الجزء التاسعوفي ثاني الايام ركب الزير للحرب والصدام وركبت معه اليمامه وقد اخذت معها ثلاثة تفاحات وكان الجرو قد ركب ايضا بالابطال فصال وجال وطلب الزير للحرب والقتال فبرزت اليه اليمامه بالعجل وقالت انا اقاتلك اليوم دون المهلهل فاستعظم الجرو ذلك ولم يعلم السبب ثم ان اليمامه اخذت تفاحه ولوحتها بيدها وضربته بها فاخذها برجله مع الركاب فطحنها طحنا ثم انها ضربته بالثانيه فأخذها على سنان الرمح ثم أخذت الثالثه وقالت اللهم ياخالق الخلق امح الباطل واكشف الحق فأخذها بيده ووضعها في جيبه فلما شاهدت الحال ايقنت انه اخوها لا محاله فنزلت عن ظهر الجواد وتقدمت اليه والقت نفسها عليه وقالت اهلا وسهلا يا أخي ابن ابي وامي فأنت والله ابن كليب دون شك ولا ريب وقد ربيت في دار العدا والحمد لله الذي عرفناك بعد طول المدى فقال لها انا ابن شاليش ايتها السيدة الحرة وامي هي الجليلة بنت مرة فقالت انت ابن الامير كليب ثم انشدت تقول :
قالت يمامه من ضمايرها دمع العيون على الخدين هنان اسمع أخي قصتي وافهم معانيها ياقاهر العدا في وسط ميدان ابوك خانه جساس ايا سندي بطعنة يا عظيم القدر والشأن شاليش خالك كل الناس تعرفه اهل الاعارب قاضيها ومن دان وعمك الزير فخر الناس كلهم وفارس الخيل من عجم وعربان فاسأل لامك ثم سرك اكتمه وارجع الينا فأنت اليوم في أمان
( قال الراوي ) فلما فرغت اليمامه من شعرها تأكدت عنده تلك القضيه لان قلبه كان لايميل إلى جساس ولا إلى أحد من بني مرة ولا سيما انه قد حن قلبه إلى اليمامه فقال لها سرا لقد صدقت بقولك هذا فاذهبي الان وعند الصباح اتبعكم إلى الاوطان ثم توقفت عن القتال ورجع إلى عند امه في الحال واخبرها بذلك الشأن وان تعلمه من هو أبوه من الفرسان وحلف لها بالاله الديان انها ان كتمت عنه حقيقه الخبر قتلها وجعلها عبرة لم اعتبر لفما علمت امه بأتن الخبر قد اتصل اليه وان الامر ماعاد يخفي عليه اعلمته بالقصة من أولها إلى آخرها وأوقفته على باطنها وظاها واشارت اليه تقول من فؤاد متبول :
الجليله قالت ابيات نار قلبي بالحشا زادت لظا استمع يا ولدي فيما اقوله يا ضيا عيني وياكل المنى انت روحي افتهم مني الكلام قول صادق ليس فيه من خفا ان ابوك كليب سور المحصنات قاهر الابطال في يوم الوغى واخوته خمسون اعمامك جميع كلهم فرسان طعانه قنا اربعه من الست يا ابني حقيقي كل واحد سبع ربي بالفلا منهم المسمى ابوك كليب كان والفتى الزير المهلهل يا منى والفتى المسمى عدي درعان هذه الاربعه اتةا منها سوا ثم ست واربعين خلافهم من الجواري والسراري والاما كلهم يا امير اعمامك لهم كل واحد الف يطعن بالوغا وابوك كليب سار على الجميع بالفروسية مع جود وسخا جاء جساس خالك باق فيه وتركني بعده مثل الاما وطردني عمك الزير بعده فرحت إلى اهلي دون الملا قد كنت حامل فيك بعد ابيك فولدتك في تلك الحما رحت سميتك على اسم الكلاب سرت كانك سبع رابي بالفلا وانا والله من خوفي عليك قلت أخي شاليش انه لك أبا وانا اعلمتك افعل ما تريد صفا عينشي ووقتي ما تعكر
( قال الروامي ) فلما فرغت الجليلة من هذا الشعر بكى الجرو بكاء شديد ولام أمه على كتمان الامر ثم انه صبر إلى الليل فركب وسار بالعجل إلى عند المهلهل وصحبه العبد أبو شهوان الذي كان ارسله اليه عمه فارس الفرسان وفي اثناء الطريق أراه العبد قصر ابيه وقبره المصفح بالذهب وعينيه واجتمعت جميع شقايقه ومن يلوذ به من اهله واقاربه فوقعو عليه وترحبو به وكان الزير افرح الخلق ولما استقر به الجلوس وطابت من القوم النفوس قال الجرو الحمد لله رب الكائنات الذي جمع شملنا بعد الشتات فوالله العظيم رب موسى وابراهيم لا بد لي من قتل جساس واجعله مثل بين الناس لانه فجعني بابي تاجي وفخري وتركني يتيما طول دهري فقال له الزير لا بد من قتله على رؤوس الاشهاد وانت تكون الحاكم بعد ابيك على هذه البلاد ثم انشد وقال : يقول الزير أبو ليلى المهلهل صفا عيشي وقتي ما تعكر أتاني السعد من رب البرايا واتانا السعد لما النحس ادبر فقبل ظهوره كنا حزانا نقضي الليل في قلق ونسهر على فقد الفتى الماجد كليبا ثوى غدرا