⋐✉⋑ الحبكة في الأدب ⋐✉⋑
الحبكة (plot بالإنكليزية و intrigue بالفرنسية) مصطلح حديث الاستخدام نسبياً في لغة النقد الأدبي، والحبكة في الأدب التخييلي fiction هي بنية structure مؤلفة من مجموعة أحداث (أفعال actions) مترابطة فيما بينها، قد تتشابك بسبب تعارض الرغبات وبسبب عوامل خارجية لا سلطة للإنسان عليها، أي إن هناك صراعاً ومعوقات، وقد نظّم المؤلف تسلسل أو تداخل هذه الأحداث بوعي انتقائي. وبالتالي ترتبط الحبكة ارتباطاً وثيقاً بالجانب الدرامي في فنون السرد (الملحمة، الرواية، القصة، الحكاية) وفي فنون المسرح المأساة، الملهاة، المشجاة، الهزلية، الأوبرا، الأوبريت). ويرى الناقد فورستر E.M.Forster في كتابه «سمات الرواية» Aspects of the Novel عام 1927أن الحبكة تنطوي على مستوى عالٍ من التنظيم السردي في الرواية، مقارنة بما يجري على صعيد القصة والحكاية، فالقصة «هي سرد الأحداث وفق تتابعها الزمني»، في حين أن الحبكة في الرواية تنظِّم الأحداث وفق «مبدأ السببية».
تعرّض مفهوم الحبكة في تاريخ النقد الأدبي إلى تفسـيرات متعددة. ففي كتاب «فن الشـعر» Peri poietices الذي ينتمي إلى المرحلة الأخيرة من مؤلفات أرسـطو[ر] منح المؤلف الحبكة mythos (تعني الكلمة هنا حكاية العمل أيضاً) مكانة خاصة واعتبرها روح المأساة[ر]. وفي مرحلة لاحقة تعامل النقاد مع الحبكة باعتبارها تقوم في العمل الأدبي التخييلي بوظيفة محض آلية. وفي أثناء المرحلة الإبداعية[ر] (الرومنسية) تدنت مكانة مفهوم الحبكة في نظرية الأدب إلى ملخص لمضمون أحداث العمل، وانتشرت على الصعيد الشعبي فكرة وجود مثل هذه الملخصات بمعزل عن أي عمل إبداعي، وأن هذه الملخصات قابلة لإعادة الاستخدام والتبديل بحسب مشيئة المؤلف القادر على ضخ الحياة في عروقها، بتطويره الشخصيات والحوار وعناصر فنية أخرى من مكونات العمل الأدبي. كما أدى نشر كتب تحمل عنوانات مثل «حبكات أساسية» إلى انحدارمفهوم الحبكة إلى أدنى مستوياته.
وعلى صعيد المسرح خاصة حدث في بعض المراحل التاريخية خلط بين مفهوم الحبكة ومفهومات أخرى مثل الحكاية والفعل والعقدة، ولاسيما عند منعطف القرن السادس عشر إلى السابع عشر مع ترجمات أرسطو وتأويلات أقواله من قبل علماء الجمال، مثل الفرنسي شارل بوالو[ر]، في المرحلة الاتباعية (الكلاسيكية) الجديدة Neo-classicism الذين تمسكوا بقانون الوحدات الثلاث (الزمان، المكان، الفعل) وجعلوه معيار صحة وجودة العمل المسرحي. لكن بعض مسرحيات شكسبير[ر] وبيل[ر] وبيغا[ر] خرجت عن هذا القانون وأثبتت أن المسرحيات التي تتحرك أحداثها على مدى زمن طويل، وفي عدة أمكنة، ولها أكثر من خط فعل واحد، تخضع لحبكة عامة تنظم وقائعها بعلاقات سببية.
أما الحكاية فهي النواة التي تُشاد عليها بنية الحبكة، وإذا كانت العقدة تمثل مرحلة توتر وتشابك الأحداث حتى الذروة التي تتطلب التحول نحو الحل، فإن الحبكة هي المسار العام من البداية إلى الذروة فالنهاية.
جرت محاولات عدة في القرن العشرين لإعادة تعريف مفهوم الحبكة في الأدب التخييلي عامة، بحيث يعني البنية التي تنظم حركة أفعال الشخصيات في الزمان والمكان، ومن هذه المحاولات أيضاً ما ذهب إليه نقاد مدرسة شيكاغو (الأرسطويون الجدد) الذين عدوا الحبكة بمنزلة سيطرة المؤلف على استجابات القارئ العاطفية وإثارة اهتمامه ولهفته على مدى محدد من الزمن.