۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدني

عضو جديد  عضو جديد
المدني


الجنس : ذكر
العمر : 42
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 30/03/2012
عدد المساهمات : 27

كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Empty
مُساهمةموضوع: كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة   كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل 2012, 9:42 pm


بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله.

كتاب غريب الحديث لابن قتيبة كتاب أنتهج فيه ابن قتيبة نهج أبو عبيد في كتابه فتتبع ما أغفله أبو عبيد من ذلك وألف فيه كتاباً لم يأل أن يبلغ به شأو المبرز السابق .

ولم يودع ابن قتيبة في كتابه هذا شيئاً من الأحاديث المودعة في كتاب أبي عبيد إلا ما دعت اليه الحاجة من زيادة شرح أو بيان فجاء مثل كتاب أبي عبيد أو أكبر .

[ 1 ]

غريب الحديث تأليف أبي محمد عبد الله بن مسلم بم قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276 ه‍ صنع فهارسه نعيم زرزور دبلوم الدراسات العليا في اللغة العربية وآدابها الجزء الاول دار الكتب العلمية بيروت - لبنان



[ 2 ]

الطبعة الاولى 1408 ه‍ - 1988 م‍



[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

[ مقدمة المؤلف ]

قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال

الحمد لله أهل الحمدو وليه والهادي إليه والمثيب به أحمده بأرضى الحمد له وأزكاه لديه على تظاهر آلائه وجميل بلائه حمدا يكافي نعمه ويوافي مننه ويوجب مزيده وأسأله أن يشغلنا بذكره ويلهجنا بشكره وينفعنا بحب القرآن واتباع الرسول عليه السلام وحسن القبول لما أدياه ويصرفنا عن سبل الجائرين إلى سواء السبيل وينور بالعلم قلوبنا ويفتح بالحكمة أسماعنا ويستعمل بالطاعة أبداننا ويجعلنا ممن صمت ليسلم وقال ليغنم وكتب ليعلم وعلم ليعمل ونعوذ بالله من حيرة الجهل وفتنة العلم وإفراط التعمق وأن يشغلنا التكاثر بالعلم عن التفقه فيه ويقطعنا ما وضعه الله عنا عما كلفنا فيه وأن يسلك بنا إليه في غير طريقه ويقحمنا فيه من غير بابه فكم من طالب حظه العناء وضارب في الأرض غنيمته الإياب يجوب البلاد ويغني التلاد ويقطع الرحم ويضيع العيال صابرا على جفا الغربة وطول العزبة وخشونة المطعم ورثاثة الهيئة مبيته المساجد ومصباحه القمر وطعامه قفار وهجوعه غرار وهمه الجمع دون التفقه فيه والطرق دون المتون والغرائب دون السنن والاستكثار من أسماء الرجال حتى يعود كما بدأ لم يحل مما طلب إلا بأسفار حملها ولم ينفعه علمها ولو يسر

للصواب لعلم أن أوجب عليه من حديث أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية عصت الله.



[ 4 ]

ومن الحديث في أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم حبارى أن تسأل عن معنى قوله عليه السلام في يوم الجمعة من غسل واغتسل وبكر وابتكر واستمع ولم يلغ كفر ذلك ما بين الجمعتين يعرف معنى ما غسل واغتسل ويعرف الفرق بين بكر وابتكر فيأخذ به ليكفر الله عنه وأن يسأل عن قوله للرجل الذي سأله أن يقضي بينه وبين خصمه بكتاب الله لأقضين بينكما بكتاب الله ثم قضى بالرجم والتغريب وليس لهما في القرآن ذكر ليعرف ذلك فلا يقدح في صدره عارضمن الشكوك فيما يدعيه قوم من أهل البدع على أصحاب رسول الله ببتر القرآن ونقصه وتغير كثير منه عن جهته فيهلك باتهام السلف البراء مما قرفوهم به وأن يسأل عن قوله لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق ليعلم معناه ولا يدخل قلبه ريب إذا رأى المصاحف تحترق بالنار ورأى الملحدين يغمزون بهذا الحديث ويطعنون به على المسلمين وأن يسأل عن قوله كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ليعلم تأويله فلا يعلق بقلبه الهول لقدر وعن قوله الحياء شعبة من الإيمان كيف جعل الحياء وهو غريزة شعبة من الإيان وهو عمل ولم سمي الغراب فاسقا والغراب غير مكلف ولا مأمور ولم تعوذ في وقت من الفقر وسأل الله غناه وغنى مولاه وسأل في وقت أن يحييه مسكينا ويميته مسكينا ويحشره في زمرة المساكين وقال الفقر أحسن بالمؤمن إ من العذار الحسن على حد الفرس ليعلم معنى الحديثين فلا يتوهم على نقلة الحديث ما يشنع به ذوو الأهواء عليهم في مثل هذه الأحاديث من حمل الكذب والمتناقض حتى قال بعضهم من الرجز يروي أحاديث ونروي نقضها وعن قوله لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده وأهل العلم مجمعون على أنه لا يقطع مما دون ثمن المجن المذكورة قيمته والخوارج تخالفهم وتوجب عليه القطع في كل شئ قل أو كثر لقوله عز وجل: " والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ".



[ 5 ]

فإذا احتج عليهم محتج بهذا الحديث المجن عارضوه بهذا الحديث مع ظاهر الكتاب وأن يسأل عن قوله ضرس الكافر في النار مثل أحد وكثاقة جلده أربعون ذراعا بذراع الجبار وعن قوله: (لا تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن). وعن قوله: (آ خر وطأة وطئها الله بوج) وعن قوله (إني لأجد نفس ربكم من قبل اليمن) وأن يسأل عقوله: (الكاسيات العاريات لا يدخلن الجنة) ليعلم كيف يكون الكاسي عاريا وعن قول أبي بكر رضي الله عنه: (سلوا الله العافية والمعافاة) لعرف ما الفرق بينهما

فنسأل الله ما يعلمه. وعن قول ابن عباس حين ذكر عنده قول علي عليه السلام في الجمع بين الأختين: حرمتهن آية وأحلتهن آية " فقال ابن عباس " تحرمهن علي قرابتي منهن ولا تحرمهن علي قرابة بعضهن من بعض " وأية قرابة بين الرجل وامرأته وما الآية المحلة للجمع بين الأختين والآية المحرمة له. ومثل هذا كثير يطول بذكره الكتاب وفيما ذكرت فيه ما دل على ما أوردت وستقف على تفسير هذه الأحاديث في أضعاف الكتاب إن شاء الله. وقد كان تعرف هذا وأشباهه عسيرا فيما مضى على من طلبه لحاجته إلى أن يسأل عنه أهل اللغة ومن يكمل منهم ليفسر غريب الحديث وفتق معانيه وإظهار غوامضه قليل فأما زماننا هذا فقد كفى حملة الحديث فيه مؤنة التفسير والبحث بما ألفه أبو عبيد القاسم بن سلام ثم بما ألفناه في هذا بحمد الله. وقد كنت زمانا أرى أن كتاب أبي عبيد قد جمع تفسير غريب الحديث وأن الناظر فيه مستغن به ثم تعقبت ذلك بالنظر والتفتيش والمذاكرة فوجدت ما تركه نحوا مما ذكر أو أكثر منه فتتبعت ما أغفل وفسرته على نحو مما فسر بالإسناد لما عرفت إسناده والقطع لما لم أعرفه وأشبعت ذلك بذكر الاشتقاق والمصادر والشواهد من الشعر وكرهت أن يكون الكتاب مقصورا على الغريب فأودعته من قصار أخبار العرب وأمثالها وأحاديث السلف وألفاظهم ما يشاكل الحديث أو يوافق لفظه لفظة لتكثر فائدة الكتاب ويمتع قارئه ويكون عونا على



[ 6 ]

معرفته وتحفظه ولم أعرض لشئ مما ذكره أبو عبيد إلا أحاديث وقع فيها ذلك فنبهت عليه ودللت على الصواب فيه وأفردت لها كتابا يدعى كتاب إصلاح الغلط وإلا حروفا تعرض في باب ولا يعمل ذلك الباب إلا بذكرها فذكرتها بزيادة في التفسير والفائدة ولن يخفى ذلك على من جمع بين الكتابين وكنت حين ابتدأت في عمل الكتاب اطلعت عليه قوما من حملة العلم والطالبين له وأعجلتهم الرغبة فيه والحرص على تدوينه عن انتظار فراغي منه وسألوا أن أخرج لهم من العمل ما يرتفع في كل أسبوع ففعلت ذلك حتى تم لهم الكتاب وسمعوه وحمله قوم منهم إلى الأمصار ثم عرضت بعد ذلك أحاديث كثيرة فعملت بها كتابا ثانيا يدعى كتاب الزوائد في غريب الحديث ثم تدبرت الكتابين فرأيت الأصوب في الرأي أن أجمعهما وأقدم ما سبيله أن يقدم وأوخر ما سبيله أن يؤخر وأحذف ما سبيله أن يحذف فمن رأى ذينك الكتابين على غير تأليف هذا الكتاب فليعلم أنها شئ واحد وأن الاختلاف بينهما إنما هو بتقديم وتأخير ومكرر من التفسير ورأيت أن أفتح كتابي هذا بتبيين الألفاظ الدائرة بين الناس في الفقه وأبوابه والفراض وأحكامها لتعرف من أين أخذت تلك الحروف فيستدل بأصولها في اللغة على معانيها كالوضوء والصلاة والزكاة والأذان والصيام والعتاق والطلاق والظهار والتدبير وأشباهها مما لا يكمل علم المتفقه والمفتي إلا بمعرفة أصوله ثم اتبعت ذلك تفسير ما جاء في الحديث من ذكر القرآن وسوره