له جساس فنظر وفي دمه كتب بالبلاطة وصايا عشر ابيات او أكثر يوصيني بقوله لا تصالح فسالم انت ان صالحت تخسر واطرد الجليلة من حمانا عدوة كعبها ما كان اخضر طردناها وهي بالجرو حامل من يقدر على رد المقدر انا فيهم فتكت بحد سيفي وانت القصد منهم تكبر واني ما بكيت على كليب اخذت بثاره بالسيف مجهر فابكي حيث ما خلف ذكورا بنات الكل ما له طفل يذكر ولما خالقي انعم علينا وجانا الجرو كالسبع الغضنفر صفا عيشي وقد نلت المقاصد وزال النحس عنا ثم ادبر وبعد يا ابني اسمع كلامي انا عمك وانت الليث قسور فقم اجلس على كرسي ابوك وفي احوال اخواتك تبصر
(قال الراوي) فلما فرغ الزير من الشعر والنظام قال الجرو اطال الله بقاك ونصرك على جميع حسادك واعداك وبلغت قصدك ومناك انني والله يا عم في قلق وغم فلا تزول احزاني وانال اربي حتى آخذ بثار ابي واقطع راس جساس واجعله مثل بين الناس فشكره جميع اهله واعمامه وبعد ذلك قال له الزير ما هو الراي عندنا يا ابن أخي قال الراي عندي اني اغير عليكم نهار غد واخذ نوقكم وجمالكم إلى جساس واقول له باني اتيت اليوم باموالهم ومواشيهم وغدا اتي اليك براس الزير ثم احاربك وتكون انت واضع قربه من الدم تحت جانبك فاطعنك بالرمح فخذه تحت ابطك والقي نفسك على الارض فتنشق القربة ويهرق الدم وانا اصيح على جساس واقول له قد قتلت عدوك يا خال انزل اليه واقطع راسه لقد زال الكدر وبلغنا اليوم الوطر وعندما ياتي اليك فتقوم اليه بالعجل وتعدمه الحياة لانه لم يعلم بقدومي عليكم وبهذه الوسيلة تتم الحيلة وتتخلص من هذه الورطة الوبيلة فاستصوب الزير رايه ثم انه ودعهم وسار وحده الي الديار بني مره وعند الصباح ركب الجرو في جماعه من الفرسان وساق مواشي بني قيس من الرعيان با تفاق الامير مهلهل ليت الميدان فخرج الامير جساس وسادات من بني مره وشكروا الجرو على هذه الغنيمه ( قال الراوي ) فاتقف في تلك الليله بان جساس راى حلما غريبا وهو انه ابصر ذاته بانه كان قد ربى عنده جرو وذهب واكان يوده ويحبه فلما انتهى وترعرع وتصاحب مع سبع كاسر على فالفه إلى ان كان في بعض الايام اغار السبع على مواشي بني مره وهجم على نسائهم واولادهم وجعل يفترس كبارهم وصغارهم وكان الذئب يساعده يساعده عليهم فاغتاظ جساس من فعال الاسد فسلالسيف وهجم عليه يريد قتله واعدامه فوثب عليه الذئب من ورائه ونهشه فالقاه صريعا على الارض ففاق جساس مرعوبا من هذا الحلم فنهض في الحال وسار إلى الديوان وجمع اخوته وباقي السادات والاعيان واعلمهم بذلك المنام فقالوا هذه اضغاث احلام وما زاالوا يهرنون عليه حتى راق وزال عنه القلق والكدر ولما اصبح الصباح ركب الزير يطلب الحرب والكفاح وركب الامير جساس وهو في قلقل ووسواس وكان الجرو قد اوعد بهلاك القوم وقتل المهلهل في ذلك اليوم ولما التقى الفريقان برز الجرو إلى ساحه الميدانفبرز اليه المهلهل فالتقاه الجرو وصال وجال وطعنه بالرمح طعنه كاذبه فسحبها المهلهل من تحت ابطه فراحت خائبه والقى نفسه على الارض من فوق ظهر الحصان خديعه على عيون الفرسان ليظهر لهم انه قد مات وحلت به الافاق فعند ذلك صاح الجرو الله أكبر على من طغى وتجبر فقد ظنا المراد بقتل الزير الذى اهلك العباد ثم صاح على جساس وقال له انزل يا خال واقطع راس عدوك فقد قتلته وكفيتك شره فلما راه يختبط بدمه نزل عن ظهر القميره وهو يظن انه قد بلغ غايه مراده ولما اقترب منه نهض الزير على قدميه وقبضه من لحيته وهجم الجرو ايضا عليه ووضع الرمح بين كتفيه فعند ذلك علم جساس انها حيله قد تمت عليه وتاكد عنده صحه المنام فاخذ يخاطب الجرو بهذا الشعر والنظام
قال جساس الذي شاهد وفاه ياسياج البيض في طعن القنا انني بك يا ابن اختي مستجير فاجرني يا ابن اختي من القنا
فاجابه الجرو بهذه الابيات :
ايا خال اقصر عن ملامك دنى اجلك وقد وافى حمامك تقول اجرني يا ابن اختي الا يا جرو اعطينا زمانك قتلت كليب طلما وعدوانا تظنوا بانني اسمع كلامك وبعد كليب اصبحت حاكم تسامى في الملا ايضا كلامك طغيت وجرت في حكمك علينا فاذني لم تعد تسمع كلامك تريد اليوم منا ان نجيرك فهذا ماتشوفه في منامك