الذي يوجب فساد الحج فالجماع لقوله عز وجل ( فلا رفث ولا فسوق ) عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما أنه الجماع - [ للمحرم ] - ، وأنه مفسد للحج لما نذكر في بيان ما يفسد الحج وبيان حكمه إذا فسد إن شاء الله تعالى هذا الذي ذكرنا بيان ما يخص المحرم من المحظورات وهي محظورات الإحرام والله أعلم .
وأما بيان ما يفسد الحج وبيان حكمه إذا فسد ، أما الأول فالذي يفسد الحج .
الجماع لكن عند وجود شرطه ، فيقع الكلام فيه في موضعين في بيان أن الجماع يفسد الحج في الجملة ، وفي بيان شرط كونه مفسدا ، أما الأول فالدليل عليه ما روي عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أنهم قالوا فيمن جامع امرأته - وهما محرمان - مضيا في إحرامهما وعليهما هدي ويقضيان من قابل ويفترقان ؛ ولأن الجماع في نهاية الارتفاق بمرافق المقيمين ، فكان في نهاية الجناية على الإحرام ، فكان مفسدا للإحرام .
وأما الذي يرجع إلى توابع الجماع فيجب على المحرم أن يجتنب الدواعي من التقبيل ، واللمس بشهوة ، والمباشرة ، والجماع فيما دون الفرج - [ المحرم ] - لقوله عز وجل ( فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) قيل في بعض وجوه التأويل : إن الرفث جميع حاجات الرجال إلى النساء .
وسئلت عائشة رضي الله تعالى عنها عما يحل للمحرم من امرأته ؟ فقالت : " يحرم عليه كل شيء إلا الكلام " فإن جامع فيما دون الفرج أنزل أو لم ينزل ، أو قبل أو لمس بشهوة ، أو باشر فعليه دم ، لكن لا يفسد حجه ، أما عدم فساد الحج ؛ فلأن ذلك حكم متعلق بالجماع في الفرج على طريق التغليظ .
وأما وجوب الدم فلحصول ارتفاق كامل مقصود ، وقد روي عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال : إذا باشر المحرم امرأته فعليه دم ، ولم يرو عن غيره خلافه ، وسواء فعل ذاكرا أو ناسيا عندنا خلافا للشافعي .
ولو نظر إلى فرج امرأته عن شهوة فأمنى ، فلا شيء عليه ، بخلاف المس عن شهوة أنه يوجب الدم ، أمنى أو لم يمن ، ووجه الفرق : أن اللمس استمتاع بالمرأة وقضاء للشهوة فكان ارتفاقا كاملا .
فأما النظر فليس من باب الاستمتاع ولا قضاء الشهوة ، بل هو سبب لزرع الشهوة في القلب ، والمحرم غير ممنوع عما يزرع الشهوة كالأكل ، وذكر في الجامع الصغير إذا لمس بشهوة فأمنى فعليه دم وقوله : " أمنى " ليس على سبيل الشرط ؛ لأنه ذكر في الأصل أن عليه دما أنزل أو لم ينزل .