۞▒◄ من البحر الميت إلى الفضاء الخارجي قصة حياة بكتيريا ►▒۞
كاتب الموضوع
رسالة
فيغا
عضو جديد
الجنس : العمر : 45 مجرة فيغاترون التسجيل : 21/10/2011عدد المساهمات : 40
موضوع: ۞▒◄ من البحر الميت إلى الفضاء الخارجي قصة حياة بكتيريا ►▒۞ الجمعة 18 نوفمبر 2011, 7:13 pm
۞▒◄ من البحر الميت إلى الفضاء الخارجي قصة حياة بكتيريا ►▒۞
هل البحر الميت يعتبر ميتاً حقاً؟
إذا كان المقياس الذي سنعتمده للإجابة على هذا السؤال هو مدى إنتشار الحياة على انواعها في هذا البحر، فالجواب سيكون بالتأكيد نعم. أما إذا تم النظر إلى مسألة الحياة أو الموت من زاوية جديدة، فان الملوحة العالية في هذا البحر التي تتسبب في موت اغلب الكائنات البحرية المعروفة، هي نفسها التي قد تحمل اسرار صمود الحياة امام مسببات الموت كالإشعاعات الكونية او السرطان.
خد أي كائن بحري من اي بحر او محيط في العالم وضعه في البحر الميت، فهو في احسن الاحوال سيعيش لبضع دقائق قبل ان يلفظ انفاسه الاخيرة (الامر يعتمد على كيفية النظر إلى مسألة "الانفاس" تحت الماء!!!). والسبب طبعاً هو الملوحة العالية التي تصل درجتها إلى 5 أو 10 أضعاف الملوحة الطبيعية في محيطات العالم.
وهذه الملوحة التي تقضي على الحياة كما نعرفها، هي ما يعطي بكتيريا الهالوبكتيريوم Halobacterium خصائصها فوق العادية متى قورنت بأنواع الحياة المختلفة التي يزخر بها كوكبنا الازرق الجميل.
أسرار النجاة!
والهالوبكتيريا هي نوع من انواع الحياة، التي تدفع العلماء إلى إطلاق العنان لخيالهم حول إمكانية تطوير آليات النجاة من الموت، هذا إذا كانت مسبباته تراوح بين تلف الحمض النووي وصولاً إلى التعرض للإشعاعات الكونية القاتلة.
ويبدو ان الدراسات الاخيرة حول هذا الميكروب العجيب، وخصوصاً تلك التي تقوم بها جامعة ماريلاند في الولايات المتحدة الاميركية وبتمويل من وكالة الفضاء الاميركية ناسا - Nasa، قد أكدت ان الهالوبكتيريا تمتلك قدرة مذهلة على إصلاح الحمض النووي DNA الخاص بها لدى تعرضها الى عوامل مدمرة من البيئة المحيطة بها.
فقد قام علماء الجامعة المذكورة باخضاع ميكروب الهالوبكتيريا إلى مجموعة من الاختبارات القاسية الكفيلة بتدمير أي نوع حياة نعرفه. وكانت الهالوبكتيريا تخرج كل مرة من هذه التجارب سليمة معافاة بطرق مختلفة ادهشت العلماء حتى الواسعي الخيال منهم. ومن بين هذه التجارب قيام العلماء بتكسير جزيء Molecule الحمض النووي DNA لهذه البكتيريا بعد تعريضه إلى جرعات قوية من الاشعة ما فوق البنفسجية. وقد إستطاعت هذه البكتيريا، وحسب قول العالم ادريان كيش من فريق الابحاث في جامعة ماريلاند، ان تعيد ترتيب الحمض النووي بحيث يعود ويصبح عاملاً وفعالاً كما كان قبل تعرضه إلى الاشعاع القاتل.
وقد إستمر فريق الابحاث في ماريلاند في تجاربه المثيرة، فقام بتعريض الهالوبكتيريا إلى الجفاف، ومع ذلك إستطاعت النفاذ والعودة إلى التكاثر من جديد. ولمحاكمة الظروف التي قد تواجه اشكال الحياة في فراغ الفضاء الخارجي، عمد هذا الفريق إلى وضع البكتيريا في مقصورة فراغية Vacuum Chamber في مركز غودارد للطيران الفضائي والتابع لوكالة الفضاء الاميركية ناسا - NASA ومع ذلك إستطاعت الهالوبكتيريا مواجهة الامر كما حدث مع الذي سبقه.
نعمة الملوحة
ولشرح الموضوع تقول جوسلين دي روجييرو من فريق الابحاث في جامعة ماريلاند، أن قدرة الهالوبكتيريا على قهر الاشعاعات تنبع من قدرتها على التكيف مع المولحة العالية مثل تلك الموجودة في البحر الميت. فالملوحة العالية تؤذي الحمض النووي داخل البكتيريا أو داخل خلية داخل اي كائن.
كيف؟
يوجد عادة الحمض النووي في داخل نواة الخلية محاطا بالماء الذي يسمح للحمض بالاحتفاظ بشكله اللولبي المزدوج. لكن في المياه العالية الملوحة تتنافس جزيئات أو أيونات الماء ما يجعل جزيء الحمض النووي معرضاً للأضرار.
لكن الهالوبكتيريا إستطاعت أن تطور آلية للبقاء وذلك باستخدام انزيمات مختلفة تستطيع أن تقوم بإصلاح الحمض النووي. وبما ان الاضرار التي تتسبب بها الملوحة شبيهة بتلك التي تسبب بها انواع الاشعاعات القاتلة للحمض النووي، فإن الانزيم الخاص بإصلاح أضرار الملوحة يصلح أيضاً لإصلاح أضرار الإشعاعات.
تشابه أنواع الحياة
وكان فريق الابحاث في جامعة ماريلاند قد إستعان بواحدة من أهم المؤسسات العلمية في الولايات المتحدة لمراقبة عمل الحمض النووي والانزيمات المختلفة، وهي مؤسسة الأنظمة البيولوجية في مدينة سياتل.
وتملك هذه المؤسسة أجهزة دقيقة لمراقبة رد فعل الحمض النووي على الاضرار التي يتعرض لها كنتيجة لتعرضه للجفاف، او الاشعاعات.
وقد إستطاع العلماء ملاحظة الإنزيمات التي تندفع إلى إصلاح الاضرار، وإلى تعيين الجينات المختصة بانتاج التي يطلق عليها إسم "أدوات الاصلاح الجزيئية - Molecular Repair Tools" يشبه عملها إلى حد كبير عمل إنزيمات مشابهة تعمل على إصلاح الاضرار في الحمض النووي لخلايا النبات او الحيوان، فان العلماء يأملون باستخلاص الدروس التي ستسمح لهم بفهم آليات إصلاح هذا الحمض في كائنات مختلفة ومنها البشر.
حتى أن الفريق ذهب بعيدا في الاعتماد على الدوروس المستفادة من عمل الهالوبكتيريا التي تمتلك أدوات إصلاح غير موجودة في أي كائن آخر في الطبيعة.
ويتوقع العلماء أن يتم الإستفادة من أبحاث الهالوبكتيريا لتثوير حقل التكنولوجيا الحيوية Biotechnology وتطوير عقاقير ذكية تسمح باصلاح الاعطال التي يعاني منها الحمض النووي في الخلايا البشرية.
ومعروف أن أسباب كثيرة تؤدي إلى الإضرار بالحمض النووي البشري مثل الجذور الحرة Free radicals التي تنتج عن عمليات هضم الطعام، او التلوث، او الشيخوخة.
ولعل الحقل الأهم الذي سيستفيد من دراسات الهالوبكتيريا هو غزو الفضاء. فالسفر مسافات طويلة في الفضاء الخارجي يعرض رواد الفضاء إلى مخاطر الإشعاعات التي تضر بالحمض النووي وتؤدي إلى السرطانات المختلفة.
الحياة على الكواكب الاخرى
وقد ظهرت أخيراً تقارير علمية مختلفة تشير إلى إكتشاف خلايا حية من الهالوبكتيريا داخل ترسبات ملحية يعود عمرها الى 250 مليون سنة. وهناك جدل مثير حول هذه التقارير، التي التي إذا صحّت سيكون لها تأثير كبير على عملية البحث عن حياة ميكروبية على سطح كوكب المريخ. فقد اثبتت الدراسات العلمية الأخيرة التي قام بها الجوالين المريخيين سبيريت Spirit وأوبورتشينيتي Opportunity، وجود بحيرات من الماء المالح على سطح المريخ منذ عشرات ملايين السنين.
فإذا إستطاعت الهالوبكتيريا أن تحيا لملايين السنين في الترسبات الملحية يمكن لها أو لاي بكتيريا مشابهة أن تستمر في الحياة أيضاً في الترسبات الملحية المريخية. وإلى أن يأتي أوان إثبات هذه النظريات الجديدة، يمكن القول أن البحر الميت سيستمر لسنوات طويلة في إثراء عقول العلماء بالمعلومات الحيوية حول الحياة وأسرارها.
۞▒◄ من البحر الميت إلى الفضاء الخارجي قصة حياة بكتيريا ►▒۞