۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 [◕]۞[◕] فوائد اليقين وأثره في حياة المسلم [◕]۞[◕]

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
القلم الصادق

عضو جديد  عضو جديد
القلم الصادق


الجنس : ذكر
العمر : 42
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 06/04/2012
عدد المساهمات : 3

[◕]۞[◕] فوائد اليقين وأثره في حياة المسلم [◕]۞[◕]  Empty
مُساهمةموضوع: [◕]۞[◕] فوائد اليقين وأثره في حياة المسلم [◕]۞[◕]    [◕]۞[◕] فوائد اليقين وأثره في حياة المسلم [◕]۞[◕]  Icon_minitimeالسبت 14 أبريل 2012, 2:05 am

[◕]۞[◕] فوائد اليقين وأثره في حياة المسلم [◕]۞[◕]  0


[◕]۞[◕] فوائد اليقين وأثره في حياة المسلم [◕]۞[◕]


إن نعمة الإيمان واليقين لا تعدلها نعمة لأن الذي من الله عليه باليقين فإنه يذوق حلاوة الإيمان ويلتذ بالطاعة ويأنس بذكر الله ويبتعد عن المعصية ويكرهها ويستغل حياته برضاء واطمئنان وسكينة وانشراح لأنه قد نزل اليقين في قلبه بالرضا والاطمئنان بقضاء الله وقدره فإن أصابته ضراء ومصيبة وفقر وهم صبر واحتسب وعلم أن ذلك من عند الله وإن أصابته سراء وصحة وعافية شكر وحمد الله واستعمل النعمة في طاعة الله واستيقن أن كل ما به من نعمة فهي من الله .

المؤمن المستيقن هو الذي نظر إلى هذه الدنيا نظرة صحيحة فهو يعلم أنها دار الغرور والزوال ودار الأكدار والهموم والفراق ودار الفتن والإبتلاءات وهي مع ذلك دار الزرع والعمل ودار الجد والكفاح والجهاد وحيث يُصِّر المستيقنون أنفسهم على الطاعات ويكفون أنفسهم عن المحرمات يريدون الوصول إلى رضوان الله وجنته، نعم إن المؤمن المستيقن ينظر إلى هذه الدنيا نظرة احتقار وزهادة لانظرة نهم فيها وطلب فلم يرضها الله لنبيه حيث قال رسول الله : [مالي وللدنيا ما أنا إلا كمسافر قال تحت ظل شجرة ثم قام وتركها ].

قَالَ تَعَالَى : { وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } [الأحزاب:22].
قالَ تَعَالَى : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ } [آل عمران:173- 174].
قالَ تَعَالَى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ } [الفرقان:58].
قالَ تَعَالَى : { وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [إبراهيم:11].
قالَ تَعَالَى : { فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله } [آل عمران:159].
قالَ تَعَالَى : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ } [الطلاق:3]: أي كافِيهِ.
قالَ تَعَالَى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [الأنفال:2].

إن اليقين عبادة عظيمة وعمل من أجل أعمال القلوب التي هي الأساس وأعمال الجوارح لها تبع لقول النبي : [ إنما الأعمال بالنيات ] والقلب هو ملك الجوارح وهي له تبع فإن صلح صلحت سائر الجوارح وإن فسد فسدت، والعناية بأعمال القلوب مهمة وعظيمة، فإذا صلحت القلوب صلح الحال وحصل الصدق مع الله فيكتب الله لعباده النصر والتوفيق وتصلح كذلك أخوة المسلمين مع بعضهم فتسلم الصدور ويغاث الملهوف ويطعم الجائع، ومن أعمال القلوب حسن الظن بالله والخشوع والإخلاص والصدق والخوف والرجاء والمحبة واليقين والإنابة والاستعاذة والاستغاثة والشكر والرضا والصبر وغير ذلك، وحديثنا اليوم إن شاء الله عن اليقين، فاليقين هو ضد الشك وهو كمال الإيمان وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فبه تفاضل العارفون وتنافس المتنافسون وإليه شمر العاملون، وإذا تزوج الصبر باليقين ولد بينهما حصول الإمامة في الدين قال تعالى : { وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون } قال سفيان: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين.

