1-وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة 8]
ونزل في المنافقين : (ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر) أي يوم القيامة لأنه آخر الأيام (وما هم بمؤمنين) روعي فيه معنى من ، وفي ضمير يقول لفظها
2-يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ [البقرة 9]
(يخادعون الله والذين آمنوا) بإظهار خلاف ما أبطنوه من الكفر ليدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية (وما يخادعون إلا أنفسهم) لأن وبال خداعهم راجع إليهم فيفتضحون في الدنيا بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة (وما يشعرون) يعلمون أن خداعهم لأنفسهم والمخادعة هنا من واحد كعاقبت اللص وذكر الله فيها تحسين ، وفي قراءة وما يخدعون
3-فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [البقرة 10]
(في قلوبهم مرض) شك ونفاق فهو يمرض قلوبهم أي يضعفها (فزادهم الله مرضا) بما أنزله من القرآن لكفرهم به (ولهم عذاب أليم) مؤلم (بما كانوا يكذبون) بالتشديد أي نبيَّ الله ، وبالتخفيف أي قولهم آمنا
4-وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ [البقرة 11]
(وإذا قيل لهم) أي لهؤلاء (لا تفسدوا في الأرض) بالكفر والتعويق عن الإيمان (قالوا إنما نحن مصلحون) وليس ما نحن فيه بفساد.
5-أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ [البقرة 12]
قال الله تعالى رداً عليهم : (ألا) للتنبيه (إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون) بذلك
6-وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُواْ أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء وَلَـكِن لاَّ يَعْلَمُونَ [البقرة 13]
(وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس) أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء) الجهال أي لا نفعل كفعلهم قال تعالى ردا عليهم: (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون) ذلك
7-وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ [البقرة 14]
(وإذا لقوا) أصله لقيوا حذفت الضمة للاستثقال ثم الياء لالتقائها ساكنة مع الواو (الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا) منهم ورجعوا (إلى شياطينهم) رؤسائهم (قالوا إنا معكم) في الدين (إنما نحن مستهزئون) بهم بإظهار الإيمان
8-اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ [البقرة 15]
(الله يستهزئ بهم) يجازيهم باستهزائهم (ويمدهم) يمهلهم (في طغيانهم) بتجاوزهم الحد في الكفر (يعمهون) يترددون تحيرا حال
9-أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ [البقرة 16]
(أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) أي استبدلوها به (فما ربحت تجارتهم) أي ما ربحوا فيها بل خسروا لمصيرهم إلى النار المؤبدة عليهم (وما كانوا مهتدين) فيما فعلوا
10-مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ [البقرة 17]
(مثلهم) صفتهم في نفاقهم (كمثل الذي استوقد) أوقد (ناراً) في ظلمة (فلما أضاءت) أنارت (ما حوله) فأبصر واستدفأ وأمن ممن يخافه (ذهب الله بنورهم) أطفأه ، وجُمع الضمير مراعاة لمعنى الذي (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) ما حولهم متحيرين عن الطريق خائفين فكذلك هؤلاء أمنوا بإظهار كلمة الإيمان فإذا ماتوا جاءهم الخوف والعذاب
11-صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ [البقرة 18]
هم (صمٌّ) عن الحق فلا يسمعونه سماع قبول (بكمٌ) خرسٌ عن الخير فلا يقولونه (عُمْيٌ) عن طريق الهدى فلا يرونه (فهم لا يرجعون) عن الضلالة
12-أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ [البقرة 19]
(أو) مثلهم (كصيِّب) أي كأصحاب مطر ، وأصله صيوب من صاب يصوب أي ينزل (من السماء) السحاب (فيه) أي السحاب (ظلمات) متكاثفة (ورعد) هو الملك الموكل به وقيل صوته (وبرق) لمعان صوته الذي يزجره به (يجعلون) أي أصحاب الصيب (أصابعهم) أي أناملها (في آذانهم من) أجل (الصواعق) شدة صوت الرعد لئلا يسمعوها (حذر) خوف (الموت) من سماعها ، كذلك هؤلاء إذا نزل القرآن وفيه ذكر الكفر المشبه بالظلمات والوعيد عليه المشبه بالرعد والحجج والبينة المشبهة بالبرق ، يسدون آذانهم لئلا يسمعوه فيميلوا إلى الإيمان وترك دينهم وهو عندهم موت (والله محيط بالكافرين) علما وقدرة فلا يفوتونه
