الاتباعية في الأدب
ظلَّت مجموعة القواعد التي يفصح عنها مفهوم الاتباعية classicisme في الأدب موضوع جدل مثير ومتصل، في أوروبة بعامة وفي فرنسة بخاصة، ولم يتسن بعد لهذا المفهوم أن يظفر بالتعريف الموحد المناسب الذي يمكن أن يجلوه على نحو دقيق. هكذا كان للاتباعية دلالات شتى متباينة ومتقاربة معاً، علماً بأن هذه الحركة الأدبية لم تكن حكراً على الأدب الفرنسي وحده، فقد عرفها الأدب الغربي بصورة عامة من دون أن يتزامن ظهورها في فرنسة مع ظهورها في بقية البلاد الأوربية. غير أن تعريف مفهوم الاتباعية، بدلالته المعروفة، لم يتح له أن يتضح ويترسخ في فرنسة، إلا في النصف الأول من القرن التاسع عشر، حين لجَّ الخلاف بين الاتباعية والإبداعية romantisme [ر] المتصدية لها. ففي القرن الثامن عشر غلبت موجة الاتباعية في أوربة ولاسيما في ألمانية مع انتشار الثقافة الفرنسية وتألقها. بيد أن مفهوم الاتباعية أخذ في ألمانية دلالة مغايرة. فقد بدا غوته Goethe [ر] مثلاً في مغرب حياته اتباعياً في حرصه الدائب على أن يساير ذوق عصره على النحو الذي كانت تدعو إليه الاتباعية، مما أفضى إلى ردة فعل في ظهور حركة الإبداعية لدى الشعراء الذين أتوا بعده، ولاسيما هولدرلين [ر] Hölderlin الذي جهر بمعارضته لمبادئ الاتباعية التقليدية ودعوته إلى أدب جديد ينضح بالحساسية والعاطفة المتدفقة.
وقد ظل تعبير الاتباعية يعني، في البدء، برأي جمهرة الأدباء الفرنسيين، كل ما هو قمين بأن يُتَّبع، وكل ما تأتَّى لـه بأصالته أن يخلد ويغالب الزمن ويتحدى النسيان، علماً بأن بعض قواعد الاتباعية تناهت بقدمها، لتمتح من آراء أرسطو [ر] في الشعر. وهكذا عنى هذا التعبير، آنئذ كل ما هو بسبيله إلى المؤلفات الأدبية السامية، الجديرة بأن تقلد وتتخذ مثالاً وقدوة، لتكون قادرة، بمنهجها المتماسك وديباجتها الرائعة، على أن تناجز الأساليب الفجة الركيكة.
قواعد الاتباعية في المنهج والأسلوب:
بيد أن هذه السمات اللصيقة بالاتباعية، لم تكن كافية وافية، على النحو الذي جلاه الناقد الفرنسي سانت بوف Sainte Beuve [ر] في دراسته «ما هي الاتباعية؟»، لأن كثيراً من الأدباء، من قدامى ومعاصرين، ممن أغنوا الفكر الإنساني وتقدموا به مراحل ملحوظة في الإبداع، لم يقنعوا قط بمحاكاة القدامى والأخذ بمدرجتهم في الأسلوب المشرق فحسب، وأضحت آثارهم الأدبية، مع ذلك قدوة للأجيال المقبلة. هكذا نجد أن تعريف الاتباعية اتجه، في تحديدها واستجلائها، إلى الجهد المتواصل الذي ينبغي للكاتب أن ينهض به في أسلوبه وفكره معاً، على النحو الذي تتجلى فيه ملامح الاتباعية وإرهاصاتها، بدءاً من ماليرب Malherbe [ر] الذي اشتهر بتعريفاته النظرية، ومروراً بلا بروييرLa Bruyère [ر] الذي كان يدعو إلى التوق إلى الكمال. في ذروة تؤالف ما بين الخير والجمال، وفي موعد يتناغم فيه صفاء الأسلوب مع قيم السجايا، واتساع التحليل مع رجاحة الفكر. ومن بين التعريفات التي وضعها ماليرب، المعروف بحرصه على صقل القصيدة وتحكيكها، أن الشعر الأصيل المنشود هو ما تطغى فيه صناعة الشعر على المعاني السامية التي تغلفها الألفاظ، أي إن الأسلوب وحده هو المحك في جودة القصيدة وتقويمها وتقريرها. وبعد إنشاء الأكاديمية الفرنسية، في عام 1637، ساد مفهوم الاتباعية الذي التزمه ماليرب وأتباعه، حتى جاء بوالو Boileau [ر] الذي نشر كتابه المعروف «الفن الشعري» l'art poétique في عام 1674، فحدد المبادئ العامة لجمالية الشعر، كما ينبغي للشاعر أن يأخذ بها، وهي مبادئ صارمة، لا يكتفي فيها الشاعر بأن يحاكي آثار القدامى من الشعراء فحسب، بل أن يديم التفكير في ما يأخذ، ويضيف إلى ما اقتبسه ما هو جدير بأن يُضْحي، بدوره، مثالاً ينبغي أن يحتذى. وأظهر هذه المبادئ أو القواعد ما يلي:
أمانة النقل عن الطبيعة، ويحددها بوالو في قوله إن الطبيعة أوْلى وأجدر باهتمامنا من أي شيء آخر، ويؤكد هذا المبدأ ما كان أرسطو قد دعا إليه في صناعة الشعر، وخلاصته أن الشعر هو التصوير بالكلمات، غير أن جهد الشاعر ينبغي ألا يقتصر على تقليد الطبيعة فقط، بل أن يجلوها، على نحو يحسن معه أن يصطفي الشاعر كل ما يشارف الفن الأمثل، معنى ومبنى، لأن الحقيقة العارية وحدها ليست بكافية إن لم تثر المتعة الجمالية.
بيد أن تياراً من العقلانية لم يلبث أن جاذب الاتباعية التي دعا إليها ماليرب وبوالو، بما خلص إليها من آراء مونتيني Montaigne [ر] الذي كان يرى أن على الشاعر المجوِّد أن يتطور ويأخذ حظه من الكمال والنضج، لا بالصناعة الشعرية وحدها، بل بما يكتسب من ثقافة واسعة ترفد موهبته وتهب له قيمة سامية بوصفه إنساناً عاقلاً متحضراً.
وقد انضاف إلى هذا التيار العقلاني، مبدأ جديد يتمم ما سبقه، خلاصته: أن أهم ما ينبغي للكاتب أن ينشده في عمله الأدبي- سواء أكان شعراً أم مسرحية أو قصصاً- هو أن يكون ذلك العمل لائقاً محتملاً أو مقارباً vraisemblable، أي يجدر بالكاتب أن يراعي، في كل ما يستلهم ويستوحي، ألا يخالف الأعراف ويصدم التقاليد في المجتمع، وإما حلا له أن يقتبس من أحداث التاريخ موضوعاً جديراً بأن ينساق في مسرحية ما، فعليه أن يستبعد من هذه الأحداث ما قد يتراءى للجمهور المشاهد منافياً، غير ملائم، وأن يسوقه بحيث يبدو مقبولاً ويأخذ الشاعر لافونتين La Fontaine [ر] بهذا المبدأ، في مقدمة مؤلفه «النفس» Psyché حين يقول: «إن هدفي الأساسي الثابت في كل ما أنظم أو أكتب، هو أن يكون مستحسناً مستظرفاً لأضحي، حين أحقق هذا الهدف، مسايراً لذوق العصر».