فنسأل الله ما يعلمه. وعن قول ابن عباس حين ذكر عنده قول علي عليه السلام في الجمع بين الأختين: حرمتهن آية وأحلتهن آية " فقال ابن عباس " تحرمهن علي قرابتي منهن ولا تحرمهن علي قرابة بعضهن من بعض " وأية قرابة بين الرجل وامرأته وما الآية المحلة للجمع بين الأختين والآية المحرمة له. ومثل هذا كثير يطول بذكره الكتاب وفيما ذكرت فيه ما دل على ما أوردت وستقف على تفسير هذه الأحاديث في أضعاف الكتاب إن شاء الله. وقد كان تعرف هذا وأشباهه عسيرا فيما مضى على من طلبه لحاجته إلى أن يسأل عنه أهل اللغة ومن يكمل منهم ليفسر غريب الحديث وفتق معانيه وإظهار غوامضه قليل فأما زماننا هذا فقد كفى حملة الحديث فيه مؤنة التفسير والبحث بما ألفه أبو عبيد القاسم بن سلام ثم بما ألفناه في هذا بحمد الله. وقد كنت زمانا أرى أن كتاب أبي عبيد قد جمع تفسير غريب الحديث وأن الناظر فيه مستغن به ثم تعقبت ذلك بالنظر والتفتيش والمذاكرة فوجدت ما تركه نحوا مما ذكر أو أكثر منه فتتبعت ما أغفل وفسرته على نحو مما فسر بالإسناد لما عرفت إسناده والقطع لما لم أعرفه وأشبعت ذلك بذكر الاشتقاق والمصادر والشواهد من الشعر وكرهت أن يكون الكتاب مقصورا على الغريب فأودعته من قصار أخبار العرب وأمثالها وأحاديث السلف وألفاظهم ما يشاكل الحديث أو يوافق لفظه لفظة لتكثر فائدة الكتاب ويمتع قارئه ويكون عونا على

فنسأل الله ما يعلمه. وعن قول ابن عباس حين ذكر عنده قول علي عليه السلام في الجمع بين الأختين: حرمتهن آية وأحلتهن آية " فقال ابن عباس " تحرمهن علي قرابتي منهن ولا تحرمهن علي قرابة بعضهن من بعض " وأية قرابة بين الرجل وامرأته وما الآية المحلة للجمع بين الأختين والآية المحرمة له. ومثل هذا كثير يطول بذكره الكتاب وفيما ذكرت فيه ما دل على ما أوردت وستقف على تفسير هذه الأحاديث في أضعاف الكتاب إن شاء الله. وقد كان تعرف هذا وأشباهه عسيرا فيما مضى على من طلبه لحاجته إلى أن يسأل عنه أهل اللغة ومن يكمل منهم ليفسر غريب الحديث وفتق معانيه وإظهار غوامضه قليل فأما زماننا هذا فقد كفى حملة الحديث فيه مؤنة التفسير والبحث بما ألفه أبو عبيد القاسم بن سلام ثم بما ألفناه في هذا بحمد الله. وقد كنت زمانا أرى أن كتاب أبي عبيد قد جمع تفسير غريب الحديث وأن الناظر فيه مستغن به ثم تعقبت ذلك بالنظر والتفتيش والمذاكرة فوجدت ما تركه نحوا مما ذكرì 6 أو أكثر منه فتتبعت ما أغفل وفسرته على نحو مما فسر بالإسناد لما عرفت إسناده والقطع لما لم أعرفه وأشبعت ذلك بذكر الاشتقاق والمصادر والشواهد من الشعر وكرهت أن يكون الكتاب مقصورا على الغريب فأودعته من قصار أخبار العرب وأمثالها وأحاديث السلف وألفاظهم ما يشاكل الحديث أو يوافق لفظه لفظة لتكثر فائدة الكتاب ويمتع قارئه ويكون عونا على معرفته وتحفظه ولم أعرض لشئ مما ذكره أبو عبيد إلا أحاديث وقع فيها ذلك فنبهت عليه ودللت على الصواب فيه وأفردت لها كتابا يدعى كتاب إصلاح الغلط وإلا حروفا تعرض في باب ولا يعمل ذلك الباب إلا بذكرها فذكرتها بزيادة في التفسير والفائدة ولن يخفى ذلك على من جمع بين الكتابين وكنت حين ابتدأت في عمل الكتاب اطلعت عليه قوما من حملة العلم والطالبين له وأعجلتهم الرغبة فيه والحرص على تدوينه عن انتظار فراغي منه وسألوا أن أخرج لهم من العمل ما يرتفع في كل أسبوع ففعلت ذلك حتى تم لهم الكتاب وسمعوه وحمله قوم منهم إلى الأمصار ثم عرضت بعد ذلك أحاديث كثيرة فعملت بها كتابا ثانيا يدعى كتاب الزوائد في غريب الحديث ثم تدبرت الكتابين فرأيت الأصوب في الرأي أن أجمعهما وأقدم ما سبيله أن يقدم وأوخر ما سبيله أن يؤخر وأحذف ما سبيله أن يحذف فمن رأى ذينك الكتابين على غير تأليف هذا الكتاب فليعلم أنها شئ واحد وأن الاختلاف بينهما إنما هو بتقديم وتأخير ومكرر من التفسير ورأيت أن أفتح كتابي هذا بتبيين الألفاظ الدائرة بين الناس في الفقه وأبوابه والفراض وأحكامها لتعرف من أين أخذت تلك الحروف فيستدل بأصولها في اللغة على معانيها كالوضوء والصلاة والزكاة والأذان والصيام والعتاق والطلاق والظهار والتدبير وأشباهها مما لا يكمل علم المتفقه والمفتي إلا بمعرفة أصوله ثم اتبعت ذلك تفسير ما جاء في الحديث من ذكر القرآن وسوره

وأحزابه وسائر كتب الله ثم ما جاء في الحديث والكتاب من ذكر الكافرين والظالمين والفاسقين والمنافقين والفاجرين والملحدين ومن أين أخذ كل اسم منها ثم ما جاء في الحديث من ذكر أهل الأهواء الرافضة والمرجئة والقدرية والخوارج. ثم ابتدأت بتفسير غريب حديث النبي صلى الله عليه وسلم وضمنته الأحاديث التي يدعى بها على حملة العلم حمل المتناقض وتلوته بأحاديث صحابته رجلا رجلا ثم بأحاديث التابعين ومن بعدهم وختمت الكتاب بذكر أحاديث غير منسوبة سمعت أصحاب اللغة يذكرونها لا أعرف أصحابها ولا طرقها حسنة الألفاظ لطاف المعاني تضعف على الأحاديث التي ختم بها أبو عبيد كتابه أضعافا وأرجو أن لا



[ 7 ]

يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الحديث ما يكون لأحد فيه مقال. وأسأل الله أن ينفعنا بما علمنا ويتغمد برأفته زللنا ويوفقنا لصواب القول والعمل ويجعل تعلمنا وتعليمنا لوجهه الكريم وثوابه الجسيم إنه سميع قريب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدني

عضو جديد  عضو جديد
المدني


الجنس : ذكر
العمر : 42
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 30/03/2012
عدد المساهمات : 27

كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة   كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل 2012, 9:43 pm


[ 8 ]

ذكر الألفاظ في الفقه والأحكام واشتقاقها قال أبو محمد عبد الله بن مسلم في الوضوء وما يعرض من الألفاظ في أبوابه. الوضوء الوضوء للصلاة هو من الوضاءة والوضاءة النظافة والحسن ومنه قيل فلان وضئ الوجه أي نظيفه وحسنه فكأن الغاسل لوجهه وضأه أي نظفه بالماء وحسنه ومن غسل يده أو رجله أو عضوا من أعضائه أو سكن من شعث رأسه بالماء فقد وضأه. والوضوء الذي حده الله تعالى في كتابه للصلاة هو غسل الوجوه والأيدي إلى المرافق والمسح بالرؤوس والأرجل والغسل للرجل وغيرها يسمى مسحا خبرنا بذلك سهل بن محمد عن أبي زيد الأنصاري قال وقال ألا ترى أنك تقول تمسحت لللاة إذا توضأت لها وإنما سمي الغسل مسحا لأن الغسل للشئ تطهير له بإفراغ الماء والمسح تطهير له بإمرار الماء فالمسح خفيف الغسل. وكانوا يتوضؤون بالقليل من الماء ولا يسرفون فيه وكان وضوء رسول لله صلى الله عليه وسلم بمد من ماء والمد رطل وثلث برطل زماننا فهذا يدلك على أنه كان يمسح بالماء يديه ووجهه ورجليه وهو لها غاسل ويدلك أيضا ما رواه الأعمش عن إبراهيم أن رجلا قال له إن أمي إذا توضأت أخذت الماء بكفيها ثم صبته ثم مسحت وجهها فقال إبراهيم أي وضوء أتم من هذا ما كانوا يطلمون وجوههم



[ 9 ]

بالماء فهذا مسح وهو غسل والواجب على من أجنب أن يغتسل بالماء ولو أنه ترك عضوا من أعضائه لم يغسله ثم ذكره فمسحه بندى يده حتى يعمه أجزأ ذلك عنه





