آداب الاتصال الجنسي بين الزوجين
لا حياء في مسائل الدين، ولا خجل في قضاء الجنس، كيف؟!! وهو أساس كبير في الحياة الزوجية، كيف!!؟ وهو فن قد يملأ الحياة الزوجية أنسا وهناءً ومتعة وقد يكون أحيانا نكدا وهما وخصاما وذلك إذا أهمل جانبه أو أسيء فهمه.
إن العلاقة الجنسية بين الزوجين من أخص أنواع المشاركة الإنسانية بين البشر، إنها تمتاز بخصائص فريدة من بين سائر العلاقات البشرية قال الله تبارك وتعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ (سورة الروم آية: 21).
إن متعة الرجل في المرأة ومتعة المرأة في الرجل، بل هي أعظم المتع وألذ الشهوات على وجه الأرض، إن الرجل والمرأة يستطيعان الصبر على الجوع أو على الفقر أو على متاعب الحياة، ولكن أحدهما لا يستطيع الصبر عن الآخر ولا يسلوه أبدا.
وإن الحياة الجنسية بين الزوجين تشمل نواحي الوجود الإنساني: الروح، النفس، الجسد، فتوحد بينها في وظيفة واحدة هي من خير الوظائف الإنسانية، ولذلك كانت المشاركة الجنسية كاملة تامة في الزواج لاكتسابها الديمومة والاستمرار وآثار البقاء من الذرية (البنين والحفدة) ولن يتحقق هذا بغير الزواج الذي شرعه الله تعالى.
وسبب اختياري لهذا الموضوع هو أن كثيرا من القضايا الزوجية والخلافات والمشاكل وأسباب الانحراف لدى الزوجين هو عدم الاهتمام بالنواحي العاطفية والجنسية، ولذلك فإن على الرجل أن يثقف نفسه ثقافة جنسية واسعة، وأن يهتم بإشباع رغبات الزوجة العاطفية؛ حتى لو كانت رغبته الجنسية قليلة، فليستثر مشاعره وأحاسيسه لأجلها، وكذلك الزوجة عليها أن تبذل كل ما في وسعها وأن تتفنن في الدلال والجمال والإثارة إذا أرادت أن تحافظ على زوجها.
وإن على الزوج إن كانت لديه مشكلات جنسية أن يبادر بعلاجها وألا يستحي من ذلك أو يتهيب أو يتهاون، وعليه أن يبحث عن أفضل المصحات فيلجأ إليها ليعالج أي قصور أو إشكال لديه ولا حياء ولا خجل ولا غضاضة في ذلك.
قال أحد الحكماء: إن كل شهوة يعطيها الرجل لنفسه فلا بد أن تكسب قلبه قسوة إلا الجماع فإنه يرقق القلب ويصفيه، ولأجل هذا كان الأنبياء والحكماء يفعلونه ويأمرون به.
إن على المرأة أن تتفهم قضايا الجنس تفهما كاملا، وتجتهد فيما يجعلها في توافق جنسي تام مع زوجها وحتى يتم هذا التوافق إليكم جملة من آداب الجماع.
جملة من آداب الجماع:
الاستعداد للجماع: إن عملية الجماع تكون عفوية غير مخطط لها مسبقا، ولكن على المرأة أن تكون مستعدة دائما لتلبية نداء زوجها ما دام قد اقترب موعده أو وصل إلى بيته كما أنها تعرف بمعاشرته الاحتمال الأغلب لوصوله إليها.
إزالة الشعر: والاستعداد العام يكون باهتمامها بنظافتها ونظافة جسدها لا سيما إزالة الشعر من الجسد جملة ما عدا الحاجبين، وعلى وجه الخصوص من العانة والدبر وتولي ذلك اهتماما خاصا، وتطهر هذه الأماكن وتطيبها مع الاحتراز من بعض المعطرات الضارة التي قد تؤدي إلى الالتهابات في الرحم.
الملابس والطيب: يضاف إليه لبس الملابس الخليعة المثيرة واستخدام الطيب، واستعمال السواك للأسنان وكذلك الفرشاة والمعجون لإضفاء رائحة جميلة على الفم، ولتحرص المرأة على تنظيف اللسان ونهايات اللثة التي يتجمع فيها الأطعمة ولا يلتفت إليها كثير من النساء.
المكان المناسب: كذا تهيئة المكان المعد للجماع مثل غرفة النوم مثلا، وذلك بترتيبها وتجهيز الفراش الوثير بقدر الاستطاعة وتطييبها بالعطور الفواحة أو البخور، ولا تنسي تجهيز بعض المناشف الصغيرة أو المناديل لمسح المني الزائد الذي يُفقد الطرفين الاحتكاك المطلوب لكمال الاستمتاع، وهي مسألة هامة جدا يغفل عنها كثير من الأزواج.
الجماع بحضرة الأطفال: من الآداب المرعية التي يجب التنبه لها ألا يكون الجماع أو إظهار العورة بالتجرد الكامل بحضرة أحد من الأطفال، ولا يستثنى من ذلك إلا من كان لا يعي وهو الطفل الرضيع.
لا للعزل: قد يريد الرجل من امرأته أن يعزل عنها لعدم رغبته في الولد فينزل خارج رحمها، وهذا مع إضراره بالمرأة والرجل معا لا يجوز له إلا بإذنها حسب ما ذهب إليه جمهور العلماء، ولكن إن فعل فعليها التذرع بالصبر ونصحه بالحسنى وتذكيره بكراهته، وتحريم بعض العلماء له وما ثبت في صحيح مسلم من تسميته بالوأد الخفي.
العرض الحلال: ثم على المرأة أن تعرض نفسها على زوجها بعد ملاطفتها لحالته العامة، وقد روي في ذلك حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ) لعن الله المسوفات قيل: وما المسوفات؟ قال: الرجل يدعو امرأته إلى فراشه فتقول: سوف سوف، حتى تغلبه عينه فينام (.
يجامعها في القبل ويبتعد عن الدبر: لأنه حرام متوعد عليه بالوعيد الشديد.
النية هامة: على الزوجين أن ينويا بجماعهما أن يرزقهما الله ولدا صالحا ويكون من العلماء الصالحين.
الوضوء والاغتسال: إذا جامع الرجل امرأته فالأفضل أن يتوضأ إن أراد العود لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ) إنه أنشط للعود ( ويفضل لهما ألا يناما إلا على وضوء ولو اغتسلا فهو أفضل، ويجوز للزوجين أن يغتسلا في مكان واحد ولو رأى منها ورأت منه، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ) كنت أغتسل أنا ورسول الله في إناء واحد بيني وبينه تختلف أيدينا فيه حتى أقول: دع لي دع لي، قالت: وهما جنبان (.
المداعبة: من سنن الإسلام مداعبة الزوجة من المرح معها وملاعبتها، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمزح مع نسائه وينزل إلى درجات عقولهن في الأعمال والأخلاق.
قال عمر بن الخطاب -بالرغم من خشونته المعروفة-: ينبغي للرجل أن يكون في أهله مثل الصبي، فإذا التمسوا ما عنده وُجد رجلا.
وفي حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لجابر: ) هلا بكرا تلاعبها وتلاعبك (، ولكن التوسط في المداعبة خير كالتوسط في كل الأمور، ويستحب أن يبدأ باسم الله تعالى ويذكر الدعاء الوارد في ذلك كما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ) لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإن كان بينهما ولد لم يضره الشيطان (، ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضا نهمتها فإن إنزالها ربما تأخر فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاء لها، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقا للإنزال، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها، ولا يشتغل الرجل بنفسه عنها فإنها ربما تستحي، ولا يأتيها في المحيض ولا بعد انقضائه وقبل الغسل فهو محرم في القرآن والسنة.
ومن الآداب:
• استذكار ما يحب الرجل أن يكون له من زوجته وما تحب المرأة من زوجها.
• ليس هناك عدد محتوم في مرات الجماع للرجل والمرأة على السواء ولكنه يخضع إكثاره وتقليله للمزاج والقدرة والضرورة والظروف الصحية والنفسية.
• يحرم على الزوج أن يأتي زوجته جاعلا بين عينيه غيرها؛ لأن ذلك نوع من أنواع الزنا وكذلك يحرم عليها.
• الجماع جائز في كل الشهور والأوقات والأيام وفي كل ساعة من الليل والنهار إلا في فترات الحيض والنفاس والإحرام والصيام.
وأخيرا:
لتحذر المرأة أن تتحدث بما يجري بينها وبين بعلها، وليحذر الرجل أن يفعل مثل ذلك، فقد ورد وعيد شديد عليه، فعن أبي سعيد مرفوعا: ) إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته أو تفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه (.