بعد الخصام أحبة *** غيظ العدا ومذلة الشيطان المنتخب من الشعر والبيان لأمير بن محمد المدري ( 298،299)
والتفرق يؤدي إلى الضعف وهو مأخوذ من مادّة (ض ع ف) الّتي تدلّ على خلاف القوّة، وقال تعالى محذراً لنا: ﴿وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ..﴾[الأنفال: 46]، وحذرهم من أن يؤدي بهم الاختلاف إلى الفرقة كما حدث للذين من قبلهم: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ﴾[آل عمران: 105] إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة.
يقول الأستاذ عبد القادر عودة رحمه الله: «لقد صنع الإسلام للوحدة الإسلامية كل ما يقتضيه التوحيد، وأقام الوحدة على دعائم ثابتة لا يتطرق إليها الخلل ما دام المسلمون متمسكين بدينهم حريصين على طاعة ربهم ، وحَّد الإسلام بين المسلمين جميعًا بما أوجب عليهم من الإيمان برب واحد، والخضوع لإله واحد، وإتباع كتاب واحد، ومشرع واحد، وبما جعل للأمة الإسلامية على تعدد أفرادها من هدف واحد وتفكير واحد ومنهج واحد، وبما طبع عليه المسلمين من آداب وأخلاق موحدة، وبما جعل الأمة كلها من قبلة واحدة، وسياسة واحدة، وسلوك واحد، وأمر لا يختلف على أصوله اثنان»
والتفرق يؤدي إلى تسلط الأعداء:
فقد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما يشير إلى ذلك التسلط وسببه، فعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الآكلة على قصعتها قال قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ؟ قال أنتم يومئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن قال قلنا وما الوهن؟ قال حب الحياة وكراهية الموت ".
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خمس بخمس ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الفقر ولا ظهرت فيهم الفاحشة إلا فشا فيهم الموت ولا طففوا المكيال إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر ".
وتسلط الأعداء يكون حسب ما نشاهده في الدول المتسلط عليها بالآتي:
بأخذهم خيرات البلاد، ونهبهم لها، وتسلطهم عليها، وخنقهم للأمة الإسلامية، واعتدائهم على أموالها وبلادها وأعراضها ودمائها وأنفسها، فيتحكمون فيها، وفي اقتصادها كما يشاءون، ويفرضون فيها من النظم الاقتصادية الكافرة ما يشاءون، أو في سياستها فيوجهونها وفق ما يخدم أغراضهم ومآربهم، أو في خيراتها وبترولها ومعادنها ونفائس ما وضع الله تعالى فيها من خيرات، أو تسلطهم على أموال المسلمين، أو تسلطهم على أنفس المسلمين، حيث يقتلونهم قتل عاد وإرم، كما نسمع مما يقع للمسلمين في بلاد فلسطين أو في أفغانستان أو في إريتريا أو في الفلبين أو في غيرها من بلاد الشرق والغرب؛ حيث أصبح سيف الكفار مسلطاً على رقاب المسلمين في أكثر بقاع الأرض.
والتفرق يؤدي إلى الضعف وإلى الذلة وإلى التنازع
فمن مضار ومظاهر (الوهن) والذل والتنازع على الفرد والدولة الإسلامية ككل ما يأتي:
- يجلب بغض اللّه ورسوله.
- يدخل العدوّ من كلّ جانب.
- يسهّل هتك الأعراض وسفك الدّماء واغتصاب الأموال.
- يضيّع الأمّة ويشرّد أبناءها.
- يملأ الأرض خرابا بعد أن كانت عامرة بأهلها.
- يورث الذّلّ والهوان على اللّه ثمّ على النّاس.
- دليل على ضعف الإيمان وقلّة اليقين.
- طريق يؤدّي إلى تفكّك المجتمعات وتفريق الجماعات.
- مظهر من مظاهر سوء الخلق.
- الذّليل غير مهيب فردا كان أو دولة.
- الذّليل ضعيف الهمّة لا عزيمة عنده يدفع بها الهوان عن نفسه.
- الذّليل يمقته أفراد مجتمعه وينبذونه.
- من يتبع الباطل في الحياة الدّنيا يعرض على النّار ذليلا في الآخرة.
- سبب الذّلّ ارتكاب المعاصي وعدم التّمسّك بأخلاق الإسلام.
- يؤدّي إلى الفشل وضعف القوّة وذهاب الرّيح والهزيمة.
- يؤدّي إلى الكره والبغضاء بين النّاس.
- خسارة في الدّنيا وعذاب في الآخرة.
- التّنازع يضعف قوّة الأمّة ويمكّن منها أعداءها.
- التّنازع على المناصب وأمور الدّنيا يؤدّي إلى الفتن وإشعال الحروب الأهليّة.
- التّنازع يشغل أصحابه عمّا يفيدهم في دنياهم وآخرتهم.
- التّنازع يفتّت قوّة المجتمع ويؤدّي إلى الفرقة.
- التّنازع مدخل واسع من مداخل الشّيطان الّتي يتمكّن بها من إفساد العقيدة وإشاعة البغضاء بين الأخ وأخيه، بل بين الأب وابنه.
الفيروزي
عضو ذهبي
الجنس : العمر : 38 المدينة المنورة التسجيل : 30/09/2011عدد المساهمات : 706
موضوع: رد: ※ التنازع مدخل كبير من مداخل الشيطان ※ السبت 14 أبريل 2012, 12:49 am
۩۞۩ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ۩۞۩
ماشاء الله تبارك الله مشاركة جميلة ومتميزة نبارك هذا الجهد الرائع ونتطلع لمزيد من الإبداع