خطوات إيجابية لتجديد العلاقة الزوجية
لعقود مضت، كان المتخصصون النفسيون ينصحون الزوجين للحفاظ على رونق وحيوية العلاقة الزوجية، بأن يتجنبا مجموعة من الأشياء التي تنخر العلاقة من الداخل. لكن اليوم، أصبحوا ينصحون الزوجين بأن يكونا إيجابيين، ويهتما بما يمكن أن يقوما به من أشياء جميلة أكثر من الاهتمام بما عليهما أن يتجنباه من أشياء قبيحة. «لا تستقبلي زوجك عند عودته بكثرة الأسئلة، لا تثرثري كثيراً في التفاصيل، لا تحرميه تماماً من مقابلة أصدقائه، لا تهملي مظهرك...». كل هذه «اللاءات» كانت الزوجات يسمعنها كثيراً عندما يطلبن النصيحة من متخصصين، من أجل تحسين ظروف حياتهن الزوجية. لكن اليوم، أصبحت هذه النصائح من الماضي. فالمناهج العلمية الحديثة في علم النفس، والتي تنكب الجامعات الأميركية على تطويرها من خلال البحث والتجريب، كلها توصلت إلى أن على الزوجة (أو الزوج) أن تكون إيجابية تجاه شريكها، وبدل أن يتجنب فعل أشياء معينة، عليها أيضاً أن تتخذ المبادرة في صنع أشياء إيجابية تغير لون حياتهما إلى اللون الزهري. 1 - أظهري امتنانك: أن تشكري شريك حياتك على شيء جميل قام به لك، أو للبيت، هو أمر تافه لا يستحق الجهد كما يبدو لك لأول وهلة، لكنه شيء ذو ثقل وأهمية كبيرين. إنه يزود العلاقة الزوجية بالجرعة اليومية من البريق الذي يجعل العلاقة بين الزوجين تبدو لامعة لمعان الحلة الجديدة يوم العيد، وطازجة كما حبة التفاح المقطوفة حديثاً. إن من بين ما يقتل العلاقة الزوجية، استسلام الزوجين للروتين، وتخليهما عن عادات بسيطة، كانا يحرصان عليها حينما كانا زوجين جديدين. فبعد سنوات من التعايش في بيت واحد، يتخلى الأزواج والزوجات، عن قول كلمة «شكراً» وعن الابتسامة أو القبلة الصباحية، بل يتخلى البعض حتى عن قول كلمة «صباح الخير» للطرف الآخر. «من فوائد إظهار الامتنان والشكر للآخر، أنه يذكرنا بالصفات الحميدة التي يتصف بها الشريك». تقول الدكتورة سارة ألغو، المتخصصة النفسية والأستاذة في جامعة كارولينا الشمالية. وتبين لنا أنه ليست كل عبارات الشكر تتشابه. فمنها ما يؤدي مفعولاً أكثر من غيره. وتقول: «إن عبارات الشكر الرديء هي تلك التي تركز على الشيء الذي قام به الشريك أكثر مما تركز على الشريك ذاته، كأن تقول الزوجة لزوجها: شكراً لأنك حضَّرت لنا العشاء اليوم. لقد كنت فعلاً جائعة، والأصح أن تقول: أنت طباخ موهوب، إنه لطف منك أن تطبخ بدلاً عني اليوم». 2 - أوجدي وقتاً للهو والمرح: الانشغال الزائد على الحد بالعمل هو من أكثر الأخطاء فداحة التي يرتكبها الزوجان. عندما يصبح يومك كله موزعاً فقط بين العمل ودفع الفواتير وتنظيف البيت والنوم، فإن هذه كارثة حقيقية، لأنك هكذا تكونين قد وصلت إلى شفير الهاوية، حيث لم يعد في حياتك مكان للهو والتسلية والمرح مع زوجك. يقول الدكتور داشر كيلتنر، عالم النفس الأميركي: «لكي لا يختفي المرح من العلاقة الزوجية، على الزوجين أن يحافظا على النكات والضحك والمزح، وعلى مناداة بعضهما بعضاً بأسماء طريفة، كما فعلا بالتأكيد في مرحلة الخطوبة». وقد توصل الدكتور كيلتنر عبر إحدى دراساته لمناقشات تمت بين أزواج وزوجات متخاصمين، إلى أن الأزواج الذين يمزحون مع زوجاتهم، عندما يبلغ النقاش أوج حدته، هم من تتوطد علاقتهم أكثر بعد أن ينتهي الخلاف، وهم من يصلون بسرعة إلى حل لمشاكلهم»، لكن على الزوجين أن ينتبها خلال مزاحهما مع بعض، لا مكان للنعوت الاستهزائية أو الجارحة في هذا المزح. 