]¦[« تدرّج الشيطان في الإغواء »]¦[الإغواء لغة:
مصدر قولهم: أغواه يغويه، وهو مأخوذ من مادّة (غ وى) الّتي تدلّ على معنيين: الأوّل يدلّ على خلاف الرّشد وإظلام الأمر، والآخر على فساد في شيء، فمن الأوّل: الغيّ وهو خلاف الرّشد، والجهل بالأمر، والانهماك في الباطل، قال المرقّش:
فمن يلق خيرا يحمد النّاس أمره *** ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما
قال ابن فارس: وذلك عندنا مشتقّ من الغياية وهي الغبرة والظّلمة تغشيان، كأنّ ذا الغيّ قد غشيه ما لا يرى معه سبيل حقّ ...، ومن الثّاني قولهم: غوي الفصيل، إذا أكثر من شرب اللّبن ففسد جوفه، والمصدر الغوى، قال لبيد:
معطّفة الأثناء ليس فصيلها *** برازئها درّا، ولا ميّت غوى
[مقاييس اللغة لابن فارس (4/ 399- 400) ] .
وقال الجوهريّ: الغيّ: الضّلال والخيبة، يقال: قد غوى (بالفتح) يغوي غيّا وغواية، فهو غاو وغو، وأغواه غيره فهو غويّ، على وزن (فعيل)
قال دريد بن الصّمّة:
وهل أنا إلّا من غزيّة إن غوت *** غويت وإن ترشد غزيّة أرشد
والتّغاوي: التّجمّع والتّعاون على الشّرّ من الغواية أو الغيّ، ومن ذلك قول من قال: تغاووا على عثمان- رضي اللّه عنه- فقتلوه [الصحاح (6/ 2450) ] .
وفي القاموس: يقال: غوى يغوي غيّا، وغوي غواية فهو غاو وغويّ وغيّان: أي ضلّ وغواه غيره وأغواه وغوّاه بمعنى [القاموس المحيط للفيروزابادي (1701) ط. بيروت ] .
واستشهد ابن منظور على معنى (الضّلال) بما جاء في الحديث الشّريف: «سيكون عليكم أئمّة إن أطعتموهم غويتم»، أي إن أطعتموهم فيما يأمرون به من الظّلم والمعاصي غويتم أي ضللتم، وعلى معنى الخيبة بما جاء في حديث آدم وموسى عليهما السّلام «أغويت النّاس» أي خيّبتهم، وعلى معنى الفساد بما جاء في قول اللّه عزّ وجلّ: (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) [طه: 121]، المعنى فسد عليه عيشه وقيل: «غوى» أي ترك النّهي وأكل من الشّجرة فعوقب بأن طرد من الجنّة [ لسان العرب «غوى» (3320) ط. دار المعارف ] .
وقال القرطبيّ في تفسير هذه الآية الكريمة: فساد عيشه بنزوله إلى الدّنيا، وهذا التّفسير أولى من تأويل من يقول: معناه ضلّ آخذا له من الغيّ الّذي هو ضدّ الرّشد. وقيل معناه: جهل موضع رشده أي جهل أنّ تلك الشّجرة هي الّتي نهي عنها، واستحسن القرطبيّ قول من قال: إنّ هذا كان من آدم قبل النّبوّة [تفسير القرطبي (11/ 170) باختصار وتصرف يسير] .
وقال الخليل بن أحمد: مصدر غوى: الغيّ، والغواية: الانهماك في الغيّ، والتّغاوي: التّجمّع، والمغوّاة: حفرة الصّيّاد [كتاب العين (4/ 456) ] . والإغواء: الإضلال أو جعل الإنسان غاويا، وعلى هذين فسّر قوله تعالى:
(قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) [الأعراف: 16].
فقد قيل في تفسيره قولان: قال بعضهم فبما أضللتني، وقال بعضهم: فبما دعوتني إلى شيء غويت به أي غويت من أجل آدم- عليه السّلام- [لسان العرب «غوى» (3320) ط. دار المعارف] .
وأضاف الطّبريّ إلى ذلك قول من قال: فبما أغويتني أي بما أهلكتني من قولهم غوي الفصيل يغوى غوى وذلك إذا فقد اللّبن فمات، وكان بعضهم يتأوّل ذلك أنّه بمعنى القسم كأنّ معناه عنده فبإغوائك إيّاي لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم، وكان بعضهم يتأوّل ذلك بمعنى المجازاة كأنّ معناه عنده فلأنّك أغويتني [تفسير القرطبي (8/ 100) ] . وقال القرطبيّ: المعنى فبما أوقعت في قلبي من الغيّ والعناد والاستكبار، وذلك لأنّ كفر إبليس ليس كفر جهل، بل كفر عناد واستكبار [تفسير القرطبي (7/ 112) ] . وأمّا قوله عزّ وجلّ: (إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) [هود: 34] فقد قيل: معناه: أن يعاقبكم على غيّكم، وقيل يحكم عليكم بغيّكم [المفردات (369)، والبصائر (4/ 156) ] .
الغيّ والإغواء اصطلاحا:
أولا: الغيّ:
قال الرّاغب: الغيّ جهل من اعتقاد فاسد، وذلك أنّ الجهل قد يكون في كون الإنسان غير معتقد اعتقادا لا فاسدا ولا صالحا، وقد يكون من اعتقاد فاسد، وهذا النّحو الثّاني يقال له غيّ، قال تعالى: (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) [النجم: 2] [المفردات في غريب القرآن للراغب (369) ت. كيلاني] .
وقال المناويّ (نقلا عن الحراليّ): الغيّ: سوء التّصرّف في الشّيء وإجراؤه على ما تسوء عاقبته [التوقيف على مهمات التعاريف (255)] .
وقال ابن الأثير: الغيّ: هو الضّلال والانهماك في الباطل [النهاية (3/ 397) ] .
وقد يستعمل بعض علماء المصطلحات لفظ الغواية في معنى الغيّ، ومن ثمّ يكون ما ذكروه عن الغواية اصطلاحا صالحا لتعريف الغيّ أيضا، فمن ذلك: ما ذكره أبو البقاء الكفويّ من أنّ الغواية هي ألّا يكون (للغاوي) إلى المقصد طريق مستقيم [الكليات للكفوي (576) ] .
ما ذكره التّهانويّ من أنّ الغواية: هي سلوك طريق لا يوصّل إلى المطلوب، وقيل هي حالة تحصل للسّالك في سلوكه وهي كونه فاقدا لما يوصّله إلى المطلوب مخطئا فيه، فإنّها بمعنى الضّلالة وهي مقابلة للهدى بمعنى الاهتداء [كشاف اصطلاحات الفنون (3/ 1101) ] .
ثانيا: الإغواء اصطلاحا:
لم تذكر كتب الاصطلاحات الّتي وقفنا عليها تعريفا للإغواء ومن ثمّ يكون باقيا على أصل معناه في اللّغة، وقد نصّ على ذلك الإمام الطّبريّ عندما قال: أصل الإغواء في كلام العرب: تزيين الرّجل للّرجل الشّيء حتّى يحسّنه عنده غارّا له به [تفسير الطبري (8/ 99) ] . وقال القرطبيّ: الإغواء: إيقاع الغيّ في القلب [تفسير القرطبي (7/ 112) ] .
ونستطيع في ضوء ما ذكره اللّغويّون والمفسّرون أن نسوق تعريفا للإغواء، فنقول: الإغواء: هو أن يزيّن شياطين الإنس أو الجنّ للمرء الشّيء الفاسد (عملا أو اعتقادا) حتّى يحسن عنده فيعتقد فيه اعتقادا باطلا بأنّه صحيح حسن، ويتصرّف تبعا لذلك.
1- قوله تعالى: ( لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )[البقرة: 256 ] .
2- قوله تعالى: ( سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ )[الأعراف: 146 ] .
3- قوله تعالى: ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ * وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ )[الحجر: 42- 43 ] .
4- قوله تعالى
قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ )[الحجر: 39- 40 ] .
5- قوله تعالى: ( فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلى * فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى * ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى )[طه: 120- 122 ] .
6- قوله تعالى: ( وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ * وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ * فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ )[الشعراء: 91- 94 ] .
7- قوله تعالى: ( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى * ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى * وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى )[النجم: 1- 4 ] .
8- قوله تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[آل عمران: 155 ] .
9- قوله تعالى: ( فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ * فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ ) [الأنعام: 43- 44 ] .
10- قوله تعالى: ( وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) [فصلت: 25 ] .
1- عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: سمعت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «إنّ إبليس قال لربّه عزّ وجلّ: وعزّتك وجلالك لا أبرح أغوي بني آدم ما دامت الأرواح فيهم، فقال له ربّه عزّ وجلّ: فبعزّتي وجلالي لا أبرح أغفر لهم ما استغفروني» [أحمد في المسند (3/ 41)، وقال الهيثمي (4/ 207): رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، والطبراني في الأوسط وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح وقال شعيب الأرناؤوط حسن] .
2- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ليلة أسري بي رأيت موسى، وإذا هو رجل ضرب رجل كأنّه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى فإذا هو رجل ربعة أحمر كأنّه خرج من ديماس، وأنا أشبه ولد إبراهيم صلّى اللّه عليه وسلّم به، ثمّ أتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر، فقال: اشرب أيّهما شئت، فأخذت اللّبن فشربته، فقيل: أخذت الفطرة، أما إنّك لو أخذت الخمر غوت أمّتك» [البخاري- الفتح 6 (3394)، واللفظ له، ومسلم (2168) ] .
3- عن عديّ بن حاتم- رضي اللّه عنه- أنّ رجلا خطب عند النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: من يطع اللّه ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بئس الخطيب أنت. قل: ومن يعص اللّه ورسوله». قال ابن نمير: فقد غوي.[مسلم (870)، واللفظ له، والنسائي 6 (3279) ] .
4- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «احتجّ آدم وموسى عليهما السّلام عند ربّهما فحجّ آدم موسى. قال موسى: أنت آدم الّذي خلقك اللّه بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وأسكنك في جنّته، ثمّ أهبطت النّاس بخطيئتك إلى الأرض، فقال آدم: أنت موسى الّذي اصطفاك اللّه برسالته وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كلّ شيء، وقرّبك نجيّا، فبكم وجدت اللّه كتب التّوراة قبل أن أخلق؟ قال موسى: بأربعين عاما. قال آدم: فهل وجدت فيها (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)[طه: 121]، قال: نعم. قال: أفتلومني على أن عملت عملا كتبه اللّه عليّ أن أعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: فحجّ آدم موسى» [البخاري- الفتح 6 (3409)، ومسلم (2652)، واللفظ له ] .
5- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «يأتي الشّيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتّى يقول له: من خلق ربّك؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ باللّه ولينته»[البخاري- الفتح 6 (3270) واللفظ له، ومسلم (134) ]0
6- عن عائشة- رضي اللّه عنها- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «الملائكة تتحدّث في العنان (والعنان: الغمام) بالأمر يكون في الأرض، فتستمع الشّياطين الكلمة فتقرّها في أذن الكاهن كما تقرّ القارورة، فيزيدون معها مائة كذبة »[ البخاري- الفتح 6 (3288) ] .
7- عن جابر- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ إبليس يضع عرشه على الماء، ثمّ يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا، قال: ثمّ يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتّى فرّقت بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت»[مسلم (2813) ] .
8- عن بهز بن حكيم- رضي اللّه عنه- عن أبيه عن جدّه، أنّ أباه أو عمّه قام إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: جيراني بم أخذوا ؟ فأعرض عنه، ثمّ قال: أخبرني بم أخذوا؟ فأعرض عنه، فقال: لئن قلت ذاك، إنّهم يزعمون أنّك تنهى عن الغيّ وتستخلي به. فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما قال. فقام أخوه أو ابن أخيه فقال: يا رسول اللّه إنّه قال (كذا)، فقال: «لقد قلتموها- أو قائلها منكم- ولئن كنت أفعل ذلك، إنّه لعليّ، وما هو عليكم، خلّوا له عن جيرانه»[أحمد في المسند (5/ 2، 4) قال شعيب الأرناؤوط : إسناده (حسن) وقد ورد في بعض الروايات الشر بدل الغي] .
1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال: صارت الأوثان الّتي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أمّا ودّ فكانت لكلب بدومة الجندل، وأمّا سواع فكانت لهذيل، وأمّا يغوث فكانت لمراد، ثمّ لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأمّا يعوق فكانت لهمدان، وأمّا نسر فكانت لحمير لآل ذي الطّلاع. أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلمّا هلكوا أوحى الشّيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم الّتي كانوا يجلسون أنصابا، وسمّوها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتّى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت. [البخاري- الفتح 8 (4920) ] .
2- عن معاذ بن جبل- رضي اللّه عنه- قال: إنّ من ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتح فيها القرآن حتّى يأخذه المؤمن والمنافق، والرّجل والمرأة، والصّغير والكبير، والحرّ والعبد، فيوشك قائل أن يقول: ما للنّاس لا يتّبعوني وقد قرأت القرآن؟ ما هم بمتّبعيّ حتّى أبتدع لهم غيره، فإيّاكم وما ابتدع، فإنّ ما ابتدع ضلالة، وأحذّركم زيغة الحكيم، فإنّ الشّيطان قد يقول كلمة الضّلالة على لسان الحكيم. [أبو داود 4 (4611) ] .
3- قال ابن زيد في تفسير قوله تعالى: (فَبِما أَغْوَيْتَنِي) [الأعراف: 16] المعنى: فبما أضللتني. [تفسير الطبري (8/ 98) ] .
4- قال ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- في تفسير قوله تعالى: ( وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ) [الأعراف: 202] هم الجنّ يوحون لأوليائهم من الإنس ثمّ لا يسأمون. [تفسير الطبري (9/ 108) ] .
5- عن ابن زيد- رضي اللّه عنه- في قوله تعالى: ( فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) [مريم: 59] يعني: شرّا أو ضلالا أو خيبة. ومن ذلك قول الشّاعر:
فمن يلق خيرا يحمد النّاس أمره *** ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائما
[تفسير القرطبي (11/ 125) ] .
6- عن قتادة والحسن والضّحّاك في تفسير قوله تعالى: (وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ) [الأعراف: 202] المعنى وإخوان الشّياطين وهم الفجّار من ضلّال الإنس، تمدّهم الشّياطين في الغيّ، وقيل للفجّار إخوان الشّياطين لأنّهم يقبلون منهم، قال القرطبيّ، وهذا أحسن ما قيل في الآية.[ تفسير القرطبي (7/ 351) ] .
1- قال محمد بن سعد العجلان
أسدل ستارك يا زمان الفاتحين
أسدل ستارك أيها التاريخ وضاء الجبين
أسدل ستارك إننا ما بين غي وانهزام
لا سعد يمتشق الحسامَ ولا صلاح الدين
لا القادسية شمسها انبثقت ولا حطين
أسدل ستارك يا زمان الفاتحين
[الوقت وأهميته في حياة المسلم لعلي بن نايف الشحود ص 82] .
3- رحم الله من قال:
إذا اشتملت على اليأس القلوب *** وضاقت لما به الصدر الرحيب
و أوطنت المكاره واطمأنت *** وأرست غي أماكنها الخطوب
ولم ترى لانكشاف الضر وجها *** ولا أغني بحيلته الأريب
أتاك على قنوط منك غوث *** يجيء به القريب المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت *** فموصول بها الفرج القريب
[موسوعة البحوث والمقالات العلمية جمع وإعداد علي بن نايف الشحود ص 11] .
3- ورحم الله من قال:
يَا وَيْحَ مَنْ أَنْذَرَهُ شَيْبُهُ *** وَهُوَ عَلَى غَيّ الصِّبَا مُنْكَمِشْ
يَعْشُوا إِلَى نَارِ الهَوَى بَعْدَمَا *** أَصْبَحَ مِنْ ضُعْفَ القُوَى يَرْتَعِشْ
لَمْ يَهَبِ الشَّيْبَ الذِي مَا رَأَى *** نُجُومَهُ ذُو اللُّبِ إِلا ارْتَعَشْ
فَذَاكَ إِنْ مَاتَ فَسُحْقًا لَهُ *** وَإِنْ يَعِشْ عُدَّ كَمَنْ لَمْ يَعِشْ
فَهَاكَ كَأْسُ النُّصْحِ فَاشْرَبْ وَجُدْ *** بِفَضْلِهِ الكَأْسِ عَلَى مَنْ عَطِشْ
4- ورحم الله من قال:
وَنَفْسَكَ فَازْجُرْهَا عن الْغِيَ والْخَنَا *** وَلا تَتَّبعْهَا فَهِي أُسُّ الْمَفَاسِدِ
وَحَاذِرْ هَواهَا مَا اسْتَطَعْتَ فَإنَّهُ *** يَصُدُّ عَنْ الطَّاعَاتِ غَيْرَ الْمُجَاهِدِ
وَإِنَّ جِهَادَ النَّفسْ حَتْمٌ عَلى الفَتَى *** وَإِنَّ التُّقى حَقًا لَخَيْرُ الْمَقَاصِدِ
فَإنْ رُمْتَ أَنْ تُحْظَى بِنَيْلِ سَعَادَةٍ *** وَتُعْطَى مَقَامَ السَّالِكينَ الأَمَاجِدِ
فَبَادِرْ بَتَقوى اللهِ واسْلُكْ سَبِيلَها *** ولا تَتَّبعْ غَيَّ الرَّجِيمِ الْمُعَانِدِ
[موارد الظمآن لدروس الزمان لعبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن السلمان ص 200، 294 ] .
1- قال الطّبريّ في تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ ) [الأعراف: 201- 202] هذا خبر من اللّه تعالى عن فريقي الإيمان والكفر بأنّ فريق الإيمان وأهل تقوى اللّه إذا استزلّهم الشّيطان تذكّروا عظمة اللّه وعقابه فكفّتهم رهبته عن معاصيه، وأنّ فريق الكافرين يزيدهم الشّيطان غيّا إلى غيّهم إذا ركبوا معصية من معاصي اللّه تعالى، ولا يحجزهم تقوى اللّه وخوف المعاد منه عن التّمادي فيها والزّيادة منها، فهم أبدا في زيادة من ركوب الإثم والشّيطان يزيدهم أبدا، لا يقصر الإنسيّ عن شيء من ركوب الفواحش، ولا الشّيطان من مدّه منه. [تفسير الطبري (9/ 108) ] .
2- قال الطّبريّ في تفسير قوله تعالى: (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) [الأعراف: 175] قوله تعالى: فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ يقول: فكان من الهالكين لضلاله وخلافه أمر ربّه وطاعة الشّيطان.[ تفسير الطبري (9/ 84، 85) ] .
3- قال القرطبيّ في تفسير قوله تعالى: (فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ) [الأعراف: 16] المعنى: فبما أوقعت في قلبي من الغيّ والعناد والاستكبار، وهذا لأنّ كفر إبليس- لعنه اللّه- ليس كفر جهل، بل هو كفر عناد واستكبار ، وقيل معنى الكلام هو القسم أي (فبحقّ) إغوائك إيّاي لأقعدنّ لهم على صراطك أو في صراطك ، ودليل هذا القول قوله عزّ وجلّ في سورة ( فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) [ص:82]وكأنّ إبليس أعظم قدر إغواء اللّه إيّاه لما فيه من التّسليط على العباد، فأقسم به إعظاما لقدره عنده ، وقيل الباء بمعنى اللّام كأنّه قال: فلأغوائك إيّاي . [تفسير القرطبي (7/ 174) ] .
4- قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ( ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى ) [النجم: 2] شهادة للرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بأنّه راشد تابع للحقّ ليس بضالّ ولا غاو، والغاوي هو العالم بالحقّ العادل عنه قصدا إلى غيره، فنزّه اللّه رسوله وشرعه عن المشابهة كالنّصارى، وأهل الغيّ كاليهود لأنّهم كانوا يعلمون الشّيء ويكتمونه ويعملون بخلافه. وإنّما كان صلوات اللّه وسلامه عليه، وكذلك ما بعثه اللّه به من الشّرع الحكيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسّداد.[ باختصار وتصرف عن تفسير ابن كثير (4/ 264) ] .
5- قال ابن القيم: إن الهداية التامة إلى الصراط المستقيم لا تكون مع الجهل بالذنوب، ولا مع الإصرار عليها، فإن الأول جهل ينافي معرفة الهدى، والثاني: غي ينافي قصده وإرادته، فلذلك لا تصح التوبة إلا من بعد معرفة الذنب والاعتراف به وطلب التخلص من سوء عاقبته أولاً وآخراً.[مدارج السالكين (1/179) ] .