صار تلفزيون المواصفات العالية - أو عالي المواصفات - أو عالي التعريف - “HDTV” المسألة الأشد إثارة للحيرة في أوساط مستهلكي سلع المستهلك الالكترونية في عالم اليوم. ولعل ما يستحق التقدير في هذا المقام التطور الذي تشهده الشاشات المسطحة على صعيد الحجم أو السعر أو وفرة هذه الشاشات في السوق.
إلا ان الحيرة والارتباك لا يزالان يشكلان عنصر ضغط متزايد على المستهلك خاصة مع تعدد معايير تلفزيون المواصفات العليا ونشوب حرب أنماط أقراص الفيديو الرقمية التي لم يعد أحد يجهلها بين سوني وخصومها.
فالعنصر المستجد في الجانب التقني لهذه التلفزيونات هو ما يعرف باسم الشاشة الألف وثمانين المتقدمة. هذه الشاشة تحمل مزايا الشاشتين السابقتين (720 720) التي تستطيع معالجة الحركة السريعة عند العرض و(1080 أي 1080) التي تنطوي على حلول تقنية فائقة.
ولمن يرغبون بمعرفة المزيد عن هذه المسميات والرموز نقول ان الرقم 1080 يشير الى عدد الخطوط الأفقية التي تشكل الصورة أما الحرف -P - فيرمز الى كلمة Progressive أي المتقدمة ويقابلها الحرف -i - في النمط السابق الذي يرمز الى كلمة interlaced اي المتشابكة. وكلا الكلمتين متقدمة ومتشابكة مستمدة مجيرة من التلفزيونات التقليدية ذات الشاشات الأنبوبية.
وعلى صعيد التطبيق يعني الحرف - P - 60 إطاراً في الثانية بينما يعني الحرف - i - ثلاثين إطاراً فقط.
وقد أجرى ستيفين ويلد ستورم المحرر التقني في مجلة بزنس ويك اختباره على شاشة شارب أكوس ICD قياس 65 بوصة وهي احدى أوائل شاشات الألف وثمانين المتقدمة - 1080- وكانت الصور آخاذة وهو ما كان متوقعاً ليتناسب مع سعرها البالغ 21 ألف دولار.
وقد أذهله الكم الهائل المعروض من هذه الشاشات في معرض الكترونيات المستهلك الذي أقيم في شهر يناير/كانون الثاني الماضي في لوس انجلوس، الى جانب اجهزة اخرى شملت شاشات بلازما واجهزة الاسقاط الضوئي وشاشة هائلة قياس 103 بوصات عرضتها شركة باناسونك.
ويقول ويلدستورم إن الفارق بين تقنيات 720 بي و1080 بي لا يكاد يلاحظ في الشاشات التي يقل قياسها عن 40 بوصة ولا يستحق الفارق السعري البالغ 500 دولار إلا انه في الشاشات الكبيرة تزداد اهمية الكثافة اللونية في وضوح وحيوية الصور خاصة عند النظر اليها من الاعلى.
إلا ان شاشة الألف وثمانين المتقدمة 1080 تعاني من مشكلة كبرى. فحتى الآن لا توجد أية برامج معدة متوافقة مع صيغتها كما ان هذا الوضع غير مرشح للتغيير في المدى المنظور.
وقد وعدت شركة شارب المحرر المذكور بإرسال مسجل فيديو بقرص صلب محمل بالمحتويات الترويجية لهذه الشاشة فقط من أجل الوقوف على أنماط الصور المتميزة التي توفرها أكوس.
لكن ما لم تتحقق قفزة نوعية في تقنيات ضغط المحتوى فلن يتوافر بث تلفزيوني بتقنية 1080 التي تنقل 30 ميجابايت من البيانات في الثانية اي بموجة عريضة اكبر من قدرة اي شركة كيبل أو قمر صناعي أو شركة بث على توفيرها.
لكن عظمة تقنية -1080 - سوف تتجلى في قدرتها على توفير صور بمواصفات مسرحية عند عرض الافلام على الشاشة وهذا ما تعرقله حرب الصيغ الكريهة، فالقرص الرقمي التقليدي لا يستوعب فيلم التلفزيون عالي المواصفات، كما ان الاستديوهات لن تسمح بإطلاق اية نسخة فيلم بتقنية المواصفات العليا دون توفير معايير لحماية الخصوصية أفضل من نظام كونتنت سكراميلج سيستم.
والحل قد يكون في نظام تسجيل بالليزر الأزرق القادر على حشر كم بيانات هائل في قرص عصير على النسخ معزز بنظام رقمي لحفظ حقوق النشر.
ولسوء الحظ فإن هناك نظامين يتصارعان في هذا الميدان ولا يعملان سوياً. الاول نظام بلو-راي الذي تتزعم معسكره شركة سوني ويضم عدداً من شركات صناعة اجهزة المستهلك الالكترونية. ونظام القرص الرقمي بالمواصفات العليا HD-DVD الذي تدعمه توشيبا ومايكروسوفت وإن سي إي وإنتل. ولا يستطيع المستخدم استعمال قرص بلو- راي على مشغل أقراص HD-DVD والعكس صحيح كما ان أيا منهما لا يمكن تشغيله على مشغل أقراص فيديو رقمية تقليدي.
ولن يقدم اي مستهلك على شراء مشغل أقراص فيديو رقمية بسعر 500 دولار ليكتشف انه ليس افضل من فيديو بيتاماكس مثلاً. وحتى الآن لا تزال استديوهات الانتاج العالمية الكبرى تخفي رهاناتها على اي من الصيفيتين ولذلك فإن السوق سوف يستمر في حالة من عدم الاستقرار بعض الوقت.
وسوف تشهد شاشات 1080 هذا الخريف أول دفع لها عندما تطرح سوني منصة ألعابها الجديدة بلاي ستيشن 3. وقد تبين بالتجربة ان ألعاب إكس بوكس 360 تظهر بدرجة أعلى من الروعة والحيوية على شاشات أكوس مقارنة مع شاشات -720- كما ان بلاي ستيشن 3 التي صممت أساساً لتتوافق مع شاشات 1080 ستكون اكثر اثارة ومتعة، وسوف تزود المنصة الجديدة بمشغل أقراص DVD بلو-اي ويتوقع ان تتاح بمجرد عرضها في الاسواق مجموعة لا بأس بها من عناوين الافلام المتوافقة معها.
فإذا كنت ممن يفضلون الشاشات التي يتراوح قياسها بين 30 و40 بوصة فميزة تقنية 1080 ليست اساسية. أما اذا كنت تفكر في شاشة اكبر فإن هذه التقنية جديرة بالاقتناء لنقاء أفضل وحيوية أكثر تميزاً