وكان مغتسلا فلما كان المسح قد يكون غسلا ووقعت الرؤوس في التلاوة بالمسح عليها ثم جاءت الأرجل بعد كأن المسح بها هو غسلها. وأما الوضوء مما مست النار فهو غسل اليد والفم بعد الفراغ من الطعام لينظفا ويطيب ريحهما وكان أكثر الأعراب لا يغسلون أيديهم ويقولون فقده أشد من ريحه فأدبنا نبينا صلى الله عليه وسلم بغسل اليد مما مست النار يريد الأطبخة والشواء وقد جرى الناس بعد في كل مصر وكل ناحية على الوضوء من الزهم وأن يقولوا إذا غسلوا أيديهم قبل أن يطعموا توضأنا يريدون نظفنا أيدينا من الزهم لنطعم بها وإذا غسلوا أيديهم وأفواههم بعد الطعام توضأنا يريدون نظفناها من الزهم وأمطناه عنها ومن توضأ مما غيرت النار فغسل وجهه ورجليه فإنما وقع غلطه في ذلك من جهة وضوئه للصلاة لأنه لما رأى وضوء الصلاة على هيئته ظن أن كل وضوء أمر به على تلك الهيئة والوضوء في اللغة على ما أعلمتك قد يكون للعضو الواحد ويدلك على ذلك حديث حدثنيه محمد بن عبد العزيز عن ابن الأصبهاني عن أبي عبيدة الناجي عن الحسن أنه قال: " الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم " فسمي غسل اليد وضوءا وحدثني أبو حاتم قال أخبرنا الأصمعي عن أبي هلال عن قتادة أنه قال: " غسل اليد وضوء " ويوضح هذا أيضا حديث عكراش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل ثم غسل يديه ومسح ببلل يديه وجهه وذراعيه ورأسه وقال هكذا الوضوء مما مست النار وكذلك الوضوء من مس الذكر والفرج والدبر هو غسل اليد لأن هذه مخارج الحدث والبول والدم وطرق النجاسات وكان أكثر المسلمين في صدر الإسلام يستنجون بالأحجار ولا يغسلون الفروج بالماء ومن مس من هذه المواضع شيئا



[ 10 ]

لم يؤمن أن يعلق بيده منها أذى وإن قل أو ريح خبيثة فأدبنا صلى الله عليه وسلم بغسل أيدينا من مس الفروج كما أدبنا بغسلها مما مست النار ومن أسوأ أدبا وأقل توقيا ممن مس فرجه أو دبره أو مس غمرا ثم صافح بها أو طاعم أو أخذ وأعطى من غير غسل ومثله الوضوء من مس الإبط إنما هو غسسل اليد ويدلك على ذلك أيضا حديث حدثنيه أبو وائل قال ثنا يزيد بن هرون وعبد الله بن بكر عن هشام عن محمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في طهوره حتى يفرغ عليها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده ". يقول لعله في منامه مس بها فرجه أو دبره وليس يؤمن أن يخرج منهما في نومه ندى أو قاطر بول أو بقية مني إن كان جامع قبل المنام فيصيب اليد فإن أدخلها في الإناء من غير غسل أفسد الماء إن كان مما ينجس مثله ومن مس فرجه وعلم يقينا أنه لم يصب يده منه أذى فالأحوط له أن يغسلها مستطهرا أو أخذا بأدب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يفعل فلا جناح عليه إن شاء الله لأنه ما سلم من الأذى كعضو من أعضائه أو جارحة من جوارحه وقد جاءت في ذلك آثار أحببت أن أذكرها في هذا الموضوع لأوكد ما ذهبت إليه بها. حدثني خالد بن محمد ثنا عبد الرحمن بن مهدي وموسى بن مسعود عن سفيان عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق بن علي عن أبيه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر فقال: " إنما هو بضعة منك " وحدثني أبو وائل أيضا ثنا المؤمل عن سفيان عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس أنه قال في مس الذكر ما أبالي إياه مسست أو أذني وحدثني أيضا قال ثنا يزيد بن هرون قال ثنا مسعر عن إياد بن لقيط عن البراء بن قيس عن حذيفة في مس الذكر ما أبالي إياه مسست أو أنفي وحدثني أيضا قال حدثني محبوب ثنا أبو حمزة ميمون الأعور وكان قصابا



[ 11 ]

عن إبراهيم أن عليا عليه السلام قال: " ما أبالي أإياه مسست أو طرف أذني " إ وحدثني أيضا ثنا الربيع بن يحيى ثنا شعبة عن مسعر قال سمعت عمير بن سعيد يقول: سمعت عمار بن ياسر وهو يسأل عن مس الذكر فقال إن لليدين موضعا غيره وإنما هو بضعة منك ولا أرى الطهارة التي تختار للنائم أن يبيت عليها إلا الاغتسال من الجنابة يدلك على ذلك حديث حدثنيه حسين بن حسن المروزي عن عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة عن عثمان بن نعيم الرعيني عن أبي الأصبحي عن أبي الدرداء قال إذا نام الإنسان عرج بنفسه حتى يؤتى بها إلى العرش فإن كان طاهرا أذن لها بالسجود وإن كان جنبا لم يؤذن لها في السجود فجعل طهارة النائم في نومه أن يكون على غير جنابة وأكثر الناس على أنه التوضؤ للصلاة والنوم ناقض للوضوء وليس بناقض للغسل. والاستنجاء التمسح بالأحجار وأصله من النجوة وهو ارتفاع من الأرض وكان الرجل إذا أراد قضاء حاجته تستر بنجوة فقالوا ذهب يتغوط إذا أتى الغائط وهو المطمئن من الأرض لقضاء الحاجة ثم سمي الحدث نجوا واشتق منه قد استنجى إذا مسح موضعه أو غسله. والاستجمار أيضا هو التمسح بالأحجار ومنه الحديث: " إذا توضأت فاستنثر وإذا استجمرت فأوتر " أي تمسح بوتر من الحجارة والحجارة الصغار يقال لها الجمار وبه سميت جمار مكة. ويقال جمرنا تجميرا إذا رمينا الجمار وهي الحصى. والاستنثار: سمي بذلك لأن النثرة الأنف فالاستنثار استفعال من ذلك يراد اجعل الماء في أنفك. والتيمم بالصعيد أصله التعمد يقال تيممتك وتأممتك قال الله عز وجل " فتيمموا صعيدا طيبا " أي تعمدوا ترابا طيبا ثم كثر استعمالهم هذه الكلمة حتى صار التيمم مسح الوجه واليدين بالتراب والقلة التي جعلت مقدارا بين ما ينجس من الماء وما لا ينجس هي مأخوذة من استقل فلان



[ 12 ]

بحمله وأقله إذا أطاقه وحمله وإنما سمت الكيزان قلالا لأنها تقل بالأيدي وتحمل فيشرب فيها والقلة تقع على الكوز الصغير والجرة اللطيفة والعظيمة والحب اللطيف إذا كان القوي من الرجال يستطيع أن يقله قال جميل بن [ معمر من الخفيف ] فظللنا بنعمة وأتكأنا * وشربنا الحلال من قلله والقلل ها هنا جرار يكون فيها الشراب ولست أعرف في ذلك على طريق اللغة حدا محدودا فأما المد والصاع فإن خالد بن محمد الأزدي حدثني عن عبد الوهاب وحفص بن راقد عن شعبة عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان يغتسل بالصاع يتوضأ بالمد ". وقد اختلف الناس في مقدار المد والصاع فكان ابراهيم ومن وافقه من العراقيين يقولون صاع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية أرطال ومده رطلان رواه حجاج عن الحكم عن ابراهيم وكان شريك يقول الصاع أقل من ثمانية وأكثر من سبعة وكان سفيان يقول هو مثل القفيز الحجاجي والحجاجي ثمانية أرطال وأخبرنا اسحق بن ابراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه ان الصاع خمسة أرطال وثلاث برطل زماننا وان المد ربع الصاع. وحدثنا أحمد بن سعيد اللحياني صاحب أبي عبيد عن أبي عبيد أنه قال في الصاع والمد مثل ذلك قال وانما نرى العراقيين ذهبوا الى ان الصاع ثمانية أرطال لأنهم سمعوا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بالصاع وسمعوا في حديث آخر انه كان يغتسل بثمانية أرطال، وفي حديث آخر، أنه كان يتوضأ برطلين فتوهموا أن الصاع ثمانية أرطال لهذا فأما أهل الحجاز فلا اختلاف بينهم فيه أعلمه يعرفه عالمهم وجاهلهم ويتبايعون به في أسواقهم واحكام المسلمين تدور فيما ينوبهم من أمر الكيل في زكاة الأرضين وصدقة الفطر وكفارة اليمين وفدية النسك على أن المد رطل وثلث والصاع خمسة أرطال وثلث قال والصاع ثلث الفرق والفرق ستة عشر رطلا وكذلك قال لنا اسحق قال والقسط نصف صاع



[ 13 ]

. قال أبو عبيد ثنا هشام بن عمار عن صدقة بن خالدعن عتبة بن أبي حكيم عن عطاء بن أبي رباح قال حدثتني عائشة وبيننا وبينها حجاب قالت: " كنت أغتسل أنا وحبيبي من إناء واحد " وأشارت الى اناء قدر الفرق والفرق ستة أقساط ولا يعلم أنه جاء في وضوئه انه كان يتوضأ بأقل من مد ولا في غسله انه كان بأقل من صاع فهذا أقل ما يجزئ وحدثني خالد بن محمد أبو وائل عن المؤمل بن اسماعيل عن سفيان قال المد يجزي في الوضوء والصاع يجزئ من غسل الجنابة ولو كان ما دون هذا مجزيا لذكره وقال اسحق وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم اختبار وان أتى على ما أمر به في الوضوء والغسل فكان وضوءه بأقل من مد وغسله بأقل من صاع أجزأه ألا ترى أن عائشة قالت: " كنت أغتسل أنا والنبي عليه الصلاة والسلام من اناء واحد " وهو الفرق وذلك ثلاثة أصو فقد يعلم أن المغتسلين من اناء واحد يفضل أحدهما على الآخر ففي هذا بيان أن المد والصاع ليسا بحتم. والأذنان حد الرأس بين الوجه والقفا فهما يشكلان على قوم من أهل النظر ولا يقضون عليهما بأنهما من الوجه فيغسلونهما ولا انهما من الرأس فيمسحونهما. وأخبرنا اسحق بن راهويه أنه كان يختار أن يغسل باطن أذنيه مع وجهه ويمسح ظاهرهما مع رأسه قال وقال ابراهيم أما أنا فأغسل مقدمهما مع وجهي وأمسح مؤخرهما مع رأسي فان كانتا من الوجه كنت قد غسلتهما وان كانتا من الرأس مسحتهما. قال أبو محمد والذي عندي أنهما من الرأس لا من الوجه لأن الوجه ما استقبلك كما تقول يستقبلك من وسط الجبل وجهه وصفحه والصفح في الجبل مثل صفحة الوجه وكما تقول وجه الحائط ووجه الدرهم ومن الوجه قيل واجهت فلانا إذا استقبلته وكنت حذاءه وكان وجهك تجاه وجهه والأذنان في الجانبين فلا يكونان من الوجه كما أنه لا يكون جانبا الجبل من وجهه ولا جانبا الحائط من وجهه.



[ 14 ]

ومن اعتبر هذا بآذان الأنعام وآذان السباع لم يخف عليه ان آذانها من رؤسها لا من وجوهها ويدل على ذلك قول الشاعر [ من الطويل ] الى هامة قد وقر الضرب سمعها * وليست كأخرى سمعها لم يوقر وإذا كان السمع لها فالأذنان هما السامعتان والمسمعان. وقال آخر: [ من البسيط ] تكاد آذانها في الهام تقصفها ويروى في الماء. قال وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم قال " ليس في الأكسال إلا الطهر. " يرويه حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي أيوب عن ابن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم الإكسال هو أن يجامع الرجل ثم يدركه فتور فلا ينزل. يقال: أكسل الرجل يكسل إكسالا إذا أصابه ذلك. وأحسب أصله من الكسل يقال: كسل الرجل إذا فتر وأكسل صار في الكسل أو دخل في الكسل. كما يقال يبس الشئ وأيبس إذا صار في اليبس وقحط إذا أردت أنه صار في القحط. قلت: اقحط وأراد أن الغسل بإنزال المني يجب لا بملاقاة الختان وقد ذهب هذا المذهب قوم يقولون الماء من الماء يريدون الغسل من المني فإن لم ينزل فلا غسل عليه إنما عليه الوضوء وهذا كان في صدر الإسلام ثم نسخ ومثل هذا قوله " من أتى فأقحط فلا يغتسل هو من قولهم قحط المطر إذا انقطع وقل. هذات آخر الطهارة.



[ 15 ]

في الصلاة وأوقاتها وما يعرض من الألفاظ في أبوابها وقال أبو محمد رحمه الله أصل الصلاة الدعاء قال الله عز وجل " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم " أي أدع لهم. وقال تعالى " ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول " أي دعاؤه فسميت الصلاة بذلك لأنهم كانوا يدعون فيها ويدلك على ذلك الصلاة على الميت إنما هي دعاء له ليس فها ركوع ولا سجود. فالركوع الانحناء يقال للشيخ أذا انحنى من الكبر قد ركع قال لبيد [ من الطويل ] أليس ورائي إن تراخت منيتي * لزوم العصا تحنى عليها الأصابع أخبر أخبار القرون التي مضت * أدب كأني كلما قمت راكع وقد يجوز أن يسمى الراكع ساجدا غير أنه لم يستعمل في الصلاة لأن السجود أيضا إنما هو التطامن والميل معا. يقال سجد البعير وأسجد إذا خفض رأسه ليركب وسجدت النخلة إذا مالت وهذه نخل سواجد أي موائل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدني

عضو جديد  عضو جديد
المدني


الجنس : ذكر
العمر : 42
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 30/03/2012
عدد المساهمات : 27

كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة   كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل 2012, 9:44 pm




[ 16 ]

والركوع هو سجود العجم لساداتها وإنما قيل للواضع جبهته بالأرض ساجدا لتطامنه ويجوز أن يزن سمي ساجدا لخشوعه وذله. وكل شئ خشع وذل فقد سجد ومنه سجود الظلال إنما هو استسلامها لما سخرت وقد بينت هذا في كتاب [ مشكل القرآن ] بأكثر من هذا البيان. والتحيات الملك وأصله إن الملك كان يحيا فيقال أنعم صباحا وأبيت اللعن ولا يقال ذلك لغيره قال الشاعر من [ مجزوء الكامل ] ولكل ما نال الفتى * قد نلته إلا التحية. يريد إلا أني لم أصر ملكا أحيا بتحية الملوك فيقال لي أبيت اللعن وأنعم صباحا ثم سمي الملك تحية إذ كانت التحية لا تكون إلا للملوك قال عمرو بن معدي كرب [ من الوافر ] أسيرها إلى النعمان حتى * أنيخ على تحيته بجند أي على ملكه وقول القائل في افتتاح الصلاة سبحانك اللهم وبحمدك يريد بسبحان الله التنزيه لله والتنزيه له من كل ما ينسبه إليه المشركون به جل وعز يقال سبح الله إذا نزهه وبرأه من من كل عيب وقوله وبحمدك مختصر كأنه يراد وبحمدك أفتح أو سبح وتبارك اسمك (تفاعل) مع البركة كما يقال تعالى اسمك من العلو يراد أن البركة في اسمك وفيما سمي عليه وأنشدني بعض أصحاب أللغة بيتا حفظت عجزه [ من الطويل ] إلى الجذع جذع النخلة المتبارك وقوله وتعالى جدك أي عظمتك على كل شئ والجد العظمة يقال جد فلان في الناس أي عظم في عيونهم وجل في صدورهم ومنه



[ 17 ]

حديث أنس بن مالك: " كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا أي جد في صدورنا وعظم في عيوننا. وقوله في صلاة الوتر " وإليك نسعى ونحفد يريد بنحفد نبادر. وأصل الحفد مداركة الخطو والإسراع فيه يقال حفد الحادي وراء الإبل إذا أسرع ودارك خطوه ومنه قيل للعبيد والإماء حفدة لأنهم يسرعون إذا مشوا للخدمة. وقال الله جل وعز: " وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة " يريد أنهم بنون وهم خدم وقد ذكرت هذا في مواضع أخر. وقوله: " ويخشى عذابك الجد " بكسر الجيم ولا تفتح أي هو الحق لا اللعب ولا العبث أي وأن عذابك بالكفارة ملحق بكسر الحاء ولا تفتح هكذا يروى هذا الحرف يقال: لحقت القوم وألحقتهم بمعنى واحد وملحق في هذا الموضع بمعنى لاحق ومن قال ملحق بفتح الحاء أراد أن الله جل وعز يلحقه إياه وهو معنى صحيح غير أن الرواية هي الأولى ومثل لاحق وملحق تابع ومتبع يقال تبعت القوم وأتبعتهم. والقنوت: أصله القيام ومنه قول النبي حين سئل عن أفضل الصلاة فقال: " طول القنوت " أي طول القيام وانما قيل للدعاء قنوت لانه كان يدعى به وهم قيام قبل الركوع أو بعده فسمي باسم القيام على ما بينت من تسمية الشئ باسم غيره إذا كان منه بسبب. والقنوت يتصرف على وجوه قد ذكرتها في كتاب " المشكل " والوتر الفرد واحدا كان ذلك أو ثلاثة أو خمسة وما فوق ومن أوتر بثلا ث لا يفصل بينها بتسليم أو بخمس أو بسبع فهو مصيب على طريق اللغة ومن فصل بينهما بتسليم وأوتر بواحدة فهو مصيب أيضا ألا ترى انه قال: " إذا استجمرت فأوتر " يريد استنج بثلاثة أحجار ولم يرد استنج بحجر واحد وقال: " اكتحلوا وترا لا يريد به الميل الواحد ويقال الله جل وعز وتر وهو واحد ولما كانت المغرب وتر النهار واختلف الناس في وتر الليل كان أحسن الأشياء أن يشبه بها.



[ 18 ]

والأذان هو اعلام الناس للصلاة ومنه قول الله جل وعز: " وأذان من الله ورسوله " أي إعلام من الله وأصله من الاذن والأذن يقال آذنتك بالأمر فاذنت أأعلمتك به فعلمت يريد أوقعته في أذنك وقولهم في الأذان حي على الفلاح أراد هلم إليه يقال حي الى كذا وحي على كذا أي أقبل إليه والفلاح البقاء في الجنة الخلود ولذلك قيل للفائزين المفلحون قال عبيد [ من مخلع البسيط ]: أفلح بما شئت فقد يبلغ بالضعف وقد يخدع الأديب أي عش بما شئت من كيس أو حمق. والتثويب في أذان الفجر أن تقول بعد حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم وانما سمي تثويبا من قولك ثاب فلان الى كذا أي عاد إليه وثاب الى فلان جسمه بعد العلة أي رجع لأن المؤذن قال حي على الفلاح فدعا الناس الى الصلاة ثم قال الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم فثوب أي عاد الى دعائهم بهذا القول يقال ثوب الداعي حدثني أبو وائل عن عفان بن مسلم عن اسماعيل بن سنان عن حماد عن قتادة عن طاووس قال أول من ثوب في صلاة الصبح على عهد أبي بكر رضي الله عنه بلال فكان إذا قال حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم وهما فجران فالفجر الأول هو المستطيل الذي يشبه بذنب السرحان والسرحان الذئب وانما يشبه بذنب السرحان لأنه مستدق صاعد في غير اعتراض وهو الفجر الكاذب الذي لا يحل شيئا ولا يحرمه قال الكميت وذكر ثورا عند أرطاة وكلابا [ من المتقارب ] إ فلما علا سطة المضبأي‍ * - ن من ليلة الذنب الأشعل وأطع منه اللياح الشيمط * خدودا كما سلت الأ نصل: يريد مضبأ الثور ومضبأ الكلاب حيث ضبأ وضبأت أي لصقت



[ 19 ]

بالأرض والذنب الأشعل يريد آخر الليل من الفجر الأول واللياح الأبيض يريد الصبح والشميط فيه لونان من ظلمة وضوء ومنه قيل شمط رأسه إذا خالط سواده بياض والفجر الثاني هو المستطير الصادق وانما سمي مستطيرا لأنه مستعرض منتشر في الأفق وكل شئ انتشر فقد استطار قال جرير [ من الوافر ] أراد الظاعنون ليحزنوني * فهاجوا صدع قلبي فاستطار وقال حسان [ من الوافر ] لهان على سراة بني لؤي * حريق بالبويرة مستطير ومنه قول الله جل وعز " ويخافون يوما كان شره مستطيرا " أي منتشرا ويقال للفجر الثاني الصادق والمصدق لأنه صدق عن الصبح وبينه لك قال أبو ذؤيب وذكر الثور والكلاب [ من الكامل ] شعف الكلاب الضاريات فؤاده * فإذا يرى الصبح المصدق يفرغ يريد أنه يأمن بالليل لأن القناص انما جيئون نهارا فإذا رأى الصبح فزع وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلوا واشربوا ولا يهدينكم الطالع المصعد حتى يعترض لكم الأحمر " فالطالع المصعد هو الفجر الأول وقوله لا يهدينكم هو من هدت الشئ إذا حركته أو أقلقته والأحمر هو الفجر الثاني وفيه يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود وذلك عند ارفضاض عمود الصبح وانتشار الضوء في الأفق وقال أبو دؤاد الايادي [ من المتقارب ] فلما أضاءت لنا سدفة * ولاح من الصبح خيط أنارا



[ 20 ]

ألا تراه يقول أضاءت لنا سدفة وهي ههنا الظلمة ويقول لاح من الصبح خيط أنارا: أي بدا وظهر. وحدثني خالد بن محمد عن بشر بن عمرو عن مبارك عن الحسن أنه قال في قول الله جل وعز " حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر " هو بياض النهار من سواد الليل ولذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم السحور فجرا لأنه بين الفجر الأول والثاني قبل أن ينتشر الضوء ويكثر. حدثني خالد بن محمد ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم الى السحور في شهر رمضان فقال: " هلم الى الغداء المبارك " وحدثني أيضا قال ثنا روح ثنا أشعث عن الحسن في الذي يشك في الفجر قال: " كل حتى لا تشك " وحدثني أيضا قال ثنا موسى ابن مسعود قال ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت قال بعث ابن عباس غلامين ينظران الفجر فقال أحدهما قد طلع وقال الآخر لم يطلع فقال ابن عباس: " اختلفا علي أروني شرابي " أو قال: " ائتوني شرابي " الشك مني وهما شفقان فالأول الأحمر وإذا غاب حلت صلاة عشاء الآخرة. والشفق الثاني هو الأبيض الذي يرى في المغرب وآخر وقت العشاء الآخرة عند مغيبه على ما روى عن الخليل بن أحمد فانه قال راعيته الى نصف الليل. وكان طاووس يصلي العشاء قبل أن يغيب البياض والزوال هو انحطاط الشمس عن كبد السماء الى جانب المغرب وكبد السماء وسطها الذي تقوم فيه الشمس عند الزوال فيقال عند انحطاطها زالت ومالت وروي عن عبد الوهاب عن أبي معشر المدني عن محمد بن قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أمني جبريل مرتين فصلى الظهر حين مالت الشمس قيد الشراك

[ 21 ]

وصلى العصر وظله مثله وصلى المغر ب حين وقعت الشمس وصلى العشاء حين غاب الشفق وصلى الصبح حين طلع الفجر فلما كا الغد صلى الظهر وظله مثله وصلى العصر وظله مثلاه وصلى المغرب حين وقعت الشمس وصلى العشاء حين ذهب ثلث الليل أو نصف الليل وصلى الغداة فأسفر بها وقال صلى الله عليه وسلم: " ان الصلاة فيما بينهما ". قوله حين مالت الشمس قيد الشرك يريد أنها زالت فصار فيما يسير قدر الشراك وهذا الوقت الذي لا يجوز لأحد أن يتقدمه في صلاة الظهر وليس هذا يكون في كل بلد إنما يكون في البلد الذي ينتعل فيه الظل عند زوال الشمس فلا يكون للشخص فيما أصلا وأحسب الحجاز وما يليه كذلك والدليل على ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر صلاة الفجر: " لا صلاة حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح أو رمحين ثم الصلاة مقبولة حتى يقوم الظل قيام الرمح ولا صلاة حتى تزول الشمس. يريد أن الظل لا يميل منه شئ إلى أحد الجانبين ولكنه يصير تحت الشخص فينتصب انتصابه وهذا مثل قول الأعشى [ من الخفيف ] إذا الظل أحرز ته الساق ونحو منه قول الآخر [ من الرجز ] إذا زفا الحادي المطي اللغبا * وانتعل الظل فكن جوربا وقال أعرابي خرجنا حفاة والشمس في قلة السماء حيث انتعل كل شئ ظله وما زادنا إلا التوكل وما مطايانا إلا الأرجل حتى لحقنا القوم فأما البلد الذي تزول فيه الشمس وللشمس ظل فإنه يعرف قدر الظل الذي زالت عليه فإذا زاد عليه مثل طول الشخص فذلك آخر وقت الظهر وأول وقت العصر وإذا زاد عليه مثلا طول الشخص فذلك آخر وقت العصر. وحدثني أحمد بن الخليل عن عمرو ابن عون عن خالد عن داود بن أبي هند



[ 22 ]

عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عبد الله بن فضالة عن أبيه فضالة الزهراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: " حافظ على العصرين " قال وما كانت من لغتنا قلت وما العصران قال: " صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها يريد بالعصرين صلاة الصبح وصلاة العصر وقد أمر الله عز وجل بالمحافظة على الصلوات ثم خص صلاة العصر فقال: " حافظوا على الصلوت والصلاة الوسطى " وهي صلاة العصر وإنما سميت وسطى لأنها بين صلاتين في الليل وصلاتين في النهار وسمت باسم الوقت كما سميت الظهر باسم الوقت والعصران الغداة والعشي وكذلك البردان قال الحارث بن حلزة [ من الخفيف ] آنست نبأة وأفزعها القناص عصرا وقد دنا الإمساء وهذا مثل حديثه الآخر: " إن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا " وتلا: " وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ". والسبحة الصلاة وفي هذا الحديث ما دل على تأخير العصر وفي تسميتها بالوقت دليل على ذلك لأن الهاجرة عندهم من الزوال إلى الإبراد قليلا ثم ما بعد ذلك الأصيل ثم ما بعد ذلك العصر والقصر تطفيل الشمس وكان ابن عمر يقول: " عجلوا بها " يعني العصر قبل أن تطفل الشمس ثم الجنوح حين تجنح الشمس للمغيب وفي الحديث أيضا ما دل على الإسفار بصلاة الصبح إذ سماها عصرا باسم الوقت لأن جوز الليل وسطه وجهمة الليل أول مآخيره والسدفة مع الفجر والسحرة السحر الأعلى والتنوير الإسفار وهو أحد العصرين وكان إبراهيم يصلي العصر مقدار ما إذا انصرف صلى رجل المكتوبة ثم تغير الشمس فروى العلاء بن عبد الكريم أن سويد بن غفلة قال ألا أريكم وقتا لصلاة العصر قلنا بلى قال هذه الساعة فقمت فقست الظل فوجدته ثماني عشرة قدما وأما قول أبي قلابة وسعيد بن جبير أنهما قالا إنما سميت العصر لتعصر فإنهما أخذا هذا المعنى من لفظ اسمها وإنما سميت عصرا باسم الوقت كما أخبرتك وهو



[ 23 ]

مثل قولهم إنما سميي هوى لأنه يهوى بصاحبه في النار وسمي درهما لانه دار الهم والعصر أيضا الدهر ويقال العصر والعصر وقال امرؤ القيس [ من الطويل ] ألا انعم صباحا أيها الطلل البالي * وهل ينعمن من كان في العصر الخالي وأما قول الفقهاء في آداب الصلاة: " لا تفترش ذراعيك وادعم على راحتيك وآبد ضبعيك " فإن افتراش الذراعين أن تضعهما بالأرض ولا تتجافى بهما والادعام على الراحتين الاعتماد عليهما مأخوذ من الدعامة يقال هذا عماد الشئ ودعامته لما قام به الشئ والضبعان العضدان وإبدادهما هو تفريجهما يقال أبد فلان يده إذا مدها وقد ذكرت هذا في غير هذا الموضع بأكثر من هذا الشرح. والإقعاء: الذي نهي عنه في الصلاة وهو أن يقعد الرجل بالأرض على أليتيه وينصب فخذيه كما تفعل السباع والكلاب ولذلك قال الشاعر في الكلب [ من الرجز ] يقصر يمشي ويطول باركا يريد أنه إذا مشى كان أقصر منه إذا أقعى واشتمال الصماء عند العرب هو أن يتجلل الرجل بإزاره ولا يرفع فيه جانبا وإنما قيل لذلك الصماء لأنه إذا اشتملها شد على بدنه ويديه المنافذ كلها فكأنها لا تصل إلى شئ ولا يصل إليها شئ كالصخرة الصماء التي ليس فيها صدع ولا خرق. والسدل: هو أن يسدل الرجل إزاره من جابنيه ولا يضم طرفيه بيديه سمي ذلك سدلا كما قيل لإرخاء الستر سدل فإن ضم طرفيه بيديه لم يك سادلا لأنه قد ضم إليه نشره. والاضطباع: الذي يؤمر به الطائف بالبيت هو أن تدخل الرداء من تحت إبطك الأيمن وترد طرفه على يسارك وتبدي منكبك الأيمن وتغطي الأيسر وإنما سمي اضطباعا لإبدائك فيه ضبعيك وهما عضداك.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدني

عضو جديد  عضو جديد
المدني


الجنس : ذكر
العمر : 42
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 30/03/2012
عدد المساهمات : 27

كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة   كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل 2012, 9:44 pm


[ 24 ]

والتدبيح: الذي نهي عنه في الركوع هو أن يخفض الرجل رأسه حتى يكون أشد انخفاضا من أليتيه قال الشاعر من البسيط ولا يدبح منهم محدث أبدا إلا رأيت على باب استه القمرا يريد أنهم برص الأستاه



[ 25 ]

وقال أبو محمد في الزكاة والصدقات وما يعرض من الألفاظ في أبوابها الزكاة: من الزكاء وهو النماء والزيادة سميت بذلك لأنها تثمر المال وتنميه يقال زكا الزرع إذا كثر ريعه وزكت النفقة إذا بورك فيها ومنه قول الله جل وعز: " أقتلت نفسا زاكية " بالألف أي نامية. ومنه تزكية القاضي للشهود لأنه يرفعهم بالتعديل والذكر الجميل ثم يقال فيه فلا زكي وفلان أزكى من فلان وأطهر ثم قيل لزكاة الفطر فطرة والفطرة الخلقة ومنه قول الله جل وعز: فطرة الله التي فطر الناس عليها " أي جبلته التي جبل الناس عليها يراد أنها صدقة عن البدن والنفس كما كانت الزكاة الأولى صدقة عن المال. والقطنية: التي أخذ منها عمر الزكاة هي الحبوب وقد اختلف الناس في هذا فكان قوم من الفقهاء يرون ألا زكاة على الأصناف الأربعة الحنطة والشعير والتمر والزبيب منهم عبد الله بن المبارك ورأى بعضهم أن السلت من ذلك وإنما ألحقوا السلت بهذه الأصناف لأنه ضرب من الشعير صغار الحب ليس له قشر. وسئل سعد بن أبي وقاص عن السلت بالبيضاء فكرهه والبيضاء الحنطة وهي السمراء أيضا وإنما كره بيع السلت بالحنطة لأنهما عنده جنس واحد وكذلك الذرة يلحقها قوم بهذه الأصناف لأنها قوت للسودان كالحنطة لغيرهم.



[ 26 ]

ورأى قوم على القطنية وهي الحبوب مثل العدس والحمص والأرز والجلبان وهو الخلر والفووهو الباقلاء وهو الجرجر أيضا وأحسبه معربا والترمس وهو الجرجر الرومي والدخن وهن الجاورس واللوبياء والذرة وأشباه ذلك مما يبقى في أيدي الناس للزكاة لأنها حب. وأخبرنا إسحق بن راهويه أن الذي يعتمد عليه إيجاب الزكاة على الحبوب لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه: ليس في أقل من خمسة أوساق من تمر ولا حب صدقة " وقال الشافعي لا زكاة في الفاكهة كلها رطبها ويابسها وفي البقول ولا في قصب السكر ولا في الجوز واللوز والجلوز وحب الكتان ولا الزيتون ولا الجلجلان ولا حب الفجل ولا زيوتها ولا في أثمانها حتى يحول عليها الحول. والجلجلان السمسم وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه الأصمعي قال سمعت نافعا ينشد [ من مجزوء الرمل ] ضحك الناس وقالوا * شعر وضاح اليماني إنما شعري قند * قد خلط بجلجلان أي بسمسم إنما سكن خلط لاجتماع الحركات كما قال امرؤ القيس [ من السريع ] فاليوم أشرب غير مستحقب * إثما من الله ولا واغل قال أبو زيد يقال أصبت جلجلان قلبه أي حبة قلبه وقوم يذهبون إلى أن على جميع ما أخرجت الأرض من رطب ويابس الزكاة والورق والفضة وإذا ضربت دراهم فهي ورق ويدلك على أن الفضة ورق إن عرفجة بن أسعد أصيب أنفه يوم الكلاب فاتخذ أنفا من ورق فانتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب والرقة أيضا الفضة والعرب تقول: " إن الرقين يغطي أفن



[ 27 ]

الأفين والرقين جمع رقة مثل عزين وعضين يراد أن المال يغطي على العيوب. والكسعة التي لا صدقة فيها هي العوامل من الإبل والبقر والحمير وقيل لها كسعة لأنها تكسع أي تضرب مآخيرها إذا سيقت وفي الحديث: " إن رجلا من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار فقال الأنصاري يا للأنصار وقال المهاجري يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما بال دعوى الجاهلية ". والكسع أيضا: أن يضرب الضرع باليد بعد أن ينضح بماء بارد ليصعد اللبن قال أبو جعفر وليس من الكتاب أنشدني أبي رحمه الله قول الحارث بن حلزة [ من السريع ] لا تكسع الشول بأغبارها * إنك لا تدري من الناتج واصبب لأضيافك من رسلها * فإن شر اللبن الوالج الكسع أن يضرب لضرع باليد بعد أن ينضح بماء بارد ليصعد اللبن في الظهر فيكون طرقا لها في العلم المقبل وأغبارها جمع الغبر وهو بقية اللبن في الضرع يقول لا تفعل ذلك فإنك لا تدري لعله يغار عليك فيذهب بها فيكون النتاج لغيرك وشر اللبن الوالج يقول شره ما حقن في الضرع. وفي الحديث أيضا: " لا صدقة في الإبل الجارة ولا القتوبة " والجارة التي تجر بأزمها وتقاد وهي فاعلة في معنى مفعولة كما يقال سر كاتم وليلأ نائم وأرض غامرة إذا غمرها الماء وكتب عمر بن عبد العزيز: " إنه ليس في الإبل العوامل ولا إبل القطار صدقة. والقتوبة " التي توضع الأقتاب على ظهورها فعولة في معنى مفعولة كما يقال: ركوبة القوم وحلبتهم لما يركبون ويحلبون وأراد به ليس في الإبل



[ 28 ]

العوامل صدقة إنما الصدقة على السوائم وهي التي تسوم أي ترعى وتذهب في المراعي. والركاز " المعادن قول أهل العراق وقال أهل الحجاز هي كنوز أهل الجاهلية واللغة تدل على أن القول قول أهل العراق لأن الركاز ما ركز في الأر ض وأثبت أصله والمعدن شئ مركوز الأصل لا تنقطع مادته والكنز متى استخرج ذهب لأنه لا أصل له ولا مادة. ومن جعل الكنز ركازا لأنه ركز في الأرض أي جعل فيها كما يركز الرمح في الأرض وغيره فقد ذهب مذهبا تحتمله اللغة على ضعف فيه وفرق ما بين الفقير والمسكين إن المسكين هو الذي لا شئ له والفقير هو الذي له البلغة من العيش قال الراعي [ من البسيط ] أما الفقير الذي كانت حلوبته * وفق العيال فلم يترك له سبد فجعل للفقير حلوبة وجعلها وفقا لعياله أي قدر قوتهم ولذلك فصل الله تعالى بين الفقراء والمساكين في آية الصدقات ولم يجمعهما باسم واحد وجعل لكل صنف منهما سهما فقال تعالى: " إنما الصدقات للفقراء والمساكين " وقال يونس قلت لأعرابي أفقير أنت أم مسكين فقال لا بل مسكين. وفي الحديث: " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان أو اللقمة واللقمتان إنما المسكين المتعفف اقرؤ أن شئتم: " لا يسئلون الناس إلحافا " أراد بالمسكين ها هنا السائل الطواف لأنه بمسئلته تأتيه الكفاية وتأتيه الزيادة عليها فيزول عنه اسم المسكنة والغارمون الذين عليهم الدين ولا يجدون القضاء لأن الغرم في اللغة الخسران ومنه قيل في الرهن له غنمه وعليه غرمه أي ربحه له وخسرانه أو هلاكه عليه فكأن الغارم خسر ماله ولا يقال لمن وجد القضاء غارم وإن كان مثقلا بالدين.



[ 29 ]

وقال أبو محمد في البيوع وما يعرض من الألفاظ في أبوابها بيع المزابنة المنهي عنه " هو بيع للثمر في رؤوس النخل بالتمر كيلا وبيع العنب على الكرم بالزبيب كيلا وأخبرنا شيخ من أصحاب اللغة أنه سمي مزابنة لأن المتبايعين إذا وقفا فيه على الغبن أراد المغبون أن يفسخ البيع وأراد الغابن أن يمضيه فتزابنا أي تدافعا واختصما. والزبن الدفع يقال زبنته الناقة إذا دفعته برجلها فسمي هذا الضرب من البيع مزابنة لأن المزابنة وهو التدافع والقتال يقع فيه كثيرا ومما يشهد لهذا ان مالكا كان يجعل كل بيع وقع فيه غرر ومخاطرة مزابنة. حدثني محمد عن العصبي عن مالك أنه قال المزابنة كل شئ من الجراف الذي لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده أبيع بشئ مسمى من الكيل والوزن والعدد وشبيه بهذا قولهم لما يدفع بين السلامة والعيب في السلعة أرش لأن المبتاع للثوب على أنه صحيح إذا وقف فيه على خرق أو عيب وقع بذلك بينه وبين البائع أرش أي خصومة واختلاف من قولك أرشت بين الرجلين إذا أغريت أحدهما بالآخر وأوقعت بينهما الشر فسمي ما نقص العيب الثوب أرشا إذا كان سببا للأرش. والمحاقلة " التي نهي عنها فيها أقاويل ثلاثة يقال هي بيع الزرع بالحنطة ويقال هي اكتراء الأرض بالحنطة ويقال هي المزارعة بالثلث والربع وأقل من ذلك وأكثر وهذا الوجه أشبه بها على طريق اللغة لأن المحاقلة مأخودة من الحقل والحقل القراح والمفاعلة تكون من اثنين في أمر واحد كالمزارعة



[ 30 ]

هي من اثنين مأخوذة من الزرع والمشاتمة والمضاربة ويقال للأقرحة المحاقل كما يقال لها المزارع وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما تصنعون بمحاقلكم قالوا نواجرها على الربيع وعلى الأوسق من التمر والشعير قال فلا تفعلوا " فكما قيل للمزارع محاقل وكذلك المحاقلة المزارعة يقال للرجل أحقل أي إزرع. والمخاضرة " التي نهي عنها بيع الثمار وهي خضر لم يبد صلاحها يسمي ذلك مخاضرة لأن المتبايعين تبايعا شيئا أخضر فهي من اثنين مأخوذة من الخضرة. والمعاومة " بيع النخل أو الشجر سنتين أو ثلاثا فما فوق ذلك. قال جابر بن عبد الله نهيت ابن الزبير عن بيع النخل معاومة وقال الأصمعي يقال للنخلة إذا حملت سنة ولم تحمل سنة قد عاومت وسانهت ويقال عاملت فلانا معاومة ومسانهة ومساناة ومياومة وملايلة ومساوعة ومحاينة ومشاتاة ومصايفة ومرابعة ومخارفة ومداهرة ومزامنة. والمخابرة " هي التي نهي عنها أيضا المزارعة عل الثلث والربع وأقل من ذلك وأكثر يقال خابرت بالأرض وكان ابن الأعرابي يقول أصل المخابرة من خيبر لأن رسول الله A كان أقرها في أيدي أهلها على النصف فقيل خابروهم أي عاملوهم في خيبر قال ثم تنازعوا فنهي عن ذلك ثم ت بعد. وقيل للأكار من هذا خبير قال والخبرة أيضا النصيب وأنشد لعروة بن الورد [ من الطويل ] إذا ما جعلت الشاة للقوم خبرة * فشأنك إني ذاهب لشؤوني قال والخبرة أن يشتري الشاة جماعة فيقسمونها. والثنياء " التي نهي عنها هي أن يبيع الرجل شيئا جزافا فلا يجوز له أن يستثني منه شيئا قل أو كثر لأنه لا يدري لعل ما استثناه يأتي على جميعه

[ 31 ]

ممن لا يؤمن هذا فيه ولا يدري كم يبقى منه هذا قول الشافعي في الاستثناء وقال مالك من باع ثمارا واستثنى منها مكيله فلا بأس بذلك إذا كانت للكيلة ثلث الشئ فما دون وتكون الثنيا في المزارعة أن يستثني بعد النصف أو الثلث كيلا معلوما. وبيع العربان " الذي نهي عنه هو أن يشتري الرجل السلعة فيدفع شيئا درهما أو دينارا على إنه إن أخذ السلعة كان ذلك الشئ الذي دفعه من الثمن وإن لم يدفع الثمن كان ذلك الشئ لصاحبها لا يرتجعه منه. ويقال عربان وعربون وأربان وأربون والعوام تقول ربون. وبيع المواصفة " هو أن يبيع الرجل سلعة ليست عنده ثم يبتاعها بعد فيدفعها إلى المشتري وإنما قيل لها مواصفة لأنه باع بالصفة من غير نظر ولا حيازة ملك. وكان عبد الله بن عمر يقول للبائع: " لا تبع بما ليس عندك " ويقول للمشتري: " لا تبع منه ما ليس عنده ". ومن البيوع المنهي عنها " بيع ما لم يقبض ويكون ذلك في وجوه منها أن يسلف الرجل في طعام ثم يبيعه من غير المستسلف عند محل الأجل قبل أن يقبضه فإن باعه بأكثر من الثمن فهو ربح ما لم يضمن فإن باعه من المستسلف عند محل الأجل من غير أن يقبضه فذلك الدين بالدين والكالئ بالكالئ. ومن ذلك البيع بالسلف وهو أن يقول الرجل أبيعك هذه السلعة بكذا وكذا على أن تسلفني كذا وكذا درهما وكره هذا لأنه لا يؤمن أن يكون باعه السلعة بأقل من ثمنها من أجل القرض ومن ذلك شرطان في بيع السلعة وهو أن يشتري الرجل السلعة إلى شهر بدينارين وإلى ثلاثة دنانير وهو بمعنى بيعين في بيع ومن ذلك تلقي الركبان وذلك أن أهل المصر كانوا إذا بلغهم ورود الأعراب بالسلع تلقوهم قبل أن يدخلوا المصر فاشتروا منهم ولا علم للأعراب بسعر المصر فيغبونهم ثم أدخلوه المصر فباعوه وأغلوه.



[ 32 ]

ومنه بيع الحاضر للبادي " وكان الأعراب إذا قدموا بالسلع لم يقيموا على بيعها فتسهلوا فيه وكان ناس من أهل المصر يتوكلون لهم ببيعها وينطلق الأعراب إلى باديتهم فنهوا عن ذلك ليصيب الناس منهم. والنجش في المبايعة " هو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها ليزيد غيره بزيادته وأصل النجش الختل ومنه قيل للصائد ناجش لأنه يختل الصيد ويحتال له وكل من استشار شيئا فقد نجش. والشرك ثلاث " شركة المضاربة وشركة العنان وشركة المفاوضة فأما شركة المضاربة فهو أن يدفع رجل إلى رجل مالا يتجر به ويكون الربح منهما على ما يتفقان عليه وتكون الوضيعة على رأس المال. وأصل المضاربة الضرب في الأرض وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يدفع إلى الرجل ماله على أن يخرج به إلى الشام وغيرها فيبتاع المتاع على هذا الشرط. وأما شركة العنان " فإنه مأخوذ من قولك عن لك الشئ يعن إذا عرض لك يقال شارك فلان شركة عنان وهوأن يشتركا في شئ خاص كأنه عن لهما أي عرض فاشتركا فيه. وأما المفاوضة في الشركة " فهو أن يشتركا في جميع ما يستفيدان فلا يصيب واحد منهما شيئا إلا كان فيه للآخر شركة وسميت مفاوضة لأنهما جميعا يعملان ويشرعان في الأخذ والإعطاء ويستويان في الربح ومنه يقال تفاوض الرجلان في الحديث إذا شرعا فيه جميعا. وكتب إلي الربيع بن سليمان يخبرني عن الشافعي أنه قال شركة المفاوضة باطل ولا تقع الشركة عنده على أمر مجهول ولا تجوز بالعروض ولا بالدين وذلك أن يقول الرجل للرجل ما اشتريت من شئ فهو فيما بيني وبينك وكذلك ما اشتريت فلا تقع بهذا شركة ومن اشترى شيئا فهو له قال ولا تجوز



[ 33 ]

الشركة إلا بالدراهم أو بالدنانير وإن كان لأحدهما دنانير وللآخر دراهم لم يجز ولا تجوز أيضا حتى يخلطا. وقال لنا إسحق: " الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى " ولم نسمع أحدا حكى عن من يلزمنا قبول قوله أنه لا يجوز حتى يخلطا وهو أمر محدث. وأما أصحاب الرأي أو أكثرهم فيرون شركة المفاوضة جائزة في كل شئ حتى في الهدية تهدى لأحدهما وفي كل شئ خلا الميراث. وأما بيع الخيار " فإن العرب في الجاهلية كانت تدعوه صفقة الخيار. وحدثني محمد بن عبيد عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن همام عن قتادة ن زرارة بن أوفى عن عمر أنه قال: " البيع عن تراض صفقة الخيار ومعناه أن البيع يجب أن يفترق المتبايعان راضيتين فإن وقع البيع ثم بدا لأحدهما فيما أخذ أو أعطى قبل الفراق فسخ. وأما قول العرب صفقة الخيار فإنها كانت إذا تبايعت ورضي كل واحد قال أحدهما للآخر اختر الآن إمضاء البيع أو فسخه فإن اختار أمضاه على ما وقع بينهما وجب البيع وإن لم يتفرقا وإن اختار الفسخ فسخ فهذه صفقة الخيار وهو معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " التغابن بالخيار ما لم يفترقا إلا بيع الخيار " يقول إذا فعلا هذا وجب البيع وإن لم يفترقا. الشفعة " وأما الشفعة فإن الرجل كان في الجاهلية إذا أراد بيع منزل أو حائط أتاه الجار والشريك والصاحب فشفع إليه فيما باع فشفعه وجعله به أولى ممن بعد سببه فسميت شفعة وسمي طالبها شفيعا وجعلها النبي صلى الله عليه وسلم حقا لقوم من ذوي الموات والأسباب دون قوم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدني

عضو جديد  عضو جديد
المدني


الجنس : ذكر
العمر : 42
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 30/03/2012
عدد المساهمات : 27

كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة   كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة Icon_minitimeالأربعاء 18 أبريل 2012, 9:45 pm


[ 34 ]

النكاح والطلاق وما يعرض من الألفاظ في أبوابها وقال أبو محمد في النكاح والطلاق وما يعرض من الألفاظ في أبوابها اختلف الناس في الإقراء فقال قوم هي الحيض لقول النبي صلى الله عليه وسلم " المرأة تقعد أيام أقرائها " يريد أيام الحيض وذهب آخرون إلى أنها الإطهار واحتجوا بقول الأعشى [ من الطويل ] وفي كل عام أنت جاشم غزوة * تشد لأقصاها عزيم عزائكا مورثة مالا وفي الأصل رفعة * لما ضاع فيها من قروء نسائكا يريد أنك غزو ت فأضعت أطهارهن إذا لم تغشهن فيها والفريقان جميعا مصيبان على طريق اللغة لأن القرء هو الوقت وكل شئ أتاك لوقت معلوم فقد أتاك لقرءه وقارئه والحيض يأتي لوقت فهو قرء والطهر يأتي لوقت فهو قرء قال الهذلي مالك بن الحارث [ من الوافر ] كرهت العقر عقر بني شليل * إذا هبت لقارئها الرياح أي إذا هبت الرياح لوقتها وذلك في الشتاء وقال الآخر [ من الرجز ] يا رب ذي ضغن علي فارض * له قروء كقروء الحائض



[ 35 ]

يريد أن عداوته لأوقات كما يأتي الحيض لأوقات والعقر الذي تعطاه المرأة على وطء الشبهة هو مأخوذ من عقرت لأن الواطئ للبكر يعقرها إذا افتضها فسمي ما أعطيته بالعقر عقرا ثم صار هذا للثيب ومن وطء في غير الفرج أيضا. الشغار " وللشغار المنهي عنه أن يزوج الرجل امرأة هو وليها رجلا على أن يزوجه الآخر ويعقد بينهما النكاح على ذلك من غير مهر وكان الرجل يقول للرجل في الجاهلية شاغرني أي زوجني أختك على أن أزوجك ابنتي وقيل لذلك شغار لأن كل واحد منهما يشغر إذا نكح وأصل الشغر للكلب وهو أن يرفع إحدى رجليه ويبول فكني بذلك عن النكاح إذا كان على هذا الوجه وجعل له علما كما قيل للزنا سفاح لأن الزانيين يتسافحان يسفح هذا الماء أي يصبه ويسفح هذا أما النطفة وأما الماء الذي يغتسلان به فكني بذلك عن الزنا وجعل له علما. وكان الرجل في الجاهلية يلقى المرأة فيقول لها سافحيني فيكون ذلك عنده أحسن من أن يقول: زانيني. العسيلة " أما العسيلة التي تذوقها المرأة في النكاح من الزوج وتحل بها للمطلق ثلاثا فإنها تصغير العسل وإنما صغر بالهاء لأن العسل يؤنث ويذكر والأغلب عليه التأنيث قال الشماخ " [ من الطويل ] كأن عيون الناظرين تشوقها * بها عسل طابت يدا من يشورها وكذلك الضرب وهو العسل الغليظ يذكر ويؤنث " قال الهذلي أبو ذؤيب " [ من الطويل ] فما ضرب بيضاء يأوي مليكها * إلى طنف أعيا براق ونازل ولو صغرت على مذهب التأنيث لقلت ضريبة كما قلت عسيلة



[ 36 ]

وبعض الناس يتوهم أن عسيلة النكاح التي تحل بها المرأة للمطلق ثلاثا هي النطفة وأراه توهم ذلك للهاء التي لحقته وليس ذلك كما توهم وإنما العسيلة كناية عن حلاوة الجماع فكل من جامع حتى يجوز الختان الختان فقد ذاق وأذاق العسيلة وحلت بذلك المرأة للزوج الأول أنزل أو لم ينزل. وكان ابن مسعود وشريح يذهبان إلى أن المهر إنما يجب بذلك لا بإغلاق الباب وإرخاء الستر كما يقول كثير من الناس وقالت بنت الحمارس أنشده الأصمعي [ من الرجز ] هل هي إلا حظوة أو تطليق * أو صلف ما بين ذاك تعليق قد وجب المهر إذا غاب الحوق * والحوق حرف الحشفة وهو إطارها المحيط بها. الظهار " والظهار الذي تحرم به المرأة مأخوذ من الظهر وذلك أن تقول لها أنت علي كظهر أمي فكانت تطلق في الجاهلية بذلك. وإنما اختصوا الظهر دون البطن والفخذ والفرج وهذا أولى بالتحريم لأن الظهر موضع الركوب والمرأة مركوبة إذا غشيت فكأنه إذا قال أنت علي كظهر أمي أراد ركوبك للنكاح حرام علي كركوب أمي للنكاح. فأقام الظهر قام الركوب لأنه مركوب وأقام الركوب مقام النكاح لأن الناكح راكب وهذا من لطيف الاستعارة للكناية. وقد أشكل على كثير من الفقهاء معنى قول الله جل وعز: " ثم يعودون لما قالوا " تى ظن بعضهم أن المرأة لا تحرم على من ظاهرها حتى يعيد اللفظ بالظهار ثانية فيقول أنت علي كظهر أمي أنت علي كظهر أمي وهذا خلاف ما أجمع عليه الفقهاء. وكان الشافعي يذهب إلى أن العود لما قالوا أنه العود إلى إمساك المرأة والرغبة فيها وقالوا إذا ظاهر من امرأته ولم يطلقها فكأنه لزمه الظهار لأن



[ 37 ]

إمساكه عن الطلاق ساعة ظاهر هو معاودته لما حرم منها فيمسكه وأحسب أن أبا عبيد يتبعه على هذا القول ولا أرى هذا التأويل على طريق اللغة صحيحا لأنه لو أراد بالعود الرجوع إلى إمساك المرأة والرغبة فيها لقال: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما كانوا عليه أي يعودون إلى التمسك بالنساء والرغبة فيهن ولم يقل " ثم يعودون لما قالوا " لأن الذي كانوا عليه لم يكن قولا إنما كان نكاحا وتعاشرا وائتلافا. والذي عندي فيه على طريق التدبر والاستدلال والله أعلم أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون النساء بالظهار فجعل الله جل وعز حكم الظهار في الإسلام خلاف حكمه عندهم في الجاهلية بالكفارة التي تحلهن لهم وأنزل: " والذين يظاهرون من نسائهم " يريد في الجاهلية ثم يعودون لما قالوا يعني ما كانوا يقولونه من هذا الظهار في الإسلام " فتحرير رقبة من قب + ل أن يتماسا " وأضمر فكفارته ومثل هذا من المحذوف في القرآن كثير ومنه قوله تعالى " فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي " أي فكفارة ذلك ما استيسر من الهدي وقوله بعد ذلك " فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك " أراد فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه فحلق فعليه فدية من صيام وشبيه بهذه الآية مما يشكل على كثير من أهل النظر قول الله تعالى: واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر " وذلك أنهم رأوا اليأس يقينا والارتياب شكا ولم يأت في القرآن الأمر الذي وقع فيه الارتياب فيقول إن ارتبتم في كذا وكذا من أمورهن فقالوا فيه أقاويل لا تخفى على من تدبرها إذا فهم ما قلناه. والمعنى إن الله جل وعز لما ذكر عدة اللواتي يحضن من النساء فقال: " والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء " ارتاب الناس في اللائي لا يحضن من القواعد والصغار فلم يدروا كيف يعتدن فأنزل الله جل وعز: " واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم " فلم تعلموا



[ 38 ]

كيف يعتددن " فعدتهن ثلاثة أشهر " وكذلك عدد اللائي لم يحضن وإن في هذا الموضع بمعنى إذ كأنه قال إذا ارتبتم والمفسرون يقيمون إن في مقام إذ في كثير القرآن نحو قول الله جل وعز: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين " وقوله جل وعز: " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " [ آل عمران: 139 ] وكفارة الظهار: الصيام والأيمان والنذور مأخوذة من كفرت الشئ إذا غطيته وسترته كأنها تكفر الذنوب أي تسترها وكذلك الغفران والمغفرة الستتقول غفرت كذا إذا سترته ومنه قيل لجنة الرأس مغفر لأنه يغفر الرأس ولما كانت كفارة الذنب تسقطه وكأن غفران الذنب هو ألا يؤاخذ به وكان معناهما جميعا الستر رجونا أن نكون من ستر الله عليه في الدنيا لم يؤاخذه في الآخرة إن شاء الله الطلاق والطلاق مأخوذ من قولك أطلقت الناقة فطلقت إذا أرسلتها من عقال أو قيد فكأن ذات الزوج موثقة عند زوجها فإذا فارقها أطلقها من وثاق ويدل على ذلك قول الناس هي في حبالك إذا كانت تحتك يريد أنها مرتبطة عندك كارتباط الناقة في حبالها ثم فرقوا بالحركات بين فعل الناقة وفعل المرأة والأصل واحد فقالوا طلقت الناقة بفتح اللام وقالوا طلقت المرأة بضمها وقالوا أطلقت الناقة وقالوا طلقت المرأة. ومتعة المطلقة: هو نفعها شيئا وكل من نفعته أو أرفقته فقد متعته ومنه قول الله جل وعز: " ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم " يعني بيوت الخانات يقول تنفعكم وتكنكم من الحر والبرد وكذلك قوله جل وعز: " ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله " يريد ابتغاء منفعة وكذلك قوله في النار " جعلناها تذكرة ومتاعا للمقوين " أي تذكركم جهنم وتنفعكم إذا سافرتم ولهذا قيل للمحرم بعمرة إلى الحج متمتع لأنه إذا قضى طوافه تمتع بلبس ثيابه وحل



[ 39 ]

له كل ما حرم عليه وليس لمتعة المطلقة حد معلوم وإحداد المتوفى عنها زوجها هو منعها نفسها من الزينة والكحل والصبيغ والطيب وكل من منعته من شئ فقد حددته عنه ومنه قيل للبواب حداد لأنه يمنع الناس من الدخول ويقال دون ذلك حدد أي منع والطلاق للعدة هو أن تطلق المرأة في قبل الطهر أي في أوله من غير أن تمسها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طلقوا المرأة في قبل عدتها ". ولقوله لعبدالله بن عمر وقد طلق امرأته وهي حائض " ليرجعها فإذا طهرت فليطلق أو يمسك " وإنما أراد أن يطلق للعدة وهي المطهر ويكون الاحتساب منه بالعدة من الحيض. والمحصنة: ذات الزوج وقد تكون الحرة البكر يدلك على ذلك قول الله تعالى في الإماء: فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب " أي على الحرائر لا ذوات زواج لأن ذوات الأزواج عليهن الرجم والرجم لا يتبعض وإنما سميت الحرة البكر محصنة لأن الإحصان يكون لها وبها لا بالأمة كما قيل للبقر مثيرة وإن لم تثر شيئا لأن المثيرة منها وكما قيل للإبل هدي وإن لم تهد لأن الهدي يكون منها.



[ 40 ]


* * * تم الكتاب والحمد لله كثيرا، وصلى الله على محمد النبي، وآله وسلم كثيرا. وكتب بغداد في المحرم، سنة تسع وسبعين ومائتين. * * *
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب : غريب الحديث لابن قتيبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ⇅۩≌۩⇅ تخريج الحديث عن طريق أول متن الحديث ⇅۩≌۩⇅
» أمير المجاهدين قتيبة بن مسلم فاتح الصين الأعظم
»  §¤¦¤§ غريب على الخليج §¤¦¤§
»  ۞۞ مخلوق بحرى غريب جدا ۞۞
» ж علامات الحب لابن حزم ж

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ السنة النبوية الشريفة ۩-
انتقل الى: