أهل الحديث أو أهل الأثر هي إحدى المدارس السنية الإسلامية التي تميزت بالاهتمام بالحديث النبوي، والتي تبلورت في صدر الإسلام على يد علماء الحديث.
ولما سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الجماعة قال: (إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم).[1]
يقول محمد عبد الهادي المصري: هم الذين يعتنون بحديث محمد رواية ودراية، باذلين جهدهم على مدارسة أحاديث النبي وروايتها وإتباع ما فيها علماً وعملاً، ملتزمين بالسنة مجانبين للبدعة، متميزين عن أهل الأهواء الذين يقدمون مقالات أهل الضلالة على أحاديث النبي محمد[2].
آراء أهل السنة حول أهل الحديث
يوجد رأيان مختلفان من داخل أهل السنة بخصوص أهل الحديث، ففي حين يعتبر الأشاعرة والماتردية أن أهل الحديث هم أحد مكونات أهل السنة والذين تميزوا بالاهتمام بالحديث النبوي دون أن يكون لهم موقف مستقل في العقيدة، نجد أن السلفيين يعدون أهل الحديث أصحاب منهج مستقل في العقيدة [3] فيرى السلفيون أن منهج أهل الحديث في الاعتقاد هو التلقي من نصوص القرآن والحديث وتقديمها على العقل وسائر النقل من أقوال أوآراء تخالف النصوص المثبتة الواضحة وهو الأمر الذي يتفقون فيه مع الأشاعرة والماتردية، بينما يفتح مجال الاجتهاد فيما لم يثبت أويصح فيه نص. فيرون أن "أهل الحديث والأثر" فرقة اعتقادية مستقلة خالفت أهل الكلام والرأي والنظر من أشاعرة وماتريدية وغيرهم، ورفضت الأخذ بعلومهم الكلامية والمنطقية. ويرى السلفيون أن رأيهم يوافق ما ذكره واعتمده العلماء المتقدمون عند الحديث عن "أهل الحديث والأثر"، وصنفوا الكتب في شرح معتقد هذه الطائفة وتفصيل أفكارها وآرائها (مثل أبي الحسن الأشعري في كتابيه "مقالات الإسلاميين" و"الإبانة عن أصول الديانة"، والحافظ الصابوني في كتابه "عقيدة السلف أصحاب الحديث"، والحافظ أبو بكر الإسماعيلي في كتابه "اعتقاد أئمة الحديث"، وغيرهم).
وأغلب الآراء التي ذهبت إلى عدم وجود منهج مستقل في العقيدة لأهل الحديث صدرت من علماء أهل السنة والجماعة الأشاعرة والماتردية كأبي عبد الله البكي [4] ومرتضى الزبيدي [5] بالإضافة إلى جانب من علماء الحنابلة منهم: القاضي أبو يعلى الفرا وابن صوفان القدومي الحنبلي والسفاريني الحنبلي [6][7][8]، ويؤكدون على هذا الأمر حينما اعتبرت بعض مصادرهم أن الأشاعرة والماتريدية هم قسم من "أهل الحديث والأثر" اعتنى بالعلوم الكلامية مثل: علاّمة الكويت عبد الله بن خلف الدحيان [9] ومحمد زاهد الكوثري[10] ووهبي غاوجي [11]، وفوزي العنجري وحمد السنان[12]، وقد أشار إلى هذا الأمر ابن حزم حينما عدّ أبو الحسن الأشعري من متكلمي أهل الحديث [13]، وبينما يعتبر السلفيين أن الأشعري هو من رموزهم فإن ابن تيمية بدوره يعده من متكلمي أهل الحديث [14] ومن أبرز أئمة أهل الحديث المتكلمين ابن الجوزي [15] والبخاري [16]، ويعد الأشاعرةُ أئمةَ أهل الحديث كأحمد بن حنبل على ذات العقيدة الجامعة لأهل السنة والجماعة دون أن يكون لهم منهج مستقل في ذلك ومن الأئمة القائلين بهذا الرأي: ابن عساكر والبيهقي وتاج الدين السبكي وعبد القاهر البغدادي
تاريخهم
النشأة
التسمية بأهل الحديث أوأهل السنة والجماعة نشأت على يد الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل السنة، وذلك حينما ظهرت فتنة خلق القرآن، فثبت فيها الإمام أحمد وأتباعه أصحاب الحديث.[21]، فارتبط المصطلحان أهل السنة والجماعة وأهل الحديث. وأحمد بن حنبل هو إمام معتمد ومرجع أساس عند كل أهل السنة والجماعة باختلاف مشاربهم سواءّ كانوا حنابلة أثرية أو مالكية وشافعية أشاعرة أو حنفية ماتردية. لكن هناك اختلاف بين المنتسبين لأهل السنة حول تفسير توجهات ابن حنبل، واختلافات أخرى حول صحة بعض الأقوال المنسوبة إليه، فبينما يرى الكثير من جماعة السلفية أن الإمام أحمد بن حنبل هو المؤسس الحقيقي لمنهجهم، وأن الإمام أحمد على خلاف حاد مع متكلمي أهل الحديث، وأن السلفية هم الاستمرار التاريخي لمنهج إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل. في المقابل يرى بقية أهل السنة والجماعة وأغلبهم من الأشاعرة والماتردية وجانب من الحنابلة بعدم صحة الكثير من النقولات التي رُويت عن الإمام أحمد بن حنبل، والتي اعتمد عليها السلفيون في تحديد معالم منهجهم، كما يرى هؤلاء أن نشأة أهل الحديث مرتبطة بنشأة أهل السنة، وأن المصطلحان استخدما في أحيان كثيرة للدلالة على العقيدة الجامعة للأثرية والأشاعرة والماتردية، ويرون أن الخلاف التي حدث بين ابن حنبل وبعض المتكلمين من أهل السنة، هو خلاف لا ينقص من صحة معتقد أحدهما.
مؤسسو المنهج
يعتقد أهل الحديث أنهم أتباع للمدرسة التي أسسها أئمة وعلماء السلف الصالح وأرسوا أصولها. فهم لذلك يعدون السلف الصالح كمؤسسين لمدرستهم الاعتقادية الفقهية لكل أهل السنة والجماعة. ومن أبرز هؤلاء:
من طبقة الصحابة: الخلفاء الراشدون والزبير وطلحة وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح وابن مسعود وأبي بن كعب وسعد بن معاذ وبلال بن رباح وزيد بن ثابت وعائشة وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عمر وابن عباس وأبي موسى الأشعري.
من طبقة التابعين: مسروق بن الأجدع وابن المسيب وأبي العالية وقيس بن أبي حازم وإبراهيم النخعي وأبي الشعثاء والحسن البصري وابن سيرين وسعيد بن جبير وطاوس والأعرج وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن يسار والقاسم بن محمد والزهري ومنصور بن المعتمر ويزيد بن أبي حبيب وأيوب السختياني ويحيى بن سعيد وسليمان التيمي وجعفر بن محمد وعبد الله بن عون وسعيد بن أبي عروبة وابن جريج وهشام الدستوائي
من طبقة تابعي التابعين: الأوزاعي والثوري وشعبة بن الحجاج وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وأبي داود الطيالسي وسعيد بن منصور وعبد الرزاق بن همام وإسحاق بن راهوية وأبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن المديني ومسدد بن مسرهد وهشام بن عمار ويحيى بن معين ويحيى بن يحيى النيسابوري. ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وداود بن علي.
وممن تلوهم: البخاري ومسلم وأبوداود والترمذي وابن ماجة والنسائي والدارمي والطبري والطبراني وابن مردويه وابن حبان.
وهؤلاء الأئمة مجمع على إمامتهم وتقديمهم بين جميع مدارس أهل السنة والجماعة بلا خلاف. وجميعهم ينتسبون إلي هؤلاء الأئمة كل بحسب فهمه ومشربه سواءّ كانوا أشاعرةً أو ماترديةً أو حنابلة أثرية.
الانتشار
تبلور مصطلح "أهل الحديث" أو"أهل السنة" على يد الإمام أحمد بن حنبل. ففي عهد الخليفة العباسي المأمون بدأ بروز فرقة المعتزلة وتقلدهم المناصب المرموقة في الدولة، وأحدثوا ما أسماه أهل السنة بفتنة خلق القرآن، وتسببوا في إيقاع الأذى بكل من خالفهم رأيهم. وكان أشد المعارضين لهم هم "أهل الحديث" وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل، الذي خالفهم وأظهر معارضتهم ونال بسبب ذلك أذىً عظيماً. وانتهى هذا النزاع حين تولى الخليفة المتوكل أمر الخلافة وأطلق سراح ابن حنبل من حبسه ودفع الأذى عن أصحابه، ورفع شأنهم ومنزلتهم في دولته، وانتصر لمنهجهم ومعتقدهم. وكانت نقطة التحول الكبيرة في الصراع بين أهل الحديث والمعتزلة هي مواجهة أبو الحسن الأشعري للمعتزلة، والتفاف أهل الحديث حوله باعتباره أقوى معبر عن عقائد أهل السنة في مواجهة المعتزلة وغيرها من الفرق التي اعتبرها كل أهل السنة مخالفة للعقيدة الصحيحة للإسلام، وفي عهد دولة السلاجقة وبالتحديد في عهد وزارة نظام الملك الذي ازدهر في عهده تعليم عقيدة أهل السنة وفق المنهج الأشعري، حيث بنى له المدرسة النظامية في بغداد، ومدرسة نيسابور النظامية.[22]، وأصبحت العقيدة الرسمية لدولة الخلافة العباسية حيث نشر الخليفة القادر مرسوماً بالاعتقاد الرسمي للدولة عرف باسم "العقيدة القادرية"، وبقي العمل بها حتى سقوط دولة الخلافة العباسية على يد المغول.
ومع ظهور الضعف والتفكك على دولة الخلافة العباسية، ثم انهيارها بعد سقوط عاصمتها بغداد في أيدي المغول، أخذت عقائد أهل السنة من أهل الكلام (خصوصاً العقيدة الأشعرية) في الانتشار أكثر. وساعد على ذلك أن السلطان صلاح الدين الأيوبي حين تغلب على دولة الفاطميين في مصر قام بالقضاء على تواجد العقيدة الإسماعيلية الشيعية المفروضة من الفاطميين، وصار معتقد أهل السنة والجماعة على منهج الأشاعرة -والذي كان سائداً ومنتشراً في ذلك الوقت- هو معتقد الدولة الرسمي. ثم تبعه على ذلك سائر سلاطين الأيوبيين والمماليك.[23]
وبينما يرى أهل السنة من غالبية الأشاعرة والماتردية وقسم من الحنابلة أن انتشار منهجهم يعني انتشار منهج أهل الحديث، فهم يرون أن المصصلحان مترادفان، وأنهم فقط تميزوا عن بعض أهل الحديث من الأثرية باستعمالهم علم الكلام، يرى السلفيون في ذلك ضعفًا في انتشار منهجهم أمام الأشاعرة والماتردية، لكنهم يرون أن ثمة معاقل للسلفية بقيت حتى يومنا هذا، حيث يقدّم السلفيون أنفسهم على أنهم امتداد لمدرسة الحديث في المشرق الإسلامي؛ ويرون أن معاقلهم تلك كانت خصوصاً في شبه الجزيرة العربية، وكذلك مدارس الحنابلة بالشام، والسلفية في العراق ومصر والسودان، وأهل الحديث في شبه القارة الهندية[24].
أما في المغرب الإسلامي، فهناك اختلاف في تفسير الوقائع التاريخية بين السلفيين من جهة وبين الأشاعرة والماتردية من جهة أخرى، فالسلفيون يرون أن المغرب الإسلامي كان على معتقد أهل الحديث (وفق الرؤية السلفية لنشأة منهج أهل الحديث) وأنه كان سائدًا حتى زمن دولة المرابطين الذين أظهروا هذا المعتقد وحاربوا الفرق والعقائد الكلامية ثم خرج عليهم محمد بن تومرت داعياً إلى المعتقد الأشعري، وكفر المرابطين بدعوى أنهم مجسمة ومشبهة، وسمى أتباعه الموحدين تعريضاً بهم، واستباح بذلك دماءهم وأموالهم وأعراضهم، حتى قضى أتباعه من بعده على دولة المرابطين وأسسوا دولة الموحدين على أنقاضها متبنين منهج الأشاعرة، وظل المعتقد الأشعري هوالسائد عندهم حتى يومنا هذا.
ولا ينكر السلفيون حقيقة وجود علماء من كبار الأشاعرة بالمغرب في زمن المرابطين مثل ابن رشد الجد وأبو بكر بن العربي والقاضي عياض. ولكنهم يعتبرون أن التواجد الأشعري في ذلك الزمن لم تتبناه الدولة المرابطية، حيث أنهم يعتبرون المرابطين يتبعون منهج السلفيين ويدعمونهم. كما ظهرت حركات دعوية في المغرب الإسلامي نهجت النهج السلفي؛ مثل حركة الإمام عبد الحميد بن باديس الإصلاحية[25].
أما الأشاعرة الماتردية فيرون أن عقيدة أهل السنة التي كانت منتشرة في زمن المرابطين لم تكن وفق المنهج الذي تتبعه جماعة السلفية اليوم، وإنما كان المغرب الإسلامي على معتقد أهل السنة المفوّضة، وهو أحد الاتجاهيين الرئيسيين في منهج الأشاعرة، ويرون أن سبب تأسيس دولة المرابطين يعود إلى رغبة أبو عمران الفاسي "المؤسس الروحي لدولة المرابطين" في نشر المنهج الأشعري بحذافيره في الغرب بعد أن انتشر في الشرق، حيث أن الغرب الإسلامي لم يشهد صراعًا فلسفيًا يعتمد على الحجج والبراهين العقلية كما شهد الشرق، لكن المغاربة ومن بينهم أبو عمران الفاسي الذين تتلمذوا في الشرق على أعلام أهل السنة الأشاعرة كأبو بكر الباقلاني، بعد أن رأوا ضراوة الصراع الفكري في الشرق، آثروا نقل المنهج الأشعري بما يحمله من استخدام كبير لعلم الكلام، الأمر الذي عدّوه تحصينًا رادعًا في مواجهة الفرق المخالفة لمعتقد أهل السنة. ويروي الكثير من المؤرخين أن ثمة معطيات تاريخية حالت دون نشر المرابطين للمنهج الأشعري كاملاً كما اعتمده علماء أهل الحديث في الشرق، من بينها قصر عمر دولة المرابطين وعدم استقرارها السياسي، ورغبة طبقة من العلماء المالكية في الحفاظ على نفوذهم في مواجهة المنهج الوافد من الشرق. ويرى هؤلاء المؤرخون أن ابن تومرت استغل تعصب هؤلاء العلماء المتنفذين وضرب على الوتر الديني، متذرعًا بحجج دينية مثل تسمية أتباعه بالموحدين للحصول على مكاسب سياسية، ويرون أن موقف بعض علماء الأشاعرة كأبي الوليد الباجي وأبو بكر بن العربي عندما رفضوا التعامل مع ابن تومرت وأتباعه بعد سقوط الدولة المرابطية يؤكد على الطبيعة السياسية لا المذهبية للصراع. ومن ثم فإن الكثير من المصادر تشير إلى أن المنهج الذي انتشر بشكل واسع بعد سقوط الدولة المرابطية هو عين المنهج الذي سعى له المرابطون منذ البدء وعينوا بعض العلماء في مناصب عليا للمساعدة في نشره وللتقليل من شأن العلماء التقليديين، وأن الصراع بين المرابطين والموحدين كان صراعًا سياسيًا بامتياز وليس دينيًا.
ولم يتوقف المغرب الإسلامي عن نشر عقيدة أهل السنة الأشاعرة التي يرى علمائها أنها تستمد منهجها من أئمة أهل الحديث كأحمد بن حنبل والبخاري، حيث كانت جامعات مثل القرويين بفاس وجامع الزيتونة بتونس هي أهم المراكز العلمية التي ساهمت في ذلك.
مصادر التلقي
يعتمد أهل الحديث في تلقي دينهم على المصادر التالية:
القرآن: وهوالمصدر الرئيسي للتلقي عند أهل الحديث. ويستعينون على فهمه وتفسيره بالعلوم المساعدة على ذلك، كعلوم اللغة العربية، والعلم بالناسخ والمنسوخ، وأسباب النزول، وبيان مكيه ومدنيه، ونحوذلك من العلوم.
السنة الصحيحه: والسنة عندهم هي كل ما ثبت عن النبي من الأقوال والأفعال والصفات الخَلْقية أوالخُلُقية والتقريرات. والسنة منها الثابت الصحيح، ومنها الضعيف؛ والصحة شرط لقبول الحديث والعمل به عندهم بحسب قواعد التصحيح والتضعيف. ولا يشترطون أن يكون الحديث متواتراً، بل هم يعملون بالمتواتر والآحاد على السواء.
الإجماع: إجماع السلف الصالح عندهم حجة ملزمة لمن بعدهم. فهم أعلم الناس بدين الله بعد محمد. فإجماعهم لا يكون إلا معصوماً.
وهذه الأصول الثلاثة هي المصادر الرئيسية في التلقي، وأهل الحديث لا يقرون قولاً ولا يقبلون اجتهاداً إلا بعد عرضه على تلك الأصول. ولا يخالفونها برأي ولا بعقل ولا بقياس. بل يجتهدون بأرائهم في ضوء تلك المصادر من دون أن يخالفوها.
القياس: وهوحجة عند جمهورهم سواء كان قياساً جلياً أوخفياً. وخالفت الظاهرية فأخذوا بالقياس الجلي دون الخفي.
أفكار ومعتقدات
التوحيد
أهل الحديث يؤمنون بوحدانية الله وأحديته. ويؤمنون بأن الله هورب هذا الكون وخالقه. ويؤمنون بأن لله أسماء وصفات أثبتها لنفسه في القرآن وفي سنة نبيه؛ فيثبتون لله كل ما أثبته لنفسه في القرآن والسنة الصحيحة من الأسماء والصفات. ويوجبون الإيمان بها كلها، وإمرارها على ظاهرها معرضين فيها عن التأويل، مجتنبين عن التشبيه، معتقدين أن الله لا يشبه شيءٌ من صفاته صفاتِ الخلق، كما لا تشبه ذاتُه ذوات الخلق، كما ورد في القرآن : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } الشورى. وعلى هذا مضى سلف الأمة، وعلماء السنة، تلقوها جميعًا بالإيمان والقبول، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل، ووكلوا العلم فيها إلى الله.[26]
كما يعتقدون أن الله وحده هوالمستحق للعبادة، فلا تصرف العبادة إلا لله. ويوجبون على العباد أن يتخذوا الله محبوباً مألوهاً ويفردونه بالحب والخوف والرجاء والإخبات والتوبة والنذر والطاعة والطلب والتوكل، ونحو هذا من العبادات. وأن حقيقة التوحيد أن ترى الأمور كلها من الله رؤية تقطع الالتفات إلى الأسباب والوسائط، فلا ترى الخير والشر إلا منه. وأن من صرف شيئاً من العبادة لغير الله، متخذاً من الخلق أنداداً وسائطاً وشفعاءً بينه وبين الله، فذلك هوالشرك.[27]
القدر
يؤمن أهل الحديث بالقدر خيره وشره، ويؤمنون به على جميع مراتبه، وهي:
العلم: فيؤمنون أن لله علماً أزلياً أحاط بكل شيء. فالله علم ما كان، وعلم ما سيكون، وعلم ما لم يكن لوكان كيف يكون.
الكتاب: ويؤمنون أن الله أول ما خلق، خلق القلم، فأمره أن يكتب مقادير الخلائق حتى تقوم الساعة، فكتبها القلم في اللوح المحفوظ.
المشيئة: ويؤمنون أن لله مشيئة نافذة، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن. ولا يحدث شيء صغير أوكبير إلا بمشيئته سبحانه. وهم يفرقون في ذلك بين المشيئة الكونية والمشيئة الشرعية. فما أراده الله كوناً خلقه خيراً كان أوشراً، وما أراده شرعاً أمر به عباده ودعاهم إليه، فعلوه أولم يفعلوه.
الخلق: فما أراده الله خلقه في أجل معلوم. ومن أهل الحديث من قالوا أن الفرق بين القضاء والقدر هوالخلق، فإذا علم الله أمراً فكتبه وجرت به مشيئته فذلك هوالقدر، حتى إذا خلقه الله فذلك هوالقضاء.
الإيمان
يؤمن أهل الحديث أن الإيمان قول باللسان، وإخلاص بالقلب، وعمل بالجوارح. ويزيد بزيادة الأعمال، وينقص بنقصانها. ولا يكمل قول الإيمان إلا بالعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية، ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بموافقة السنة، وأنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة.[28]
وهم متفقون على أن للإيمان أصل وفروع، وأن الإيمان لا يزول إلا بزوال أصله. لذا فهم لا يكفرون أحداً من أهل القبلة بذنب ولا معصية، إلا أن يزول أصل الإيمان. ولا يوجبون العذاب ولا الثواب لشخص معين إلا بدليل خاص.
الصحابة
أهل الحديث يحبون ويتولون صحابة محمد وأهل بيته وأزواجه أجمعين. ويؤمنون بفضائلهم ومناقبهم التي ثبتت لهم في القرآن والسنة. ويؤمنون أن أفضل الصحابة هوأبوبكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم باقي العشرة المبشرون بالجنة. ويؤمنون أن أزواجه هن أمهات المؤمنين، وهن أزواجه في الآخرة، خصوصاً خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر.
وهم لا يؤمنون بعصمة أحد من الصحابة بعينه، بل تجوز عليهم الذنوب. ويعتقدون بعصمة إجماعهم فقط. ويسكتون عما شجر بينهم، وأنهم فيه مجتهدون معذورون، إما مخطئون وإما مصيبون. وهم بالجملة خير البشر بعد الأنبياء.
موقفهم من أهل البدع
البدعة هي طريقة في الدين مخترعة تضاهي الطريقة الشرعية، ويقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه.[29] ومن معالم عقيدة أهل الحديث كراهيتهم للبدع وأهلها. فأهل الحديث يبغضون أهل البدع الذين أحدثوا في الدين ما ليس منه، ولا يحبونهم ولا يصحبونهم. ويحذرون منهم ومن بدعهم، ولا يألون جهداً في نصحهم وزجرهم عن بدعهم.[30]
من أعلام أهل الحديث
من الحنابلة
يكاد يكون هذا المذهب حكراً على أهل الحديث. ومن أعلامهم:
أحمد بن حنبل
أبو بكر الأثرم
أبو بكر الخلال
أبو بكر المروزي
اللالكائي
الآجري
ابن بطة العكبري
البربهاري
ابن منده
أبو يعلى الفراء
ابن حامد
عبد القادر الجيلاني
أبو حاتم بن خاموش
أبو إسماعيل الأنصاري الهروي
أبو الوفاء بن عقيل
ابن الجوزي
عبد الغني المقدسي
ضياء الدين المقدسي
الموفق ابن قدامة المقدسي
ابن تيمية
ابن قيم الجوزية
شمس الدين ابن عبد الهادي الحنبلي
ابن مفلح الحنبلي
ابن رجب الحنبلي
ابن المبرد
مرعي الكرمي الحنبلي
السفاريني الحنبلي
عبد الباقي البعلي الحنبلي
سليمان بن عبد الوهاب
محمد بن عبد الوهاب
عبد العزيز بن باز
محمد بن صالح العثيمين
من الظاهرية
أبوبكر محمد بن داوود الظاهري
ابن حزم الأندلسي
ابن طاهر القيسراني المقدسي
أبو تراب الظاهري
تقي الدين الهلالي
ابن عقيل الظاهري
محمد الأمين أبو خبزة التطواني
من الشافعية
محمد بن إدريس الشافعي.
عثمان بن سعيد الدارمي
ابن سريج الشافعي
أبو بكر البرقاني
أبو القاسم الأزهري
أبو الحسن الدارقطني
أبو عوانة
ابن عدي
أبو العباس الزنجاني [31]
أبو أحمد الحداد
إسماعيل بن محمد بن الفضل التميمي [31]
أبو حاتم الرازي
ابن أبي حاتم
أبو حامد الإسفراييني
أبو إسحاق الشيرازي
محمد بن نصر المروزي
ابن خزيمة
أبو بكر ابن المنذر
أبو الحسن الأشعري:[32].
ابن جرير الطبري
أبو بكر الإسماعيلي
أبو سليمان الخطابي
الحاكم النيسابوري
أبو محمد الجويني (الوالد)
أبو القاسم البغوي
أبو نعيم الأصبهاني[33]
الخطيب البغدادي[34]
أبو عثمان الصابوني
أبو الحسن الكرجي
أبو موسى المديني
أبو طاهر السلفي
أبو سعد السمعاني
أبو المظفر السمعاني
أبو عمرو ابن الصلاح
ابن العطار
الذهبي
المزي
البرزالي
ابن كثير
ابن ناصر الدين الدمشقى
ابن درباس الشافعي
تقي الدين المقريزي
عبد الرحمن المعلمي
عمر بن حفيظ
من المالكية
مالك بن أنس
أبو محمد الأصيلي
أبو عمر الطلمنكي
أبو الوليد ابن الفرضي
ابن أبي زيد القيرواني
ابن خواز منداد
مكي القيسي
القاضي عياض
أبو الوليد الباجي
أبو عمرو الداني
محمد بن وهب
محمد بن أبي الزمنين
ابن عبد البر
سحنون بن سعيد التنوخي
أبو الحسن القابسي
عبد الواحد بن عاشر
أحمد زروق
محمد الأمين الشنقيطي
محمد علوي المالكي
محمد الحسن الددو الشنقيطي
من الأحناف
أبو حنيفة النعمان
أبو جعفر الطحاوي
ابن أبي العز الحنفي
محمود شكري الألوسي
أحمد محمد شاكر
عبد القادر الأرناؤوط
شمس الدين الأفغاني
عبد الفتاح أبو غدة
] وصلات خارجية