1-يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة 21]
(يا أيها الناس) أي أهل مكة (اعبدوا) وحدوا (ربكم الذي خلقكم) أنشأكم ولم تكونوا شيئا (و) خلق (الذين من قبلكم لعلكم تتقون) بعبادته عقابا ، ولعل في الأصل للترجي ، وفي كلامه تعالى للتحقيق
2-الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة 22]
(الذي جعل) خلق (لكم الأرض فراشا) حال بساطا يفترش لا غاية في الصلابة أو الليونة فلا يمكن الاستقرار عليها (والسماء بناء) سقفا (وأنزل من السماء ماء فأخرج به من) أنواع (الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أنداداً) شركاء في العبادة (وأنتم تعلمون) أنه الخالق ولا تخلقون ، ولا يكون إلها إلا من يخلق
3-كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [البقرة 28]
(كيف تكفرون) يا أهل مكة (بالله و) قد (كنتم أمواتا) نطفا في الأصلاب (فأحياكم) في الأرحام والدنيا بنفخ الروح فيكم ، والاستفهام للتعجب من كفرهم مع قيام البرهان أو للتوبيخ (ثم يميتكم) عند انتهاء آجالكم (ثم يحييكم) بالبعث (ثم إليه ترجعون) تردون بعد البعث فيجازيكم بأعمالكم . وقال دليلا على البعث لما أنكروه:
4-هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة 29]
(هو الذي خلق لكم ما في الأرض) أي الأرض وما فيها (جميعا) لتنتفعوا به وتعتبروا (ثم استوى) بعد خلق الأرض أي قصد (إلى السماء فسوَّاهن) الضمير يرجع إلى السماء لأنها في معنى الجملة الآيلة إليه : أي صيرها كما في آية أخرى {فقضاهن} (سبع سماوات وهو بكل شيء عليم) مجملاً ومفصلاً ، أفلا تعتبرون أن القادر على خلق ذلك ابتداء وهو أعظم منكم قادرٌ على إعادتكم
5-أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [البقرة 107]
(ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض) يفعل ما يشاء (وما لكم من دون الله) من غيره (من) زائدة (ولي) يحفظكم (ولا نصير) يمنع عذابه إن أتاكم ، ونزل لما سأله أهل مكة أن يوسعها ويجعل الصفا ذهباً
6-وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة 115]
ونزل لما طعن اليهود في نسخ القبلة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجهت (ولله المشرق والمغرب) أي الأرض كلها لأنهما ناحيتاها (فأين ما تولوا) وجوهكم في الصلاة بأمره (فثم) هناك (وجه الله) قبلته التي رضيها (إن الله واسع) يسع فضله كل شيء (عليم) بتدبير خلقه
7-بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ [البقرة 117]
(بديع السماوات والأرض) موجدهم لا على مثال سبق (وإذا قضى) أراد (أمراً) أي إيجاده (فإنما يقول له كن فيكون) أي فهو يكون ، وفي قراءة بالنصب جواباً للأمر
8-أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة 133]
ولما قال اليهود للنبي ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية نزل: (أم كنتم شهداء) حضورا (إذ حضر يعقوبَ الموتُ إذ) بدل من إذ قبله (قال لبنيه ما تعبدون من بعدي) بعد موتي (قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق) عدُّ إسماعيلَ من الآباء تغليب ، ولأن العم بمنزلة الأب (إلها واحدا) بدل من إلهك (ونحن له مسلمون) وأم بمعنى همزة الإنكار أي لم تحضروه وقت موته فكيف تنسبون إليه ما لا يليق به
9-وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة 163]
ونزل لما قالوا صف لنا ربك: (وإلهكم) المستحق للعبادة منكم (إله واحد) لا نظير له في ذاته ولا في صفاته (لا إله إلا هو) هو (الرحمن الرحيم) وطلبوا آية على ذلك فنزل:
10-وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ [البقرة 165]
(ومن الناس من يتخذ من دون الله) أي غيره (أندادا) أصناما (يحبونهم) بالتعظيم والخضوع (كحب الله) أي كحبهم له (والذين آمنوا أشدُّ حبا لله) من حبهم للأنداد لأنهم لا يعدلون عنه بحال ما ، والكفار يعدلون في الشدة إلى الله. (ولو ترى) تبصر يا محمد (الذين ظلموا) باتخاذ الأنداد (إذ يرون) بالبناء للفاعل والمفعول يبصرون (العذاب) لرأيت أمرا عظيما وإذ بمعنى إذا (أن) أي لأن (القوة) القدرة والغلبة (لله جميعا) حال (وأن الله شديد العذاب) وفي قراءة {يرى} والفاعل ضمير السامع ، وقيل الذين ظلموا فهي بمعنى يعلم وأن وما بعدها سدت مسد المفعولين وجواب لو محذوف والمعنى لو علموا في الدنيا شدة عذاب الله وأن القدرة لله وحده وقت معاينتهم له وهو يوم القيامة لما اتخذوا من دونه أندادا
