مكة المكرمة في مناهج التعليم وكسب المعرفة
أوّل الميادين التي يجب أن يكون التركيز عليها كبيرا في تأهيل جيل المستقبل وترشيد علاقته ميدان المعرفة والتعليم.
1- مكة.. قبلة الأمة وقبلة البشرية
مكّة قبلة المسلمين في الصلاة توجّها فرديا وجماعيا إلى الله تعالى بالعبادة اليومية، وقبلة المسلمين في الحجّ توجّها فرديا شاملا للأمّة بالعبادة.
نعلم أنّ في هذا التوجيه الربّاني لموقعها العقدي والعبادي ما يربط بين كلّ جيل وآخر من المسلمين، على امتداد العصور والأمكنة، بمكة المكرمة التي كان فيها أوّل بيت وضع للناس مباركا وهدى للعالمين. لهذا لا نتصوّر تحقيق مفهوم الأمّة، في واقع حياة المسلمين، دون ربطه المباشر بقبلتهم المشتركة، على امتداد الزمن تاريخيا منذ أقامها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، إلى يوم القيامة، وعلى اختلاف الألسنة والألوان والأنساب. وتحقيق مفهوم الأمّة لتوظيف إنجازات أفرادها في رسالة النهوض الحضارية الإنسانية، يتطلّب تكوينها كأمّة على محور قبلتها، مكة المكرمة.
هي إذن قبلة للصلاة، ومشاعر للحج، وهي أيضا القبلة في المسؤولية عن نهوض حضاري إنساني.
إنّ ارتباطها بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام يثبّت المكانة التي ينبغي أن تكون عليها في وعي الإنسانية، وخلافة الإنسان في الأرض. ويلفت النظر أنّ آيات الحجّ في القرآن الكريم، تتحدّث في سياقها عن الناس، وليس عن المؤمنين فقط، ولا يعني هذا "أداء الفريضة" بطبيعة الحال، فالإيمان عبر اعتناق الإسلام شرط لصحتها، ولكن نستلهم من هذه الآيات، ارتباطَ تحقيق الحضارة القويمة في الحياة البشرية بتوجّهها إلى ما قرّر الله لعباده، وقد جعل مكةَ المكرمة المنطلقَ والمصدر إلى ذلك، فهي قبلة للمسلمين صلاة وحجّا، وهي المركز الأوّل للتوجّه الإنساني طلبا للخير في النهوض الحضاري البشري.
هذا المفهوم لمكة المكرمة الذي يمكن التوسّع والتفصيل فيه كثيرا، نفتقد طرحه في مناهج التعليم المدرسية لتكوين جيل المستقبل، مثلما نفتقد طرحه في مختلف ميادين نشر المعرفة للغرض نفسه.