عن ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأيْتُ النَّبيّ ومَعَهُ الرُّهَيطُ، والنبي وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، والنبيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لي سَوَادٌ عَظيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فقيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ، ولكنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرتُ فَإِذا سَوادٌ عَظِيمٌ، فقيلَ لي: انْظُرْ إِلَى الأفُقِ الآخَرِ، فَإِذَا سَوَادٌ عَظيمٌ، فقيلَ لِي: هذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفاً يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ)، ثُمَّ نَهَضَ فَدخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ في أُولئكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذينَ صَحِبوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وَقالَ بعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله شَيئاً - وذَكَرُوا أشيَاءَ - فَخَرجَ عَلَيْهِمْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟) فَأَخْبَرُوهُ فقالَ: (هُمُ الَّذِينَ لاَ يَرْقُونَ، وَلا يَسْتَرقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ؛ وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُون) فقامَ عُكَّاشَةُ ابنُ محصنٍ، فَقَالَ: ادْعُ الله أنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ، فَقَالَ: (أنْتَ مِنْهُمْ) ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: (سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
(الرُّهَيْطُ) بضم الراء تصغير رهط: وهم دون عشرة أنفس، وَ(الأُفقُ) الناحية والجانب. و(عُكَّاشَةُ) بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها، والتشديد أفصح.

عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقول: (اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَليْك تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ. اللَّهُمَّ أعُوذُ بعزَّتِكَ؛ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ أنْ تُضلَّني، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لاَ تَمُوتُ، وَالجِنُّ والإنْسُ يَمُوتُونَ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.

عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضاً، قَالَ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، قَالَهَا إِبرَاهيمُ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُلقِيَ في النَّارِ، وَقَالَها مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم حِينَ قَالُوا: إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيْماناً وَقَالُوا: حَسْبُنَا الله ونعْمَ الوَكيلُ. رواه البخاري.
وفي رواية لَهُ عن ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ آخر قَول إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُلْقِيَ في النَّارِ: حَسْبِي الله ونِعْمَ الوَكِيلُ.

عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَقْوامٌ أفْئِدَتُهُمْ مِثلُ أفْئِدَةِ الطَّيرِ) رواه مسلم.
قيل: معناه متوكلون، وقيل: قلوبهم رَقيقَةٌ.

عن جابر رضي الله عنه: أَنَّهُ غَزَا مَعَ النبي صلى الله عليه وسلم قِبلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَفَلَ معَهُمْ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ في وَادٍ كثير العِضَاه، فَنَزَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تَحتَ سَمُرَة فَعَلَّقَ بِهَا سَيفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَدْعونَا وَإِذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: (إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيفِي وَأنَا نَائمٌ فَاسْتَيقَظْتُ وَهُوَ في يَدِهِ صَلتاً، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: الله - ثلاثاً-) وَلَمْ يُعاقِبْهُ وَجَلَسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وفي رواية قَالَ جَابرٌ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ وَسَيفُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ فَاخْتَرطَهُ، فَقَالَ: تَخَافُنِي؟ قَالَ: (لاَ) فَقَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: (الله).

وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في "صحيحه"، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟
قَالَ: (اللهُ). قَالَ: فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم السَّيْفَ، فَقَالَ: (مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟). فَقَالَ: كُنْ خَيرَ آخِذٍ. فَقَالَ: (تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ الله وَأَنِّي رَسُول الله؟) قَالَ: لاَ، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلاَ أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ: جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ.
قَولُهُ: (قَفَلَ) أي رجع، وَ(الْعِضَاهُ) الشجر الَّذِي لَهُ شوك، و(السَّمُرَةُ) بفتح السين وضم الميم: الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ، وَ(اخْتَرَطَ السَّيْف) أي سلّه وَهُوَ في يدهِ. (صَلْتاً) أي مسلولاً، وَهُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها.

