التعريف
الأذان معناه في اللغة الإعلام، وهو يشمل أيَّ إعلام كقوله: ( وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ) أي: إعلام من الله ورسوله، و الأذان: هو الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. والأذَن والإذْن خلاف الأذَان، وهذه مصادر تختلف بحسب المعنى، فالأذن هو الاستماع، والإذْن من الاستئذان، والأذان من الإعلام. يقال: أَذِنَ يأْذَنُ إذْنًا من الاستئذان، وأَذَنَ يأذَنُ أذَنًا من الاستماع، ففي الماضي والمضارع مختلفان وفي المصدر متفقان. الاستماع من الأذَن، والاستئذان من الإذن، بخلاف الأذان فإنه من آذَن يؤْذِن إيذانًا، أو من أذَّن يؤذِّن تأذينا من المشدد فهو بمعنى الإعلام، نقول: أذِن له، أما الأذَن من الاستماع، والإذن من الاستئذان، يقال: أذِن له أي من الإذن، وكذلك أذَن له استمع، ومنه قوله -عليه الصلاة والسلام-: " ما أذَنَ الله لشيء ما كأَذَنِه لنبي يقرأ القرآن " يعني: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يقرأ القرآن يجهر به يعني: مع ترتيله وتحسين صوته به.
آيات
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الجمعة:9].
أحاديث
1- عن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا في النِّدَاءِ والصَّفِ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ، ولو يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْواً) متفقٌ عَلَيْهِ.
(الاسْتِهَامُ): الاقْتِرَاعُ، وَ (التَّهْجِيرُ): التَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلاةِ.
2- عن معاوية رضي الله عنه، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقولُ: (المُؤَذِّنُونَ أطْوَلُ النَّاسِ أعْناقاً يَوْمَ القِيَامَةِ) رواه مسلم.
3- عن عبدِ الله بن عبدِ الرَّحْمانِ بن أَبي صَعصعة: أنَّ أَبَا سَعيد الخدريَّ رضي الله عنه، قَالَ لَهُ: (إنِّي أرَاكَ تُحبُّ الغَنَمَ وَالبَادِيَةَ فَإذَا كُنْتَ في غَنَمِك - أَوْ بَادِيتِكَ - فَأذَّنْتَ للصَّلاَةِ، فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإنَّهُ لا يَسْمَعُ مدى صَوْتِ المُؤذِّنِ جِنٌّ، وَلاَ إنْسٌ، وَلاَ شَيْءٌ، إِلاَّ شَهِدَ لَهُ يَومَ القِيَامَةِ) قَالَ أَبُو سَعيدٍ: سمعتُهُ مِنْ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.
4- عن أَبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا نُودِيَ بالصَّلاَةِ، أدْبَرَ الشَّيْطَانُ، وَلَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ التَّأذِينَ، فَإذَا قُضِيَ النِّدَاءُ أقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ للصَّلاةِ أدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا واذكر كَذَا – لِمَا لَمْ يَذْكُر مِنْ قَبْلُ – حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ مَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى) متفقٌ عَلَيْهِ.
(التَّثْوِيبُ): الإقَامَةُ.
5- عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: (إِذَا سَمِعْتُمُ النداء فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ؛ فَإنَّه مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِيَ الوَسِيلَةَ؛ فَإنَّهَا مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ وَأرْجُو أنْ أكونَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سَألَ لِيَ الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ) رواه مسلم.
6- عن أَبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ، فَقُولُوا كَمَا يَقُولُ المُؤذِّنُ) متفقٌ عَلَيْهِ.
7- عن جابر رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً الوَسِيلَةَ، وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامَاً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتي يَوْمَ القِيَامَةِ) رواه البخاري.
8- عن سعدِ بن أَبي وقَّاصٍ رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّه قَالَ: (مَنْ قَالَ حِيْنَ يَسْمَعُ المُؤَذِّنَ: أشْهَدُ أنْ لاَ إلَه إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبّاً، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، وَبِالإسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ) رواه مسلم.
9- عن أنس رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدُّعَاءُ لاَ يُرَدُّ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ) رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حديث حسن).
10- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمنعن أحَدَكُم أو أحدًا منكم أذانُ بلال من سحورِهِ؛ فإنه يؤذن أو ينادي بليلٍ، ليَرْجِعَ قائمَكُم وليُنبِّه نائمَكم).
آثار
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " ليس على النساء أذان ولا إقامة " رواه البيهقي، وضعفه الألباني.
2- قالت عائشة: " فالمؤذن إذا قال: حيّ على الصلاة فقد دعا إلى الله " تفسير القرطبي.
3- عن ابن طاووس عن أبيه قال: " إذا صلى الرجل وأقام صلى معه ملكاه، وإذا أذن وأقام صلى معه من الملائكة ما شهد الأرض " مصنف عبد الرزاق.
4- عن الحسن قال: " أهل الصلاة والحسبة من المؤذنين أول من يكسى يوم القيامة " الأوائل للعسكري.
5- عن سعيد بن المسيب قال: " من صلى بأرض فلاة فأقام صلى عن يمينه ملك، وعن يساره ملك، ومن أذن وأقام صلى معه الملائكة أمثال الجبال " تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك.
6- قال ابن المنذر: " أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن السنة أن يؤذن المؤذن قائماً " تلخيص الحبير.