13-يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة 20]
(يكاد) يقرب (البرق يخطف أبصارهم) يأخذها بسرعة (كلما أضاء لهم مشوا فيه) أي في ضوئه (وإذا أظلم عليهم قاموا) وقفوا ، تمثيل لإزعاج ما في القرآن من الحجج قلوبهم وتصديقهم لما سمعوا فيه مما يحبون ووقوفهم عما يكرهون (ولو شاء الله لذهب بسمعهم) بمعنى أسماعهم (وأبصارهم) الظاهرة كما ذهب بالباطنة (إن الله على كل شيء) شاءه (قدير) ومثله إذهاب ما ذكر
14-وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ [البقرة 76]
(وإذا لقوا) أي منافقو اليهود (الذين آمنوا قالوا آمنا) بأن محمد صلى الله عليه وسلم نبي وهو المبشر به في كتابنا (وإذا خلا) رجع (بعضهم إلى بعض قالوا) أي رؤساؤهم الذين لم ينافقوا لمن نافق (أتحدثونهم) أي المؤمنين (بما فتح الله عليكم) أي عرفكم في التوراة من نعت محمد صلى الله عليه وسلم (ليحاجُّوكم) ليخاصموكم واللام للصيرورة (به عند ربكم) في الآخرة ويقيموا عليكم الحجة في ترك اتباعه مع علمكم بصدقه (أفلا تعقلون) أنهم يحاجونكم إذا حدثتموهم فتنبهوا
15-وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ [البقرة 204]
(ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا) ولا يعجبك في الآخرة لمخالفته لاعتقاده (ويشهد الله على ما في قلبه) أنه موافق لقوله (وهو ألد الخصام) شديد الخصومة لك ولأتباعك لعداوته لك وهو الأخنس بن شريق كان منافقاً حلوَ الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم يحلف أنه مؤمن ومحب له فيدنى مجلسَه فأكذبه الله في ذلك ومرَّ بزرعٍ وحُمُرٍ لبعض المسلمين فأحرقه وعقرها ليلاً كما قال تعالى:
16-وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ [البقرة 205]
(وإذا تولى) انصرف عنك (سعى) مشى (في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل) من جملة الفساد (والله لا يحب الفساد) أي لا يرضى به
17-وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ [البقرة 206]
(وإذا قيل له اتق الله) في فعلك (أخذته العزة) حملته الأنفة والحمية على العمل (بالإثم) الذي أمر باتقائه (فحسبه) كافيه (جهنم ولبئس المهاد) الفراش هي
18-يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [أل عمران 71]
(يا أهل الكتاب لم تلبسون) تخلطون (الحق بالباطل) بالتحريف والتزوير (وتكتمون الحق) أي نعت النبي (وأنتم تعلمون) أنه حق
19-وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [أل عمران 72]
(وقالت طائفة من أهل الكتاب) اليهود لبعضهم (آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا) أي القرآن (وجه النهار) أوله (واكفروا) به (آخره لعلهم) أي المؤمنين (يرجعون) عن دينهم إذ يقولون ما رجع هؤلاء عنه بعد دخولهم فيه وهم أولو علم إلا لعلمهم بطلانه
20-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ [أل عمران 118]
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بِطانة) أصفياء تطلعونهم على سركم (من دونكم) أي غيركم من اليهود والنصارى والمنافقين (لا يألونكم خبالا) نصب بنزع الخافض أي لا يقصرون لكم في الفساد (وَدُّوا) تمنوا (ما عنتُّم) أي عنتكم وهو شدة الضرر (قد بدت) ظهرت (البغضاء) العداوة لكم (من أفواههم) بالوقيعة فيكم وإطلاع المشركين على سركم (وما تخفي صدورهم) من العداوة (أكبر قد بينا لكم الآيات) على عداوتهم (إن كنتم تعقلون) ذلك فلا توالوهم
21-هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [أل عمران 119]
(ها) للتنبيه (أنتم) يا (أولاء) المؤمنين (تحبونهم) لقرابتهم منكم وصداقتهم (ولا يحبونكم) لمخالفتهم لكم في الدين (وتؤمنون بالكتاب كله) أي بالكتب كلها ولا يؤمنون بكتابكم (وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل) أطراف الأصابع (من الغيظ) شدة الغضب لما يرون من ائتلافكم ، ويعبر عن شدة الغضب بعض الأنامل مجازا وإن لم يكن ثم عض (قل موتوا بغيظكم) أي ابقوا عليه إلى الموت فلن تروا ما يسركم (إن الله عليم بذات الصدور) بما في القلوب ومنه ما يضمره هؤلاء
22-إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [أل عمران 120]
(إن تمسسكم) تصبكم (حسنة) نعمة كنصر وغنيمة (تسؤهم) تحزنهم (وإن تصبكم سيئة) كهزيمة وجدب (يفرحوا بها) وجملة الشرط متصلة بالشرط قبل وما بينهما اعتراض والمعنى أنهم متناهون في عداوتكم فلم توالوهم فاجتنبوهم (وإن تصبروا) على أذاهم (وتتقوا) الله في موالاتهم وغيرها (لا يَضِرْكم) بكسر الضاد وسكون الراء وضمها وتشديدها (كيدهم شيئا إن الله بما يعملون) بالياء والتاء (محيط) عالم فيجازيهم به
23-أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً [النساء 60]
ونزل لما اختصم يهودي ومنافق فدعا المنافق إلى كعب بن الأشرف ليحكم بينهما ودعا اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتياه فقضى لليهودي فلم يرض المنافق ، وأتيا عمر فذكر اليهودي ذلك فقال للمنافق أكذلك قال نعم فقتله (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) الكثير الطغيان وهو كعب بن الأشرف (وقد أمروا أن يكفروا به) ولا يوالوه (ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا) عن الحق
24-وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً [النساء 61]
(وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله) في القرآن من الحكم (وإلى الرسول) ليحكم بينكم (رأيت المنافقين يصدون) يعرضون (عنك) إلى غيرك (صدودا)
25-فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَآؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً [النساء 62]
(فكيف) يصنعون (إذا أصابتهم مصيبة) عقوبة (بما قدمت أيديهم) من الكفر والمعاصي أي أيقدرون على الإعراض والفرار منها لا (ثم جاؤوك) معطوف على يصدون (يحلفون بالله إن) ما (أردنا) بالمحاكمة إلى غيرك (إلا إحسانا) صلحا (وتوفيقا) تأليفا بين الخصمين بالتقريب في الحكم دون الحمل على مُرِّ الحق
26-وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً [النساء 81]
(ويقولون) أي المنافقون إذا جاؤوك أمرنا (طاعة) لك (فإذا برزوا) خرجوا (من عندك بَيَّتْ طائفة منهم) بإدغام التاء في الطاء وتركه أي أضمرت (غير الذي تقول) لك في حضورك من الطاعة أي عصيانك (والله يكتب) يأمر بكتب (ما يبيتون) في صحائفهم ليجازوا عليه (فأعرض عنهم) بالصفح (وتوكل على الله) ثق به فإنه كافيك (وكفى بالله وكيلا) مفوضا إليه
27-فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللّهُ أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُواْ أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً [النساء 88]
ولما رجع ناس من أحد اختلف الناس فيهم فقال فريق نقتلهم وقال فريق لا فنزل (فما لكم) شأنكم صرتم (في المنافقين فئتين) فرقتين (والله أركسهم) ردهم (بما كسبوا) من الكفر والمعاصي (أتريدون أن تهدوا من أضلـ) ـه (الله) أي تعدوهم من جملة المهتدين ، والاستفهام في الموضعين للإنكار (ومن يضللـ) ـه (الله فلن تجد له سبيلا) طريقا إلى الهدى
28-إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَىَ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ أَوْ جَآؤُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَن يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُواْ قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً [النساء 90]
(إلا الذين يصلون) يلجؤون (إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) عهد بالأمان لهم ولمن وصل إليهم كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم هلال بن عويمر الأسلمي (أو) الذين (جاؤوكم) وقد (حصرت) ضاقت (صدورهم) عن (أن يقاتلوكم) مع قومهم (أو يقاتلوا قومهم) معكم أي ممسكين عن قتالكم فلا تتعرضوا إليهم بأخذ ولا قتل ، وهذا وما بعده منسوخ بآية السيف (ولو شاء الله) تسليطهم عليكم (لسلطهم عليكم) بأن يقوي قلوبهم (فلقاتلوكم) ولكنه لم يشأه فألقى في قلوبهم الرعب (فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم) الصلح أي انقادوا (فما جعل الله لكم عليهم سبيلا) طريقا بالأخذ والقتل
29-بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً [النساء 138]
(بشر) أخبر يا محمد (المنافقين بأن لهم عذابا أليما) مؤلما هو عذاب النار
30-الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً [النساء 139]
(الذين) بدل أو نعت المنافقين (يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين) لما يتوهمون فيهم من القوة (أيبتغون) يطلبون (عندهم العزة) استفهام إنكار ، أي لا يجدون عندهم (فإن العزة لله جميعا) في الدنيا والآخرة ولا ينالها إلا أولياؤه
31-وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً [النساء 140]
(وقد نَزَّل) بالبناء للفاعل والمفعول (عليكم في الكتاب) القرآن في سورة الأنعام (أن) مخففة واسمها محذوف أي أنه (إذا سمعتم آيات الله) القرآن (يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم) أي الكافرين والمستهزئين (حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا) إن قعدتم معهم (مثلهم) في الإثم (إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا) كما اجتمعوا في الدنيا على الكفر والاستهزاء
32-الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِن كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِّنَ اللّهِ قَالُواْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ وَإِن كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُواْ أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُم مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء 141]
(الذين) بدل من الذين قبله (يتربصون) ينتظرون (بكم) الدوائر (فإن كان لكم فتح) ظفر وغنيمة (من الله قالوا) لكم (ألم نكن معكم) في الدين والجهاد فأعطونا من الغنيمة (وإن كان للكافرين نصيب) من الظفر عليكم (قالوا) لهم (ألم نستحوذ) نستول (عليكم) ونقدر على أخذكم وقتلكم فأبقينا عليكم (و) ألم (نمنعكم من المؤمنين) أن يظفروا بكم بتخذيلهم ومراسلتكم بأخبارهم فلنا عليكم المنة ، قال تعالى (فالله يحكم بينكم) وبينهم (يوم القيامة) بأن يدخلكم الجنة ويدخلهم النار (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) طريقا بالاستئصال
33-إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء 142]
(إن المنافقين يخادعون الله) بإظهار خلاف ما أبطنوه من الكفر فيدفعوا عنهم أحكامه الدنيوية (وهو خادعهم) مجازيهم على خداعهم فيفتضحون في الدنيا بإطلاع الله نبيه على ما أبطنوه ويعاقبون في الآخرة (وإذا قاموا إلى الصلاة) مع المؤمنين (قاموا كسالى) متثاقلين (يراؤون الناس) بصلاتهم (ولا يذكرون الله) يصلون (إلا قليلا) رياء
34-مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً [النساء 143]
(مذبذبين) مترددين (بين ذلك) الكفر والإيمان (لا) منسوبين (إلى هؤلاء) أي الكفار (ولا إلى هؤلاء) أي المؤمنين (ومن يضللـ) ـه (الله فلن تجد له سبيلا) طريقا إلى الهدى
35-يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً [النساء 144]
(يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم) بموالاتهم (سلطانا مبينا) برهاناً بيناً على نفاقكم
36-إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً [النساء 145]
(إن المنافقين في الدرك) المكان (الأسفل من النار) وهو قعرها (ولن تجد لهم نصيرا) مانعا من العذاب
37-إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ وَأَصْلَحُواْ وَاعْتَصَمُواْ بِاللّهِ وَأَخْلَصُواْ دِينَهُمْ لِلّهِ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً [النساء 146]
(إلا الذين تابوا) من النفاق (وأصلحوا) عملهم (واعتصموا) وثقوا (بالله وأخلصوا دينهم لله) من الرياء (فأولئك مع المؤمنين) فيما يؤتونه (وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما) في الآخرة وهو الجنة
38-إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة 44]
(إنا أنزلنا التوراة فيها هدى) من الضلالة (ونور) بيان للأحكام (يحكم بها النبيون) من بني إسرائيل (الذين أسلموا) انقادوا الله (للذين هادوا والربانيون) العلماء منهم (والأحبار) الفقهاء (بما) أي بسبب الذي (استحفظوا) استودعوه أي استحفظهم الله إياه (من كتاب الله) أي يبدلوه (وكانوا عليه شهداء) أنه حق (فلا تخشوا الناس) أيها اليهود في إظهار ما عندكم من نعت محمد صلى الله عليه وسلم والرجم وغيرها (واخشونِ) في كتمانه (ولا تشتروا) تستبدلوا (بآياتي ثمنا قليلا) من الدنيا تأخذونه على كتمانها (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) به
39-إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة 55]
ونزل لما قال ابن سلام يا رسول الله إن قومنا هجرونا: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) خاشعون أو يصلون صلاة التطوع
40-وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة 56]
(ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا) فيعينهم وينصرهم (فإن حزب الله هم الغالبون) لنصره إياهم أوقعه موقع فإنهم بياناً لأنهم من حزبه ، أي أتباعه
41-وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [المائدة 64]
(وقالت اليهود) لما ضيق عليهم بتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن كانوا أكثر الناس مالا (يد الله مغلولة) مقبوضة عن إدرار الرزق علينا كنوا به عن البخل تعالى الله عن ذلك قال تعالى (غُلَّت) أمسكت (أيديهم) عن فعل الخيرات دعاء عليهم (ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان) مبالغة في الوصف بالجود وثني اليد لإفادة الكثرة إذ غاية ما يبذله السخي من ماله أي يعطي بيديه (ينفق كيف يشاء) من توسيع وتضييق لا اعتراض عليه (وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك) من القرآن (طغيانا وكفرا) لكفرهم به (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة) فكل يوم فرقة منهم تخالف الأخرى (كلما أوقدوا نارا للحرب) أي لحرب النبي صلى الله عليه وسلم (أطفأها الله) أي كلما أرادوه ردهم (ويسعون في الأرض فسادا) أي مفسدين بالمعاصي (والله لا يحب المفسدين) بمعنى أنه يعاقبهم
42-وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ [المائدة 65]
(ولو أن أهل الكتاب آمنوا) بمحمد صلى الله عليه وسلم (واتقوا) الكفر (لكفرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم)
43-إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [الأنفال 49]
(إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض) ضعف اعتقاد (غرَّ هؤلاء) أي المسلمين (دينهم) إذ خرجوا مع قلتهم يقاتلون الجمع الكثير توهماً أنهم ينصرون بسببه قال تعالى في جوابهم (ومن يتوكل على الله) يثق به يغلب (فإن الله عزيز) غالب على أمره (حكيم) في صنعه
44-عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [التوبة 43]
وكان صلى الله عليه وسلم أذن لجماعة في التخلف باجتهاد منه ، فنزل عتاباً له وقدم العفو تطميناً لقلبه (عفا الله عنك لم أذنت لهم) في التخلف وهلا تركتهم (حتى يتبين لك الذين صدقوا) في العذر (وتعلم الكاذبين) فيه
45-لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ [التوبة 44]
(لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر) في التخلف عن (أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين)
46-إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [التوبة 45]
(إنما يستأذنك) في التخلف (الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتابت) شكت (قلوبهم) في الدين (فهم في ريبهم يترددون) يتحيرون
47-وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ [التوبة 46]
(ولو أرادوا الخروج) معك (لأعدوا له عدة) أهبة من الآلة والزاد (ولكن كره الله انبعاثهم) أي لم يرد خروجهم (فثبطهم) كسلهم (وقيل) لهم (اقعدوا مع القاعدين) المرضى والنساء والصبيان ، أي قدَّر الله تعالى ذلك
48-لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ [التوبة 47]
(لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً) فساداً بتخذيل المؤمنين (ولأوضعوا خلالكم) أي أسرعوا بينكم بالمشي بالنميمة (يبغونكم) يطلبون لكم (الفتنة) بإلقاء العداوة (وفيكم سمَّاعون لهم) ما يقولون سماع قبول (والله عليم بالظالمين)
49-لَقَدِ ابْتَغَوُاْ الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاء الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة 48]
(لقد ابتغوا) لك (الفتنة من قبل) أول ما قدمت المدينة (وقلَّبوا لك الأمور) أي أجالوا الفكر في كيدك وإبطال دينك (حتى جاء الحق) النصر (وظهر) عن (أمر الله) دينه (وهم كارهون) له فدخلوا فيه ظاهراً
50-وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ [التوبة 49]
(ومنهم من يقول ائذن لي) في التخلف (ولا تفتني) وهو الجد بن قيس قال له النبي صلى الله عليه وسلم : "هل لك في جلاد بني الأصفر ؟ " فقال إني مغرم بالنساء وأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن فافتتن ، قال تعالى (ألا في الفتنة سقطوا) بالتخلف ، وقرئ سقط (وإن جهنم لمحيطة بالكافرين) لا محيص لهم عنها
51-إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ [التوبة 50]
(إن تصبك حسنةٌ) كنصر وغنيمة (تسؤهم وإن تصبك مصيبةٌ) شدة (يقولوا قد أخذنا أمرنا) بالحزم حين تخلفنا (من قبل) قبل هذه المعصية (ويتولوا وهم فرحون) بما أصابك
