آداب الإستئذان
الإستئذان أدب رفيع، يدل على حياء صاحبه وشهامته، وتربيته وعفته، وتزاهة نفسه وتكريمها عن رؤية ما لا يحب أن يراه عليه الناس، أو سمعا حديث لا يحل له أن يسترقه دون معرفة المتحادثين، أو الدخول على قوم وإيقاعهم بالمفاجأة والإحراج.
والإستئذان هو طلب الأذن، ويكون لدخول بيت، أو الانضمام الى مجلس، أو الخروج منه، أو التصرف في متاع غيره، أو ابداء رأي في مجتمعات الناس، أو سماع حديثهم.
آيات
1- قال تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُم الحُلُمَ فَلْيَسْتَأذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) [النور:58-59].
2- قَالَ الله تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * لَّيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ) [النور: 27-29].
أحاديث
1- عن أَبي موسى الأشعري رضي الله عنه. قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الاسْتِئْذَانُ ثَلاثٌ فَإنْ أُذِنَ لَكَ وَإِلاَّ فَارْجِعْ) متفقٌ عَلَيْهِ.
2- عن سهلِ بنِ سعدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّمَا جُعِلَ الاسْتِئذَانُ مِنْ أجْلِ البَصَرِ) متفقٌ عَلَيْهِ.
3- عن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ. قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ أنَّهُ اسْتَأذَنَ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ في بيتٍ. فَقَالَ: أألِج؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم لِخَادِمِهِ: (أُخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمهُ الاسْتِئذَانَ. فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. أأدْخُل؟) فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ. فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. أَأَدْخُل؟ فَأذِنَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فدخلَ. رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
4- عن كِلْدَةَ بن الحَنْبل رضي الله عنه. قَالَ: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ. فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: (ارْجِعْ فَقُلْ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ. أَأَدْخُل؟) رواه أَبُو داود والترمذي. وقال: (حديث حسن).
5- عن أنس رضي الله عنه في حديثه المشهور في الإسراءِ. قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ صَعَدَ بي جِبْريلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ. فقِيلَ: مَنْ هذَا؟ قَالَ: جِبْريلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. ثُمَّ صَعَدَ إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ فاسْتَفْتَحَ. قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْريل. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَسَائِرِهنَّ وَيُقَالُ فِي بَابِ كُلِّ سَمَاءٍ: مَنْ هَذَا؟ فَيَقُولُ: جِبْريلُ) متفقٌ عَلَيْهِ.
6- عن أُمِّ هانىءٍ رضي الله عنها. قالت: أتيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَغْتَسِلُ وَفَاطِمَةُ تَسْتُرُهُ. فَقَالَ: (مَنْ هذِهِ؟) فقلتُ: أنا أُمُّ هَانِىءٍ. متفقٌ عَلَيْهِ.
7- عن جابر رضي الله عنه. قَالَ: أتَيْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَدَقَقْتُ البَابَ. فَقَالَ: (مَنْ هَذَا؟) فَقُلتُ: أَنَا. فَقَالَ: (أنَا. أنَا!) كَأنَّهُ كَرِهَهَا. متفقٌ عَلَيْهِ.
آثار
1- قال ابن جريج: سمعت عطاء بن أبي رباح يخبر عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: ثلاث أيات جحدهنّ الناس، قال اللَّه تعالى?: (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ?للَّهِ أَتْقَـ?كُمْ)، قال ويقولون: إن أكرمكم عند اللَّه أعظمكم بيتًا، إلى أن قال: والأدب كلّه قد جحده الناس، قال: قلت: أستأذن على أخواتي أيتام في حجري معي في بيت واحد؟ قال: نعم، فرددت عليه ليرخّص لي فأبى، فقال: تحب أن تراها عريانة؟ قلت: لا، قال: فاستأذن، قال: فراجعته، فقال: أتحب أن تطيع اللَّه؟ قال: قلت: نعم، قال: فاستأذن.
2- عن نافع كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلا بإذن.
3- عن موسى بن طلحة قال: دخلت مع أبي على أمي فدخل، واتبعته فدفع في صدري، وقال: تدخل بغير إذن؟.
4- عن عطاء سألت ابن عباس أستأذن على أختي؟ قال: نعم، قلت: إنها في حجري؟ قال: أتحب أن تراها عريانة؟!.
5- روي: " أن من اطلع في بيت فقد مر " (محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني). ومعناه: أنه حكمه حكم الداخل.
6- قال عمر رضي الله عنه: " من ملأ عينه من قاعة بيت قبل أن يؤذن له فقد فسق " الأدب المفرد.
7- قال عبد الله بن مسعود: " عليكم الإذن على أمهاتكم " تفسير ابن كثير.
8- قال عطاء سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: " إذا قال: أأدخل ولم يسلم فقل: لا حتى تأتي بالمفتاح، قلت: السلام؟ قال: نعم " الأدب المفرد.
9- قال ابن جريج: وأخبرني ابن طاوس عن أبيه، قال: " ما من امرأة أكره إليّ أن أرى عورتها من ذات محرم، قال: وكان يشدد في ذلك " تفسير ابن كثير.
10- كان سعيد بن جبير -رضي الله عنه- قد قال: " إن ناسًا يقولون: نُسخت هذه الآية -آية الاستئذان-، لا والله ما نُسخت، ولكنها مما تهاون بها الناس " تفسير البغوي.
11- قال أيضاً: " كان يقال: الاستئذان ثلاث فمن لم يؤذن له فليرجع أما الأولى فيسمع، وأما الثانية فيأخذوا حذرهم، وأما الثالثة فإن شاءوا أذنوا و إن شاءوا ردوا " شعب الإيمان للبيهقي.
12- قال قتادة رضي الله عنه في معنى قوله: (حتى يستأنسوا) " هو الاستئذان ثلاثاً: الأولى: يستنصتون، والثانية: يستصلحون، والثالثة: يأذنون أو يردون فإن أذن له دخل، وإن لم يأذن له فليرجع دون غضب أو حزن ".
13- قال الإمام أحمد: " إذا دخل الرجل على أهله يتنحنح ".
وسأله أحد طلابه عن كيفية الاستئذان قال: " أن يتنحنح أو أن يحرك نعليه إذا دخل ".
قصص
1- عن أبي موسى رضي الله عنه قال: استأذنت على عمر رضي الله عنه فلم يؤذن لي ثلاثاً فأدبرت فأرسل إليَّ، فقال: يا عبد الله اشتد عليك أن تحتبس على بابي؛ اعلم أن الناس كذلك يشتد عليهم أن يحتبسوا على بابك، فقلت: بل استأذنت عليك ثلاثاً، فلم يؤذن لي فرجعت، وكنا نؤمر بذلك، فقال: ممن سمعت هذا؟، فقلت سمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال أسمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع؛ لئن لم تأتني على هذا ببينة لأجعلنك نكالاً، فخرجت حتى أتيت نفراً من الأنصار جلوساً في المسجد، فسألتهم، فقالوا: أو يشك في هذا أحد، فأخبرتهم ما قال عمر رضي الله عنه، فقالوا: لا يقوم معك إلا أصغرنا، فقام معي أبو سعيد الخدري أو أبو مسعود إلى عمر، فقال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يريد سعد بن عبادة حتى أتاه فسلم فلم يؤذن له، ثم سلم الثانية، ثم الثالثة فلم يؤذن له، فقال: قضينا ما علينا، ثم رجع فأدركه سعد، فقال: يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما سلمت من مرة إلا وأنا أسمع وأردُّ عليك، ولكن أحببت أن تكثر من السلام علي وعلى أهل بيتي، فقال أبو موسى: والله إن كنت لأميناً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أجل، ولكن أحببت أن أستثبت.
2- تقول زينب زوجة عبد الله بن مسعود -رضي الله عنهما-: " كان عبد الله بن مسعود إذا جاء من حاجته تنحنح كراهة أن يهجم منا على أمر نكرهه ".
3- يقال: دخل خارجة بن زيد على ابن سيرين زائراً له فوجد ابن سيرين جالسا على الأرض إلى وسادة فأراد أن يجلس معه، وقال: قد رضيت لنفسي ما رضيت لنفسك، فقال ابن سيرين: إني لا أرضى لك في بيتي بما أرضى به لنفسي، فاجلس حيث تؤمر.
4- دقت امرأة على الإمام أحمد الباب دقاً فيه عنف _ وكانت تريد أن تسأله عن مسألة من أمور الدين _فخرج وهو يقول " هذا دق الشُرَطْ.
5- قال محمد عن أبي العلانية: أتيت أبا سعيد الخدري فسلمت فلم يؤذن لي، ثم سلمت فلم يؤذن لي، ثم سلمت الثالثة فرفعت صوتي، وقلت: السلام عليكم يا أهل الدار فلم يؤذن لي، فتنحيت ناحية، فقعدت، فخرج إليَّ غلام، فقال: ادخل، فدخلت، فقال لي أبو سعيد: أما إنك لو زدت لم يؤذن لك.
أشعار
لا تدخلن بيوت قوم حضر *** إلا بنحنحة أو استئذان
[القحطاني]
حكم
من اطلع في بيت فقد مرَّ. -أي حكمه حكم الداخل-.
متفرقات
1- قال القرطبي: " الاستئذان مما خص الله به بني آدم فقد أكرمهم الله -عز وجل- وفضلهم بالمنازل، تسترهم عن الأبصار بخلاف الحيوانات والطيور فإنها لا منازل لها، ولا ستر لها " تفسير القرطبي.
2- قال ابن كثير: " وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أيستأذن الرجل على امرأته؟ قال: لا، .. " ثم قال ابن كثير: " وهذا محمول على عدم الوجوب، وإلا فالأولى أن يعلمها بدخوله ولا يفاجئها به؛ لاحتمال أن تكون على هيئة لا تحبّ أن يراها عليها " تفسير ابن كثير.
3- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا...) [النور: 27-29].
* يقول الحافظ ابن كثير: " هذه آداب شرعية، أدب الله بها عباده المؤمنين، وذلك في الاستئذان أمرهم أن لا يدخلوا بيوتاً غير بيوتهم حتى يستأنسوا، أي يستأذنوا قبل الدخول ويسلموا بعده " تفسير ابن كثير.
4- قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ...) [النور:58-59].
* قال ابن كثير: " هذه الآيات الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض، وما تقدم في أول السورة، فهو استئذان الأجانب بعضهم على بعض، فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم، وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثة أحوال، الأول: من قبل صلاة الغداة، لأن الناس إذ ذاك يكونون نياماً في فرشهم ( وَحِينَ تَضَعُـونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ ) أي في وقت القيلولة، لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله، ( وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ) لأنه وقت النوم، فيؤمر الخدم والأطفال أن لا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال، لما يخشى من أن يكون الرجل على أهله، أو نحو ذلك من الأعمال، ولهذا قال: ( ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ) أي إذا دخلوا في حال غير هذه الأحوال، فلا جناح عليكم في تمكينكم من ذلك إياهم ولا عليهم إن رأوا شيئاً في غير تلك الأحوال " تفسير ابن كثير.
5- قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ ).
* قال ابن بطال: " قال المهلب: قوله: ( لا تأذن في بيت زوجها إلا بإذنه ) يعني: لا لرجل ولا لامرأة يكرهها زوجها، فإن ذلك يوجب سوء الظن، ويبعث الغيرة التي هي سبب القطيعة " عمدة القاري.
* قال النووي: " فيه إشارة إلى أنه لا يفتات على الزوج وغيره من مالكي البيوت وغيرها بالإذن في أملاكهم إلا بإذنهم، وهذا محمول على ما يعلم رضا الزوج ونحوه به، فإن علمت المرأة ونحوها رضاه به جاز " شرح صحيح مسلم.
6- قال الشنقيطي: " اعلم أن المستأذن إن تحقق أن أهل البيت سمعوه لزمه الانصراف بعد الثالثة، لأنهم لما سمعوه، ولم يأذنوا له دل ذلك على عدم الإذن، وقد بينت السنة الصحيحة عدم الزيادة على الثلاثة، خلافاً لمن قال من أهل العلم: إن له أن يزيد على الثلاث مطلقاً، وكذلك إذا لم يدر هل سمعوه أولاً، فإنه يلزمه الانصراف بعد الثالثة..
والذي يظهر لنا رجحانه من الأدلة، أنه إن علم أن أهل البيت، لم يسمعوا استئذانه لا يزيد على الثالثة، بل ينصرف بعدها لعموم الأدلة، وعدم تقييد شيء منها بكونهم لم يسمعوه خلافاً لمن قال له الزيادة، ومن فصل في ذلك..
والصواب إن شاء الله تعالى هو ما قدمنا من عدم الزيادة على الثلاث؛ لأنه ظاهر النصوص ولا يجوز العدول عن ظاهر النص إلا بدليل يجب الرجوع إليه، كما هو مقرر في الأصول " أضواء البيان.
7- قال الشنقيطي: " اعلم أن المستأذن إذا قال له رب المنزل: من أنت، فلا تجوز له أن يقول له: أنا، بل يفصح باسمه وكنيته إن كان مشهوراً به؛ لأن لفظه: أنا يعبر بها كل أحد عن نفسه، فلا تحصل بها معرفة المستأذن، وقد ثبت معنى هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوتاً لا مطعن فيه ". أضواء البيان.
8- قال الشنقيطي: " اعلم أن الأظهر الذي لا ينبغي العدول عنه أن الرجل يلزمه أن يستأذن على أمه وأخته وبنيه وبناته البالغين، لأنه إن دخل على من ذكر بغير استئذان فقد تقع عينه على عورات من ذكر، وذلك لا يحل له " أضواء البيان.
9- قال الشنقيطي: " اعلم أن أقوى الأقوال دليلاً وأرجحها فيمن نظر من كوّة إلى داخل منزل قوم ففقأوا عينه التي نظر إليهم بها، ليطّلع على عوراتهم أنه لا حرج عليهم في ذلك من إثم ولا غرم دية العين ولا قصاص، وهذا لا ينبغي العدول عنه لثبوته عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ثبوتًا لا مطعن فيه.. إلى أن قال: وثبوت هذا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم كما رأيت يدلّ على أنه لما تعدّى وانتهك الحرمة، ونظر إلى بيت غيره دون استئذان، أن اللَّه أذن على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم في أخذ عينه الخائنة، وأنها هدر لا عقل فيها، ولا قود، ولا إثم، ويزيد ما ذكرنا توكيدًا وإيضاحًا ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم منه أنه هم أن يفعل ذلك " أضواء البيان.