↨|❀|↨ استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان ↨|❀|↨
- قَالَ الله تَعَالَى: (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مبِينٌ) [الذاريات:50].
أحاديث
1- عن سعد بن أَبي وقاص رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إنَّ الله يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الغَنِيّ الْخَفِيَّ) رواه مسلم.
والمُرَادُ بـ (الغَنِيّ) غَنِيُّ النَّفْسِ.
2- عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ يَا رسولَ الله؟ قَالَ: (مُؤْمِنٌ مُجَاهِدٌ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبيلِ اللهِ) قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: (ثُمَّ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ رَبَّهُ).
وفي رواية: (يَتَّقِي اللهَ، وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
3- وعنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يُوشِكُ أنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتَّبعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ، وَمَواقعَ الْقَطْر يَفِرُّ بِدينِهِ مِنَ الفِتَنِ) رواه البخاري.
و(شَعَفُ الجِبَالِ): أعْلاَهَا.
4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَا بَعَثَ اللهُ نَبِيّاً إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ) فَقَالَ أصْحَابُهُ: وأنْتَ؟ قَالَ: (نَعَمْ، كُنْتُ أرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ) رواه البخاري.
5- وعنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّه قَالَ: (مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لهم رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ في سَبيلِ الله، يَطيرُ عَلَى مَتْنِهِ كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزعَةً، طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي القَتْلَ، أَوْ المَوْتَ مَظَانَّه، أَوْ رَجُلٌ فِي غُنَيمَةٍ في رَأسِ شَعَفَةٍ مِنْ هذِهِ الشَّعَفِ، أَوْ بَطنِ وَادٍ مِنْ هذِهِ الأَوْدِيَةِ، يُقِيمُ الصَّلاَةَ، وَيُؤتِي الزَّكَاةَ، وَيَعْبُدُ رَبَّهُ حَتَّى يأتِيَهُ اليَقِينُ، لَيْسَ مِنَ النَّاسِ إِلاَّ فِي خَيْرٍ) رواه مسلم.
(يَطِيرُ): أيْ يُسْرعُ. وَ(مَتْنُهُ): ظَهْرُهُ. وَ(الهَيْعَةُ): الصوتُ للحربِ. وَ(الفَزعَةُ): نحوه. وَ(مَظَانُّ الشَيْءِ): المواضعُ الَّتي يُظَنُّ وجودُهُ فِيهَا. وَ(الغُنَيْمَة) بضم الغين: تصغير الغنم. وَ(الشَّعَفَةُ) بفتح الشين والعين: هي أعلى الجَبَل.
آثار
1- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: " يا أيها الناس، أظلتكم فتن كأنها قطع الليل المظلم، أنجى الناس فيها، أو قال: منها صاحب شاء يأكل من رسل غنمه، أو رجل من وراء الدرب، آخذ بعنان فرسه، يأكل من سيفه " أخرجه الحاكم في مستدركه.
2- قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: " خالطوا الناس وزايلوهم وصافحوهم، ودينكم لا تُكلمونه " أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه.
3- قال الفضيل بن عياض: " ما أجد لذة، ولا راحة، ولا قرة عين إلا حين أخلو في بيتي " تاريخ دمشق.
4- كان الحسن-رحمه الله- يقول: " كلمات أحفظهن من التوراة: قنع ابن آدم فاستغنى، اعتزل الناس فسلم، ترك الشهوات فصار حراً، ترك الحسد فظهرت مروءته، صبر قليلاً فتمتع طويلاً " إحياء علوم الدين.
5- قال ابن إبراهيم: " لو لم يكن في العزلة أكثر من أنك لا تجد أعواناً على الغيبة لكفى " العزلة لأبي سليمان البستي.
6- قال السري: " من أراد أن يسلم دينه ويستريح قلبه وبدنه ويقل غمه فليعتزل الناس لأن هذا زمان عزلة ووحدة " تاريخ دمشق.
7- قال أيضاً: " لولا الجمعة والجماعة لسددت على نفسي الباب، ولم أخرج " صفة الصفوة.
8- قال أبو سليمان الخطابي البستي: " لا يستوحش مع الله من عمر قلبه بحبه، وأنس بذكره، وألف مناجاته بسره، وشغل به عن غيره، فهو مستأنس بالوحدة، مغتبط بالخلوة " العزلة لأبي سليمان البستي.
9- وقال: " ومن مناقب العزلةِ السلامةُ من آفات النظر إلى زينة الدنيا وزهرتها، والاستحسان لما ذمه الله - تعالى - من زخرفها، وعابه من زِبْرِج غرورها، وفيها منع النفس من التطلع إليها والاستشراف لها، ومن محاكاة أهلها، ومنافستهم عليها، قال الله - تعالى -: (وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ) [طـه:131] " العزلة لأبي سليمان البستي.
10- وقال: " وفي العزلة السلامة من التبذل لعوام الناس، وحواشيهم، والتصون عن ذلة الامتهان منهم، وأمان الملال عند الصديق، واستحداث الطراءة عند اللقاء؛ فإن كل موجود مملول، وكل ممنوع مطلوب " العزلة لأبي سليمان البستي.
11- وقال: "وأما عزلة الأبدان، ومفارقة الجماعة التي هي العوام فإن من حكمها أن تكون تابعة للحاجة، وجارية مع المصلحة، وذلك أن عظم الفائدة في اجتماع الناس في المدن، وتجاورهم في الأمصار، إنما هو أن يتضافروا، فيتعاونوا على المصالح، ويتآزروا فيها، إذا كانت مصالحهم لا تكمل إلا به، ومعايشهم لا تزكو إلا عليه.
فعلى الإنسان أن يتأمل حال نفسه، فينظر فى أي طبقة يقع منهم؟ وفي أي جنبة ينحاز من جملتهم؟
فإن كانت أحواله تقتضيه المقام بين ظهراني العامة لما يلزمه من إصلاح المهنة التي لا غنية له عنها، ولا يجد بدًّا من الاستعانة بهم فيها، ولا وجه لمفارقتهم في الدار، ومباعدتهم في السكن والجوار، فإنه إذا فعل ذلك تضرَّر بوحدته، وأضر بمن وراءه من أهله وأسرته.
وإن كانت نفسه بكلها مستقلة، وحاله في ذاته وذويه متماسكة، فالاختيار له - في هذا الزمان - اعتزال الناس، ومفارقة عوامهم، فإن السلام في مجانبتهم، والراحة في التباعد منهم " العزلة لأبي سليمان البستي.
12- وقال: "ولسنا نريد -رحمك الله- بهذه العزلة التي تختارها مفارقة الناس في الجماعات والجمعات، وترك حقوقهم في العبادات، وإفشاء السلام، ورد التحيات، وما جرى مجراها من وظائف الحقوق الواجبة لهم، ووضائع السنن والعادات المستحسنة فيما بينهم؛ فإنها مستثناة بشرائطها، جارية على سبلها، ما لم يحل دونها حائل شغل، ولا يمنع عنها مانع عذر، إنما نريد بالعزلة ترك فضول الصحبة، ونبذ الزيادة منها، وحط العلاوة التي لا حاجة بك إليها؛ فإن من جرى في صحبة الناس، والاستكثار من معرفتهم، على ما يدعو إليه شغف النفوس وإلف العادات، وترك الاقتصاد فيها، والاقتصار الذي تدعوه الحاجة إليه - كان جديراً ألا يحمد غِبَّه، وأن يستوخم عاقبته، وكان سبيله في ذلك سبيل من يتناول الطعام في غير أوان جوعه، ويأخذ منه فوق قدر حاجته؛ فإن ذلك لا يلبث أن يقع في أمراض مدنفة، وأسقام متلفة، وليس من علم كمن جهل، ولا من جرب وامتحن كمن ماد وخاطر " العزلة لأبي سليمان البستي.
13- قال النووي: " باب فضل الاختلاط بالناس وحضور جُمَعِهم وجماعاتهم ، ومشاهد الخير ، ومجالس الذكر معهم ، وعيادة مريضهم ، وحضور جنائزهم ، ومواساة محتاجهم ، وإرشاد جاهلهم ، وغير ذلك من مصالحهم لمن قدر عَلَى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقمع نفسه عن الإيذاء وصبر عَلَى الأذى.
اعْلم أنَّ الاختلاط بالنَّاسِ عَلَى الوجهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ هُوَ المختارُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء صلواتُ اللهِ وسلامه عَلَيْهِمْ ، وكذلك الخُلفاءُ الرَّاشدون ، ومن بعدَهُم مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ، ومن بَعدَهُم من عُلَماءِ المُسلمين وأَخْيَارِهم ، وَهُوَ مَذْهَبُ أكثَرِ التَّابِعينَ وَمَنْ بَعدَهُمْ ، وبه قَالَ الشافعيُّ وأحمدُ وأكثَرُ الفقهاءِ رضي اللهُ عنهم أجمعين. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى ) [7 المائدة :20] " رياض الصالحين.
14- قال ابن الجوزي: " ما أعرف للعالم قط لذة ولا عزاً ولا شرفاً ولا راحة ولا سلامة أفضل من العزلة؛ فإنه ينال بها سلامة بدنه ودينه وجاهه عند الله عز وجل وعند الخلق؛ لأن الخلق يهون عليهم من يخالطهم، ولا يعظم عندهم قدر المخالط لهم، ولهذا عظم قدر الخلفاء لاحتجابهم" صيد الخاطر.
15- فصّل الغزالي في الأمور التي يرجع إليها في تحديد المصلحة، فبعد أن ذكر اختلاف العلماء في العزلة والخلطة، وحجج المائلين إلى المخالطة، وحجج المائلين إلى العزلة، ثم ذكر فوائد العزلة وغوائلها، وفوائد الخلطة كذلك.
بعد ذلك خلص إلى القول بـ " أن الحكم عليها -أي العزلة- مطلقًا بالتفضيل نفيًا وإثباتًا خطأ؛ بل ينبغي أن ينظر إلى الشخص وحاله، وإلى الخليط وحاله، وإلى الباعث على مخالطته، وإلى الفائت بسبب مخالطته من هذه الفوائد المذكورة، ويقاس الفائت بالحاصل، فعند ذلك يتبين الحق، ويتَّضح الأفضل " إحياء علوم الدين.
قصص
1- قال سفيان الثوري: دخلت على جعفر الصادق، فقلت له:يا بن عم رسول الله! ما لي أراك سكنت دارك ولا تخالط الناس؟ فقال: نعم يا ابن سعيد! في العزلة دعة، وفي الدعة راحة، وما قدر لك يأتيك.
يا سفيان! فسد أهل الزمان، وتغير الأصدقاء، فرأيت الانفراد أسكن للفؤاد.
2- قال الأصمعي: سألني الرشيد عن أعراب البادية، وعن أخبارها، فحدثته: أني كنت في مكان يقال له: الطخفة، وهي قرية لبني كلاب، رأيت فيها أعرابياً في عنقه طوقٌ ملتوٍ من فضة، وبيده زكرة، ومعه قدح نبع، فتتبعت أثره فجاء إلى جذم حائط، فجمع رميلة، ثم اتكأ عليها، وجعل يصب من شكوته نباذة له في قدح النبع ويشربه، ويرجز عليه، فسلمت عليه ووقفت عنده فقال: إن فيه خلالاً ثلاثاً إن سمع مني حديثاً لم ينمه علي، وإن تفلت في وجهه احتمل، وإن عربدت عليه لم يغضب، قال الأصمعي: فقال الرشيد: زهدتني في الندماء.
3- قال إبراهيم البخاري: دخلت المسجد الحرام بعد المغرب، فإذا فضيل بن عياض جالس، فجئت فجلست إليه، فقال: من هذا؟ فقلت: إبراهيم، قال: ما جاء بك؟ قلت: رأيتك وحدك، فجلست إليك، قال: تحب أن تغتاب أو تتزين أو ترائي؟ قلت: لا، قال: قم عني.
4- قال عبد العزيز بن الخطاب: رؤي إلى جانب مالك بن دينار كلب عظيم ضخم أسود رابض، فقيل له: يا أبا يحيى! ألا ترى هذا الكلب إلى جانبك؟ قال: هذا خير من جليس السوء.
أشعار
عَوَى الذِّئْبُ فَاسْتَأنَيْتُ بِالذِّئبِ إِذْ عَوَى *** وَصَوَّتَ إِنْسَـانٌ فَكِـدْتُ أَطِيرُ
رَأَى اللهُ أَنِّـي للأنِيـسِ لَشَانِـئٌ *** وَتُبْغِضُهُـم لِي مُقْلَـةٌ وَضَمِيـرُ
[الأُحَيْمِرْ السَّعْدي]
أَرَانِي وَذِئـبَ الفَقْـرِ إِلْفَينِ بَعْدَ مَا *** بَدَأْنَا كِلانَـا يَشْمَئِـزُّ وَيُذْعَـرُ
تَأَلَّفَـنِـي لَمَّـا دَنَـا وَأَلِفْـتُـهُ *** وَأَمْكَنَنِي للرَّمْيِ لَوْ كُنْتُ أَغْـدِرُ
وَلَكِنَّنِـي لَـم يَأْتَمِـنِـيَ صَاحِبٌ *** فَيَـرْتَابَ بِي مَـا دَامَ لا يَتَغَيَّـرُ
[الأُحَيْمِرْ السَّعْدِي]
مُخَالِطُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا عَلَى خَطَـرِ *** وَفِي بَلاءٍ وَصَفْوٍ شِيْبَ بِالْكَـدَرِ
كَرَاكِبِ الْبَحْرِ إِنْ تَسْلَمْ حُشَاشَتُـهُ *** فَلَيْسَ يَسْلَمُ مِنْ خَوفٍ وَمِنْ حَذَرِ
[الخريري]
إِذَا لَم أَجِدْ خِـلاًّ تَقِيًّـا فَوِحْدَتِـي *** أَلَـدُّ وَأَشْهَى مِـنْ غَوِيٍّ أُعَاشِرُهْ
وَأَجْلِـسُ وَحْـدِي لِلْعِبَـادَةِ آمِنًا *** أَقَرُّ لِعَيْنِـي مِـنْ جَلِيـسٍ أُحَاذِرُهْ
[الشافعي]
لِقَاءُ النَّاسِ لَيْـسَ يُفِيـدُ شَيْـئـا *** سِـوَى الْهَذَيَـانِ مِنْ قِيلٍ وَقَالِ
فَأَقْلِـلْ مِـنْ لِقَـاءِ الـنَّـاسِ إِلاَّ *** لأَخْذِ العِلْـمِ أَوْ إِصْـلاحِ حَالِ
[الحُمَيْدِي]
وَلَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ لا عَهْدَ عِنْدَهُـمْ *** صَدَفْتُ – وَبيتِ اللهِ- عَنْ صُحْبَةِ النَّاسِ
وَصِرْتُ جَلِيسَ الْكُتْبِ مَا عِشْتُ فِيهُمُ *** وَأَعْمَلْتُ حُسْنَ الصَّبْرِ عَنْهُمْ مَعَ اليَاسِ
رَأَيْتُ لَهُمْ كاسًا مِنَ الغَـدْرِ بَيْنَهُمْ *** تُدَارُ وَمَا بِالْقَومِ صَبْرٌ عَنِ الكَـاسِ
[..............]
لَيْتَ السِّبَـاعَ لَنَا كَانَتْ مُجَـاوِرَةً *** وَلَيْتَنَا لا نَـرَى مِمَّا نَـرَى أَحَدَا
إِنَّ السِّبَـاعَ لَتَهْـدا فِي مَرَابِضِهَـا *** وَالنَّاسُ لَيْسَ بِهَـادٍ شَرُّهُـمْ أَبَدَا
فَاهْرُبْ بِنَفْسِكَ واسْتَأْنِسْ بِوَحْدَتِهَا *** تَعِشْ سَلِيمًا إِذَا مَـا كُنْتَ مُنْفَرِدَا
[الشافعي]
قَـدْ بَلَـوتُ الـنَّـاسَ حَـتَّـى *** لَمْ أَجِـدْ شَخْـصًـا أَمِيـنًـا
وَانْتَـهَـتْ حَـالِــي إِلَـى أَنْ *** صِـرْتُ للـبَـيْـتِ خَدِيـنَـا
أَمْـدَحُ الْـوَحْــدَةَ حِـيـنَـا *** وَأَذُمُّ الْـجَـمْـعَ حِـيْـنَــا
إِنَّمَـا الـسَّـالِمُ مَــنْ لَــمْ *** يَتَّخِـذْ خَـلْـقًـا قَـرِيـنَـا
[أحمد بن النقيب البغدادي]
فَأَصْبَحْتُ كَالوَحْشِي يَتْبَعُ مَا خَـلا *** وَيَتْـرُكُ مَوْطُـوءَ الْبِلادِ الْمُدَعْثَر
[عبيد بن أيوب]
زمانك ذا زمان دخول بيت *** وحفظ لسان وخفض صوت
قد مرجت عهود الناس إلا *** أقلَّـهم فبـادر قبل الفـوت
فما يبقى على الناس شيء *** وما خـلق امرؤ إلا لـموت
[محمد بن حجر السعدي]
إذا قلت هذا صاحب قد رضيته *** وقرَّت به عيناي بدَّلت آخرا
وذلك أني لا أصاحب صاحباً *** من الناس إلا خاننـي وتغيَّرا
[محمد بن يعقوب العبدي]
آنست نفسي بنفسي *** فهي في الوحدة أنسي
وإذا آنسـت غيري *** فأحـق الناس نفسـي
فسد الناس فأضحى *** جنسهم من شر جنس
فلزمت البيـت إلا *** عند تَأْدِيْتِيْ لخمسـي
[أبو الحسن محمد بن العباس النحوي]
حكم
1- قال بعض الحكماء: " إنما يستوحش الإنسان بالوحدة؛ لخلاء ذاته، وعدم الفضيلة من نفسه؛ فيكثر حينئذ بملاقاة الناس، ويطرد الوحشة عن نفسه بالكون معهم، فإذا كانت ذاته فاضلة طلب الوحدة؛ ليستعين بها على الفكرة، ويتفرغ لاستخراج الحكمة ".
2- اترك الفضول، وانقطع عن العمل بالرأي، وإذا أدركت زمان رأيت الناس فيه على ما قلناه – فاعتزل الناس.
3- إياكم والتقرب من أهل الدنيا؛ فإن التقرب منهم يقسي القلب، والتواضع لهم موجب لغضب الرب، وتعظيمهم يزيد في الذنوب.
4- من اعتزل نجا.
5- تفقه ثم اعتزل.
6- الوَحْدَةُ خير من جليس السوء.