۞ منتديات كنوز الإبداع ۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞ منتديات كنوز الإبداع ۞


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ║◙♦◙║ الاقتصاد في العبادة ║◙♦◙║

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الأنوار

عضو نشيط  عضو نشيط
الأنوار


الجنس : ذكر
العمر : 30
الموقع المدينة المنورة
التسجيل : 12/03/2012
عدد المساهمات : 53

║◙♦◙║ الاقتصاد في العبادة ║◙♦◙║ Empty
مُساهمةموضوع: ║◙♦◙║ الاقتصاد في العبادة ║◙♦◙║   ║◙♦◙║ الاقتصاد في العبادة ║◙♦◙║ Icon_minitimeالسبت 17 مارس 2012, 5:21 am

║◙♦◙║ الاقتصاد في العبادة ║◙♦◙║ Images-7433d9511e75


║◙♦◙║ الاقتصاد في العبادة ║◙♦◙║


إن الدين يسر، والله يريد بعباده اليسر ولايريد بهم العسر، ولن يشاد الدين أحدٌ إلا غلبه ، ومع رفيع منـزلة العبادة في الإسلام، و علو كعبها، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد وجّه بالاقتصاد فيها و عدم الغلو؛ ذلك أن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت بالتوازن بين الجسم و العقل و الروح ، دون أن يطغى جانب على آخر.

فالعبرة ليست بكثرة العمل و إنما العبرة بدوامه، فالعبادة في منظور التربية الإسلامية نشاط مصاحب للفرد في شتى أحواله، و ليست محصورة في وقت دون وقت، و في هذا الأثر البالغ في تزكية النفس.

فالعبادة في الإسلام لا عسر فيها و لا إرهاق، و لا تستهلك كل وقت الإنسان و جهده، و إنما تأخذ بالاعتدال و الوسطية بحيث تسهل على كل إنسان ديمومة الاتصال بخالقه.

الاقتصاد: التوسط في العبادة إبقاء للنفس، ودفعا للملل؛ لأن النفس كالدابة إذا رفق بها صاحبها حصل مراده، وإن أتعبها انقطعت. قال الضحاك: لما أنزل الله القرآن على رسوله - صلى الله عليه وسلم - قام به هو وأصحابه فقال المشركون من قريش: ما أنزل هذا القرآن على محمد إلا ليشقى. فأنزل الله تعالى : {طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى * إلا تذكرة لمن يخشى } [طه (1: 3) ] . قال قتادة: لا والله ما جعله شقاء، ولكن جعله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة. قال مجاهد: هي كقوله : { فاقرؤوا ما تيسر منه } [المزمل (20) ] . وكانوا يعلقون الحبال بصدورهم في الصلاة.

1- قال الله تعالى : { يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً} (النساء:28).
2- قَالَ تَعَالَى : { يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:185).

عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل عَلَيْهَا وعِندها امرأةٌ، قَالَ : ( مَنْ هذِهِ ؟) قَالَتْ: هذِهِ فُلاَنَةٌ تَذْكُرُ مِنْ صَلاتِهَا.قَالَ : ( مهْ ، عَلَيْكُمْ بِمَا تُطِيقُونَ، فَواللهِ لاَ يَمَلُّ اللهُ حَتَّى تَمَلُّوا) وكَانَ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ صَاحِبُهُ عَلَيهِ.مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وَ(مهْ): كَلِمَةُ نَهْي وَزَجْر.ومَعْنَى (لاَ يَمَلُّ اللهُ): لاَ يَقْطَعُ ثَوَابَهُ عَنْكُمْ وَجَزَاء أَعْمَالِكُمْ ويُعَامِلُكُمْ مُعَامَلةَ المَالِّ حَتَّى تَمَلُّوا فَتَتْرُكُوا، فَيَنْبَغِي لَكُمْ أنْ تَأخُذُوا مَا تُطِيقُونَ الدَّوَامَ عَلَيهِ لَيدُومَ ثَوابُهُ لَكُمْ وَفَضْلُهُ عَلَيْكُمْ.

وعن أنس رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أزْوَاجِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أُخْبِروا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا وَقَالُوا: أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَقدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّرَ. قَالَ أحدُهُم: أمَّا أنا فَأُصَلِّي اللَّيلَ أبداً.وَقالَ الآخَرُ: وَأَنَا أصُومُ الدَّهْرَ أَبَداً وَلا أُفْطِرُ.وَقالَ الآخر: وَأَنا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أتَزَوَّجُ أبَداً. فجاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فَقَالَ: (أنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا؟ أَمَا واللهِ إنِّي لأخْشَاكُمْ للهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أصُومُ وَأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ : (هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ) قالها ثَلاثاً.رواه مسلم. (المُتَنَطِّعونَ) : المتعمقون المشددون في غير موضِعِ التشديدِ.