11-اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة 255]
(الله لا إله) أي لا معبود بحق في الوجود (إلا هو الحي) الدائم بالبقاء (القيوم) المبالغ في القيام بتدبير خلقه (لا تأخذه سِنةٌ) نعاس (ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض) ملكا وخلقا وعبيدا (من ذا الذي) أي لا أحد (يشفع عنده إلا بإذنه) له فيها (يعلم ما بين أيديهم) أي الخلق (وما خلفهم) أي من أمر الدنيا والآخرة (ولا يحيطون بشيء من علمه) أي لا يعلمون شيئا من معلوماته (إلا بما شاء) أن يعلمهم به منها بإخبار الرسل (وسع كرسيه السماواتِ والأرضَ) قيل أحاط علمه بهما وقيل الكرسي نفسه مشتمل عليهما لعظمته ، لحديث: "ما السماوات السبع في الكرسي إلا كدراهم سبعة ألقيت في ترس" . (ولا يؤوده) يثقله (حفظهما) أي السماوات والأرض (وهو العلي) فوق خلقه بالقهر (العظيم) الكبير
12-إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء [أل عمران 5]
(إن الله لا يخفى عليه شيء) كائن (في الأرض ولا في السماء) لعلمه بما يقع في العالم من كلي وجزئي وخصهما بالذكر لأن الحس لا يتجاوزهما
13-هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [أل عمران 6]
(هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) من ذكورة وأنوثة وبياض وسواد وغير ذلك (لا إله إلا هو العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه
14-شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [أل عمران 18]
(شهد الله) بين لخلقه بالدلائل والآيات (أنه لا إله) أي لا معبود في الوجود بحق (إلا هو و) شهد بذلك (الملائكة) بالإقرار (وأولوا العلم) من الأنبياء والمؤمنين بالإعتقاد واللفظ (قائما) بتدبير مصنوعاته ونصبه على الحال والعامل فيها معنى أي تفرد (بالقسط) بالعدل (لا إله إلا هو) كرره تأكيدا (العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه
15-تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ [أل عمران 27]
(تولج) تدخل (الليل في النهار وتولج النهار) تدخله (في الليل) فيزيد كل منهما بما نقص من الآخر (وتخرج الحي من الميت) كالإنسان والطائر من النطفة والبيضة (وتخرج الميت) كالنطفة والبيضة (من الحي وترزق من تشاء بغير حساب) أي رزقا واسعا
16-إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [أل عمران 62]
(إن هذا) المذكور (لهو القصص) الخبر (الحق) الذي لا شك فيه (وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه
17-أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ [أل عمران 83]
(أفغير دين الله يبغون) بالياء والتاء أي المتولون (وله أسلم) انقاد (من في السماوات والأرض طوعاً) بلا إباء (وكرهاً) بالسيف ومعاينة ما يلجئ إليه (وإليه تُرجعون) بالتاء والياء والهمزة في أول الآية للإنكار
18-وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ [أل عمران 109]
(ولله ما في السماوات وما في الأرض) مُلكاً وخلقاً وعبيداً (وإلى الله تُرجع) تصير (الأمور)
19-وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [أل عمران 129]
(ولله ما في السماوات وما في الأرض) ملكاً وخلقاً وعبيداً (يغفر لمن يشاء) المغفرة له (ويعذب من يشاء) تعذيبه (والله غفور) لأوليائه (رحيم) بأهل طاعته
20-وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [أل عمران 189]
(ولله ملك السماوات والأرض) خزائن المطر والرزق والنبات وغيرها (والله على كل شيء قدير) ومنه تعذيب الكافرين وإنجاء المؤمنين
21-يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً [النساء 1]
(يا أيها الناس) أي أهل مكة (اتقوا ربكم) أي عقابه بأن تطيعوه (الذي خلقكم من نفس واحدة) آدم (وخلق منها زوجها) حواء بالمد من ضلع من أضلاعه اليسرى (وبث) فرق ونشر (منهما) من آدم وحواء (رجالاً كثيراً ونساء) كثيرة (واتقوا الله الذي تَسَّاءلون) فيه إدغام التاء في الأصل في السين ، وفي قراءة بالتخفيف بحذفها أي تتساءلون (به) فيما بينكم حيث يقول بعضكم لبعض: أسألك بالله وأنشدك بالله (و) اتقوا (الأرحام) أن تقطعوها ، وفي قراءة بالجر عطفا على الضمير في به وكانوا يتناشدون بالرحم (إن الله كان عليكم رقيبا) حافظا لأعمالكم فيجازيكم بها ، أي لم يزل متصفا بذلك
