Ω❀Ω النهي عن قتل النفس بغير حق Ω❀Ω
القتل لغة:
إزهاق الرّوح. وهو مأخوذ من مادّة (ق ت ل) الّتي تدلّ على إذلال وإماتة، يقال: قتلته قتلا، والقتلة: الحال يقتل عليها يقال: قتله قتلة سوء، والقتلة: المرّة الواحدة [المقاييس (5/ 56) ].
يقول الجوهريّ: القتل: معروف، وقتله قتلا، وتقتالا، ومقاتل الإنسان المواضع الّتي إذا أصيبت قتلته: يقال: مقتل الرّجل بين فكّيه[الصحاح (5/ 1797)]، وقتلته قتلا، أزهقت روحه، فهو قتيل، والمرأة قتيل أيضا إذا كان وصفا فإذا حذف الموصوف جعل اسما، ودخلت الهاء نحو رأيت قتيلة بني فلان والجمع فيها قتلى [المصباح المنير (187)] والقتل بالكسر- العدوّ المقاتل ... والقتل بالضّمّ وبضمّتين: جمع قتول كصبور لكثير القتل، من أبنية المبالغة.
وأقتله عرّضه للقتل، وأصبره عليه ... واستقتل. استسلم للقتل مثل استمات ... ورجل قتيل، وامرأة قتيل، مقتول ومقتولة. وامرأة قتول، أي قاتلة ...وتقاتلوا واقتتلوا بمعنى واحد ... والمقاتلة، بكسر التّاء الّذين يلون القتال، وقيل: الّذين يصلحون للقتال.
وقتل اللّه فلانا، فإنّه كذا وكذا، أي دفع اللّه شرّه[التاج (15/ 607، 608، 609)] ، وقوله تعالى: (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) لفظ قتل: دعاء عليهم، وهو من اللّه تعالى إيجاد ذلك، وقوله تعالى: (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) قيل: معناه ليقتل بعضكم بعضا.
وقيل: عني بقتل النّفس إماطة الشّهوات، وعنه استعير على سبيل المبالغة: قتلت الخمر بالماء إذا مزجتها، وقتلت فلانا وقتّلته إذا ذلّلته ... والمقاتلة: المحاربة وتحرّي القتل، قال: (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) وقول اللّه تعالى: (قاتَلَهُمُ اللَّهُ) قيل: معناه لعنهم اللّه، وقيل: معناه قتلهم، والصّحيح أنّ ذلك هو المفاعلة، والمعنى صار بحيث يتصدّى لمحاربة اللّه، فإنّ من قاتل اللّه فهو مقتول ومن غالبه فهو مغلوب [المفردات (393) ].
وقال ابن منظور: يقال: رجل قتيل أي مقتول والجمع قتلاء وقتلى وقتالى، ولا يجمع جمع السلامة لأنّ مؤنّثه لا تدخله الهاء (إلّا إذا حذف الموصوف) فقلت: قتيلة بني فلان، وكذلك مررت بقتيلة، لأنّك تسلك طريق الاسم. ويقال: قتل الرّجل، فإن كان قتله العشق قيل تقتّل والقتل بالكسر: العدوّ، قال الشّاعر (ابن قيس الرّقيّات):
واغترابي عن عامر بن لؤيّ *** في بلاد كثيرة الأقتال
الأقتال: الأعداء، والقتل أيضا: القرن في قتال وغيره، وهما قتلان أي مثلان، وقتل الرّجل: نظيره وابن عمّه، وإنّه لقتل شرّ أي عالم به، ورجل مقتّل أي مجرّب للأمور [لسان العرب (5/ 3527- 3530 ).
القتل اصطلاحا:
قال الجرجانيّ: القتل: فعل يحصل به زهوق الرّوح [التعريفات (179) ] .
وقال الرّاغب: أصل القتل: إزالة الرّوح عن الجسد كالموت، لكن إذا اعتبر بفعل المتولّي لذلك، يقال قتل، وإذا اعتبر بفوت الحياة قيل: موت (وفوت) [المفردات (293)، وعنه أخذ المناوي، انظر التوقيف (268)].
وقال الكفويّ: القتل: إزالة الرّوح عن الجسد اعتبارا بفعل المتولّي لذلك [الكليات (729)].
آيات
1- قوله تعالى: (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [البقرة: 190- 192 ] .
2- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) [النساء: 29 ] .
3- قوله تعالى: (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [القصص: 9 ] .
4- قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) [آل عمران: 21 ] .
5- قوله تعالى: ( وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) [غافر: 28 ] .
6- قوله تعالى: (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ) [الذاريات: 10- 11 ] .
7- قوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) [البقرة: 178 ] .
8- قوله تعالى: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ ) [الأنفال: 30 ] .
9- قوله تعالى: ( فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء: 155 ] .
10- قوله تعالى: (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير: 8- 9 ] .
أحاديث
1- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: «أكبر الكبائر الإشراك باللّه، وقتل النّفس، وعقوق الوالدين، وقول الزّور- أو قال وشهادة الزّور»[البخاري- الفتح 12 (6871) واللفظ له. ومسلم (88) ] .
2- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّ ناسا من عرينة قدموا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة فاجتووها ، فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إن شئتم أن تخرجوا إلى إبل الصّدقة فتشربوا من ألبانها وأبوالها» ففعلوا. فصحّوا. ثمّ مالوا على الرّعاة فقتلوهم، وارتدّوا عن الإسلام. وساقوا ذود رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم. فبلغ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم. فبعث في إثرهم فأتى بهم.فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرّة حتّى ماتو.[البخاري- الفتح 12 (6802). ومسلم (1671) واللفظ له ] .
3- عن عبادة بن الصّامت- رضي اللّه عنه- قال: إنّي لمن النّقباء الّذين بايعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، بايعناه على أن لا نشرك باللّه شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل النّفس الّتي حرّم اللّه، ولا ننهب، ولا نعصي فالجنّة إن فعلنا ذلك، فإن غشينا من ذلك شيئا كان قضاء ذلك إلى اللّه»[البخاري- الفتح 12 (6873) واللفظ له ومسلم (1709) ] .
4- عن أسامة بن زيد بن حارثة- رضي اللّه عنهما- يحدّث قال: بعثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى الحرقة من جهينة، قال: فصبّحنا القوم فهزمناهم، قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم قال فلمّا غشيناه قال: لا إله إلّا اللّه، قال: فكفّ عنه الأنصاريّ، فطعنته برمحي حتّى قتلته، قال: فلمّا قدمنا بلغ ذلك النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: فقال لي: «يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلّا اللّه؟» قال: قلت: يا رسول اللّه، إنّه إنّما كان متعوّذا، قال: قتلته بعد ما قال لا إله إلّا اللّه؟ قال: فما زال يكرّرها عليّ حتّى تمنّيت أنّي لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم»[البخاري- الفتح 12 (6872). ومسلم (96) ] .
5- عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» [البخاري- الفتح 13 (7076). ومسلم (64) متفق عليه ] .
6-عن جندب- رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «كان برجل جراح فقتل نفسه، فقال اللّه: بدرني عبدي بنفسه، حرّمت عليه الجنّة»[البخاري- الفتح 3 (1364) واللفظ له. مسلم (113) ] .
7- عن أبي الدّرداء- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «كلّ ذنب عسى اللّه أن يغفره، إلّا من مات مشركا، أو مؤمن قتل مؤمنا متعمّدا»[أبو داود (4/ 4270) واللفظ له. والحاكم في مستدركه (4/ 351) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، وقال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم : 4524 في صحيح الجامع] .
8- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجّأ بها في بطنه في نار جهنّم خالدا مخلّدا فيها أبدا. ومن شرب سمّا فقتل نفسه فهو يتحسّاه في نار جهنّم خالدا مخلّدا فيها أبدا. ومن تردّى من جبل فقتل نفسه فهو يتردّى في نار جهنّم خالدا مخلّدا فيها أبدا»[البخاري- الفتح 10 (5778). ومسلم (109) واللفظ له ] .
9- عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «أوّل ما يقضى بين النّاس في الدّماء»[البخاري- الفتح 11 (6533) واللفظ له ومسلم (1678) ] .
10- عن أبي هريرة- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض. وكونوا عباد اللّه إخوانا. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. التّقوى هاهنا. ويشير إلى صدره ثلاث مرّات. بحسب امرىء من الشّرّ أن يحقر أخاه المسلم. كلّ المسلم على المسلم حرام. دمه وماله وعرضه»[مسلم (2564) وبعضه عند البخاري ] .
آثار
1- عن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: إنّ من ورطات الأمور الّتي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدّم الحرام بغير حلّه. [البخاري- الفتح 12 (6863) ] .
2- عن ابن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: صعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال: يا معشر من قد أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيّروهم، ولا تتّبعوا عوراتهم، فإنّه من تتبّع عورة أخيه المسلم تتبّع اللّه عورته، ومن تتبّع اللّه عورته يفضحه ولو في جوف رحله قال: ونظر ابن عمر يوما إلى البيت أو إلى الكعبة، فقال: ما أعظمك! وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند اللّه منك. [الترمذي (2032) وقال الألباني حسن صحيح ] .
3- عن سعيد بن جبير؛ قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ) . فرحلت إلى ابن عبّاس فسألته عنها، فقال: لقد أنزلت آخر ما أنزل. ثمّ ما نسخها شيء.[مسلم (3023) ] .
4- عن طيسلة بن ميّاس قال: كنت مع النّجدات فأصبت ذنوبا لا أراها إلّا من الكبائر. فذكرت ذلك لابن عمر، قال: ما هي؟ قلت: كذا وكذا. قال: ليست هذه من الكبائر. هنّ تسع: الإشراك باللّه، وقتل نسمة، والفرار من الزّحف، وقذف المحصنة، وأكل الرّبا، وأكل مال اليتيم، وإلحاد في المسجد، والّذي يستسخر ، وبكاء الوالدين من العقوق. قال لي ابن عمر: أتفرق من النّار. وتحبّ أن تدخل الجنّة؟ قلت: إي واللّه قال: أحيّ والداك؟ قلت: عندي أمّي. قال: فو اللّه لو ألنت لها الكلام، وأطعمتها الطّعام لتدخلنّ الجنّة، ما اجتنبت الكبائر.[أخرجه الطبري في التفسير، وعبد الرزاق الخرائطي في «مساويء الأخلاق» (67) ] .