وعن أَبي هريرةَ رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّيْنُ إلاَّ غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ) رواه البخاري.
وفي رواية لَهُ: (سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا وَرُوحُوا، وَشَيءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، القَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا).
قوله: (الدِّينُ): هُوَ مرفوع عَلَى مَا لَمْ يسم فاعله.وروي منصوباً وروي (لن يشادَّ الدينَ أحدٌ).وقوله صلى الله عليه وسلم: (إلا غَلَبَهُ): أي غَلَبَهُ الدِّينُ وَعَجَزَ ذلِكَ المُشَادُّ عَنْ مُقَاوَمَةِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ طُرُقِهِ. وَ(الغَدْوَةُ): سير أولِ النهارِ. وَ(الرَّوْحَةُ): آخِرُ النهارِ. وَ(الدُّلْجَةُ): آخِرُ اللَّيلِ.
وهذا استعارة وتمثيل، ومعناه: اسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ عز وجل بِالأَعْمَالِ في وَقْتِ نَشَاطِكُمْ وَفَرَاغِ قُلُوبِكُمْ بِحَيثُ تَسْتَلِذُّونَ العِبَادَةَ ولا تَسْأَمُونَ وتبلُغُونَ مَقْصُودَكُمْ، كَمَا أنَّ المُسَافِرَ الحَاذِقَ يَسيرُ في هذِهِ الأوْقَاتِ ويستريح هُوَ وَدَابَّتُهُ في غَيرِهَا فَيَصِلُ المَقْصُودَ بِغَيْرِ تَعَب، واللهُ أعلم.

وعن أنس رضي الله عنه، قَالَ: دَخَلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: (مَا هَذَا الحَبْلُ؟) قالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ بِهِ.فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (حُلُّوهُ، لِيُصلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَرْقُدْ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّومُ، فإِنَّ أحدكم إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

وعن أَبي عبد الله جابر بن سمرة رضي الله عنهما، قَالَ: كُنْتُ أصَلِّي مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّلَوَاتِ، فَكَانتْ صَلاتُهُ قَصْداً وَخُطْبَتُهُ قَصْداً.رواه مسلم.
قوله: (قَصْداً): أي بين الطولِ والقِصرِ.

وعن أبي جُحَيْفَة وَهْب بنِ عبد اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: آخَى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبي الدَّرْداءِ، فَزارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرداءِ فَرَأى أُمَّ الدَّرداءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ: مَا شَأنُكِ؟ قَالَتْ: أخُوكَ أَبُو الدَّردَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ في الدُّنْيَا، فَجاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَاماً، فَقَالَ لَهُ: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ، قَالَ: مَا أنا بِآكِلٍ حَتَّى تَأكُلَ فأكل، فَلَمَّا كَانَ اللَّيلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّردَاءِ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ: نَمْ، فنام، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ لَهُ: نَمْ.فَلَمَّا كَانَ من آخِر اللَّيلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُم الآن، فَصَلَّيَا جَمِيعاً فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيكَ حَقّاً، وَلأَهْلِكَ عَلَيكَ حَقّاً، فَأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (صَدَقَ سَلْمَانُ) رواه البخاري.

وعن أَبي محمد عبدِ اللهِ بنِ عَمْرو بن العاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: أُخْبرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنِّي أقُولُ: وَاللهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ، وَلأَقُومَنَّ اللَّيلَ مَا عِشْتُ.فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (أنتَ الَّذِي تَقُولُ ذلِكَ؟) فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ بأبي أنْتَ وأمِّي يَا رسولَ الله.قَالَ: (فَإِنَّكَ لاَ تَسْتَطِيعُ ذلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلاثةَ أيَّامٍ، فإنَّ الحَسَنَةَ بِعَشْرِ أمْثَالِهَا وَذَلكَ مِثلُ صِيامِ الدَّهْرِ) قُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: (فَصُمْ يَوماً وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ) قُلْتُ: فَإنِّي أُطِيقُ أفضَلَ مِنْ ذلِكَ، قَالَ: (فَصُمْ يَوماً وَأفْطِرْ يَوماً فَذلِكَ صِيَامُ دَاوُد صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ أعْدَلُ الصيامِ).
وفي رواية: (هُوَ أفْضَلُ الصِّيامِ) فَقُلْتُ: فَإِنِّي أُطيقُ أفْضَلَ مِنْ ذلِكَ، فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (لا أفضَلَ مِنْ ذلِكَ)، وَلأنْ أكُونَ قَبِلْتُ الثَّلاثَةَ الأَيّامِ الَّتي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أحَبُّ إليَّ مِنْ أهْلي وَمَالي.
وفي رواية: (أَلَمْ أُخْبَرْ أنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وتَقُومُ اللَّيلَ؟) قُلْتُ: بَلَى، يَا رَسُول الله، قَالَ: (فَلاَ تَفْعَلْ: صُمْ وَأَفْطِرْ، وَنَمْ وَقُمْ؛ فإنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِعَيْنَيكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقّاً، وَإنَّ بِحَسْبِكَ أنْ تَصُومَ في كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أيَّامٍ، فإنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذلِكَ صِيَامُ الدَّهْر) فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُول الله، إنِّي أجِدُ قُوَّةً، قَالَ: (صُمْ صِيَامَ نَبيِّ الله دَاوُد وَلاَ تَزد عَلَيهِ) قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ دَاوُد؟ قَالَ: (نِصْفُ الدَّهْرِ) فَكَانَ عَبدُ الله يقول بَعدَمَا كَبِرَ: يَا لَيتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية: (أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ الدَّهرَ، وَتَقْرَأُ القُرآنَ كُلَّ لَيْلَة؟) فقلت: بَلَى، يَا رَسُول الله، وَلَمْ أُرِدْ بذلِكَ إلاَّ الخَيرَ، قَالَ: (فَصُمْ صَومَ نَبيِّ اللهِ دَاوُد، فَإنَّهُ كَانَ أعْبَدَ النَّاسِ، وَاقْرَأ القُرْآنَ في كُلِّ شَهْر) قُلْتُ: يَا نَبيَّ اللهِ، إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ: (فاقرأه في كل عشرين) قُلْتُ: يَا نبي الله، إني أطيق أفضل من ذلِكَ؟ قَالَ: (فَاقْرَأهُ في كُلِّ عَشْر) قُلْتُ: يَا نبي اللهِ، إنِّي أُطيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذلِكَ؟ قَالَ: (فاقْرَأهُ في كُلِّ سَبْعٍ وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذلِكَ) فشدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ وَقالَ لي النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: (إنَّكَ لا تَدرِي لَعَلَّكَ يَطُولُ بِكَ عُمُرٌ) قَالَ: فَصِرْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ لي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا كَبِرْتُ وَدِدْتُ أنِّي كُنْتُ قَبِلتُ رُخْصَةَ نَبيِّ الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية: (وَإِنَّ لِوَلَدِكَ عَلَيْكَ حَقّاً).
وفي رواية: (لاَ صَامَ مَنْ صَامَ الأَبَدَ) ثلاثاً.
وفي رواية: (أَحَبُّ الصِيَامِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صِيَامُ دَاوُد، وَأَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى صَلاةُ دَاوُدَ: كَانَ ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وَلاَ يَفِرُّ إِذَا لاقَى).
وفي رواية قال: (أنْكَحَني أَبي امرَأةً ذَاتَ حَسَبٍ وَكَانَ يَتَعَاهَدُ كنَّتَهُ ? -أي: امْرَأَةَ وَلَدِهِ- فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا.فَتقُولُ لَهُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشاً، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفاً مُنْذُ أتَيْنَاهُ.فَلَمَّا طَالَ ذلِكَ عَلَيهِ ذَكَرَ ذلك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (القِنِي بِهِ) فَلَقيتُهُ بَعد ذلك، فَقَالَ: (كَيْفَ تَصُومُ؟) قُلْتُ: كُلَّ يَومٍ، قَالَ: (وَكَيْفَ تَخْتِمُ؟) قُلْتُ: كُلَّ لَيْلَةٍ، وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ، وَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أهْلِهِ السُّبُعَ الَّذِي يَقْرَؤُهُ، يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ ليَكُونَ أخفّ عَلَيهِ باللَّيلِ، وَإِذَا أَرَادَ أنْ يَتَقَوَّى أفْطَرَ أيَّاماً وَأحْصَى وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كرَاهِيَةَ أنْ يَترُكَ شَيئاً فَارَقَ عَلَيهِ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم.
كل هذِهِ الرواياتِ صحيحةٌ، مُعظمُها في الصحيحين، وقليل مِنْهَا في أحدِهِما.