22-اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً [النساء 87]
(الله لا إله إلا هو) والله (ليجمعنكم) من قبوركم (إلى) في (يوم القيامة لا ريب) لا شك (فيه ومن) أي لا أحد (أصدق من الله حديثا) قولا
23-وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطاً [النساء 126]
(ولله ما في السماوات وما في الأرض) ملكا وخلقا وعبيدا (وكان الله بكل شيء محيطا) علما وقدرة أي لم يزل متصفا بذلك
24-وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيّاً حَمِيداً [النساء 131]
(ولله ما في السماوات وما في الأرض ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب) بمعنى الكتب (من قبلكم) أي اليهود والنصارى (وإياكم) يا أهل القرآن (أن) أي بأن (اتقوا الله) خافوا عقابه بأن تطيعوه (و) قلنا لهم ولكم (إن تكفروا) بما وصيتم به (فإن لله ما في السماوات وما في الأرض) خلقا وملكا وعبيدا فلا يضره كفركم (وكان الله غنيا) عن خلقه وعبادتهم (حميدا) في صنعه بهم
25-وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً [النساء 132]
(ولله ما في السماوات وما في الأرض) كرره تأكيدا لتقرير موجب التقوى (وكفى بالله وكيلا) شهيدا بأن ما فيهما له
26-لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة 17]
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) حيث جعلوه إلهاً وهم اليعقوبية فرقة من النصارى (قل فمن يملك) أي يدفع (من) عذاب (الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا) أي لا أحد يملك ذلك ولو كان المسيح إلهاً لقدر عليه (ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء) شاءه (قدير)
27-لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة 72]
(لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم) سبق مثله (وقال) لهم (المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم) فإني عبد ولست بإله (إنه من يشرك بالله) في العبادة غيره (فقد حرم الله عليه الجنة) منعه أن يدخلها (ومأواه النار وما للظالمين من أنصار) يمنعوهم من عذاب الله
28-لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة 73]
(لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث) آلهة (ثلاثة) أي أحدها والآخران عيسى وأمه وهم فرقة من النصارى (وما من إله إلا إله واحد وإن لم ينتهوا عما يقولون) من التثليث ويوحدوا (ليمسن الذين كفروا) أي ثبتوا على الكفر (منهم عذاب أليم) مؤلم وهو النار
29-أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة 74]
(أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه) مما قالوا استفهام توبيخ (والله غفور) لمن تاب (رحيم) به
30-مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المائدة 75]
(ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت) مضت (من قبله الرسل) فهو يمضي مثلهم وليس بإله كما زعموا وإلا لما مضى (وأمه صدِّيقة) مبالغة في الصدق (كانا يأكلان الطعام) كغيرهما من الناس ومن كان كذلك لا يكون إلها لتركيبه وضعفه وما ينشأ من البول والغائط (انظر) متعجبا (كيف نبين لهم الآيات) على وحدانيتنا (ثم انظر أنى) كيف (يؤفكون) يصرفون عن الحق مع قيام البرهان
31-قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَاللّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [المائدة 76]
(قل أتعبدون من دون الله) أي غيره (ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا والله هو السميع) لأقوالكم (العليم) بأحوالكم والاستفهام للإنكار
32-قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ [المائدة 77]
(قل يا أهل الكتاب) اليهود والنصارى (لا تغلوا) تجاوزوا الحد (في دينكم) غلوا (غير الحق) بأن تضعوا عيسى أو ترفعوه فوق حقه (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل) بغلوهم وهم أسلافهم (وأضلوا كثيرا) من الناس (وضلوا عن سواء السبيل) عن طريق الحق والسواء في الأصل الوسط
33-لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [المائدة 120]
(لله ملك السماوات والأرض) خزائن المطر والنبات والرزق وغيرها (وما فيهن) أتى بما تغليبا لغير العاقل (وهو على كل شيء قدير) ومنه إثابة الصادق وتعذيب الكاذب
