{«❖»} الدَّين .. التداين .. من منظور إسلامي {«❖»}
1- قَالَ الله تَعَالَى : { إنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أهْلِهَا } [النساء:58].
2- قال تَعَالَى : { فَإن أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أمَانَتَهُ } [البقرة:283].
أحاديث
- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ : [ مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَع ] متفق عَلَيْهِ.
معنى (أُتبع): أُحِيل.
آثار
1- عن أبي بردة قال: قدمتُ المدينةَ فلقيتُ عبد الله بنَ سَلاَم فقال لي: " إنكَ بأرضٍ -أي العراق- الربا فيها فاشٍ , فإذا كان لك على رجلٍ حقٌّ فأهدى إليك حِمْلَ تَبْنٍ أو حملَ شعير أو قَتٍّ - وهو نوع من أنواع عَلَفِ الدَّواب - فلا تأخذه فإنه ربا " صحيح البخاري.
2- وعن عبدالله بن عمر أنه أتاه رجل، فقال: " إني أقرضت رجلا بغير معرفة، فأهدى إليّ هدية جزلة، قال: " رد إليه هديته أو احبسها له " سنن سعيد.
3- وعن سالم بن أبي الجعد قال جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إني أقرضت رجلاً يبيع السمك عشرين درهماً، فأهدى إلي سمكة قومتها بثلاثة عشر درهماً فقال: " خذ منه سبعة دراهم " سنن سعيد.
4- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " إذا أسلفتَ رجلا سلفًا فلا تأخذ منه هدية ولا عارية ركوب الدّابة " رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما.
5- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " إياكم والدَّيْنَ، فإن أوله هم وآخره حرب " الموطأ.
6- روى الإمام البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى وإذا اقتضى". وعند الترمذي بلفظ: " غفر الله لرجل كان قبلكم ؛ كان سهلاً إذا باع , سهلاً إذا اشترى , سهلاً إذا اقتضى ".
* قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: " وفيه الحض على السماحة في المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاحة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو عنهم " فتح الباري.
7- روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَنْ أَخَذَ أموالَ الناس يريدُ أداءَها أَدَّى اللهُ عنه، ومَنْ أَخَذَ يريدُ إتلافَها أتلفَه الله ".
* قال ابن تيمية: " فنهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه المقرِضَ عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء؛ لأن المقصود بالهدية أن يؤخِّر الاقتضاء وإن كان لم يشترط ذلك: سدًّا لذريعة الربا " الفتاوى الكبرى.
* قال ابن القيم: " وما ذاك إلا لئلا يتخذ ذلك ذريعةً إلى تأخير الدَّيْن لأجل الهدية فيكون ربا ؛ فإنه يعود إليه مالُه وأخذ الفضل الذي استفاده بسبب القرض " إعلام الموقعين.
* قال ابن قدامة: " وإن فعل ذلك -يعني فائدة للقرض من غير شرط قبل الوفاء- لم يقبله , ولم يجز قبوله إلا أن يكافئه أو يحبسه من دَيْنه إلا أن يكون شيئًا جَرَتْ به العادة بينهما قبل القرض " المغني.
8- قال ابن تيمية: " ومن كان قادرًا على وفاء دَينه وامتنع - أجبر على وفائه بالضرب والحبس. نصَّ على ذلك الأئمة من أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم , ولا أعلم في ذلك نزاعًا " الفتاوى الكبرى.
9- قال النووي: " من عليه ديون حالة زائدة على ماله يُحجر عليه بسؤال الغرماء " شرح صحيح مسلم.
10- وقال أيضاً: " إنما كان يترك الصلاة عليه -أي المدين-؛ ليحرض الناس على قضاء الدين في حياتهم، والتوصل إلى البراءة منها، لئلا تفوتهم صلاة النبي " شرح صحيح مسلم.
11- يقول الحافظ: " قوله ( أتلفَه الله ظاهره: أن الإتلاف يقع له في الدنيا، وذلك في معاشه أو في نفسه، وهو عَلَمٌ من أعلام النبوة لما نراه بالمشاهدة ممن يتعاطى شيئاً من الأمرين، وقيل: المرادُ بالإتلاف عذابُ الآخرة " . وأضاف قائلاً: " وفي الحديث الترغيب في تحسين النية والترهيب من ضد ذلك " فتح الباري.
* وقال ابن بطال: " فيه - أي الحديث – الحضُّ على ترك استئكال أموال الناس , والترغيب في حسن التأدية إليهم عند المداينة , وأن الجزاء من جنس العمل " شرح ابن بطال.
12- قال ابن المنذر: " أجمعوا على أن المسلِف إذا شرطَ على المستسلِف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك ؛ أن أخذ الزيادة على ذلك رباً " المغني.
قصص
1- يقول عطاء بن يعقوب : استسلفَ عبدُ الله بنُ عمر رضي الله عنهما مني ألفَ درهم ، فقضاني أجودَ منها، فقلتُ له : إن دراهمك أجودُ من دراهمي . قال : ما كان فيها من فضل نائل لك من عندي " . رواه الطبراني في الكبير.
2- هذا قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما من الأجواد المعروفين حتى إنه مرض مرة فاستبطأ إخوانه في العيادة فسأل عنهم فقالوا : إنهم كانوا يستحيون مما لك عليهم من الدين فقال : أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة ثم أمر مناديا ينادي : من كان لقيس عليه مال فهو منه في حل فما أمسى حتى كسرت عتبة بابه لكثرة من عاده.
3- روى عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه كان يطلب رجلاً بحق ، فأختبأ منه ، فقال : " ما حملك على ذلك ؟ " . قال : العسرة ، فاستحلفه على ذلك ، فحلف ، فدعا بصكه ، فأعطاه إياه، وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسراً ، أو وضع له، أنجاه الله من كرب يوم ا لقيامة " . أخرجه مسلم والبغوي في شرح السنة واللفظ له.
4- روى عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال : " خرجت أنا وأبي نطلب العلمَ في هذا الحيّ من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبا اليَسَر صاحِبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم - واسمه كعب بن عمرو السَّلمي الأنصاري وهو صحابي جليل شهد بدرًا وهو ابن عشرين - , ومعه غلامٌ له ، معه ضِمَامَة - أي رُزمة - من صحف ، وعلى أبي اليَسَر بُرْدَةٌ ومَعَافِريٌّ - نوع من الثياب يعمل بقرية تسمى معافر - ، وعلى غلامة بردة ومعافري ، فقال له أبي : " يا عمّ ! إني أرى في وجهك سَفْعَةً من غضب . قال : أجل. كان لي على فلان بن فلان الحراميِّ مالٌ ، فأتيتُ أهلَه ، فسلّمتُ ، فقلت : ثَمَّ هو ؟ قالوا : لا . فخرج عليَّ ابنٌ له جَفْرٌ – والجفر هو الذي قاربَ البلوغ , وقيل هو الذي قوِيَ على الأكل , وقيل ابنُ خمس سنين - فقلت له : أين أبوك ؟ . قال : سمعَ صوتَكَ فدخلَ أريكةَ أمي . فقلتُ : اخْرُجْ إليَّ قد علمتُ أينَ أنتَ . فَخَرَجَ ، فقلتُ : ما حملَكَ على أن اختبأتَ مني ؟ قال : أنا ، والله! أُحَدِّثُكَ ثم لا أَكْذِبُكَ ، خشيتُ والله أَنْ أُحَدِّثُكَ فَأَكْذِبَكَ ، وأَنْ أَعِدَكَ فأُخْلِفَكَ ، وكنتَ صاحبَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، وكنتُ والله مُعسراً ، قال:قلتُ: آلله ؟ قال: الله . قلتُ : آلله ؟ قال : الله . قلتُ : آلله ؟ قال : الله . قال : فأتي بصحيفته ، فمحاها بيدِه ، فقال : إن وجدتَ قضاءً فاقْضِنِي ، وإلاَّ أنتَ في حلٍّ . فأَشْهَدُ بَصَرُ عَيْنيَّ هاتين ( ووضع إصبعيه على عينيه)، وسَمْعُ أُذُنيَّ هاتين ، ووعاه قلبي هذا ( وأشار إلى مناط قلبه) رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : من أنظر معسراً أو وضع عنه ، أظله الله في ظله ".
5- ورد في ترجمة الإمام أحمد رحمه الله ، أنه كان في الأسفار يسقي للناس ، ويحمل الأحمال ، ويؤجر نفسه حتى لا يحتاج إلى الدَين ، وسُرقت ثيابه في مكة فاختبأ في غار ، فوجده بعض أصحابه بعد ثلاثة أيام، فأراد أن يرمي له بثوب يستر به عورته، فقال أحمد: لا آخذ منك شيئا هبة ولا ديناً، ولكن أكتب لك أحاديث بأجرة، فرضي صاحبه بذلك.
6- حكي الأصمعي أن أعرابيًّا أتى قوماً فقال لهم : هل لكم في الحقّ أو فيما هو خير من الحقّ ؟ قالوا : وما خيرٌ من الحقّ ؟ قال : التفضّل والتغافل أفضل من أخذ الحقّ كلِّه.
حكم
1- قال أحد الحكماء: " ثلاثة تُذهب عن القلب العمى: صحبة العالم، وقضاء الدين، ومشاهدة الحبيب ".
2- قال أحدهم: " يا بني ذقت الطيّبات كلها فلم أجد أطيب من العافية، وذقت المرارات كلها فلم أجد أمرَّ من الحاجة إلى الناس، ونقلت الحديد والصخر فلم أجد أثقل من الّدين ".