{؛«' .»؛} الغضب على حرمات الله {؛«' .»؛}
مِنْ أَعْلَى المَقَامَاتِ الدَّيْنِيَّةِ الَّتِيْ تَدُلُّ عَلَى حَيَاةِ الْقَلْبِ وَصَلَاحِهِ: الْغَضَبُ لله تَعَالَىْ، وَالْغَيْرَةُ عَلَى حُرُمَاتِهِ، وَالْخَوْفُ مِنْ نُزُوْلِ عَذَابِهِ، وَلمَّا بَلَغَ الْنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- شِدَّةُ غَيْرَةِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- عَلَى حُرْمَتِهِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «أَتَعْجَبُوْنَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ! وَالله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ الله حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ الله» [رَوَاهُ الْشَّيْخَانِ].
وَإِنَّمَا امْتِازَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ الْسَّلَامُ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ مِنَ الْنَّاسِ -بَعْدَ اخْتِصَاصِهِمْ بِالرِّسَالَةِ- لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ الْنَّاسِ غَضَبَاً لله تَعَالَىْ، وَأَكْثَرُهُمْ غَيْرَةً عَلَى حُرُمَاتِهِ.. يَتَحَمَّلُوْنَ مِنَ الْأَذَى فِيْ سَبِيلِ غَيْرَتِهِمْ وَغَضَبِهِمْ لله تَعَالَىْ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ غَيْرُهُمْ، وَمَنْ تَأَمَّلَ سِيَرَهُمْ مَعَ أَقْوَامِهِمْ تَبَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ..
محارم الله : هي الأمور التي حرمها الله تعالى ، وقد جاءت هذه اللفظة في قول عائشة رضي الله عنها عندما وصفت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم ح4296 .
وأطلقت رضي الله عنها لفظة ( حرمة الله ) رواية أخرى عند الإمام مسلم ح4294 : (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمة الله عز وجل ) .
وفي صحيح البخاري ح 6288 أطلق عليها ( حرمات الله ) ، فعن عائشة رضي الله عنها قال : (ما خير النبي صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يأثم فإذا كان الإثم كان أبعدهما منه والله ما انتقم لنفسه في شيء يؤتى إليه قط حتى تنتهك حرمات الله فينتقم لله ) .
قال الإمام النووي رحمه الله : (وانتهاك حرمة الله تعالى هو ارتكاب ما حرمه ) .
إذا تقرر هذا ، فإنه يتقرر أيضاً من الأحاديث السابقة أن الغضب لمحارم الله - تعالى - التي تُنتهك محلُّ مدحٍ وثناءٍ في الشريعة بل هو مطلب شرعي .
1- قَالَ الله تَعَالَى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [الحج:30].
2- قال تَعَالَى: (إنْ تَنْصُرُوْا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد:7].
مَنْ عَرَفَ اللهَ تَعَالَى حَقَّ المَعْرِفَةِ، وَقَدَرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَتَأَمَّلَ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالَهُ، وَعَلِمَ تَعَدُّدَ نِعَمِهِ عَلَيْهِ؛ عَظَّمَهُ وَعَبَدَهُ مَحَبَّةً وَذُلَّاً وَخَوْفَاً وَرَجَاءً، وَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ أَعْلَمَ بِالله تَعَالَى كَانَ لَهُ أَشَدَّ عُبُوْدِيَّةً وَتَعْظِيْمَاً وَمَحَبَّةً وَذُلَّاً وَخَوْفَاً وَرَجَاءً.
وَإِذَا كَانَتِ الْجَمَادَاتُ تَغْضَبُ لله تَعَالَى حِيْنَ تُنْتَهَكُ مَحَارِمُهُ فَالمُؤْمِنُوْنَ أَوْلَى أَنْ يَغْضَبُوْا لَهُ سُبْحَانَهُ ﴿تَكَادُ الْسَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدَّاً * أَنْ دَعَوْا لِلْرَّحْمَنِ وَلَدَاً﴾ [مَرْيَمَ:90-91] ذَكَرَ بَعْضُ المُفَسِّرِيْنَ أَنَّ الْسَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَالْجِبَالَ كَادَتْ أَنْ تَفْعَلَ ذَلِكَ غَضَبَاً لله تَعَالَىْ لَمَا أُشْرِكَ بِهِ، وَادُّعِيَ لَهُ الْوَلَدُ.
وَفِيْ قَولِهِ تَعَالَى فِيْ وَصْفِ جَهَنَّمَ ﴿تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الْمَلِكُ:8] قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: "الْتَمَيُّزُ هُوَ الْتَّفَرُّقُ مِنَ الْغَيْظِ عَلَى أَهْلِ المَعَاصِيْ غَضَبَاً لله تَعَالَى وَانْتِقَامَاً لَهُ".
إِنَّ تَعْظِيْمَ دِينِ الله تَعَالَى، وَالْغَضَبَ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمُهُ، لَيَدُلُّ عَلَى تَعْظِيْمِ الله سُبْحَانَهُ، وَإِنَّ بُرُوْدَةَ الْدِّيْنِ فِيْ الْقَلْبِ بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ فِي صَاحِبِهِ انْتِهَاكُ الْحُرُمَاتِ، وَلَا يَنْزَعِجُ مِنْ تَدْنِيسِ المُقَدَّسَاتِ لَيَدُلُّ عَلَى مَوْتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بِالْنِّفَاقِ، وَمَنْ كَانَ يَغْضَبُ لِحُظُوْظِ نَفْسِهِ أَوْ بَخْسِ دُنْيَاهُ، وَلَا يَغْضَبُ لله تَعَالَىْ فَلْيَتَفَقَّدْ قَلْبَهُ، وَلِيُفَتِّشْ عَنْ إِيْمَانِهِ.
1- عن أَبي مسعود عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إنِّي لأَتَأخَّرُ عَن صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فلانٍ مِمَّا يُطِيلُ بِنَا ! فَمَا رَأيْتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ في مَوْعِظَةٍ قَطُّ أشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئذٍ؛ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأيُّكُمْ أمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ؛ فَإنَّ مِنْ وَرَائِهِ الكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ وَذَا الحَاجَةِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
2- عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قَدِمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنْ سَفرٍ، وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثيلُ، فَلَمَّا رَآهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكَهُ وَتَلَوَّنَ وَجهُهُ، وقال: (يَا عائِشَةُ، أشَدُّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ اللهِ يَوْمَ القيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بخَلْقِ اللهِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
(السَّهْوَةُ): كَالصُّفَّةِ تَكُونُ بَيْنَ يدي البيت. وَ(القِرام) بكسر القاف: سِتر رقيق، وَ(هَتَكَه): أفْسَدَ الصُّورَةَ الَّتي فِيهِ.
3- وعنها: أن قرَيشاً أهَمَّهُمْ شَأنُ المَرأَةِ المخزومِيَّةِ الَّتي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: مَنْ يَجْتَرِئ عَلَيْهِ إِلاَّ أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله تَعَالَى؟!) ثُمَّ قامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: (إنَّمَا أهْلَك مَنْ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَايْمُ الله، لَوْ أَنَّ فَاطمَةَ بِنْتَ مُحمّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعتُ يَدَهَا) متفقٌ عَلَيْهِ.
4- عن أنس رضي الله عنه: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأى نُخَامَةً في القبلَةِ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتَّى رُؤِيَ في وَجْهِهِ؛ فَقَامَ فَحَكَّهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ: (إن أحدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ، وَإنَّ رَبَّهُ بَيْنَهُ وَبيْنَ القِبلْةِ، فَلاَ يَبْزُقَنَّ أحَدُكُمْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ، وَلَكِنْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ) ثُمَّ أخَذَ طَرَفَ رِدَائِهِ فَبَصَقَ فِيهِ، ثُمَّ رَدَّ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: (أَوْ يَفْعَلُ هكذا) متفقٌ عَلَيْهِ.
فالغضب المراد هنا أن لا يخرج الإنسان عن وضعه الطبيعي حال هدوئه فيتصرف تصرف الإنسان في حال طبيعته قبل غضبه فلا يتعدى بالقول أو الفعل، فهذا الغضب أفاد فوائد عدة منها:
أ - أنه أعطاه دفعة نفسية لتغيير هذا المنكر.
ب - أن تغير ملامح الإنسان بسبب هذا الغضب يدل على عظم هذا المنكر فليس أمرًا طبيعيًا.
ج - أن المشاهد والمستمع لهذا الغضبان يحرص على الاستجابة لما يرى من شدة تأثر المتكلم فيكون هذا الغضب دافعًا للاستجابة.
أما إذا خرج به الغضبان عن الحد الطبيعي وتجاوز الحدود الشرعية كأن [2]:
1. يتعدى في أحكامه، أو أقواله، أو تصرفاته.
2. أو لا يدري ماذا يقول فغطى عليه الغضب فلم يضبط ألفاظه .
3. أو يزيد في الكلام عن الأمر المراد .
4. أو يضرب أو يخرب .
5. أو يُرهب أو يقتل .
1- قال الشافعي: " من استغضب فلم يغضب فهو حمار، ومن استرضي فلم يرض فهو شيطان " حلية الأولياء.
2- عن المأمون: " الملك يغتفر كل شيء إلا القدح في الملك، وإفشاء السر، والتعرُّض للحرم " سير أعلام النبلاء.
ثم إن من آكد الضوابط الغضب لمحارم الله ، معرفة فقه انكار المنكر وضوابطه والتي من أهمها :
1. أن يكون المنكر منكر شرعاً مخالفا للدليل؛ لا من المسائل التي يسوغ فيها الخلاف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وإِذَا كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ مِن مَسَائِل الاِجْتِهَادِ الَّتِي شَاعَ فِيهَا النِّزَاعُ لَمْ يَكُنْ لأَِحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى الإِْمَامِ وَلاَ عَلَى نَائِبِهِ مِن حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلاَ يَنْقُضُ مَا فَعَلَهُ الإِْمَامُ وَنُوَّابُهُ مِن ذَلِكَ .
2. أن يكون المنكر ظاهراً غير مخفي.فمن ضوابط إنكار المنكر أن يكون ظاهراً معلناً غير مستخف به صاحبه أو مستتر به، ولأن تتبع عورات الناس من المنهي عنه شرعاً، وهذا أصل هام من أصول هذه الشعيرة.
قال الإمام ابن رجب رحمه الله : واعلم أن الناس على ضربين أحدهما من كان مستورا لا يعرف بشيء من المعاصي فإذا وقعت منه هفوة أو زلة فإنه لا يجوز هتكها ولا كشفها ولا التحدث بها لأن ذلك غيبة محرمة .
3. أن لا يترتب على الإنكار منكر أعظم ، أو تفويت معروف أعظم منه ، وهذه من أعظم الضوابط ، والقاعدة الشرعية أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح
قال الإمام ابن القيم رحمه الله موضحاً لهذا الضابط: \"إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأمته إيجاب إنكار المنكر؛ ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وأبغض على الله ورسوله فإنَّه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله، وهذا كالإنكار على الملوك والولاة بالخروج عليهم، فإنه أساس كل شر وفتنة إلى آخر الدهر، وقد استأذن الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتال الأمراء الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها وقالوا أفلا نقاتلهم فقال لا ما أقاموا الصلاة وقال من رأى من أميره ما يكرهه فليصبر ولا ينز عن يدا من طاعته ومن تأمل ما جرى على الإسلام في الفتن الكبار والصغار رآها من إضاعة هذا الأصل وعدم الصبر على منكر فطلب إزالته فتولد منه ما هو اكبر منه فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى بمكة أكبر المنكرات ولا يستطيع تغييرها بل لما فتح الله مكة وصارت دار إسلام عزم على تغيير البيت ورده على قواعد إبراهيم ومنعه من ذلك مع قدرته عليه خشية وقوع ما هو أعظم منه من عدم احتمال قريش لذلك لقرب عهدهم بالإسلام وكونهم حديثي عهد بكفر ولهذا لم يأذن في ا لإنكار على الأمراء باليد لما يترتب عليه من وقوع ما هو أعظم منه .
4. أن يكون إنكار المنكر برفق ولين.فالواقع في المنكر يحتاج إلى لين ورفق حتى يقلع عن منكره ذلك، فالرفق مطلب شرعي في جميع الأحوال.
روى مسلم في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ».
1- قال ابن المعتز في "طبقات الشعراء": لما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب، وقال: اطلبوه، فطلبوه، فلم يقدروا عليه؛ لأنه كان مقيما بالجبل، ففر إلى الجزيرة، ثم إلى الشامات، فظفروا به، فحمل مقيدا إلى المأمون، فقال: يا ابن اللخناء، أنت القائل:
كل من في الأرض من عرب *** بين باديه إلى حضره
جعلتنا نستعير منه المكارم؟ قال: يا أمير المؤمنين أنتم أهل بيت لا يقاس بكم، قال: والله ما أبقيت أحدا، وإنما أستحل دمك بكفرك، حيث تقول:
أنت الذي تنزل الأيام منزلهـا *** وتنقل الدهر من حال إلى حال
وما مددت مدى طرف إلى أحد *** إلا قضيت بأرزاق وآجـال
ذاك هو الله، أخرجوا لسانه من قفاه، ففعلوا به، فمات، وذلك سنة ثلاث عشرة ومئتين، ومات كهلاً.
2- قال أبو معمر القطيعي، قال: لما أحضرنا إلى دار السلطان أيام المحنة، وكان أحمد بن حنبل قد أحضر فلما رأى الناس يجيبون -وكان رجلاً ليناً- فانتفخت أوداجه، واحمرت عيناه، وذهب ذلك اللين.
فقلت: إنه قد غضب لله، فقلت: أبشر حدثنا ابن فضيل، عن الوليد بن عبد الله بن جميع، عن أبي سلمة، قال: كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من إذا أريد على شيء من أمر دينه، رأيت حماليق عينيه في رأسه تدور كأنه مجنون.