34-الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ [الانعام 1]
(الحمد) وهو الوصف بالجميل ثابت (لله) وهل المراد الإعلام بذلك للإيمان به أو الثناء به أو هما احتمالات أفيدها الثالث قاله الشيخ في سورة الكهف (الذي خلق السماوات والأرض) خصهما بالذكر لأنهما أعظم المخلوقات للناظرين (وجعل) خلق (الظلمات والنور) أي كل ظلمة ونور وجمعها دونه لكثرة أسبابها وهذا من دلائل وحدانيته (ثم الذين كفروا) مع قيام هذا الدليل (بربهم يعدلون) يسوون غيره في العبادة
35-هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ [الانعام 2]
(هو الذي خلقكم من طين) بخلق أبيكم آدم منه (ثم قضى أجلا) لكم تموتون عند انتهائه (وأجل مسمى) مضروب (عنده) لبعثكم (ثم أنتم) أيها الكفار (تمترون) تشكون في البعث بعد علمكم أنه ابتدأ خلقكم ومن قدر على الابتداء فهو على الإعادة أقدر
36-قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ [الانعام 12]
(قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله) إن لم يقولوه لا جواب غيره (كتب على نفسه) قضى على نفسه (الرحمة) فضلا منه وفيه تلطيف في دعائهم إلى الإيمان (ليجمعنكم إلى يوم القيامة) ليجازيكم بأعمالكم (لا ريب) لا شك (فيه الذين خسروا أنفسهم) بتعريضها للعذاب مبتدأ خبره (فهم لا يؤمنون)
37-قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكَينَ [الانعام 14]
(قل) لهم (أغير الله أتخذ وليا) أعبده (فاطر السماوات والأرض) مبدعهما (وهو يُطْعِم) يرزِق (ولا يُطْعَم) لايُرزَق (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم) لله من هذه الأمة (و) قيل لي (لا تكونن من المشركين) به
38-وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ [الانعام 17]
(وإن يمسسك الله بضر) بلاء كمرض وفقر (فلا كاشف) رافع (له إلا هو وإن يمسسك بخير) كصحة وغنى (فهو على كل شيء قدير) ومنه مسك به ولا يقدر على رده عنك غيره
39-وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ [الانعام 18]
(وهو القاهر) القادر الذي لا يعجزه شيء مستعليا (فوق عباده وهو الحكيم) في خلقه (الخبير) ببواطنهم كظواهرهم
40-قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللّهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ [الانعام 19]
ونزل لما قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: ائتنا بمن يشهد لك بالنبوة فإن أهل الكتاب أنكروك (قل) لهم (أي شيء أكبر شهادة) تمييز محول عن المبتدأ (قل الله) إن لم يقولوه لا جواب غيره هو (شهيد بيني وبينكم) على صدقي (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم) أخوفكم يا أهل مكة (به ومن بلغ) عطف على ضمير أنذركم أي بلغه القرآن من الإنس والجن (أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى) استفهام إنكار (قل) لهم (لا أشهد) بذلك (قل إنما هو إله واحد وإنني بريء مما تشركون) معه من الأصنام
41-الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ [الانعام 20]
(الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) أي محمداً بنعته في كتابهم (كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم) منهم (فهم لا يؤمنون) به
42-وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الانعام 21]
(ومن) أي لا أحد (أظلم ممن افترى على الله كذبا) بنسبة الشريك إليه (أو كذب بآياته) القرآن (إنه) أي الشأن (لا يفلح الظالمون) بذلك
43-وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ [الانعام 22]
(و) اذكر (يوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا) توبيخا (أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) أنهم شركاء الله
44-ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الانعام 23]
(ثم لم تكن) بالتاء والياء (فتنتهم) بالنصب والرفع أي معذرتهم (إلا أن قالوا) أي قولهم (والله ربنا) بالجر نعت والنصب نداء (ما كنا مشركين)
45-انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ [الانعام 24]
قال تعالى: (انظر) يا محمد (كيف كذبوا على أنفسهم) بنفي الشرك عنهم (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يفترونـ) ـه على الله من شركاء
46-قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلَـهٌ غَيْرُ اللّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ [الانعام 46]
(قل) لأهل مكة (أرأيتم) أخبروني (إن أخذ الله سمعكم) أصمكم (وأبصاركم) أعمالكم (وختم) طبع (على قلوبكم) فلا تعرفون شيئا (من إله غير الله يأتيكم به) بما أخذه منكم بزعمكم (انظر كيف نصرف) نبين (الآيات) الدلالات على وحدانيتنا (ثم هم يصدفون) يعرضون عنها فلا يؤمنون
47-قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ [الانعام 47]
(قل) لهم (أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة) ليلا أو نهارا (هل يهلك إلا القوم الظالمون) الكافرون أي ما يهلك إلا هم
48-وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ [الانعام 59]
(وعنده) تعالى (مفاتح الغيب) خزائنه أو الطرق الموصلة إلى علمه (لا يعلمها إلا هو) وهي الخمسة التي في قوله {إن الله عنده علم الساعة} الآية كما رواه البخاري (ويعلم ما) يحدث (في البر) القفار (والبحر) القرى التي على الأنهار (وما تسقط من) زائدة (ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس) عطف على ورقة (إلا في كتاب مبين) هو اللوح المحفوظ والاستئناف بدل اشتمال من الاستثناء قبله
49-وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [الانعام 60]
(وهو الذي يتوفاكم بالليل) يقبض أرواحكم عند النوم (ويعلم ما جرحتم) كسبتم (بالنهار ثم يبعثكم فيه) أي النهار بردِّ أرواحكم (ليقضى أجل مسمى) هو أجل الحياة (ثم إليه مرجعكم) بالبعث (ثم ينبئكم بما كنتم تعملون) فيجازيكم به
50-وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ [الانعام 61]
(وهو القاهر) مستعليا (فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) ملائكة تحصي أعمالكم (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته) وفي قراءة {توفاه} (رسلنا) الملائكة الموكلون بقبض الأرواح (وهم لا يفرِّطون) يقصرون فيما يؤمرون به
51-إِنَّ اللّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [الانعام 95]
(إن الله فالق) شاق (الحب) عن النبات (والنوى) عن البخل (يخرج الحي من الميت) كالإنسان والطائر من النطفة والبيضة (ومخرج الميت) النطفة والبيضة (من الحي ذلكم) الفالق المخرج (الله فأنى تؤفكون) فكيف تصرفون عن الإيمان مع قيام البرهان
52-فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ [الانعام 96]
(فالق الإصباح) مصدر بمعنى الصبح أي شاق عمود الصبح وهو أول ما يبدو من نور النهار عن ظلمة الليل (وجعل الليل سكنا) تسكن فيه الخلق من التعب (والشمس والقمر) بالنصب عطفا من محل الليل (حسبانا) حسابا للأوقات أو الباء محذوفة وهو حال من مقدر أي يجريان بحسبان كما في آية الرحمن (ذلك) المذكور (تقدير العزيز) في ملكه (العليم) بخلقه
53-وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [الانعام 97]
(وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر) في الأسفار (قد فصلنا) بينا (الآيات) الدلالات على قدرتنا (لقوم يعلمون) يتدبرون
54-وَهُوَ الَّذِيَ أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ [الانعام 98]
(وهو الذي أنشأكم) خلقكم (من نفس واحدة) هي آدم (فمستقِرٌّ) منكم في الرحم (ومستودع) منكم في الصلب ، وفي قراءة بفتح القاف أي مكان قرار لكم (قد فصلنا الآيات لقوم يفقهون) ما يقال لهم
55-وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الانعام 99]
(وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا) فيه التفات عن الغيبة (به) بالماء (نبات كل شيء) ينبت (فأخرجنا منه) أي النبات شيئا (خَضِرا) بمعنى أخضر (نخرج منه) من الخضر (حبا متراكبا) يركب بعضه بعضا كسنابل الحنطة ونحوها (ومن النخل) خبر ويبدل منه (من طلعها) أول ما يخرج منها والمبتدأ (قنوان) عراجين (دانية) قريب بعضها من بعض (و) أخرجنا به (جنات) بساتين (من أعناب والزيتون والرمان مشتبها) ورقهما حال (وغير متشابه) ثمرها (انظروا) يا مخاطبون نظر اعتبار (إلى ثمره) بفتح الثاء والميم وبضمهما وهو جمع ثمرة كشجرة وشجر وخشبة وخشب (إذا أثمر) أول ما يبدو كيف هو (و) إلى (ينعه) نضجه إذا أدرك كيف يعود (إن في ذلكم لآيات) دلالات على قدرته تعالى على البعث وغيره (لقوم يؤمنون) خصوا بالذكر لأنهم المنتفعون بها في الإيمان بخلاف الكافرين
