أقسام الناس في فعل محظورات [ الإحرام ] !
فضيلة العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين : الحمد لله رب العالمين ، وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعــد : هل الفدية لازمة لكل من فعل محظورًا ؟ أو هل يترتب ما يلزم بفعل المحظور على كل فاعل ؟ نقول : هذا ينقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام : من يفعل المحظورات ناسيًا ، أو جاهلاً ، أو مكرهًا :
• القسم الأول : من فعل هذه المحظورات ناسيًا ، أو جاهلاً ، أو مكرهًا ، فهذا ليس عليه إثم وليس عليه فدية ، فلو جاءنا رجل ، وقال : إنه غطى رأسه ناسيًا ، أو نام فغطى رأسه ، فماذا عليه ؟ ليس عليه شيء .
لو جاءنا رجل ، وقال : إنه غطى رأسه لكن لا يدري أنه حرام ، فماذا عليه !؟ ليس عليه شيء .
مكره أكره على أن يفعل محظورًا من المحظورات فليس عليه شيء ؟ ما هو الدليل ؟ الدليل من كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فمن كتاب الله : ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ . [ الأحزاب : 5 ] ، وقال تعالى : ﴿ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ . [ البقرة : 286 ] . ( فقال الله : قد فعلت ) .
ومن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) بل جاء النص في خصوص الصيد ، قال الله تعالى فيه : ﴿ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ﴾ . [ المائدة : 95 ] . فقيد ذلك بالتعمد مع أن الصيد الفدية فيه فدية عن نفس محترمة وهو الصيد ، ليس بسبب الترفه أو ما أشبه ذلك .
إذًا : نقول : من فعل هذه المحظورات ناسيًا ، أو جاهلاً ، أو مكرهًا فليس عليه شيء ، أي محظور كان من المحظورات من أعلاها وهو الجماع إلى أقلها وهو عقد النكاح مثلاً الذي ليس فيه فدية ، نقول : من فعل شيئًا من هذه المحظورات ناسيًا ، أو جاهلاً ، أو مكرهًا فليس عليه شيء ، لا إثم ولا فدية ولا فساد نسك للأدلة التي ذكرناها .
من يفعل المحظورات متعمدًا لعذر يبيح الفعل :
• القسم الثاني : من يفعلها متعمدًا لعذر يبيح الفعل ، فهذا ليس عليه إثم ولكن عليه الفدية ، الدليل : قوله تعالى في حلق الرأس : ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ﴾ . [ البقرة : 196 ] . فأباح حلق الرأس للعذر لكن مع وجوب الفدية . أتانا رجل ، فقال : إنه مضطر إلى لبس القميص وهو محرم مضطر ، وأتانا رجل آخر ، وقال : إنه مضطر للبس السراويل وهو محرم ، فما الحكم ؟ نقول : البس هذا وعليك على رأي جمهور العلماء الفدية .
اضطر رجل إلى قتل الصيد ضرورة ؛ يموت إن لم يصده ويقتله ، نقول له : صده وعليك الفدية ، لكن عليك إثم أو لا ؟ ليس عليك إثم .
إذًا : القسم الثاني : من فعل شيئًا من هذه المحظورات لعذر يبيحه فهذا متعمد فعليه الفدية ولا إثم عليه .
من يفعل المحظورات متعمدًا لغير عذر يبيح الفعل :
• القسم الثالث : من فعله غير معذور بجهل ولا نسيان ولا إكراه ، ولا عذر يبيح له الفعل ، فهذا عليه الإثم وعليه الفدية ، وذكرنا في الجماع في لقاء سبق أنه يترتب عليه خمسة أشياء إذا كان في الحج قبل التحلل الأول : الإثم ، فساد النسك ، وجوب المضي فيه ، قضاؤه في العام المقبل ، والفدية بدنة ، وإذا كان بعد التحلل الأول ترتب عليه ثلاثة أشياء : الإثم ، الفدية ، فساد الإحرام ، ما هي الفدية في الوطء بعد التحلل الأول ؟ التخيير بين ثلاثة أشياء ، وفساد الإحرام ماذا يفعل إذا فسد إحرامه ؟ قال العلماء : يخرج خارج الحرم من أي جهة كانت من مكة ، المهم أن يخرج خارج حدود الحرم ويخلع ثيابه ويلبس ثياب الإحرام ويطوف طواف الإفاضة وهو محرم .
هذا هو خلاصة القول فيما يتعلق بمحظورات الإحرام .