الجنس : العمر : 37 أكيد عسفان التسجيل : 12/09/2011عدد المساهمات : 104
موضوع: ۞♥۞ التكرار الأسبوعي للقرآن ۞♥۞ الإثنين 10 أكتوبر 2011, 7:43 am
(التكرار الأسبوعي للقرآن)
المسألة الأولى : أهميته
القرآن أنزل ليعمل به ، ووسيلة العمل به العلم به أولا ، وهو يحصل بقراءته وتدبره ، وكلما تقاربت أوقات القراءة ، وكلما كثر التكرار كان أقوى في رسوخ معاني القرآن الكريم ، ومن أجل ذلك كان السلف يواظبون على قراءة القرآن ، ويحرصون على كثرة تلاوته وتكرارها ، ومن ظن أنهم يقرأونه من أجل ثواب القراءة فحسب فقد قصر فهمه في هذا الباب ، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ، وقال عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه : "ما تركت حزب سورة من القرآن من ليلتها منذ قرأت القرآن وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : " استأذن رجل على رسول الله وهو بين مكة والمدينة فقال : قد فاتني الليلة حزبي من القرآن وإني لا أوثر عليه شيئا ، وعن خيثمة ’ قال : " انتهيت إليه - يعني : عبد الله بن عمرو رضي الله عنه- وهو يقرأ في المصحف فقال : هذا حزبي الذي أريد أن أقوم به الليلة ، وعن القاسم ’ قال : كنا نأتي عائشة رضي الله عنها قبل صلاة الفجر ، فأتيناها ذات يوم، فإذا هي تصلي ، فقالت نمت عن حزبي في هذه الليلة فلم أكن لأدعه ، وعن أبي بكر بن عمرو بن حزم ’ : أن رجلاً استأذن على عمر رضي الله عنه بالهاجرة فحجبه طويلا ، ثم أذن له فقال : إني كنت نمت عن حزبي فكنت أقضيه ، وعن ابن الهاد ’ قال سألني نافع بن جبير بن مطعم ’ فقال لي : في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أحزبه ، فقال لي نافع : لا تقل ما أحزبه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قرأت جزءاً من القرآن ، فهذه النصوص وغيرها مما نقل عن السلف في هذه القضية المهمة تؤكد على ضرورة تحزيب القرآن والمحافظة على ما يتم تحزيبه ، وأن يكون له الأولوية الأولى في كل وقت .
ينبغي أن يوجد الحرص التام عليه وأن يقدم على كل عمل ، وألا يهدأ لك بال حتى تقوم به ، حتى تؤديه في وقته ، أو تقضيه إن فات أداؤه في وقته ، إن العمل الذي لا تقضيه إذا فات يعني تساوي الفعل والترك عندك ، وهذا دليل على عدم أهميته لديك ، متى وجد هذا الحرص فهو مفتاح النجاح في الحياة ، إنه مفتاحٌ لا نحتاج إلى إثبات نجاحه بالتجربة ، فهو ثابت بالخبر عن الله تعالى وعن رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال الله تعالى:{ فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى } [(123) سورة طه ] ، وهل يعقل أو يتصور أن يوجد اتباع دون قراءة مستمرة ، دون مذاكرة لقواعده وتوجيهاته ، كما سبق البيان أننا في واقع الحياة نجد أن الإداري الذي لا يحفظ اللائحة ولا يعي ما فيها هو إداري فاشل ، والطالب الذي لا يذاكر دروسه كذلك ، ومتى علم الله منك صدق الرغبة والحرص على هذا الغذاء فإنه يفتح لك أبوابه ويبارك لك فيه ، ويمتد أثره ليشمل جميع جوانب حياتك ، لا أقول إن التجربة تشهد لذلك ، فثبات نتائج هذا العمل أقوى وأصدق من أن تخضع للتجربة ، وما يوجد في حياتنا من نقص إنما هو بسبب ترك وإهمال هذا العمل اليسير على من يسره الله عليه ، العظيم في نفعه وأثره الشامل في تحقيق النجاح الكامل لكل من أخذ به بدقة ، وهو مجاني لا يحتاج إلى دورات ولا رسوم ولا مدرب .
إن عادات النجاح ليست سبعا ولا عشراً بل هي عادةٌ واحدة ، إنها المحافظة على قراءة حزبك من القرآن ، بل هي عبادة وليست عادة ، من يسر الله له المحافظة عليها حصلت له كل معاني النجاح الدينية والدنيوية.
المسألة الثانية : كيفية تحــزيب القرآن ومدة الخــتم
قراءة القرآن مثل العلاج لا بد أن يكون بمقدار معين لا يزيد عليه ولا ينقص حتى يحدث أثره ، مثل المضاد الحيوي إن طالت المدة ضعف أثره ، وإن تقارب أكثر من المناسب أضر بالبدن ، فكذلك قراءة القرآن المدة التي أقرها النبي صلى الله عليه وسلملأمته ، لمن رغب في الخير هي سبعة أيام إلى شهر ، ونهى عن أقل من ثلاث ، وجاءت نصوص في النهي عن هجر القرآن أكثر من أربعين يوما.
عن أوس بن حذيفة الثقفي رضي الله عنه قال : قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فنزلوا الاحلاف على المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وأنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بني مالك في قبة له فكان يأتينا كل ليلة بعد العشاء فيحدثنا قائما على رجليه حتى يراوح بين رجليه وأكثر ما يحدثنا ما لقي من قومه من قريش ويقول : ولا سواء كنا مستضعفين مستذلين فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجال الحرب بيننا وبينهم ندال عليهم ويدالون علينا فلما كان ذات ليلة أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه فقلت : يار سول الله لقد أبطأت علينا الليلة قال : فإنه طرأ علي حزبي من القرآن فكرهت أن أخرج حتى أتمه قال أوس بن حذيفة سألت أصحاب رسول الله كيف يحزبون القرآن ؟ قالوا : ثلاث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل ، وذكر عن عثمان رضي الله عنه أنه كان يفتتح ليلة الجمعة بالبقرة ويختم ليلة الخميس ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : "إني لأقرأ جزئي أو قالت سبعي وأنا جالسة على فراشي أو على سريري ، وقال عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه :" لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث اقرأوه في سبع ويحافظ الرجل على حزبه، قال النووي ’ - عن الختم في سبع -: "فعل الأكثرين من السلف" ، وقال السيوطي ’: " وهذا أوسط الأمور ، و أحسنها ، وهو فعل الأكثر من الصحابة وغيرهم " .
الأولى أن يكون تحزيب القرآن وتقسيمه على السور- قدر الإمكان - بمعنى أن تقرأ السورة في الليلة الواحدة كاملة ، وأن يكون التقسيم والتوزيع متوافقا مع نهايات السور ، وهذا هو السنة ، وعليه عمل الصحابة والتابعين ، أما الأحزاب والأجزاء والأثمان المعروفة اليوم فلم تأت إلا متأخرة ، علاوة على ما فيها من بتر للمعاني وتقطيع للسور ، ومن أراد تفصيل القول في هذه المسألة فليراجع ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الجزء الثالث عشر.
المسألة الثالثة : كيفية تطبيق هذا المفتاح
القيام بالقرآن كاملا في كل أسبوع يحتاج الوصول إليه إلى التدرج والتدريب شيئا فشيئا ، ومن ذلك تطبيق قاعدة : ( أدومه وإن قل) ، فمن الممكن أن تكون البداية بالمفصل يحزبه سبعة أحزاب لكل يوم من أيام الأسبوع حزب ، أو من الممكن أن تكون البداية بجزء (عم) يقسمه سبعة أقسام وكل ليلة يقرأ بقسم ، يكرر هذا كل أسبوع ، ثم ينظر النتيجة كيف تكون ؟ وعندما يرى الأثر والفائدة فإن هذا سيدفعه إلى الزيادة ، ولتكن بالتدريج ، فيزيد المقدار وبنفس الطريقة يتم توزيع المقدار الجديد إلى سبعة أقسام كل قسم منها يقرأ في ليلة ، بحيث يختم المقدار كل أسبوع حتى يرسخ ، حتى تثبت الآيات في القلب بصورة قوية يسهل استدعاؤها في مواقف الحياة اليومية .