عن عُمَر رضي الله عنه، قَالَ: سمعتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصاً وَتَرُوحُ بِطَاناً) رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن).
معناه: تَذْهبُ أَوَّلَ النَّهَارِ خِمَاصاً: أي ضَامِرَةَ البُطُونِ مِنَ الجُوعِ، وَتَرجعُ آخِرَ النَّهَارِ بِطَاناً. أَي مُمْتَلِئَةَ البُطُونِ.

عن أبي عُمَارة البراءِ بن عازب رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (يَا فُلانُ، إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فراشِكَ، فَقُل: اللَّهُمَّ أسْلَمتُ نَفْسي إلَيْكَ، وَوَجَّهتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضتُ أَمْري إلَيْكَ، وَأَلجأْتُ ظَهري إلَيْكَ رَغبَةً وَرَهبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ، آمنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أنْزَلْتَ؛ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ. فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِنْ لَيلَتِكَ مِتَّ عَلَى الفِطْرَةِ، وَإِنْ أصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيراً) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية في الصحيحين، عن البراءِ، قَالَ: قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا أَتَيْتَ مَضْجِعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءكَ للصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيمَنِ، وَقُلْ... وذَكَرَ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ).

عن أبي بكرٍ الصِّديق رضي الله عنه عبدِ اللهِ بنِ عثمان بنِ عامرِ بنِ عمر ابنِ كعب بنِ سعدِ بن تَيْم بنِ مرة بن كعبِ بن لُؤَيِّ بن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه - وَهُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ صَحَابَةٌ – رضي الله عنهم - قَالَ: نَظَرتُ إِلَى أَقْدَامِ المُشْرِكينَ وَنَحنُ في الغَارِ وَهُمْ عَلَى رُؤُوسِنا، فقلتُ: يَا رسولَ الله، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ: (مَا ظَنُّكَ يَا أَبا بَكرٍ باثنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

عن أم المُؤمنينَ أمِّ سَلَمَةَ وَاسمها هِنْدُ بنتُ أَبي أميةَ حذيفةَ المخزومية رضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ، قَالَ: (بِسْمِ اللهِ تَوَكَّلتُ عَلَى اللهِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ) حديثٌ صحيح، رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحةٍ. قَالَ الترمذي: (حديث حسن صحيح) وهذا لفظ أبي داود.

عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَالَ - يَعْني: إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيتِهِ -: بِسمِ اللهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ، وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ باللهِ، يُقالُ لَهُ: هُدِيتَ وَكُفِيتَ وَوُقِيتَ، وَتَنَحَّى عَنْهُ الشَّيطَانُ) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم. وَقالَ الترمذي: (حديث حسن)، زاد أبو داود: (فيقول - يعني: الشيطان?- لِشيطان آخر: كَيفَ لَكَ بِرجلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟).

عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ أَخَوانِ عَلَى عهد النَّبيّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ أحَدُهُمَا يَأتِي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَالآخَرُ يَحْتَرِفُ، فَشَكَا المُحْتَرِفُ أخَاهُ للنبي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (لَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ). رواه الترمذي بإسناد صحيحٍ عَلَى شرطِ مسلم.
(يحترِف): يكتسب ويتسبب.

وقد خص الله أهل اليقين بخصائص عظيمة فهم الذين ينتفعون بالآيات والبراهين لقوله تعالى : { وفي الأرض آيات للموقنين} ،
وهم المفلحون المهتدون من بين العالمين قال تعالى : { والذين يؤمنون بما أًنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون } .

واليقين هو روح أعمال القلوب وهي أرواح أعمال الجوارح .. واليقين هو حقيقة الصديقية ، عباد الله وحقيقة اليقين هو ظهور الشيء للقلب كأنه يراه عياناً فيكون المخبر به من قبل الشرع للقلب كالمرئي للعين بحيث تتجلى حقائق الإيمان للصبر كأنه يراها رأي العين مثل الجنة والنار والصراط والميزان وموقف القيامة والحوض وانصراف المتقين إلى الجنة وانصراف الفجار إلى النار وعذاب القبر ونعيمه، فتتضح تلك الحقائق وتتجلى للموقن فتعيش معه في حله وترحاله يصاحبه همها فتدعوه وتسوقه وتشحذ همته إلى عمل الصالحات والمسابقة إلى الخيرات فيزداد شوقه وحنينه ولهفه وحبه العظيم إلى الجنان هناك حيث رؤية وجه الله الكريم المنان حيث الحور والولدان والأنهار والجمال والكمال هناك حيث النعيم الأبدي الذي لايلحقه الزوال ولا الأكدار حيث القصور والتفكه في صنوف ضيافة الرحمن الرحيم فلا موت ولا مرض وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .


1- قال عمر رضي الله عنه: " لا يقعُد أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللَّهمَّ ارزُقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وإن الله تعالى إنما يرزق الناس بعضهم من بعض " إحياء علوم الدين.
2- قال الحسن: " إنَّ مِن توكل العبد أن يكون الله هو ثقته " جامع العلوم والحكم.
3- قال مسلم بن يسار: " اعملْ عملَ رجلٍ لا يُنجيهِ إلا عملُهُ، وتوكلْ توكلَ رجلٍ لا يصيبُه إلا ما كتبَه اللهُ عز وجلَّ له " جامع العلوم والحكم.
4- قال سهل بن عبدالله التستري: " حرامٌ على قلبٍ أن يشم رائحة اليقين وفيه سكونٌ إلى غير الله، وحرام على قلب أن يدخله النور وفيه شيء مما يكرهه الله تعالى " بستان العارفين للنووي.
5- وقال أيضاً: " من طعن في الحركة فقد طعن في السنة، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان " جامع العلوم والحكم.
6- وقال أيضاً: " حظ العبيد من اليقين على قدر حظهم من الرضى, وحظهم من الرضى على قدر رغبتهم في الله " إحياء علوم الدين.
7- قال أبو العالية: " إن الله تعالى قضى على نفسه أن من آمن به هداه؛ وتصديق ذلك في كتاب الله (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)، ومن توكل عليه كفاه، وتصديق ذلك في كتاب الله (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)، ومن أقرضه جازاه، وتصديق ذلك في كتاب الله (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً)؛ ومن استجار من عذابه أجاره، وتصديق ذلك في كتاب الله (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً)، والاعتصام الثقة بالله، ومن دعاه أجابه، وتصديق ذلك في كتاب الله (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) " سير أعلام النبلاء.
8- جاء رجل إلى وهب بن منبه فقال: علمني شيئاً ينفعني الله به؛ قال: " أكثرْ من ذكر الموت واقصر أملك، وخصلة ثالثة إن أنت أصبتها بلغتَ الغاية القصوى وظفرتَ بالعبادة الكبرى "؛ قال: وما هي؟ قال: " التوكل " البداية والنهاية.
9- قال داود الطائي: " كفى باليقين زُهداً " سير أعلام النبلاء.
10- رَوى عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قلتُ لأبي: هؤلاء المتوكلون يقولون: نَقعُد وأرزاقنا على الله. فقال الإمام: هذا قول رديء خبيث، يقول الله عز وجل: (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) (الجمعة: 9). "جامع العلوم والحكم".
11- وقال أيضًا: " سألتُ أبي عن قوم يقولون: نتَّكِل على الله، ولا نَكْتَسِب، فقال: ينبغي للناس كلِّهم أن يتَّكِلوا على الله، ولكن يَعُودون على أنفسهم بالكسْب " جامع العلوم والحكم.
12- رُوي عن ولده صالح أنه سأله عن التوكل، فقال: " التوكل حسَن، ولكن ينبغي للرجل ألا يكون عيَّالاً على الناس، ينبغي أن يعمل حتى يُغنِي أهلَه وعِيالَه، ولا يَترك العمل " جامع العلوم والحكم.
13- قال صالح بن الإمام أحمد: سُئِلَ أبي وأنا أشاهد عن قوم لا يَعملون ويقولون نحن مُتَوَكِّلُون. فقال: " هؤلاء مُبتَدِعة، هؤلاء قوم سوء، يُريدون تعطيل الدنيا‍! " جامع العلوم والحكم.
14- قال سفيان الثوري: " لو أن اليقين استقر في القلب كما ينبغي لطار فرحاً، وحزناً، وشوقاً إلى الجنة، أو خوفاً من النار " حلية الأولياء.
15- عن عبد الله قال: " ارض بما قسم الله تكن من أغنى الناس " سير أعلام النبلاء.
16- قال الشافعي رحمه الله: " الخير في خمسة: غنى النفس، وكف الأذى، وكسب الحلال، والتقوى، والثقة بالله " سير أعلام النبلاء.
17- قال شيخ الإسلام: " وإنما التوكل المأمور به: ما اجتمع فيه مقتضى التوحيد، والعقل، والشرع " مجموع الفتاوى.
18- قال أبو تراب النخشبي -في التوكل-: " هو طرح البدن في العبودية، وتعلق القلب بالربوبية, والطمأنينة إلى الكفاية؛ فإن أعطي شكر، وإن منع صبر " مدارج السالكين.
19- قال ابن القيم: " جعله -أي أبو تراب- مركباً من خمسة أمور: القيام بحركات العبودية، وتعلق القلب بتدبير الرب، وسكونه إلى قضائه وقدره وطمأنينته وكفايته له، وشكره إذا أعطى، وصبره إذا منع " مدارج السالكين.
20- قال رحمه الله: " وأجمع القوم على أن التوكل لا ينافي القيام بالأسباب فلا يصح التوكل إلا مع القيام بها وإلا فهو بطالة وتوكل فاسد " مدارج السالكين.
21- قال بعض العلماء: " ليس للتوكل حد ولا غاية تنتهي إليه ".

والموقن هو الذي يعيش كذلك خوف غضب الله ووعيده بالنار الحامية لأهل الكفر والعصيان فيشهد بقلبه النار التي تلظى بسلاسلها وأغلالها وقيودها حيث الإهانة والعذاب الأليم والذل والخزي والعار فيعمل المؤمن الموقن في هذه الدنيا العمل المتواصل الجاد على البعد منها والحذر من معصية ربه والخوف من غضب الله حتى لايكون من الذين غضب الله عليهم ولعنهم ومقتهم فيكبهم في النار ولايبالي


قصة إبراهيم عليه السلام :
قال تعالى : { قالوا حرقوه وأنصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين} الأنبياء /68-70 قال ابن عباس: " كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار: حسبي الله ونعم الوكيل ".

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار، فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم، فقال: كفى بالله شهيداً، قال: فأتني بالكفيل، قال: كفى بالله كفيلاً، قال: صدقت، فدفعها إليه إلى أجل مسمى، فخرج في البحر فقضى حاجته، ثم التمس مركباً يركبها يَقْدَمُ عليه للأجل الذي أجله، فلم يجد مركباً، فأخذ خشبة، فنقرها فأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه، ثم زَجَّجَ موضعها، ثم أتى بها إلى البحر، فقال: اللهم إنك تعلم أني كنت تَسَلَّفْتُ فلاناً ألف دينار، فسألني كفيلاً، فقلت: كفى بالله كفيلاً، فرضي بك، وسألني شهيداً، فقلت: كفى بِاللهِ شهِيداً، فرضِي بِك، وأني جَهَدْتُ أن أَجِدَ مَرْكَباً أَبْعَثُ إليه الذي له فلم أَقْدِرْ، وإني أَسْتَوْدِعُكَهَا، فرمى بها في البحر، حتى ولجت فيه، ثم انصرف وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر؛ لعل مركباً قد جاء بماله؛ فإذا بالخشبة التي فيها المال، فأخذها لأهله؛ حطباً، فلما نشرها وجد المال والصحيفة، ثم قدم الذي كان أَسْلَفَهُ فأتى بالألف دينار، فقال: والله ما زِلْتُ جاهداً في طلب مَرْكَبٍ لآتيك بمالك فما وجدت مَرْكَباً قبل الذي أتيت فيه، قال: هل كنت بعثن إلي بشيء، قال: أخبرك أني لم أجد مركباً قبل الذي جئتُ فيه، قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة، فانصرف بالألف الدينار راشداً.

هذا خالد بن الوليد المؤمن الحق بإذن الله يُقَدَّم له سمٌّ من قِبَل طاغية من الطغاة، ويقول له هذا الكافر: إن كنتم صادقين في التوكل على الله -جل وعلا- واللجوء إليه، والثقة به - فاشرب هذه القارورة من السم، فما كان من خالد -رضي الله عنه- إلا أن أخذها وقال: بسم الله، توكلت على الله، ثقة بالله -سبحانه وتعالى- ثم شربه، فلم يصبه إلا العافية.

روي أن رجلاً لزم باب عمر بن الخطاب؛ لأجل الطلب، فقال له: يا هذا! هاجرت إلى عمر، أو هاجرت إلى الله؟! اذهب فتعلم القرآن؛ فإنه سيغنيك عن باب عمر, فذهب الرجل وغاب، فافتقده عمر حتى وجده عابداً, فقال له: إني قد افتقدتك؛ فما الذي شغلك عنا؟ فقال: إني قرأت القرآن فأغناني عن عمر، وعن آل عمر, فقال له عمر: رحمك الله فما الذي وجدت فيه؟ فقال: وجدت فيه (وفي السماء رزقكم وما توعدون) فقلت: رزقي في السماء، وأنا أطلبه في الأرض فبكى عمر.

رفع إلى الرشيد أن بدمشق رجلاً من بني أمية عظيمُ المال والجاه، كثير الخيل والجند، يخشى على المملكة منه, وكان الرشيد يومئذ بالكوفة, قال منارة خادم الرشيد فاستدعاني الرشيد، وقال: اركب الساعة إلى دمشق، وخذ معك مائة غلام، وائتني بفلان الأموي, وهذا كتابي إلى العامل، لا توصله له إلا إذا امتنع عليك, فإذا أجاب فقيِّدْه وعادله بعد أن تحصي جميع ما تراه وما يتكلم به, واذكر لي حاله ومآله, وقد أجّلتك لذهابك ستاً, ولمجيئك ستاً, ولإقامتك يوماً؛ أفهمت؟
قلت: نعم. قال: فسر على بركة الله, فخرجت أطوي المنازل ليلاً ونهاراً لا أنزل إلا للصلاة، أو لقضاء حاجة حتى وصلت ليلة السابع باب دمشق, فلما فتح الباب دخلت قاصداً نحو دار الأموي, فإذا هي دار عظيمة هائلة, ونعمة طائلة, وخدم وحشم, وهيبة ظاهرة, وحشمة وافرة, ومصاطب متسعة، وغلمان فيها جلوس, فهجمت على الدار بغير إذن, فبهتوا وسألوا عني, فقيل لهم: إن هذا رسول أمير المؤمنين, فلما صرت وسط الدار رأيت قوماً محتشمين فظننت أن المطلوب فيهم, فسألت عنه, فقيل لي: هو في الحمام, فأكرموني, وأجلسوني, وأمروا بمن معي ومن صحبني إلى مكان آخر, وأنا أتفقد الدار, وأتامل الأحوال, حتى قبل الرجل من الحمام, ومعه جماعة كثيرة من كهول وشبان وحفدة وغلمان, فسلم علي وسألني عن أمير المؤمنين, فأخبرته أنه بعافية, فحمد الله تعالى, ثم أحضرت له أطباق الفاكهة، فقال: تقدم يا منارة كل معنا, فتأملت كثيراً إذ لم يمكنني, فقلت: ما آكل, فلم يعاودني، ورأيت ما لم أره إلا في دار الخلافة, ثم قدم الطعام, فوالله ما رأيت أحسن ترتيباً, ولا أعطر رائحة, ولا أكثر آنية منه, فقال: تقدم يا منارة فكل، قلت: ليس لي به حاجة, فلم يعاودني، ونظرت إلى أصحابي فلم أجد أحداً منهم عندي, فحِرْتُ؛ لكثرة حفدته, وعدم من عندي, فلما غسل يديه أحضر له البخور فتبخّر, ثم قام فصلى الظهر فأتم الركوع والسجود, وأكثر من الركوع بعدها, فلما فرغ استقبلني، وقال: ما أقدمك يا منارة؟ فناولته كتاب أمير المؤمنين, فقبله ووضعه على رأسه, ثم فضه وقرأه, فلما فرغ من قراءته استدعى جميع بنيه، وخواص أصحابه وغلمانه وسائر عياله, فضاقت الدار بهم على سعتها, فطار عقلي, وما شككت أنه يريد القبض عليّ, فقال: الطلاق يلزمه، والحج والعتق والصدقة, وسائر أيمان البيعة لا يجتمع اثنان في مكان واحد حتى ينكشف أمره, ثم أوصاهم على الحريم، ثم استقبلني، وقدم رجليه، وقال: هات يا منارة قيودك, فدعوت الحداد فقيده، وحُمِل حتى وُضِعَ في المحمل، وركبت معه في المحمل, وسرنا, فلما صرنا في ظاهر دمشق ابتدأ يحدثني بانبساط، ويقول: هذه الضيعة لي تعمل كل سنة بكذا وكذا, وهذا البستان لي، وفيه من غرائب الأشجار وطيب الثمار كذا وكذا, وهذه المزارع يحصل لي منها كل سنة كذا وكذا, فقلت: يا هذا ألست تعلم أن أمير المؤمنين أهمّه أمرك حتى أنفذني خلفك، وهو بالكوفة ينتظرك, وأنت ذاهب إليه ما تدري ما تقدم عليه, وقد أخرجتك من منزلك، ومن بين أهلك ونعمتك وحيداً فريداً, أنت تحدثني حديثاً غير مفيد، ولا نافع لك، ولا سألتك عنه, وكان شغلك بنفسك أولى بك, فقال: إنا لله وانا إليه راجعون, لقد أخطأت فراستي فيك يا منارة, ما ظننت أنك عند الخليفة بهذه المكانة إلا لوفور عقلك, فإذا أنت جاهل عامي لاتصلح لمخاطبة الخلفاء, أما خروجي على ما ذكرت فإني على ثقة من ربي الذي بيده ناصيتي وناصية أمير المؤمنين, فهو لا يضر ولا ينفع إلا بمشيئة الله تعالى؛ فإن كان قد قضى عليّ أمر بأمر فلا حيلة لي بدفعه، ولا قدرة لي على منعه, وإن لم يكن قد قدَّر عليّ بشيء فلو اجتمع أمير المؤمنين، وسائر من على وجه الأرض على أن يضروني لم يستطيعوا ذلك إلا باذن الله تعالى، وما لي ذنب فأخاف, وإنما هذا واش وشى عند أمير المؤمنين ببهتان, وأمير المؤمنين كامل العقل، فإذا اطلع على براءتي فهو لا يستحل مضرتي, وعلى عهد الله لا كلمتك بعدها إلا جواباً, ثم أعرض عني وأقبل على التلاوة، وما زلنا كذلك حتى وافينا الكوفة بكرة اليوم الثالث عشر, واذا النجب قد استقبلتنا من عند أمير المؤمنين تكشف عن أخبارنا , فلما دخلت على الرشيد قال: هات يا منارة أخبرني من يوم خروجك عني إلى يوم قدومك عليّ. فابتدأت أحدثه بأموري كلها مفصلة، والغضب يظهر في وجهه, فلما انتهيت إلى جمعه لأولاده وغلمانه وخواصه وضيق الدار بهم, وتفقدي لأصحابي فلم أجد أحداً منهم أسود وجهه, فلماذا ذكرت يمينه عليهم تلك الأيمان المغلظة تهلل وجهه, فلما قلت: إنه قدم رجليه أسفر وجهه واستبشر, فلما أخبرته بحديثي معه وفي ضياعه وبساتينه وما قلت له, وما قال لي. قال: هذا رجل محسود على نعمته, ومكذوب عليه, وقد أزعجناه، وأرعبناه، وشوشنا عليه وعلى أولاده وأهله، أخرج اليه, وانزع قيوده, وفكه وأدخله عليّ مكرماً, ففعلت, فلما دخل، رحب به أمير المؤمنين وأجلسه, وأعتذر إليه, فتكلم بكلام فصيح، فقال له أمير المؤمنين: سل حوائجك, فقال: سرعة رجوعي إلى بلدي، وجمع شملي بأهلي وولدي، قال: هذا كائن فسل غيره؟ قال: عدل أمير المؤمنين في عماله ما أحوجني الى سؤال. قال فخلع عليه أمير المؤمنين , ثم قال: يا منارة اركب الساعة معه حتى ترده إلى المكان الذي أخذته منه, قم في حفظ الله وودائعه ورعايته ولا تقطع أخبارك عنا وحوائجك.

جاء رجل إلى الشبلي يشكو إليه كثرة العيال، فقال له: ارجع إلى بيتك؛ فمن ليس رزقه على الله فاطرده عنك.

تَـوَكَّلْـنَـا عَلَـى الرَّحْمَـانِ إِنَّا *** وَجَـدْنَـا الْخَيْرَ لِلْمُتَـوَكِّلِينَـا
وَمَـنْ لَبِسَ التَّـوَكُّلَ لَـمْ تَجِـدْهُ *** يَخَـافُ جَرَائِـرَ الْمُتَجبِّـرِينَـا
[مالك بن عويمر التَغْلُبِي]

تَـوَكَّلْنَـا عَلَـى رَبِّ السَّـمَـاءِ *** وَسَلَّمْـنَـا لأَسْبَـابِ الْقَضَـاءِ
[علي بن الجهم]

وَفَوِّضْ إِلَـى اللهِ الأُمُورَ إِذَا اعْتَرَتْ *** وَبِاللهِ لا بِالأقْـرَبِيـنَ تُـدَافَـعُ
[مروان بن الحكم]

تَوَكَّلْ عَلَى الرَّحْمَنِ فِي كُلِّ حَالَـةٍ *** وَأَعْدِدْ لِكُـلِّ النَّائِبَـاتِ تَوَكُّـلا
فَإِنَّ جِنَانَ الْخُلْـدِ يَدْخُلُهَـا غَـدًا *** بِغَيْرِ حِسَـابٍ كُلُّ عَبْدٍ تَوَكَّـلا
[.........]

لا تَجْزَعَنَّ مَتَـى اتَّكَلْتَ عَلَى الَّذِي *** مَا زَالَ مُبْتَدِئًا يَجُـودُ وَيَفْضِـلُ
وَلَقَـدْ يُرِيحُ أَخُـو التَّوكُّـلِ نَفْسَهُ *** إِنَّ الْمُرِيحَ لَعَمْـرُكَ الْمُتَـوَكِّـلُ

كُلُـوا الْيَوْمَ مِنْ رِزْقِ الإِلَهِ وَأَبْشِرُوا *** فَإِنَّ عَلَى الـرَّحْمَنِ رِزْقُكُمُ غَدَا
[..........]


1- اجتهادك فيما ضمن لك، وتقصيرك فيما طُلب منك – دليل على انطماس البصيرة.
2- من اعتز بذي العزة عَزَّ، ومن اعتزَّ وقف معه بلا عِزٍّ.
3- الاطمئنان بغيره تعالى خوف، والخوف منه اطمئنان من غيره.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
[◕]۞[◕] فوائد اليقين وأثره في حياة المسلم [◕]۞[◕]
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ▒◄ الفرق بين (حق اليقين)و(علم اليقين)و(عين اليقين ) في القرآن الكريم►▒
» ۩◙۩ أهمية الطموح في حياة المسلم ۩◙۩
»  [☸][ ثوابت الإيمان في حياة المسلم ][☸]
»  [®][ خلق الحياء وأهميته في حياة المسلم ][®]
» [[㊝]] قيمة الزمن في حياة المسلم [[㊝]]

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: