مدح المدينة المنورة
من الشيخ المؤذن عبدالملك محمد سعيد النعمان (رحمه الله )
دَارُ الحَبِيبِ أَحَقُّ أَن تَهْوَاهَا
وَتَحِنَّ مِنْ طَرَبٍ إِلَى ذِكْرَاهَا
مَغْنَى الجَمَالِ ، مُنَى الخَوَاطِرِ وَالَّتِي
سَلَبَتْ عُقُولَ العَاشِقِينَ حُلاَهَا
لاَ تَحْسَبِ المِسْكَ الزَّكِيَّ كَتُرْبِهَا
هَيْهَاتَ ؛ أَيْنَ المِسْكُ مِنْ رَيَّاهَا
وَابْشِرْ فَفِي الخَبَرِ الصَّحِيحِ مُقَرَّرٌ
أَنَّ الإِلَهَ بِطَيْبَةٍ سَمَّاهَا
وَاخْتَصَّهَا بِالطَّيِّبِينَ لِطِيبِهَا
وَاخْتَارَهَا وَدَعَا إِلَى سُكْنَاهَا
لاَ كَالمَدِينَةِ مَنْزِلٌ ، وَكَفَى لَهَا
شَرَفًا حُلُولُ مُحَمَّدٍ بِفِنَاهَا
حَظِيَتْ بِهِجْرَةِ خَيرِ مَنْ وَطِئَ الثَّرَى
وَأَجَلِّهِمْ قَدْرًا ، فَكَيفَ ثَرَاهَا ؟
مَا بَينَ قَبْرٍ للنَّبِيِّ وَمِنْبَرٍ
حَيَّا الإِلَهُ رَسُولَهُ وَسَقَاهَا
هَذِي مَحَاسِنُهَا ؛ فَهَلْ مِنْ عَاشِقٍ
كَلِفٍ شَحِيحٍ بَاخِلٍ بِنَوَاهَا
إِنِّي لأَرْهَبُ مِنْ تَوَقُّعِ بَيْنِهَا
فَيَظَلُّ قَلْبِي مُوجَعًا أَوَّاهَا
وَلَقَلَّمَا أَبْصَرْتُ حَالَ مُوَدِّعٍ
ِلاَّ رَثَتْ نَفْسِي لَهُ وَشَجَاهَا
فَلَكَمْ أَرَاكُمْ قَافِلِينَ جَمَاعَةً
فِي إِثْرِ أُخْرَى طَالِبِينَ هَوَاهَا
قَسَمًا لَقَدْ أَذْكَى فُؤَادِي بَيْنُكُمْ
نَارًا ، وَفَجَّرَ مُقْلَتَيَّ مِيَاَها
إِنْ كَانَ مُزْعِجُكُمْ طِلاَبُ مَعِيشَةٍ
فَالخَيرُ كُلُّ الَخيِر فِي مَثْوَاهَا
أَو خِفْتُمُ ضُرًّا بِهَا فَتَأَمَّلُوا
بَرَكَاتِ بُلْغَتِهَا ؛ فَمَا أَزْكَاهَا
يَا رَبِّ أَسْأَلُ مِنْكَ فَضْلَ قَنَاعَةٍ
بِيَسِيرِهَا وَتَحَبُّبًا لِحِمَاهَا
وَرِضَاكَ عَنِّي دَائِمًا ، وَلُزُومَهَا
حَتَّى تُوَافِيَ مُهْجَتِي أُخْرَاهَا
فَأَنَا الَّذي أَعْطَيتُ نَفْسِي سُؤْلَهَا
وَقَبِلْتُ دَعْوَتَهَا ، فَيَا بُشْرَاهَا
بِجِوَرِ أَوْفَى العَالَمِينَ بِذِمَّةٍ
وَأَعَزِّ مَنْ بِالقُرْبِ مِنْهُ يُبَاهَى
مَنْ جَاءَ بِالآَيَاتِ وَالنُّورِ الَّذِي
دَاوَى القُلُوبَ مِنَ العَمَى فَشَفَاهَا
صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا ؛ فَبِذَلِكُمْ
تُهْدَى النُّفُوسُ لِرُشْدِهَا وَغِنَاهَا