الحب بين الزوجين
إن البيت منزل السرور، ومحل الأمن والراحة، وكهف الأنس، وكعبة السلامة من الناس، فلنجعل بيتنا جامعة للمحبة ومنطلقا للعطاء الطيب المبارك.
إن أول ما يبارك الله للزوجين يغرس فيهما نبتة الحب كغرس نبتة حب الأمومة والأبوة، وهو أشبه بالسماد للنبات ليقوى فيثمر وينمو.
وقد غرس الله هذه الغرسة ليعيش الزوجان بها حياة جديدة وجميلة وكان لا بد من هذه الغرسة الإلهية بعد غربة وفراق طويل بين الزوجين اللذين جمع بينهما القدر في الوقت الذي أذن الله به، وإلى هذا أشارت الآية: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ (سورة الروم آية: 21).
وهذه النبتة والهدية تقع بعد ليلة الزفاف وليس بمجرد عقد الزواج بينهما لتحقيق الغاية من الزواج، ولولا هذه الهدية من الله الدالة على حكمته البليغة لكان من العسير جدا أن يأتلف جسمان، ويتقبلا التعايش والاندماج رغم تفاوتهما أحيانا في الأفكار والمشاعر والتربية.
ولا بد أن يقع بين الزوجين خلاف من حين إلى آخر وهذه الخلافات تقلل من الحب بين الزوجين... والبيت الذي لا يقع فيه مشكلات أو خلافات بين الزوجين هو أشبه بقبر مظلم لا مكان فيه إلا للبرود والصمت، وهذه ليست دعوة لإشعال الحرائق داخل البيوت الساكنة ولكن لتخفيف القلق الذي تتركه في نفس أحد الطرفين أو في نفسيهما معا.
فالتسامح من أحد الزوجين بعد الخلافات التي تحصل بينهما دليل عملي على سعيه لإسعاد نفسه ونفس الطرف الآخر، فالتسامح يبني الحب بين الزوجين من جديد وهو إحدى الطرق للمحافظة على الحب بين الزوجين وكذلك من هذه الطرق:
• التفاهم.
• حسم المشكلات.
• معاونة الشريك على تحقيق ذاته.
• مساعدته على الثقة بنفسه.
• المرح والترفيه.
• التشجيع: التذكير على نواحي التميز والجمال في الشريك.
• تجنب النقد الحاد واللوم المستمر.
• الحفاظ على استقرار المزاج النفسي واللماحية والذكاء.
• الإخلاص والوفاء والصدق وحسن توظيف الوقت.
• التعبير عن الحب والإعجاب بالقول والفعل.
صحيح أن حقيقة الحب معنى وجداني غير ملموس، ولا محسوس محله القلب ومكامنة المشاعر والنفس والوجدان ولكن لهذا الحب الوجداني قنوات محسوسة وملموسة يعبر كل من الزوجين بطريقته عن مشاعر الحب المتمكن في قلبه، ومن هذه القنوات أي (قنوات الحب):
• الحرص على تبادل عبارات الحب في كل يوم من أيام الزواج .. ولذلك طرق شتى تناسب الحال والمقال (كلمة رقيقة، هدية على غير انتظار) فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ) تهادوا تحابوا (.
• مراجعة الزوجين لأحوال أسرة سعيدة جادين في التعرف على أسباب سعادتهما ووسائل نمو الحب فيها والتلاؤم الحاصل فيها، ويقتديان بها فلا بأس بذلك.
• العلاقة الجنسية هي وسيلة مهمة من وسائل التواصل والتعبير، وهذا لا يعني أن الجنس أهم نواحي هذه الحياة عند الزوجين، بل إنما ليعبرا عن التواصل الروحي والجسدي، وهي إحدى وسائل التعبير عن الحب وهي أول إحساس يعرفه الإنسان منذ باكر طفولته.
ومن الأهمية بمكانٍ في بناء الحب ونموه التبادل الدائم لعبارات التقدير والاحترام بين الزوجين في المحادثة والنداء وحين اليقظة في الصباح والعودة إلى النوم في المساء، وفي كل ما يُشعِر أن كليهما له قيمة عند الآخر كأن ينادي كل منهما على الآخر باللقب والاسم الذي يحبه وفيه معنى الاحترام والتقدير.
• إشعار كل منهما بأنه مستمتع تماما بإنجازات وأعمال الآخر، سواء كان عملا تؤديه الزوجة في تدبير منزلها وتربية أولادها، أو عملا يؤديه الزوج في أعماله المكتبية.
• أن يتقبل الطرفان بصدر رحب طلبات كل منهما للآخر، لأن الطلبات والعمل على تأمينها جزء لا يتجزأ من كل علاقة زوجية سعيدة.
• أهم قناة لكشف الحب مقولة في الزواج السعيد تقول: إن الزوجين السعيدين يشعران أنهما لبعضهما في ساعات المرض والشدة والأزمات.
إن الوقوع في الحب يشبه فصل الربيع، فنحن نشعر كما لو أننا سنعيش في سعادة، فلا يمكننا أن نتخيل ألا نحب شريك حياتنا، إنه وقت البراءة، حين يبدو الحب وكأنه حب أبدي، إنه وقت سحري، حيث يبدو كل شيء كاملا وناجحا دون جهد، إننا نرقص معا في تناغم ونشعر بالبهجة وحسن الحظ.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.