الجنس : العمر : 41 لندن التسجيل : 11/03/2012عدد المساهمات : 18
موضوع: [•☼•] مفهوم الإفك من نصوص القرآن [•☼•] الإثنين 12 مارس 2012, 9:37 am
[•☼•] مفهوم الإفك من نصوص القرآن [•☼•]
مفهوم الإفك: الهمزة والفاء والكاف أصلٌ واحد، يدلُّ على قلْب الشيء، وصَرْفِهِ عن جهته، يقال: أُفِكَوأَفِكَ الرجل إذا كذَب، والإفْك الكذب، وأَفَكْتُ الرجلَ عن الشيء إذا صرفتَه عنه الشيء.
المُؤتفكات: مدائن قُلِبت على قوم لوط، والرِّياح التي تقلِب الأرض. وأَفَّك فهو أَفَّاك وأَفيك وأفوك، وعنه يَأْفِكُهأفْكًا: صرَفه وقلَبه، أو قلَب رأيه.
والمأفُوك: المأفون، وهو الضعيف العقل والرأي.
ورَد لفظ الإفك باشتقاقه في (30) موضعًا من القرآن الكريم، على (7) وجوه ، وهي:
بتتبُّع الألفاظ والأوْجه نرى أنَّ الإفك في غالِب ما ورَد كان بمعنى الكذِب، وهو مِن أنواعه وأسوئِها، وما وُصف به هو الكذب في عظائمِ الأمور، فوصَف الله تعالى ادعاءَ الشركاء له بأنَّه إفْك وادِّعاء الولد، والإفْك هنا قلبُ الحقائق الواضحة البيِّنة، وهو أشدُّ مِن الكذب، فالآية كانت بهذا السِّياق: ﴿ أَلاَ إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ [الصافات: 151 - 152]، فإنْ قلنا: إنَّ الإفك هنا بمعنى الكذِب فما فائدةُ وصفهم به، وتكذيبهم هنا؟ فمَعْنى الإفْك القلْب والصَّرْف عن الجِهة الحقيقيَّة للكلام، فوصف ذلك القلْب بأنَّه كذِب، كما سمَّى الله تعالى قذْف أمِّ المؤمنين الحَصان عائشة - رضي الله عنها - بالإفْك؛ وذلك لعِظم الأمر وخُطورته، ثم اتَّهم ﴿ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ ﴾ بأنهم ﴿ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الكَاذِبُونَ ﴾ بعدها وصف ذلك الإفْك بأنه ﴿ بُهْتَانٌ عَظِيمٌ ﴾، وأنَّ النيَّة من ورائه إشاعة الفاحشة، فقال عن أصحاب الإفك: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [النور: 19].
فالبُهتان هو أن يتهم الآخَر بما لم يَفعل في غَيبته مع علمه بأنَّه كاذب في ما قاله، فهو مِن أنواع الكذب، والإفْك أشدُّ من الكذب، والبهتان أشدُّ منه، فكلُّ إفك كذب، وليس كل كذب إفكًا، فالإفك هو الكذب للإضرار بالغير؛ لذا كان كذبًا يراد منه سوء؛ لأنَّ الكذب قد يكون لدفْع ضرر أو جلْب منفعة، لكن الإفك للإضرار بالغير؛ لذا في الآيات اتَّهم الله تعالى عُصبةَ الإفك بسوء القصْد؛ حيث إنَّهم يبغون إشاعةَ الفاحشة في المؤمنين.
والبهتان كذبٌ متعمَّد باطله محير وعجيب؛ لذا وُصف الإفك بأنَّه كذلك ولم يرد العكس، غير أنَّ الإفك قد يفقد أحد شروط الكذب، وهو اليقين، فالكاذب متيقِّن من خلاف الواقع لكلامه، أما الأفَّاك فهو يقلب الحقائق ويصرف وجهَها؛ حتى لا يُتَيَقَّن بأنَّ كلامه خلافُ الواقع؛ لذا قال عنهم الله تعالى: ﴿ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [النور: 15]، فرغم عدم عِلمهم بأنه كذب وصف الله ما تناقلوه بأنَّه إفك، ثم وصفَه بأنه كذب، فتوافَر شرطان: أنَّه قلب للحقائق مع صرْف للقَصْد، والكلام بغير علم، وهذا عَدَّه الله تعالى مِن الكذب وإنْ كان لغةً يشترط العلم - كما أسلفنا في مفهوم الكذب - لكن مفهوم الكذب في القرآن يتناسق مع هذا كلِّه.