وعن أبي رِبعِي حنظلة بنِ الربيعِ الأُسَيِّدِيِّ الكاتب أحدِ كتّاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكر رضي الله عنه، فَقَالَ: كَيْفَ أنْتَ يَا حنْظَلَةُ؟ قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ! قَالَ: سُبْحَانَ الله مَا تَقُولُ؟! قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُذَكِّرُنَا بالجَنَّةِ وَالنَّارِ كأنَّا رَأيَ عَيْنٍ فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً، قَالَ أَبُو بكر رضي الله عنه: فَوَالله إنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فانْطَلَقْتُ أَنَا وأبُو بَكْر حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.فقُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُول اللهِ! فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (وَمَا ذَاكَ؟) قُلْتُ: يَا رَسُول اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ والجَنَّةِ كأنَّا رَأيَ العَيْن فإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْواجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسينَا كَثِيراً.فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: (وَالَّذِي نَفْسي بِيَدِهِ، لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونونَ عِنْدِي، وَفي الذِّكْر، لصَافَحَتْكُمُ الملائِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفي طُرُقِكُمْ، لَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وسَاعَةً) ثَلاَثَ مَرَات.رواه مسلم.
قولُهُ: (رِبْعِيٌّ) بِكسر الراء.وَ(الأُسَيِّدِي) بضم الهمزة وفتح السين وبعدها ياء مكسورة مشددة.وقوله: (عَافَسْنَا) هُوَ بِالعينِ والسينِ المهملتين أي: عالجنا ولاعبنا.وَ(الضَّيْعاتُ): المعايش.

وعنِ ابن عباس رضي الله عنهما، قَالَ: بينما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطب إِذَا هُوَ برجلٍ قائم فسأل عَنْهُ، فقالوا: أَبُو إسْرَائيلَ نَذَرَ أنْ يَقُومَ في الشَّمْسِ وَلاَ يَقْعُدَ، وَلاَ يَسْتَظِل، وَلاَ يَتَكَلَّمَ، وَيَصُومَ، فَقَالَ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: (مُرُوهُ، فَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَقْعُدْ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) رواه البخاري.

عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " الاقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدع " المستدرك للحاكم.

وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه: " عليكم بالسبيل والسنّـة؛ فإنه ما على الأرض عبد على السبيل والسنّة، ذكر الرحمن، ففاضت عيناه من خشية الله فيعذبه، وما على الأرض عبد على السبيل والسنة ذكر الله في نفسه فاقشعرّ جلده من خشية الله، إلا كان مثله كمثل شجرة يبس ورقها فهي كذلك إذ أصابها ريح شديد فتحاتَّ عنها ورقُها، إلا حطّ الله عنه خطاياه، كما تحاتّ عن تلك الشجرة ورقها. وإن اقتصاداً في سبيل الله وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل الله وسنة، فانظروا أن يكون عملكم إن كان جهاداً أو اقتصاداً أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم " حلية الأولياء.

وقال أبي بن كعب: " اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة " مجموع الفتاوى.

وعن أبي صالح قال: سئلت عائشة و أم سلمة رضي الله عنهما: أي العمل كان أعجب إلى النبي صلى الله عليه و سلم؟، قالتا: " ما دام وإن قل ".

قال ابن مسعود رضي الله عنه: " إني اذا صمت ضعفت عن قراءة القرآن، وقراءة القرآن أحب إلي ".

حكم

1- قليل دائم خير من كثير منقطع.
2- الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في غيرها.
3- أيُّ عمل كان أحسن، وصاحبه أطوع، وأتبع - كان أفضل.
4- ليس كل شديد فاضلاً، ولا كل يسير مفضولاً.
5- إن المُنْبَتَّ لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى.
6- آفة العبادة الفترة.

قال ابن رجب: " إن فيها –أي أحاديث الاقتصاد في العبادة- إشارة إلى أن أحب الأعمال إلى الله عز وجل شيئان:
أحدهما: ما داوم عليه صاحبه وإن كان قليلاً، وهكذا كان عمل النبي صلى الله عليه وسلم وعمل آله وأزواجه من بعده، وكان ينهى عن قطع العمل.
والثاني: أن أحب الأعمال إلى الله ما كان على وجه السداد والاقتصاد والتيسير، دون ما كان على وجه التكلف والاجتهاد والتعسير؛ فإن طريق الاقتصاد والمقاربة أفضل من غيرها، فمن سلكها فليبشر بالوصول؛ فإن الاقتصاد في السنة خير من الاجتهاد في غيرها.
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم؛ فمن سلك طريقه كان أقرب إلى الله من غيره، وليست الفضائل بكثرة الاعمال البدنية، لكن بكونها خالصة لله عز وجل، صواباً على متابعة السنة، وبكثرة معارف القلوب وأعمالها؛ فمن كان بالله أعلم وبدينه وأحكامه وشرائعه، وله أخوف وأحب وأرجى - فهو أفضل ممن ليس كذلك وإن كان أكثر منه عملاً بالجوارح " المحجة في سير الدلجة.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " فإن المشروع المأمور به الذي يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هو الاقتصاد في العبادة .." إلى أن قال: " فمتى كانت العبادة توجب له ضرراً يمنعه عن فعل واجب انفع له منها، كانت محرمة، مثل أن يصوم صوماً يضعفه عن الكسب الواجب أو يمنعه عن العمل أو الفهم الواجب، أو يمنعه عن الجهاد الواجب.
وكذلك اذا كانت توقعه في محل محرم لا يقاوم مفسدته مصلحتها، مثل أن يخرج ماله كله، ثم يستشرف إلى أموال الناس، يسألهم، وأما إن أضعفته عما هو أصلح منها، وأوقعته في مكروهات، فإنها مكروهة " مجموع الفتاوى.