وقد أضاف بعض النقاد، إلى هذه القواعد المتبعة، قاعدة أخرى تجعل من العقل إماماً وهادياً للكاتب، يفيء إليه دوماً فلا مجال للخروج عما يأمر به المنطق, وينهي عنه، ولا مكان للهذيان والذهان، وعلى الأدباء كافة أن يسلكوا، في مناهجهم وأساليبهم، الطريقة اللاحبة، الواضحة، البعيدة عن التعقيد والغموض.
هكذا يتبين أن تطبيق قواعد الاتباعية والتقيد بها وإيلائها ما تستحق من تقدير، هو صنو للجمال السامي المطلق الذي ينشده الاتباعيون، ومن هنا يتطلب العمل الأدبي من الكاتب أن يبذل قصارى جهده ليكون الأثر الأدبي الذي يتمه، أشبه بالساعة الدقيقة، المضبوطة المكتملة الصنع. وإذا اتفق لهذا الكاتب أن يجنح، فيما هو يسوي هذا الجمال المطلق، إلى تصوير بعض الجوانب الغامضة، الملتاثة من النفس الإنسانية، فينبغي له أن يضرب في هذا الدرب الصعب الشاق، حذراً، مستأنساً، وأن يكون هذا الجمال المطلق الذي يجلوه، مساوقاً لفكرة الخير، كما عبر عن ذلك بوسويه Bossuet [ر] بقوله: «إن الفصاحة لا تستلهم من عل- أي من السماء- إلا من أجل إذكاء جذوة الخير لدى الإنسان وتوجيهها نحو الفضيلة».
كل هذا يقود الكاتب الاتباعي وينحو به، فيما هو يحكك أسلوبه، مصطفياً اللائق الملائم للواقع من الموضوعات، مراعياً مجتمعه، محترماً تقاليده- يقوده إلى التقيد بما تأمر به السلطة الحاكمة أو تنهى عنه، وما توصي به الكنيسة وترضى عنه، لأن العصر الذي ازدهرت فيه الاتباعية الفرنسية يواكب العهد الذي استشرفت فيه الملكية سلطتها المطلقة، إبَّان عهد لويس الرابع عشر، في ربع قرن- على وجه التحديد ما بين عامي 1760 و1785- وكانت السلطة الملكية الحاكمة، آنذاك، تغازل الكنيسة الكاثوليكية التي دعمت المدرسة الاتباعية وعملت على توطيد أسسها، مع الملاحظة، أن بعض النابهين البارزين من الاتباعيين كانوا من رجال الدين المعروفين مثل بوسويه وفينيلون Fénelon. ولئن لم يتسق لبعضهم الآخر مثل باسكال Pascal [ر]، أن يرتدي مسوح الرهبان، فقد تأتى لهذا الكاتب المفكر أن يغمس قلمه في مداد الإيمان المسيحي ويستوحي منه خواطره.
وثمة سمة تتصف بها الاتباعية، بصورة عامة، يحسن الإشارة إليها، وقد نوه بها هنري بير Henri Peyre في دراسته المسهبة عن الاتباعية، هي أنها تسعى من نحو ما، إلى أن تكون لا شخصية Impersonnelle, فالأديب الاتباعي هو إنسان، لكن هذا الإنسان حين يدعى بوسويه، مثلاً، فإنه لا يعمل البتة على أن ينفض الأنا Le moi المكونة لذاته، في عمله الأدبي، ولا أن يستجلي ما يمور في عطفيه من مشاعر متميزة خاصة، لأن ما يهفو إليه، في كل ما يكتب،هو الشمولية التي تنظم مشاعر أي فرد، ليضحى لا شخصياً، أي إن هناك قدراً مشتركاً لدى الناس كافة في تقويم السجايا الإنسانية المثلى وتقديرها. ومن هنا،تتجلى بعض المآخذ الرئيسية على الاتباعية في إهمالها المزايا والمثالب التي يفترق بها فرد، من المجتمع، عن أي فرد آخر.