56-وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُواْ لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ [الانعام 100]
(وجعلوا لله) مفعول ثان (شركاء) مفعول أول ويبدل منه (الجن) حيث أطاعوهم في عبادة الأوثان (و) قد (خلقهم) فكيف يكونون شركاء (وخرقوا) بالتخفيف والتشديد أي اختلفوا (له بنين وبنات بغير علم) حيث قالوا عزير ابن الله والملائكة بنات الله (سبحانه) تنزيها له (وتعالى عما يصفون) بأن له ولدا
57-بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الانعام 101]
هو (بديع السماوات والأرض) مبدعهما من غير مثال سبق (أنى) كيف (يكون له ولد ولم تكن له صاحبة) زوجة (وخلق كل شيء) من شأنه أن يخلق (وهو بكل شيء عليم)
58-ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الانعام 102]
(ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه) وحدوه (وهو على كل شيء وكيل) حفيظ
59-لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الانعام 103]
" تدركه الأبصار" ي لا تراه وهذا مخصوص لرؤية المؤمنين له في الآخرة لقوله تعالى "وه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة" حديث الشيخين "إنكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر" وقيل المراد لا تحيط به (وهو يدرك الأبصار) أي يراها ولا تراه ولا يجوز في غيره أن يدرك البصر ولا يدركه أو يحيط به علما (وهو اللطيف) بأوليائه (الخبير) بهم
60-قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ [الانعام 161]
(قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم) ويبدل من محله (ديناً قِيَمَاً) مستقيماً (ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين)
61-قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الانعام 162]
(قل إن صلاتي ونسكي) عبادتي من حج وغيره (ومحياي) حياتي (ومماتي) موتي (لله رب العالمين)
62-لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الانعام 163]
(لا شريك له) في ذلك (وبذلك) أي التوحيد (أمرت وأنا أول المسلمين) من هذه الأمة
63-قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [الانعام 164]
(قل أغير الله أبغي ربا) إلها أي لا أطلب غيره (وهو رب) مالك (كل شيء ولا تكسب كل نفس) ذنبا (إلا عليها ولا تزر) تحمل نفس (وازرة) آثمة (وزر) نفس (أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون)
64-وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ [الانعام 165]
(وهو الذي جعلكم خلائف الأرض) جمع خليفة ، أي يخلف بعضكم بعضاً فيها (ورفع بعضكم فوق بعض درجات) بالمال والجاه وغير ذلك (ليبلوكم) ليختبركم (في ما آتاكم) أعطاكم ليظهر المطيع منكم والعاصي (إن ربك سريع العقاب) لمن عصاه (وإنه لغفور) للمؤمنين (رحيم) بهم
65-إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [الأعراف 54]
(إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) من أيام الدنيا أي في قدرها لأنه لم يكن ثم شمس ولو شاء خلقهن في لمحة والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت (ثم استوى على العرش) هو في اللغة سرير الملك ، استواءً يليق به (يغشي الليل النهار) مخففاً ومشدداً أي يغطي كلا منهما بالآخر (يطلبه) يطلب كل منهما الآخر طلباً (حثيثاً) سريعاً (والشمس والقمر والنجوم) بالنصب عطفاً على السماوات والرفع مبتدأ خبره (مسخرات) مذللات (بأمره) بقدرته (ألا له الخلق) جميعا (والأمر) كله (تبارك) تعاظم (الله رب) مالك (العالمين)
66-قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف 158]
(قل) خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته) القرآن (واتبعوه لعلكم تهتدون) ترشدون
67-أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [الأعراف 185]
(أولم ينظروا في ملكوت السماوات) ملك (والأرض و) في (ما خلق الله من شيء) بيان لما ، فيستدلوا به على قدرة صانعه ووحدانيته (و) في (أن) أي أنه (عسى أن يكون قد اقترب) قرب (أجلهم) فيموتوا كفارا فيصيروا إلى النار فيبادروا إلى الإيمان (فبأي حديث بعده) أي القرآن (يؤمنون)
68-هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَت دَّعَوَا اللّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً لَّنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الأعراف 189]
(هو) أي الله (الذي خلقكم من نفس واحدة) أي آدم (وجعل) خلق (منها زوجها) حواء (ليسكن إليها) ويألفها (فلما تغشاها) جامعها (حملت حملاً خفيفاً) هو النطفة (فمرت به) ذهبت وجاءت لخفته (فلما أثقلت) بكبر الولد في بطنها وأشفقا أن يكون بهيمة (دعوا الله ربهما لئن آتيتنا) ولداً (صالحاً) سوياً (لنكونن من الشاكرين) لك عليه
69-إِنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ [التوبة 116]
(إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم) أيها الناس (من دون الله) أي غيره (من ولي) يحفظكم منه (ولا نصير) يمنعكم من ضرره
70-إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ [يونس 3]
(إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام) من الدنيا ، أي في قدرها لأنه لم يكن ثم شمس ولا قمر ولو شاء لخلقهن في لمحة ، والعدول عنه لتعليم خلقه التثبت (ثم استوى على العرش) استواء يليق به (يدبر الأمر) بين الخلائق (ما من) صلة (شفيع) يشفع لأحد (إلا من بعد إذنه) رد لقولهم إن الأصنام تشفع لكم (ذلكم) الخالق المدبر (الله ربكم فاعبدوه) وحدوه (أفلا تذَّكَّرون) بإدغام التاء في الأصل في الذال
71-هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [يونس 5]
(هو الذي جعل الشمس ضياء) ذات ضياء أي نور (والقمر نوراً وقدره) من حيث سيره (منازل) ثمانية وعشرين ليلة من كل شهر منزلاً من ثمان وعشرين ويستتر ليلتين إن كان الشهر ثلاثين يوماً أو ليلةً إن كان تسعة وعشرين يوماً (لتعلموا) بذلك (عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك) المذكور (إلا بالحق) لا عبثاً ، تعالى عن ذلك (يفصل) بالياء والنون يبين (الآيات لقوم يعلمون) يتدبرون
72-وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس 18]
(ويعبدون من دون الله) أي غيره (ما لا يضرهم) إن لم يعبدوه (ولا ينفعهم) إن عبدوه وهو الأصنام (ويقولون) عنها (هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل) لهم (أتنبئون الله) تخبرونه (بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض) استفهام إنكار إذ لو كان له شريك لعلمه إذ لا يخفي عليه شيء (سبحانه) تنزيهاً له (وتعالى عما يشركونـ) ـه معه
73-هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَاءتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنجَيْتَنَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ [يونس 22]
(هو الذي يسيركم) وفي قراءة {ينشركم} (في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك) السفن (وجرين بهم) فيه التفات عن الخطاب (بريح طيبة) لينة (وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف) شديدة الهبوب تكسر كل شيء (وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم) أي أهلكوا (دعوا الله مخلصين له الدين) الدعاء (لئن) لام القسم (أنجيتنا من هذه) الأهوال (لنكونن من الشاكرين) الموحدين
74-وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَآؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ [يونس 28]
(و) اذكر (يوم نحشرهم) أي الخلق (جميعاً ثم نقول للذين أشركوا مكانكم) نصب بالزموا مقدراً (أنتم) تأكيد للضمير المستتر في الفعل المقدر ليعطف عليه (وشركاؤكم) أي الأصنام (فزيَّلنا) ميزنا (بينهم) وبين المؤمنين كما في آية {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} (وقال) لهم (شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون) ما نافية وقدم المفعول للفاصلة
75-فَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ [يونس 29]
(فكفى بالله شهيداً بيننا وبينكم إن) مخففة أي إنا (كنا عن عبادتكم لغافلين)
76-هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ [يونس 30]
(هنالك) أي ذلك اليوم (تبلُو) من البلوى ، وفي قراءة بتاءين {تتلو} من التلاوة (كل نفس ما أسلفت) قدمت من العمل (وردوا إلى الله مولاهم الحق) الثابت الدائم (وضل) غاب (عنهم ما كانوا يفترون) عليه من الشركاء
77-قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس 31]
(قل) لهم (من يرزقكم من السماء) بالمطر (والأرض) بالنبات (أم من يملك السمع) بمعنى الأسماع أي خلقها (والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر) بين الخلائق (فسيقولون) هو (الله فقل) لهم (أفلا تتقون) فتؤمنون
78-فَذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [يونس 32]
(فذلكم) الفاعل لهذه الأشياء (الله ربكم الحق) الثابت (فماذا بعد الحق إلا الضلال) استفهام تقرير ، أي ليس بعده غيره فمن أخطأ الحق وهو عبادة الله وقع في الضلال (فأنى) كيف (تصرفون) عن الإيمان مع قيام البرهان
79-كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ [يونس 33]
(كذلك) كما صرف هؤلاء عن الإيمان (حقت كلمة ربك على الذين فسقوا) كفروا ، وهي {لأملأن جهنم} الآية ، أو هي (أنهم لا يؤمنون)
80-قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ [يونس 34]
(قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون) تصرفون عن عبادته مع قيام الدليل
81-قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [يونس 35]
(قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق) بنصب الحجج وخلق الاهتداء (قل الله يهدي للحق ، أفمن يهدي إلى الحق) وهو الله (أحق أن يتبع أم من لا يهدِّي) يهتدي (إلا أن يُهدى) أحق أن يتبع ، استفهام تقرير وتوبيخ ، أي الأول أحق (فما لكم كيف تحكمون) هذا الحكم الفاسد من اتباع ما لا يحق اتباعه
82-وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ [يونس 36]
(وما يتبع أكثرهم) في عبادة الأصنام (إلا ظناً) حيث قلَّدوا فيه آباءهم (إن الظن لا يغني من الحق شيئاً) فيما المطلوب منه العلم (إن الله عليم بما يفعلون) فيجازيهم عليه
83-أَلا إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ [يونس 55]
(ألا إن لله ما في السماوات والأرض ألا إن وعد الله) بالبعث والجزاء (حق) ثابت (ولكن أكثرهم) أي الناس (لا يعلمون) ذلك
84-هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [يونس 56]
(هو يحيي ويميت وإليه ترجعون) في الآخرة فيجازيكم بأعمالكم
85-أَلا إِنَّ لِلّهِ مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ شُرَكَاء إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ [يونس 66]
(ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض) عبيداً وملكاً وخلقاً (وما يتبع الذين يدعون) يعبدون (من دون الله) أي غيره أصناماً (شركاء) له على الحقيقة تعالى على ذلك (إن) ما (يتبعون) في ذلك (إلا الظن) أي ظنهم أنها آلهة تشفع لهم (وإن) ما (هم إلا يخرصون) يكذبون في ذلك
86-هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [يونس 67]
(هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصراً) إسناد الإبصار إليه مجاز لأنه يبصر فيه (إن في ذلك لآيات) دلالات على وحدانيته تعالى (لقوم يسمعون) سماع تدبرٍ واتعاظ
87-قَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـذَا أَتقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [يونس 68]
(قالوا) أي اليهود والنصارى ومن زعم أن الملائكة بنات الله (اتخذ الله ولداً) قال تعالى لهم (سبحانه) تنزيهاً له عن الولد (هو الغني) عن كل أحد وإنما يطلب الولد من يحتاج إليه (له ما في السماوات وما في الأرض) ملكاً وخلقاً وعبيداً (إن) ما (عندكم من سلطانٍ) حجةٍ (بهذا) الذي تقولونه (أتقولون على الله ما لا تعلمون) استفهام توبيخ
88-قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ [يونس 69]
(قل إن الذين يفترون على الله الكذب) بنسبه الولد إليه (لا يفلحون) لا يسعدون
89-مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ [يونس 70]
لهم (متاع) قليل (في الدنيا) يتمتعون به مدة حياتهم (ثم إلينا مرجعهم) بالموت (ثم نذيقهم العذاب الشديد) بعد الموت (بما كانوا يكفرون)
90-قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ [يونس 101]
(قل) لكفار مكة (انظروا ماذا) أي الذي (في السماوات والأرض) من الآيات الدالة على وحدانية الله تعالى (وما تغني الآيات والنذر) جمع نذير ، أي الرسل (عن قوم لا يؤمنون) في علم الله أي ما تنفعهم
91-وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَال