الجنس : العمر : 38 المدينة المنورة التسجيل : 31/01/2012عدد المساهمات : 27
موضوع: {؛«◙»؛} حفظ الوعد من صفات المؤمنين {؛«◙»؛} السبت 14 أبريل 2012, 2:00 am
{؛«◙»؛} حفظ الوعد من صفات المؤمنين {؛«◙»؛}
لا شك أن الوفاء بالوعد والعهد من صفات المؤمنين ، وأن إخلافهما من صفات المنافقين ، كما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أربع مَن كنَّ فيه كان منافقاً ، ومن كانت فيه خصلة من أربعة : كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدَّث كذب ، وإذا وعد أخلفَ ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر– رواه البخاري ( 2327 ) ومسلم ( 58 ) - .
عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاَثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ) متفقٌ عَلَيْهِ. زَادَ في روايةٍ لمسلم: (وإنْ صَامَ وَصَلَّى وَزَعَمَ أنَّهُ مُسْلِمٌ).
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (أرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقاً خَالِصاً، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ) متفقٌ عَلَيْهِ.
عن جابر رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ لي النبيُّ صلى الله عليه وسلم: (لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أعْطَيْتُكَ هكَذَا وَهَكَذَا وَهكَذَا) فَلَمْ يَجِئْ مَالُ الْبَحْرَينِ حَتَّى قُبِضَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أمَرَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأتِنَا، فَأتَيْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ: إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لي كَذَا وَكَذَا، فَحَثَى لي حَثْيَةً فَعَدَدْتُهَا، فَإذَا هِيَ خَمْسُمِئَةٍ، فَقَالَ لِي: خُذْ مِثْلَيْهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.
والمؤمن الذي يواعد الناس ويخلف وعده إما أن يكون معذوراً أو لا يكون كذلك ، فإن كان معذوراً فلا إثم عليه ، وإن لم يكن معذوراً : كان آثماً .
ولم يأتِ نصٌّ – فيما نعلم – يجمع ما استثني من تحريم إخلاف الوفاء بالوعد والعهد ، لكن يمكن أن يكون إخلاف الوعد أو العهد في حالات يُعذر فيها المؤمن ، منها :
أ. النسيان :
وقد عفا الله تعالى عن النسيان في ترك واجب أو فعل محرَّم ، كما قال الله تعالى : { ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } " نعم " – رواه مسلم ( 125 ) من حديث أبي هريرة - ، وفي رواية " قد فعلت " – رواه مسلم ( 126 ) من حديث ابن عباس - .
فمن واعد شخصاً ثم نسي الوعد أو نسي وقته : فلا حرج عليه .
ب : الإكراه على إخلاف الوعد .
والإكراه : أحد الموانع التي تجيز للمسلم التخلف عن الموعد ، كمن حُبس أو مُنع من الوفاء بالوعد أو هُدّد بعقوبة تؤلمه .
فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " . رواه ابن ماجه ( 2045 ) ، وللحديث شواهد كثيرة ، وقد صححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 1836 ) .
ج : الوعد على فعل محرَّم أو ترك واجب .
فمن وعد شخصاً على أن يفعل له محرماً ، أو يترك واجباً فإنه لا يجوز الوفاء به .
ويمكن الاستدلال بحديث عائشة – ويُسمَّى حديث بريرة – وهو في الصحيحين - وقد وعدت عائشة – رضي الله عنها – أهل بريرة على أن يكون ولاء بريرة لهم على حسب طلبهم مع أن عائشة – رضي الله عنها – هي التي ستعتقها ، ولم تفِ بهذا الوعد ؛ لأنهم خالفوا الشرع وهم يعلمون أن " الولاء لمن أعتق " ، فكيف تعتقها عائشة ويكون ولاء بريرة لهم ؟ .
قال الشافعي : ... فلما بلغهم هذا : كان مَن اشترط خلاف ما قضى الله ورسوله عاصياً ، وكانت في المعاصي حدود وآداب ، وكان من آداب العاصين أن تعطل عليهم شروطهم لينكلوا عن مثلها ، وينكل بها غيرهم ، وكان هذا من أحسن الأدب . " اختلاف الحديث " ( ص 165 ) .
د : حصول طارئ مع صاحب الموعد
من مرض أو وفاة قريب أو تعطل وسيلة النقل ... الخ ... وهي أعذار كثيرة ، تدخل في قوله تعالى { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " لكل شيء رأس، ورأس المعروف تعجيله " البيان والتبيين للجاحظ.
قال علي رضي الله عنه : " من كانت له عند الناس ثلاث – وجبت له عليهم ثلاث: من إذا حدّثهم صدقهم، وإذا ائتمنوه لم يخنهم، وإذا وعدهم وفى لهم – وجب له عليهم: أن تحبه قلوبهم، وتنطق بالثناء عليه ألسنتهم، وتظهر له معونتهم " الآداب الشرعية.
قالوا : " ثلاثة لا تعرف إلا في ثلاثة: ذو البأس لا يعرف إلا عند اللقاء، وذو الأمانة لا يعرف إلا عند الأخذ والعطاء، والإخوان لا يعرفون إلا عند النوائب " العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي.
قال محمد الرواس : " الوفاء بالعهد من المروءة، وهي من الإيمان ".
قال عوف بن النعمان -وكان في الجاهلية-: " لأنْ أموت عطشاً أحب إلي من أن أكون مخلافاً للوعد " أسد الغابة.
قيل : " لا تتركني معلقا بحاجتي؛ فالصبر الجميل خير من المطل الطويل " الآداب الشرعية.
أن الوفاء بالمواعيد من خلق الأنبياء والمرسلين، وليس خلقاً مستورداً من الغرب أو الشرق، وأن صادق الوعد أهل لأن يذكر ويشاد بفضله، وقد تمدّح الله عزَّ وجلَّ بصدق الوعد، في آيات كثيرة: {ٌوَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ } [الحج: 47]، {وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [الروم: 6]، { وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ } [الزمر: 20]، { إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } [آل عمران: 9]، فدلَّ ذلك على أن صدق الوعد صفة محمودة، وهذه الصفة مما جاء الشرع بالحث على التخلُّق بها، وذلك أن من صفات الله ما هي كمال في حقه وحده سبحانه كالجبروت، ومنها ما هي كمال حتى في حق عباده كالصدق، ومنها ما فيه تفصيل، ومن الصفات ما هو كمال في حق البشر ليست بكمال في حق الخالق جلَّ وعلا، وصدق الوعد من صفات الكمال في حق الخالق، وقد دلَّ الشرع على أنها صفة كمال في حق المخلوق وكل ذلك عند الوعد بالخير، أما إخلاف الوعد بالعقاب فجائز وقد يكون صفة مدح، وأما إخلافه بالشر فواجب وهذا قد يقع من جهة المخلوق الذي يوصف بالشر وقد يعد به.
عن قيس بن أبي حازم قال: دخلت على أبي بكر في مرضه وأسماء بنت عميس تروحه، فكأني أنظر إلى وشم في ذراعها، فقال لأبي: يا أبا حازم قد أجزت لك فرسك. وفي رواية قال: قد أجزت لك فَرَسيك، وكان وعدني ووعد أبي فرساً.
قال المثنى بن خارجة: " لأن أموت عطشاً أحب إلي من أن أخلف موعداً ".
قال الوليد بن هشام: كان عمر بن عبد العزيز يرق له، لما هو عليه من النسك، فرفع دينا عليه أربعة آلاف دينار، فوعده أن يوفيه، وقال: وكل أخاك الوليد، فوكله، فقال له عمر: إني أكره أن أقضي عن واحد هذا المال، وإن كان أنفقها في حق. قال: يا أمير المؤمنين! إن من أخلاق المؤمن أن ينجز ما وعد، قال: ويحك! وضعتني هذا الموضع، فلم يقض عنه.
قال شعبة: ما واعدت أيوب السختياني موعداً قد إلا قال حين يفارقني: ليس بيني وبينك موعد، فإذا جئت وجدته قد سبقني.
أن عبد الله بن عمرو لما حضرته الوفاة قال: انظروا فلانا لرجل من قريش، فإني كنت قلت له في ابنتي قولا كشبيه العدة، وما أحب أن ألقى الله تعالى بثلث النفاق، وأشهدكم أني قد زوجته.
وعن إبراهيم الموصلي، قال: حج الرشيد وجعفر وأنا معهم، فقال لي جعفر: انظر لي جارية لا مثل لها في الغناء والظرف. قال: فأرشدت إلى جارية لم أر مثلها، وغنت، فأجادت، فقال مولاها: لا أبيعها بأقل من أربعين ألف دينار. قلت: قد أخدتها، فأعجب بها جعفر، فقالت الجارية: يا مولاي في أي شئ أنت؟ قال: قد عرفت ما كنا فيه من النعمة، فأردت أن تصيري إلى هذا الملك، فتسعدي. قالت: لو ملكت منك ما ملكت مني، ما بعتك بالدنيا، فاذكر العهد - وقد كان حلف أن لا يأكل لها ثمنا - فتغرغرت عيناه، وقال لجعفر: اشهدوا أنها حرة، وأني قد تزوجتها، وأمهرتها داري. فقال جعفر: انهض بنا. فدعوت الحمالين لنقل الذهب، فقال جعفر: والله لا صحبنا منه درهم. وقال لمولاها: أنفقه عليكما.
قال بشر بن الحارث: كان المعافى يحفظُ الحديث والمسائل، سألته عن الرجل يقول للرجل: اقُعد هنا ولا تبرح، قال: يجلس حتى يأتي وقت صلاة، ثم يقوم.
لما حضرت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الوفاة قال: إنه كان خطب إليّ ابنتي رجل من قريش، وقد كان مني إليه شبه الوعد؛ فوالله لا ألقى الله بثلث النفاق؛ أشهدكم أني زوجته ابنتي.
كان فتى من طي يجلس إلى الأحنف، وكان يعجبه فقال له: يا فتي هل تزين نفسك بشيء؟ فقال: نعم؛ إذا حدثت صدقت، وإذا حُدِّثت استمعت، وإذا عاهدت وفيت، وإذا وعدت أنجزت، وإذا أؤتمنت لم أخن، فقال الأحنف: هذه المرؤة حق
أشعار
إذا قلت في شيء: (نعم) فأتمـه *** فإن (نعم) دَين على الحرِّ واجب وإلا فقل: (لا) تسترح وتـرح *** لئلا يقول النـاس إنك كـاذب [أبو تمام]
وَإِنِّي بِحَمْـدِ اللهِ لا ثَـوْبَ غَـادِرٍ *** لَبِسْتُ وَلا مِـنْ غَـدْرَةٍ أَتقَنَّـعُ [غيلان بن سلمة الثقفي]
يا واعد الوعد الذي أخلفا *** ما الخلف من سيرة أهل الوفا ما كان ما أظهرت من ودنا *** إلا سراجاً لاح ثم انطفا [............]
قال القرطبي رحمه الله : “صدق الوعد محمود وهو من خلق النبيين والمرسلين، وضده وهو الخُلف مذموم، وذلك من أخلاق الفاسقين والمنافقين
قيل لحكيم : أي الرجال أفضل؟ قال: الذي إذا حاورته وجدته حكيماً، وإذا غضب كان حليماً، وإذا ظفر كان كريماً، وإذا استمنح منح جسيماً، وإذا وعد أوفى وإن كان الوعد عظيماً، وإذا شكي إليه كان رحيماً.
أنجز حرٌّ ما وعد.
إِنَّمَا هُوَ كَبَرْقِ الْخُلَّبِ. أي الذي لا ينجز الوعد كالبرق الذي لا يأتي بالمطر.
آفة المروءة خلف الوعد.
الوعد كالصك بدون كتابة.
لا تعد ما تعجز عن الوفاء به.
الوعد وجه والإنجاز محاسنه.
أشد المشاق وعد كذاب لحريص.
وعد الحر دين.
وعد الكريم دين.
وعد اللئيم تسويف.
وعد بلا وفاء عداوة بلا سبب.
ولود الوعد عاقر الإنجاز.
الذي يحلف كثيراً يخلف كثيراً.
لا دواء للحمق، ولا دافع للحق، ولا صحبة للمغرور، ولا عهد للغادر، ولا نور للغافل، ولا إيمان لمن لا عهد له.