صقر طيبة
عضو مبدع
الجنس : العمر : 46 طيبة الطيبة التسجيل : 08/09/2011 عدد المساهمات : 242
| موضوع: ۞♥۞ حفظ السر .. من خلق الأكابر ۞♥۞ الثلاثاء 01 نوفمبر 2011, 1:34 am | |
|
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
۞♥۞ حفظ السر .. من خلق الأكابر ۞♥۞
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
هناك صفات تندر في دنيا الناس وتعاملاتهم , وصار المتصف بها عزيزاً بينهم , فريداً في دنياهم , حتى أصبح المتحلي بها يشار إليه بالبنان , ويُذكر عندهم بما تميز به . ومن هذه الصفات – حفظ السر –
نعم - حفظ السر – الذي هو من خلق الأكابر , وعظماء الناس , وأشرافهم , لأن هذا خلق لايتحلى به أي أحد , وهو صعب المنال .
وقديمًا قالوا : " إن أمناء الأسرار أقل وجودًا من أمناء الأموال ، وحفظ الأموال أيسر من كتمان الأسرار ؛؛؛ لأن أحراز الأموال منيعة بالأبواب والأقفال، وأحراز الأسرار بارزة يذيعها لسان ناطق، ويشيعها كلام سابق ... ومن عجائب الأمور أن الأموال كلما كثرت خزانها كان أوثق لها ، أما الأسرار فكلما كثرت خزانها كان أضيع لها "
حفظ السر به تظهر شجاعة المرء , وقدرته على التحكم بنفسه - وإذا أراد أي أحد قياس قوته فلينظر لقدرته على حفظه للسر- وذلك أن السر عادة لايتحمل صاحبه كتمه , ولايكظمه في فؤاده , فإذا صار المرء حافظاً , دل هذا على شجاعته , وقدرته على ضبط نفسه .
إن من الناس من غيب في قلبه الأسرار وعاهد الله لو ضربت رقبته ما أفشى منها سرا .
وإن من الناس من إذا ائتمنته على السر كان كسرّه ، وإذا أطلعته على العيب كان كعيبه ، وإذا أخبرته بالعورة كانت كعورته ، أولئك الأمناء الشرفاء الرفعاء ، أولئك الذين يخافون الله ويرجون لقاءه سبحانه وتعالى .
ونقرأ في الآية 118 من سورة آل عمران قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالا } . (بطانة) لها مفهوم يماثل مفهوم كلمة (وليجة) فكليهما معنيان محرم الأسرار وأنّ الله تعالى يخاطب جميع المؤمنين ويقول مؤكّداً عليهم أن لا يجعلوا غير المسلمين محرم أسرارهم ، فهو في الواقع إشارة إلى لزوم حفظ الأسرار والذم لمن يعمل على إفشاء السر.
قال الله تعالى : { وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا } ((الإسراء:34)). عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ثم ينشر سرها " ((رواه مسلم)). ۞۩۞۩۞۩۞۩۞
والأسرار نوعان
متعلق بالنفس ومتعلق بالغير
والمرء مطلوب منه حفظ كلا السرين .
وأعظم الأسرار ماكان بين الزوجين
فمن الناس من كان فاضحاً لسره مع أهله حتى يصل إلى مرحلة أخص من البهيمية , لأن طبيعة النفس السوية , تأبى نشر مثل هذه الأمور وتلكم الأسرار , ولكن ذلك السفيه لا يتورع عن ذكر ما يحصل بينه وين زوجه , وذكر بعض أسرارهم , ولقد صور النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهتك لهذه الأسرار بفعل الشياطين .
قال " ألا هل عست امرأة أن تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها ,ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله ؟ فقامت امرأة منهن سفعاء الخدين , فقالت : والله إنهم ليفعلون , وإنهم ليفعلن , قال : " فلا تفعلوا , ذلك أفلا أنبئكم ما مثل ذلك ؟ مثل شيطان أتى شيطانه بالطريق فوقع بها والناس ينظرون " السلسلة الصحيحة .
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
وفي المجالس العامة أسرار لا تخفى
فالناس في مجالسهم يجلسون بأريحية ودون تكلف , فيأخذون في الحديث العفوي , وربما ذكروا أسراراً لهم , وخاضوا في بعض خصائصهم ثقة بالجليس ,وطمأنينة للصاحب, فلا يحفظ جليسهم تلك الأسرار , بل ينشرها دون تحفظ أو رعاية لحق ذلك الصديق .
من الناس من يخون العشرة , وينسى قديم العهد , فيكون بينه وبين أخيه صداقة ومودة , فيبث له ذلك الصديق همومه , ويُؤمنه على أسراره , ويودع عنده خصوصياته , حتى إذا ما تغيرا وحصل الخصام ينهما , نشر تلك الأسرار , وبث هاتيك الدفائن , وهذا لعمر الله ليس من المروءة بشيء , ولا هو من أصول الأخلاق .
ومع بيان فضل حفظ السر, وكرامة أهله , إلا أن الناس في حاجة ماسة لمن يبثون لهم همومهم, ويُنزلون بهم مشاكلهم , ليحفظوا لهم سرهم , ويخففوا عنهم آلامهم - عندها تظهر كرامة المرء, وطيب معدنه في حفظ السر , ورعاية حرمة الواثق - .
إن حافظ السر يصبح بين الناس شامة, وعند الخليقة نبراس, يُحتذى بخُلقه, ويُتأسى بعمله, لأنه صار مستودع للأسرار, مُعيناً للناس في تحمل همومهم .
من صفات المسلم الحق أنه حافظ للسر، لا يفشي سراً ائتمنه عليه أحد . وحفظ السر دليل رجولة المرء ، وقوة شخصيته ، ومتانة خلقه ، وهذا ما كان عليه صفوة رجال الإسلام ونسائه ، ممن ارتشفوا رحيق هدي النبوة ، وتمثلته نفوسهم ، فكان خلقاً بارزاً من أخلاقهم ، وعادة حميدة من أجمل عاداتهم.
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
قال الماوردي في أدب الدنيا والدين (307ـ309) :
(( اعلم أن كتمان الأسرار من أقوى أسباب النجاح ، وأدوم لأحوال الصلاح ، روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (استعينوا على الحاجات بالكتمان؛ فإن كل ذي نعمة محسود)( أخرجه الطبراني في المعاجم الثلاثة وضعفه الحافظ العراقي وغيره).
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه : سرك أسيرك ، فإن تكلمت به صرت أسيره.
وقال عمرو بن العاص : " ما وضعت سري عند أحد فلمْته على أن بفشيه , كيف ألومه وقد ضقت به "
وقال الشافعي رحمه الله :-
إذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمقُ إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيقُ
وقال المهلّب : " أدنى أخلاق الشريف كتمان السر , وأعلى أخلاقه نسيان ما أُسِرَّ له"
وقال بعض الحكماء لابنه : يا بني ! كن جوادا بالمال في موضع الحق ، ضنينا بالأسرار عن جميع الخلق ؛ فإن أحمد جود المرء الإنفاق في وجه البر ، والبخل بمكتوم السر.
وقال بعض الأدباء : من كتم سره كان الخيار إليه ، ومن أفشاه كان الخيار عليه.
وقال بعض البلغاء : ما أسَرَّكَ ما كتمت سرك ، وقال بعض الفصحاء : ما لم تغيبه الأضالع ، فهو مكشوف ضائع.
وقال بعض الشعراء ، وهو أنس بن أسيد :
ولا تفش سرك إلا إليك فإن لكل نصيح نصيحا فإني رأيت وشاة الرجال لا يتركون أديما صحيحا
وكم من إظهار سر أراق دم صاحبه ، ومنع من نيل مطالبه ، ولو كتمه كان من سطوته آمنا ، وفي عواقبه سالما ، ولنجاح حوائجه راجيا ، وقال أنوشروان : من حصن سره فله بتحصينه خصلتان : الظفر بحاجته ، والسلامة من السطوات.
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
وإظهار الرجل سر غيره أقبح من إظهاره سر نفسه ؛ لأنه يبوء بإحدى وصمتين : الخيانة إن كان مؤتمنا ، أو النميمة إن كان مستودعا ، فأما الضرر فربما استويا فيه وتفاضلا ، وكلاهما مذموم ، وهو فيهما ملوم ، وفي الاسترسال بإبداء السر دلائل على ثلاثة أحوال مذمومة :
إحداها : ضيق الصدر، وقلة الصبر، حتى أنه لم يتسع لسر، ولم يقدر على صبر، وقال الشاعر:
إذا الـمـرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غـيره فـهو أحـمـق إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق
والثانية : الغفلة عن تحذر العقلاء ، والسهو عن يقظة الأذكياء ، وقد قال بعض الحكماء : انفرد بسرك ، ولا تودعه حازما فَيَزِلَّ ، ولا جاهلا فيخون.
والثالثة : ما ارتكبه من الغدر ، واستعمله من الخطر ، وقال بعض الحكماء : سرك من دمك ، فإذا تكلمت به فقد أرقته.
واعلم أن من الأسرار ما لا يستغنى فيه عن مطالعة صديق مساهم ، واستشارة ناصح مسالم ، فليختر العاقل لسره أمينا ، إن لم يجد إلى كتمه سبيلا ، ولْيَتَحَرَّ في اختيار من يأتمنه عليه ، ويستودعه إياه ، فليس كل من كان على الأموال أمينا ، كان على الأسرار مؤتمنا ، والعفة عن الأموال أيسر من العفة عن إذاعة الأسرار ؛ لأن الإنسان قد يذيع سر نفسه ببادرة لسانه ، وسقط كلامه ، ويشح باليسير من ماله ؛ حفظا له وضِنًّا به ، ولا يرى ما أذاع من سره كبيرا في جنب ما حفظه من يسير ماله ، مع عظم الضرر الداخل عليه ، فمن أجل ذلك كان أمناء الأسرار أشد تعذرا ، وأقل وجودا من أمناء الأموال ، وكان حفظ المال أيسر من كتم الأسرار ؛ لأن إحراز الأموال منيعة ، وإحراز الأسرار بارزة ، يذيعها لسان ناطق ، ويشيعها كلام سابق ، وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه : القلوب أوعية الأسرار ، والشفاه أقفالها ، والألسن مفاتيحها ، فليحفظ كل امرئ مفتاح سره.
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
ومن صفات أمين السر أن يكون ذا عقل صاد ، ودين حاجز ، ونصح مبذول ، وود موفور ، وكتوما بالطبع ؛ فإن هذه الأمور تمنع من الإذاعة ، وتوجب حفظ الأمانة ، فمن كملت فيه فهو عنقاء مغرب ، وقيل في منثور الحكم : قلوب العقلاء حصون الأسرار.
وليحذر صاحب السر أن يودع سره من يتطلع إليه ، ويؤثر الوقوف عليه ، فإن طالب الوديعة خائن ، وقيل في منثور الحكم : لا تنكح خاطب سرك ، وقال صالح بن عبد القدوس : لا تدع سرا إلى طالبه منك ، فالطالب للسر مذيع.
وليحذر كثرة المستودعين لسره ؛ فإن كثرتهم سبب الإذاعة ، وطريق إلى الإشاعة ؛ لأمرين :
أحدهما : أن اجتماع هذه الشروط في العدد الكثير مُعْوِزٌ ، ولا بد إذا كثروا من أن يكون فيهم من أخل ببعضها.
والثاني : أن كل واحد منهم يجد سبيلا إلى نفي الإذاعة عن نفسه ، وإحالة ذلك على غيره ، فلا يضاف إليه ذنب ، ولا يتوجه عليه عتب ، وقد قال بعض الحكماء : كلما كثرت خزان الأسرار ، ازدادت ضياعا ، ...
فإذا اختار ـ وأرجو أن يوفق للاختيارـ واضطر إلى استيداع سره ـ وليته كُفِي الاضطرارـ وجب على المستودع له أداء الأمانة فيه ، بالتحفظ والتناسي له ، حتى لا يخطر له ببال ، ولا يدور له في خلد ، ثم يرى ذلك حرمة يرعاها ، ولا يُدِلُّ إدلال اللئام ، وحُكي أن رجلا أسر إلى صديق له حديثا ، ثم قال : أفهمت ؟! قال : بل جهلت ! قال : أحفظت ؟! قال : بل نسيت ! .
وقيل لرجل : كيف كتمانك للسر ؟ قال : أجحد الخبر ، وأحلف للمُسْتَخْبِر ...
وحكي أن عبد الله بن طاهر تذاكر الناس في مجلسه حفظ السر، فقال ابنه :
ومستودعي سرا تضمنت سره فأودعته من مستقر الحشى قبـرا
ولكنني أخفيه عنـي كأنـني من الدهر يوما ما أحطت به خبرا
وما السر في قلبي كميت بحفرة لأني أرى الـمدفون ينتظر النشرا ))اهـ.
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
فيا أيها المقصود بين الناس في حفظ الأسرار عنده , الموثوق به من بين العالمين , احفظ لأهل العهد عهدهم , وأصحاب الميثاق ميثاقهم , وابذل النفس لهم , وليتسع صدرك لأسرارهم .
إن إفشاء الأسرار لمن أسوأ العادات التي يبتلي بها الإنسان؛ ذلك أن ليس كل ما يعلم يقال في هذه الحياة، فهناك أمور تقضي الرجولة والمروءة والشرف والغيرة أن تبقى في طي الكتمان، وبخاصة إذا كانت هذه الأمور من متعلقات الحياة الزوجية. ولا ينشر مثل هذه الأمور على أسماع الناس إلا رجل في عقله لون من الجنون، أو في شخصيته ميوعة وديوثة وتفاهة. ومن ثم كان هذا الضرب من الرجال الثرثارين في زمرة الأشرار، بل من شر الناس عند الله، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله:
"إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" (رواه مسلم. أشر: هكذا جاءت الرواية "أشر"، والنحاة يقولون: لا يجوز أشر وأخير، وإنما يقال: هو خير منه وشر منه، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالوجهين)
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
۞۩۞۩۞۩۞۩۞
| |
|
الفيروزي
عضو ذهبي
الجنس : العمر : 38 المدينة المنورة التسجيل : 30/09/2011 عدد المساهمات : 706
| موضوع: رد: ۞♥۞ حفظ السر .. من خلق الأكابر ۞♥۞ السبت 05 نوفمبر 2011, 2:56 pm | |
|
۩۞۩ السلام عليكم ورحمةالله وبركاته ۩۞۩
ماشاء الله تبارك الله مشاركة جميلة ومتميزة نبارك هذا الجهد الرائع ونتطلع لمزيد من الإبداع
۩ حفظكم الله ورعاكم ۩
♥♥ تقبلوا محبتي وتقديري ♥♥
₪₪₪₪₪₪₪
| |
|