3 - استثمار الأخبار السارة: تحب الزوجة الذكية أن تكون صدراً حنوناً يأنس إليه زوجها إذا ما قابلته أوقات صعبة أو ظروف مكروهة. لكن ما تقدمينه لزوجك عندما يكون سعيداً هو أيضاً أمر مهم. «إن الزوجين اللذين يتفاعلان بشكل إيجابي مع نجاح أحدهما في هواية أو في رياضة أو لدى سماع أحدهما خبراً ساراً يخصه أو تلقيه ترقية، بأن يطرح أحدهما الأسئلة عن الموضوع، وأن يقول له كلاماً رقيقاً ويهنئه ويحتفل معه بنجاحه، هما زوجان سيطول بالتأكيد رباطهما المقدس، لأنهما كلما مر الوقت، ازدادا رضا عن الشريك وسعادة به»، تقول الدكتورة شيلي غابل، الباحثة في جامعة سانتا باربرا في كاليفورنيا، موضحة أن قدرة الزوج أو الزوجة على تكبير لحظات الفرح واستثماره لخلق لحظات سعادة مشتركة توطد العلاقة أكثر مما توطدها مشاركتهما لبعض في الأوقات الصعبة. 4 - استعملي خيالك: تعتقد بعض الزوجات أن مبالغتهن في تقدير أزواجهن أمر سيئ، لكن الحقيقة أن ذلك أمر مفيد للعلاقة، والشيء نفسه، ينطبق على الأزواج تجاه الزوجات، فالتقدير المتبادل يجعل العلاقة سعيدة ومتزنة. «إن أسعد الزيجات هي تلك التي يقدر فيها أحد الزوجين الطرف الآخر، بأكثر من قدره، لأن ذلك يعطي لكل منهما شعوراً بالرضا عن العلاقة ويجعلها تدوم». هذا ما توصلت إليه ساندرا موراي المتخصصة النفسية في جامعة بافالو الأميركية. إذن حان الوقت لتمعني النظر في شخصية زوجك، وتجدي ما يعجبك فيه وتبيني له مدى تقديرك لذلك، وحتى إن بالغت في ذلك. 5 - اعثري على ما تتمنين أن تكوني عليه بمساعدة زوجك: إن الزوجين السعيدين، هما الزوجان اللذان يساعد كل منهما الآخر، على أن يكون كما يحلم بأن يكون. مثلاً، إذا عاشت امرأة تتمنى أن تتمتع بلياقة جيدة وجسم رشيق، مع زوج عمله هو الرياضة، أي أنه عداء مثلاً أو ملاكم أو لاعب كرة، فإنها ستكون سعيدة بذلك، لأن ذلك يساعدها على تحقيق حلمها، فهي وزوجها لهما الاهتمامات نفسها، والشيء نفسه بالنسبة إلى امرأة تتمنى أن تكون لها هواية فنية، تحقق من خلالها ذاتها، فإنها ستكون سعيدة جداً إذا كان زوجها رساماً مثلاً. بعض المتخصصين النفسيين يعترفون بهذا الأمر ويسمونه «تأثير مايكل أنجلو» نسبة إلى النحات الشهير، حيث إن كلاً من الزوجين يسهم في «نحت» وتكوين الشخصية المثالية، التي يتمنى أن يكون عليها الطرف الآخر، وذلك من خلال التشجيع والاعتراف بالمجهودات، والتقدم الذي يحدثه الطرف الآخر في اتجاه التغيير. فحاولي أن تشركي زوجك في أهدافك التي سطرتها وأن تدفعيه إلى تشجيعك لتحقيقها. 6 - لاحظي الجديد في زوجك: أن تتركي لزوجك الفرصة لكي يفاجئك ببعض الأشياء الجديدة، هو أمر جيد. لكن لكي تكتشفي مفاجآته السارة، عليك أولاً أن تنتبهي إليه وتلاحظيه. المشكلة هي أن الزوجة، في الغالب، بعد أن تصبح معتادة على شريك حياتها، ويصبح الزوج إنساناً مألوفاً لها، فإنها تتوقف عن ملاحظته والتدقيق فيه. إن كونك توقفت عن النظر إلى زوجك، لا يعني أنه لم يعد يتغير. خذي كل الوقت الذي يلزمك لكي تلاحظي التغييرات التي تطرأ على زوجك، لاحظي مثلاً خمسة أشياء تغيرت في زوجك من آخر مرة رأيته فيها، هذه الأشياء قد تكون بسيطة جداً، لكن ملاحظتك لها تزيد من ارتباطك بزوجك من حيث لا تدرين. عندما تبدئين في الانتباه لأشياء جديدة وتنظرين إلى زوجك بعينين جديدتين كل يوم، فإنك ستنبهرين حقاً بما ستكتشفين. 7 - استعيني بالكتابة: بينت دراسة أجريت في جامعة تكساس أنه عندما جعل الأزواج والزوجات المشاركون في الدراسة، يكتبون في الوقت نفسه حول علاقتهم مع الطرف الآخر لمدة عشرين دقيقة، وعلى مدى ثلاثة أيام، فإنهم يصبحون خلال الأشهر الثلاثة التي تلي التجربة أكثر ميلاً إلى قضاء أوقات أطول مع بعض. كما أنهم عبروا أيضاً خلال الدراسة عن مشاعر أكثر إيجابية عندما دفعوا إلى التحدث إلى بعضهم بعضاً عبر رسائل الدردشة الآنية المكتوبة، وبالتالي فإن الكتابة كشفت عن مشاعر جميلة حول علاقتهم، كانت مختفية تحت غبار التقادم. أنت بدورك، وفي المرة المقبلة التي تشعرين فيها بمشاعر جميلة تجاه زوجك، اكتبيها له على الورق، فربما يعاملك بالمثل ويكتب لك هو الآخر. 8 - قدمي له الدعم دون أن يعرف: توصل علماء نفس في جامعة كولومبيا الأميركية إلى أن أفضل دعم عاطفي للزوج أو الزوجة، هو ذلك الذي يتم في الخفاء، لأن الدعم الذي تقدمينه لزوجك إذا واجه ضيقاً أو أزمة يجعله يحس بأنه أجبر على قبول الدعم، لأنه مضطر، وبالتالي يشعر بالنقص ويتوتر أكثر، أما عندما تقدم زوجة لزوجها الدعم خفية منه، فهو قد لا يلاحظ وبالتالي يكـون مزاجه أفضل، لأن مشكلته عرفت طريقها إلى الحل دون أن يساعده أحد. ومهما كان هذا الدعم صغيراً، مثل أن تملئي الثلاجة بالمشروب الذي يحبه زوجك، أو أن ترتـــــــبي له مكتبه، أو أن تشتري أشياء للبيت من مالك الخاص عندما تشعرين بأن زوجك في ضيق مادي، فإن هذا الدعم يحدث فرقاً كبيراً لديه. 9 - كونا على اتصال دائم: طبعاً، الحفاظ على علاقة جنسية منتظمة بين الزوجين، يفيد كثيراً في تعزيز رضا الزوجين وسعادتهما بزواجهما، بل إن مجرد لمسة دافئة أو قبلة قادرة على صنع التغيير. وفي تجربة طبية أميركية أجريت في جامعة بريكهام تبين أن مجرد لمس أحد الزوجين الآخر بحنان على عنقه أو كتفه أو يديه، رفع من إنتاج مادة «أوكسيتوكسين» في الجسم، وهي هرمون يخفض من ضغط الدم، ويحسن من مستويات التوتر البدني لدى الإنسان. نفهم من هذا أنه حتى وإن لم يكن لديك الوقت أو الجهد لإقامة علاقة حميمة مع زوجك، فاعلمي أن مجرد لمسة حنان منك أو قبلة، تؤدي الغرض نفسه، فتحسن مزاجكما وتطلي علاقتكما ببعض الدفء إلى حين. 10 - اهتمي بنفسك: «إذا كنت تمرين بفترة حرجة في علاقتك الزوجية، فاعلمي أن أنجع طريقة يمكن أن تلجئي إليها، هي أن تكفي لفترة معينة عن تركيز كل اهتمامك على هذه العلاقة». هذا ما تقوله سوزان بالي، وهي متخصصة نفسية أميركية نشر لها كتاب «وصفتك للحياة». وتواصل: «انسي الأشياء السيئة التي قام بها الشخص الآخر في حقك أو حتى الأشياء التي كان يجب أن يقوم بها ولم يفعل، وركزي على نفسك وعلى أن تقومي بأعمال إيجابية تفيدك في حياتك أنت». إنك بجعل حياتك الخاصة بك أكثر متعة تخففين من الضغط الواقع على علاقتك، كمصدر وحيد للسعادة، فتصبح لديك مصادر أخرى للفرح. كما أن اهتمامك بأن تكوني إيجابية تجاه نفسك، يدخل لمسة إيجابية على حياة الزوجين معاً. فمثلاً، عندما تهتمين كزوجة بالرياضة لتحسين لياقتك ومظهــــرك ولتشعــري بخفة أكثر ورشاقة، ألا يؤثر هذا في زوجك أيضاً لأنه سيراك بشكل جديد؟ وسواء أتبعت هذه النصائح العشر كلها، أم اكتفيت بثلاث أو أربع منها، فإنك بالتأكيد ستلاحظين الفرق في حياتك الزوجية، إن كان الفتور قد بدأ فعلاً في التسلل إليها، كل ما عليك هو أن تكوني صبوراً وذكية، وتجيدي استغلال الفرص التي تتيحها لك الحياة.