وقال رحمه الله: " ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس وحملها على المشاق، حتى يكون العمل كلما كان أشق كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة، في كل شيء، لا! ولكن الأجر على قدر منفعة العمل، ومصلحته، وفائدته، وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله، فأي العملين كان أحسن، وصاحبه أطوع، وأتبع - كان أفضل؛ فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة، وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل " مجموع الفتاوى.

وقال أيضاً: " وقد يكون ذلك أيسر العملين، وقد يكون أشدهما؛ فليس كل شديد فاضلاً ولا كل يسير مفضولاً " مجموع الفتاوى.

وقال الشاطبي: " المشقة ليس للمكلف أن يقصدها في التكليف نظراً إلى عظم أجرها، وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره؛ لعظم مشقته من حيث هو عمل، أمَّا هذا الثاني فلأنَّه شأن التكليف في العمل كله؛ لأنَّه إنَّما يقصد نفس العمل المترتب عليه الأجر، وهذا هو قصد الشارع بوضع التكليف به وما جاء على موافقة قصد الشارع هو المطلوب وأما الأول فإن الأعمال بالنيات والمقاصد معتبرة فى التصرفات .. فلا يصلح منها إلا ما وافق قصد الشارع، فإذا كان قصد المكلف إيقاع المشقة فقد خالف قصد الشارع من حيث إن الشارع لا يقصد بالتكليف نفس المشقة وكل قصد يخالف قصد الشارع باطل فالقصد إلى المشقة باطل فهو إذاٍ من قبيل ما ينهى عنه وما ينهى عنه لا ثواب فيه، بل فيه الإثم إن ارتفع النهي عنه إلى درجة التحريم فطلب الأجر بقصد الدخول فى المشقة قصد مناقض " الموافقات للشاطبي.

وقال العز بن عبد السلام: " إن قيل ما ضابط الفعل الشاق الذي يؤجر عليه أكثر مما يؤجر على الخفيف قلت: إذا اتحدا في الشرف والشرائط والسنن والأركان وكان أحدهما شاقا فقد استويا في أجرهما لتساويهما في جميع الوظائف وانفرد أحدهما بتحمل المشقة لأجل الله سبحانه وتعالى على تحمل المشقة لا على عين المشاق إذ لا يصح التقرب بالمشاق لأن القرب كلها تعظيم للرب سبحانه وتعالى وليس عين المشاق تعظيما ولا توقيراً .. وذلك كالاغتسال في الصيف والربيع بالنسبة إلى الاغتسال في شدة برد الشتاء فإن أجرهما سواء لتساويهما في الشرائط والسنن والأركان ويزيد اجر الاغتسال في الشتاء؛ لأجل تحمل مشقة البرد فليس التفاوت في نفس الغسلين، وإنما التفاوت فيما لزم عنهما، وكذلك مشاق الوسائل فيمن يقصد المساجد والحج والغزو من مسافة قريبة، وآخر يقصد هذه العبادات من مسافة بعيدة - فإنهما يتفاوتان بتفاوت الوسيلة، ويتساويان من جهة القيام بسنن هذه العبادات، وشرائطها، وأركانها؛ فإن الشرع يثيب على الوسائل إلى الطاعات كما يثيب على المقاصد، مع تفاوت أجور الوسائل والمقاصد " قواعد الأحكام في مصالح الأنام.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
║◙♦◙║ الاقتصاد في العبادة ║◙♦◙║
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞ منتديات كنوز الإبداع ۞ :: ۞ المنتديات الإسلامية ۞ ::  ۩ الإسلام .. دين السلام ۩-
انتقل الى: