•l|♥|l الحوقلة باب من أبواب الجنّة l|♥|l•
الحوقلة لغة :
تقال على وجهين:
الأوّل: مصدر حوقل الرّجل إذا قال لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، وهي كلمة منحوتة من هذه العبارة ونظيرها هلّل الرّجل إذا قال: لا إله إلّا اللّه.
قال ابن منظور: هلّل الرّجل إذا قال: لا إله إلّا اللّه، وقد هيلل الرّجل إذا قال ذلك .. وهو مثل قولهم حولق الرّجل وحوقل إذا قال: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه وأنشد:
فداك من الأقوام كلّ مبخّل *** يحولق إمّا ساله العرف سائل
وقال الخليل: يقال حيعل الرّجل: إذا قال حيّ على الصّلاة قال: والعرب تفعل هذا، إذا كثر استعمالهم للكلمتين ضمّوا بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى.
وقال أبو العبّاس: وهذا في أربع كلمات هي: الحوقلة، والبسملة، والسّبحلة، والهيللة، أحرفها جاءت هكذا. قيل له: والحمدلة، قال: لا أنكره.
أمّا المعنى الآخر للحوقلة فإنّها تكون مصدرا لقولهم: حوقل الرّجل حوقلة وحيقالا، إذا كبر وفتر عن الجماع
قال الرّاجز:
يا قوم قد حوقلت أو دانيت *** وبعد حيقال الرّجال الموت
قال الجوهريّ: وقلت لأبي الغوث: ما الحوقلة؟ قال: هن الشّيخ المحوقل [لسان العرب (8/ 4688- 4692 )، الصحاح. (4/ 1672)، والمصباح المنير (2/ 639) ].
أمّا الحول في اللّغة فأصله تغيّر الشّيء وانفصاله عن غيره، وباعتبار التّغيّر قيل: حال الشّيء يحول حؤولا، واستحال تهيّأ لأن يحول، وباعتبار الانفصال قيل حال بيني وبينك كذا وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال: 24]، فإشارة إلى ما قيل في وصفه «يقلّب القلوب» وهو أن يلقي في قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضي ذلك ... يقال: الحال لما يختصّ به الإنسان وغيره من الأمور المتغيّرة في نفسه وجسمه وقنيته، والحول ماله من القوّة في أحد هذه الأمور الثّلاثة، ومنه قيل لا حول ولا قوّة إلّا باللّه [مفردات الراغب (137)] . وقال الجوهريّ: الحول يكون بمعنى الحيلة والقوّة وبمعنى السّنة، وقال ابن سيده: الحول والحيل والحيلة: الحذق وجودة النّظر، والقدرة على دقّة التّصرّف [الصحاح (4/ 1679)، اللسان (1055) ط. دار المعارف ].
الحوقلة اصطلاحا:
الحوقلة في الاصطلاح لا تختلف عن الحوقلة في معناها الأوّل وهو قول المسلم: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه مع اعتقاد لذلك وتصديق به.
قال ابن الأثير- رحمه اللّه تعالى-: الحولقة لفظة مبنيّة من قول: «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه» بتقديم اللّام على القاف ويكون تركيبها من «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه»، وأمّا الحوقلة بتقديم القاف على اللّام فيكون تركيبها من «لا حول ولا قوّة إلّا باللّه» والمعنيّ بهذا اللّفظ: إظهار الفقر إلى اللّه تعالى بطلب المعونة على ما يزاوله من الأمور، وهو حقيقة العبوديّة. وقيل المعنى: لا حول عن معصية اللّه إلّا بعصمة اللّه، ولا قوّة على طاعة اللّه إلّا بمعونة اللّه [جامع الأصول (4/ 398) بتصرف يسير ] .
آيات
1- قوله تعالى: ( وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً * فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً * أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً * وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً * وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَما كانَ مُنْتَصِراً * هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً ) [الكهف: 39- 44] .
أحاديث
1- عن أبي موسى الأشعريّ- رضي اللّه عنه- قال: كنّا مع النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في سفر، فكنّا إذا علونا كبّرنا، فقال: «اربعوا على أنفسكم، فإنّكم لا تدعون أصمّ ولا غائبا، تدعون سميعا بصيرا قريبا، ثمّ أتى عليّ وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه. فقال: «يا عبد اللّه بن قيس، قل: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، فإنّها كنز من كنوز الجنّة» أو قال: «ألا أدلّك به» [البخاري- الفتح 13 (7386)، ومسلم (2704) ] .
2- عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: «إذا خرج الرّجل من بيته، فقال: بسم اللّه، توكّلت على اللّه، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه. قال: يقال حينئذ: هديت وكفيت ووقيت فتتنحّى له الشّياطين، فيقول له شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي» [أبو داود (5095) واللفظ له، الترمذي (3426) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وقال محقق «جامع الأصول» (4/ 276): وهو حديث صحيح وقال الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 499 في صحيح الجامع ] .
3- عن عمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- أنّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا قال المؤذّن: اللّه أكبر اللّه أكبر، فقال أحدكم: اللّه أكبر اللّه أكبر، ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه، قال: أشهد أن لا إله إلّا اللّه. ثمّ قال: أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه، قال: أشهد أنّ محمّدا رسول اللّه. ثمّ قال: حيّ على الصّلاة، قال: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه. ثمّ قال: حيّ على الفلاح، قال: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه. ثمّ قال: اللّه أكبر اللّه أكبر، قال: اللّه أكبر اللّه أكبر. ثمّ قال: لا إله إلّا اللّه، قال: لا إله إلّا اللّه من قلبه، دخل الجنّة» [مسلم (385) ] .
4- عن سعد بن أبي وقّاص- رضي اللّه عنه- أنّه قال: جاء أعرابيّ إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: علّمني كلاما أقوله. قال: «قل، لا إله إلّا اللّه، وحده لا شريك له، اللّه أكبر كبيرا، والحمد للّه كثيرا، سبحان اللّه ربّ العالمين، لا حول ولا قوّة إلّا باللّه العزيز الحكيم»، قال هؤلاء لربّي. فما لي؟ قال: «قل اللّهمّ اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني» [مسلم (2696) ] .
5- عن عبادة بن الصّامت- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «من تعارّ من اللّيل فقال: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كلّ شيء قدير، الحمد للّه وسبحان اللّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر، ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه. ثمّ قال: اللّهمّ اغفر لي- أو دعا- استجيب، فإن توضّأ قبلت صلاته» [البخاري- الفتح 3 (1154) ] .
آثار
1- عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- في لا حول ولا قوّة إلّا باللّه. قال: لا حول بنا على العمل بالطّاعة إلّا باللّه، ولا قوّة لنا على ترك المعصية إلّا باللّه . [الدر المنثور (15/ 393) ] .
2- عن زهير بن محمّد أنّه سئل، عن تفسير لا حول ولا قوّة إلّا باللّه. قال: لا تأخذ ما تحبّ إلّا باللّه، ولا تمتنع ممّا تكره إلّا بعون اللّه . [ الدر المنثور (15/ 393) ] .
3- قال الزّجّاج: لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلّا باللّه، ولا يكون إلّا ما شاء اللّه. [فتح القدير، للشوكاني (3/ 287) ] .
4- عن هشام قال: كان أبي لا يؤتى بطعام ولا شراب حتّى الشّربة من الدّواء فيشربه أو يطعمه حتّى يقول: الحمد للّه الّذي هدانا وأطعمنا وسقانا ونعّمنا، واللّه أكبر، اللّهمّ ألفتنا نعمتك بكلّ شرّ، فأصبحنا وأمسينا منها بكلّ خير، نسألك تمامها وشكرها، لا خير إلّا خيرك ولا إله غيرك، إله الصّالحين وربّ العالمين، الحمد للّه ربّ العالمين، لا إله إلّا اللّه ما شاء اللّه ولا قوّة إلّا باللّه، اللّهمّ بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النّار. [الكتاب المصنف لابن أبي شيبة (6/ 73) ] .
5- عن يحيى بن راشد قال: حججنا فلمّا قضينا نسكنا قلنا: لو أتينا ابن عمر فحدّثناه، فأتينا فخرج إلينا، فجلس بيننا، فصمت لنسكه، وصمتنا ليحدّثنا، فلمّا أطال الصّمت قال: ما لكم لا تحدّثون، ألا تقولون سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، فإن زدتم خيرا زادكم اللّه. [الكتاب المصنف لابن أبي شيبة (6/ 69) ] .
6- عن قتادة: أنّ عثمان كان إذا سمع المؤذّن يقول كما يقول في التّشهّد والتّكبير كلّه، فإذا قال: حيّ على الصّلاة، قال: ما شاء اللّه ولا حول ولا قوّة إلّا باللّه. [الكتاب المصنف لابن أبي شيبة (1/ 206) ] .
7- عن مكحول قال: من قال: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه رفع اللّه عنه سبعين بابا من الضّرّاء أدناه الفقر. [الكتاب المصنف لابن أبي شيبة (6/ 104) ] .
متفرقات
1- قال ابن العربيّ- رحمه اللّه- عند تفسير آية (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ) أي منزلك، قلت (ما شاء اللّه لا قوّة إلّا باللّه) قال أشهب: قال مالك: ينبغي لكلّ من دخل منزله أن يقول هذا. [أحكام القرآن (3/ 233) ] .
2- قال البغويّ- رحمه اللّه-: قيل: الحول: الحيلة، وقيل: الحول: الحركة، يقول: لا حركة ولا استطاعة إلّا بمشيئة اللّه تعالى، وقيل: الدّفع والمنع. [شرح السنة، للبغوي (5/ 68) ] .
3- قال الزّمخشريّ: لا يقوى أحد في بدنه ولا في ملك يده إلّا باللّه تعالى، وعن عروة بن الزّبير أنّه كان يثلم حائطه أيّام الرّطب، فيدخل من شاء، وكان إذا دخله يردّد ما شاء اللّه لا قوّة إلّا باللّه حتّى يخرج. [الكشاف (2/ 391) ] .