قانون الوحدات الثلاث في المسرح الاتباعي:
إلى جانب قواعد الاتباعية في الأسلوب والمنهج، وإلى شروطها الخلقية والاجتماعية وسماتها البارزة ودلالاتها الخلقية والاجتماعية وسماتها البارزة ودلالاتها الموضحة، فلا مندوحة من الإشارة إلى قاعدة أساسية هي قاعدة الوحدات الثلاث trois unités التي جرى عليها الاتباعيون، في المسرح خاصة، وحرصوا على تطبيقها حرصاً شديداً، وعدوا الخروج عليها غميزة تنال من العمل المسرحي وعجزاً ينقص من موهبة الكاتب. وقد أخذ بها الاتباعيون الفرنسيون في القرن السابع عشر، متأثرين بتفسيرات غير دقيقة لكتاب أرسطو في «فن الشعر» الذي ألح على وحدة العمل، وأشار على نحو غير مباشر إلى وحدة الزمان، ولم يذكر وحدة المكان التي أضيفت إلى الوحدتين السابقتين بطريق الاستنتاج، لتنتظم كلها في وحدات ثلاث. فوحدة العمل هي اتحاد الأجزاء المختلفة التي يتسق بها الحادث، ووحدة المكان تفترض وقوع العمل كله في مكان واحد لا يتجاوزه، أما وحدة الزمان فتعني أن لا يستغرق العمل أكثر من يوم واحد- قد ينقص أو يزيد، برأي بعضهم اثنتي عشرة ساعة- وذلك حرصاً على المقاربة الحقيقية، لأن الذوق يفترض أن ما يمثل أو يعرض من مشاهد، على خشبة المسرح ضمن ساعتين أو ثلاثة ساعات، ينبغي له أن يتم في زمن معقول ومحدود، هو يوم واحد فقط. وقد برز من هؤلاء الكتاب المسرحيين في فرنسة كورني Corneille [ر] وراسين Racine [ر] في المأساة tragédie، وموليير Molière [ر] في الملهاة comédie، ودرج على منوالهم شعراء وكتاب أقل شهرة وشأناً.
بيد أن هذه القاعدة الصعبة التي التزمها كتاب المسرح الاتباعيون في فرنسة خاصة، وآتت أكلها آثاراً مسرحية رائعة خليقة بالإعجاب والتقدير، حتى النصف الثاني من القرن الثامن عشر، لم تلبث أن أضحت موضع النقد والتجريح من الحركة الإبداعية التي تصدت لها وناجزتها، ولاسيما في معركة مسرحية هرناني Hernani للشاعر فكتور هوغو Victor Hugo [ر] التي عرضت على المسرح في عام 1830، وعد هذا العام منعطفاً مهماً في تحول أنظار معظم الكتاب والشعراء الفرنسيين عن الاتباعية إلى الإبداعية.
أزمة الاتباعية ومصيرها:
إن المزايا الخاصة التي عرفت بها الاتباعية الفرنسية وأعطت ثمارها الشهية المرجوة، لم تلبث، مع مرور الزمن، أن حملت معها بذور ضعفها وقصورها عن مسايرة العصر ومتطلبات التقدم، وعجزت عن تلبية ظمأ الجمهور إلى شيء جديد مستطرف، بعد أن برم الأدباء بالقوالب والأطر التي كان الأدب حبيساً فيها، مقيداً بأغلالها. هكذا أضحى بناء الاتباعية القديم الثابت مزعزعاً، مهدداً بالانهيار، تبعاً لتبدل الأذواق الأدبية وطموحها، ولم يعد للعقل مكانه الأسمى الذي كان يطل منه آمراً ناهياً، لأن متطلبات القلب، في استجابته للعاطفة، أضحت مسموعة ناسخة دور المنطق وقواعده الجافة المرسومة، غير أن الرغبة في التغيير لم تتم، دفعة واحدة، فقد ظل أدب القرن الثامن عشر يضرب في منحى الاتباعية، مترسماً خطاها، تارة، متنائياً عنها بعض الشيء، تارة أخرى. حتى فولتير الذي يُعد إحدى القيم الفكرية والأدبية التي ترعرعت الثورة الفرنسية في ظلها، كان يطنب في مديح الاتباعية، مطبقاً في مسرحياته، قاعدة الوحدات الثلاث التي يتكئ عليها المسرح الاتباعي.
غير أن دم العاطفة المستوفزة الجيَّاشة، لم يلبث أن سرى في شرايين الأدب الجديد الذي حمل لواءه الإبداعيون، ولم يعد الأديب ملزماً بأن يتقيد بالقواعد المرسومة المطبقة التي تقسر أدبه على أن يكون رصيناً، مستحصداً، ملائماً، لائقاً، ترضى عنه السلطة الحاكمة وتباركه الكنيسة، بل أن تجعل همه إرضاء طبقات الشعب على اختلاف منازعه.
ومع ذلك كله فإن أثر الاتباعية لم ينتسخ قط من الأذهان، وظلت بعض قواعدها، ولاسيما ما يتصل منها بالأسلوب المصفى، قائمة تدخره الأقلام وتنشد لديه مثلها الأعلى في الكتابة. هكذا تابعت البرناسية [ر] Le Parnasse مسيرة الاتباعية في دعوتها إلى الديباجة الناصعة، في ظل مفهوم «الفن من أجل الفن» l'art pour l'art وغالت الرمزية le symbolisme [ر] في بحثها عن الكلمات ذات الجرس الطلي والإيقاع الشجي، على نحو ما يهتم به المنهج الاتباعي أيضاً، ليأتلف، من هنا وهناك، نخبة من الكتاب- حتى من بين الكتاب المعاصرين أنفسهم- مثل أندريه جيد André Gide [ر] وبول كلوديل Paul Claudel [ر] وبول فاليري Paul Valéry [ر]، ممن أفصحوا عن إعجابهم الصادق بالاتباعية التي كانت تلوب على الجمال المثالي المطلق، واصطفى بعض هؤلاء المعاصرين ما يروق له من القواعد الداعية إلى اختيار ألفاظ مقدودة على قدر المعاني نفسها. يقول أناتول فرانس Anatole France [ر] أبرز كاتب فرنسي في الربع الأول من القرن العشرين: «إن الكاتب المجيد هو كصانع البلور، يتبدى زجاجه شفافاً، نقياً، بمقدار ما يبذل فيه من جهد». كذلك يضحي أسلوب الكاتب صافياً، محككاً، بقدر عنايته وجهده في انتقاء ألفاظه المناسبة. وكان فاليري يتصور أن في عطفي كل كاتب اتباعي مجيد، ناقداً يوجهه وينصحه ويسدد خطاه ومن هنا، جاء أسلوب نثر فاليري، وحتى شعره الرمزي الغامض، منتخلاً، مصقولاً، شفافاً.
ويرى الناقد هنري بير أن أسلوب فاليري ودي غول De Gaule [ر] وسان جون بيرس Saint John Perse [ر] هو مثال واضح على استمرار بعض قواعد الاتباعية وبقائها وصيرورتها، حتى الآن، على نحو لا يقل كمالاً عما نجد في أسلوب لوبران Le Brun وبوسويه. وهكذا ظلت الاتباعية تمثل، حتى الآن، الجهد الدائب المتصل، في أسلوب نخبة من الكتاب، هم الصفوة المختارة ممن تؤالف بينهم وحدة المشاعر والأذواق ويحدوهم الشغف المتقد إلى إشراف الكمال والجمال في الأسلوب والمنهج. كان جيد يردد بحق: «سوف ينسخ الزمن كل ما نفضه أدبي من أفكار ومشاعر، أما ما سوف يبقى مني فهو جمالية أسلوبي».