7- قال شيخ الإسلام: " وفي السنة المتواترة أنه كان يُنادى للصلوات الخمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبإجماع الأمة وعملها المتواتر خلفًا عن سلف " شرح العمدة.
8- قول أبي هريرة رضي الله عنه لرجل خرج بعد الأذان من المسجد: (أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم).
* قال الترمذي: " وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم، أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر، أو يكون على غير وضوء، أو أمرٌ لابد منه " سنن الترمذي.
قصص
مؤذن لطالما رفع الآذان من على المنابر كل يوم خمس مرات، يختمها بلا إله إلا الله، وهو في منطقة الجنوب، وفي تلك اللحظات الأخيرة من حياته يغمى عليه إغماءة مستمرة، فما كان يفيق إلا في وقت الصلاة، فإذا جاءت وقت الصلاة قام وأذن حتى يقول: لا إله إلا الله، ثم يعود إلى إغمائه، ويقولها مرة من المرات، يفيق من إغمائه ويقول: يا بني، وابنه معه، أحان وقت الصلاة؟ قال: نعم، فقال: الله أكبر، الله أكبر حتى ختمها بلا إله إلا الله، ليلقى الله على تلك الحال. فضيلة الشيخ / علي عبد الخالق القرني.
دراسات
- توصل باحث في علوم الرياضيات بدولة الإمارات العربية المتحدة لمعادلة حسابية عبقرية، تؤكد إعجاز الخالق عز و جل في إعلاء نداء الحق " صوت الأذان " طوال 24 ساعة يومياً.
قال الباحث في دراسته: إن الأذان الذي هو دعاء الإسلام إلى عبادة الصلاة، لا ينقطع عن الكرة الأرضية كلها أبداً على مدار الساعة, فما إن ينتهي في منطقة حتى ينطلق في الأخرى!.
وشرح الباحث " عبد الحميد الفاضل " فكرته بشرحه كيف أن الكرة الأرضية تنقسم إلى 360 خطاً، تحدد الزمن في كل منطقة منها, يفصل كل خط عن الخط الذي يليه أربع دقائق بالضبط, والأصل في الأذان أن ينطلق في موعده المحدد ويفترض أن يؤديه المؤذن أداء حسنا يستمر أربع دقائق من الزمن.
ولتقريب الصورة أكثر فإذا افترضنا أن الأذان انطلق الآن في المنطقة الواقعة عند خط الطول واحد, واستمر أربع دقائق, وانتهت الأربع دقائق فإنه سينطلق في المنطقة الواقعة عند الخط اثنين , وعندما ينتهي سينطلق في الخط الثالث ثم الرابع وهكذا لا ينقطع الأذان طوال اليوم الكامل من حياة أرضنا.
ويمكن التأكد بعملية حسابية صغيرة: 4×360خط طول ) = 1440 دقيقة 1440 / 60( دقيقة ) = 24 ساعة.
متفرقات
1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمنعن أحَدَكُم أو أحدًا منكم أذانُ بلال من سحورِهِ؛ فإنه يؤذن أو ينادي بليلٍ، ليَرْجِعَ قائمَكُم وليُنبِّه نائمَكم).
* قال الإمام النووي: " فلفظة: (قائمَكم) منصوبة مفعول يرجع.. ومعناه أنه إنما يؤذن بليل ليعلمكم بأن الفجر ليس ببعيد؛ فيرد القائم المتهجد إلى راحته؛ لينام غفوةً ليصبح نشيطًا، أو يوتر إن لم يكن أوتر، أو يتأهب للصبح إن احتاج إلى طهارةٍ أخرى، أو نحو ذلك من مصالحه المترتبة على علمه بقرب الصبح، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ويوقظ نائمكم): أي ليتأهب للصبح أيضًا، بفعل ما أراد من تهجد قليل، أو إيتار إن لم يكن أوتر، أو سحور إن أراد الصوم، أو اغتسالٍ أو وضوءٍ، أو غير ذلك مما يحتاج إليه قبل الفجر " شرح صحيح مسلم.
* قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ: " فتبين أنه لا ينبغي أن يؤذن الأول إلا بوقت قريب من طلوع الفجر .. فإذا كان نصف ساعة، أو ثلث كان أنفع فيما أظن " فتاوى محمد بن إبراهيم.
2- قال ابن عثيمين: " اللحن ينقسم إلى قسمين: قسم لا يصح معه الأذان، وهو الذي يتغير به المعنى، فلو قال: (الله أكبار)، فهذا يحيل المعنى؛ لأن (أكبار) جمع كَبَر، وهو الطبل، مثل أسباب جمع سبب.
وقسم يصح معه الأذان مع الكراهة، وهو الذي لا يتغير به المعنى، مثل: (اللهَ أكبر) بالفتح، ومثل (حيًّا على الصلاة) " الشرح الممتع.
3- قال الشيخ محمد بن إبراهيم: " ثم التمديد الزائد عن المطلوب في الأذان ما ينبغي؛ فإن أحال المعنى فإنه يبطل الأذان، حروف المد إذا أعطيت أكثر من اللازم فلا ينبغي، حتى الحركات إذا مدت إن أحالت المعنى لم يصح، وإلا كره " فتاوى محمد بن إبراهيم.
4- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: " وفي إجزاء الأذان من الفاسق روايتان، أقواهما عدمه؛ لمخالفته أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ترتيب الفاسق مؤذنًا فلا ينبغي أن يجوَّز قولاً واحدًا " الاختيارات الفقهية لابن تيمية.