من أجل قرآءة مؤثرة للقرآن
أولاً : يستحضر القارئ قبل القراءة درجات تدبر القرآن , وهل سيقصد التأمل والتفكر ؟ أو الخشوع والتأثر ؟ أو محاسبة النفس ؟أو استنباط الحكم والأحكام ؟ ولا يضيره بعد ذلك أن يضم في تدبره للآيات بعض هذه الأمور , لكن المهم أن يحصل تنبيه وتذكير للقلب بما هو مقبل علبه وكيف يقبل عليه .
ثانياً : يستحضر القارئ عظمة القرآن وحلاله قدره وعلو منزلته , وجزيل إنعام الله على من قرأه , فيتهيأ لكلام الله بالوجل والخوف والرجاء والفرح به , عسى أن يظفر بالمقصود من إنزاله , وليتهيأ لذلك ظاهراً وباطناً .
ثالثاً : إذا استعاذ بالله من الشيطان الرجيم فليستحضر طلب العون من الله من كيد الشيطان ، فإنه
يسعى جهده لصد القارئ عن كلام الله ، ويحول دونه ودون الانتفاع بالقرآن ، فهو إما أن يشغل قلبه عن النظر في معانيه أو يصرفه فهمه إلى غير المقصود ، فليستعذ بالله من كيده وشره ومكره ، والمعصوم من عصمه الله .
رابعاً : وحين يقرأ القرآن يرتل ويترسل ، كالباحث عن معنى يخفى بالقراءة السريعة ، فهمته عرض المعاني على القلب ، عسى أن يتأثر أو يخشع ، ليست همته : متى يختم السورة ؟ فهو لايرضى لنفسه أن يقرأ آية لم يقف عند مدلولها ، أو لا يعرف المقصود منها ، أو يجهل تفسير كلماتها .
خامساً : مما يعين القارئ على معرفة دلائل الآيات : النظر في مورد السياق ( الكلام السابق واللاحق ) واستحضار موضوع السورة أو المقطع أو المشهد الذي تصوره الآيات ، والبحث عن حكمة الترتيب ، ووجه التعقيب في آخر الآية ، والغاية التي تدور حولها الآيات ، والنظر في ذلك كله ، مع تصور الأثر المقصود الذي تحدثه في نفس القارئ ، ونفوس السامعين ، فيسح تارة ، ويسأل تارة ، ويستعيذ تارة أخرى.
سادساً : من أعظم ما يعين القارئ على استحضار مقصود الآيات ، ووجوه تأثيرها على نفسه وقلبه ، معرفة
أجواء التنزيل ، وكيف تلقى الرسول صلى الله عليه وسلم الآيات ، وكيف وقعت في نفوس الصحابة موقعها حين سمعوها حين سمعوها لأول وهلة .
سابعاً: تعويد القارئ نفسه النظر فيما ينبغي عليه نحو دلالات الآية وإشاراتها ، فإذا مر بآية فيها خطاب للأنبياء علم أنه مخاطب بذلك من باب أولى وإذا قرأ ثناء الله على الأنبياء والصالحين علم أنه مخاطب بذلك وأن تأثيره مقصود واقتداءه مطلوب وإذا مر بذم الله لأعمال العصاة والظالمين علم أنه مخاطب بذلك ، وأن تأثيره مقصود ، وحذره مطلوب.
ثامناً : إذا تأثر بآية ، وانتفع بها قلبه ، فرح بها وكررها وأعاد النظر فيها ، فلا يتجاوزها حتى تنطبع معانيها في قلبه ، وينشرح بها صدره .