۩۩ اثر المياه الباردة في عملية التنفس ( الشهيق والزفير ) ۩۩
الكثير منا يلاحظ صعوبة التنفس عند الدخول الى مسطح مائي بدرجة حرارة واطئة اقل من درجة حرارة الجسم ، او الاستحمام بمياه باردة . فيكون عند ذلك صعوبة في الشهيق ، او ما يسمى بالشهيق السطحي . وهناك حالات اخرى تتسبب بشهيق عميق دون القدرة على الزفير ، لحظة الدخول الى المياه الباردة بشكل مفاجئ .
ولاهمية هذه الظاهرة في مجال السباحة ، والغطس الحر ، ارتأينا ان نخوض في الاسباب التي تقف ورائها .
فبخضوع عمل الرئتين الى الجهاز العصبي اللاارادي ، فهي تتأثر بعملها بما يسمى الافعال الانعكاسية ، والتي تخرج عن سيطرة الجهاز العصبي الارادي . وعند الدخول في المياه الباردة وبشكل مفاجئ ، فان تلك الصدمة تؤدي الى ما يسمى اللهاث اللاارادي ، مما يؤدي الى سطحية الشهيق وبالتالي الشعور بالاختناق ، وذلك بسبب عدم القدرة على الحفاظ على هواء الشهيق ( بسبب اللهاث الذي يؤدي الى الزفير اللاطوعي ) .
والامر بمجمله له علاقة بما يسمى بـ الهايبوثيرميا ( اي انخفاض درجة حرارة الجسم ) الى دون المعدل الطبيعي ، مما ينتج رد الفعل الانعكاسي ، والذي يؤدي الى ارتباك عملية التنفس المنتظمة بين الشهيق والزفير . حيث ان الجسم وكحالة دفاعية لانخفاض درجة حرارته ، يقوم بضخ الكمية الاكبر من الاوكسجين الى اجزائه بهدف رفع درجة الحرارة ، وبالتالي فان الرئتين تقوم بدفع كمية اكبر من ذلك الاوكسجين الى القلب الذي يقوم بدوره بزيادة نبضاته لدفع الكمية الاكبر من الدم عبر الشرايين . وهنا يحدث الخلل في عملية الشهيق والزفير بسبب ان الرئتين تمتنع عن دفع الهواء الى الخارج ، مما يتسبب بخلل في عملية الشهيق اللاحقة .
وهناك العديد من الاستجابات الاخرى تنتج عن الدخول الى المياه الباردة بشكل فجائي ، منها اضافة الى ما ذكرنا من سطحية التنفس واللهاث وزيادة ضربات القلب ، استنشاق الماء في حال الغطس الكامل ، اضافة الى ارتفاع ضغط الدم ، والتي ممكن ان تؤدي مجتمعة الى الوفاة . علماً بان الاطفال في عمر دون 3 سنوات هم الاكثر تأثراً في تلك الحالة عن غيرهم من الاكبر سناً .
ولنكون اكثر تفائلاً في هذا المقال ، فان للاستحمام او السباحة في المياه الباردة فوائد عديدة اهمها ما يدعى بـ ( ثيرموغينيسيس ) اي الانتاج الذاتي لحرارة الجسم ، على شرط ان تكون العملية خاضعة لمبدأ التكيف والتي تنتج عن الاستجابة المتكررة للحالة ( السباحة في الياه الباردة ) ولمرات متكررة . حيث ان الجسم قادر على التكيف مع المتغيرات المذكورة اعلاه والاستفادة منها بشكل ايجابي مستقبلاً .