الجنس : العمر : 54 إمبراطوريتي الخاصة التسجيل : 18/10/2011عدد المساهمات : 178
موضوع: ۩۩ ابار ابا الحصاني ( اهم اسواق الحج القديمة ) ۩۩ الجمعة 09 ديسمبر 2011, 11:41 pm
ابار ابا الحصاني ( اهم اسواق الحج القديمة )
في اوقات ازدهار حركة الحج و عندما كان قطار الحجاز يجلب الحجاج من الشام و فلسطين و تركيا الى المدينة المنورة كان الحجاج يكملون الرحلة الى مكة على ظهور الجمال في قوافل تحرسها القبائل التي كانت تمر هذه القوافل في اراضيها مقابل مبالغ مالية تدفع للقبائل مقابل الحراسة و المرافقة وكانت هذه القوافل تسير مع طرق معروفة في ذلك الوقت وكانت الطرق ممهدة و موضوع لها علامات للاستدلال بها وكذلك كان هناك نقاط استراحة ( ابار ) على مراحل مختلفة في رحلة الحج ( المرحلة هي المسافة التي تقطعها القافلة في يوم من الصباح حتى قرب مغيب الشمس و تقدر بحوالي 30 الى 40 كم حسب طبيعة وتضاريس المنطقة)
كان هناك عدة طرق تربط بين المدينة المنورة و مكة المكرمة بعضها يبدأ من ابار علي حيث يحرم الحجاج من ابار على ويتجهون جنوبا الى مكة عبر المسالك الوعرة و الاودية .
والبعض الاخر عبر وادي الصفراء الى الساحل ومن ثم الالتقاء بطريق حاج مصر والاحرام من ميقات الجحفة جنوب شرق رابغ وتكملة المسير بجوار الساحل الى مدينة جدة ومن ثم الى مكة المكرمة .
بينما كان هناك طرق تسير بين هذين الطريقين عبر بعض الاودية الى ميقات الجحفة ومن ثم تكمل نفس الطريق التي كانت تعج بالحياة في ذلك الوقت في الازمنة الغابرة قبل ما يزيد عن 100 سنة في اوائل القرن الثالث عشر حيث ذكرت هذه الطرق في كتابات المؤلفين التي تحدثت عن هذه الفترة .
من جدة شمالا مع طريق المدينة المنورة عبر مدينة ثول حيث الطريق الساحلي المتجه الى ينبع وهو طريق واحد ضيق ( تقوم وزارة المواصلات حالياً بتنفيذ طريق مزدوج متعدد المسارات من المنتظر الانتهاء منه قريبا) .
بعد تجاوز ميقات الجحفة متجه شمالا الى رابغ ثم الى مستورة وبعد مستورة بحوالي 20 كم شمالا تجد بناءا قديما( يغلب عليه الطابع التركي ) متهدما من الحجر و الاجر لم يتبق منه الا الاعمدة الحجرية بجوار الطريق حيث كان يطلق عليه اسم النصايف ( تعني منتصف الطريق بين المدينة المنورة و مكة المكرمة )
صورة لبقايا النصايف
ابار الشيخ من النصايق شرقا عبر وادي المعراج ( لعل لاسمه علاقة بعروج الحجاج من الساحل الى الجبال ) وبعد المسير في هذا الوادي الرملي المنبسط حيث تنبت فيه اشجار السمر و السلم بكثافة تصل الى ابار الشيخ وهي مجموعة من الابار في فسحة واسعة على جانب الوادي الشرقية حيث يبلغ قطر البئر الواحدة حوالي 5 امتار ويبلغ عمقها حوالي 30 مترا ومياهها صالحة للشرب وقد حفرت ابار حديثة بجوار الابار القديمة و دعمت بالاسمنت يستعملها ابناء البادية لسقيا مواشيهم عندما ينزلون بالقرب منها في ايام الصيف
بينما لا تزال الابار القديمة تحتفظ برونقها وبجمالها و بدقة بنائها وبديع طيها الذي استعمل فيه الحجر الجرانيتي و الاجر وعلى مقربة من هذه الابار توجد اثار مباني متهدمة فيما يبدوا انها كانت اسواق قديمة تزدهر في مواسم الحج عندما تعبر قوافل الحجاج هذه الطرق حيث تزدهر اسواق البيع والشراء حول هذه الابار .
بئر ابا الحصاني
ابار الشيخ في الاتجاه شمالاً عبر الوادي الرملي الذي يضيق شيئاً فشيئاً وتقترب الجبال حيث تبدأ تزاحم الوادي و تضيق عليه وتبدأ الطرق في التوعر تدريجياً وبعد حوالي 20 كم تقريبا تصل الى مكان منبسط هو عبارة عن فسحة كبيرة في الوادي حيث تلتقي في هذا المكان اكثر من طريق و اكثر من وادي وانت تقترب من هذا المكان تجد الابنية الكثيرة حتى ليخيل اليك انك مقبل على قرية كبيرة او مدينة صغيرة ويحتوي على الاتي :
البئر ( بئر ابن حصاني ) وهي بئر مطوية باحجار الجرانيت الكبيرة لم نستطع التعرف على عمقها او النظر بداحلها لانه تم حمايتها بجدار اسمنتي عالي وتم تركيب مضخة حديثة على البئر وتم بناء خزانات واحواض من اجل سقيا المواشي حيث يستفيد من هذا البئر ابناء المنطقة لسقي مواشيهم .
على مقربة من البئر التي هي عصب الحياة في ذلك الوقت يوجد السوق التجاري والحامية التي تتكون من بناء كبير ابيض في مقدمة الابنية مقسم الى عدد كبير من الحجرات على ممر واحد وبه عدد من دورات المياه المنفذة على طريقة البناء التركي وقد شيد المبنى من الحجر والاجر وقد تم تغطية الحجر بالجبس الابيض وقد عملت المداخل و النوافذ على هيئة اقواس جميلة خالية من أي نقوش او كتابات وقد استعمل الخشب والطين وسعف النخل المجدول على شكل حصير في سقف البناء ويبدوا ان هذا البناء كان هو موقع الحامية التي تحمي قوافل الحجيج وتنظم امور تنقلهم في هذا المكان
صورة لبناء الحامية
الى جوار هذا المبنى الرئيسي يوجد بناء كبير لم يتبقى منه الا الاعمدة الحجرية وبعض الجدران المتهدمة يبدو انه كان ( ما يسمى بالخان ) وهو عبارة عن مقهي يقدم الطعام والشراب و القهوة لزواره في مقابل مادي وكان هذا الشيء مستهجناً من العرب في ذلك الوقت وذلك لانهم جبلوا على اكرام الضيف وبذل الطعام والشراب بدون مقابل .
صورة لما تبقي من الخان
وخلف هذه المباني يوجد صفين متقابلين من المباني يفصلها شارع بعرض حوالي 15 متر و تمتد هذه المباني لمسافة 300 متر تقريبا مشكلة سوق تجاري يبدوا انه كان ينشط بالبيع والشراء و الحرف في اشهر الحج , وجميع المباني مبنية من الحجر ومغطاة بالطين ومسقوفة بالخشب وسعف النخل .
صورة للسوق التجاري
والى الشمال على مسافة 500 متر تقريبا من هذا السوق وعلى جبل صغير يوجد بناء حجري مموه ومبني من نفس حجارة الجبل حتى لا تلحظه العين بسهولة و يبدوا انه كان اصطبل للخيل .
صورة لأصطبل الخيل
بعد رحلتنا في تفحص هذا المكان والعيش مع ذكريات الماضي وتخيل فوافل الجمال وهي تتهادي بالحجاج الذين يحملون الشوق والرغبة لاداء فريضة الحج واستكمال الركن الخامس من اركان الاسلام وكيف كان هؤلاء الحجاج يعانون مشاق السفر و الترحال و يتحملون قسوة السفر في ذلك الوقت غادرنا المكان من اجل القيام بجولة في الجبال و الاودية المحيطة بهذه المنطقة والتي كان فيها من الاسرار الكثير ومن المناظر الطبيعية الخلابة النصيب الوفير والتي ربما اكتب عنها في مقبل الايام باذن الله .