52-قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ [التوبة 51]
(قل) لهم (لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) إصابة (هو مولانا) ناصرنا ومتولي أمورنا (وعلى الله فليتوكل المؤمنون)
53-قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ اللّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُم مُّتَرَبِّصُونَ [التوبة 52]
(قل هل تربَّصون) فيه حذف إحدى التاءين من الأصل أي تنتظرون أي يقع (بنا إلا إحدى) العاقبتين (الحسنيين) تثنية حسنى ، تأنيث أحسن النصر أو الشهادة (ونحن نتربص) ننتظر (بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده) بقارعة من السماء (أو بأيدينا) بأن يؤذن لنا في قتالكم (فتربصوا) بنا ذلك (إنا معكم متربصون) عاقبتكم
54-قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ [التوبة 53]
(قل أنفقوا) في طاعة الله (طوعاً أو كرهاً لن يتقبل منكم) ما أنفقتموه (إنكم كنتم قوماً فاسقين) والأمر هنا بمعنى الخبر
55-وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ [التوبة 54]
(وما منعهم أن تقبل) بالياء والتاء (منهم نفقاتهم إلا أنهم) فاعلٌ ، وأن تقبل مفعول (كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) متثاقلون (ولا ينفقون إلا وهم كارهون) النفقة لأنهم يعدونها مغرماً
56-فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة 55]
(فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم) أي لا تستحسن نعمنا عليهم فهي استدراج (إنما يريد الله ليعذبهم) أي أن يعذبهم (بها في الحياة الدنيا) بما يلقون في جمعها من المشقة وفيها من المصائب (وتزهق) تخرج (أنفسهم وهم كافرون) فيعذبهم في الآخرة أشد العذاب
57-وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ [التوبة 56]
(ويحلفون بالله إنهم لمنكم) أي مؤمنون (وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون) يخافون أن تفعلوا بهم كالمشركين فيحلفون تقية
58-لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ [التوبة 57]
(لو يجدون ملجأ) يلجأون إليه (أو مغارات) سراديب (أو مدخلاً) موضعاً يدخلونه (لولوا إليه وهم يجمحون) يسرعون في دخوله والانصراف عنكم إسراعاً لا يرده شيء كالفرس الجموع
59-وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ [التوبة 58]
(ومنهم من يلمزك) يعيبك (في) قسم (الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون)
60-وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ [التوبة 59]
(ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله) من الغنائم ونحوها (وقالوا حسبنا) كافينا (الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله) من غنيمة أخرى ما يكفينا (إنا إلى الله راغبون) أن يغنينا ، وجواب لو لكان خيرا لهم
61-يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ [التوبة 64]
(يحذر) يخاف (المنافقون أن تنزل عليهم) أي المؤمنين (سورة تنبئهم بما في قلوبهم) من النفاق وهم مع ذلك يستهزئون (قل استهزئوا) أمر تهديد (إن الله مخرج) مظهر (ما تحذرون) إخراجه من نفاقكم
62-وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة 65]
(ولئن) لام القسم (سألتهم) عن استهزائهم بك والقرآن وهم سائرون معك إلى تبوك (ليقولن) معتذرين (إنما كنا نخوض ونلعب) في الحديث لنقطع به الطريق ولم نقصد ذلك (قل) لهم (أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون)
63-لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ [التوبة 66]
(لا تعتذروا) عنه (قد كفرتم بعد إيمانكم) أي ظهر كفركم بعد إظهار الإيمان (إن نعف) بالياء مبنياً للمفعول والنون مبنياً للفاعل (عن طائفة منكم) بإخلاصها وتوبتها كجحش بن حمير (نعذب) بالتاء والنون (طائفة بأنهم كانوا مجرمين) مصرين على النفاق والاستهزاء
64-الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [التوبة 67]
(المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض) أي متشابهون في الدين كأبعاض الشيء الواحد (يأمرون بالمنكر) الكفر والمعاصي (وينهون عن المعروف) الإيمان والطاعة (ويقبضون أيديهم) عن الإنفاق في الطاعة (نسوا الله) تركوا طاعته (فنسيهم) تركهم من لطفه (إن المنافقين هم الفاسقون)
65-وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ [التوبة 68]
(وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم) جزاءً وعقاباً (ولعنهم الله) أبعدهم عن رحمته (ولهم عذاب مقيم) دائم
66-كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [التوبة 69]
أنتم أيها المنافقون (كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوةً وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا) تمتعوا (بخلاقهم) نصيبهم من الدنيا (فاستمتعتم) أيها المنافقون (بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم) في الباطل والطعن في النبي صلى الله عليه وسلم (كالذي خاضوا) أي كخوضهم (أولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك هم الخاسرون)
67-أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [التوبة 70]
(ألم يأتهم نبأ) خبر (الذين من قبلهم قوم نوح وعاد) قوم هود (وثمود) قوم صالح (وقوم إبراهيم وأصحاب مدين) قوم شعيب (والمؤتفكات) قرى قوم لوط أي أهلها (أتتهم رسلهم بالبينات) بالمعجزات فكذبوهم فأهلكوا (فما كان الله ليظلمهم) بأن يعذبهم بغير ذنب (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) بارتكاب الذنب
68-وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة 71]
(والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز) لا يعجزه شيء عن إنجاز وعده ووعيده (حكيم) لا يضع شيئا إلا في محله
69-وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة 72]
(وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن) إقامة (ورضوان من الله أكبر) أعظم من ذلك كله (ذلك هو الفوز العظيم)
70-يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [التوبة 73]
(يا أيها النبي جاهد الكفار) بالسيف (والمنافقين) باللسان والحجة (واغلظ عليهم) بالانتهار والمقت (ومأواهم جهنم وبئس المصير) المرجع هي
71-يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [التوبة 74]
(يحلفون) أي المنافقين (بالله ما قالوا) ما بلغك عنهم من السب (ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) أظهروا الكفر بعد إظهار الإسلام (وهموا بما لم ينالوا) من الفتك بالنبي ليلة العقبة عند عوده من تبوك وهم بضعة عشر رجلاً فضرب عمار بن ياسر وجوه الرواحل لما غشوه فردوا (وما نقموا) أنكروا (إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله) بالغنائم بعد شدة حاجتهم والمعنى لم ينلهم منه إلا هذا وليس مما ينقم (فإن يتوبوا) عن النفاق ويؤمنوا بك (يك خيرا لهم وإن يتولوا) عن الإيمان (يعذبهم الله عذاباً أليماً في الدنيا) بالقتل (والآخرة) بالنار (وما لهم في الأرض من ولي) يحفظهم منه (ولا نصير) يمنعهم
72-وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ [التوبة 75]
(ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصَّدَّقن) فيه إدغام التاء في الأصل في الصاد (ولنكوننَّ من الصالحين) وهو ثعلبة بن حاطب ، سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له أن يرزقه الله مالا ويؤدي منه إلى كل ذي حق حقه فدعا له فوسع عليه فانقطع عن الجمعة والجماعة ومنع الزكاة كما قال تعالى :
73-فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُم مُّعْرِضُونَ [التوبة 76]
(فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا) عن طاعة الله (وهم معرضون)
74-سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [التوبة 95]
(سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم) رجعتم (إليهم) من تبوك أنهم معذورون في التخلف (لتعرضوا عنهم) بترك المعاتبة (فأعرضوا عنهم إنهم رجس) قذر لخبث باطنهم (ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون)
75-الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة 97]
(الأعراب) أهل البدو (أشد كفراً ونفاقاً) من أهل المدن لجفائهم وغلظ طباعهم وبعدهم عن سماع القرآن (وأجدر) أولى (ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) من الأحكام والشرائع (والله عليم) بخلقه (حكيم) في صنعه بهم
76-وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ [التوبة 101]
(وممن حولكم) يا أهل المدينة (من الأعراب منافقون) كأسلم وأشجع وغفار (ومن أهل المدينة) منافقون أيضا (مردوا على النفاق) لجُّوا فيه واستمروا (لا تعلمهم) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم (نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين) بالفضيحة أو القتل في الدنيا وعذاب القبر (ثم يردون) في الآخرة (إلى عذاب عظيم) هو النار
77-لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ [التوبة 108]
(لا تقم) تصل (فيه أبداً) فأرسل جماعة هدموه وحرقوه وجعلوا مكانه كناسة تلقى فيها الجيف (لمسجد أسس) بنيت قواعده (على التقوى من أول يوم) وضع يوم حللت بدار الهجرة ، وهو مسجد قباء كما في البخاري (أحق) منه (أن) أي بأن (تقوم) تصلي (فيه فيه رجال) هم الأنصار (يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) أي يثيبهم ، فيه إدغام التاء في الأصل في الطاء ، روى ابن خزيمة في صحيحه عن عويمر بن ساعدة أنه صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال : إن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به ، قالوا : والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود وكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا وفي حديث رواه البزار فقالوا : نتبع الحجارة بالماء فقال : هو ذاك فعليكموه
78-وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ [التوبة 125]
(وأما الذين في قلوبهم مرض) ضعف اعتقاد (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) كفراً إلى كفرهم لكفرهم بها (وماتوا وهم كافرون)
79-أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ [التوبة 126]
(أولا يرون أنهم) بالياء أي المنافقون والتاء أيها المؤمنون (يفتنون في) يبتلون (كل عام مرة أو مرتين ثم) بالقحط والأمراض (لا يتوبون) من نفاقهم (ولا هم يذكرون) يتعظون
80-وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُم مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ انصَرَفُواْ صَرَفَ اللّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُون [التوبة 127]
(وإذا ما أنزلت سورة) فيها ذكرهم وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم (نظر بعضهم إلى بعض) يريدون الهرب يقولون (هل يراكم من أحد) إذا قمتم فإن لم يرهم أحد قاموا وإلا ثبتوا (ثم انصرفوا) على كفرهم (صرف الله قلوبهم) عن الهدى (بأنهم قوم لا يفقهون) الحق لعدم تدبرهم
81-لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة 128]
(لقد جاءكم رسول من أنفسكم) أي منكم : محمد صلى الله عليه وسلم (عزيز) شديد (عليه ما عنتم) أي عنتكم أي مشقتكم ولقاؤكم المكروه (حريص عليكم) أن تهتدوا (بالمؤمنين رؤوف) شديد الرحمة (رحيم) يريد لهم الخير
82-أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [هود 5]
ونزل كما رواه البخاري عن ابن عباس فيمن كان يستحيي أن يتخلى أو يجامع فيفضي إلى السماء وقيل في المنافقين (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه) أي الله (ألا حين يستغشون ثيابهم) يتغطَّون بها (يعلم) تعالى (ما يسرون وما يعلنون) فلا يغني استخفاؤهم (إنه عليم بذات الصدور) أي بما في القلوب
83-وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ [النور 47]
(ويقولون) المنافقون (آمنا) صدقنا (بالله) بتوحيده (وبالرسول) محمد (وأطعنا) هما فيما حكما به (ثم يتولى) يعرض (فريق منهم من بعد ذلك) عنه (وما أولئك) المعرضون (بالمؤمنين) المعهودين الموافق قلوبهم لألسنتهم
84-وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ [النور 48]
(وإذا دعوا إلى الله ورسوله) المبلغ عنهم (ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون) عن المجيء إليه
85-وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور 49]
(وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين) مسرعين طائعين
86-أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [النور 50]
(أفي قلوبهم مرض) كفر (أم ارتابوا) أي شكوا في نبوته (أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله) في الحكم أي فيظلموا فيه لا (بل أولئك هم الظالمون) بالإعراض عنه
87-وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لَّا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [النور 53]
(وأقسموا بالله جهد أيمانهم) غايتها (لئن أمرتهم) بالجهاد (ليخرجن قل) لهم (لا تقسموا طاعة معروفة) للنبي خير من قسمكم الذي لا تصدقون فيه (إن الله خبير بما تعملون) من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل
88-لَا تَجْعَلُوا دُعَا